هذا بصائر.. طوفان التحول الاستراتيجي
منذ السابع من أكتوبر , والعالم في حالة من الذهول , وتساؤلات يحاول البعض أن يجيب عليها من خلال معطيات الواقع , ولكن الجميع في شك مما يذهبون إليه , وحالة من الترقب غير المسبوق تستحوذ على المشهد برمته , أما على الأرض فالمشهد يتلخص بإجرام صهيوني حاقد مرعوب وغير مسيطر عليه, يقابله صمود وتضحية وصبر تنوء به الجبال , ولا يجد أحد تفسيرا ماديا له , يرافق هذا المشهد الرئيسي تخاذل عربي واسلامي ودولي غير مبرر ولا يمكن فهمه , وتعاطف من الأبعدين تفوق على تعاطف الأقربين , وفي باطن المشهد يزداد الاحتقان ويتراكم القهر والشعور بالعجز , حتى يوشك أن يتحول إلى طوفان آخر من نوع مختلف , وينذر بتحولات كبرى غير مسبوقة للمشهد العالمي برمته.
أنت لا تستطيع أن تجد رابطا معقولا بين أحداث غزة والانتخابات التي جرت في أوروبا , او تلك التي ستجري في أمريكا أو أي مكان آخر , كما لا يمكنك أن تخضع المشهد لتفسير عقلاني خاصة فيما يتعلق بتظاهرة تحدث في اليابان مثلا أو في أي مكان آخر من العالم , سوى الحديث عن النزعة الإنسانية أو التعاطف مع المظلوم , وهذا لا يكفي لتفسير هذا الحراك العالمي الذي لم يسبق له مثيل.
إن تحدي الكيان الصهيوني الوقح للمنظومة الدولية وقوانينها الناظمة , والكشف عن الوجه الحقيقي للصهيونية الدموية التي تنطلق من رؤى تلمودية تحمل في طياتها الحقد الأسود على الآخر , ولا تخجل أن تتحدث عن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بكل هذه الصفاقة , بل وتذهب بالتهديد باستخدام القوة النووية المحرمة ضد بقعة صغيرة محاصرة , وفئة محدودة من البشر لا يتجاوزون بضعة آلاف بتسليح خفيف متواضع , إن هذا الصلف لا يمكن أن يمارسه ذو عقل وبصيرة بالعواقب , وظاهر الأمر أنه جنون مطبق لا أمل في البرء منه.ولا يمكن تفسيره بمعطيات الواقع المنظور.
الاعجب في المشهد أن أوراقا كثيرة كشفت , ومواقف كثيرة فضحت , وأنظمة عديدة أصيبت بالذهول من المشهد , وحيرة طاغية في تخيل نهاية واضحة لهذا الطوفان الذي لا تبدو ملامحه ظاهرة كما هو حال المشاهد المألوفة للبشر.
كيف يمكن أن يكون هذا الطوفان نهاية المشروع الصهيوني , وكيف ستتساقط أفرع هذا المشروع وحامياته التي أنشئت للدفاع عنه , وما هو البديل القادم , وكيف سيتولد من رحم هذه المآسي والمجازر .
هذا ما ستجيب علية الأيام القادمة , ولكن الذي يرى النتيجة هو من ينظر بنور البصيرة لا بنور البصر, ولله في كونه شؤون.