ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: تعذيب الأطفال لأجل العلم.. التاريخ المظلم لعلم النفس وتجاربه غير الأخلاقية الإثنين 01 يوليو 2024, 4:36 pm | |
| - اقتباس :
"لقد أدركنا كيف يمكن للناس العاديين أن يتحولوا بسهولة من الدكتور جيكل الطيب إلى السيد هايد الشرير". زيمباردو طبيب نفسي شهير في الممرات المظلمة والضيقة في مختبرات جامعة ستانفورد، تحرك المتطوعان، مايكل وجون (وهما اسمان مستعاران)، حيث صمم فريق بحثي سجنًا مؤقتًا لدراسة تأثير العوامل النفسية والظرفية في السلوك. وجد المتطوعان نفسيهما في مواجهة حقيقة مقلقة، فالتجربة التي شاركا فيها بخليط من الفضول الأكاديمي والمنفعة المادية، تحولت إلى أكثر كثيرًا من مجرد تجربة معملية. فمع مرور الساعات، بدأت شخصية جون، الذي عُين في التجربة حارسًا، في الانفصال تمامًا عن ذاته التي يعرفها سمحة القياد. مسلحًا بزيه الرسمي، ونظارته الشمسية العاكسة، والسلطة الممنوحة له، بدأ جون تبنّي نمط سلطوي في التعامل، ليجبر المتطوعين الذين أُعطوا أدوار السجناء، ومنهم مايكل، على الالتزام بقواعد تعسفية، وليمارس عليهم ألاعيب نفسية عدة. فوجئ جون بالسرعة والسهولة التي تحول بها إلى طاغية!أما مايكل، فعلى الناحية الأخرى، فقد نُزعت منه إنسانيته، وأُعطي رقمًا يُنادى به بدلًا من اسمه، وهو ما أثر في نفسيته رغم علمه بأنه في تجربة علمية سيحصل منها على مقابل مادي. فكر في الاستسلام، وفكر في الاستقالة، وفكر أيضًا في المقاومة، لكن شيئًا ما دفع مايكل إلى الاستمرار في التجربة. اختفى الخط الفاصل بين سلوكه المحكوم بالتجربة، وحالته النفسية الحقيقية، فأصبح نومه مليئًا بالكوابيس، وصار تعامله اليومي مع المتطوعين الحراس بمثابة معركة نفسية مستمرة.اقرأ أيضاlist of 2 itemslist 1 of 2 list 2 of 2 end of listبعد مرور ستة أيام فقط، ومع تصاعد التوتر بين الحراس والمسجونين إلى درجة كبيرة، وازدياد الضغط النفسي على السجناء إلى حد مأساوي، قرر عالم النفس الذي صمم التجربة، فيليب زيمباردو، إيقافها، وهي التي كان مقررًا لها الاستمرار أسبوعين كاملين. يقول الطبيب زيمباردو: "عندما بلغت التجربة هذه الدرجة، قلت له: اسمع! أنت لست السجين رقم 819، اسمك مايكل! وأنا الدكتور زيمباردو، لست مشرفًا مسؤولًا عن السجن، أنا أستاذ في علم النفس، وهذا ليس سجنًا حقيقيًّا! كل ما تراه الآن مجرد تجربة، وكل هؤلاء طلاب مشاركون، ليسوا سجناء وليسوا حراسًا، مثلك تمامًا. هيا بنا، لنذهب من هنا!".لدهشة زيمباردو، توقف مايكل عن البكاء فجأة، ونظر إليه كطفل صغير استيقظ لتوه من كابوس، وأجاب في هدوء: حسنًا، لنذهب!".بهذه الكلمات، انتهت تجربة من أشهر التجارب في علم النفس، أصبحت لاحقًا تُعرَف باسم تجربة سجن ستانفورد، وسنعود إليها بالتفصيل في ختام هذا التقرير.تجربة سجن ستانفورد قد تكون استثنائية في شهرتها، لكن منطقها ليس استثنائيًّا. فغالبًا ما يُجري علماء النفس تجاربهم بهدف تحقيق فهم أفضل وأعمق للنفس البشرية، لكن ذلك لا يعني أن هذه الغاية النبيلة تجعل كل التجارب نبيلة؛ إذ قد يتورط بعض الباحثين في إجراء أبحاث بالغة القسوة، رُبما تُسبب أضرارًا بالغة للأشخاص الذين أُجريت عليهم هذه التجارب والاختبارات. يمكنك من خلال متابعة السطور التالية التعرف على بعض من أكثر التجارب النفسية التي وصفت بكونها غير أخلاقية أو تضمنت انتهاكات إنسانية.