الأردن في دائرة التهديد
يعلم كل ذي بصيرة أن اليهود إذا قالوا كلمة ترجموها واقعا على الأرض، وقد هددوا غزة ثم لبنان فطبقوا تهديدهم، ولئلا يصطبغ كلامهم بصبغة رسمية أطلقوه هذه المرة على لسان رجل أعمال مقرب من النتن، الذي قال إن الدور بعد لبنان على الأردن. إنه مضي في تطبيق خطة الشرق الأوسط الجديد وصولا بنفوذ اليهود إلى المدينة المنورة، إذن فلا بدّ من تطويع الطريق الموصل إليها، والسؤال المفصلي: هل نحن جاهزون؟
هل يخدم المرحلةَ شتمُ المقاومة والتثريب عليها؟
هل يخدم المرحلةَ مخالفةُ الفعل للقول على الأرض؟
هل يخدم المرحلةَ استعمالُ بعض كُتّاب التدخّل السريع للتشكيك بطيف سياسي عمره من عمر الأردن،ومحاولة استعداء الشارع عليه؟
إن تهديد الأردن بالضرب هو تهديد حقيقي جدّي من قِبَل عدوّ قد يطمئنّ لتوجّه سياسي دون غيره في بلادنا لكنه عند الجدّ يستهدف الأرض وما عليها ومن عليها دون تمييز بين حسن وقبيح في نظره قبل ذلك، فحالة الهدوء عنده لها أحكام تختلف عنها أحكام حالة الصخب العسكريّ بصواريخه النافذة ودباباته حين لا يقابلها سواعدُ تحمل ياسين ١٠٥ ولا هِممٌ تشعل التاندوم.
إن التوافق والاتحاد وفهم طبيعة الصراع هي أهم خطوات الاستعداد لمواجهة عدوّ يكفيه مبرّرٌ لضرب أي هدف أن يكون في جوار عدوّ له يريد الخلاص منه، فيعمى عن أي اعتبار في سبيل ذلك.
وعلى الأمة أن تنسى الاستغاثة بالمؤسسات الدولية مهما اختلفت أسماؤها وعناوينها، فمنها العاجز عن لجم الثور الهائج ومنها المتواطئ مع هذا الثور فيفسح له الطريق ويُصِمّ آذانه عن سماع أي استجارة أو استغاثة.
لسنا عاجزين عن مقارعة هذا العدو اللئيم، فجنود جيشنا أشاوس عند الطلب، وهم أصحاب قضية لا شذاذ آفاق كجنود عدوهم، وهم مجرّبون في الكرامة وقبلها عدة مرات، وما يحتاجونه هو الإرادة العسكرية الجمعية، والإسناد الشعبي، وعلى ولاة أمورنا أن يحيوا فكرة الجيش الشعبي لتدريب المواطنين وتأهيل قدراتهم النفسية والجسدية، فإذا فُتِحت أطول حدود بين العرب واليهود لعشاق فداء وطنهم بأرواحهم لبلوغ الشهادة فإن العدو الجبان لن بثبت أمام جموع الأردنيين الهادرة، وعندها يُرشّح الأردن لقيادة مشروع إنهاء الاحتلال، ففلسطين تحرّر من خارجها بهمّة أشاوس لا ينتظرون أوامر حتى يقال: ماكو أوامر، ولا يحتاجون مزيد سلاح حين تكون أجسامهم هي القنابل التي تنفجر في وجه العدوّ فترديه، وأهم ما يجب أن ينتبه له المواطن هو عدم الاستماع للأبواق الناعقة التي تخوّف الناس من المواجهة بدعوى خشيتها على مصير الأردن، فلن يشكل الخطر القاتل على أردننا سوى الداعين إلى القعود والاستسلام للأمر الواقع، المخوّفين مما حصل لغزة وأهلها،فالقياس هنا مع الفارق، فشتان بين حدود غزة وحدودنا، ومحدودية قدرات غزة واستطالة قدرات الشعوب العربية التي لن تترك الشعب الأردني فريسة لعدوه إذا حمّ الخطب بعيدا عن إرادة الأنظمة وتخطيطها.
لا بدّ من ساعة المواجهة، ولا بدّ أن تكون الأمة كلها في الميدان نظاما وحكومة وطبقة نخبوية وعمالا وطلابا ذكورا وإناثا شيبا وشبابا، فالقضية مصيرية لا تقبل المناقشة ولا تخضع لهوى، فإما أن نكون أو لا نكون.