قتل ضابطا وأصاب 16 جنديا.. مقاتلو جنين يتحدثون عن كمين مرج ابن عامر
بدا صباح الخميس في جنين مختلفا عن كل الصباحات التي تعقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدينة
ومخيمها الواقعين شمال الضفة الغربية.
فبعد ساعات من عملية عسكرية واسعة في مخيم جنين، أعلن جيش الاحتلال مقتل قائد وحدة قناصة برتبة ضابط
في تفجيرين بآليات عسكرية بسهل مرج ابن عامر، وإصابة 16 جنديا آخرين.
ولاقت العملية ترحيبا واسعا بين أهالي المخيم الذين لحقت بهم أضرار واسعة جراء التدمير المستمر لممتلكاتهم
ومنازلهم وللبنى التحتية خلال اقتحامات الاحتلال المتكررة.
وبحسب الأهالي الذين خرجوا على ساحة المخيم لتفقد آثار الدمار التي أحدثتها الجرافات العسكرية، فإن هذا
الاقتحام مختلف عن غيره بالنظر لحجم الخسائر التي ألحقتها المقاومة في صفوف جيش الاحتلال.
https://www.facebook.com/watch/?ref=embed_video&v=1249039879394869من وسط الدمار
أمام منزله وسط ساحة المخيم كان أبو شادي (52 عاما)، يتحدث مع جيرانه عن الأخبار التي يتلقاها حول كمين
نصبته عناصر من كتيبة جنين لقوات الاحتلال. وقال بصوت مسموع "بيّضوها الشباب هذه المرة.."، ويقصد
أنهم نجحوا في إيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح. فيما علّق جاره "خليهم يعرفوا أن الدخول إلى جنين ليس
سهلا، الله يحمي الشباب".
وأبو شادي ذاته تضرر منزله جراء تجريف الاحتلال للسور الخارجي المحيط به وهدم أجزاء منه، عدا عن تدمير
الشارع وساحة المخيم المقابلة له، وقطع أسلاك الكهرباء. لكن هذا لم يعد ذا أهمية لدى أهالي المخيم، الذين
اعتادوا أساليب الاحتلال في كل اقتحام، كما يقول.
ويضيف "ماذا بقي في المخيم لم يدمروه؟ دمروا الشوارع والحارات والبيوت، حتى في أيام العيد جاؤوا وجرفوا
كل شيء. تعودنا على الدمار، يحاولون معاقبتنا كأبناء المخيم، يحاولون هدمه والقضاء على المقاومين، لكن
نحن سنبقى هنا، وسنواصل دعمنا لشباب المقاومة".
وبالقرب من عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وسط مخيم جنين، يمكن مشاهدة الدمار الهائل الذي
أحدثته جرافات وآليات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت مدينة جنين ومخيمها الليلة الماضية بأعداد كبيرة،
وبدأت بتجريف الشوارع المؤدية إليه.
https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2024/06/13-1719487873.jpg?w=770&resize=770%2C513&quality=80
حفرة أحدثتها عبوة ناسفة فجّرتها كتيبة جنين في آلية عسكرية إسرائيلية بسهل مرج ابن عامر (الجزيرة)
كمين مزدوج
وبعد مرور أقل من ساعة على الاقتحام، تناقلت مجموعات الأخبار المحلية على مواقع التواصل الاجتماعي سماع
دوي انفجار كبير وسط سهل "مرج ابن عامر" الواقع إلى الشمال من مخيم جنين، ليتبين أن عبوة محلية الصنع
زرعها مقاتلون من "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)، وانفجرت
بإحدى آليات الاحتلال العسكرية.
وأظهرت مقاطع فيديو مصورة تداولها نشطاء فلسطينيون لحظة التفجير، فيما توالت الأخبار بإيقاع إصابات
مؤكدة في جنود الاحتلال. وقال شهود عيان من الأهالي أنهم شاهدوا 4 مروحيات إسرائيلية على الأقل تهبط في
موقع التفجير وتنقل جنودا مصابين.
وصباحا، اعترف جيش الاحتلال بوقوع آلياته العسكرية في كمين وسط سهل "مرج ابن عامر"، وهو الطريق
الذي تسلكه مركباته وناقلات جنوده وجرافاته العسكرية للوصول إلى المخيم عند اقتحامه.
وقال الجيش، في بيان له، إن عبوة ناسفة بحجم كبير جدا انفجرت في آلية عسكرية مصفحة، وأوقعت إصابات
بين الجنود الموجودين بداخلها. وبعد وصول عدد آخر من الجنود لإسعاف المصابين وعلى بُعد 5 أمتار من مكان
الانفجار الأول انفجرت عبوة ناسفة أخرى وأدى ذلك إلى مقتل الضابط "ألون سكاجيو"؛ وهو قائد في وحدة
القناصة بالجيش الإسرائيلي، وإصابة 16 جنديا آخرين في الانفجارين.
ووفق بيان جيش الاحتلال، فإن الكمين كان "مفاجئا بشكل كبير"، خصوصا أن القوة العسكرية الإسرائيلية التي
كانت في طريقها إلى المخيم أنجزت كافة الإجراءات التي تتخذها في العادة قبل الاقتحام وهو تمشيط الطرقات
بالجرافات لإزالة أي لغم أو عبوة مزروعة في الشوارع، ولكن لم تقابل هذه المرة في طريقها عبوة واحدة بل
عبوتين انفجرتا في الآليات العسكرية وأوقعتا "خسائر كبيرة".
https://www.facebook.com/watch/?ref=embed_video&v=2762369653927918وبحسب التحقيقات الأولية التي تحدث عنها جيش الاحتلال، فإن العبوات المتفجرة كانت مفاجئة من ناحية حجمها
الكبير ومن ناحية زراعتها على عمق 1.5 متر على أقل تقدير.
وتظهر الحفر الكبيرة التي أحدثتها العبوات الناسفة في سهل "مرج ابن عامر" ضخامة حجمها، وهو ما يؤكد
اختلافها عن طبيعة العبوات التي اعتادت "كتيبة جنين" زرعها على جوانب الطرق والشوارع في المخيم وعلى
أطرافه.
وعلى الرغم من تخوّف أهالي المخيم من عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ اقتحام موسع وكبير انتقاما
لمقتل ضابط وإصابة 16 آخرين، فإنهم يعتبرون ما حدث إنجازا كبيرا للمقاومة.
و"أساسا يقتحم الاحتلال ويدمر ويخرّب المخيم باستمرار، لم يتركوا شيئا على حاله، وهم لا يحتاجون لسبب
لدخول المخيم وقلبه رأسا على عقب.. الكمين إنجاز كبير للكتيبة وشبابها، ونتمنى أن يستمر ويتطور وأن تحدث
الكتيبة إصابات موجعة أكثر في صفوف الجنود في كل مرة"، يقول أحمد السعدي؛ أحد سكان مخيم جنين
للجزيرة نت والذي خرج ليتفقد آثار الدمار حول منزله.
https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2024/06/ll-1719486925.jpg?w=770&resize=770%2C513&quality=80
تفجير عبوتين ناسفتين في "كمين مزدوج" لكتيبة جنين أسفر عن مقتل ضابط وإصابة 16 جنديا إسرائيليا
تطور أداء الكتيبة
ويقول ابن المخيم أيضا عثمان خليل، إن جنين هي الصورة الأخرى لغزة بمقاوميها وصمودهم ومحاولاتهم
المستمرة لتطوير أساليب القتال التي يستخدمونها لمواجهة الاحتلال.
ويضيف للجزيرة نت "هذا الدمار نشاهد مثله تماما في غزة، وهذا الصمود من شباب المقاومة نراه في
المقاومين في غزة، بفضل الله الكتيبة تحاول دائما أن تطور نفسها، لمقاومة هذا الاحتلال الغاشم".
وفي هذه الأثناء، توزع عدد من مقاتلي "كتيبة جنين" على مداخل المخيم وفي أزقته لرصد ومراقبة أي تحركات
لقوات خاصة أو لجنود الاحتلال لمعاودة الاقتحام بعد كمين سهل "مرج ابن عامر".
وتحدثت الجزيرة نت مع المقاتل "ن.ص" من كتيبة جنين، بينما كان في جولة لتفقد الحواجز التي تنشرها
الكتيبة على مداخل المخيم منعا لدخول سيارات "مشبوهة" قد تقلّ قوات خاصة إسرائيلية.
وقال إن الكتيبة تحاول بكل جهدها تطوير أساليب المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد إدراك
المقاتلين أن الأسلحة الرشاشة لم تعد تكفي لإيقاع خسائر في الجنود المتحصنين بالآليات المصفحة، "لذا طورت
الكتيبة العبوات الناسفة المصنعة محليًّا وطريقة تفجيرها وزرعها".
وأضاف "جيش الاحتلال يشعر بالصدمة لأنه حتى الآن لا يعرف إن كانت العبوات الأخيرة انفجرت عن طريق
أسلاك أو بطريقة إلكترونية، ونحن في الكتيبة لن نشرح كيف فجّرناها حتى نبقيه في صدمته وحيرته، ولكن
بفضل الله العبوات يتم تطويرها لإيقاع أكبر الخسائر في جنود الاحتلال ونحن نعدهم أن هذه البداية فقط".
فيما أكد مقاتل آخر يدعى "ص.د" للجزيرة نت، أن عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل بحق المقاومين
جعلت انضمام الشباب للكتيبة يزداد؛ فكل شهيد من المقاتلين يتبعه انضمام 3 شباب آخرين لصفوف "
المجاهدين"، وهؤلاء "أكثر خبرة في الاشتباك والتصدي وتجهيز المتفجرات".
وأضاف" الشباب يشعرون أنه لا يوجد شيء ليخسروه بعد كل ما أحدثته إسرائيل في جنين وغزة وباقي مخيمات
الضفة، الكل يؤمن أن المقاومة هي الحل".
وبإعلانه مقتل ضابط من وحدة القنص في جيش الاحتلال الإسرائيلي وإصابة 16 جنديا آخرين، تكون هذه المرة
الأولى التي يعترف فيها الجيش الإسرائيلي بوقوع هذه الخسائر في صفوفه بشمال الضفة الغربية منذ 22 عاما،
أي منذ اجتياح جنين الشهير عام 2002.]
مقتل قائد فرقة قناصة إسرائيلي وإصابة 16 باشتباكات مع المقاومة في جنين
أفاد الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس بمقتل قائد فرقة قناصة وإصابة 16 جنديا بجروح متفاوتة في انفجار
عبوتين خلال اقتحام مدينة ومخيم جنين بالضفة الغربية الليلة الماضية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن العبوة الناسفة الأولى انفجرت في مدرعة من نوع الفهد وكان فيها طاقم طبي
عسكري، مشيرة إلى أن الضابط الذي قتل في جنين كان ضمن قوة وصلت لتخليص القوة الأولى التي أصيبت
بعبوة ناسفة.
وأضافت الإذاعة أن تحقيقات الجيش الأولية تشير إلى أن العبوتين كبيرتان جدا تم زرعهما على عمق متر
ونصف، دون معرفة كيفية تفجير العبوتين.
وخلال ساعات الليل، وقعت اشتباكات عنيفة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال في جنين، كما فجرت
المقاومة عبوات ناسفة في آليات عسكرية إسرائيلية.
وأعلنت كل من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس الجناح
العسكري لحركة الجهاد الإسلامي (كتيبة جنين) خوض مقاتلي الكتيبة اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال، حيث
أطلق الرصاص عليهم، حسب بيان للقسام وسرايا القدس.
وأظهر فيديو متداول نقل قوات الاحتلال المصابين في تفجير عبوة بالقوات الإسرائيلية في سهل مرج ابن عامر
شمال جنين.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن مصادر أمنية أن قوات خاصة إسرائيلية اعتقلت الأسيرين المحررين جمال
حويل وجمال زبيدي عبد الغني (أبو الهيجا) عند مدخل مخيم جنين.
https://x.com/i/status/1806169872239309231اقتحامات متفرقة
كما نفذ الجيش الإسرائيلي -ساعات الفجر الأولى اليوم الخميس- اقتحامات لعدد من البلدات في محافظات قلقيلية
(شمال) وبيت لحم والخليل (جنوب) ورام الله (وسط) قبل أن ينسحب منها لاحقا، وفق شهود عيان.
واقتحمت قوات الاحتلال -بالأمس- بلدة العيساوية شمالي القدس، وأفاد مراسل الجزيرة بأن دوريات قوات
الاحتلال أطلقت قنابل صوتية وقنابل غاز تجاه المواطنين والمنازل، وانتشرت في عدد من شوارع البلدة.
وجنوب الخليل، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي 7 غرف سكنية، ووحدات صحية، وغرفة خاصة بمولد
الكهرباء، في قرية "أم الخير" بمسافر يطا.
من ناحية أخرى، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن شهود عيان قولهم إن مستوطنين اقتحموا المسجد
الأقصى على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية.
ووفق الشهود، فرضت شرطة الاحتلال قيودا على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، وشددت من إجراءاتها
العسكرية على أبواب البلدة القديمة التي حولتها إلى ثكنة عسكرية، حيث انتشر مئات من عناصر شرطة الاحتلال
على مسافات متقاربة، خصوصا عند بوابات الأقصى المبارك.
وبالتزامن مع حربه المدمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسع جيش الاحتلال
الإسرائيلي من اقتحاماته وعملياته بالضفة مخلفا حتى الأربعاء 553 شهيدا فلسطينيا، بينهم 133 طفلا، إضافة
إلى نحو 5200 جريح، وفق معطيات وزارة الصحة.
في حين خلفت تلك الحرب، التي تحظى بدعم أميركي مطلق، أكثر من 124 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح،
معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.