منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  نحن أسوأ من حكّامنا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 نحن أسوأ من حكّامنا Empty
مُساهمةموضوع: نحن أسوأ من حكّامنا    نحن أسوأ من حكّامنا Emptyالجمعة 15 نوفمبر 2024, 5:18 am

نحن أسوأ من حكّامنا
منذ بدأ العدوان على غزّة أضعت نفسي. أبحث عني فلا أجدني، كأنني أصبحت عبئاً عليَّ، بل عبئاً على الأرض كلّها، التي لم تعد تتّسع لي، على اتساعها.


ليس شعوراً بالذنب فقط، بل مزيجٌ من مشاعرَ لعينة، تتجاوز ذلك الإحساس المفرد. هو مزيج من الشعور بالنذالة والعبودية والقهر والخذلان والجبن والخوف والقلق والرغبة الحارقة في الانتقام، إضافة إلى مشاعرَ أخرى كثيرةٍ تجعل من الشعور بالاستقرار، أو “هداة البال” بالتعبير الدارج، نوعاً من الأمنيات مستحيلةَ التحقيق. إنه شعور بشع يشبه شعور العذراء العفيفة الشريفة التي انتُهك شرفها ولم تتمكّن (بعد) من الثأر لهذا الشرف، بل إنني أشعر أحياناً أني المقصود بذلك البيت من الشعر الذي يقول: “رب وامعتصماه انطلقت/ ملء أفواه البنات اليتم … لامست أسماعهم.. لكنّها/ لم تلامس نخوة المعتصم” (عمر أبو ريشة). فعلى الرغم من أني لا أملك جيوش المعتصم ولا قوّة شكيمته، ولا حتى اسمه، إلّا أنني أشعر أن خذلاني تلك الصرخة المتكرّرة “وينكم يا عرب” تتقصدّني أنا تحديداً، فلا يقرّ لي قرارٌ، ولا يهدأ لي بالٌ.


تلك مشاعر غير مبالغ فيها ألبتّة. ربّما يقول قائل إني حمّلت نفسي أكثر ممّا أحتمل، لكني حين أتقمّص مشاعر العقل الجمعي العربي، أشعر أن تلك المشاعرَ أقلّ فظاعة ممّا قيل بكثير، فأنا لست فرداً بالمعنى الفيزيائي، أنا نحو مائة مليون عربي، وملياري مسلم، ما رسنا أبشع دور يمكن لبشر أن يمارسوه، وهو إعطاء عصابة من الوحوش تفويضاً بنهش أعراض مليونَين من دمنا ولحمنا. أقول تفويضاً بالمعنى الحرفي، فأنت حين لا تفعل شيئاً ذا بال، انتصاراً وانتقاماً، لهؤلاء المظلومين، فكأنك أعطيت الوحش تفويضاً بإكمال “مهمّته”. هل ثمّة شيء أبشع من هذا الإجرام الصامت الذي نمارسه؟


لا أمارس أيّاً من هوايات المازوخية. إنه الواقع الذي لا نجرؤ غالباً على التعبير عنه. من السهل على أي متمنطق مُتذاكٍ أن يقول إننا لا نملك من أمرنا شيئاً، وإن من خذل غزّة وأهلها، هم من يملكون السلاح والجيوش وقرارات الحرب والسلم. من السهل عليك وعليّ أن ندفع عن أنفسنا تهمة التخلّي عن شرف الدفاع عن عرضنا وشرفنا في غزّة، ونُلقِي بها على عاتق “أولياء الأمر”، لكنّ الحقيقة أن من أعطى سلطةَ اتّخاذ القرار لهؤلاء وأولئك هو أنا وأنت، ولو كنّا في ميزانهم شيئاً لعدّوا للمليون قبل أن يصمّوا آذانهم عن أنين أطفال غزّة وشيوخها ونسائها وشبابها. لو كنّا أنا وأنت موجودَين في مدى رؤيتهم لما تجرّأ أحدهم على أن يكون ظهيراً للوحش، ومحرّضاً له على قتل المزيد من الفلسطينيين، بحُجَّة أنهم يشكّلون خطراً إن انتصروا.


حين أنظر إلى نفسي في المرآة صباحاً، أحاول أن أجد لنفسي عذراً في تناول فطوري، وأن أنام على فراشي الوثير ليلاً، وأن أغذّ الخُطى إلى السوق لشراء ما يحتاجه البيت، ولكنّي سرعان ما أشعر أن ما أفعله كلّه هو خطايا، وفاحشة وساء سبيلاً، فثمّة من لا يجد مكاناً للنوم، ولا رغيفَ خبز لأطفاله، ولا دواء لمريض أو حتى كفناً لشهيد، فيما أنا (والملايين من أمثالي) أنفّذ بحيوانية أحسد عليها روتيني اليومي كلّه، ثمّ أكتفي بعد مشاهدة نشرة أخبار مكرورة بوقائعها من حيث استمرار الوحش بما يفعله كلّ يوم، أكتفي بتنهيدة أو حتى دمعة أو دعوة، و “يا دار ما دخلك شرّ”، مع أن كلّ شيء هناك ذهب، ولم تبقَ دار أو سكّان أو مسجد أو كنيسة أو سوق، أو حتى شارع، ولم يكد يبقى إلّا الشر والشرّير.


معذرة يا غزّة، مع أني غير معذور، ولا أستحقّ الصفح، بل الصفع، شأني شأن الملايين الصامتة، التي تنتظر معجزة من السماء أو زلزالاً أو سيلاً عارماً يغيّر المشهد، كأنّ لا شأن لنا بما يجري كلّه، بل تجرّأ بعضنا وصاح: “أين الله ممّا يجري كلّه، ولماذا لا ينتقم من تلكم الوحوش البشرية التي تفتك (وفتكت) بالشجر والحجر والبشر، بدلاً من أن تصيح”. أيني أنا، بل أيننا نحن فيما نكتفي بالتحسر والتعاطف، بل ذهب بعضنا (بل كثير منا) مذهباً غريباً في تبرير العجز والخذلان وحتى الخيانة، حين أخذ “يغبط” أو حتى يحسد الشهداء على مكانتهم التي تبوأوها عند ربهم، لأنهم نالوا شرف اختيارهم لجواره من دون غيرهم؟ … ظاهر هذه المشاعر يبدو صحيحاً وفق معتقداتنا وشرعنا، لكنّها اتّخذت ملاذاً يريحنا من مسؤولية نصرتهم، على اعتبار أنهم نالوا تكريماً إلهياً باستشهادهم. وفي داخل هذه المشاعر تختبىء مواقف تتّسم بنذالة “مقدّسة” إن جاز التعبير، نذالة تتضمّن “تفويضاً” للوحش بقتل المزيد و”شحنهم” إلى جوار ربّهم.. يا لهذا التبرير الوضيع للخذلان ما أبشعه!


وثمّة بعض منّا اختبأ وراء فرية تقول إن الأعمال الكُبرى تحتاج إلى تضحيات كُبرى، يعني ليمت المزيد من أبناء الأرض المقدّسة تحت الردم، أو في المعتقلات والخيام، جوعاً أو عطشاً أو إعداماً ميدانياً، لأنهم منذورون لعمل كبير، لا يتعلّق بتحرير فلسطين فقط، بل بتحرير العرب والمسلمين والعالم كلّه. ومن أجل هذا كلّه، لا بدّ أن يموتوا كلّهم، يا لبؤسي وبؤس من يقول هذا، مبرّراً لنفسه أن يكتفي بدور المشاهد على بطولات وتضحيات الآخرين!


نحن في الحقيقة أسوأ بكثير من حكّامنا، نحن لم نعتد على موتكم فقط، بل صرنا نهرب منه، حتى لا نشوّش روتيننا اليومي. صرنا نتجنّب رؤية مشهد المذبحة كي نتخلّص من آخر وخزات الضمير، وتلك مرحلة نتساوى فيها مع من يرسل الأسلحة لقتلكم، ومع من يُفتي بأن جهادكم معصية، وقتال عدوكم حماقة، فأيّ غفران يُرتجَى بعد هذه الذنوب كلّها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
نحن أسوأ من حكّامنا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسوأ أربعة أطعمة في العشاء!
» الأقصى بين مجزرتين... والآتي أسوأ
» أسوأ 10 كوارث طبيعية في التاريخ
»  أسوأ 50 شخصية على مر التاريخ وكل العصور
»  تعيين بولتون أسوأ أخطاء ترامب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: