صهاينة الجوار
ها هو الغرب كلّه ينجرف نحو اليمين واليمين الفاشي. ها نحن في عين الإعصار الجيوسياسي. ها هو عدوّنا يعود منكشفاً لأصله الوجودي: لا قيمة له إلا مخلباً للاستعمار: لا حماية له إلا بقوة صانع المخلب.
وها هم صهاينة الجوار، يتمنون زوال حياتنا العديدة والعنيدة، كي يرتاحوا من الصداع الفلسطيني، راقدين تحت سيدهم التلأبيبي بلا ضجة، بعيداً عن أي توبيخ.
ها هو الكاتب يجلس، وقد تسمّم بجميع النهار، ليكتب في الليل. تمتد الاضطرابات إلى ما هو أبعد من الصفحة. ينظر هو نحو الجهات الست، ويتمنى لو تلاشى كما يتلاشى بخار طبخة استوت.
ها هي أنتويرب أكثر من مجرد أرجل متعبة: إنها عماء الكائن. قبلها كان هذا مشّاء وأحياناً عدّاء مسافات ليست قليلة.
قبلها، وحتى في منطقة بروخم التابعة لها، كان يعمل في جني التفاح والإجاص، على طول مساحات شاسعة من الحقول والبيّارات، ولا يخذله جسده الستيني.
اليوم غدت أنتويرب عنده مدينة انتظار للموت. ومع هذا، ثمة زهور ومديح وتحيات لكل ساعة نوم، وسط المقتلة.
ها هو الشاعر فرِح أنه لا يزال حيّاً وله القدرة شبه السلسة على التنفس. ها هو الغريب يكشف صدره لله، ليتبادل معه المحبة.