علم النفس: حين يكون الإنسان فأر تجاربيفتح نموذج التجريب النفسي على البشر بابا واسعا لنقد نموذج العلم في الفكر الغربي. وأساس هذا التجريب بحسب ما يرى المفكر عبد الوهاب المسيري بدأ على الحيوانات التي كانت تُعرَّض لاختبارات معملية لاستخلاص بعض النتائج والدلالات من قبل علماء النفس على غرار ما فعل العالم الروسي بافلوف في تجربة نظرية الارتباط الشرطي، ومن ثَمّ يُتصوَّر أن تلك التجارب قابلة للتكرار، وأنها يمكن أن تنطبق على البشر وأن تعطي نتائج أفضل. تم إخضاع الإنسان لنماذج مادية في التجريب السيكولوجي لا تلتفت إلى كرامته ولا إلى القداسة الدينية التي تُحرّم العبث بعقله وروحه لحسابات رؤية كمية بحتة، واندفعت اتجاهات كثيرة من العلوم الإنسانية الغربية في هذا الطريق المظلم دون اكتراث، أطمعتها في ذلك النجاحات المعملية في العلوم الطبيعية، والمجد العلمي لبعض الأطباء.لكن مع الوقت، بدأت تظهر بشاعة هذه المنظومة، ولا سيما مع الأنظمة الشمولية، فمثلًا يذكر المسيري في كتابه "العالم من منظور غربي"، كيف قام علماء الرايخ الثالث خلال الحرب العالمية الثانية وقبلها بتجارب شديدة القسوة، مثل إجراء عمليات استئصال بدون تخدير، أو تجربة الرصاص على البشر من أجل معرفة فعاليته، أو تعذيب التوائم في غرف منفصلة، أو وضع شخص في غرفة مفرغة من الهواء لمعرفة المدة التي يستطيع الإنسان البقاء فيها حيًّا على ارتفاعات عالية أو بلا أوكسجين. ارتباط هذه التجارب باللحظة النازية، وغيرها من التجارب في البلدان الليبرالية، والبشر الذين كان يتم التجريب عليهم وما ترتب على ذلك من مآس، كل ذلك جعل المجتمع العلمي يعيد التفكير في الأخلاقيات المصاحبة للعملية التجريبية. حيث اتجهت الجماعة العلمية النفسية الغربية، إلى ضرورة وضع بعض المبادئ لتخفيف وجع الضمير، وتطويق ردّ الرأي العام. فقد اتفق المجتمع العلمي على وجوب الالتزام بالمبادئ الأخلاقية أثناء إجراء التجارب والبحوث، خاصة تلك التي تُجرى على البشر، من أجل حماية كرامة وحقوق المشاركين في البحث.مثلًا، من المحددات الأخلاقية التي يجب ألا تُخترق، ما يُترجم بالموافقة المستنيرة Informed Consent. ويتضمن هذا النوع من الموافقة الواعية أن يكون الشخص كامل الأهلية وأن يعرف تمامًا ما هو مقدم عليه بلا خداع ولا مواربة وأن يقبل المشاركة بناء على هذه المعلومات الصادقة والدقيقة التي قُدّمت له والتي فهمها بشكل كامل.من المحددات الأخلاقية أيضًا حماية المشاركين؛ فلا يجوز تعريض الصحة البدنية أو العقلية للمشاركين في التجربة للخطر أو عدم التمكن من حمايتهم إذا ساءت الأمور. كذلك، يجب حماية حق المشاركين في الانسحاب؛ فبإمكان المشارك أن يعلن عن عدم قدرته على الاستمرار في التجربة، ويجب أن يحترم الباحث هذا دون إجبار أو إرغام بأي درجة.والحقيقة أن التجريب على الإنسان في المعامل النفسية يظل في أغلبه عملا غير أخلاقي، ولا سيما تلك التجارب التي تتلاعب بعواطفه ونظرته إلى نفسه ومحيطه، حتى لو حظيت التجربة بموافقة المتبرع، حيث إن الإنسان في النموذج الإسلامي مستأمن على نفسه يتصرف فيها وفق تعليمات الخالق وليس مطلق السراح في العبث بما اؤتُمن عليه، بيد أن هذا المنظور لم يكن مرحبا به في المنظومة المادية العلمية، لأنه سيعطل الجانب الاستكشافي التراكمي، ويقيده بشرائط أخلاقية لا تمثل لهم قيما عليا؛ لذا حاولت وضع ضوابط محدودة ونظمًا حاكمة تقيد التجريب على الإنسان؛ فإذا كانت النازية تجرب بلا قلب، فإن الغرب الليبرالي يجرب وفق شروط تحاول تخدير القلب والضمير.