الموت الطائر.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟
كاتب الموضوع
رسالة
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: الموت الطائر.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ الإثنين 20 مايو 2024, 5:07 am
الموت الطائر.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ أفادت تقارير أولية صادرة من التلفزيون الإيراني بوقوع حادث "هبوط صعب" لطائرة مروحية تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في محافظة أذربيجان الشرقية، وقال التلفزيون الإيراني إن فرق الإنقاذ تحاول الوصول إلى موقع الحادث، لكن الظروف الجوية القاسية والضباب يصعّبان من مهمة هذه الفرق.
ولذا يظل ما حدث للطائرة، التي أقلَّت الرئيس ووزير خارجيته وعددا من المسؤولين الذين كانوا على متن المروحية معه، مجهولا حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
ملكة الحوادث لا يُعد هذا هو الحادث الوحيد المتعلق بالمروحيات هذا العام، ففي 23 أبريل/نيسان الماضي اصطدمت طائرة من طراز "أغستاوستلاند إيه أو 139" بطائرة من طراز "يوروكوبتر فنك" فوق بلدة لوموت في ماليزيا خلال تدريب لعرض عسكري احتفالا بالذكرى التسعين للبحرية الملكية الماليزية، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم العشرة في الطائرتين.
في الواقع، شهد العالم منذ عام 2000 مئات الحوادث المسجلة (المعلن عنها إعلاميا) للمروحيات، هذا النوع من الحوادث منتشر حتى في الطائرات العسكرية، فمثلا أمرت إدارة الجيش الأميركي في أبريل/نيسان الماضي بمجموعة إضافية من التدريبات في جميع أنحاء القوات الجوية بعد وقوع عشرات الحوادث المؤسفة مؤخرا خصوصا، وعموما خلال عامي 2023 و2024 بحيث يساوي ما حصل في عام واحد فقط إجمالي الحوادث الشديدة التي أُبلغ عنها منذ 2016.
الكثير من تلك الحوادث كانت من الفئة "إيه"، التي تعرف بأنها حوادث تؤدي إلى خسائر في الأرواح أو خسارة معدات يبلغ مجموع ثمنها أكثر من 2.5 مليون دولار. من هذه الحوادث ما حصل في أبريل/نيسان 2023 حينما تحطمت طائرة أباتشي في ولاية ألاسكا، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وتصادمت كذلك مروحيتان من طراز بلاك هوك، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص في ولاية كنتاكي.
قطعة فنية خطيرة يدفعنا ذلك كله إلى التساؤل عن السبب في أن تلك الطائرات، حتى في الفئات العسكرية منها، أكثر عرضة للحوادث مقارنة بغيرها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلِمَ يفضلها السياسيون دون غيرها من الطائرات؟
أول الأسباب يتعلق بتعقيد الطائرة، فالمروحيات آلات معقدة للغاية، على عكس ما يمكن أن تظن، وتحتوي على العديد من الأجزاء والأنظمة المتحركة بالنسبة لبعضها بعضا، حتى إذا ما قورنت بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة. هذه الأجزاء مثل الدوار الرئيسي والدوار الخلفي وناقل الحركة وغيرها من الوصلات الميكانيكية بين جوانب الطائرة، يتطلب كلٌّ منها هندسة وصيانة ومزامنة دقيقة لضمان التشغيل الآمن والفعال، ويزيد هذا التعقيد من احتمال حدوث أعطال ميكانيكية.
أهم القطع المعقدة في المروحيات هي بلا شك الشفرات الدوارة التي تولد قوة الرفع وتسمح بالإقلاع والهبوط العمودي، وترتبط هذه الشفرات بعمود مركزي متصل بالمحرك ونظام ناقل الحركة، هذا التركيب يتطلب أنظمة تحكم متطورة للحفاظ على الاستقرار أثناء التحليق والهبوط، ولا تمتلك الطائرات ذات الأجنحة الثابتة قدرة التحليق هذه، مما يؤدي إلى تبسيط الميكانيكا الخاصة بها، وبالتبعية تتطلب صيانة أقل تكرارا.
في الواقع، إن المروحيات بطبيعتها أقل استقرارا من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، لأن الأخيرة مصممة للحفاظ على طيران مستقيم ومستوٍ، مع الحد الأدنى من مساهمة الطيار، حيث تعتمد بشكل رئيسي في انزلاقها على الديناميكا الهوائية التي يتوافق معها هيكل الطائرة بشكل طبيعي، أما المروحيات فتتطلب اهتماما وتصحيحا مستمرا من الطيار للمسار لتبقى متوازنة وتحت السيطرة.
من جانب آخر، لا تعمل محركات المروحيات لتوفير الدفع فقط (مثل الطائرات ذات الأجنحة الثابتة)، ولكن أيضا للحفاظ على دوران نظام الدوار، الأمر الذي يعقد إعدادات الطاقة في الطائرة، وبالتبعية يسهل تعطيلها، وإذا تعطل المحرك لا تتمتع المروحيات بالقدرة نفسها على الانزلاق على الهواء مثل الطائرات التي تطفو مثل المظلات في أثناء هبوطها، وهنا يجب على الطيار إجراء مناورة معقدة تسمح للشفرات الدوارة بالاستمرار في الدوران اعتمادا على الهواء لا المحرك، مما يسمح بهبوط صعب قد تتحطم الطائرة خلاله، وخاصة أن من المعروف أن عمليات الإقلاع والهبوط تعد المراحل الأكثر أهمية وتحديا في أي رحلة، ويتعقد الأمر في حالة الظروف المناخية الصعبة.
الطقس السيئ كابوس المروحيات في الواقع، أشار تحليل لحوادث المروحيات المدنية والعسكرية إلى أن قرابة 79% من حوادث هذا النوع من الطائرات كانت ذات علاقة تحديدا بحالات الارتفاع عن الأرض أو الهبوط، وخاصة في الظروف المناخية القاسية (وهو ملمح نلاحظه في حادث طائرة الرئيس الإيراني لكنه بالطبع ليس دليلا على شيء)، بل إن قرابة 40% من حوادث المروحيات المدنية والعسكرية كانت بسبب له علاقة بالطقس.
تعتمد المروحيات على الشفرات الدوارة للرفع والصعود والهبوط وضبط ميل الطائرة كما أسلفنا، مما يجعلها بطبيعتها أكثر عرضة لاضطرابات الرياح وهبوبها، لأن أي تغير مفاجئ في اتجاه الرياح أو سرعتها يمكن أن يؤثر بشكل كبير على استقرار المروحية. أضف إلى ذلك أن المروحيات غالبا ما تعمل على ارتفاعات منخفضة، وتحلق قرب الأرض أو فوق الماء، وبالتالي تتعرض لطقس أكثر تطرفا.
أما الطائرات ذات الأجنحة الثابتة فتحلق عادةً على ارتفاعات أعلى، حيث يكون الهواء أكثر استقرارا ويمكن التنبؤ بحالته. وحتى بالنسبة لمروحيات ثقيلة لها قدرة على الطيران في طقس سيئ مثل "ميل مي-171″، التي يعتقد أنها أقلت الرئيس الإيراني في هذه الرحلة، تظل مفاجآت الطقس وتغيرات الرياح مؤثرة.
إضافة إلى ذلك، يعتمد طيارو المروحيات بشكل كبير على الرؤية البصرية والوعي الظرفي أثناء الرحلة، وبالتالي يمكن أن يؤثر ضعف الرؤية بسبب المطر أو الضباب أو السحب المنخفضة بشكل كبير على قدرتهم على تشغيل الطائرة، مقارنة بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة التي تعتمد بشكل أكبر على أدوات الملاحة. كما أن المروحيات تطير بسرعات أبطأ عندما يتعلق الأمر بالسرعة الأمامية مقارنة بالطائرات ذات الأجنحة الثابتة، مما يعني أنها ستحتاج خلال الطقس السيئ إلى فترة أطول مما يعرضها للحوادث بشكل أكبر.
في الحقيقة، إن أحد أسباب كون المروحيات أكثر عرضة للحوادث هو عدم وجود مسارات طيران محددة على عكس الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، التي عادة ما تتبع مسارات طيران محددة مسبقا مثل الخطوط الجوية، أما طائرات المروحية فتتمتع بمرونة أكبر في مسارات طيرانها، تُعد هذه لا شك ميزة كبيرة تهم السياسيين خاصة، وهذا الأمر سنتحدث عنه بعد قليل.
لكن ذلك يضع على عاتقها أعباء ملاحية، حيث لا تكون دائما تحت الإشراف المباشر لمراقبة الحركة الجوية. وفي حالة الظروف المناخية يكون من الصعب تتبع المروحيات التي تعمل على ارتفاعات منخفضة وفي المناطق الحضرية، وهو في حد ذاته أمر يرفع المخاطر، فالطيران على ارتفاع منخفض يعطي القائد وقتا أقل للمناورة قبل الاصطدام بالعوائق مثل المباني والأشجار والأبراج.
يأتي ذلك في سياق عبء شديد يتحمله طيارو المروحيات بسبب الحاجة إلى إدارة أكثر من أمر في الوقت نفسه، وأثناء المناورات أو العمليات المعقدة في البيئات الصعبة مثل المناطق الحضرية أو التضاريس الجبلية أو فوق الماء أو في حالة الطقس الصعب، يمكن أن يؤدي عبء العمل الكبير إلى زيادة خطر الخطأ البشري.
أما عسكريا، فتكون المروحيات أسهل في الاستهداف لكونها أقرب للأرض، وعلى عكس المقاتلات مثلا التي تحتاج إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة، يمكن استهداف المروحيات بأسلحة مضادة للطائرات يمكن أن يشغلها شخص واحد فقط أو اثنان، مثل قذائف "سام 18″، وهي نظام دفاع صاروخي أرض-جو، روسي الصنع محمول على الكتف، ويمكنه ضرب الأهداف الجوية القريبة نسبيا، إذ يستخدم باحثا موجَّها بالأشعة تحت الحمراء للكشف عن البصمة الحرارية المنبعثة من محركات المروحيات، ويمكن لهذا النظام ضرب طائرة على مسافة 3500 متر في السماء. والواقع أن الطائرات المروحية أكثر عرضة كذلك للتشويش، كما أن لها تصدر صوتا مرتفعا ما يكشفها بسهولة، أضف لذلك أن مناوراتها محدودة، ويجعلها كل ذلك هدفا للعمليات العسكرية والاستخباراتية.
معشوقة السياسيين ورغم حوادثها الكثيرة، فإن المروحيات تظل الخيار الأقرب للسياسيين حول العالم، ففي الهند مثلا شهدت إيجارات المروحيات ارتفاعا مقداره 15-20% خلال موسم الانتخابات الأخير بعد إقبال الكثير من السياسيين عليها، يأتي ذلك لأسباب عدة، أولها يتعلق بالكفاءة الزمنية، إذ تسمح هذه الطائرات للسياسيين بالسفر بسرعة بين المواقع، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو حيث يكون النقل البري بطيئا بسبب الازدحام المروري.
إلى جانب ذلك، يمكن للمروحيات الوصول إلى الأماكن التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق البر أو وسائل النقل الأخرى، مثل المناطق الريفية أو المنكوبة، أضف إلى ذلك أن منصات هذه الطائرات يمكن أن تُبنى على أسطح المنازل أو الحقول المفتوحة.
من جانب آخر، فإن الطيران بالمروحيات يجذب الانتباه بشكل كبير مقارنة طبعا بالطائرات الأخرى التي لا تهبط إلا في المطارات وتطير على ارتفاعات عالية، ويولد ذلك تغطية إعلامية كبيرة بالتبعية، ويعطي أهمية للشخصية السياسية، ولذا فغالبا ما يستخدم السياسيون الطائرات المروحية للوصول إلى الكثير من المناطق داخل البلاد لإظهار حضورهم، وخاصة في الشؤون المتعلقة بالكوارث أو افتتاح المشاريع الجديدة. في النهاية، إن الوصول إلى مكان ما بطائرة مروحية يمكن أن ينقل إحساسا بالأهمية والحسم، مما يعزز صورة السياسي.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75881 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الموت الطائر.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ الإثنين 20 مايو 2024, 5:11 am
أبرز حوادث الطيران في إيران من 1980 إلى 2024
شهدت إيران العديد من الحوادث الجوية منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، حيث سقطت العشرات من الطائرات بين مدنية وعسكرية، ما أدى إلى مقتل المئات. ويعد سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي في 19 مايو/أيار 2024 في محافظة أذربيجان الشرقية أبرز هذه الأحداث.
وفي ما يلي جرد لأهم حوادث الطيران في إيران:
21 يونيو/حزيران 1980: سقوط طائرة من نوع بوينغ 727 تابعة للخطوط الجوية الإيرانية كانت في رحلة داخلية من مدينة مشهد إلى طهران، وقتل في الحادث 128 شخصا.
29 سبتمبر/أيلول 1981: سقوط طائرة من نوع سي 130 تابعة للجيش الإيراني، وقتل فيها 80 شخصا.
2 نوفمبر/تشرين الثاني 1986: مقتل 103 في حادث سقوط طائرة من نوع سي 130 تابعة للجيش الإيراني.
10 أكتوبر/تشرين الأول 1994: سقوط طائرة مدنية من نوع فوكر 27 كانت في رحلة داخلية من مدينة أصفهان إلى طهران، وقتل في الحادث 66 شخصا.
17 مايو/أيار 2001: سقوط طائرة من نوع ياك 40 وقتل في الحادث وزير الطرق والمواصلات الإيرانية وعدد من نواب البرلمان والمسؤولين.
12 فبراير/شباط 2002: سقوط طائرة من نوع توبولوف 154 وقتل في الحادث 119 شخصا.
19 فبراير/شباط 2003: سقوط طائرة من نوع إيليوشين ومقتل 276 من ركابها، وصنفت أخطر حادثة جوية ما بين عام 1998 و2004.
6 ديسمبر/كانون الأول 2005: سقوط طائرة عسكرية من نوع سي 130 تابعة للجيش الإيراني ومقتل 110 من ركابها، وكان على متنها عدد من الصحفيين كانوا في مهمة لتغطية مناورات عسكرية للجيش.
9 يناير/كانون الثاني 2006: سقوط طائرة من نوع فالكن 20، وقتل في الحادث قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني أحمد كاظمي وعدد من قيادات الحرس.
26 نوفمبر 2007: سقوط طائرة حربية إيرانية قرب ميناء كوناراك في خليج عمان جنوبي البلاد، وهي من طراز "فانتوم إف-4" أميركية الصنع.
14 أبريل/نيسان 2008: تحطم طائرة حربية إيرانية من طراز "سوخوي" في مطار مهر آباد الدولي بالعاصمة طهران.
17 أغسطس/آب 2010: تحطم مقاتلة إيرانية من طراز "أف 4" قرب من محطة بوشهر النووية جنوب البلاد.
9 يناير/كانون الثاني 2011: سقوط طائرة من نوع بوينغ 727 كانت متوجهة من طهران إلى أرومية في شمال غربي البلاد، ما أسفر عن مقتل 78 ونجاة 27 راكبا.
27 يناير/كانون الثاني 2012: تحطم طائرة عسكرية إيرانية قرب مدينة بوشهر، وهي من طراز أف-14 أميركية الصنع.
25 أغسطس/آب 2012: تحطم مروحية من طراز "بيل 214" غرب إيران ومقتل طاقمها المؤلف من ثلاثة أشخاص.
21 أبريل/نيسان 2013: تحطم طائرة إيرانية مقاتلة من طراز "إف 5" قرب الحدود العراقية، ومقتل طيارها ومساعده.
يوليو/تموز 2014: تحطم مقاتلة "إف-4" خلال تدريبات في جنوب البلاد، ومقتل طاقمها المكون من عسكريين اثنين.
12 يناير/كانون الثاني 2016: تحطم طائرة تدريب عسكرية إيرانية من طراز "أف 4" في محافظة سيستان بلوشستان في جنوب شرق إيران، ومقتل طيارها ومساعده.
25 مايو/أيار 2016: سقوط مقاتلة من نوع "ميغ 29" ومقتل طيارها في محافظة همدان غرب إيران.
18 فبراير/شباط 2018: مقتل 66 راكبا في تحطم طائرة إيرانية جنوب محافظة أصفهان (وسط البلاد) أثناء رحلة داخلية.
21 فبراير/شباط 2022: تحطم طائرة مقاتلة إيرانية في منطقة سكنية بمدينة تبريز شمال غرب البلاد، وقتل في الحادث ثلاثة أشخاص.
19 مايو/أيار 2024: سقوط مروحية تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين في محافظة أذربيجان الشرقية.
الموت الطائر.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