القضاء على حماس والحلقة الخفية من الكون والتاريخ !
ولأجل تلك الغاية يواصل جيش الدفاع العبري مهمته المقدسة في غزة بلا توقف ولا هوادة ولا رحمة وبإصرار معزز من الآلهة الصناعية وبوعودٍ مفتوحةِ الخزائن ، خلال الأمس تمكن الجيش المذكور من قتل عدد لا بأس به من الأطفال الإرهابيين بأعمار تترواح ما بين بضعة أيام إلى خمس سنوات ، يمكنكم مشاهدة مقاطع فيديو لجباليا الحاضرة لتشاهدوا أشلاء الأطفال الإرهابيين بين الركام وبعض الأمهات والآباء الإرهابيين المفجوعين بتفتيت أبنائهم ، تمكن أيضا الجيش المذكور بقيادة الكابينت العزرائيلي من قصف مدرسة من مدارس الأونروا حيث يلوذ بضعة آلاف من النازحين في ظروف لا معيشية مزرية بقذائف الفوسفور الأبيض لضمان التطهير السليم لهذه العائلات الإرهابية المختبئة ، تمكن أيضا الجيش الأسطوري من هدم منازل كاملة بنجاح على من فيها وسحق بشكل مؤكد دزينات من الإرهابيين المتنكرين على شكل شيوخ بعمر الستين ونساء عاجزات ، يذكر أيضا أن الجيش المختار لشعب الله المختار حصل على فرمان مقدس من الحاخامات وتصريح ديني مفتوح الصلاحية بحلال قصف المشافي ومراكز العلاج والإيواء حيث يختبىء عدد كبير من الإرهابيين الذين يتصنعون الإصابات وتنزف منهم صبغة حمراء مزيفة ويصرخون بشكل هستيري مزيف من فرط الألم ، في الحقيقة إن الإنجازات البطولية التي يحققها الجيش العبري ضد (الإرهابيين ) الفلسطينيين ستدخل التاريخ وتحظى بفسحة خاصة من الذاكرة العالمية والإعلامية كأقذر وأحط وأسفل عصابة مارقة في الوعي البشري وسيكلل الرئيس الأمريكي وباقي العصابة التابعة بأكبر عار وخزي في الدنيا والآخرة وسينالون المحاكمة العادلة.
العنوان الكارثي المطروح للمقالة هو الغاية المعلنة من قبل الجيش المجرم في عمليته داخل غزة ، وللأمانة الفلسفية لا يمكن الحصول على إجابة للعنوان إلا إذا حللتم الفوازير المسلية الآتية ، وهي تساؤلات كواركية تقيم داخل نواة الذرة حيث يكون التاريخ هو الميكروسكوب لرؤية التفاصيل الخفية :
-لماذا يقاتل المقاوم الفلسطيني ؟ لأجل ماذا ُوجِدت حماس أو غيرها ؟
هنالك عاملان إثنان يقرران قابلية البقاء الوجودي للمقاتل الذي يحمل قضية ، الأول : هو موقعه غير المرئي من حلقات التاريخ والحكمة الربانية الكامة في ذلك ، الثاني : هو نوعية الغايات والدوافع التي يحملها المقاتل ، في داخل العقلية المقاوِمة لدينا تاريخ كامل من الصراع وعمليات الخداع السياسي والمماطلة والأكاذيب الأمريكية الكبرى التي خلقت كل هذا الصمود وهذا العناد ، من يقف اليوم في أرض المعركة لا يريد مالا ولا سلطانا ولا يقاتل لأجل مكتسبات لأجل قضية عائلية أو ثأر عشائري ، إنه يقاتل لأنه تم خداعه سبعين عاما ، إنه يقاتل لأنه أهين سبعين عاما ! يقاتل لأن أباه وأخاه واخته ووالدته استشهدت او استشهد او ملقى في السجن منذ سنوات طوال ظلما وعدوانا ولا أحد يسأل ، إنه يقاتل لأن الجيش العبري يريد إنهاء حياته وابتلاع ارضه وعرضه وشجره وهوائه بإصرار وتأكيد عمره عشرات السنوات ، إنه يقاتل كي يكون للحياة معنى وكي يعيش حرا بلا قيود ، إنه يقاتل لأنه شاهد وعايش ورأي ماذا فعل الأمريكان في العراق واليمن ولبنان وسوريا وكيف زيفوا حياته ومعاشه ، إنه يقاتل لأن الطرف الآخر يقول بأنه شعب الله المقدس وبأن وجوده شأن حضاري تاريخي ، وبنفس المنطق نقول بأن المقاوم الفلسطيني يكمل مهمة التاريخ من بعد صلاح الدين وسلسلة الفتوحات العربية.
– ما الذي ستقضي عليه اسرائيل بالضبط كي تنهي حماس ؟
هل هو المقاتلون انفسهم ؟ هل حماس هي القيادات وستنتهي بإنتهائهم او اغتيالهم وهل المقاومة هي حماس تذوي بذهابها وتنتهي بنهايتها ؟ هل حماس هي الصواريخ والمبتكرات القتالية التي صنعها مهندسو غزة الأبطال ؟ كل هذه الأسئلة المغلوطة ستقود إلى إجابات خطيرة ومغلوطة أيضا !
لا يوجد شيء يمكن لدويلة الكيان أن تفعله حيال ظاهرة تاريخية عامة مبيتة في وجدان وضمير وعقل كل فلسطيني من أبناء فلسطين ، لا يمكن للأمريكان أن يقطعوا حلقة من حلقات التاريخ ويلقوا بها في البحر فالمقاومة هي حلقة من حلقات التاريخ المحتوم ، حماس والجهاد وفتح والجبهة الشعبية عبارة عن نقاط مضيئة مزروعة ومبيتة في وعي كل مواطن فلسطيني وتتحول الى فعل تلقائي في اللحظة المناسبة ، لا يمكنكم قتل الفكرة ولا يمكنكم قتل الظاهرة الفطرية لأن مقاومتكم هي شيء فطري وتلقائي ولا يحتاج تنظيما ولا احزابا ولا سائر هذه المسميات التي ولى زمانها ، هذه مجرد تسميات إدارية لمن يقودون المعركة وفي ساحة القتال تتلاشى الفواصل وتتحد فرادات الحدث ، حماس او المقاومة العربية هي جينات مزروعة في قلب كل فلسطيني وكل عربي وكل مولود جاء الى الحياة داخل أرض الأنبياء ، لو تخلصتم من فصيل مقاتل عليكم أن تتعاملوا مع عشرة جدد سيأتونكم بأسلحة وخطط وتجهيزات لا قبل لكم بها ، إنها مسيرة متواصلة منذ احتللتم فلسطين ولن تتوقف إلا برحيلكم أو نهايتكم أنتم .
السؤال الثالث : هل المستهدف هو فعلا تنظيم حماس الفلسطيني ؟
إن عنوان الصراع المعلن والذي نكرره دوما هو القضية الفلسطينية لكنه في قلب التاريخ يحمل اسما خطيرا ينساه الكل اسمه صراع بيت المقدس ، وصراع بيت المقدس أكبر بكثير من سكان فلسطين ويتعدى حدود القضية اليهودية ليكون مركزا للصراع بين الشرق والغرب ، بين حرية العرب والمركز الغربي الاستعماري الذي ينوب عنه الكيان الصهيوني .
إن الدور الوظيفي لدويلة الكيان هي ما وعد به هيرتزل الغربيين عندما طلب منهم اقامة الدولة ووعدهم بان تكون ممثلا لهم وضمانة بالتفكيك ومدمرا للقوة العربية وبهذا المنطق تكون المعركة مع هؤلاء أكبر حجما من المقاومة الفلسطينية والتي تمثل جزءا فقط من الشراكة الكبرى في المعركة الكبرى.
يمكن من خلال هذا السؤال المضلل تشكيل صور وهمية كثيرة ، منها مثلا أن الجهاد الإسلامي وسائر فصائل المقاومة هي خارج دائرة الاستهداف الصهيونية ، يمكن أن نفهم مثلا أن الكل بعد القضاء على حماس سيعيش أياما سعيدة مع الكيان الصهيوني وستشهد المدينة العربية ازدهارا وانفراجا وسنتحول جميعا إلى أسرة اسرائيلية – عربية – غربية واحدة ونعيش أياما أجمل من اللؤلؤ .
