منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

  المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة Empty
مُساهمةموضوع: المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة     المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة Emptyالإثنين 07 أكتوبر 2024, 8:48 am

المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة
يشكل مفهوم المذهبية الدينية Sectarianism ا[2] توصيفاً لانتماء الفرد لـ”ثقافة فرعية دينية” 


في إطار الانتماء إلى دين معيّن، وهو ما يترتب عليه “هوية” ثقافية وسياسية واجتماعية تميزه عن 


غيره داخل الجماعة الدينية الكبرى نفسها، وتكاد هذه الظاهرة، المذهبية، أن تشكل قاسماً مشتركاً 


بين كافة الأديان، بل إن المذهبية الدينية الواحدة قد تتجزأ إلى هويات فرعية، وقد تتصارع أحياناً فيما 


بينها وبضراوة أشد من صراعها مع من هو خارجها، ويميل قدر من الباحثين إلى حصر أسباب 


الحروب الداخلية في الأديان، بين المذاهب، في عاملين هما: تباين المنظومة المعرفية في فهم النص 


الديني بحكم المستوى الفكري، وبحكم الإرث الثقافي الموروث قبل الانتماء الجمعي لدين معين من 


ناحية، أو نتيجة توظيف النخب في كل مذهب للتباين لتوسيع دائرة نفوذ هذه النخب استناداً لمتغيرات 


داخلية، سياسية أو اجتماعية، في المجتمع الديني أو متغيرات خارجية خصوصاً من المجتمعات 


المغايرة من ناحية ثانية.[3]


وتدلّ المؤشرات الكمية في هذا الجانب على وجود أكثر من عشرة آلاف هوية دينية فرعية في العالم، 


إلا أن المنتمين “لأغلب” هذه الهويات الفرعية لا يشكلون نسبة مهمة من عدد سكان العالم، بينما 


تتمركز الكتلة السكانية الأكبر في الهويات الفرعية في الأديان الكبرى التي تمثل نحو 77% من 


سكان العالم؛ المسيحية 31%، والإسلام 24%، والهندوسية 15%، والبوذية 7%، بينما يتوزع 


الباقي على أديان كثيرة مثل اليهودية، أو أديان فولكلورية أو تقليدية مثل الطاوية، والسيخية، 


والشنتوية، والزرادشتية…إلخ، إلى جانب 16% من سكان العالم لا ينتمون لدين محدد؛ ملحدون 


Atheist، أو لا أدريون Agnostic، أو يؤمنون بوجود الله دون ربط ذلك بدين معين كبعض 


العرفانيين Gnostic…إلخ، ذلك يعني أن ظاهرة المذهبية الدينية ليست حكراً على منطقة أو دين أو 


إقليم معيّن، كما أن نظرية التجزؤ الهرمي Pyramidal-segmentary تفسر تأثير تداخل 


الولاءات الفرعية على تنازع الأولويات بين النسق المذهبي والنسق القومي أو اللغوي أو الديني…


إلخ،[4] ناهيك عن أن هناك 43 دولة حالياً تنصّ على دين الدولة أو مذهبها الديني؛[5] هناك 27 


دولة تحدد الإسلام ديناً للدولة، و13 تحدد المسيحية، ودولتان البوذية، وهناك 9 دول مسيحية 


أوروبية تحدد “المذهب” الديني للدولة…إلخ.[6]


ومع أن نسبة الحروب الدينية inter-religious في التاريخ الإنساني المدون تصل إلى 6.98% 


من مجموع الحروب؛ 123 حرباً دينية من مجموع 1,763حرباً في التاريخ الإنساني المدوَّن،[7] 


فإن عدد الحروب الدينية الداخلية بين مذاهب الدين نفسه Intra- religious تمثل ملمحاً مركزياً 


في إطار الحروب الدينية، فالتنازع بين الطوائف المسيحية خصوصاً بعد ما سمي الانقسام العظيم 


Great Schism بين الأرثذوكس والكاثوليك ثم بين الكاثوليك والبروتستانت حول دور الكنيسة، 


عرفته مناطق مختلفة من أوروبا امتدت خلال الفترة 1648-1524 مع فترات سلام هشة وقصيرة، 


ولعل ما يسمى في الأدبيات الأوروبية بالحروب الدينية الثمانية (فرنسا) بين الكاثوليك والبروتستانت 


تمثل نموذجاً لذلك، فقد امتدت هذه الحرب خلال الفترة 1598-1562، ناهيك عن ما عرف بحرب 


الثلاثين سنة خلال الفترة 1648-1618، وفي العصر الحالي، ثمة نزاعات بين المذاهب المسيحية، 


ونزاعات ذات بعد سياسي مذهبي كما في إيرلندا واسكوتلندا وغيرهما، وتتحول هذه النزاعات أحياناً 


لصراعات،[8] وتشير بعض الدراسات إلى تمركز النزاعات والعنف بين المذاهب المسيحية حالياً في 


ثلاث مناطق رئيسية هي أمريكا اللاتينية؛ خصوصاً بين الكاثوليك والبروتستانت والكنيسة الخمسينية 


أو العَنصَرة pentecostal، وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ثم في شرق آسيا،[9] كذلك 


عرفت الهند ظاهرة التنازع المذهبي داخل الهندوسية؛ بين الشيفات Shaivites، والفيشنافيون 


Vaishnavites، والجاينيون Jains، والبوذيونBuddhists ، كما عرفتها اليابان في تاريخها 


في القرون الوسطى من خلال الصراعات بين التيارات البوذية، بالرغم من ثقافة الـ”أهيمسا 


Ahimsa” أي نزعة السلام والمحبة.[10] ناهيك عن كونها ظاهرة عرفها التاريخ الإسلامي 


وغيره.


وتدلّ الدراسات الكمية المعاصرة أن رصد الأسباب وراء النزاعات الدولية على أساس ثنائية أسباب 


دينية وغير دينية على ما يلي:[11]


إن الأسباب غير الدينية خلال الفترة 2015–1975 عرفت صعوداً خطياً من 35 نزاعاً سنة 1975 


إلى نحو 65 نزاعاً سنة 1990، ثم بدأت هذه الأسباب غير الدينية تتراجع بشكل غير خطي إلى أن 


بلغت نحو 58 نزاعاً سنة 2015.
لكن النظر إلى المحركات الدينية للنزاعات الدولية عرفت تصاعداً خطياً خلال الفترة نفسها 2015-


1975، حيث ارتفع العدد من 3 نزاعات سنة 1975 إلى 31 نزاعاً سنة 2015.
عند النظر في التوزيع الجغرافي للنزاعات التي تصطبغ بالصبغة الدينية نجد ما يلي، لأقرب نسبة 


عشرية:
• 1% في القارة الأمريكية.
• 3% في أوروبا.
• 18% في الشرق الأوسط.
• 38% في آسيا.
• 41% في إفريقيا.


إن عدد النزاعات داخل الدين نفسه ما تزال أعلى من النزاعات بين أديان مختلفة وبفارق يفوق 


الضعف تقريباً.
وتتباين محركات النزعة المذهبية بشكل عام بين المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بينما 


يجري التركيز في تفسير النزاع بين المذاهب في البعد الديني على موضوعات “تأسيسية” في 


النظرة المذهبية الدينية Promondial، أو بسبب التوظيف السياسي للخلاف المذهبي 


Instrumental، أو نتيجة التباين بين المجتمعات في مستويات التحديث Modernization. 


[12]


ماذا يعني ذلك كله:


إن النزاعات الدولية بين المذاهب الدينية ليست ظاهرة مقتصرة على دين معين أو منطقة معينة، 


فالصراع المذهبي ظاهرة عايشتها كل الأديان تقريباً، فهي ليست ظاهرة إسلامية وشرق أوسطية كما 


يحاول الإعلام الغربي تكريسه.
إن المؤشرات الكمية حول صراع الحضارات “بين الأديان” تنفي صحة نظرية صماويل هنتينجتون 


Samuel Huntington، إذ إن مؤشرات الصراع “داخل” الحضارات نفسها، خصوصاً بسماتها 


الدينية، تفوق عدد النزاعات “بين” الحضارات الدينية، ولعل الحرب الروسية الأوكرانية الراهنة هي 


أحد هذه المؤشرات المعاصرة، وهو ما يتضح في انشطار الكنيسة الأرثذوكسية إلى روسية 


وأوكرانية وكل منهما يقف إلى جانب أحد المتصارعين،[13] كما أن أغلب النزاعات في أمريكا 


اللاتينية هي بين دول تغلب عليها الكاثوليكية…إلخ.
إن تقسيم العالم إلى مناطق حسب مستويات التطور السياسي والتقني والاقتصادي يكشف أن المناطق 


المتطورة هي الأقل في عدد النزاعات “البين دينية” أو داخل الأديان.
إن الشرق الأوسط هو الأقل وبفارق واضح في عدد نزاعاته “البين دينية” أي المذهبية، فنصيب 


الشرق الأوسط يصل إلى نحو 47% من نصيب آسيا، ونحو 44% مقارنة بإفريقيا كما يتضح من 


المؤشرات أعلاه.
مذهبية بين التوظيف السياسي والتوظيف الديني في العلاقات العربية الإيرانية:


شكّلت الثورة الإيرانية نقطة تحول في التفاعلات السياسية في المشرق العربي بشكل خاص، وتغذت 


هذه التفاعلات مع تزامنها في السنة نفسها، سنة 1979، مع الغزو السوفييتي لأفغانستان، ومع 


هجوم جهيمان العتيبي Juhayman Al-Otaibi على الحرم المكي في السعودية، ثم تغيّر القيادة 


في العراق، مع وصول صدام حسين للرئاسة، ثم توقيع مصر لمعاهدة السلام مع “إسرائيل”. وترتب 


على هذه التفاعلات الاستراتيجية المتزامنة عدد من النتائج أبرزها:


تنامي النزعة الجهادية ضدّ عدة أطراف؛ أبرزها الشيوعية السوفييتية وظهور معسكرات التدريب 


وصناديق التبرعات المالية لمساندة المجاهدين الأفغان، ثم وقع اغتيال الرئيس المصري وظهرت 


الحركات الجهادية في فلسطين ولبنان وغيرهما، واتسعت قاعدة معارضة التغلغل الغربي في 


المجتمعات العربية، والذي تجلى في نسب فوز الأحزاب الإسلامية في الانتخابات التشريعية، 


خصوصاً التي توفر لها حدّ أدنى من الشفافية في دول عربية عديدة، إضافة لتركيا.
أدركت القوى الغربية و”إسرائيل” خطورة هذه الظاهرة فحاولت تبني سياسات تستهدف توظيف هذه 


الظاهرة لصالحها وإضعاف أيّ محاولات لتوجيه دور هذا التيار المتنامي نحو مقاومة المدِّ الغربي 


والإسرائيلي في المنطقة، فعملت على التغلغل في بعض أجنحته لتوجيهها في اتجاه معاكس، وعززت 


ذلك بتشجيع التطبيع بين “إسرائيل” والمنطقة العربية لتحرم هذا التيار المتنامي من التوجه بهذا 


الاتجاه.
انتهجت القوى الغربية و”إسرائيل” ديبلوماسية تفكيك هذه القوة الصاعدة التي تجسدت مؤخراً في 


محور المقاومة، من خلال:
أ. تعميق الهواجس لدى الأنظمة السياسية العربية بأن هذه القوى ستعمل على السيطرة على السلطة، 


مما دفع الأنظمة العربية إلى التنسيق بمستوى أو بآخر مع القوى الغربية لِلَجم تنامي هذه الظاهرة، 


واتخذ هذا التنسيق أشكال الحروب الإعلامية ضدّ هذه القوة الصاعدة، والتغلغل الاستخباراتي في هذه 


التنظيمات، والعمل على دفع هذه التنظيمات باتجاهات مريبة، خصوصاً من خلال إنشاء مجتمع مدني 


موجّه نحو نشر ثقافة تشكك في أي دور تحرري أو تنموي لهذه التنظيمات.


ب. السعي لمنع وحدة هذه التنظيمات من خلال نبش التباينات الفقهية بين هذه التنظيمات، وشكل 


البعد السني الشيعي القاعدة الأكثر صلاحية لإنجاز التفكيك، وقد لعبت العراق خلال الحرب العراقية 


الإيرانية دوراً في تكريس هذه الثنائية، ثم بدأت “إسرائيل” ودول عربية عديدة بتغذية هذه السياسات 


“المذهبية” لدوافع سياسية واضحة، وهو ما يتضح في مشروعات الشرق الأوسط الجديد والشرق 


الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة، وأدبيات برنارد لويس Bernard Lewis وأوديد ينون Oded 


Yinon وبرنارد ليفي Bernard Lévy وآخرون.[14]
وتكشف دراسة قام بها مركز دراسات أمريكي لصالح وزارة الخارجية الأمريكية عن مضمون المواد 


التعليمية السعودية من خلال مئة كتاب مدرسي خلال الفترة 2020-2017 واستكماله لاحقاً حتى سنة 


2022 عن مضمون يُشير إلى إعلاء النظرة لمذهب “الوهابية” قياساً للنظرة الدونية أو التشكيكية 


بالمذاهب الإسلامية الأخرى، وعند مقارنة التعديلات على مضمون المواد التعليمية من الزاوية 


المذهبية يمكن تلمس بوضوح الترابط بين التغيرات السياسية في الإقليم وبين مضمون 


التعديلات.[15]


ج. تشديد الإجراءات الأمنية والتضييق على مصادر تنامي هذه الحركات مالياً وتعبوياً وبهجوم ثقافي 


مضاد، وشكّلت النظم السياسية في دول الخليج العربي مركزاً لأداء هذه المهمة نتيجة الخوف من 


سيطرة هذه التنظيمات على كرسي السلطة في المنطقة العربية والتي قد تمتد إلى الخليج.


د. توظيف الثنائية الشيعية السنية لمحاصرة إيران إلى جانب محاصرتها السياسية والإعلامية 


والاقتصادية وتطويقها بنشر قواعد عسكرية حولها، وتشجيع معارضتها الداخلية، والتنسيق مع “


إسرائيل” في كل ذلك، نظراً لإدراك تلك القوى بأن إيران هي “قاعدة” محور المقاومة التي لا بدّ من 


كسرها. ويلاحظ أن التركيز الإعلامي على أطراف المحور يربط بين المذهب وبين الأطراف الأخرى، 


حزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي، بينما يجري تجاوز سنية المكوِّن الفلسطيني وغيره من 


التنظيمات السنية التي يساندها المحور.[16]


وعلى الرغم من أن الفترة 1970-1952 أو ما تسميه الأدبيات السياسية العربية مرحلة المدِّ القومي 


وخصوصاً الناصري، عرفت موقفاً مخالفاً تماماً لما هو عليه الحال بعد الثورة الإيرانية، إلا أن 


الحركات الدينية كانت في تلك الفترة تحظى بأكبر قدر من الدعم المالي والإعلامي من الدول التي 


تناصبها العداء حالياً، وهو ما يؤكد النهج البراجماتي في علاقة الأنظمة السياسية العربية بالحركات 


الدينية، أي أن موقف الأنظمة العربية من الحركات الدينية يتمحور حول “كيفية توظيف هذه 


الحركات” ضدّ خصوم هذه الأنظمة، وبالتالي تبني النهج “الآداتي Instrumental” في العلاقة 


معها، وهو ما جعل دور هذه التنظيمات الدينية “ملتبساً” لدى كثير من الباحثين وخصوصاً في 


موضوع العلاقة مع إيران.


