قائد "جولاني": معركة الشجاعية من أشرس المعارك بحياتي
اللواء عليّان: معركة الشجاعية من اشرس المعارك التي خضتها في حياتي
جنود في الجيش الاسرائيلي يتحدثون عن معركة الشجاعية:
قالوا لنا ان اننا سنواجه أقوى كتائب حماس وقد رفعوا من معنوياتنا اننا في جولاني دائمًا نأخذ المهمات الصعبة لأننا نستطيع انجازها، ولكن معارك
كهذه لم نتوقع
ضربة المدفعية الأولى التي وجهت لشجاعية لم تستجب لاحتياجات القوات
كنا نستمع لصرخات الجنود وضائقتهم عبر اجهزة الاتصالات اللاسلكية
في الليلة الأولى من دخولنا، ووصلونا الى الاهداف المرجوة، كانت هناك مقاومة شرسة
التي وزعها الجيش قبل دخول الشجاعية ساعدت حماس على الاستعداد وتجهيز قواتها في المكان
لا يمكنك ان ترى مقاتلي حماس ولا تستطيع حتى ان تتعرف عليهم في عينيك
كتائب غولاني دخلت في كمائن محكمة عدة مرات وكادت تتكبد خسائر اكبر
هاجمت طائرة احد المنازل لا يبعد عنا سوى 80 مترا ليختفي من الوجود في ثانية واحدة
إعتبر اللواء غسّان عليان من مدينة شفاعمرو والقائد الميداني لكتيبة جولاني المقاتلة المختارة في الجيش الإسرائيلي والتي خاضت المعركة البريّة
للجيش في أول أيام الإجتياح البري لقطاع غزة في حي الشجاعية، أنها من أصعب المعارك التي خاضها طوال خدمته في الجيش. وجاءت تصريحات
عليّان هذه خلال جلسة لضباط في الجيش نقلها موقع معاريف على شبكة الإنترنت حيث قال:"كتلك المعارك التي خاضتها الكتيبة في بلدة بنت جبيل
اللبنانية في حرب لبنان الثانية عام 2006، ستدخل هذه المعركة سجلات تاريخ لواء جولاني.
اختارت قوات الجيش الاسرائيلي لواء غولاني لتنفيذ هذه المهمة لرغبة الجيش بإنهاء المرحلة الأولى من العملية البرية بسلاسة وبعدها يدخل في
معركة أساسية ضد أقوى كتائب حماس في تلك المنطقة، لكن قام لواء غولاني ثلاث مرات متتالية بالشروع بالمعركة " تنفيذ إجراء المعركة " ليرتد
على أعقابه وينسحب إلى منطقة التجميع حتى جاء يوم السبت قبل شهر تقريبا وحتى حين صبغ الجنود وجوههم بأصباغ التمويه، كانوا على قناعة بان
المعركة ستؤجل هذه المرة أيضا كما حدث خلال عملية "عامود السحاب" حين كان اللواء جاهزا ومستعدا داخل عرباته المدرعة، لكن العملية كانت
تؤجل في كل مرة لـ 24 ساعة
"لم نتوقع ان يتحقق قرار الاجتياح البري"
وقال احد الجنود المقاتلين في الكتيبة الذي ذكر أول حرف من اسمه برمز (ف): تم تأجيل المهمة لمرتين متتاليتين بدون سبب، بينما المرة الثالثة إعتبر
الجيش ان عدد المدنيين الذين استجابوا لنداءاتنا بترك الحي غير كاف، كما ان هنالك شح في المعلومات الإستخباراتية، لم نتأثر لأن كل تأجيل كان
متوقعًا وكنّا على قناعة تامة ان العملية لن تتم وستؤجل المرة تلو الأخرى".
"بعد يومين من قرار الإجتياح البري، وفي ظهيرة يوم السبت تم تجميع الجنود مرة أخرى، وتقرر انه في تمام الساعة التاسعة والنصف مساءً اي بعد
خروج السبت ستبدأ ثلاثة الكتائب (12، 13 و51) بدخول الحدود مقابل بلدة ناحال عوز، مشيًا على الأقدام وبإستخدام المركبات المصفحة، وبعد
ساعات قليلة تقرر ادخال وحدتي (أجوز) ووحدة الاستطلاع للمعركة" - يقول الجندي المقاتل.
"حماس استعدت من اجل إمطارنا بالنيران"
وتابع:"معظم قواتنا استقلت المدرعات، وقسم آخر دخل مشيًا على الأقدام، عبر بوابة (84) المقابلة لبرج المراقبة (الفيلبوكس)، دقائق ليست طويلة
قبل ان نتعرض للهجوم الأول من قبل الفلسطينيين، عندما حاول أحدهم الذي كان يركض بإتجاه مجموعة من المشاه التابعة لكتيبة 12، حاول تشغيل
عبوة ناسفة على احد المدرعات على بعد من 400 متر من الحدود، إلا انه قتل بعد ان أطلق عليه الرصاص ونيران الرشاشات الثقيلة وتم التأكد من
قتله عبر القاء قنبلة صوبه". واضاف:" وكلما تقدمت القوات عبر المسارات والطريق التي شقتها من اجلها قوات الهندسة ازدادت الهجمات الفلسطينية
وقد عرف الجيش بان أي تحرك على محاور الطرق المعروفة يعني كارثة، لأن حماس زرعوا منذ سنوات عبوات ناسفة ضخمة على هذه المفترقات
والطرق لكن يبدو أنهم توقعوا أيضا خطة الجيش القائمة على شق طرق ومسارات جديدة واستعدت بقوات كبيرة من اجل إمطارنا بالنيران ".
"الشجاعية - بوابة الدخول للمدينة السفلى"
اخبر الجيش الجنود مباشرة وعبر البيانات الداخلية بان الشجاعية تشكل معقل "الإرهاب" وحصنا استراتيجيا بالنسبة "للمخربين" - على حد تعبيرهم،
وهي بوابة الدخول للمدينة السفلى "الأنفاق" التابعة لحماس وكان هدف العملية تدمير تجمع الأنفاق الكبير المتجهة نحو إسرائيل والقتال بين البيوت
المرتبطة بها حيث تم إخفاء الصواريخ والوسائل القتالية إضافة لمسجدين من القرن الرابع عشر تم استخدامها كمخزن للصواريخ وساتر لإطلاقها
باتجاه إسرائيل حسب الرواية الاسرائيلية.
"واجهنا مقاومة شرسة"
وصرّح مضيفًا الجندي المقاتل في الجيش الاسرائيلي لموقع معاريف على الإنترنت:"في الليلة الأولى من دخولنا، ووصلونا الى الاهداف المرجوة،
كانت هناك مقاومة شرسة، وحين وصلنا للمنزل الذي كنا نريد تمشيطه وان نحوله الى نقطة مراقبة ورصد لمراقبة احد المحاور خرج قائد السرية من
المدرعة التي استقليناها بالتزامن مع مواصلة إطلاق قذائف الدبابات باتجاه المنازل المشرفة على المبنى الذي نستهدفه فيما بقي بقية افراد القوة في
الخلف ننتظر قيامه بتفجير جدار المبنى والدخول إليه وكان من المفترض بنا أن نترجل خارج المدرعة بعد انتهاء قائد السرية والجنود المرافقين له
من عملية تمشيط وتأمين الطابق السفلي من المبنى، ولكن في الثانية التي همً بها دخول المبنى أصيب الطابق السفلي من المنازل بصاروخ وفتحت
باتجاهنا نيران مدفعية ومن اسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للمدرعات وار بي جي، كل ذلك تحت ستار الظلام الحالك".
"حماس استعد لهذه المعركة وحاول خطف الجنود"
"يبدو ان المنشورات التي وزعها الجيش قبل دخول الشجاعية ساعدت حماس على الاستعداد وتجهيز قواتها في المكان، كما يبدو ان الضربة الأولى
لم تكن كافية لردع وارغام مقاتلي حماس على أرض الميدان وفي الأنفاق، أنت لا يمكنك ان تراهم ولا تستطيع حتى ان التعرف عليهم في عينيك" - قال
(ف) الذي تابع:"انهم يدخلون في نفق ويخرجون من مكان آخر، وفي منزل تم تمشيطه والتأكد من انه خالٍ، قد تراه مليئًا بالمقاتلين، لقد وقفنا طويلًا
نفكر ونحاول ان نفهم ماذا يحدث هناك؟ - لقد قتل خلال اشتباكين 8 جنود من الكتيبة رقم 13 بينهم "ارون شاؤول" وأصيبت في الاشتباك الأول
مدرعة من طراز m113 نتيجة قذيفة اربي جي أطلقت عليها بدقة كبيرة اخترقت المدرعة ووصلت إلى قلبها لتقتل 7 جنود كانوا داخلها، وعلى
مدى ساعات طويلة حاول مقاتلو حماس رغم النيران الثقيلة التي اطلقها الجيش من البر والجو والمدفعية والدبابات الوصول إلى المدرعة المصابة
والمشتعلة لاختطاف جثث الجنود القتلى وبالتوازي مع ذلك تعرضت قوة تابعة للكتيبة 13 لهجوم من قبل مقاتلي حماس خرجت من احد الأنفاق وقتل
خلال الاشتباك الجندي "شون كرملي" بعد أن أصابته رصاصة في رقبته وأصيب جندي أخر" .. قال الجندي "ف" .
ورافقت حالة عدم اليقين وإطلاق النيران الثقيلة أيضا دخول جنود وحدة " اغوز " ووحدة الاستطلاع الذي سمعوا عبر اللاسلكي التابع للواء عن
مأساة المدرعة وعن الاشتباك العنيف جدا الدائر في المنطقة دون ان يفهموا بالضبط الحجم الحقيقي للمعركة الدائرة .
"المنازل الى جانبنا كانت تتفجر فجأة وتشتعل بالنيران"
يقول الجندي (ن) من وحدة الاستطلاع:"لقد تقرر دخول وحدتنا ووحدة اجوز، وبالفعل استقلينا مركباتنا المدرعة ودخلنا مقابل بلدة "كفار عزا"، وفي
حوالي الساعة الرابعة فجرًا قبل شروق الشمس بدأنا نتعرض للهجمات، دخلنا الى منزل وتعرضنا لإطلاق قذائف من اتجاهات مختلفة، فقد أطلقت علينا
النيران من المنازل، ومنازل اخرى الى جانبنا بدأت تتفجر وتشتعل، حتى انني اذكر ان كتيبة (بسلير) وهي كتيبة الإستطلاع اللوائية دخلت الى احد
المنازل، وعلى الفور قام فلسطينيون بإلقاء بداخلها قنبلة دخان ذات الوان من اجل الإشارة الى المنزل التي تعرض خلال وقت قصير جدًا لنيران
عنيفة وقذائف مضادة للدروع، وفي معركة أخرى خاضها جنود وحدة الهندسة فتح "حمساويون" نارا ثقيلة باتجاه القوة وقتل أثناء الاشتباك "مقاتلين
منهم" فيما أصيب جنديان بجراح خطيرة جدا وماتا متاثران بجراحهما حتى قبل وصول مروحية الإنقاذ، وفي حادثة أخرى خرج قائد الكتيبة برفقة
ضباط كبار من الكتيبة ذاتها من احد المنازل حيث كانوا يتحصنون داخله واستخدموه كنقطة مراقبة قيادية بهدف تمكين القادة من دراسة الميدان
ووضع الخطط القتالية لمواصلة العملية، وهنا رصدتهم خلية من "الفلسطينيين" وبدأت بإطلاق نار واسع وشديد باستخدام قنابل الهاون ما أدى إلى مقتل
نائب قائد الكتيبة "بار اور" وضابط العمليات "تسفيكا كابلان" فيما أصيب قائد الكتيبة وجندي الاتصال التابع له بجراح خطيرة جدا، ويعدها بقليل قتل
ضابط وهو موشيه مالكو الذي تعرض لصاروخ اصطدم به مباشرةً وأصيب 13 جنديا أثناء محاولتهم إنقاذ الضباط وقائد الكتيبة".
"انفجار اسطوانات غاز مفخخة قذفت منزلًا في الهواء"
واضاف الجندي (ن):" وفي هذه الإثناء انفجرت قرب القوة قذيفة مدفعية إسرائيلية انضمت هي الأخرى عن طريق الخطأ إلى الفوضى الجهنمية
السائدة في المكان لقد كانت بكل تأكيد قذيفة من مدفعيتنا لقد رأيتها على الارض مع كتاباتها العبرية لقد حالفنا الحظ الكبير ونجحنا بإخلاء الجرحى
وعلاجهم ومن ثم واصلنا الهجوم على البيوت واقتحامها، وكان احد البيوت الذي خرج منه "مقاتلون " بشكل دائم يبدو في محاولة لجذبنا وجرنا إليه
فكان مفخخا باسطوانات الغاز واقتحمناه عبر الجدار لكن انتظرنا داخله عدد من "المقاتلين" الذين فتحوا علينا النار ونجحنا بقتلهم بعد تبادل للنيران
لكن انفجار اسطوانات الغاز قذف المنزل في الهواء .
