ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: «الازرق» تخسر طيورها المهاجرة بعد أن خسرت واحتها المائية الإثنين 23 سبتمبر 2013, 6:22 am | |
| [rtl]«الازرق» تخسر طيورها المهاجرة بعد أن خسرت واحتها المائية[/rtl] [rtl]
[/rtl] [rtl]
طارق الحميدي - ترسم الطيور المهاجرة لوحة فنية في سماء المملكة لتعلن بقدومها بدء موسم الهجرة سنويا وتغير فصول السنة في الهجرة من اوروبا الى افريقيا وبالعكس. هجرة الطيور شكلت وعلى مدى مئات السنين ظاهرة فريدة لطالما استمتع بمنظرها الجمالي الانسان, الا أنها لم تكن حدثا بيئيا وجماليا يخص الطيور فقط بل كان السكان المحليون يعتبرون أوقات هجرة الطيور مؤشرا واضحا على تغير فصول السنة من فصل إلى آخر. فكانت أول أسراب اللقلق الابيض التي تظهر في سماء الاردن دليلا على بداية فصل الربيع بدفئه و غذائه و إخضرار أرضه كما كانت الهجرة المعاكسة (هجرة الخريف) لهذا الطائر تشير إلى نهاية فصل الصيف. يتمتع الاردن بموقع مميز على خارطة مسار هجرة عالمي للطيور بين قارتي إفريقيا وأوروبا، الا أن الوضع لم يعد كالسابق فبحسب خبراء في عالم الطيور والكائنات الحية والمناخ فجفاف الواحات والقيعان المائية والاستخدام الجائر للمياه والتغيرات المناخية خاصة في الازرق والصحراء الشرقية كلها عوامل اجتمعت لثؤثر سلبا على تلك الهجرات. و يقع الأردن على احد المسارات الرئيسة للطيور التي تهاجر ما بين الشرق ووسط أوروبا و شمال غرب آسيا من جهة و إفريقيا من جهه أخرى ويضطر الكثير من الطيور المائية مثل الطيطوي والأوز الذي يتكاثر في شمال روسيا خلال فصل الصيف إلى الهجرة إلى جنوب أوروبا والشرق الاوسط وإفريقيا قبل أن تغطي طبقة سميكة من الجليد و الثلوج اراضي التندرا في الشتاء القارص حيث يستحيل العثور على الغذاء فيها. وبحسب دراسات الجمعية الملكية لحماية الطبيعه فإن أهم الطيور العابرة بانتظام فوق الأردن في الربيع و الخريف: اللقلق الأبيض والصقر الحوام وصقر العسل و البيدق بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الطيور الصغيرة و الطيور المائية. كما تشير الجمعية وعلى موقعها الالكتروني أن بعض أنواع الطيور المهاجرة تتكاثر في الأردن حيث تقضي فصل الصيف في ربوعه و منها عقاب الحيات وصقر الجراد و الدرج و الحمام الرقطي و كلها تغادر الأردن بعد انتهاء فترة التكاثر في نهاية فصلي الصيف و الخريف و تشد الرحال الى افريقيا كما يزور الكثير من أنواع الطيور المهاجرة الأردن في الشتاء الأمثلة على ذلك ملك العقبان و طير الرها و أبو حناء و انواع عدة من البط . وتختلف الطيور في سلوك هجرتها حيث توجد بعض الانواع التي تهاجر بشكل غير منتظم حيث ان حدث الهجرة و مساراتها و مسافاتها تعتمد على ظروف مناخية و بيئية مختلفة . وبحسب خبراء في عالم الطيور والمناخ تحدثوا للرأي فإن اعداد هذه الطيور أخذت تتراجع خلال العقود الاخيرة نتيجة للجفاف الذي حدث, بالاضافة لتناقص عددها بشكل كبير نتيجة لتناقص مساحة الموائل وتدهورها بعد الجفاف حيث كانت بعض أنواع الطيور تعبر الاردن بمئات الالف سنويا لتتراجع الى بضع مئات حاليا.
واحة الازرق .. والجفاف طارق قنعير باحث دراسات الطيور في الجمعية الملكية لحماية الطبيعه يقول «كانت واحة الازرق فيما مضى لوحة فنية زرقاء تتوسط الصحراء الاردنية وكانت كالقلب النابض في الجسد الميت حيث تتوسط الواحة منطقة الصحراء الشرقية الأردنية، متشكلة على هيئة قاع كبير تغذيه الروافد المائية من المناطق المجاورة، مكونة بحيرة كبيرة تغطي مامساحته 74 كم2 وتستقبل الطيور المهاجرة سنويا من اوروبا الى افريقيا.
وأشار قنعير إلى أن هذا التكوين الجغرافي منح الواحة ميزة لتكون موئلاً فريداً للتنوع الحيوي على مستوى العالم، حيث تعتبر كمحطة استراحة ومنطقة تعشيش هامة للطيور المهاجرة والمقيمة كونها الوحيدة في الصحراء العربية. في ذات السياق؛ تقع واحة الأزرق على مسار هجرة عالمي للطيور بين قارتي إفريقيا وأوروبا، اذ تتوقف فيها أعداد كبيرة من الطيور للراحة خلال هجرتها الخريفية مثل صقر العسل (Pernis Apivorus) والصقر الحوام (Buteo Buteo) أما في الهجرة الربيعية فتقيم في منطقة قاع الأزرق أعداد كبيرة من الطيور المائية خصوصاً في السنوات الممطرة. وقال أن عدد الطيور في أحد المواسم الى اكثر من مليون طائر. ونظراً لما سبق سرده من أهمية فقد تم ادراج واحة الأزرق على قائمة المناطق الهامة بيئياً في العالم، بالإضافة إلى اعلانها كمنطقة رامسار -حيث تعد أول منطقة على مستوى العالم العربي والوحيدة في الأردن - في العام 1977 ما أضفى للمنطقة أهمية عالمية. وبين أن الدراسات البيئية أظهرت ومن دون أدنى شك أهمية واحة الأزرق لأنواع الطيور، حيث تم تسجل مايقارب 275 نوعاً من الطيور حتى يومنا هذا الغالبية العظمى منها هي أنواع مهاجرة، ومنها ماهو مهدد على المستوى العالمي ومنها ماهو تائه. من أنواع الطيور المهددة الحذف المخطط (Marmaronetta angustirostris) ملك العقبان (Aquila heliaca) والصفرّد (Crex crex) والعديد من الطيور النادرة وبأعداد كبيرة التي تشكل 1% او أكثر من التعداد العالمي مثل بط الشهرمان (Tadorna tadorna) و الرها (Grus grus). وأشار قنعير إلى أنه ومنذ عام 1980؛ تعرضت الواحة لتدهور متسارع بسبب الضخ الجائر للمياه، إلى أن انتهى بجفاف الواحة في العام 1993. ونظراً لأهمية واحة الأزرق العالمية والمحلية للتنوع الحيوي فقد قامت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ومنذ ذلك الوقت، بتطبيق خطط لإدارة الموقع تهدف الى إستعادة مانسبته 10% من حجم الواحة الأصلي. وتعد حماية هذا الموقع بما فيه من طيور مائية من أهم الأهداف التي تسعى الجمعية للوصول إليها في سبيل الحفاظ على الطبيعة وجمالها، وكذلك من أجل تشجيع التعاون الدولي والجهود الدولية المبذولة في سبيل الحفاظ على هذه الطيور الفريدة وموائلها. وذلك لأن هذه الطيور المهاجرة لا تتم حمايتها إلاّ عن طريق حماية ممرات هجرتها والتي يقع الأردن على أهمها. وأضاف أنه وبالرغم من تزايد أعداد الطيور المعششة في السنوات الماطرة، إلاّ أنه يبقى أقل من العدد المسجل قبل الجفاف والبالغ 49 نوع معشش، وخصوصاً عند مقارنته مع بعض الأنواع المؤشرة للواحة مثل الخضاري (أبو حشيش) (Anas platyrhynchos) والبلبول (acuta Anas) والمصوة (Anas penelope) وأبو خصلة (Aythya fuligula) والكوت (الغرة) (Fulica atra) وأبو مجرف (Anas clypeata) والشهرمان (Tadorna tadorna) والبط الأحمر Tadorna ferruginea وجميع هذه الأنواع تدهورت أعدادها بشكل كبير، ومثال ذلك تسجيل ما يقارب 100,000 طائر من البلبول عام 1967 في الواحة عندما كان القاع فائضا بشكل كامل، مقارنة بأعلى رقم تم تسجيله بعد الجفاف و البالغ حوالي 560 طائر في شهر كانون أول من عام 2000 عندما كان القاع يفيض بشكل جزئي، أيضاً تسجيل 180,000 طائر بط في شهر شباط من عام 1967 وهو الرقم الأعلى لعدد الطيور المسجل في يوم واحد في واحة الأزرق.
الأزرق ليست وحدها التي طالها الجفاف ولم يكن جفاف واحة الازرق لوحدها هو سبب تراجع اعداد الطيور المهاجرة بل أن جفاف القيعان المائية في منطقة الصحراء الشرقية الاردنية بسبب جفاف المنابع المائية وتراجع كمية الامطار والاستخدام الجائر للمياه أثر على تلك الطيور. وأشار قنعير إلى أن الازرق والصحراء الشرقية بشكل عام كانت من أهم المحطات لاستقبال هواة متابعي الطيور على مستوى العالم حيث كانت تستقبل المنطقة ملايين الطيور يوميا الا أن الامر لم يعد كذلك حاليا. وبين أن الطيور تكيفت مع الواقع الجديد وغيرت من سلوكياتها في الهجره بعد أن جفت هذه الواحات لتغير مسار هجراتها نحو مناطق تتواجد فيها المسطحات المائية مثل حفرة الانهدام.
دراسات عالمية تؤكد تأثير التغيرات المناخية على هجرة الطيور وتشير دراسة إعدها علماء من الوكالة الأميركية للمسح الجيولوجي (USGS)، حملت عنوان، «تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية وخدمات الأنظمة البيئية»، حصول العديد من التحولات في معدل مياه الأمطار، وتواريخ الجليد، ومواعيد هجرة الحيوانات وعادات التكاثر لدى الأنواع الحياتية في مختلف مناطق العالم. وكشفت النتائج الرئيسية للدراسة عن وجود «أدلة متزايدة على انخفاض أعداد الحيوانات وحصول حالات انقراض في أماكن محددة يمكن عزوها بصورة مباشرة إلى تغير المناخ.» وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات المناخية يمكنها الإخلال بالتوازن الدقيق في شبكة الحياة التي تربط بين أنواع في الأنظمة البيئية الفردية. ومن المحتمل أن يجعل الارتفاع في درجات الحرارة الحشرات تظهر في وقت أبكر من هجرة الطيور التي تعتمد على الحشرات الحديثة الولادة كمصدر غذاء لها في رحلاتها الموسمية.
ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا عوضت الطيورعن الهجرة جنوباً مسؤول وحدة التغير المناخي في الجمعية الملكية لحماية الطبيعه حسين الكسواني قال أن آثار التغير المناخي على الطيور المائية أصبحت أكثر وضوحا خلال العقد الاخير وأدت الى انزياح في نطاق التكاثر عند بعض الأنواع من الطيور المائية باتجاه الشمال في النصف الشمالي للكره الارضية ومن هذه الأنواع طائر البلشون الصغير المسجل في الأردن وذلك لزيادة درجات الحرارة في المناطق الشمالية بشكل يناسب هذه الأنواع فباتت حاجة الهجرة للجنوب أقل حيث المسافة الكبيره المقطوعة لايجاد مكان للتكاثر أصبحت أقصر. وأضاف الكسواني أن تكاثر طائر البلشون الصغير سجل لأول مرة في المملكة المتحدة في 1996 وفي عام 2008 سجل 242 زوج وبحلول عام 2008 سجل أكثر من 800 زوج مؤكدا أن هذه الارقام تشير وبوضوح الى تناقص وجود هذا النوع في الأردن على غرار شمال افريقيا بسبب ارتفاع درجات الحرارة شمالا. وقال ان الطيور المائية المهاجرة تستفيد من درجات الحرارة الأعلى من المعدل العام في أوروبا والتي شكلت ظروفاَ مناسبة للتكاثر بدلاَ من الهجرة لإفريقيا ؛ مضيفا «على سبيل المثال الطيطوي أخضر الساق(Tringa nebularia) ،وهو بالعادة طائر مهاجر لمسافات طويلة ويصل لإفريقيا، يمضي وقت أكثر من فصل الشتاء في مناطق البحر الأبيض المتوسط بدلاَ من افريقيا وبأعداد متزايدة».
وأكد الكسواني حصول تغير في توقيت الظواهر البيولوجية مما سبب عدم توافق في التوقيت مع توفر الموارد الطبيعية وأشار إلى أن الطيور المائية المهاجرة تستطيع التجاوب مع التغيرات في المناخ من خلال تغيير توقيت الظواهر المهمة في دورة حياتها مثل التكاثر، وعلى الرغم من ذلك فإن عدم توفر المصادر مثل الغذاء وقت التكاثر يهدد الطيور لأن المصادر الغذائية التي تعتمد عليها تتجاوب مع تغيرات المناخ ولكن بشكل بطيئ. وأضاف «على سبيل المثال فإن كل من البلبول (Anas acuta) والزقزاق الذهبي (Pluvialis apricaria) أصبح تكاثرهم في اوقات ابكر من السنة ولكن بطريقة أسرع من الغذاء الذي يطعمونه لصغارهم وذلك ادى الى عدم توفر المصادر الغذائية اثناء التكاثر وبالتالي سجلت أعدادا كبيرة من نفوق صغار الطيور. وبين الكسواني أنه وفقاً لدراسة حديثة قام بها مجموعة من الخبراء فإن ثلاثة مجتمعات من أنواع الطيور المهاجرة تمر خلال هجرتها من الأردن هي من أكثر عشرة مجتمعات من الطيور هشاشة للتغيرات في المناخ وهي مجتمع الرها (Grus grus) المقيم في تركيا والرها العذراء (Grus virgo) المقيم في تركيا وجورجيا بالإضافة لمجتمع الكروان رفيع المنقار (Numerius tenuirostris) المتواجد في سيبيريا الوسطى ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وجنوب غرب آسيا وقد وجدت الدراسة أيضاً أن النوع الأخير هو أكثر نوع هشاشةَ للتغير المناخي على مستوى الطيور المائية المهاجرة في العالم وذلك نظراَ لصغر حجم مجتمعاته وتشتت أماكن وجوده وطبيعة نظامه الغذائي المحدد وغير المتنوع بالإضافة لاعتماده على موئل من الموائل الهشة. وعلى رغم أن موسم الهجره بدأ يفقد بريقه في الاردن بسبب مجموعة من العوامل البشرية وغير البشريه الا أن المسؤولية تقع على البشر من أجل حماية الحياة الطبيعية واعادة الحياة لتلك المسطحات المائية لتعود الطيور الى الطريق الاسهل خلال موسم هجرتها السنوية.[/rtl] |
|