.....   يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

  المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة Empty
مُساهمةموضوع: رد: المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة     المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة Emptyالإثنين 07 أكتوبر 2024, 8:50 am

.... تابع


المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة




ثانياً: وزن المذهبية في السياسة الخارجية الإيرانية:


ما إن انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، حتى أبدت الحركة الإسلامية السنية الأكثر جماهيرية في 


العالم العربي (حركة الإخوان المسلمين) تأييدها لهذه الثورة، وجرت اتصالات بين قادة الطرفين، ثم 


بدأ التنسيق بين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وبين إيران من خلال منتدى الوحدة الإسلامية سنة 


2007، ولعل تأثيرات كتابات سيد قطب كانت من بين الأدبيات التي أولتها القيادات الإيرانية الاهتمام 


إلى حدٍّ أن المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي Ali Khamenei قام بترجمة أحد كتب سيد قطب 


للفارسية وأثنى على مضمونه ومنهجه ثناءً واضحاً.[17] ولعل ذلك التقارب أثار مخاوف كل من 


النظم السياسية العربية و”إسرائيل” والولايات المتحدة، مما دفع هذه القوى للعمل على تفكيك هذا 


التعاون خصوصاً بعد فوز التيار الإسلامي في الانتخابات النيابية المصرية، والتي تلتها زيارة الرئيس 


المصري محمد مرسي لطهران سنة 2012 بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاثة عقود.


وتتسق تلك التوجهات الإيرانية مع النصوص الدستورية الإيرانية كما يتضح في المواد الدستورية 


المختلفة، فالمادة 11 من الدستور تؤكد على أن “يتعين على حكومة جمهورية إيران الإسلامية 


صياغة سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، ومواصلة السعي لتحقيق 


الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية للعالم الإسلامي”، أما المادة 12 فتنص:


الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنا عشري، أما المذاهب الإسلامية الأخرى، 


التي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي، فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباعها 


أحرار في أداء طقوسهم الدينية المذهبية حسب فقههم، وتحظى هذه المذاهب باعتراف رسمي في 


مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية)، وما يتعلق 


بها من دعاوى المحاكم، وفي كل منطقة يكون أتباع أحد هذه المذاهب هم الأكثرية، فإن الأحكام 


المحلية لتلك المنطقة، في حدود صلاحيات مجالس الشورى – تتبع ذلك المذهب، دون المساس 


بحقوق أتباع المذاهب الأخرى.[18]


لكن الدستور الإيراني تضمّن إشارات تُفقد مفهوم المواطنة دلالاتها المعاصرة بل وتضعف مفهوم 


المساواة كأحد القيم العليا للنظم السياسية، فهي تحدد منصب رئيس الجمهورية، ناهيك عن المرشد، 


بأن يكون من أتباع المذهب الشيعي الجعفري وهو أمر يخرج ما نسبته نحو 10-8% من السكان 


السنة، من 9-8 مليون نسمة، من هذا الحق، ناهيك عن قيود على تمثيل السنة في بعض الهيئات 


العليا؛ مثل نسبة تمثيل السنة في المحافظات والدوائر ذات الأغلبية السنية أو إنشاء بعض المؤسسات 


التي تعنى بالجانب السني مذهبياً.[19] كما أن بعض التنظيمات السياسية خصوصاً بين الأكراد السنة 


مثل جماعة الدعوة والإصلاح Iranian Call and Reform Organization، ذات العلاقة 


مع تيار الإخوان المسلمين، لها نشاطات سياسية داخل إيران، وتتقدم بمترشحين لها في الانتخابات 


النيابية، لكن ذلك لا يعني غياب العنف بين أطراف المذهبين الأكبر.[20]


وثمة ملاحظة في إطار التمذهب الإسلامي، ففي الجناح السني من المجتمع الإسلامي في العالم 


مذاهب عدة، الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي…إلخ، ولكن الاستقطاب السياسي لم يتجسد في 


هذه المذاهب أو في سلوكها السياسي بالشكل الحاد، وبقي، غالباً، في إطار الخلاف الفقهي والفكري، 


وهو ما يشير إلى أن النزوع السياسي الحالي من دول عربية تجاه إيران قام بتوظيف التباينات 


الفقهية لأغراض سياسية يتمحور في معظمها حول قلق الأنظمة العربية من النهج التغييري الذي 


وقع في إيران، ولم تُوْلِ هذه الأنظمة أيّ عناية لتوظيف هذا التباين في إطار إثراء وتغذية الثراء 


الثقافي بتعدد الاجتهادات الفكرية، ولكنها تبنت استراتيجية “الاحتواء” السياسي لآثار الثورة 


الإيرانية بالتعاون مع الولايات المتحدة.[21]


ومن الملاحظ أن الأدبيات السياسية العراقية خلال الحرب بين إيران والعراق، وبمساندة خليجية لا 