سادتي إن هذا العنوان مثله مثل كل مكونات حرب الأكاذيب هذه هو جزء من الحرب الفكرية -النفسية التي يشنها العدو علينا جميعا عربا مسلمين ومسيحيين ، إن إطلاق الحملة العدوانية تحت شعار القضاء على حماس وشحذ وتشغيل الدعاية التحريضية ضد المقاومة الفلسطينية والعربية تحت شعارات مختلفة ، حرب الحضارة ضد الهمجية والوحشية ، حرب الشعوب المسالمة ضد قاطعي رؤوس الأطفال ، حرب الغرب ضد الإرهاب العربي والإسلامي ، حرب المدنية ضد الحيوانات ، تحول إلى فضيحة مدوية لأن العالم بأكمله أصبح يعلم بأن هؤلاء الأوباش والوحوش يقتلون كل شيء ويركبون على ظهر دابة الإرهاب كمطية ووسيلة لاقتراف كل جرائمهم ، إن حماس مستهدفة نعم ، ولكن حماس ولسوء حظهم جميعا تنوب عن محور كامل ، ليس فقط المحور المسمى محور المقاومة ، بل محور شعوب العرب وشعوب العالم التي زهقت وملت من حقارة ووضاعة وعربدة هذا الكيان والعصابة العالمية التي تتزعمها ولايات الشر المتحدة ، حماس في القريب العاجل ستجد لها حاضنة أكبر من عربية ، حاضنة عالمية مدركة بأن هؤلاء المقاتلين لا يقاتلون فقط لأجل فلسطين وتحرير أرضهم وبلادهم بل لتخليص البشرية بأكلمها من هؤلاء المجرمين والوحوش الذين لم ينجح التاريخ في إزالتهم والقضاء عليهم وتطهير الكون من شرورهم.
يمثل عنوان المقالة مصدرا للخوف وباعثا لوضع اليد على الصدر إذا قيلت أمام أي منا لأنها تقرر المصير والمستقبل وربما الحياة بأكملها فالشرفاء أو الأحرار الذين يرون العالم خارج المنظار الأمريكي لن يتمكنوا من تحمل او تلقي خبرا كهذا ، هل سيتمكن تحالف الأحزاب أو النظام العالمي الجديد من القضاء على حماس أو المقاومة الفلسطينية ؟ لا يا سادتي ! لن يتمكنوا حتى لو في أقصى احلامهم !
هل تسمعون عن صراع آخر الزمان وإعادة بعث أولئك الذين يسؤون وجه بني اسرائيل ؟ نعم هذا هو زمانهم ، هؤلاء هم الفتية الذين آمنوا بربهم ! هؤلاء هم الذين جمع لهم الناس ! هؤلاء هم الذين ذكروا في الكتب المقدسة بأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم من يقاتل وما بدلوا تبديلا ! ألا ترون بأعينكم وتسمعون بآذانكم شبابا تربى على النهج القرآني ويقاتل لأجل عقيدة صلبة وأرضية روحية مطمئنة ؟ هؤلاء لا يمكن إزالتهم ولا يمكن القضاء عليهم لأنهم جزء محفوظ من أمر الله وبأمر الله ، المقاومة الفلسطينية ليست مشروعا أمريكيا تم الانفاق عليه عربيا ودوليا ومن الاتحاد الآوروبي ومن تبرعات الخليج العربي او الخليج المكسيكي ويمكن تفكيكه بقطع الدعم عنه ، هذا الكلام ينطبق على جماعة السلطة والمستوطنات والكيانات الصناعية المؤقتة أما هنا فالقواعد تختلف و تخرج عن سلطة ونفوذ النظام العالمي وتذهب الى نظام مضاد يرتفع ويعلو ليكسر الجبروت الأمريكي ، المقاومة الفلسطينية ليست وحيدة ولا يتيمة ولا معزولة ، إنها جزء لا يتجزأ من نهضة كاملة تتشابك فيها أبعاد دولية واقليمية وكل الحلف الصاعد الجديد ضد قتلة الأطفال ومجرمي العصر وسارقي التاريخ وأعداء البشرية ، بايدن وماكرون وسوناك وكل عصابة الصهيونية سوف تحاكم كما حدثت محاكمات نورمبيرغ ذات يوم ، كل هؤلاء سيزج بهم في أرذل التاريخ وأرذل السجون لجرائمهم ، المقاومة الفلسطينية ليست الا جزءا من نسيج الكون والتاريخ والقدر والنبؤات المخصصة لهذه الاحجية العظيمة من التاريخ والعقدية ،عالم اليوم يتغير وسوف تتلقون بمفاجآت غير مسبوقة كلها سترفع أسهم المقاومة العربية والعالمية ضد حلف الشيطان ، المقاومة ستبقى وخسئتم بأن تمسوها في شيء ، النصر مكتوب للمقاومة ، عاشت اليد المقاومة ، عاشت اليد التي تعمر وتحسن وتبني وترد الكرامة ، عاشت فلسطين حرة أبية من البحر إلى النهر