(الجزيرة) تجربة علمية للتحقّق من إمكانية إلحاق البشر الأذى بعضهم ببعض!منذ ما يزيد على 63 عامًا من وقتنا هذا، وتحديدًا في عام 1961، وفي الطابق السفلي من مبنى الحرم الجامعي بجامعة ييل، أُجرِيت تجارب أثارت الكثير من الجدل لاحقًا في مجتمع البحث العلمي. حيث بدأ عالم النفس ستانلي ميلجرام، إجراء عدد من التجارب التي تسببت في لغط وقلق داخل المجتمع الأميركي.خلال تجاربه، قام ميلجرام بتجنيد رجال من خلفيات تعليمية ومهنية مختلفة لدراسة مدى استعدادهم لإلحاق الألم بغيرهم من البشر من خلال إدارة وتوجيه الصدمات الكهربائية المؤلمة. كان ميلجرام يحاول بشكل أساسي هنا دراسة مدى استعداد البعض لطاعة السلطة، خاصةً في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وما تضمنته من انتهاكات للإنسانية مثل المحارق النازية.قامت التجربة في البدء على معلم لديه طالب واحد، وطلب المجرب من المعلم الضغط على زر يُعرِّض الطالب إلى صدمة كهربائية عقابًا له في كل مرة يُخطئ فيها في اختيار الإجابة الصحيحة. هنا، تم تضليل المعلم؛ لأنه كان يعتقد أن الجهاز الذي بين يديه يُصدر صدمات كهربائية حقيقية، وأن ردود الطالب القائمة على إظهار الألم الشديد هي ردود حقيقية. لكن الواقع، هو أن الطالب كان يصدر ردودًا مفتعلة لأن الصدمات لم تكن حقيقية أصلًا. كان المعلم يعتقد أن الصدمات تبدأ عند 30 فولتًا وتزداد بمقدار 15 فولتًا مع كل إجابة خاطئة حتى تصل إلى 450 فولتًا.في كل مرة يُخطئ فيها الطالب، يطلب القائم على التجربة من المعلم أن يصدمه. ومع زيادة حدة الصدمات الكهربائية، كانت تتعالى صرخات الطالب. وحينما كان المعلم يتردد في توجيه الصدمة، كان المجرب، الذي يمثل هنا الشخصية صاحبة السلطة، يطلب منه المضي قدمًا. فيقول مثلًا: "من الضروري للغاية أن تستمر" أو "ليس لديك خيار آخر. يجب أن تستمر".كشفت النتائج التي توصل إليها ميلجرام عن الاستعداد التام لدى عدد من المشاركين في التجربة للانصياع للسلطة حتى لو بدت تعطي أوامر تمثيلية غير حقيقية، على غرار ما فعل الطالب الذي كان يتظاهر بالألم والصراخ بطلب الرحمة من أثر الصدمة الوهمية. وقد لوحظ أن الطرف الآخر، أبدى قدرا من الاضطراب والذهول والغضب من المجرب الذي يملي عليهم أوامر بالاستمرار، إلا أنهم استمروا في اتباع الأوامر حتى النهاية. فقد قام 65% من المشاركين في الدراسة بتنفيذ الحد الأقصى من الصدمات، وتوقف 35% قبل الوصول إلى أعلى المستويات.توصلت تجارب مليجرام إلى نتائج هامة -رغم كونها صادمة- أبرزها تجذر الامتثالية لطلبات السلطة عند بعض الناس ولو أخذت طابع الأوامر المنحرفة. لكن من جهة أخرى أثارت الكثير من الجدل حول مدى مراعاتها للجانب الأخلاقي في إجرائها، وتعاملها مع البشر كأدوات باردة، والسماح بتعريض المشاركين لضغوط نفسية وعاطفية كبيرة، واستخدام الخداع، وعدم وجود حماية للمشاركين، والضغط من جانب المجرب على المشاركين للاستمرار حتى بعد طلب بعضهم التوقف، وهو أمر يتعارض بشكل رئيسي مع حق المشاركين في الانسحاب. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: تعذيب الأطفال لأجل العلم.. التاريخ المظلم لعلم النفس وتجاربه غير الأخلاقية الإثنين 01 يوليو 2024, 4:36 pm | |
| |
|