لُبس فيها، ركزت على التباين القومي، فارسي/ عربي، من ناحية، وعلى مراحل تاريخية تؤجج هذا 


التباين لحشد العالم العربي مع العراق ضدّ إيران من ناحية أخرى، وهو أمر كانت القوى الغربية 


تشجعه، لكن العراق بعد احتلال الكويت وانقلاب الموقف الخليجي تحديداً وبشكل كلي على السياسة 


العراقية تشقق المنظور القومي في هذه الزاوية تحديداً إلى الحدِّ الذي جعل صدام حسين يرسل 


طائراته الحربية، 137 طائرة، لإيران لحمايتها من الهجمات الأمريكية المنطلقة من قواعد في دول 


الخليج.[22] وهو ما يعزز تفسير أن مواقف الدول الخليجية تحديداً هو التوظيف المذهبي توظيفاً 


سياسياً لصالح الأنظمة لا لصالح قضايا الشعوب العربية أو الإسلامية.


ثالثاً: النموذج الأذربيجاني في إطار السياسة الخارجية الإيرانية:


من الضروري أن أبدأ بعبارة أراها علمية للفيلسوف كارل بوبر Karl Popper مستنداً لجدليات 


هيجل Hegel: “أن التاريخ مليء بالمؤامرات، لكن التاريخ نفسه ليس مؤامرة”، فالمؤامرة “


كحدث” لا تصلح أن تفسر حركة التاريخ في اتجاهه الأعظم Mega-trend، فالمؤامرة موجودة 


ويعجّ بها التاريخ، لكن حركة التاريخ مرتبطة بالتطور التقني والمعرفي والقيمي، ومرتبطة بتشابك 


الروابط العضوية، التقنية والاقتصادية، وبمكانة الروابط الآلية، الدين واللغة والعرق…إلخ. ولو 


حاولنا تفسير العلاقات الإيرانية الأذرية، أذربيجان، استناداً للمنظور التاريخي، فإن الروابط الآلية 


موجودة وبقوة، الإسلام والمذهب الشيعي، لكنها لا تؤثر على طبيعة العلاقة بين البلدين، فالدولتان 


هما الأعلى عالمياً في نسبة المسلمين الشيعة في سكانهما، وهناك تداخل سكاني من حيث العرق 


يصل إلى أن الأذريين يشكلون في “شمال” إيران الأغلبية الكاسحة وقرابة 24% من إجمالي سكان 


إيران مما يجعلهم الأقلية الإثنية الأولى بعد الفرس، وعند قياس وزن مؤشرات الترابط الآلي، 


الشيعية والإسلام، في تحديد العلاقة بين البلدين نجد أن هذا العامل هو الأضعف، يليه العامل الإثني، 


الأذرية، والتي ينتمي لهما المرشد الأعلى علي خامنئي، ناهيك عن الترابط التاريخي بين الطرفين 


الذي انفك منذ سنة 1813 بعد الحروب الروسية الفارسية من خلال معاهدة جولستان Gulistan. 


[23]


ومن الواضح أن الرباط الشيعي فشل في إيجاد أي تناغم في البنية الاجتماعية والسياسية في البلدين، 


ففي الوقت الذي يُعدّ النظام السياسي الإيراني نظاماً دينياً، ونسبة الالتزام الديني تصل إلى ما بين 70 


و75% بين أفراد المجتمع،[24] فإن النظام السياسي في أذربيجان يُعدّ الأعلى في نسبة العلمنة بين 


جميع الدول الإسلامية، فهو ينصّ في دستوره على فصل الدين عن الدولة، المادة 18 من الدستور 


الأذري، واعتبار الدولة علمانية في المادة 7، ولا تتجاوز نسبة الالتزام الديني في المجتمع 50%. 


ولعل ذلك يعود في جزء منه لتأثيرات الحقبة السوفييتية التي خضعت لها أذربيجان لعدة عقود.[25] 


وعليه، فإننا نرى أنه لو كان البعد المذهبي بعداً مركزياً في السياسة الخارجية لإيران، فكيف نفسر 


أن أسوأ علاقة لها في غرب آسيا مع الدولة الشيعية التالية لها في نسبة الشيعة بين سكانها؟


وعند قياس مؤشرات أخرى، نجد أن مؤشر جينيGini ، عدالة توزيع الثروة، في أذربيجان يصل 


إلى 25% مقابل 41% في إيران، أي أن أذربيجان أفضل في هذا المؤشر بقدر كبير، وفي 


الديموقراطية تسجل إيران 1.96 مقابل 2.8 لأذربيجان (من عشرة)، أما الاستقرار السياسي فهو 


بالسالب لكليهما، -0.93 لأذربيجان و–1.59 لإيران،[26] أي أن البنية الداخلية للدولتين تتباين بقدر 


كافٍ في البعد السياسي، وهو ما يفسر سلوكهما السياسي الذي لم يكن للمذهبية المشتركة فيه أي 


دور سياسي.


وفي مجال العلاقات الدولية، وباستخدام مؤشر المسافة السياسية للعلاقات الدولية،[27] فإن من 


أفضل العلاقات الأذربيجانية الخارجية هي علاقاتها مع “إسرائيل”، خصوصاً في مجال التعاون 


العسكري والسياسي والاقتصادي المتنامي منذ سنة 1992، بعد أن أقامت أذربيجان العلاقة مع “


إسرائيل” بعد ستة شهور من انفصالها عن الاتحاد السوفييتي، بينما العلاقة الإسرائيلية الإيرانية تُعدّ 


ضمن أسوأ العلاقات الإيرانية مع وحدات المجتمع الدولي.[28] ويكفي لتوضيح هذا التباين الإشارة 


إلى مبيعات السلاح الإسرائيلية لأذربيجان ومساندتها ضدّ أرمينيا في الحرب على إقليم ناغورني 


كارباخ، ناهيك عن اعتماد “إسرائيل” على النفط الأذري، بنحو 40%.[29]


بالمقابل، نجد أن أقرب الدول لإيران في كافة المؤشرات الفرعية للمسافة السياسية هي الصين 


الكونفوشية وصاحبة أدنى مؤشر تَدَيّن في العالم، وروسيا الأرثذوكسية، وفي التجارة فإن أهم 


الشركاء التجاريين لإيران هم الصين والإمارات العربية والعراق وتركيا والهند، بينما العلاقة مع 


أذربيجان لا تتجاوز 2.8% من تجارتها، وهو ما يعني أن وزن البعد المذهبي يبدو هامشياً في نسيج 


العلاقات بين الدولتين.


هذا يعني أن محاولة تفسير السلوك السياسي الخارجي الإيراني على أساس مذهبي لا تتسق مع 


طبيعة العلاقة الأذربيجانية الإيرانية أو العلاقات الإيرانية الدولية، مما يعني أن فكرة الهلال الشيعي لا 


تشكل بمضمونها المذهبي القدر الكافي من تفسير السلوك السياسي خصوصاً عند المقارنة مع درجة 


تطابقه مع البعد الجيوستراتيجي للسلوك السياسي.


رابعاً: السياسة الإيرانية الخارجية تجاه الشيعة العرب والشيعة غير العرب:


تُشير متابعة التوجهات الإعلامية للدول التي فيها نسبة من السكان الشيعة إلى أن اتهام إيران 


بتسييس البعد المذهبي في علاقاتها تكاد تنحصر في الدول العربية، فبالرغم من أن هناك دول غير 


عربية فيها نسب عالية من الشيعة لكنها لا تثير هذه القضية، أي تسييس البعد المذهبي، على الرغم 


من وقوع بعض المنازعات بين السنة والشيعة في هذه الدول غير العربية، فعلى سبيل المثال يصل 


مجموع الشيعة في كل من الهند وباكستان نحو 62 مليون نسمة، وهو ما يفوق مجموع الشيعة 


العرب.[30] ولا تبدو أن علاقات إيران مع كل من باكستان والهند مبنية على الأساس المذهبي على 


الرغم من مشكلة كشمير، كقضية بين البلدين الآسيويين، وتتضح التوجهات الإيرانية من أنها تُعدّ 


البلد الثالث عالمياً في تلقي الصادرات الهندية على الرغم من أن سنّة كشمير وجناح من شيعة الإقليم 


الهندي لا يشاطرون إيران توجهاتها.[31] بل وسَعَت إيران للوساطة بين الهند وباكستان خصوصاً 


في موضوع كشمير ذات الأغلبية السنية.[32]


من جانب آخر، فإن بعض القوى الشيعية العربية الكبرى، مثل التيار الصدري في العراق، لا يتسق 


في توجهاته السياسية بالقدر الكافي مع توجهات السياسة الخارجية الإيرانية خصوصاً تجاه العراق، 


مما يعني أن القوى الشيعية، ما دون الدولة، ليست في الصف الإيراني بالضرورة.


إن السياسة الخارجية الإيرانية تنطوي على تنازع تيارات ثلاثة؛ هي تيار الوحدة الإسلامية وتيار 


النزعة القومية الفارسية وتيار النزعة المذهبية،[33] وهو ما يستوجب التخلص من النظرة الأحادية 


لهذه السياسة الخارجية، ونعني بها النظرة المذهبية.


إن إنشاء الجمعيات والنوادي أو صناديق المساعدات المالية في الخارج لم تقتصر على إيران، 


فالسعودية وبقية دول الخليج كان لها مثل هذه المؤسسات التي تعمل في عدد من الدول الإفريقية 


والآسيوية لكنها لم تُتهم بأنها تريد “تسييس” المذهبية، بينما يتم إضفاء صفة البعد السياسي على 


مثل هذه النشاطات حين تقوم بها إيران.[34]


ويميز بعض الباحثين بين بُعديْن في السياسة الخارجية الإيرانية، فهي لا تولي البعد المذهبي دوراً 


كبيراً في العلاقة مع “الدول”، بينما تبدو أكثر ميلاً في هذا الاتجاه للعلاقة مع قوى “ما دون الدولة” 


كما هو الحال في علاقاتها مع هذه القوى في لبنان واليمن والعراق وفلسطين، كما أن مظاهر 


التسييس للبعد المذهبي من الجانب الإيراني لا تتوازى مع التسييس من خصوم إيران الإقليميين، بل 


إن نسبة عالية من الباحثين الذين درسوا السياسة الخارجية الإيرانية منذ سنة 1979 يرون أن 


عملية صنع القرار في إيران هي أقرب إلى المنظور الواقعي منه للمنظور المذهبي.[35] ويكفي في 


هذا الاتجاه التأمل في موقف العلويين من إيران في كل من سورية والمغرب مثلاً، بل وتباينهما في 


الموقف من مشكلتيْ العلاقة مع “إسرائيل” وموضوع الصحراء الغربية.[36]


خامساً: طوفان الأقصى بين المذهبية الدينية والرؤية الاستراتيجية للصراع:


ترأس الرئيس الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وهو من خلفية إخوان مسلمين 


السنّة، أول وفد رسمي أجنبي يزور طهران بعد انتصار الثورة في 1979/2/17، وشكَّل قطع 


العلاقات الإيرانية الإسرائيلية وإغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران وتحويلها لسفارة فلسطينية في 


1979/2/18، أي بعد أسبوع من انتصار الثورة وتوليها السلطة في إيران وبعد يوم واحد من زيارة 


عرفات، مؤشرَ تَحَولٍ عميق في العلاقة الإسرائيلية الإيرانية، وهو التوجه الذي غذَّته معارضة إيران 


لأي تطبيع عربي للعلاقة مع “إسرائيل”، مما دفع بعض الدول العربية للتواري خلف ستار المذهبية.


ولم يكن موقف إيران منفصلاً عن علاقات سابقة بين قوى الثورة الإيرانية وبين التنظيمات 


الفلسطينية قبل انتصار الثورة الإيرانية، ناهيك عن العلاقة بين مصر الناصرية والمعارضة الإيرانية 


في فترة الشاهShah خصوصاً مع ثورة محمد مصدق Mohammad Mosaddegh وغيرها، 


ولم يكن البعد المذهبي ذا تأثير في مضامين هذه العلاقات، بل كان التقارب السياسي بعيداً عن 


الانتماء المذهبي.[37]


ومع تنامي التيار الديني في المقاومة الفلسطينية بعد انتصار الثورة الإيرانية، عملت إيران على دعم 


هذا التيار لا سيّما بعد قيام الانتفاضة الأولى، وشكلت دعوة إيران لوفد من حماس للمشاركة في 


مؤتمر لدعم القضية الفلسطينية في طهران سنة 1990 بداية لتطور العلاقات التي شابها بعض 


التوتر في فترة الربيع العربي على خلفية الأزمة السورية، كما أن العلاقة بين إيران وحركة الجهاد 


الإسلامي تطورت بفعل التخلي العربي عن المساندة للمقاومة الفلسطينية كما يقول رئيس حركة 


الجهاد.[38]


ما سبق يستوجب من الطرفين العربي والإيراني فصل الخلاف الفقهي عن المشترك السياسي، 


وابتداع معادلة أخلاقية لإدارة الخلاف الفقهي تكون مساندة للمشترك السياسي بين الطرفين.


من جانب آخر، لا بدّ من الإشارة إلى أن إيران اعتمدت استراتيجية محددة حددتها وثيقة “رؤية 


2025” والتي شارك في صياغتها عدد كبير من الخبراء والمؤسسات الإيرانية سنة 2003، 


وتستهدف الرؤية تحقيق إيران مكانة إقليمية متقدمة في غرب آسيا استناداً للتطور العلمي 


والاقتصادي مع اتساق الرؤية مع النص الدستوري منع النفوذ الأجنبي وتصفية الإمبريالية، فقرة 5 


المادة 3، واعتبار الأمة الإسلامية أمة واحدة المادة 11، وهو ما يعني أن المقومات المركزية 


للسياسة الخارجية هي مقومات تقنية واقتصادية من جانب، ومقومات عقائدية جامعة لا مذهبية، 


وهي مقومات استقرت تدريجياً في التوجه الإيراني الخارجي بعد انتهاء مرحلة الحمى الثورية في 


بداية الثورة.[39]


أما العلاقة الصراعية لإيران مع “إسرائيل” فتستند إلى تناقضات جوهرية أسهمت في التقارب بين 


الجناح الديني في التنظيمات الفلسطينية وبين إيران بعيداً عن النزعة المذهبية:[40]


الإرث التاريخي لصورة اليهودي السلبية في الذهن الإسلامي، وهي صورة مشتركة بين السنة 


والشيعة.
اعتبار “إسرائيل” قوة تَحْولُ دون تحقيق “إيران” المكانة الإقليمية المنشودة، وهو أمر يتسق مع 


اعتبار الحركات الفلسطينية “إسرائيل” قوة استعمارية طارئة على المنطقة.
العلاقة الأمريكية الإسرائيلية التي تعدّها إيران مصدر تهديد لطموحها الإقليمي، واعتبار الحركات 


الفلسطينية الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل” حاجزاً أساسياً يحول دون التحرر الفلسطيني.
إن القلق الإيراني من تناغم دول التطبيع العربي مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” من ناحية، 


ومعاداة هذه الأنظمة للإرادة الشعبية العربية بحق التيار الإسلامي في التمثيل السياسي “الفعلي” في 


السلطة من ناحية ثانية، أوجد فرصة لتقارب المتضرريّن من التقارب الإسرائيلي العربي.
واتساقاً مع ما سبق، فليس من مصلحة إيران إثارة البعد المذهبي، وقد دلّت دراسة لنا استخدمنا فيها 


منهج تحليل المضمون لعيّنة من خطابات المرشد الإيراني علي خامنئي لمدة عام، 12 خطاباً، 


ولافتتاحيات صحيفتين إيرانيتين أحدهما بالإنجليزية، وهي طهران تايمز Tehran Times، وأخرى 


بالعربية، صحيفة الوفاق، خلال ثلاث سنوات على النتائج التالية:[41]


خطابات خامنئي: تكرر مفهوم الوحدة الإسلامية في هذه الخطابات بمعدل 76.3% في الخطابات، 


مقابل 19.8% للبعد المذهبي، و3.7% للثنائية القومية، عرب وفرس.
تكرر موضوع فلسطين في افتتاحيات صحيفة طهران تايمز بنسبة 61.9%، بينما ظهر مفهوم سنة/ 


شيعة بمعدل 32%، وعرب/ فرس بمعدل 4.5%، أما في صحيفة الوفاق فكانت النسبة لتكرار 


الموضوع الفلسطيني 77.9%، بينما كان التكرار للبعد المذهبي 4.5%، وللبعد القومي عرب/ فرس 


7.1%.
فإذا أضفنا لذلك مؤشر عدد المظاهرات المساندة لفلسطين بعد انطلاق طوفان الأقصى على المستوى 


العالمي، سنجد النتائج التالية:[42]


تحتل إيران المرتبة الخامسة عالمياً في عدد المظاهرات التي قامت فيها لمساندة طوفان الأقصى، 


حيث بلغت حتى نهاية آب/ أغسطس ما مجموعه 1,032 مظاهرة، وهي تحتل المرتبة الرابعة في 


العالم الإسلامي بعد كل من اليمن والمغرب وتركيا.
تطابق تصويت إيران مع مطالب المقاومة في التصويت على جميع مشاريع أو قرارات أو طلبات 


تعديل على صياغات القرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة United Nations General 


Assembly بنسبة 100%، عارضت خلال الفترة من 2023/10/27 إلى 2023/12/12 ما 


مجموعه ثلاثة مشاريع قرارات أو تعديلات، وأيدت قراراً واحداً، وامتنعت عن التصويت عن 


مشروع قرار واحد.
يؤكد قادة حركات المقاومة والدراسات الأكاديمية والتقارير الإعلامية المختلفة أن إيران تشكل 


الحليف والداعم المادي والمعنوي الأكثر أهمية للمقاومة الفلسطينية، وخصوصاً لجناحها الديني “


السني”، كما أن العديد من الحركات السياسية الدينية العربية في دول عربية متعددة، أو من النخب 


السياسية الدينية على صلة وثيقة مع إيران.[43]
الخلاصة:


لعل التمعن في إدارة “إسرائيل” لشبكة علاقاتها الدولية يستحق التأمل، فهي دولة لها علاقات وثيقة 


مع أغلب العالم المسيحي، بمذاهبه العديدة، كما أنها أحد مصادر التسليح الأولى للهند، الهندوسية، 


والفلبين، الكاثوليكية، وأذربيجان، الشيعية، بل إن مبيعاتها العسكرية لدول اتفاقات أبراهام العربية 


ارتفعت خلال الفترة 2021–2023 بمعدل 17%،[44] وكانت قبل الطوفان الشريك التجاري الأول 


في الشرق الأوسط لتركيا، السنية، وتحظى بعلاقات متقدمة مع اليابان، الشنتوية/ البوذية، وهو ما 


يشير إلى أن المتغير الرئيسي في إدارة العلاقات الدولية ليس البعد “المذهبي” بل المنظور الواقعي 


القائم على “المصلحة القومية”، وتوظيف البعد المذهبي سياسياً لصالح تعظيم مصلحتها القومية 


وتضييق المجال الحيوي لحركة خصومها وخصوصاً إيران.


إن الموقف الرسمي العربي، في أغلبيته، من إيران ليس إلا توظيفاً “مذهبياً” لغرض سياسي 


يتمحور حول صدّ أي قوى تغيير للأنظمة السياسية، خصوصاً الوراثية منها والتي ترى أن أمن 


الأنظمة يعلو على أولوية أمن المجتمع وأمن الدولة. وهو ما يستوجب بناء العلاقات العربية الإيرانية 


وخصوصاً من جانب محور المقاومة على أساس التحوّل العقلاني التدريجي نحو المنظور غير 


الصفري، وتغليب المشترك على المتعارض في إدارة هذه العلاقات، على أن لا تمسّ هذه القاعدة 


الغاية الاستراتيجية، التحرر من الاستعمار الاستيطاني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الصراع بين محور المقاومة ودول الاستسلام والتطبيع:
» عملية طوفان الأقصى.. كيف يمكن قراءتها من زاوية خسائر وأرباح محور المقاومة؟
»  محور المقاومة وحقيقة المساندة: الدول السنية ودورها الغائب.. وحزب الله الشيعي ودوره الحاضر
» هل يقرأ العرب التاريخ؟ سلاح الخلافات المذهبية والعرقية!
» أهم النزاعات الحدودية ما بين الدول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: