عندما تطير النسور بلا اجنحة
نسور بلادنا تُحلّق عاليا بلا اجنحة،
اجنحتها من نور حوّلتها إلى منجنيقات تُدافع عن اعشاشها وعن صغارها من سطوة الغربان السود،
غربانٌ غريبة لملموها من كل بقاع الارض وحذفوها علينا دون استئذان ولا حتى سؤال،
سرقت الغربان السود ارض اجدادنا ومياهنا "ونخرت" في مسامات هوائنا،
تمدّدت الغربان السود وهيمنت بالحديد والنار والمُداهنة على اراضينا من سواحل البحر الابيض المتوسط إلى أغوار نهر الاردن والبحر الميت، إلى ام الرشراش في اقصى الجنوب،
وقصتنا اصبحت "حدوثة" طويلة وحكاية ورواية مع الجنوب ومع الشمال، مع الغرب ومع الشرق،
ذوو العيون الزرق والشعر الاشقر والجلدة البيضاء من الشمال يدعمون الغربان السود ويُزودونهم بمزيدٍ من المخالب والانياب،
يُزودونهم بحديدٍ طائر باجنحة ثابتة، يُلقي علينا الحمم والنار والدمار، ويُحيل ارضنا إلى خراب،
واستمر الحال على هذا المنوال لاعوام واعوام طوال،
جاءت ازمان وذهبت ازمان وتمنطقت نسورنا بالكوفيّة وعلّت البنيان،
وذهبت ازمان وجاءت ازمان اشتدت فيها غطرسة الغربان السود وتفرّق الخلان،
لكن النسور انتفضت وحوّلت اجنحتها إلى منجنيقات وامتطت الخيل والفرس والحصان،
عبرت الحدود، حدود قسمي البلاد المقسّمة عنوة وقسرا، وعانقت الاوطان،
اثخنت الغربان السود بالجراح ودفعتها للإختباء وراء الكثبان،
فجن جنون كبير الغربان السود وتوعّد بالقتل والتدمير وللنسور الخسران،
فهبّت نسائم الجنوب من الجنوب ومن اقصى الجنوب وباب المندب تحمل المدد وتشدّ من ازر النسور المنغرسين بين اشجار البرتقال والليمون والنخيل يصدّون كالجبال الشامخة العُدوان،
تكاثرت النسور من الجنوب ومن جنوب الجنوب وانبت ريش اجنحتها براعم العزة والكرامة ورُجمٍ من الممنجنيقات، تحلّق بجنحان.