"مقاتلو حماس لم يتأثروا من القصف الجوي"
وبعد يوم واحد من دخول الشجاعية تحركت قوة تابعة لوحدة "ايغوز " نحو احد الأهداف وتورطت في اشتباك عنيف قتل فيه 7 مقاتلين فلسطينيين
وجنديان هما تال يفراح ويوفال دجان من الوحدة فيما أصيب قائد الوحدة وهو برتبة عقيد بجراح خطيرة وفي حادثة اخرى قتل جندي اخر من وحدة "
ايغوز". وهو غوردان بن سيمون من اشكلون.
وفقا لأقوال ضباط كبار لم تكن الضربة الإسرائيلية الأولى بواسطة الطائرات والمدفعية قوية بما يكفي وبقي مقاتلو حماس تحت الأرض دون أن يمسهم
أذى ليبدأ العشرات منهم تمام السادسة صباحا أي بعد ساعات من الدخول البري في شن هجمات منسقة ومتزامنة ضد جنود لواء غولاني من مسافة لا
تتعدى عشرات الأمتار، مطلقين وابلا كثيفا من الصواريخ المضادة للدروع ونيران القناصة .
"كنّا نسمع صرخات الجنود وضائقتهم عبر اللاسلكي"
وقال ضابط كبير في سلاح المدفعية بان ضربة المدفعية الأولى التي وجهت لشجاعية لم تستجب لاحتياجات القوات لهذا كان بامكاننا ان نستمع عبر
أجهزة الاتصال إلى صرخات الجنود والضائقة التي وجدوا أنفسهم فيها وهنا صدرت الأوامر للجنود بضرورة دخول السيارات المدرعة والبقاء فيها
نصف ساعة فتحت خلالها ثلاث كتائب مدفعية نيرانها باتجاه مواقع تمركز الجنود".
وأضاف الضابط "في تمام العاشرة صباحا وحين أدركوا بان غولاني دخل في كمين محكم وانه قد يتلقى خسائر أخرى صدرت الأوامر بفتح نار
المدفعية بهدف إنقاذ جنود اللواء وإجبار مقاتلي حماس الذين أحاطوا بالجنود على الفرار، وتم لأول مرة منذ معركة السلطان يعقوب " 1982 " فتح
نيران المدفعية باتجاه مناطق تواجد فيها جنود الجيش وهناك احتمال كبير جدا بان يصابوا من نيران مدفيعتنا وذلك لقرب مسافة الاشتباك التي لا تزيد
عن عشرات الأمتار".
فهمنا بان هناك "مقاومين" على مسافة 40 الى 100 متر من الجنود لذلك أطلقنا باتجاههم 600 قذيفة مدفعية بالتوازي مع غارات جوية وذلك بعد
أن طلبنا من الجنود البقاء داخل المدرعات، واستخدمنا نارا بنطاق واسع بهدف "تليين" الأهداف وقمنا بذلك بحذر شديد بعد ان تلقينا دعم ومصادقة قادة
كبار وذلك رغم احتمال إصابة قواتنا لقد كان قرارا يمكن ان يكلفنا ثمنا كبيرا رغم تحصن الجنود داخل مدرعاتهم ".
"كانت المنازل تتفجر وتختفي خلال ثانية"
ونجح الهجوم وانسحب مقاتلو حماس من خط المواجهة الأول وبعد 48 ساعة من دخول الشجاعية شن الطيران الإسرائيلي هجوما عنيفا واستخدم
قنابل تزن طن واحدا ضد أكثر من 100 هدف في الحي لم تكن تبعد عن مكان تواجد الجنود سوى مسافات قصيرة جدا حيث قال احد الجنود "خرجنا
من المدرعة وبعد لحظات هاجمت طائرة احد المنازل لا يبعد عنا سوى 80 مترا ليختفي من الوجود في ثانية واحدة ".
"لم نتوقع مقاومة كهذه"
وتابع الجندي (ف) في نهاية حديثه:"بعد انتهاء المعارك والعودة الى المنزل، لم يكن من السهل العودة الى حياتي الطبيعية، لقد اضطر ذلك أربعة ايام
على الأقل لأدرك انني انهيت تلك المعركة، وهناك حالات اصعب مني لأولئك الذين شاهدوا مقتل زملائهم أمام اعينهم، لقد قالوا لنا ان اننا سنواجه
أقوى كتائب حماس وقد رفعوا من معنوياتنا اننا في جولاني دائمًا نأخذ المهمات الصعبة لأننا نستطيع انجازها، ولكن لمعارك كهذه لم نتوقع، تدربنا
على الكثير من الأمور، ولكن التدريبات ليست كما يحدث على ارض الواقع ابدًا".