تنعقد الجمعية العمومية (المؤتمر العام) للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في دورتها السادسة، ما بين السادس والحادي عشر من شهر كانون الثاني/ يناير المقبل في العاصمة القطرية (الدوحة)، حيث يشارك مئات العلماء والمفكرين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، في ظل التطورات التي تشهدها فلسطين واستمرار الحرب على قطاع غزة والضفة الغربية، والتداعيات التي تحصل في المنطقة وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأهمية هذه الدورة الجديدة للاتحاد أنها تأتي بعد التطورات التي شهدها العالم العربي والإسلامي في هذه السنة، ومنها الاتفاق الإيراني- السعودي برعاية صينية، وعودة العلاقات الطبيعية بين الدول العربية وتركيا، ومعالجة العديد من الملفات العالقة بين عدد من الدول العربية، وإن كان التطور الأهم هو معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة وعودة القضية الفلسطينية كي تكون القضية الأولى في العالم العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي، في ظل التداعيات التي تحصل على كافة الجبهات مع العدو الصهيوني وخصوصا جبهة جنوب لبنان واليمن والعراق، والتحركات الشعبية الداعمة للمقاومة في فلسطين في كافة أنحاء العالم.
والاتحاد تأسس في العام 2004 بمبادرة من العلامة الراحل الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي وبمشاركة من عدد كبير من العلماء المسلمين من مختلف الدول والمذاهب والأقطار. وقد وضع الاتحاد عددا من الأهداف والأسس التي يعمل على أساسها، وهو مفتوح لكل علماء المسلمين في المشارق والمغارب، ويعنى بالعلماء من خريجي الكليات الشرعية والأقسام الإسلامية، وكل من له عناية بعلوم الشريعة، والثقافة الإسلامية، وله فيها إنتاج معتبر، أو نشاط ملموس.
أهمية هذه الدورة الجديدة للاتحاد أنها تأتي بعد التطورات التي شهدها العالم العربي والإسلامي في هذه السنة، ومنها الاتفاق الإيراني- السعودي برعاية صينية، وعودة العلاقات الطبيعية بين الدول العربية وتركيا، ومعالجة العديد من الملفات العالقة بين عدد من الدول العربية، وإن كان التطور الأهم هو معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة وعودة القضية الفلسطينية كي تكون القضية الأولى في العالم العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي
ولهذا الاتحاد سمات وخصائص يجب أن يتصف بها، ويتميز عن غيره، يشار إليها فيما يلي:
1- الإسلامية: فهو اتحاد إسلامي خالص، يتكون من علماء مسلمين، ويعمل لخدمة القضايا الإسلامية، ويستمد من الإسلام منهجه، ويستهدي به في كل خطواته؛ وهو يمثل المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم.
2- العالمية: فهو ليس محليا ولا إقليميا، ولا عربيا ولا عجميا، ولا شرقيا ولا غربيا، بل هو يمثل المسلمين في العالم الإسلامي كله، كما يمثل الأقليات والمجموعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي.
3- الشعبية: فهو ليس مؤسسة رسمية حكومية، وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به. ولكنه لا يعادي الحكومات، بل يجتهد أن يفتح نوافذ للتعاون معها على ما فيه خير الإسلام والمسلمين.
4- الاستقلال: فهو لا يتبع دولة من الدول، ولا جماعة من الجماعات، ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته.
5- العلمية: فهو مؤسسة لعلماء الأمة، فلا غرو أن يهتم بالعلم وتعليمه وبتراثنا العلمي وإحيائه وتحقيقه ونشره.
6- الدعوية: فهو مؤسسة تُعنى بالدعوة إلى الإسلام باللسان والقلم، وكل الوسائل المعاصرة المشروعة، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ملتزمة بمنهج القرآن بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
7- الوسطية: فهو لا يجنح إلى الغلو والإفراط، ولا يميل إلى التقصير والتفريط، وإنما يتبنى المنهج الوسط للأمة الوسط، وهو منهج التوسط والاعتدال.
8- الحيوية: فلا يكتفي بمجرد اللافتات والإعلانات، بل يُعنى بالعمل والبناء، وتجنيد الكفاءات العلمية والطاقات العملية، تقودها ثلة من العلماء المشهود لهم بالفقه في الدين، والاستقامة في السلوك، والشجاعة في الحق، والاستقلال في الموقف، والحائزين على القبول بين جماهير المسلمين.
وقد نجح الاتحاد خلال السنوات العشرين الماضية في استقطاب عدد كبير من العلماء، وكان له دور كبير في مواكبة الحراك الإسلامي وقوى المقاومة، وهو الذي بادر إلى إنشاء مؤسسة القدس العالمية خلال مؤتمر حاشد في بيروت وبحضور قادة المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين. لكن الاتحاد شهد خلال السنوات العشر الأخيرة ولا سيما بعد الربيع العربي تطورات وتحديات مختلفة؛ أدت لابتعاد عدد من العلماء والمفكرين عن نشاطاته وبرزت بعض التباينات والخلافات بين أعضائه في كيفية مقاربة بعض التحديات والتطورات السياسية.
ورغم رحيل العلامة الشيخ القرضاوي قبل حوالي العام تقريبا، فقد حافظ الاتحاد على مسيرته ومؤسساته المختلفة وعقد الكثير من المؤتمرات والنشاطات لمواجهة مختلف التحديات، وخصوصا ما برز في الفترة الأخيرة من دعوات لضرب الأسرة ونشر ثقافة الشذوذ والقيم المخالفة للثقافة الإسلامية، إضافة للأزمات التي واجهت العديد من الدول العربية والإسلامية.
واليوم وعشية انعقاد المؤتمر السادس للاتحاد فهناك أولويتان كبيرتان ينبغي الاهتمام بها:
الأولوية الأولى القضية الفلسطينية، وهي التي تشغل كل العالم اليوم وتتطلب رؤية جديدة قادرة على مواكبة التطورات التي تحصل في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خصوصا؛ من حرب مدمرة ومعركة كبرى للقضاء على المقاومة، وقد فرضت هذه القضية حضورها على كل القوى العربية والإسلامية والإقليمية والدولية.
لا يمكن التعاطي مع المؤتمر العام السادس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كحدث تقليدي أو مجرد مؤتمر تنظيمي، بل هو محطة مهمة في مسيرة الاتحاد وعلى صعيد العمل الإسلامي في العالم أجمع. ومن هنا أهمية أن يكون هذا المؤتمر محطة جديدة لإعادة التأكيد على الدور الوحدوي الكبير للاتحاد، وكذلك موقعه في دعم القضية الفلسطينية
والأولوية الثانية استعادة الوحدة الإسلامية وإعادة تزخيم دور الاتحاد في المجال الوحدوي ومعالجة الإشكالات التي رافقت مسيرة الاتحاد خلال السنوات العشر الأخيرة، وهذا الملف يتطلب إعادة تقييم مسيرة الاتحاد ودراسة الأسباب التي أدت إلى الإشكالات التي أصابت مسيرته الوحدوية، وإعادة تفعيل العمل من أجل استقطاب كل العلماء والمفكرين الذين غادروا مسيرة الاتحاد، وهذا يتطلب جهدا استثنائيا ومميزا.
وهناك ملفات أخرى ستكون حاضرة في المؤتمر العام للاتحاد ومنها بعض القضايا الإدارية والتنظيمية وانتخاب رئيس جديد للاتحاد وقضايا الأسرة ومواجهة الإلحاد والهجمة على المقدسات الإسلامية.
ولا يمكن التعاطي مع المؤتمر العام السادس للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين كحدث تقليدي أو مجرد مؤتمر تنظيمي، بل هو محطة مهمة في مسيرة الاتحاد وعلى صعيد العمل الإسلامي في العالم أجمع. ومن هنا أهمية أن يكون هذا المؤتمر محطة جديدة لإعادة التأكيد على الدور الوحدوي الكبير للاتحاد، وكذلك موقعه في دعم القضية الفلسطينية كونها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية وكونها اليوم تواجه أهم تحد منذ النكبة الأولى في العام 1948.
فهل سيكون المؤتمر السادس بحجم التحديات التي يواجهها الاتحاد والأمة العربية والإسلامية؟ وهل سنشهد متغيرات جديدة في مسيرته كي يستعيد دوره الفاعل على الصعيد الوحدوي؟