منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ Empty
مُساهمةموضوع: الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟   الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ Emptyالإثنين 12 فبراير 2024, 11:44 am

الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ 76df866d-aa51-488e-8e14-8a5425cad065



أي قارئ منصف للتاريخ سيجد الفرق شاسعاً بين سلوك المسلمين كأمة وبين سلوك غيرهم من الأمم. إن دخول المغول للبلاد لا يمكن أن يقارن على الإطلاق بتسامح المسلمين عندما فتحوا شرق آسيا، ودخول المسلمين للقدس لا يمكن أن يقارن بدخول الصليبيين لها، وحتى بعد تسعين سنة عندما استردها صلاح الدين لم يرتكب بها أي أفعال كتلك المذابح التي اقترفها الفرنج عندما احتلوها، قارنوا بين دخول المسلمين للأندلس وبين ما فعله الاسبان وكيف أنشؤوا محاكم التفتيش وقتلوا مئات الآلاف من المسلمين، يقول المؤرخ الفرنسي ميشيله Mechelet "خلال عشر سنوات من سقوط غرناطة قتل الاسبان مليون مسلم بأبشع الطرق". (1)
وأما الجدل في مفهوم الجزية، فهي كانت – ولا زالت – عرفاً دولياً بين جميع الأمم والشعوب، ولم يأت الإسلام بسابقة، فلقد فرضها الفرس والرومان على أتباعهم وعبر التاريخ سنجد أن هذا العرف كان موجوداً، ألم تفرض جزية باهظة على الدولة العثمانية بعد هزيمتها المنكرة أمام روسيا عام 1878 أدت لإفلاس الدولة العثمانية؟ ألم يفرض الفونسو الجزية على ملوك الطوائف المسلمين في الأندلس في عهد ضعفهم وتفرقهم؟ ألم يدفع مولاي حسن الجزية للإسبان بعد احتلالهم تونس وارتكابهم مذبحة فيها؟ ألم يفرض الروم الجزية على المسلمين في عهد ضعف الدولة العباسية؟ فلماذا حلال على أعداء المسلمين فرض الجزية وحرام عليهم أن يعاملوهم بالمثل؟ ولماذا ممنوع على الإسلام أن يكون دين قوة، ويفرض شروطه؟!
أكبر دليل على التناقض الصارخ عند دعاة الحضارة والمدنية هو تشريعهم لبيوت الدعارة، وجعل بيوت الدعارة أمراً حضارياً في تلك البلدان رغم أنه انتهاك واسترقاق للمرأة ويجعلها سلعة
وعلى كل حال الجزية الآن ما زالت موجودة ولكن بأسماء جديدة تغلفها أكاذيب الديبلوماسية، ففي هذا العالم الجديد، بمفاهيم الحرية وحقوق الإنسان والعدالة المزعومة، ترامب ومن وراءه أمريكا وكل دول الحضارة المزعومة لن يمسوا السعودية وعرشها بأي سوء طالما أنها تدفع "الجزية" وليست قضية الخاشقجي هي القضية الأخلاقية الأولى التي تظهر زيف دعواتهم ومفاهيمهم، فمن قال إن مفهوم الجزية بمعناه المجرد قد غاب من التاريخ والحاضر؟! المال مقابل الحماية، ادفع أيها الملك، وخفض أسعار النفط وامنحنا الامتيازات وأنت صاغر.
وكذلك في موضوع الغنائم، يتم تقزيم المفهوم التاريخي وتشويهه لحدود سخيفة من قبيل سرقة دجاجة من بيت مدني، أو سرقة براد، لكن سخف هذه النظرة للغنائم مصدرها هؤلاء الذين يعملون كأبواق للدعاية، وأصل الغنائم هو أخذ أسلحة العدو في ساحة المعركة ودروعه ومقتنياته العسكرية وموارده ومؤنه وهذا حق مشروع في عرف كل الحروب عبر التاريخ، وبالتأكيد لن يكون مفهوم الغنائم أن تدخل بيتاً آمناً لمدني لتسرق دجاجاته وحاجياته، وبالتالي فلا غرو أن تقوم فصائل الثورة السورية باغتنام دبابات ورشاشات ثقيلة من نقطة عسكرية معادية، وإلا فهو الغباء بعينه أن تترك ذلك العتاد وترجعه لعدوك حتى لا تجرح مشاعر مرهفي الحس في المقاهي بهذه الغنائم.
ثم سيحدثونك عن الرق والسبي، مع أنه كان نظاماً عالمياً من فجر التاريخ، وجاء الإسلام وقننه لأقصى درجات التقنين، فألغى الإسلام كل أساليب الاسترقاق وخاصة تلك التي كانت مرتبطة بالربا المالي، و حصره بأسرى الحرب، وهذا من نوع التوازن الاستراتيجي مع الأعداء، إذ أنه لم يكن منطقياً إلغاء هذا النظام في الوقت الذي يمارسه الأعداء ضد أسرى المسلمين، ثم إنه جعل كل كفارات الإسلام من الصيام واليمين والظهار وغيرها فجعل عتق الرقاب في المقام الأول فيها، ثم حث على عتق الرقاب ووعد بالثواب الجزيل لذلك، لكن لم يكن على الإطلاق من الحكمة إلغاء الرق بشكل مفاجئ وخاصة أن الأعداء يمارسونه، ناهيك عن ارتباط عجلة الاقتصاد الزراعي والصناعي بهم، إذ أنهم كانوا عصب الاقتصاد العالمي والمحرك له، فكان من الحكمة إلغاءه بالتدريج.
أما موضوع الإماء وملك اليمين، فموضوع السماح بمعاملتهن معاملة الزوجات هو من باب تنظيم حياتهن وضبطها، فلقد كان شائعاً قبل الإسلام أن الزنا مشهور بكثرة في صفوف الإماء، ولذلك عندما بايعت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان مع نساء قريش وقال لهن الرسول الكريم تعاهدنني على أن لا تشركن بالله شيئاً ولا تسرقن ولاتزنين، صاحت هند وقالت أوتزني الحرة يا رسول الله؟ فهذا يدل أن الحرائر كنت يتعففن عن الزنا بينما كان شائعاً في الإماء، ولذلك فإنه من الضروري تنظيم حياتهن، ولكن ضمن شروط وضوابط وضعها الإسلام، فعند تسري مالكها بها تظل مملوكة إلى أن تلد فتصير أم ولد ويعتبر المولود منها حراً، وينسب لأبيه، ولما كان ليس من العدل أن تبقى الأم رقيقة ويكون الولد حراً، فقد حظر الشارع على السيد بيعها والتصرف بها، وأمره أن يكرمها كما يكرم الزوجة الحرة في جميع شؤونها وأن يحسن معاشرتها ومعاملتها، وحكم لها بالحرية التي تستكملها بوفاة مالكها، وقد أباح الله تعالى للرجل أن يتزوج بالأمة من مالكها زواجاً كزواج الحرة، ويتحقق من هذا مصالح عديدة، منها إعفاف الإماء وتنظيم حياتهن الجنسية، وتخفيف الزنا، وإشعارها بأنها امرأة مصونة.
الأمة الإسلامية عبر تاريخها مارست حقها الطبيعي في نشر قيمها وثقافتها عندما كانت في أوج قوتها، لا بل قدمت أروع أمثلة حضارية وعلمية في عصر ازدهارها
وهذه ضوابط لم تكن موجودة في كل بلاد وأمم الأرض، بل كانت فوضى جنسية عارمة بين جميع الإماء في كل الأمم، ثم إن سجل أوروبا وأمريكا في العبودية أسود قائم فملايين الأحرار السود تم استعبادهم من أفريقيا وسوقهم كالبهائم للعمل بشكل قاهر مع بداية اكتشاف الاسبان لأمريكا، ناهيك عن أن ملايين النساء اغتصبن في حروبهم، فالصليبيون اغتصبوا عشرات آلاف النساء في حملاتهم، والإسبان اغتصبوا عشرات آلاف نساء الأندلس المسلمات وسبوهن بدون أي حقوق ولا أي ضوابط، وكان سبي النساء فوضوياً همجياً في تاريخ كل الشعوب وحتى عصور حديثة، فاليابان كانت تجلب النساء قسراً من الشعوب المحتلة الأخرى لجنودها من أجل الترفيه الجنسي، والجيش السوفيتي اغتصب ملايين نساء الألمان في الحرب، وكان ذلك بشكل انتقامي فوضوي همجي، ولا يمكن على الإطلاق جعل ذلك مساوياً للنظام الإسلامي الذي جعل الأمة بمرتبة الزوجة. وأكبر دليل على التناقض الصارخ عند دعاة الحضارة والمدنية هو تشريعهم لبيوت الدعارة، وجعل بيوت الدعارة أمراً حضارياً في تلك البلدان رغم أنه انتهاك واسترقاق للمرأة ويجعلها سلعة، بينما يكتبون لك آلاف السطور ليستحضروا قصة الرق في الإسلام من التاريخ الذي صار ماضياً ليغمزوا على الإسلام.
إن الأمة الإسلامية عبر تاريخها المجيد، نشأت بشكل حضاري وأخلاقي، واستعملت القوة العسكرية بمكانها، وقامت بالفتوحات بشكل متناسب تماماً مع العرف والسياق التاريخي ولم تخرج عنه، لكنها تميزت بأخلاقها، وقد كانت المبادئ العليا "لا تقتلوا امرأة ولا شيخاً ولا طفلاً ولا تقطعوا شجرة" هي المعايير الأخلاقية الأسمى والتي لا يمكنك أن تجدها عند الأمم الأخرى في ذات السياق التاريخي، فكلنا يعلم وحشية جميع الجيوش والأمم الأخرى والتي كانت كل حضاراتها مبينة على الغزو الوحشي وتوسيع مناطق النفوذ، فكانت حملاتها العسكرية كالسيل الجارف تحرق الأخضر والبابس ولنا في المغول والصليبيين والغزو الاسباني لأمريكا خير مثال.
إن كان مفهوم الفتوحات الإسلامية يثير حالة من الهيستيريا الفكرية عند البعض، ليتحولوا إلى شبيحة فكر، فالأمة الإسلامية عبر تاريخها مارست حقها الطبيعي في نشر قيمها وثقافتها عندما كانت في أوج قوتها، لا بل قدمت أروع أمثلة حضارية وعلمية في عصر ازدهارها، فنشرت العلم والحضارة وكانت بغداد والأندلس وقرطبة بالتحديد منارات للعلم، وكان مسجد قرطبة جامعة علمية حقيقة ضمت طلاباً من كل أوروبا، ولو قيض لها أن تستمر دون السقوط العسكري المفجع لحضارة الأندلس لكانت جامعة تضاهي أكسفورد، ولم تكن أكسفورد وغيرها سوى مدارس مسيحية تابعة للكاتدرائية تدرس علوم اللاهوت ثم توسعت في باقي العلوم التي كانت عالة بها على قرطبة والأندلس، لكنها مع الأسف سقطت وأحرق الاسبان 500 ألف مخطوط كتاب في ميدان غرناطة، وهو عدد يفوق كل ما كانت تحويه أوروبا من كتب. "فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا ديناً مثل دينهم" (1) قالها المستشرق غوستاف لوبون وواضح أنه لم يقل ذلك عن عبث بل عن قراءة متأنية ومنصفة.
———————————————————————————————————

المصادر:
(Renaissance 7-135 (1
(2) كتاب حضارة العرب غوستاف لوبون ص630 ترجمة عادل زعي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟   الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ Emptyالإثنين 12 فبراير 2024, 11:46 am

الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ D503e9b7-0b37-4273-baed-b9771a668308

غزو وسبي وغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا ونسقطه؟!


يطالعنا الكُتّاب الملحدون والذين لا دين لهم صباح مساء أن الإسلام انتشر بالسيف، وأن الإسلام الحقيقي هو القتل والسبي والغنائم وسفك الدماء وأن الفتوحات الإسلامية كانت للنهب والسلب.. إلخ. وقد نجحت الدعاية الغربية وأبواقها العرب في تصوير الإسلام على أنه حالة فردية من سفك الدماء، وحجتهم البالغة أنه لا أدل على ذلك من نهج السلفية الجهادية التي تمثل روح الإسلام الحقيقي، والتي يتم تقديمها كمصدر مرعب للقتل والوحشية في العصر الحاضر على حد زعمهم.

وهكذا فهم يستحضرون التاريخ الإسلامي مُنتزعين إياه من سياقه ثم يجعلون من سردية قطع رأس آدمي بالسيف مثال الوحشية المطلقة التي تعبر عن الإسلام المجرد، ولذلك فهو دين وحشي فتاك دموي، ثم يستشهدون بآيات القتال في القرآن، ليضعوا في وجهة الحجة البالغة حسب زعمهم. بدايةً لا بد أن نُوضح لهؤلاء أن الحرب ليس شيئاً لطيفاً وناعماً، ولا توجد طريقة لطيفة للحرب، فالحرب منذ الأزل هي عملية فتك طاحنة بين فريقين، بغض النظر عن موضوع صراع الحق والباطل. طبعاً نحن هنا لا ندري كيف يفهم هؤلاء أدبيات الحرب وفنونها وصيرورتها؟ فهل توجد حرب "كيوت" أو هل توجد حرب مرهفة الحس؟ وهل يعلم هؤلاء مدى بشاعة الأسلحة الحديثة وكيفية فتكها؟
ما هي الأساليب التي اتبعها الاسكندر المقدوني في غزاوته وحروبه؟ ما هي الطريق المرهفة التي استخدمها نبوخذ نصر؟ ما هي أساليب الحرب التي انتهجها الجرمان والرومان والقرطاجيون والإسبان والإنكليز والفرنسيون؟ هل كانت حروبهم مُرهفة؟ هل كانت حروبهم كيوت؟ هل استخدموا أعواد القش في حروبها لضرب الأعداء؟ هل تجنبوا قطع الرؤوس وبتر الأطراف في حروبهم؟ هل حازوا البلاد وسيطروا على باقي الأمم بالكلام المُرهف والحس اللطيف؟ وهل خرجت الأمة الإسلامية عن سياق استخدام تلك الأسلحة؟

والنسبة العظمى من آيات القرآن تذكر مفردة "قتال" و"قاتلوا" وهو فعل يدل على المشاركة، أي أن الطرف الثاني مُقاتل في ساحة معركة وليس مدنياً أو أعزلاً
واليوم، هل تعلمون حجم الفتك الذي تُحدثه طلقة عيار 7.62 مم عندما تضرب جسداً حياً بطاقتها الحركية وموجة الصدمة التي تحُدثها؟ إن فتكها لا يُجاريه لا سيف ولا رمح، وهي أبسط وسائل القتل، فهي تُهشّم الرأس وتُفجره فهل هي طريقة لطيفة للقتل؟ ولو انتقلنا إلى عيار 12.5 وعيار 23 مم وصولاً لقذائف عيار 57 وعيار 80 وعيار 120 و180 مم وصواريخ الطائرات وقذائفها، هل تدركون حقاً حجم الفتك في الجسد البشري الذي تحدثه؟ هل سبق وعاينتم ذلك بأنفسكم؟ فهل تفوقت طرق القتل التي تقترفها أعتى تنظيمات السلفية الجهادية متمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية، تلك التي تقترفها الجيوش النظامية للدول التي تَدّعي شرعة حقوق الإنسان والحضارة؟ الجواب ببساطة لا والفارق كبير جداً.
والواقع أن تجربة الثورة السورية في زمن الإعلام المفتوح والصورة الحية ووسائل التواصل لم تُفد هؤلاء بشيء لقراءة موضوعية للتاريخ بعقل منفتح وتفكير سليم، ولا أظن أن واحداً منهم شاهد برميلاً متفجراً يسقط فوق رأسه أو صار ينبش تحت الركام ليُخرج جسداً حياً، فهم منذ البداية هربوا خارج سوريا خوفاً على أرواحهم، ولم يعيشوا تجربة عشناها أبداً، وليس عندهم سوى الكلام من أبراج عاجية في أوروبا وأمريكا. لكني أقول أنا كاتب هذه الكلمات لقد فعلت، كان صوت البرميل الساقط والذي يكتسب تسارع الجاذبية مهولاً مُجمداً للدماء في العروق، وأنت تقف في مكانك، التسارع مضروباً بكتلة المتفجرات والبرميل والخردة الفولاذية اللئيمة..
أنت الآن تسمع هدير تلك الكُتلة التي تنهش تسارعاً قدره 9.8 متراً في الثانية مربع، الطاقة الحركية تزداد، يرتفع الأدرنالين حد الجنون. إنه فوق رؤوسنا، يا إله السماوات، ثم.. موجة الصدمة، وصوت مريع، كل هذا يجري في ثوان فقط، وصريخ النساء، وصوت أنثوي يمخر عباب الغبار: يا أهل النخوة! ساعدونا، تقودني قدماي نحو الصوت، أصرخ بين الجدران هلموا أيها الناس! نركض نحو المأساة، أبحث في الركام، طفلة مُلطخة بدمائها، عجوز يبدو أنه فارق الحياة، ومروحية فوق رأسك آذنت ببرميل آخر، صوت ينادي: احتموا البرميل الثاني سقط، يتراكض القوم، وصوت آخر مُريع، وبرميل ثالث ورابع ويوم تالي وأيام متتالية.
هل واحد منهم جرب سماع صفير صاروخ الفيل؟! لكني فعلت، إنه تسارع جديد وطاقة حركية جديدة وموجة صدمة جديدة، ثم.. غبار وصريخ، نهرول نحو المكان، غبار وأشلاء، طفل صغير مُلطخ هنا، امرأة عجوز اخترقت عينها شظية قتلتها وهي ما زالت جالسة، وشاب فتكت به تلك القطع الفولاذية اللئيمة. هل عاين واحد منهم هذه المناظر عن قرب؟ هل رأى حجم الفتك بالجسد الذي تُحدثه هذه الأسلحة؟ لا فهم يجلسون هناك في المقاهي "الكيوت". على الأقل فلقد كان سيف الإسلام يضرب رقاب وأجساد مقاتلين في ساحة معركة، وهو على أي حال ألطف تشويهاً للجسد بكثير من قوة فتك الفولاذ المتشظي من حشوة TNT.
ثم أن كان القرآن يحوي آيات القتال فَلِأَن القتال ضرورة حتمية وتاريخية ووجودية لأي أمة، وإلا فلماذا تقوم كل بلاد الدنيا بِصُنع الجيوش ووزارات الدفاع والأسلحة الفتاكة؟  والنسبة العظمى من آيات القرآن تذكر مفردة "قتال" و"قاتلوا" وهو فعل يدل على المشاركة، أي أن الطرف الثاني مُقاتل في ساحة معركة وليس مدنياً أو أعزلاً، وحتى عندما وردت كلمة اقتلوا وهي نادرة فهي أيضاً جاءت في سياق ساحة معركة. إن الإرهاب الذي يمارسه برميل متفجر أو هدير طائرة سوخوي أو انقضاض طائرة ميغ أو قاذفة بي 52 أو مقاتلة إف 16 لا يمكن مقارنته بأي فعل ينسب لأي فصيل إسلامي مهما بلغ من التطرف. 

الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟ E3ef3ee0-b5ea-4c32-b526-ff0085e82e44هل الحق من يبدأ الحرب على الباطل أم الباطل هو من يُبادر للعدوان؟ الجواب واضح، ولذلك "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"
 
أرباب الإرهاب العالمي الذي يزرع الخوف والدموع والأشلاء والدماء هم أصحاب بزات أنيقة، ويضعون أفخر العطور ويجتمعون بأفخم القصور. وبمقارنة بسيطة نحن نقول، إن كان فصيل إسلامي متطرف قد قطع رأس آدمي، أو أحرق آخر حياً، فالقذائف التي ألقتها طائرات أصحاب البزات ليس فقط قطعت ملايين الرؤوس، بل جعلتها أشلاءً ومزعاً، وأحرقت ملايين الأجساد حية، فإن كان من إنصاف فهذا هو الإرهاب.

يتم تصوير الإسلام على أنه دين الغزوات والحروب، وأن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أمضى حياته في الغزو، والسبي وفرض الجزية، وطبعاً ناهيك عن أن الغزو والسبي والجزية كان عُرفاً عالمياً بين جميع الأمم. إلا أنهم يحاسبون الإسلام وحده دوناً عن كل الأمم، متناسين أن الإسلام بنى حضارة ودولة عالمية في زمن قياسي، وأن كل غزوات الرسول كان الخصوم هم من بادروا إلى العدوان فيها. فقريش هم من أخرجوا المسلمين من مكة بعد تعذيب وتنكيل، وكذلك اليهود كان العدوان منهم أولاً في المدينة، وقبائل فزارة وجميع قبائل العرب الأخرى هم من اعتدوا وحاصروا المدينة يوم الخندق، وحتى حربه مع الروم كانت شرارتها عدوان شرحبيل بن عمر الغساني وقتله مبعوث الرسول، والغساسنة كانوا عملاء الروم في الشام وولاتهم.
ومحاسبة الرسول على معاركه واستكثار عددها هو أشبه بمن يحاسب الثوار في الثورة السورية على معاركهم مع النظام الذي فتك بهم وقتلهم واعتقلهم. فإن كان الرسول قد قام خلال 20 سنة بسبعين معركة، فإن ثوار الثورة السورية قاموا خلال 8 سنوات بأضعاف هذا الرقم من المعارك مع النظام، لكن سيأتي متحذلق ويقول رسولكم دموي ويبدأ يعرض لك أسماء معارك "بدر" و"أحد" و"الخندق".. إالخ متناسياً أنها معارك متعددة ضمن حرب واحدة هي حرب بين الحق والباطل والظلم والعدالة.
وكذلك الثورة السورية يمكنك أن تعد فيها معارك "الله غالب" و"البنيان المرصوص" و"ملحمة حلب".. إلخ لكنها معارك متعددة ضمن حرب واحدة، لكن هل الحق من يبدأ الحرب على الباطل أم الباطل هو من يُبادر للعدوان؟ الجواب واضح، ولذلك "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" ذات هؤلاء الأشخاص سيقول لك أن السلاح هو المشكلة، ثم يتحدثون معك بمصطلح مُرهف الحس هو "العنف" وكأنهم يعيشون في الأحلام ولا يدرون أن العدو عبر كل تاريخ الأمم لا يمكن أن يمنحك حقاً بالاستجداء، بل سيعمد لقهرك بقوته وسيفه المسلول، ولا مناص لك من أن تحصل على حقك بقوة سلاحك، وهكذا نشأت الأمة الإسلامية أمة قوية بذراعها وسيفها وليس باستجدائها من الآخرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الرق والجزية والغنائم.. كيف نقرأ تاريخنا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نظام الرق في الإسلام
» كتاب: الرق ماضيه وحاضره
» لماذا نقرأ التاريخ العثماني؟
» لماذا نقرأ التاريخ الأوروبي؟
»  كيف نقرأ "الجهاد" في المصادر الإسلامية؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: