منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:08 am

المقاومة المسلحة 
ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 
1920 - 2001

د. محسن محمد صالح
الأستاذ المشارك في الدراسات الفلسطينية
وتاريخ العرب الحديث


الفصل الأول
المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني 
والكيان الإسرائيلي

يستعرض هذا الفصل مجمل الانتفاضات والثورات والحروب ضد إقامة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين. وقبل أن نشرع في ذكر التفصيلات، نضع للقارئ بعض الملامح العامة المتعلقة بالموضوع: 
1. كان هناك وعي مبكر بخطورة المشروع الصهيوني، وكانت مقاومة هذا المشروع سياسياً أو عسكرياً قديمة قِدَم هذا الوعي، وقِدَم المشروع الصهيوني نفسه. 
2. تدرجت مقاومة المشروع الصهيوني قوة (في أثناء الاحتلال البريطاني 1917 ـ 1948)، بحسب ازدياد الخطورة العملية لهذا المشروع من هجرةٍ يهودية واستيطان وبناءٍ للمؤسسات. 
3. أثبت شعب فلسطين استعداده للتضحية والمبادرة والعطاء، بل وفي أحيان عديدة كانت المبادرة الشعبية تفرض نفسها على القيادة السياسية، وتدفعها للجهاد، وبعبارة أخرى فإن شعب فلسطين كان يقود قيادته نحو الثورة والمقاومة. 
4. إن المشاركة العربية والإسلامية في الدفاع عن فلسطين كانت محدودة وضعيفة، وارتبطت أساسا بثلاثة حروب كبيرة، أدّت اثنتان منها إلى كوارث حقيقية. ذلك أن البلاد العربية والإسلامية كانت تعاني من الاستعمار ونفوذه،كما عانت بعد ذلك من قياداتها السياسية، ومن السياسات الإقليمية المحلية التي لا تعطي أولوية كبرى للقضية الفلسطينية، فضلا عن الخلافات والصراعات بين بلدان العرب والمسلمين. 
5. إنه لم يحدث - حتى الآن - أن عُبِّئت طاقات الأمة العربية والإسلامية بشكل وحدوي منهجي جاد متكامل، متسم بالاستمرارية، في مواجهة المشروع الصهيوني. 
6. إنه منذ زيارة أنور السادات للكيان الصهيوني في نوفمبر 1977، وتوقيع اتفاقية تسوية سلمية مع الكيان الصهيوني (كامب ديفيد سبتمبر 1978)، فإن محاربة الدول العربية والإسلامية ومقاومتها للمشروع الصهيوني قد فقدت زخمها، وأخذت تعاني من التفسخ والضعف. 
7. إن الاتجاهات والحركات الإسلامية التي كان لها دور مشهود في المقاومة في النصف الأول من القرن العشرين، عادت لتلعب دورها المتميز من جديد في عقدي الثمانينات والتسعينيات. لكن دورها ظل شعبياً بشكل أساسي، لأنها لم تنجح في الوصول إلى القيادة السياسية، وخصوصا على الساحة الفلسطينية، وفي دول الطوق. 
8. إن جذوة المقاومة المسلحة لم تنقطع على الإطلاق منذ البداية وحتى الآن، وإن اتخذت أشكالاً وحركاتٍ واتجاهاتٍ مختلفة. وكان هناك دائما من يصوب البندقية على المشروع الصهيوني، أو على الأقل من يعد بندقيته لذلك. 

المقاومة في أثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين 1917 - 1948
ترجع أولى علامات المقاومة الفلسطينية المسلّحة إلى سنة 1886 (أي قبل الاحتلال البريطاني بـ31 عاماً)، عندما هاجم الفلاحون المطرودون من الخضيرة وملبس (بتاح تكفا) اليهود في قراهم المغتصبة التي أُجْلُوا عنها رغماً عنهم، بعد أن اشتراها المستوطنون اليهود من ملاك كبار. وقد دفع ذلك السلطات العثمانية إلى فرض قيود مشددة على الهجرة والاستيطان اليهودي. وتزايد بعد ذلك الوعي بمخاطر المشروع الصهيوني، فقد احتج وجهاء القدس المسلمين ضد رشاد باشا متصرف القدس في مايو 1890 عندما أبدى محاباة للصهاينة، وقدموا عريضة لرئيس وزراء الدولة العثمانية في 24 يونيو 1891 طالبوا فيها بمنع هجرة اليهود الروس إلى فلسطين، وتحريم استملاكهم للأراضي فيها. وكان لكتابات وأنشطة المصلح الإسلامي الشيخ محمد رشيد رضا والسياسي الفلسطيني يوسف الخالدي ومفتي القدس محمد طاهر الحسيني، وممثلي مناطق فلسطين في البرلمان العثماني أمثال روحي الخالدي وسعيد الحسيني، وصحف الكرمل وفلسطين والمنادي وغيرها، كان لها أدوار في زيادة الوعي، وتعبئة الجماهير ضد المشروع الصهيوني، قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914.[1]
احتل البريطانيون سنجق القدس (جنوب ووسط فلسطين) في ديسمبر 1917، وأكملوا احتلال شمال فلسطين في سبتمبر 1918. ولكنهم دخلوا فلسطين كقوة حليفة للثورة العربية التي قادها الشريف حسين، ولذلك لم يَلْقوا مقاومةً من أبناء فلسطين، على اعتبار وعودهم للعرب بالحرية والاستقلال. لكن تَنكُّرِ بريطانيا لعهودها، وإعطائها وعد "بلفور" لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، فَتحَ الباب عريضاً لمقاومة المشروع الصهيوني والاستعمار البريطاني. غير أن الفترة 1917 ـ 1929 اتسمت بتبنِّي قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية للمقاومة السياسية السلمية، لأن المشروع الصهيوني لم يأخذ أبعاداً خطيرة بَعدُ (كان اليهود 8% من السكان سنة 1918، ويملكون 2% فقط من أرض فلسطين)، ولأنه كان لا يزال هناك أمل بأن تَعدِل بريطانيا عن موقفها (أقرت عصبة الأمم رسميا الانتداب البريطاني على فلسطين سنة 1922)، فضلا عن ضعف الفلسطينيين، وقلة خبرتهم في مواجهة بريطانيا "العظمي"، التي كانت أكبر قوة استعمارية في العالم. 

كانت أولى بوادر مقاومة المشروع الصهيوني إنشاء جمعية "الفدائية" أوائل 1919 وقد تكونت لها فروع في يافا والقدس وغزة ونابلس وطولكرم والرملة والخليل، وتولى زعامتها في البداية محمد الدباغ، ثم محمود عزيز الخالدي، واستمرت بأشكالَ مختلفةٍ حتى سنة 1923. وكان من الشخصيات الموجهة لها في الخفاء الشيخ سعيد الخطيب، والحاج أمين الحسيني، والشيخ حسن أبو السعود، والشيخ محمد يوسف العلمي. ونشطت في تجنيد الأعضاء وسط الجندرمة والشرطة الفلسطينية. ورغم أنه تم القبض على كثير من عناصرها، إلا أنه يظهر أن أفرادها شكَّلوا عناصر تحريض مهمة في انتفاضة موسم النبي موسى في القدس في أبريل سنة 1920.[2]
وخلال الفترة ديسمبر 1919 ـ مارس1920، وقعت هجمات عربية على المستعمرات اليهودية في الجليل الأعلى حيث دُمِّرت مستعمرات المطلة وتل حاي وكفر جلعادي، واضطر اليهود للفرار.[3]
انتفاضة موسم النبي موسى، القدس أبريل 1920:
تعد هذه الانتفاضة أولى الانتفاضات الشعبية في فلسطين، وقد حدثت الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة بينما كانت وفود القرى محتشدة في القدس يوم 4 أبريل 1920 للمشاركة في هذا الموسم الديني السنوي.وقد خطب في هذه الحشود عدد من رجالات فلسطين مثل موسى كاظم الحسيني والحاج أمين الحسيني وعارف العارف ... فألهبوا حماس الجماهير. وفي هذه الأثناء، يظهر أن أحد اليهود قد أهان العلم الإسلامي لأهل الخليل، وقام بتلويثه، فهاجمه المتظاهرون وضربوه. ثم تفجر الموقف واتسعت الاشتباكات لتشمل مدينة القدس، وفرضت السلطات البريطانية الأحكام العرفية، وحاولت السيطرة على الوضع،لكن ذيول الأحدث استمرت حتى 10 أبريل 1920.[4]
أسفرت هذه الانتفاضة عن مقتل خمسة يهود وجرح 211 آخرين بينهم 18 إصابة خطيرة. أما من العرب فقد استشهد أربعة وجرح 24 آخرين، كما جرح سبعة جنود بريطانيين.[5]
ورغم أن هذه الانتفاضة بدت انفعالاً عفوياً، إلا أنه من الواضح أن عدداً من القيادات الوطنية والجمعيات والمنظمات التي يقودونها قد قامت بدور تحريضي، ونسّقت بشكل منظم الهجمات ضد اليهود. وكان للحاج أمين الحسيني دور بارز في ذلك، حيث ذكر أحد معاصريه (عجاج نويهض) أنه "في موسم النبي موسى كان للحاج أمين اليد المدبرة الحكيمة في إعطاء اليهود أول درس"؛ وقد حُكم على الحاج أمين وعلى عارف العارف، بعد أن استطاعا الهرب، بالسجن غيابياً لمدة عشر سنوات، لكن المندوب "السامي" البريطاني أصدر عفواً عنهما بعد ذلك، في محاولة لتهدئة الأوضاع. وإثر هذه الانتفاضة قامت السلطات البريطانية بإقالة موسى كاظم الحسيني من رئاسة بلدية القدس، حيث تفرغ لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية حتى وفاته سنة 1934، وقد عيَّنت مكانه راغب النشاشيبي في رئاسة البلدية، لتلعب منذ ذلك الوقت ورقة الصراع العائلي (حسينية ونشاشيبية)، والتي انعكست سلباً على حركة المقاومة طوال الاحتلال البريطاني.[6]
انتفاضة يافا: مايو 1921
عاش شعب فلسطين أجواء من الغضب وخيبة الأمل إثر زيارة وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل إلى فلسطين في 28 مارس 1921، والذي أكد بشكل قاطع دعم بريطانيا للوطن القومي اليهودي، وكان لقاؤه بالوفد العربي الفلسطيني في القاهرة في 22 مارس، وفي القدس في 28 مارس مخيباً للآمال. كما قمعت الشرطة بعنف مظاهرة قامت في حيفا في 28 مارس وقتلت اثنين من العرب، ومنعت المظاهرات ... مما أثار جواً من التوتر.[7]
وقد وقعت شرارة الانتفاضة عندما اعتدت مجموعة من الشيوعيين اليهود ـ المحتفلين بعيد العمال في أول مايو1921 على المسلمين القاطنين في حي المنشية في يافا وحدث إطلاق نار على المارة العرب، صدر - على ما يبدو - من منـزل للمهاجرين اليهود شرقي شارع العجمي. فهاجم العرب منـزل المهاجرين اليهود وقتلوا 13 يهودياً وجرحوا 24 آخرين من أصل مائة يقيمون فيه معظمهم من الشباب. ثم اتسعت الاشتباكات والأحداث لتغطي أجزاء عديدة من شمال فلسطين، ولتستمر جذوتها حتى منتصف مايو1921.[8]
واستفاد اليهود من وجود أفراد الكتيبة اليهودية الذين تسلموا البنادق بحجة الدفاع عن تل أبيب، لكنهم ما لبثوا أن تسرّبوا منها إلى شوارع وأسواق يافا وأخذوا يطلقون النار على العرب وهم يلبسون الزي العسكري البريطاني. وتظاهر أهل يافا مطالبين السلطات بإحلال جنود هنود مكان البريطانيين لأن العرب لا يستطيعون التفريق بينهم وبين اليهود، وقد استجابت السلطات جُزئياً لطلبهم.[9]
ومع اتساع الانتفاضة خارج يافا، قام ثلاثة آلاف عربي بمهاجمة مستعمرة بتاح تكفا، وقد تصدت لهم قوة بريطانية من فوج الفرسان الهندي الثامن وساعدها الطيران البريطاني الذي قام بقصف المهاجمين وقد فقد العرب في هذا الهجوم 28 شهيداً و15 جريحاً وفقد اليهود 4 قتلى و12 جريحا.[10] وفي يوم 6 مايو هاجم حوالي 400 عربي مستعمرة الخضيرة وأحرقوا منـزلين، وكان يمكن أن تدمر المستعمرة لولا تدخل الطيران البريطاني، الذي قصفهم وأجبرهم على الانسحاب.[11] وفي اليوم نفسه، هاجم حوالي 600 عربي مستعمرة رحوبوت، لكن الجيش البريطاني استطاع الوصول في الوقت المناسب، والدفاع عنها. كما هاجم العرب مستعمرتي كفر سابا وعين حاي (اللتين هرب أهلهما إلى بتاح تكفا)، وأوقعوا فيهما الكثير من الدمار.[12]
ومن جهة أخرى، قام اليهود بأسر العرب الموجودين عندهم في مستعمرة بتاح تكفا وقتلوا خمسين مسلماً. ووجد بين القتلى المسلمين من قُتل حرقاً بماء الفضة، وبالآلات القاطعة، ومن شُوِّه وعذب قبل قتله، وكان بين الشهداء أطفال ونساء وبنات هتكت أعراضهن وبقرت بطونهن، وجُرِّدن من ملابسهن، وبلغت هذه الأخبار حد التواتر وثبتت بتقارير الأطباء.[13]
وحسب الإحصاءات الرسمية البريطانية قتل من اليهود 47 وجرح 146، وقتل من العرب 48 وجرح 73.[14] ويبدو أن هذه الأرقام أقل من العدد الحقيقي، ففي اليومين الأولين فقط قُتل من اليهود 40 وجرح 130، كما يظهر أن الإحصائية لم تشمل الشهداء العرب الخمسين الذين قُتلوا في مستعمرة بتاح تكفا. وربما انفرد سامي الجندي بذكر أن شهداء العرب بلغوا 157 وأن جرحاهم وصلوا إلى 705، وأن قتلى اليهود وجرحاهم يزيد عن ذلك.[15] وقد اعترف تقرير اللجنة الملكية البريطانية أن معظم الإصابات وسط العرب كانت على أيدي القوات البريطانية.[16] وذكر تقرير بريطاني آخر أن معظم إصاباتهم كانت برصاص البريطانيين أو اليهود، وأن معظم إصابات اليهود كانت بالسكاكين والعصي على أيدي العرب.[17]
وقد ظهر أيضاً الأداء المتحيز للسلطات البريطانية من خلال الإجراءات القضائية التي اتخذها النائب العام "نورمان بنتويش" - وهو بريطاني يهودي صهيوني كان يتولى أمور القضاء والعدالة في فلسطين - حيث أحال القضايا المتعلقة بالفظائع التي ارتكبها الصهاينة إلى المحاكم كقضايا شخصية بسيطة.[18]
وكان يمكن لهذه الانتفاضة أن تتفاعل وتتسع لولا أن موقف الزعامات السياسية الفلسطينية مال إلى تهدئة الوضع. وقام عدد من الوجهاء ورؤساء البلديات بتهدئة الجماهير. وقدَّرت السلطات البريطانية "خدمات" رؤساء بلديات القدس وطولكرم ويافا وقاضي القدس ومفتيا عكا وصفد فمنحتهم وسام عضو الإمبراطورية M.B.E. وحتى موسى كاظم - رئيس اللجنة التنفيذية التي تُمثل قيادة الحركة الوطنية- قام بنفسه بجولة لتهدئة الوضع، لأن القيادة كانت لا تزال تأمل بحل سياسي، ولم تكن في وضع يؤهلها لأي عمل ثوري.[19]
ومن جهتها، قامت السلطات بعمل استرضائي، إذ أوقفت الهجرة اليهودية مؤقتاً اعتباراً من 14مايو1921. وألقى المندوب السامي هربرت صمويل بيانا في 3 يونيو 1921 ذكر فيه أن بريطانيا لن تفرض على شعب فلسطين سياسة تجعلهم يعتقدون أنها مناقضة لمصالحهم الدينية والسياسية والاقتصادية.[20] وقد نشر هذا جواً من الارتياح في الوسط العربي، غير أنه لم يكن عملياً سوى وسيلة لتهدئة الأمور وترتيب الأوضاع، ليمضي المشروع الصهيوني بوسائل أكثر احترافاً ونجاحاً. وقد اعترف السكرتير العام للحكومة "ديدز" أن الغالبية العربية شعرت بعد ذلك بأشهر بأن الحكومة البريطانية "مقيدة اليد والقدم"، وأن هذا البيان مجرد ذرٍّ للرماد في العيون، وأن الشقة قد اتسعت بين العرب والإدارة البريطانية، التي أصبحوا يرونها والصهيونية شيئاً واحداً.[21]
ثورة البراق: أغسطس 1929
لم تحدث ثورات على مدى واسع بعد ثورة يافا وحتى ثورة البراق. ولكن حدثت بعض الأحداث المتفرقة مثل مظاهرة القدس في ذكرى وعد بلفور في 2نوفمبر1921، التي أدت إلى مقتل خمسة يهود واستشهاد ثلاثة من العرب وإصابة 36 من الطرفين.[22] وفي 20 مارس 1924، كان اليهود يحتفلون بعيد المساخر، وأشركوا في مساخرهم زي العلماء المسلمين مما أثار حفيظة المسلمين، فقُتل يهودي وآخر مسلم، وجرح يهودي واثنان من المسلمين.[23] وفي 25 مارس 1925 أضربت فلسطين إضرابا شاملا بمناسبة زيارة بلفور إلى فلسطين.[24] وكان من أسباب حالة الهدوء خلال 1922-1928 تراجع معدلات الهجرة اليهودية، وحالة الانقسام والتفكك التي شهدتها الحركة الوطنية الفلسطينية.
وحائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى، ويسميه اليهود حائط المبكى، وكان المسلمون يسمحون لليهود بزيارة المكان الذي هو وقف إسلامي من باب التسامح الديني. وقد حدث أول تصعيد خطير بشأن حائط البراق في 23 سبتمبر 1928 عندما حاول اليهود تغيير حالة الأمر الواقع، وتحويل المكان إلى ما يشبه الكنيس اليهودي. فأسس المسلمون في 30 سبتمبر "لجنة الدفاع عن البراق الشريف". وعقدوا في القدس مؤتمراً إسلامياً في الأول من نوفمبر 1928، حضرته وفود من الأردن والعراق ولبنان وسوريا والهند، وقرر المؤتمر تشكيل "جمعية حراسة المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة".[25]
ثم حدث تصعيد يهودي آخر في 15أغسطس1929 حيث نظم اليهود مظاهرات في القدس اتجهت إلى حائط البراق وهناك رفعوا العلم الصهيوني، وأنشدوا نشيدهم الوطني، وشتم خطباؤهم رسول الله r والإسلام والمسلمين. وقام المسلمون في اليوم التالي بمظاهرة مضادة من المسجد الأقصى. وحدث شجار بين العرب واليهود في 17 أغسطس زاد الأوضاع توتراً. ثم وقعت صدامات واسعة بعد صلاة الجمعة يوم 22 أغسطس في القدس. ولم تكد أخبار هذه الصدامات تصل إلى الناس حتى عمت المظاهرات والصدامات جميع أنحاء فلسطين واستمرت بشكل عنيف أسبوعاً كاملا، غير أن جذوتها لم تنطفئ إلاّ بعد أيام أخرى تالية.[26]
وفي 24 أغسطس قام العرب في الخليل بمهاجمة الحي اليهودي فقتلوا أكثر من ستين يهودياً وجرحوا أكثر من خمسين آخرين، وتمكنت الشرطة من الحؤول دون وقوع مذبحة هائلة لليهود، فاصطدمت بالمتظاهرين،[27] وذُكر أنها قتلت عشرة منهم وجرحت آخرين.[28] وفي يوم 29 أغسطس هاجم العرب الحي اليهودي في صفد فقتلوا عشرين وجرحوا 25 آخرين.[29] وفي الفترة من 24 أغسطس وحتى 2 سبتمبر هاجم العرب الكثير من المستعمرات اليهودية، ودمروا ستة منها تدميراً كاملاً. وهوجم اليهود في يافا وبيسان. وتحولت فلسطين إلى ساحة قتال، ولم تستطع السلطات البريطانية الإمساك بزمام الأمور إلاّ في 28 أغسطس، عندما اكتملت التعزيزات العسكرية.[30]
أسفرت هذه الثورة عن مقتل 133 يهودياً وجرح 339 آخرين، معظمهم أصيب على أيدي العرب. واستشهد من العرب 116 وجرح 232 معظمهم على يد الشرطة والجيش البريطاني.[31] وكانت الإصابات بين البريطانيين نادرة جداً، لأن الثورة كانت موجهة ضد اليهود فقط. وقد سِيق إلى المحاكمة حوالي 1300 شخص 90% منهم من العرب.[32] واتهم العرب مرة أخرى مسؤول "العدالة" في فلسطين اليهودي "بنتويش" بالظلم والتحيز الفاضح. وذكروا أنه أخذ يتهم العرب بالعشرات، ويُفرج عن اليهود حتى القتلة بكفالة وبدون كفالة، وأنه أفرج عن مجرم يهودي متهم بقتل أربعة من العرب، أحرق أحدهم حرقاً.[33] وقد جرت محاولة لاغتيال بنتويش، أصيب على إثرها في فخذه، ثم إن السلطات البريطانية أعفته من منصبه سنة 1931.[34] وقد نفذت السلطات البريطانية ثلاثة أحكام بالإعدام على ثلاثة من العرب هم عطا الزير، ومحمد جمجوم، وفؤاد حجازي. وكان استشهادهم في 17يونيو1930، يوماً مشهوداً في تاريخ فلسطين عرف بـ"الثلاثاء الحمراء". وقد أبدى الثلاثة ضروباً من الشجاعة والثبات عند التقدم إلى حبل المشنقة، وطلب الزير وجمجوم "حناء" ليخضبوا أيديهما، وهي عادة عربية في منطقتهما للدلالة على الاغتباط بالموت، وأنشدوا وأنشد أهل فلسطين معهم:
إننا نهوى الظلاما
نور فجر يتسامى[35]
يا ظلام السجن خيِّم
ليس بعد الليل إلاّ

كانت هذه الثورة أولى الثورات التي تشمل كل فلسطين، لكنها استهدفت كسابقتيها اليهود فقط وليس البريطانيين، حيث كان لا يزال بعض الأمل في أن يغير البريطانيون مواقفهم. ولكن الفلسطينيين أدركوا تماماً بعد هذه الثورة أن المشروع الصهيوني تحميه الحراب البريطانية، وأن صراعهم يجب أن يوجه بالدرجة الأولى ضد بريطانيا نفسها. 
وقد اتخذت هذه الثورة بُعداً إسلامياً واضحاً من خلال سعي المسلمين للدفاع عن حرمة المسجد الأقصى وحقهم في حائط البراق. كما ثبت بعد ذلك أن الحاج أمين الحسيني (مفتي فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى) كان وراء التخطيط والإعداد السري لهذه الثورة.[36]
ثورة الكف الأخضر: 1929 ـ 1930
كانت الكف الأخضر هي أولى المجموعات الثورية ظهوراً بعد ثورة البراق. وقد تركز نشاطها في شمال فلسطين وخصوصاً في قضاءي صفد وعكا. وبدأت هذه المجموعة بـ 27 رجلاً من الثوار الذين شاركوا في ثورة البراق، والذين هربوا من قبضة السلطات الأمنية. وقد انضم إليهم عشرات آخرين ليصل عددهم إلى نحو ثمانين رجلاً، وقد لاقوا تعاطفا واسعا من السكان. وقامت هذه المجموعة بهجمات على اليهود وضد الشرطة، ونشطت خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 1929. وقد تولى قيادتها أحمد طافش. 
وقد قامت السلطات البريطانية بعمليات مسح شاملة، وبتسيير الدوريات الراجلة، وتفتيش القرى، وقام الطيران البريطاني بالمساعدة في عمليات المسح الجوي. كما تم التعاون مع السلطات الفرنسية وقوات حدود شرق الأردن في عمليات الملاحقة، التي استمرت بشكل مكثف طوال شهري يناير وفبراير 1935. وتمكنت من القبض على أحمد طافش في شرق الأردن في 27 يناير 1930. 
ولم تستطع هذه المجموعة الثورية من الاستمرار بسبب ما تعرضت له من حملات، ولأن الزعامات السياسية الفلسطينية لم تتبن أسلوبها في العمل، ولم تدعمها، ولم تتعاون معها.[37]
انتفاضة أكتوبر 1933:
أخذت الهجرة اليهودية تتزايد بشكل خطير منذ مطلع الثلاثينيات، ونشطت الحركة السياسية الفلسطينية، وتزايد الوعي بأن بريطانيا هي "أصل الداء وسبب البلاء"، حيث تأكد للفلسطينيين أن مشكلتهم هي أساساً مع بريطانيا، وركَّزت على ذلك حملات حزب الاستقلال وجمعيات الشبان المسلمين. وطالبت اللجنة التنفيذية العربية-التي تمثل العرب الفلسطينيين سياسياً - بوقف الهجرة، وهدّدت بتبني سياسة اللاتعاون مع السلطات. وعندما رفضت السلطات البريطانية الطلب، قررت اللجنة تصعيد الموقف بتسيير المظاهرات دون إذن السلطات. وقررت الإضراب العام في فلسطين يوم 13 أكتوبر 1933، وإقامة مظاهرة كبرى في القدس، بحيث تتوالى بعد ذلك المظاهرات في مدن وقرى فلسطين، وتُضرب البلاد في كل مرة تحدث فيها المظاهرات. وألزمت اللجنة التنفيذية أعضاءها بتقدم المسيرات، وأصدرت بياناً أكدت فيه أن"عرب فلسطين قد يئسوا يأسا تاماً من الحكومة، فهم لا يخاطبونها في شيء، ولا يطلبون منها شيئاً".[38]
وفي يوم 13 أكتوبر أضربت فلسطين وخرجت مظاهرة كبيرة من المسجد الأقصى بقيادة اللجنة التنفيذية، وقامت الشرطة بتفريق المتظاهرين بالقوة مما أدى إلى وقوع 11 جريحاً بينهم خمسة من الشرطة.[39]
وفي يوم 27 أكتوبر عمّ الإضراب فلسطين، وخرجت مظاهرة كبيرة في يافا بعد صلاة الجمعة بقيادة اللجنة التنفيذية، وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين، إلا أن الأمر تحوّل إلى مواجهاتٍ عنيفةٍ، أدّت - حسب المصادر البريطانية - إلى مقتل 14 عربياً بالرصاص وجرح العشرات. بينما ذكر بيان اللجنة التنفيذية أن ثلاثين قد قتلوا وجرح مائتين. واعتقلت السلطات 12 من القادة الفلسطينيين، بينهم ثلاث أعضاء في اللجنة التنفيذية، وأصيب موسى كاظم الحسيني -رئيس اللجنة- بكدمات، وذُكر أنه تُوفي متأثراً بهذه الإصابة في مارس 1934.[40]
وقد أحدثت "مجزرة يافا" ردود فعل غاضبة، فقامت مظاهرات عنيفة في مدن فلسطين، واستمر الإضراب العام أسبوعاً كاملاً. وحدثت مواجهات مع الشرطة في حيفا ونابلس والقدس. وحسب الإحصاءات العربية فقد استشهد في القدس ويافا وحدهما 35 وجرح 255.[41] أما المصادر البريطانية فأشارت إلى استشهاد ما مجموعه 26 عربياً وجرح 187 آخرين، بينما قتل شرطي واحد.[42]
وكان من الواضح أن مشاعر العداء ضد بريطانيا قد وصلت حداً كبيراً، وكانت هذه أولى المواجهات العامة الموجهة مباشرة ضد بريطانيا وسياستها. وقد حاول المندوب "السامي" البريطاني تهدئة الوضع قُبيل أحداث يافا عندما اجتمع باللجنة التنفيذية في 25 أكتوبر، لكن أحد أعضائها نقل له طلب كثير من الناس أن يخبروه أنه "ليس لدينا ما نخسره، لقد فقدنا الثقة بالحكومة، لقد فقدنا أرضنا، فقدنا كل شيء، ولن نبالي بما سيحدث لنا".[43]


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:19 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:09 am

عبد القادر الحسيني الشيخ عز الدين القسام


الحاج أمين الحسيني


استشهاد الشيخ عز الدين القسام: نوفمبر 1935
نتحدث في مكان آخر من هذا الكتاب عن جماعة القسام"الجهادية" ودورها، غير أننا نكتفي هنا بالتركيز على إعلان الشيخ القسام الثورة في فلسطين. فبعد نحو عشر سنوات من التنظيم والإعداد السري الجهادي، قرر الشيخ القسام إعلان الثورة في نوفمبر 1935. وقد توافق ذلك مع الازدياد الهائل في الهجرة اليهودية والاستيطان، وتهريب اليهود للسلاح بكميات ضخمة، فضلاً عن ازدياد الرقابة على القسام ورفاقه. وتلخصت خطة القسام في الخروج إلى القرى، وحضّ الناس على شراء السلاح، والاستعداد للثورة. وقد خرج القسام مجاهداً في الجبال في شمال فلسطين مع نفر من أصحابه، بعد أن باع بيته، وبعد أن باع أصحابه حلي زوجاتهم وبعض أثاث بيوتهم، ليشتروا بها البنادق والرصاص. 
وقد فقد القسام وإخوانه عنصر المباغتة عندما كُشف أمرهم ومكانهم قبل أوانه، حيث كانوا يخططون للهجوم على إحدى المستعمرات اليهودية "بيت ألفا". وبعد فجر يوم20نوفمبر1935، طَوّقت قوات كبيرة من الشرطة تقدر ب400 رجل - مُعظمُهم من الإنجليز - القسامَ وعشرةً من إخوانه، في أحراش بلدة يعبد، واستمرت المعركة أربع ساعات ونصف. وحسب المصادر العربية فإن البريطانيين خسروا 15 رجلاً، لكن التقارير البريطانية تشير إلى مقتل شرطي واحد وجرح آخر. وقد استشهد في هذه المعركة الشيخ القسام نفسه واثنان من رفاقه، كما قُبض على ستة آخرين.[44]
ولا تنبع أهمية الحادثة من الاشتباك نفسه أو من عدد القتلى والجرحى، وإنما من أن استشهاد القسام قدم نموذجاً عملياً في التضحية والفداء لأحد كبار العلماء في فلسطين. وكان استشهاده علامة فارقة في تاريخ فلسطين الحديث، وأحدث تَغيّراً أساسياً في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية. إذ أنه كرس البديل الجهادي بعد سنوات من العمل السياسي غير المجدي. وألهبت حركته وتضحيته الحماس "وصارت مثلاً رائعاً للجرأة والجهاد العلني ضد الإنجليز"،[45] "وقامت البلد وقعدت، واهتزت أيما اهتزاز، وزُلزلت أيما زلزال".[46] وأطلق شعب فلسطين على القسام لقب "أبو الوطنية".[47] وكان القسام محقاً قبل استشهاده، عندما قال قبل ابتداء المعركة أنه وإخوانه عبارة عن عود ثقاب "كبريت" سيشعل الثورة في البلاد. فاستشهاد القسام لم يكن نهاية حركته، بل بداية الثورة.[48] وقد شارك في جنازة القسام ثلاثون ألفا من مختلف أرجاء فلسطين، وبلغ حماس الجماهير مداه وترددت صيحاتها بالانتقام.[49]
الثورة الفلسطينية الكبرى 1936- 1939:
تعد هذه الثورة من أعظم الثورات في تاريخ فلسطين في القرن العشرين وقد عبّرت عن روح التضحية والفداء والمصابرة والإصرار على الحقوق التي تميز بها أبناء فلسطين. وتمكنت هذه الثورة في بعض مراحلها من السيطرة على كل الريف الفلسطيني، بل والسيطرة على عدد من المدن، بينما انكفأت السلطات البريطانية في بعض المدن المهمة. وقدّمت هذه الثورة نموذجاً عالمياً هو أطول إضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ حيث استمر 178 يوما. وربما لو كان الأمر مقتصرا على الصراع بين شعب فلسطين وبين الاستعمار البريطاني لنالت فلسطين حريتها واستقلالها منذ تلك الثورة، إذا ما قارنا هذه الثورة بثورات الشعوب التي نالت استقلالها. ولكن وجود العامل اليهودي-الصهيوني وتأثيره القوي داخل فلسطين وفي بريطانيا والدول الكبرى جعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً، وفرض أن تتسع دائرة مشروع التحرير إلى الدائرة العربية والإسلامية. 

وتنقسم الثورة إلى مرحلتين، كانت بينهما مرحلة توقف أشبه "بالهدنة المسلحة" المشوبة بالتوتر. 

المرحلة الأولى من الثورة: أبريل - أكتوبر 1936
لم تُلق جماعة "الجهادية" (القساميون) السلاح بعد استشهاد قائدها، فقامت باختيار قائد جديد هو الشيخ فرحان السعدي - على الرغم من كونه في الخامسة والسبعين من عمره - إلا أنه كان لا يزال مقاتلاً صلباً نشطاً مشهوراً بدقته في إصابة الهدف. وقد عملت هذه الجماعة على تهيئة الظروف لانطلاقة أقوى وأوسع. 
وقد تفجّرت الشرارة الأولى للثورة الكبرى في فلسطين يوم 15 أبريل 1936، عندما قامت مجموعة قسامية بقيادة الشيخ فرحان السعدي بقتل اثنين من اليهود وجرح ثالث على طريق نابلس-طولكرم. وقد ردّ اليهود باغتيال اثنين من العرب في اليوم التالي، ثم حدثت صدامات واسعة بين العرب واليهود في منطقة يافا يوم 19أبريل أدت إلى مقتل تسعة يهود وجرح 45 آخرين،وقتل من العرب اثنان وجرح 28.[50] وساد البلاد جو شديد من التوتر، أعلنت الحكومة على إثره منع التجول في يافا وتل أبيب كما أعلنت حالة الطوارئ في كل فلسطين.[51]
وفي 20 أبريل شُكِّلت في نابلس لجنة قومية غير حزبية، كان وقودها الدافع مجموعة من الشبان المثقفين في مقدمتهم أكرم زعيتر. وقد دعت اللجنة إلى الإضراب العام في فلسطين، على أن يستمر إلى أن تعلن الحكومة البريطانية استجابتها للمطالب الوطنية.[52] وقد لقي الإضراب استجابة واسعة، وتشكلت لجان قومية في أنحاء فلسطين لتأمين الإضراب وإنجاحه، وتجاوبت الأحزاب العربية الفلسطينية مع الإضراب وأيدته. ثم ما لبثت-تحت الضغط الشعبي- أن وحدت القيادة الفلسطينية بتشكيل "اللجنة العربية العليا" في 25 أبريل والتي وافق الحاج أمين الحسيني على رئاستها. وهكذا نزل الحاج أمين لأول مرة منذ 16 عاما إلى ميدان المعارضة المكشوفة للسلطات البريطانية. وقد قررت اللجنة العليا الاستمرار في الإضراب، وأكدت على مطالب الشعب الفلسطيني المعروفة بإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنع انتقال الأراضي العربية إلى اليهود، وإنشاء حكومة وطنية مسؤولة أمام مجلس نيابي.[53] 
وهكذا، دخلت فلسطين في إضراب شامل استمر ستة أشهر، وأصيبت فيه مظاهر العمل والنشاط التجاري والصناعي والتعليمي والزراعي والمواصلات في جميع المدن والقرى بالشلل.[54] وقد زاد من حدة الإضراب تبنّي الفلسطينيين سياسة "العصيان المدني" بتنفيذ الامتناع عن دفع الضرائب اعتباراً من 15 مايو.[55] وأخذ الوضع الفلسطيني يأخذ شكل الثورة الشاملة مع مرور الوقت، فأخذت العمليات الثورية المسلحة التي بدأت محدودة متفرقة-في الانتشار والتوسع حتى عمت معظم أرجاء فلسطين، وبلغ معدلها خمسين عملية يومياً،[56] وزاد الثوار حتى بلغوا حوالي خمسة آلاف،[57] معظمهم من الفلاحين الذين يعودون إلى قراهم بعد القيام بمساعدة الثوار الذين تفرغوا تماماً. وبعد جهود سرية قام بها الحاج أمين ورفاقه، حدث تطور نوعي في الثورة، وذلك بقدوم تعزيزات من الثوار العرب من العراق وسوريا وشرق الأردن بلغت حوالي 250 رجلاً. وكان على رأسها القائد العسكري المعروف فوزي القاوقجي الذي وصل في 22 أغسطس وتولى بنفسه القيادة العامة للثورة، ونظم الشؤون الإدارية والمخابرات، وأقام محكمة للثورة، وأسس غرفة للعمليات العسكرية.[58] وقد اعترفت القيادة العسكرية البريطانية في تلك المدة بتحسن تكتيكات الثوار، مشيرة إلى أنهم أظهروا علامات على فعالية القيادة والتنظيم.[59] 
ولم تنفع الوسائل السياسية والعسكرية البريطانية في إيقاف الإضراب والثورة، بما في ذلك إعلان بريطانيا في 18 مايو إرسال لجنة ملكية "لجنة بيل" للتحقيق في أسباب "الاضطرابات"، ورفع التوصيات لإزالة أي"ظلامات مشروعة"، ومنع تكرارها.[60] ولم تتوقف المرحلة الأولى من الثورة الفلسطينية الكبرى والإضراب إلا في 12 أكتوبر 1936 إثر نداء وجهه زعماء السعودية والعراق وشرق الأردن واليمن لأهل فلسطين بـ"الإخلاد إلى السكينة حقناً للدماء، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية، ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل، وثِقُوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم".[61]
بلغت عمليات المجاهدين في هذه المرحلة من الثورة حوالي أربعة آلاف. ويبدو أن السلطات البريطانية تكتمت كثيرا على خسائرها وخسائر الأطراف الأخرى، لتُهوِّن من شأن الثورة، فذكرت أنه قُتل من اليهود 80 وجرح 288، وقتل من الجيش والشرطة البريطانية 35 وجرح 164، فيما قتل من العرب 193 وجرح 803. وحسب عزة دروزة فإن عدد قتلى العرب زاد عن 750 وعدد الجرحى زاد عن 1500.[62] واستدل مكتب الإحصاء الفلسطيني على "كذب البيانات الرسمية" بأنه بعد أقل من شهرين من بدء الإضراب بلغ عدد قتلى الجنود الذين دفنتهم إدارة الصحة في نابلس 162 جندياً.[63] وقد بلغت خسائر الحكومة البريطانية بسبب الإضراب 3.5 مليون جنيه استرليني عدا خسائر توقف التجارة والسياحة، وهو ما يوازي ميزانية فلسطين لسنة كاملة في ذلك الوقت.[64] وقُدّرت خسائر العرب بعدة ملايين من الجنيهات، رغم أن كل ما جاءهم من إعانات خارجية لم يصل إلى 20 ألف جنيه. وبلغ عدد المنكوبين العرب 300 ألف (ثلث الشعب الفلسطيني). بينهم 40 ألفا من مدينة يافا وحدها.[65]
مرحلة التوقف المؤقت للثورة: أكتوبر 1936 - سبتمبر 1937
دخلت فلسطين بعد توقف الإضراب في شبه هدنة مؤقتة، بانتظار نتائج توصيات اللجنة الملكية "لجنة بيل"، التي أرسلت للتحقيق في مطالب أهل فلسطين. وقد حافظ الثوار على درجة من التوتر يسهل معها انتقال البلاد إلى الوضع الثوري السابق، في حالة عدم تحقيق المطالب العربية. ولذلك، فقد استمرت عمليات المجاهدين ذات الطابع الفردي كالنسف والقنص والاغتيالات السياسية. وقد اعترفت الحكومة البريطانية بمقتل 97 شخصا بينهم 9 جنود بريطانيين، وجرح 149 بينهم 13 من الشرطة والجيش خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1937.[66] 
وقد أوصت اللجنة الملكية في خلاصة تقريرها - الذي رفعته للحكومة البريطانية في 22 يونيو 1937، ونشرته الحكومة في 7 يوليو - بتقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية وأخرى يهودية، على أن تبقى الأماكن المقدسة وممر إلى يافا تحت الانتداب البريطاني، وقد اجتاحت البلاد موجة من السخط أدّت إلى تفجُّر المرحلة الثانية من الثورة. 
المرحلة الثانية من الثورة: سبتمبر 1937 - سبتمبر 1939
كان حادث اغتيال أندروز Andrews حاكم لواء الجليل-على يد جماعة القسام يوم26 سبتمبر 1937 - المؤشر البارز على بدء المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية.وقد عُدَّ مقتل أندروز صدمة كبيرة للسلطات البريطانية إذ كان أول اغتيال لشخصية مدنية كبيرة، وعُدَّ إعلاناً صريحاً للثورة ضد الحكم البريطاني.[67] ويبدو أن حكومة فلسطين كانت مستعدة تماماً للقيام بإجراءات ثورية قمعية قاسية، وكان من الواضح وجود روح من التوافق بين السلطات المدنية والعسكرية لاعتماد أسلوب الشدة والقوة لسحق أي "اضطرابات" من جذورها ... ولذلك لم تتردد هذه المرة - اعتباراً من الأول من أكتوبر 1937 - من حل اللجنة العربية العليا، وإبعاد بعض أفرادها إلى جزر سيشل، وإقالة المفتي من رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى،وحل اللجان القومية والقيام بحملة اعتقالات واسعة.[68]
وكان متوقعاً بالنسبة لمؤيدي سياسة "القبضة الحديدية" الذين انتقدوا بمرارة "عجز" السلطات المدنية في ثورة1936، أن يؤدي أسلوب السلطة الجديد إلى سحق الثورة في مهدها. ولكن الذي حدث كان عكس ذلك تماما، فقد تفجرت ثورة كبرى استمرت أربعة أضعاف تلك المدة التي عاشتها المرحلة الأولى من الثورة ...،ولم تتوقف هذه الثورة إلاّ بعيد اندلاع الحرب العالمية الثانية في أواخر سنة 1939. 
ففي يوم فرار الحاج أمين الحسيني إلى لبنان في 14 أكتوبر استؤنفت العمليات الجهادية بشكل واسع.[69] ورغم محاولات الجيش سحق هذه الثورة بكل الوسائل، إلا أنها استطاعت الاستمرار والانتشار، وعاشت فلسطين جواً من الثورة الوطنية العارمة التي حظيت بدعم شعبي هائل. وفي صيف 1938 وصلت الثورة إلى قمة نفوذها، وخضعت لهيمنتها مناطق واسعة، خصوصا شمال فلسطين ووسطها، وتحطمت الإدارة المدنية في معظم مناطق فلسطين. واقتحم الثوار العديد من المدن المهمة، وكانوا يسيرون وهم مسلحون تماماً في شوارع نابلس دون خوف، وأظهر الثوار قدرة جيدة على التنظيم وفعالية في "حرب العصابات"، وشكلوا محاكم للفصل في القضايا، وعاقبوا بحسم السماسرة والجواسيس والعملاء.[70] وأصبح قادة الثوار بمثابة الحكام الإداريين في مناطقهم ... وعندما كان يَحلُّ القائد في قرية كانت تزدحم بأهل القرى المجاورة ووفود المدن القريبة"وتقام فيها الولائم والحفلات، وتنشد الأهازيج، وترسل الزغاريد، كأن الناس في عرس أو عيد، غير مبالين ولا متحسبين، كأنه لم يكن للحكومة وجود.[71] وزادت أعداد الثوار حتى بلغت حوالي عشرة آلاف، غير أن عدد المتفرغين منهم تماماً للثورة لم يكن يزيد على ثلاثة آلاف، وكان هناك ألف يعملون في المدن، والباقي من الفلاحين الذين يقومون بنجدة إخوانهم في المعارك عندما تستدعي الحاجة.[72] وبلغ من شدة الثورة أن وزير المستعمرات عدَّ فلسطين "أصعب بلد في العالم"،[73] ووصف مهمة المندوب السامي والقائد العام للقوات البريطانية بأنها "أشق مهمة واجهت السلطات البريطانية في أية بلاد أخرى بعد الحرب العظمى".[74] 
وشُكّلت في سوريا ولبنان "لجنة الجهاد المركزية" تحت إشراف وتوجيه الحاج أمين، وتولى إدارتها الفعلية في دمشق محمد عزة دروزة، وقد اهتمت اللجنة بتوجيه الثورة وإمدادها وإسعاف منكوبيها.[75] أما قيادة الثورة في فلسطين فقد تولاها الفلسطينيون أنفسهم، وأبدى العديد من قادتهم مهارة كبيرة، غير أن قادة الثورة لم يتوحدوا جميعا تحت قائد واحد، بسبب وجود شيء من التكافؤ جعل من الصعب قيادة أحدهم للجميع. لكن جماعة القسام استطاعت أن توحد تحت قيادة أبي إبراهيم الكبير -وبمساعدة عدد من إخوانه أعضاء الجماعة كيوسف أبو درة ومحمد الصالح وأبو إبراهيم الصغير وسليمان عبد القادر - مناطق شمال فلسطين وقسماً من مناطق نابلس وقسماً من منطقة القدس الشمالية، وهي من أكثر المناطق التي تركزت فيها الثورة. وبرز من القادة أيضا عبد الرحيم الحاج محمد في منطقة طولكرم الشرقية، وكان يعرف في بعض مراحل الثورة بالقائد العام، كما برز عارف عبد الرزاق في منطقة طولكرم الغربية، وتولى حسن سلامة قيادة منطقة اللد، وتولى عيسى البطاط قيادة منطقة الخليل، كما تولى عبد القادر الحسيني قيادة منطقة القدس.[76] 
وقد اتخذت هذه الثورة طابعاً إسلامياً جهادياً عاماً من خلال الدور العظيم لجماعة القسام في شمال فلسطين ووسطها، وحركة الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني في مناطق القدس والخليل، ومن خلال القيادة السياسية لمفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني للحركة الوطنية الفلسطينية، وكذلك عبد الرحيم الحاج محمد المشهور بتدينه والتزامه ... وغيرهم، وفي التعميم على محاكم المجاهدين بالحكم بكتاب الله وسنة رسوله.[77]
وكانت أحلك الأيام التي واجهت السلطات البريطانية ومخابراتها هي صيف 1938، إذ قُضي على الجواسيس في معظم المناطق، ولم تجد السلطات ما تفرق به بين الثوار في المدن عن غيرهم سوى اعتبار كل لابس للكوفية والعقال ثائرا، (وكان هذا غطاء الرأس المعتاد للفلاحين) فتقوم السلطات بملاحقته. ولذلك أصدر الثوار أمراً في أغسطس 1939 لأهل المدن الفلسطينية بنـزع الطربوش (غطاء الرأس في المدن)، ولبس الكوفية والعقال، وذلك إعلاناً للتضامن التام مع الثوار ورمزا لكون الجميع ثواراً. وما أن صدر الأمر حتى سارع أهل فلسطين إلى الاستجابة فزال الفارق الظاهري بين الثوار وغيرهم، وزال الطربوش نهائياً، مما أدهش السلطات، التي فوجئت أن شعبا بكامله ينـزع لباس رأسه، الذي هو من تقاليده الموروثة.[78] 
وقد اضطرت السلطات البريطانية إلى إرسال تعزيزات عسكرية ضخمة يقودها أفضل قادة بريطانيا العسكريين أمثال ديل Dill، وويفل Wavell، وهنينج Haining، ومونتجمري Montgomery. وقامت عملياً بإعادة احتلال فلسطين قرية قرية، مستخدمة كافة وسائل البطش والدمار والعقوبات الجماعية، ومستعينة بكافة الوسائل الحديثة لجيش من أقوى جيوش العالم من طيران ودبابات ومدافع وغيرها. واستمرت الحملة عنيفة قاسية خصوصاً من شهر أكتوبر 38 وحتى شهر أبريل 1939. وخلال عام واحد (نوفمبر 1938 - نوفمبر 1939). كانت القوات البريطانية قد قامت باحتلال 2088 قرية وتفتيشها.[79] أي أن كل قرية في فلسطين احتلت وفتشت بما معدله مرتين، لأن مجموع قرى فلسطين يبلغ حوالي ألف قرية. ولذلك فقد عانت الثورة من حالة من التراجع والضعف خصوصا منذ أبريل 1939. حيث فقدت الكثير من زخمها، واستشهد الكثير من قادتها بينما اضطر آخرون للانسحاب. غير أن جذوة الثورة استمرت بالانطفاء التدريجي حتى أواخر سنة 1939.
وحسب الإحصائيات البريطانية فإن مجموع العمليات التي قام بها الثوار خلال فترة 1936-1939 كانت كما يلي:[80]
1939 1938 1937 1936 السنة
952 4969 598 4076 مجموع العمليات
ولا يظهر أنه توجد إحصائيات رسمية دقيقة حول الإصابات في المرحلة الثانية من الثورة لكن تقدير أحد القادة السياسيين المؤرخين المعايشين لتلك الأحداث، وهو محمد عزة دروزة، وكان يتولى إدارة اللجنة المركزية للجهاد في أثناء الثورة،يذكر أن إصابات اليهود كانت نحو 1500 ربعهم إن لم يكن ثلثهم من القتلى، وهو قريب من الإحصائيات الرسمية اليهودية، وقَدَّر الإصابات في الجيش والشرطة البريطانية بـ1800 قتيل وجريح، بينما قَدَّر قتلى العرب بثلاثة آلاف وجرحاهم بسبعة آلاف.[81] 
توقفت هذه الثورة نتيجة إعادة احتلال بريطانيا "العظمى" لفلسطين، ونتيجة تنسيقها وتعاونها الميداني مع اليهود في فلسطين. وكذلك بسبب حالة الإنهاك والإعياء والانهيار الاقتصادي التي أصابت شعب فلسطين طيلة ثلاث سنوات ونصف، دون أن يجد عوناً جاداً من بلاد العرب والمسلمين، التي كانت هي الأخرى ترزح تحت النفوذ الاستعماري. وبسبب استشهاد كثير من قادة الثورة، ثم بسبب الخلافات الداخلية الفلسطينية الحزبية والعائلية التي ظهرت أواخر مراحل الثورة، واستثمرتها بريطانيا بشكل يسئ إلى الثورة ويضعفها. 
على أن هذه الثورة أجبرت بريطانيا على إصدار كتابها الأبيض[82] في مايو 1939 الذي وعدت فيه باستقلال فلسطين خلال عشر سنوات، وبإيقاف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات، ووضع قيود مشددة على انتقال الأراضي لليهود، وقد كان ذلك أحد العوامل التي أسهمت في تهدئة الثورة. 

الحرب العربية الإسرائيلية
حرب 1948:
تمثل هذه الحرب أحد أكبر مآسي التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي الحديث والمعاصر، إذ إنها الحرب التي أدت إلى سقوط 77% من أرض فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني وإنشاء كيانه"الإسرائيلي" عليها، وتشريد نحو ثلثي شعب فلسطين. 
ولا تستطيع بضعة وريقات أن تغطي أحداث هذه الحرب - المأساة التي كتب حولها الكثير من الكتب والدراسات،لكننا نأمل أن نقدم صورة عامة تتوافق مع منهجنا في كتابة هذا الكتاب، والذي يميل إلى التركيز والاختصار ووضع اليد على المفاصل الهامة للأحداث. 
كانت هذه الحرب نتيجة مباشرة لقرار الاستعمار البريطاني الانسحاب من فلسطين وإيكال الأمر إلى الأمم المتحدة، التي أصدرت تحت ضغط القوتين العظميين آنذاك (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) قرار رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية (45%) ويهودية (54%) ومنطقة دولية (1%). 
ولا يمكن فهم تطورات الحرب ونتائجها إلا بتصور أوضاع القوى المختلفة ذات العلاقة، وفيما يلي أبرز ملامحها: 
فلسطينياً:
- خرج شعب فلسطين منهكاً من ثورته الكبرى ضد بريطانيا، وعانى من الحكم العسكري الصارم طيلة الحرب العالمية الثانية 1939- 1945.
- افتقد شعب فلسطين القيادة السياسية والعسكرية المحلية الميدانية المتماسكة، ذات القدرة الفاعلة على الحشد والتعبئة والتنظيم. 
- افتقد شعب فلسطين البناء المؤسسي العسكري والاقتصادي القادر على مواجهة الأحداث، لأسباب متعددة أهمها، سياسات الاستعمار البريطاني. 
- عانت القيادة السياسية من مشاكل جمة داخل فلسطين وخارجها، فالعديد من القادة لم يكن قادراً على دخول فلسطين كالحاج أمين نفسه زعيم فلسطين، الذي كانت له مشاكله أيضاً مع بلاد كالأردن والعراق، واللتان سعتا لتجاوزه وتهميش دوره، كما لم يكن حراً في حركته داخل مصر نفسها. 
- كان قرار الدول العربية هو تولي أمر تحرير فلسطين بنفسها، وإلزام الفلسطينيين بما يرتأونه، وفق قرارات الجامعة العربية وقادة هذه الدول. ولذلك خرج القرار السياسي والعسكري عملياً من أيدي الفلسطينيين. 
- عانى الفلسطينيون من ضعف مُريعٍ في التسليح، فضلاً عن الضعف الشديد في الإمكانات الاقتصادية التي يمكن أن تسهم في شراء الأسلحة، وفضلا عن حظر الدول الكبرى وصول هذه الأسلحة إليهم، فإن الدعم العربي كان هزيلاً جداً. وعلى الرغم من أن المقرر لأبناء فلسطين كان قليلاً، إلا أن الحكومات العربية لم تعطهم منه سوى رُبعِهِ، وكان الكثير من هذا الربع غير صالح للاستعمال!![83] وقد زاد الأمر مأساوية أن بعض الجيوش العربية قامت بنـزع أسلحة الفلسطينيين ـ بدل تسليحهم ـ بحجة المحافظة على الأمن والنظام.[84]
عربياً:
- كانت البلاد العربية إما مستقلة حديثاً، ولم يشتد عودها بعد، أو لا تزال تحت بعض أشكال النفوذ الاستعماري، بحيث لم تكن كاملة الحرية في قرارها السياسي. 
- كانت الجيوش العربية قليلة الخبرة، لم تخض حرباً حقيقية قبل ذلك، وكان معظم ضباط أحدها (45 من أصل 50) من البريطانيين.[85] كما لم تكن تملك معلومات كافية من فلسطين، بل إن بعضها جاء للحرب دون خرائط كالجيش العراقي، وكانت معلوماتها ضعيفة، إن لم تكن منعدمة، عن القوات الصهيونية وإمكاناتها. 
- رغم أن الدول العربية قررت تولي زمام الأمر بنفسها، إلا أنها لم تحشد ولم تعبِّئ كافة طاقاتها للمعركة، وتعامل البعض معها وكأنها نزهة عسكرية، مهونين تماماً من شأن القوات اليهودية التي أساءوا تقديرها. ولم تكن المعركة بالنسبة لها معركة مصير بقدر ما كانت مساعدة بلد شقيق. 
- عانت الجيوش العربية من ضعف التنسيق الميداني، وعدم وجود قيادة عسكرية مشتركة ذات صلاحيات حقيقية. 
- أصدر قائد الجيش الأردني (الجنرال البريطاني جلوب) أوامر مشددة لجيشه بعدم تجاوز خطوط التقسيم التي فرضتها الأمم المتحدة، أي أنه أراد أن يثبت قرار التقسيم بدلاً من تحرير فلسطين. 
- نجح اليهود إلى حد ما في زرع بذور الشك بين الفلسطينيين وبعض قادة الجيوش العربية، إذ إن اليهود العرب لبسوا ملابس الفلسطينيين ليوهموا الجيوش أن الفلسطينيين ضدهم، فقام هؤلاء بنـزع أسلحة الفلسطينيين وتحييدهم، ولم يكلّفوا أنفسهم عناء بعض الترتيبات الأمنية لمواجهة الأمر بطريقة أفضل. 
- كان تسليح الجيوش العربية ضعيفاً مقارنة باليهود. خصوصا بعد حظر الدول الكبرى تصدير الأسلحة إليهم في أثناء الحرب.[86]
صهيونياً - يهودياً: 
- تمكن المشروع الصهيوني من بناء مؤسساته السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية والاجتماعية وتنميتها طيلة فترة الاحتلال البريطاني. 
- كانت القيادة الصهيونية حاضرة بشكل فاعل وميداني، وتتمتع بقدرات قيادية وتنظيمية وتعبوية عالية. 
- استفادت القيادة الصهيونية من دعم الدول الكبرى السياسي والاقتصادي والعسكري، واستثمرت بفاعلية انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية،كما استخدمت معاناة اليهود في الحرب كقضية رابحة للحصول على الدعم بإنشاء الدولة. 
- أمكن لليهود تعبئة جيش قوي مدرب متماسك حسن التسليح من 60 -70 ألف جندي منذ بداية الحرب. واستفادوا من خبرة الفرقة اليهودية التي شاركت في الحرب العالمية الثانية والمكونة من 26 ألف جندي.[87]
- كانت المعركة بالنسبة لليهود معركة حياة أو موت، ولذلك تم تعبئة كافة الطاقات الممكنة للمعركة في فلسطين، ومن خلفها يهود العالم ودوائر نفوذهم. 
- كانت أوضاع اليهود الاقتصادية،وعلاقاتهم السياسية تُمكّنهم من شراء حاجاتهم من الأسلحة المتطورة. فقد اشتروا من الإنجليز قبل خروجهم من فلسطين 24 طائرة وأَلْفَ سيارة نقل كبيرة. كما اشتروا كميات ضخمة من الأسلحة التشيكية (بإذن وتوجيه من الاتحاد السوفيتي) منها 40 طائرة مقاتلة. كما اشتروا ثلاث طائرات قاذفة من الولايات المتحدة من نوع ب - 17.[88]
دولياً:
- بعد ثلاثين عاماً من الاحتلال البريطاني، نجحت بريطانيا في تنمية المشروع الصهيوني ورعايته،في الوقت الذي سحقت فيه شعب فلسطين وأضعفته، ومنعت نمو مؤسساته السياسية والاقتصادية والعسكرية واستقرارها.
- حظي الكيان الصهيوني بدعم القوتين العظميين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي). وتم تجهيز الظروف الدولية بشكل يضمن التفوق الصهيوني وقيام دولته. 
- استخدمت بريطانيا نفوذها على الدول العربية، وخصوصاً في مصر والأردن والعراق، ومارست ضغوطها بشكل كبير بحيث لا يتجاوز دور جيوش هذه البلدان الخطوط الحمراء للسياسة البريطانية، كما ضغطت ضد قدوم المجاهدين والمتطوعين العرب إلى فلسطين، وخصوصا الإخوان المسلمين من مصر. 
- تم تنفيذ قرار حظر بيع السلاح على الجانب العربي دون الجانب اليهودي. 
أما ميزان القوة العسكرية العددية فقد ظل طوال الحرب لصالح الكيان الصهيوني، الذي كان أكثر عدداً وأفضل انضباطاً وتدريباً وتسليحاً من مجموع الجيوش العربية والمتطوعين. ورغم أن هناك تقديرات متفاوتة ومختلفة في المصادر حول الأعداد، إلا أننا يمكن أن نوجز تطورها بالشكل التالي (بناء على دراسة د. هيثم الكيلاني):[89] 
القوات اليهودية بالألف القوات العربية بالألف
60 12 مرحلة ما قبل دخول الجيوش العربية (ديسمبر 47- مايو 1948)
67 21 المرحلة الأولى من القتال (عند دخول الجيوش العربية)
106 40 المرحلة الثانية من القتال (عند نهايات الحرب)
أما القوات العربية النظامية فكانت تتكون من جيوش سبعة دول. وحسب تقرير مؤرخ هذه "النكبة" عارف العارف، فقد بلغ عدد الجيش المصري في البداية 6000، والجيش السوري 1500، والجيش العراقي 1500، والجيش الأردني 4500، والجيش السعودي 1500، والجيش اللبناني 1000.[90] وزاد عدد الجيش المصري بعد ذلك إلى 20 ألف، كما تضاعفت مرة أخرى-على ما يبدو- أعداد الجيوش السورية والعراقية والأردنية فيما بعد.أما اليمنيون فكانت مشاركتهم رمزية. 
أما القوات العربية غير النظامية فكانت تتكون أساسا من: 
ـ جيش الجهاد المقدس: وهو الجيش الذي شكلته القيادة السياسية الفلسطينية "الهيئة العربية العليا لفلسطين" بقيادة عبد القادر الحسيني الذي استشهد في معركة القسطل في 8 أبريل1948. وكان أساساً جيشاً فلسطينياً من 5 - 7 آلاف مقاتل، تسانده فئة أخرى من المقاتلين المقيمين في قراهم،والذين يستدعون عند الحاجة، وكان مجموعهم نحو عشرة آلاف.[91] 
وقد كان هذا الجيش ضعيف التسليح والتدريب، وأسهمت خلافات الأنظمة العربية مع"الهيئة العربية العليا" في عدم تحويل الكثير من الأسلحة والأموال التي يتم التبرع بها إلى هذا الجيش، الذي كان بأمس الحاجة إليها. ولقد صرخ عبد القادر الحسيني قبل استشهاده بيومين في وجه رئيس اللجنة العسكرية العربية الذي رفض التعاون معه وتزويده بالسلاح "أنتم خائنون، أنتم مجرمون، سيسجل التاريخ أنكم أضعتم فلسطين"[92] وهانحن كُتَّاب التاريخ نحفظ شهادته للتاريخ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 

وقد توزع هذه الجيش في كثير من مدن وقرى فلسطين، وقام بالكثير من العمليات البطولية الناجحة، لكن إمكاناته المحدودة حرمته من الدور الذي يمكن أن يقوم به،كما أن تداخل قيادات المناطق بينه وبين جيش الإنقاذ، ووجود قائدين يعملان بشكل مستقل في منطقة واحدة كان له عواقب وخيمة.[93] 
ـ جيش الإنقاذ: تأسس هذا الجيش بقرار من الجامعة العربية، وقوامه متطوعين من مختلف البلدان العربية. وبلغ عدد الذين تقدموا للتطوع فيه حوالي عشرة آلاف، أما الذين دخلوا فلسطين فعليا ضمن تشكيلاته فكانوا حوالي 4630 مقاتلا.وقد تولى القيادة الميدانية لهذا الجيش فوزي القاوقجي. وقد تركز عمله في شمال فلسطين ووسطها، وقد شارك في هذا الجيش أخلاط من الناس من عسكريين محترفين ومتطوعين غير متدربين، ومن رجال دفعهم الإيمان والوطنية للتضحية، ومن آخرين كانوا للأسف من المتبطلين والمتكسبين وأصحاب السوابق ممن أساءوا إلى هذا الجيش، وإلى أهل فلسطين عندما قاموا بنهب وسرقة العديد من القرى والمدن التي جاءوا للدفاع عنها، كما حدث في يافا. وعانت قيادة هذا الجيش من سوء الإدارة والتسيب واللامسئولية، ووجهت أصابع اللوم والاتهام إلى القاوقجي نفسه. ومع ذلك، فإن هذا الجيش خاض كثيراً من المواجهات الضارية مع الصهاينة.[94]
ـ الإخوان المسلمون: مثلت مشاركة الإخوان المسلمين في حرب فلسطين سنة 1948 أحد النماذج المتميزة للحركات والتنظيمات العربية الإسلامية التي كسرت الطوق الإقليمي، وعبرت عملياً وجهادياً عن روح الأمة الواحدة. فقد شاركت تنظيمات الإخوان في مصر وسوريا والأردن والعراق بفعالية في التعبئة الجماهيرية، وفي جمع التبرعات، وجمع السلاح والقتال في فلسطين. 
وقد أفردنا مبحثاً خاصاً في نهاية هذا الفصل لدراسة النموذج الذي قدمه الإخوان المسلمون بوصفه نموذجاً إسلامياً شعبياً.
مجريات الحرب:[95] 
بدأت المرحلة الأولى من الحرب منذ صدور قرار التقسيم 29 نوفمبر 1947، وحتى انتهاء الانتداب البريطاني، ودخول الجيوش العربية في 15 مايو 1948. وفي هذه الفترة تحمل الفلسطينيون العبء خصوصا من خلال "الجهاد المقدس"، فضلاً عن متطوعي جيش الإنقاذ والإخوان المسلمين وغيرهم. 
وقد تمكن أبناء فلسطين من الثبات وتحقيق انتصارات وإنجازات مهمة، دفعت الولايات المتحدة في شهر مارس 1948 إلى التفكير في التراجع عن تأييد قرار التقسيم، غير أنه في الوقت الذي كان اليهود يُحسِّنون أوضاعهم بالتجنيد واستيراد كميات ضخمة من الأسلحة المتنوعة والمتطورة، كانت أسلحة الفلسطينيين تتناقص وذخيرتهم تنفد. وقد أخذ الوضع بالتدهور خصوصا في شهر أبريل، وبالذات بعد استشهاد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل في 8 أبريل، ثم قيام العصابات الصهيونية بمجزرة دير ياسين في مساء 9 إبريل وحتى ظهر اليوم التالي، والتي أدت إلى استشهاد 253 من الرجال والأطفال والنساء، حيث أثار ذلك حالة من الذعر في أوساط الفلسطينيين. وتتابع سقوط مدن فلسطينية مهمة مع عمليات تهجير جماعي للفلسطينيين، فسقطت مدن: طبريا في 19 أبريل، وحيفا في 22 أبريل، وبيسان وصفد في 12 مايو، ويافا في 14 مايو. 
وبشكل عام فقد حافظ أهل فلسطين على نحو 80- 82% من أرض فلسطين حتى لحظة دخول الجيوش العربية. 
ويصعب تتبع خطوات المعارك خلال هذه الحرب لكن الجيوش العربية حققت في البداية نجاحات لا بأس بها، وتمكن الجيش المصري من السيطرة على خط: المجدل- الفالوجة - بيت جبرين - الخليل، وخط: أسدود - القسطينة، وعَزَل المستعمرات الصهيونية في النقب. وتحرك الجيش الأردني ليركز قطاعاته في وسط فلسطين في مناطق القدس ورام الله واللد والرملة على بُعد نحو 10كم من تل أبيب، بينما تركز الجيش العراقي في مناطق جنين ونابلس وطولكرم ووصل إلى مسافة 10كم شرق نتانيا. وسيطر الجيش السوري على سمخ شمال شرقي فلسطين، فيما تركز جيش الإنقاذ في مناطق الجليل الأعلى شمال فلسطين. وأصبح وضع اليهود سيئاً في جنوب فلسطين لكنه تحسن بعض الشيء في شمالها بسيطرتهم على عكا في 17 مايو 1948. 
وتمكن اليهود (في أثناء فرض الهدنة الأولى (11 يونيو - 8 يوليو 1948) بقرار مجلس الأمن الدولي) من إعادة تنظيم قواتهم وتطويرها كماً وتدريباً وتسليحاً، وتسلموا 40 طائرة تشيكية وأسلحة ضخمة، بينما أُغلق باب شراء السلاح دولياً في وجه العرب. وعندما اندلعت الجولة الثانية من القتال في 9- 17 يوليو 1948، تمكن اليهود من توسيع دائرة احتلالهم فاحتلوا خلال ثلاثة أيام مدينتي اللدفي 10 يوليو، والرملة في 12يوليو، مُوسِّعين احتلالهم وسط فلسطين شرقاً بضم قرى بير معين والبرج والحديثة وبيرنبالا وقوله ومجدل يابا. كما احتل اليهود أجزاء من شمال فلسطين، فضموا خلال هذه المدة القصيرة مناطق الناصرة في 15يوليو، وشفا عمرو وكفر ياسيف،كما حسنوا مواقعهم في منطقة القدس فاحتلوا، قرية المالحة. 
ثم بدأت الهدنة الثانية بقرار من مجلس الأمن في 18 يوليو، حيث استفاد منها اليهود في تحسين مواقعهم وتوسيع احتلالهم. وفي 15 أكتوبر شن اليهود حملة جديدة ركزت على الجنوب، فاستطاعوا السيطرة على التلال المحيطة بعراق المنشية، وسقطت الحليقات في أيديهم في 20 أكتوبر وبالتالي انفتح الطريق أمامهم إلى النقب، ليتصلوا بالمستعمرات اليهودية التي كانت معزولة هناك. ووجدت القوات المصرية نفسها معزولة في المجدل وأسدود فقامت في الأسبوعين التاليين بالانسحاب منهما، وبسقوط عراق السويدان في 9 نوفمبر، اكتمل طوق القوات اليهودية حول الفالوجة، حيث حوصر نحو أربعة آلاف من الجيش المصري بقيادة العميد سعيد طه (كان جمال عبد الناصر تحت إمرته ضمن المحاصرين في الفالوجة). وقد ثبتت الفالوجة في وجه الحصار والهجمات المختلفة، إلى أن انسحبت بشرف بعد عقد الهدنة مع مصر في 24 فبراير 1949. وبينما كانت هذه المعارك دائرة قام اليهود بهجوم على بئر السبع في 18 أكتوبر وتمكنوا من احتلالها في 21 أكتوبر 1948. وبذلك انفتح أمامهم الطريق إلى احتلال باقي النقب، فاحتلوا العسلوج في 15 ديسمبر. وكان يوجد في باقي أراضي النقب وحدات أردنية صغيرة تم تجاوزها بسهولة في حملة سريعة قامت بها القوات اليهودية في الفترة من 6 - 10 مارس 1949، حيث وصلت إلى موقع أم الرشرش على خليج العقبة في 10 مارس، والذي أنشأ عليه الكيان الصهيوني ما يعرف الآن بميناء ومدينة إيلات. 
أما الجيب العربي الذي ثبت في أقصى شمال فلسطين فقد تم احتلاله في الفترة 29 - 31 أكتوبر 1948، وهو يضم قرى كوكب وعيلبون وسخنين والرامة وترشيحا وسعسع شمالاً باتجاه الحدود اللبنانية. 
وبذلك أكملت القوات اليهودية احتلالها 77% من أراضي فلسطين (20700 كم مربع) مقيمة عليها كيانها الصهيوني"إسرائيل". 
وبعد أن وقعت مصر اتفاقية الهدنة في 24 فبراير 1949، تبعتها لبنان في 23 مارس، ثم الأردن في 3 أبريل، ثم سوريا في 20 يوليو 1949. 
ومن الملاحظ أن اليهود عانوا من صعوبات بالغة ووجدوا أنفسهم في أوضاع حرجة في الستة أشهر التي سبقت دخول الجيوش العربية، وفي الشهر الأول لدخول هذه الجيوش. لكنهم بعد ذلك تمكنوا من تحقيق انتصارات مهمة، وسهلة أحياناً كاحتلال باقي شمال فلسطين، واللد والرملة، واحتلال النقب الذي يشكل لوحده نحو نصف مساحة فلسطين. 
لقد قاوم الفلسطينيون بضراوة وبكل ما يملكون، وهناك في كل مدينة وقرية قصص ثبات وبطولة وتضحية، وحكايات مؤلمة من انعدام السلاح أو فساده أو نفاذ الذخيرة، أو سوء إدارة المعركة من الجيوش العربية... وغيرها.
وقد ارتكب اليهود 34 مذبحة في أثناء هذه الحرب وأجبروا حوالي 800 ألف فلسطيني على الهجرة وترك ديارهم من أصل مليون و290 ألف فلسطيني عربي أي أن نحو 60% من شعب فلسطين وجد نفسه لاجئا بعد هذه الحرب.[96] وهاهم بعد 53 عاما من التهجير القسري محرومون من العودة إلى أراضيهم. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:10 am

هوامش الكتاب
________________________________________

[1] انظر: الكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، ص 41-67.
[2] See: Report on the Arab Movement & Zionism, by J. Camp, 12 Aug 1919, F.O. 371/4182, Yeshoa Porath, The Emergence of the Palestine National Movement, 1918-1929 (London: Frank Cass, 1974), p. 129.
[3] انظر: كامل خلة، مرجع سابق، ص 230-232، وانظر أيضاً: تقارير حول هذه الهجمات في ملفات الخارجة البريطانية F.O. 371/5117.
[4] انظر: خليل السكاكيني، مرجع سابق، ص 193، وانظر:
Frances Newton, Fifty Years in Palestine (London: Cold Harbour Press, 1948), p. 133-135.
[5] Palin Report, p. 75, F.O. 371/5121.
[6] انظر: تقرير بيل، ص 234، وعجاج نويهض، مرجع سابق، ص 319.
[7] الكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، ص 142-144، وكامل خلّة، مرجع سابق، ص 250.
[8] وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 72، وانظر أيضاً:
Disturbances in May 1921: Report of the Commission of Inquiry with Correspondence Relating There to Oct. 1921, Cmd. 1540 (London: H.M.S.O., 1921), p. 60. (Hereafter referred to as Haycraft Report).
[9] انظر: وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 62، وانظر:
Haycraft Report, pp. 30-33, and Report on Political Situation in Palestine for the Month of May 1921, H. Samuel to Churchil, 6 Jun. 1921, F.O. 371/6375.
[10] Haycraft Report, pp. 38-41, and Dispatch, Samuel to Churchil, 15 May 1921, AIR5/1243.
[11] Haycraft Report, pp. 5-16.
[12] Ibid, pp. 36-41.
[13] وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 73-74، ووثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال البريطاني والصهيونية 1918-1939، إعداد عبد الوهاب الكيالي، ط2 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1988)، ص 20-21.
[14] Haycraft Report, p. 60.
[15] سامي الجندي، عرب ويهود: العداء الكبير (بيروت: دار النهار للنشر، 1968)، ص 61.
[16] تقرير بيل، ص 65-66.
[17] See: The Situation Palestine, Memorandum by S. Of S. Colonies to the Cabinet, 9 Jun. 1921, Enclosing a Report by C.D. Brunton, 13 May 1921, Secret, F.O. 371/6375.
[18] وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 73.
[19] كامل خلة، مرجع سابق، ص 256، وانظر:
Report on the Political Situation in Palestine for the Month of May 1921, F.O. 371/6375.
[20] انظر نص كلمة صمويل في ملف: F.O. 371/6375.
[21] Letter, Deeds to Shuckburgh, 22 Nov. 1921, C.O. 537/852.
[22] كامل خلة، مرجع سابق، ص 273.
[23] عمر أبو النصر بالاشتراك مع إبراهيم نجم وأمين عقل، جهاد فلسطين العربية: فصول تبحث في تاريخ القضية الفلسطينية وما طرأ عليها من تطور وتحول منذ النضال العربي الأول وحتى الثورة الحاضرة (يافا (فلسطين): دون ناشر، 1936)، ص 260، وإحسان النمر، قضية فلسطين في دورها البلدي (نابلس (فلسطين): جمعية عمال المطابع التعاونية، دون تاريخ)، ص 112، وانظر أيضاً: P.D., Commons, Vol. 171, Col. 1796.
[24] كامل خلة، مرجع سابق، ص 399-404، وانظر:
P.D., Commons, Vol. 182, Col. 1804, and Vol. 183, Col. 564.
[25] انظر: الكيالي، وثائق المقاومة، ص 119-126، ومحمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 20-21، وعيسى السفري، فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية، ط2 (القدس: منشورات صلاح الدين، 1981)، ج1، ص 122.
[26] انظر: الكيالي، وثائق المقاومة، ص 141-141، والكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، ص 202، وأميل الغوري، فلسطين عبر ستين عاماً، ص 115.
[27] Report of the Commission on the Palestine Disturbances of Aug. 1929, March 1930, Cnd. 5350 (London: H.M.S.O., 1930), p. 64 (Hereafter referred to as Shaw Report).
[28] جريدة الشورى (مصر)، 18 سبتمبر 1929.
[29] Shaw Report, p. 65.
[30] انظر: كامل خلّة، مرجع سابق، ص 455، وانظر:
Shaw Report, p. 65, and Report on Palestine Riots 23 Aug. - 11 Sep. 1929, by Group Captain P.H.L. Play fair, 26 Dec. 1929, pp. 14-20, p. 29, p. 41, p. 49, AIR5/1243.
[31] Shaw Report, p. 65.
[32] تقرير بيل، ص 250.
[33] جريدة الشورى، 9 أكتوبر 1929.
[34] جريدة الشورى، 30 إبريل 1930، وانظر:
Norman Bentwich, Mandate Memories: 1918-1948 (London: The Hogarth Press, 1965), pp. 136-137.
[35] جريدة الشورى، 25 يونيو 1930، وكامل خلة، مرجع سابق، ص 484-485.
[36] انظر: أميل الغوري، فلسطين عبر ستين عاماً، ص 135-136، وإحسان النمر، مرجع سابق، ص 193، وبيان الحوت، مرجع سابق، ص 231، وأيضاً: Porath, The Emergence, p. 271.
[37] حول الكف الأخضر:
Report on Safad Gang, 1930, C.O. 733/190/5, & Summary of Items of Interest, Air H.Q., Palestine Command, Jan. & Feb. 1930, AIR5/1245.
[38] انظر: الكيالي، وثائق المقاومة، ص238-239، ومحمد دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 30.
[39] وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 378، وانظر:
Resume of Operations for Oct. 1933, Air H.Q., 23 Nov. 1933, AIR5/1246,. & Report of the Commission Appointed by His Excellency the High Commissioner for Palestine by Notification No. 1561 Published in the Official Gazette, Extraordinary, 7 Feb. 1934. (Hereafter referred to as Murison Report).
[40] انظر: وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 379-381، ومحمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 31-32، وزهير المارديني، مرجع سابق، ص 79. وانظر:
Murison Report, & Tel. H.C. to S.of.S. Colonies, 27 Oct. 1933, C.O. 733/239/5.
[41] Murrison Report.
[42] الكيالي، وثائق المقاومة، ص 341-344.
[43] Note of an Interview Granted by H.C. to Members of the Arab Executive, 25 Oct. 1933, C.O. 733/239/5 Part 2.
[44] حول حركة القسام واستشهاده، انظر مثلاً: صحبي ياسين، الثورة العربية الكبرى في فلسطين: 1936-1939 (القاهرة: وزارة الثقافة، مؤسسة التأليف والنشر ودار الكتاب العربي، 1967)، ومحسن صالح، التيار الإسلامي في فلسطين، ص 231-317، وسميح حمودة، الوعي والثورة: دراسة في حياة وجهاد الشيخ عز الدين القسام (عمّان: دار ابن رشد، 1984).
[45] محمد عزة دروزة، العدوان الإسرائيلي القديم والعدوان الإسرائيلي الحديث على فلسطين وما جاورها (بيروت: دار الكلمة، 1980)، ج2، ص 52.
[46] محمد نمر الخطيب، من أثر النكبة (دمشق: المطبعة العمومية، 1951)، ص 88.
[47] كامل خلة، مرجع سابق، ص 594.
[48] عبد الستار قاسم، الشيخ المجاهد عز الدين القسام (بيروت: دار الأمة للنشر، 1984)، ص 106.
[49] أكرم زعيتر، الحركة الوطنية الفلسطينية: 1935-1939 "يوميات أكرم زعيتر"، ط3 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1980)، ص 32.
[50] انظر: يوميات أكرم زعيتر، ص 53-56، وبيان الحوت، مرجع سابق، ص 331-332، وانظر أيضاً:
Dispatch on the Disturbances in Palestine, 19 Apr. to 14 Sep. 1936, by Air Vice-Marshal R.E.C. Peirse, submitted to Air Ministry, 15 Oct. 1936, W.O. 32/4177, p. 13. Hereafter referred to as Peirse Dispatch.
[51] تقرير بيل، ص 126، ووثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 412.
[52] يوميات أكرم زعيتر، ص 60-63.
[53] نفس المرجع، ص 64-77، ووثائق المقاومة الفلسطينية العربية، ص 378-379، وانظر:
Periodical Appreciation Summary, No. 9/36, C.I.D. 6 May 1936, F.O. 371/20018.
[54] محمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 39-40.
[55] يوميات أكرم زعيتر، ص 99-100، وانظر: Peirse Dispatch, p. 20.
[56] محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها (بيروت: المكتبة العصرية، 1959) ج1، ص 128-129.
[57] J. Marlowe, Rebellion in Palestine (London: The Cresset Press, 1946), p. 156.
[58] انظر: فلسطين في مذكرات القاوقجي: 1936-1948 (الجزء الثاني)، إعداد خيرية قاسمية (بيروت: مركز الأبحاث ودار القدس، 1975)، ص 20-22.
[59] Peirse Dispatch, p. 94.
[60] تقرير بيل، ص 7-8.
[61] وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية، ص 458.
[62] انظر: يوسف رجب الرضيعي، ثورة 1936 في فلسطين: دراسة عسكرية (بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1982)، ص 61، ومحمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 43.
[63] عن ثورة فلسطين سنة 1936: وصف وأخبار ووقائع ووثائق، إعداد مكتب الاستعلامات الفلسطيني بمصر (القاهرة: اللجنة الفلسطينية العربية، ديسمبر 1936)، ص 43.
[64] الرضيعي، مرجع سابق، ص 62.
[65] محمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 44، ومكتب الاستعلامات الفلسطيني، ص 28.
[66] يوميات أكرم زعيتر، ص 286.
[67] Yeshoua Porath, The Palestinian Arab National Movement: From Riots to Rebellion 1929-1939 (Great Britain: Frank Carr, 1977), p. 235.
[68] محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية، ج1، ص 187-188.
[69] Report on the operations carried out by the British force in Palestine and Trans-Jordan in Aid of the Civil Power for 12 Sep. 1937 to 31 Mar. 1938, by R.P. Wavell sent to Under S. of S. War, 7 Apr. 1938, Secret, p.1, W.O. 32/9401, and Resume of Operations: for Oct. 1937, Air H.Q., 23 Nov. 1937, AIR 5/1247.
[70] انظر: محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية، ج1، ص 193-207، وانظر أيضاً:
Tel, H.C. to S. of S. Colonies, 25 May 1938, Secret, Most Immediate, C.O. 733/36/1, Militry Intelligence Summary, No. 19/38, 23 Sep. 1933, C.O. 733/81/9, and Dispatch, H.C. to S. of S. Colonies, 24 Oct. 1939, Secret, C.O. 935/21.
[71] محمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 53-54.
[72] صبحي ياسين، حرب العصابات في فلسطين (القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، ودار الكتاب العربي، دون تاريخ)، ص 75-77، وقد قدر مارلو عددهم بـ15 ألفاً. انظر: Marlowe, op. cit., p. 194.
[73] زهير المارديني، مرجع سابق، ص 284.
[74] يوميات أكرم زعيتر، ص 427.
[75] محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية، ج1، ص 209.
[76] المرجع نفسه، ص 211-212.
[77] انظر حول الطابع الإسلامي للثورة في: محسن صالح، التيار الإسلامي في فلسطين، ص 354-360.
[78] يوميات أكرم زعيتر، ص 440، وجريدة الشباب، مصر، 21 سبتمبر 1938.
[79] Tel., General Officer Commander to W.O., 18 Nov. 1939, Secret, C.O. 733/404/2.
[80] انظر: الرضيعي، مرجع سابق، ص 61-62، وص 69، وص 73، وص 78.
[81] محمد عزة دروزة، القضية الفلسطينية، ج1، ص 220.
[82] Palestine: Statement of Policy, May 1939, Cmd. 6019 (London: H.M.S.O., 1939).
[83] محمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 80.
[84] انظر مثلاً: شكيب الأموي، شهادة من الميدان: وثائق عن حرب فلسطين 1948 (تونس: الدار التونسية للنشر، 1980)، ص 41-47، وكامل الشريف، الإخوان المسلمون في حرب فلسطين (الزرقاء (الأردن): مكتبة المنار، 1984)، ص 50-51، وص 53، وص 55.
[85] انظر: عارف العارف، مرجع سابق، ج6، ص 225.
[86] حول الوضع العربي في حرب 1948 انظر: هيثم الكيلاني، الاستراتيجيات العسكرية للحروب العربية الإسرائيلية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1991)، ص 71-72، وص 103-153.
[87] انظر: المرجع نفسه، ص 75-76، وعرب فلسطين 1947-1948 (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 18.
[88] الكيلاني، مرجع سابق، ص 74-76، وص 82، ومحمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 88-89.
[89] الكيلاني، مرجع سابق، ص 76.
[90] عارف العارف، مرجع سابق، ج2، ص 342.
[91] الكيلاني، مرجع سابق، ص 70.
[92] صالح أبو يصير، مرجع سابق، ص 349.
[93] انظر: بيان الحوت، مرجع سابق، ص 615-616، ومحمد أمين الحسيني، حقائق عن قضية فلسطين، ط2 (القاهرة: مكتب الهيئة العربية العليا لفلسطين، 1957)، ص 91.
[94] انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 68، وكامل الشريف، مرجع سابق، ص 28، وصالح أبو يصير، مرجع سابق، ص، ومحمد محمود الصواف، معركة الإسلام أو وقائعنا في فلسطين بين الأمس واليوم (لبنان: دون ناشر، 1969)، ص 158-159.
[95] حول مجريات حرب 1948، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 77-78، ومحمد عزة دروزة، فلسطين وجهاد الفلسطينيين، ص 82-89، وصالح أبو يصير، مرجع سابق، ص ، وانظر:
Chaim Herzog, The Arab-Israeli Wars: War & Peace in the Middle East (New York & London: Random House, 1982), pp. 17-108.
[96] Salman Abu Sitta, Palestinian Right to Return (London: Palestinian Return Centre, 1999), p. 16 & p. 27.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:11 am

حرب 1956:
أحدثت حرب 1948 هزة كبيرة في الواقع العربي فتوالت الانقلابات العسكرية في سوريا، وأنهت ثورة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952 العهد الملكي في مصر، واغتيل الملك عبد الله ملك الأردن في 20 يوليو 1950، وقام الملك حسين بطرد رئيس أركان الجيش الأردني جلوب باشا وبتعريب الجيش الأردني في مارس 1956.
وقامت الدول العربية بعقد اتفاقية الدفاع المشترك في 13 أبريل 1950، أتبعتها بعدد من اتفاقات الدفاع الثنائية والثلاثية بين بعضها خلال سنتي 1955- 1956. وسعت مصر وسوريا إلى كسر الاحتكار الغربي لتصدير الأسلحة، فعقدتا كلٌّ على حدة سنة 1955 صفقات أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا. 
ثم إن مصر كانت تسيطر على خليج العقبة، وزادت من فعاليتها الرقابية سنة 1955 على كل السفن التي تدخل هذا الخليج، ومنعت الملاحة "الإسرائيلية" فيه، وبذلك شلَّت الحركة التجارية لميناء "إيلات" نافذة الكيان الإسرائيلي إلى دول آسيا وشرق أفريقيا. كما فرضت مصر قيوداً - على مرور السفن في قناة السويس - من شأنها تشديد الحصار الاقتصادي على الكيان الإسرائيلي. كما نشطت العمليات الفدائية الفلسطينية عبر قطاع غزة ـ وبدعم مصري - ضد الكيان الإسرائيلي خلال الفترة 1955-1956. كل ذلك أثار مخاوف وانزعاج الكيان الإسرائيلي الذي سعى لاقتناص أي فرصة لتوجيه ضربة إلى مصر. 
وفي الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة قد عرضت على مصر قرضا مالياً لبناء السد العالي ذي الحيوية الكبرى للاقتصاد المصري. لكن رفض مصر لإقامة حلف بغداد (الذي انضمت إليه العراق وتركيا وإيران وباكستان) والذي استهدف ربط مصالح المنطقة بالقوى الغربية، ومواجهة "الخطر الشيوعي"، مع إبعاد الأنظار عن الخطر الصهيوني- الإسرائيلي الذي يربض في قلب المنطقة، أدّى إلى سحب أمريكا عرضها في 19 يوليو 1956. وحتى تقوم مصر بتوفير الأموال اللازمة لبناء السد العالي، أعلن جمال عبد الناصر في 26 يوليو 1956 تأميم الشركة العالمية لقناة السويس. مما شكل ضربة كبيرة للمصالح الاقتصادية البريطانية. وكانت فرنسا - من جهتها - منـزعجة من الدعم المصري للثورة الجزائرية ضدها.[97] 
وقد اتفق الكيان الإسرائيلي مع بريطانيا وفرنسا على توجيه ضربة إلى مصر، تؤدي للاحتلال الإسرائيلي لسيناء، والاحتلال البريطاني الفرنسي لقناة السويس. وقد انبنت الخطة، التي وقعت عليها الأطراف الثلاثة في سيغر (قرب باريس) في 23 أكتوبر 1956، على أن تبدأ القوات "الإسرائيلية" بشن هجوم واسع في 29 أكتوبر بهدف الوصول إلى قناة السويس. ثم تقوم بريطانيا وفرنسا بإصدار إنذار مشترك في اليوم التالي يطالب القوات المصرية والإسرائيلية بالانسحاب مسافة عشرة أميال (16كم) عن جانبي القناة، وبسماح مصر لبريطانيا وفرنسا باحتلال مؤقت لعدد من النقاط الرئيسية فيها، بحجة حماية الملاحة الدولية. وإذا ما رفضت مصر- وبالطبع سترفض -ستقوم القوات البريطانية والفرنسية بإنزال قواتها في القناة، والهجوم على مصر لإجبارها على الرضوخ.[98] 
بدأ الكيان "الإسرائيلي" هجومه في 29 أكتوبر 1956 بعملية إنزال جوي لقوات المظليين في ممر متلا على بُعد 65كم شرقي قناة السويس.وحدثت معارك محدودة شرقي القناة، لكن صدور الإنذار البريطاني الفرنسي في 30 أكتوبر، ورفض مصر له أوجد الذريعة التي يحتاجانها، فبدأت بريطانيا وفرنسا في 31 أكتوبر عدوانهما على مصر، وخصوصا المطارات والموانئ، وتم تدمير جزء كبير من الطيران المصري. وقررت مصر من جهتها التركيز على حماية القناة ومثلث بورسعيد - القاهرة - السويس، فأمرت الجيش المصري بالانسحاب من قطاع غزة وسيناء والتركز غربي قناة السويس. وتمكن الكيان الإسرائيلي دون صعوبة من احتلال غزة خلال 31 أكتوبر - 3 نوفمبر 1956، ومن احتلال سيناء خلال ثمانية أيام (29 أكتوبر - 5 نوفمبر 1956). 
وصدر قرار الأمم المتحدة في 2 نوفمبر بإيقاف الحرب وانسحاب قوات الغزو البريطاني الفرنسي من الأراضي المصرية، وانسحاب الكيان الإسرائيلي إلى ما وراء خطوط الهدنة.ورغم أن هذه القوات تلكأت في تنفيذ القرار إلا أن الضغط السوفيتي - الأمريكي اضطرهما لذلك، فانسحبت القوات البريطانية-الفرنسية في 22 ديسمبر 1956، وأكملت القوات الإسرائيلية انسحابها في 6 مارس 1957. وقد تعهدت مصر في المقابل بمنع عمليات الفدائيين من قطاع غزة، ووافقت على وضع قوات دولية على حدودها. كما ضمنت "إسرائيل" بتعهد القوى الكبرى حق الملاحة البحرية في خليج العقبة، وكذلك الطيران الجوي فوقه.[99] 
كانت هذه الحرب إيذانا بانتهاء العهد الاستعماري البريطاني - الفرنسي في المنطقة، ووراثة أمريكا والاتحاد السوفيتي لحلبة التنافس فيها. ورغم أن هذه الحرب كشفت مدى تطور القوة العسكرية الإسرائيلية، وعجز الجانب المصري (في ظل المعادلات الدولية) عن حماية نفسه،فضلا عن تحرير فلسطين، فإن هذه الحرب جندت تعاطفا عربياً وإسلامياً واسعاً مع مصر، وأظهرت القيادة المصرية وخصوصا عبد الناصر "أبطالا" في المقاومة والدفاع عن الحقوق العربية، وبرز نجم عبد الناصر كأمل للجماهير العربية في النصر والتحرير. 
حرب 1967:
لم يكن الكيان الإسرائيلي سعيداً بمساحة الأرض التي أقتطعها من فلسطين في حرب 1948، وكان يرغب في المزيد من التوسع لفتح الباب بشكل أكبر أمام الهجرة والاستيطان اليهوديين. كما كان يفتقد الشعور بالأمان في حدوده مع البلدان العربية التي يبلغ طولها 981 كيلومتراً، وكانت بعض المدن الساحلية تبعد حوالي 15كيلومتراً عن الحدود مع الضفة الغربية مما يسهل ضرب العمق "الإسرائيلي". 
ومن جهة أخرى، فإن الإعلام العربي، وخصوصا المصري الناصري، كان يبالغ في الإمكانات العسكرية العربية، ويعد الجماهير العربية التي كانت تنتظر بصبر وحماس بإلقاء اليهود في البحر وتحرير فلسطين. غير أن الإستراتيجية العسكرية المصرية ظلت منذ حرب 1956 وحتى 1967 إستراتيجية دفاعية وليست هجومية، بخلاف ما كان يتحدث به الإعلام المصري صباح مساء. وحتى الخطة الدفاعية "قاهر" التي وضعتها القيادة المصرية في ديسمبر 1966 لم يطبق منها إلا جزء بسيط، إذ إن القسم الأكبر من ميزانية الدفاع كان يذهب إلى اليمن فلا يبقى إلا القليل لتحصين سيناء.[100] 
ولم تكن الأوضاع الداخلية العربية ولا العلاقات العربية ـ العربية لتبعث على السرور، فقد عانت الشعوب العربية من أزمات فقدانها للحريات السياسية، ومن الفساد السياسي والاقتصادي، ومن الإعلام الموجه، وعاش عبد الناصر هاجس ملاحقة الإسلاميين، وضربهم وخصوصاً الإخوان المسلمين. وتم تقديم البديل الإيديولوجي الاشتراكي - القومي والذي لم ينجح في خطط التنمية، ولا في تحقيق أساس نهضوي عربي، ولا في تفجير طاقات الأمة بشكل يتوافق مع عقيدتها وتراثها وثقافتها. وإذا كانت الجماهير العربية قد عاشت لحظات من النشوة والحماس عندما تحققت الوحدة المصرية - السورية (الجمهورية العربية المتحدة) في فبراير 1958، فإنها سرعان ما صدمت عندما حدث الانفصال في سبتمبر 1961. واستنـزف الجيش المصري والميزانية المصرية في حرب اليمن ودعم الثورة فيها منذ 1963. وقد شهدت البلاد العربية نوعا من التضامن السياسي الظاهري خلال 1964 ـ 1965، حيث بدأت مؤتمرات القمة العربية بالانعقاد منذ يناير 1964. غير أن الخلاف سرعان ما دب بينها منذ 1966 وعادت الحرب الإعلامية لتكون مادة الإذاعات والصحف خصوصا في دول الطوق. وقد صادق الرؤساء والملوك العرب في يناير 1964 على تشكيل القيادة الموحدة لجيوش البلدان العربية، وتم تعيين الفريق المصري علي علي عامر قائداً عاماً، لكن الخلافات العربية منذ 1966 عطلت عمل هذه القيادة، كما افتقد عدد من البلدان العربية للجدية في التعامل معها. فإما أنها لم تلتزم بأوامرها، أو أنها لم تدفع نصيبها في الميزانية، أو أنها رفضت دخول قوات عربية أخرى إلى أراضيها، مما عطل تنفيذ عمل هذه القيادة وخططها.[102] 
وكان إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964، وبدء حركة فتح عملياتها العسكرية منذ مطلع 1965 من العوامل التي دفعت الكيان الصهيوني لسرعة التحرك ومحاولة فرض واقع جديد، يضمن له التوسع والأمن، ويجر البلاد العربية إلى التسوية السلمية وفق الشروط "الإسرائيلية". وكان لقيام الكيان الصهيوني بمشروع تحويل مياه الأردن الذي بات معروفا للعرب منذ 1963، وضرب الصهاينة وتدميرهم لكل المشروعات العربية المقابلة لتحويل النهر، كان له أثره في ازدياد التوتر.[103]
بدأ الكيان الصهيوني تصعيد الأوضاع قبل عام من الحرب، فهاجم قرية السموع قرب الخليل في الضفة الغربية، وقام بمذبحة راح ضحيتها حوالي 200 شهيد. كما حدث تسخين متبادل على الجبهة السورية حيث كان الصهاينة يقومون بطلعات جوية لقصف المواقع السورية، بينما كانت المدفعية السورية تقصف المستوطنات اليهودية المجاورة. وتزايدت التهديدات "الإسرائيلية" لسوريا، وتواترت الأخبار عن حشود "إسرائيلية" على الحدود السورية خصوصا في أوائل مايو 1967.[104] 
وقامت مصر، وفق اتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا، بالإعلان عن عزمها الدخول في الحرب منذ أول دقيقة إذا ما تعرضت سوريا للهجوم. وتبع ذلك إجراء مصري بطلب سحب قوات الأمم المتحدة عن خطوط الهدنة مع الكيان الإسرائيلي فانسحبت في 23 مايو 1967، وقامت مصر في 23 مايو بإغلاق مضائق تيران (خليج العقبة) في وجه الملاحة الإسرائيلية، مما كان يعني عملياً أن مصر تجهز "لمعركة المصير" مع الكيان الإسرائيلي. غير أن الفرقتين العسكريتين اللتين حركتهما مصر إلى سيناء لم يكونا يكفيان بالكاد للدفاع عن الحدود المصرية، فضلاً عن تحرير فلسطين. وبتعبير آخر فإن الإجراءات التي كانت تتخذ على الأرض لم تكن متوافقة مع المواقف السياسية الحادة ولا التصريحات الإعلامية النارية. وكرر الرئيس المصري قبل الحرب بأيام استعداد بلاده للحرب ... "إذا أرادت إسرائيل الحرب، فأهلا وسهلاً ... " لن نتركهم ليقرروا الوقت ويقرروا المكان ... علينا أن نستعد لننتصر ... وقد تمت هذه الاستعدادات ... ونحن على استعداد لمواجهة إسرائيل".[105]
وكانت الولايات المتحدة تعلم تفصيلات الهجوم"الإسرائيلي" المرتقب، والذي أعطته الضوء الأخضر، وأسهمت في تضليل الجانب المصري حول الاستعدادات "الإسرائيلية"، واستطاعت الحصول على تعهدات مصرية بألا تكون مصر البادئة في الحرب.[106] بل وصل الأمر بعبد الناصر أن يعلن بنفسه"نترك المبادأة والضربة الأولى لإسرائيل"،[107] وبذلك ضمن الكيان "الإسرائيلي" أن يكون صاحب الضربة الأولى. وقدمت الولايات المتحدة ضمانات لـ"إسرائيل" بحمايتها إذا ما تعرضت للخطر، كما وفّرت لها المعلومات اللازمة من خلال وسائلها الاستخباراتية والأقمار الصناعية. أما الاتحاد السوفيتي الذي كان يُعدُّ حليفاً لمصر، فإنه ضغط أيضاً على مصر بألا تكون البادئة في الحرب،ولم يساعدها في الحصول على المعلومات اللازمة عن التحشدات الإسرائيلية.[108] 
كانت هناك قناعات كافية لدى "الإسرائيليين" والأمريكان والروس أن عبد الناصر لا يريد الحرب، بل وغير مستعد فعليا لها، على الأقل من خلال حساب تحركات الجيش المصري واستعداداته. لقد كان قرار الحرب "إسرائيلياً" وبغطاء أمريكي. 
بدأت "إسرائيل" الحرب[109] صباح 5 يونيو 1967 بقصف تسعة مطارات مصرية على شكل موجات متعاقبة بين كل موجة وأخرى عشر دقائق، وخلال ثلاث ساعات (8:45صباحا - 12ظهراً) كان قد تم تدمير 80% من الطيران العسكري المصري وهو قابع على المدرجات دونما حركة. ويشير حسين الشافعي، نائب الرئيس المصري في ذلك الوقت، إلى وجود "مؤامرة" أو"خيانة" على مستوى عال في الجانب المصري. ويدلّل على ذلك بأنه رأى بنفسه الطائرات العسكرية المصرية المدمرة وهي مصفوفة بجانب بعضها وكأنما كانت معدة للتدمير حسبما ذكره في حديث لبرنامج شاهد على العصر الذي بثه تلفزيون الجزيرة القطري في نوفمبر 1999 .
وعلى أي حال، فقد تم إخراج سلاح الجو المصري من المعركة منذ الساعات الأولى، كما تم تدمير معظم سلاح الطيران السوري والأردني بنفس الطريقة، ومنذ الساعات الأولى للحرب مع الأردن وسوريا. وبذلك فقدت الجيوش العربية غطاءها الجوي، وأصبحت وحداتها العسكرية البرية ودباباتها ومدرعاتها فريسة سهلة للطيران "الإسرائيلي".
وقد تمكنت القوات البرية "الإسرائيلية" منذ ظهر 5 يونيو من اختراق الحدود المصرية، وتغلبت على المقاومة المحدودة التي واجهتها في غزة ورفح وخروبة وأبو عجيلة وبير جفجافة وغيرها،وتقدمت باتجاه قناة السويس. وفي الساعة الثامنة من مساء اليوم الثاني للمعركة (6يونيو) أصدر القائد العام للقوات المصرية عبد الحكيم عامر أمراً بالانسحاب من سيناء، على أن يتم خلال ليلة واحدة‍‍‍!!
وأعلنت مصر مساء 7 يونيو قبولها لوقف الحرب، وأبلغته إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بينما استكملت "إسرائيل" احتلالها لسيناء في 8 يونيو 1967.
وفي الجبهة الأردنية بدأت المعارك في 5 يونيو بعد أن دمرت الطائرات الإسرائيلية 32 طائرة هوكر هنتر (هي كل سلاح الطيران الأردني) في مدرجاتها في مطاري عمان والمفرق. وحدثت معارك في مناطق القدس وجنين وقباطية والخليل،ومع مساء 6 يونيو كانت الدفاعات الأردنية قد انهارت، وصدرت الأوامر بالانسحاب إلى شرق الأردن وفي 7 يونيو كان الكيان الإسرائيلي قد أنهى احتلاله للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. ودخل جنوده حرم المسجد الأقصى وهم يهزجون"محمد مات ... خلف بنات" أي يقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرخون "يالثارات خيبر" معلنين انتقامهم لهزيمة اليهود على يد رسول الله صل الله عليه وسلم في خيبر سنة 629م - 7هـ، قبل نحو 1340سنة .
أما المعارك على الجبهة السورية، فبدأت في 9 يونيو بعد فراغ القوات الإسرائيلية من جبهتي مصر والأردن، وانتهت في 10يونيو باحتلال الصهاينة الجولان السورية. وكان ذلك صدمة كبرى لما تتمتع به الجولان من مزايا استراتيجية وإمكانات تحصينية هائلة بوصفها منطقة جبلية، ولأن القيادة السورية كانت تتوعد الصهاينة بمصير أسود إذا اندلعت الحرب، بل وصل الأمر بإعلامها حدّاً جعل أحد أهازيجه تقول إن طائرات الميغ "تتحدى القدر"[110] بينما ظهر مقال في افتتاحية مجلة جيش الشعب السورية في 25 أبريل 1967 يدعو إلى "خلق الإنسان الاشتراكي العربي الجديد ... الذي يؤمن أن الله والأديان ... وكل القيم التي سادت المجتمع السابق، ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ"!!![111] لقد كانت الاستهانة بعقيدة الأمة وتراثها إشارة إلى حالة الخواء وضعف إرادة القتال التي يعانيها هؤلاء. 
كانت هذه هي المعركة - الكارثة التي انتظرتها الجماهير العربية بشوق وشغف مدة 19 عاما، وصحت على هول الصدمة التي نبهتها إلى حجم التضليل والخداع الذي كان يمارسه الإعلام العربي وقياداتهم السياسية. 
وفيما يلي قائمة بما أمكن معرفته من خسائر الأطراف المشاركة في الحرب، فقد كانت خسائر القوت المصرية حوالي 10 آلاف من القتلى والمفقودين، وأسر 5500، ودمرت 80% من أعتدة الجيش المصري بينها 800 دبابة، و450 مدفعاً، 10 ألاف مركبة 305 طائرات (من أصل 360 طائرة) وخسرت القوات الأردنية 6049 قتيلاً و792 جريحا و150 دبابة، وخسرت القوات السورية حوالي ألف قتيل و560 أسيراً و60 طائرة (من أصل 120 طائرة) و70 دبابة، كما استولى الصهاينة على 150 دبابة. وبلغ عدد قتلى القوات الإسرائيلية حسب هيرتزوج 764 منهم 338 على الجبهة المصرية و285 على الجبهة الأردنية و141 على الجبهة السورية. وبلغ عدد الجرحى الصهاينة (حسب الموسوعة الفلسطينية) حوالي 800 على الجبهة المصرية، و1453 على الجبهة الأردنية، و306 على الجبهة السورية.[112] كما خسر الصهاينة 26 طائرة قتال و10 طائرات نقل على كل الجبهات.[113] 
أما أبرز نتائج حرب 1967 فكانت: 
1. احتلال "إسرائيل" لما تبقى من فلسطين أي الضفة الغربية (5878 كم مربع)، وقطاع غزة (363 كم مربع)، واحتلالها لسيناء المصرية (61198كم مربع) والجولان السورية (1150كم مربع)، ليصبح مجموع الأرض التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني 89359 كم مربع. 
2. تشريد نحو 330 ألف فلسطيني. 
3. سيطرة الكيان الإسرائيلي على منابع مياه الأردن، وفتح مضائق تيران وخليج العقبة للملاحة "الإسرائيلية". 
4. تشكيل الكيان الإسرائيلي لخطوط دفاع جديدة، وتوفير عمق إستراتيجي يَسهُل الدفاع عنه بشكل أفضل. 
5. فرضُ احتلال جديد للأراضي العربية، جَعَلَ هدف العرب فيما بعد استرجاع هذه الأراضي المحتلة سنة 1967، وليس تحرير فلسطين المحتلة سنة 1948. 
6. تدمير القوات العسكرية لمصر والأردن وسوريا. 
7. انكشاف ضعف القيادات العربية،وانعدام التنسيق فيما بينها، وعدم جديتها في تحرير فلسطين. 
8. ظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة وتعاظمها وبروز الهوية الوطنية الفلسطينية التي قرّرت أن تأخذ زمام المبادرة بعد أن تبين لها مدى الضعف العربي. 
حرب أكتوبر 1973:
أحدثت حرب 1967 جُرحاً غائراً في الكرامة العربية، فحاولت الأنظمة العربية استيعاب الصدمة وتوقي غضب الجماهير، فاجتمع الزعماء العرب في الخرطوم في 29 أغسطس - 1 سبتمبر 1967 معلنين أن لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بالكيان الإسرائيلي،وتعهدت الدول العربية بدعم دول الطوق لإعادة بناء قواتها المسلحة. ووجدت الأنظمة العربية نفسها - راضية أو راغمة - تفتح المجال للعمل الفدائي الفلسطيني، الذي نشط بقوة خصوصا في الفترة 1967- 1970 عبر ساحات دول الطوق. ودخلت مصر وسوريا في حرب استنـزاف مع الكيان الإسرائيلي خصوصا في الفترة من أغسطس 1968 إلى أغسطس 1970، أسهمت إلى حد ما في إعادة الثقة ورفع المعنويات لدى الجيشين المصري والسوري، بعد أن تمت مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والقيام بعدد من الهجمات التكتيكية. وحسب هيرتزوج فقد خسر الصهاينة في حرب الاستنـزاف نحو 500 قتيل و2000 جريح.[113]
غير أن حرب الاستنـزاف لم تؤد إلى تسخين الوضع بما يكفي لتدخل دولي يجبر الكيان الإسرائيلي على الانسحاب. مما جعل تفكير قيادة الأنظمة العربية يتركز على شن حرب محدودة محسوبة الخطوات، لعلها تعيد الوضع إلى حدود ما قبل حرب 1967 سواء بنصر عسكري أو بضغط دولي ينشأ عن تحريك الوضع في المنطقة، بعد أن أرادت "إسرائيل" وأمريكا تجميد الوضع، ليحقق عامل الزمن أقصى درجات الفائدة للكيان الإسرائيلي. 
لقد كان واضحا منذ البداية أن هدف العرب من حرب أكتوبر هو "إزالة آثار عدوان 1967"، وليس تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني. 
شكلت القيادتان السياسيتان المصرية والسورية "المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية - السورية المشتركة". وعينتا الفريق أول أحمد إسماعيل علي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، قائداً عاما للقوات المسلحة الاتحادية (مصر وسوريا)، ورئيساً للمجلس بدءاً من 10 يناير 1973. وتولى هذا المجلس الإعداد والتخطيط للحرب. وفي 25 فبراير 1973 اجتمع الرئيسان السوري والمصري في برج العرب غرب الإسكندرية واتخذا قراراً بالحرب. وقد سميت خطة الحرب"خطة بدر"، حيث انتُهى من إعداد تصوراتها في صيف 1973.[114] وفي 24 سبتمبر 1973 لاحظ "الإسرائيليون" وجود استعدادات سورية - مصرية للحرب، وتم اتخاذ حالة التأهب الأدنى، وأخذت التقارير تتولى لدى القيادة "الإسرائيلية" لكنها كانت لا تزال تشك في جدية الهجوم وتوقيته، وقامت في 3 أكتوبر بدعوة الاحتياط، وأعلنت حالة التأهب في 5 أكتوبر. وتأكد لدى القيادة "الإسرائيلية" أن سوريا ومصر ستشنان الحرب في 6 أكتوبر لكنها كانت مترددة في توجيه الضربة الأولى. وعندما اندلعت الحرب في الساعة بعد ظهر 6 أكتوبر لم تفاجأ بها القيادة الإسرائيلية، لكن كان من الظاهر أنه كان لها وقع المفاجأة على القوات الإسرائيلية، خصوصا في قناة السويس، مما يدل على أن الإجراءات الإسرائيلية لم تكن جادة بما يكفي لدخول لحرب.[115] 
بدأت الحرب بهجوم 300 طائرة مصرية وسورية ضد المواقع الإسرائيلية، وفتحت آلاف المدافع في الوقت نفسه نيرانها على طول جبهات القتال في قناة السويس والجولان. واندفعت القوات المصرية لتحطيم خط الدفاع الإسرائيلي شرقي القناة "خط بارليف" في بضعة ساعات، رغم أنه يعد من أقوى وأعقد خطوط الدفاع العسكرية. ونجحت القوات المصرية خلال ثلاثة أيام في الزحف لمسافة 12- 15كم على الامتداد الشرقي لقناة السويس. غير أنها قامت في الفترة من 9-13 أكتوبر "بوقفة تعبوية" أدت لهدوء نسبي على الجبهة المصرية المشتركة. وحسب الخطة المصرية - السورية المشتركة كان ينبغي على القوات المصرية الاستمرار في الزحف للسيطرة على منطقة ممرات متلا والجدي بعمق 50كم تقريباً شرقي القناة، ثم تطوير الهجوم بعد ذلك شرقاً حسب تحسن ظروف القتال. لكن القيادة المصرية (التي كانت تشهد بعض الخلافات في الرؤى العسكرية) أخفت نيتها عن سوريا بالتوقف على عمق حولي 12 كم فقط، لأنها ترى أن شبكة الحماية الصاروخية المضادة للطائرات لا تكفي أكثر من هذا المدى لتغطية تقدم القوات المصرية. وبسبب الضغط السوري قامت القوات المصرية باستئناف هجومها في 14 أكتوبر لكنها منيت بخسائر جسيمة، ففقدت حوالي 250 دبابة، بعد أن ابتعدت عن المظلة الصاروخية، فقررت في نهاية اليوم العودة إلى مواقعها. 
استفادت القوات الإسرائيلية من الوقفة التعبوية المصرية، ومن الجسر الجوي الأمريكي الذي زودها بكميات هائلة من الأسلحة المتطورة، فأعادت ترتيب قواتها، وأخذت زمام المبادرة الإستراتيجية. وقامت مساء 15 أكتوبر بتنفيذ خطة "القلب القوي" التي اشتهرت باسم "الغزالة"، والتي تُنسب إلى الجنرال أرييل شارون. وقبل فجر 16 أكتوبر تمكنت بقيادة شارون من اختراق الخطوط المصرية وعبور قناة السويس، وفتح "ثغرة الدفرسوار" غربي القناة، إلى الجنوب من مدينة الإسماعيلية. وعندما صدر قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار كان أقصى عمق"إسرائيلي" غربي القناة يبلغ 25-30كم. غير أن القوات "الإسرائيلية" تابعت هجومها، فاستكملت تطويق قوات الجيش الثالث المصري شرقي القناة، واستولت على ميناء الأدبية جنوب غربي السويس، ووصلت إلى نقطة الكيلومتر 101، أي 101كم شرقي القاهرة. وتم توقيف إطلاق النار نهائيا في 28 أكتوبر 1973.[116] ولولا المقاومة الشعبية البطولية للشيخ حافظ سلامة وإخوانه لسقطت مدينة السويس نفسها. 
وعلى الجبهة السورية، حقق الهجوم السوري نجاحات أولية سريعة فاخترق خط الدفاع الإسرائيلي بعمق 20كم داخل هضبة الجولان، وجرت معارك ضارية، غير أن تفوق القوات الجوية "الإسرائيلية" ساعد القوات البرية على صد الهجوم السوري. وتحولت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم المضاد في 8 أكتوبر، وبعد يومين كانت قد استعادت ما فقدته في الجولان. وأخذت تهاجم مناطق شمال شرق الجولان، وتمكنت من احتلال ما عرف "بجيب سعسع" الذي ذُكر أنه شمل 39 قرية سورية لم تكن محتلة من قبل وبمساحة 551كم مربع، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى مسافة 25كم من دمشق. ووصلت إلى سوريا قوات عراقية وأردنية للمساعدة، وقامت سوريا بالتجهيز لهجوم مضاد، غير أنه ذُكر أن موافقة مصر على قرار مجلس الأمن بوقف الحرب في 22 أكتوبر قد فاجأ السوريين، مما اضطرهم لإيقاف الحرب. وبعد ذلك استؤنفت حرب استنـزاف استمرت نحو 80 يوما (13 مارس ـ 31 مايو 1973) لتتوقف حين تم التوقيع على اتفاقية فصل القوات.[117] 
وعقدت مصر اتفاقية فك الاشتباك مع الكيان الإسرائيلي في 18 يناير 1974 نصّت على انسحاب القوات الإسرائيلية من غربي القناة إلى مسافة تبعد 20-30كم من شرقي قناة السويس، واحتفاظ مصر بقوات محدودة في الأراضي التي استرجعتها شرقي القناة (بعمق 8 - 12كم). وفي 21 فبراير 1974 كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من غربي القناة "ثغرة الدفرسوار". وعُقدت اتفاقية فصل القوات بين سوريا والكيان الإسرائيلي في 31 مايو 1974، وبناء عليها، انسحبت الإسرائيلية القوات من جيب سعسع (551كم مربع)، الذي احتلته في حرب 1973، ومن مدينة القنيطرة وبعض ما حولها، والتي احتلتها سنة 1967 (112كم مربع).[118] 
وقد أظهرت الدول العربية تضامناً قوياً مع مصر وسوريا في الحرب وأرسلت تسع دول عربية قوات عسكرية محدودة للمشاركة في الحرب. واستخدام العرب لأول مرة سلاح النفط، فقررت الدول العربية المنتجة للنفط في اجتماعها في الكويت في 17 أكتوبر 1973 تخفيض إنتاجها بنسبة 5% شهرياً وتطبيق حظر كامل على تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا. وفي 22 أكتوبر قرر وزراء النفط زيادة نسبة خفض الإنتاج إلى 25%. وحرصت الدول النفطية في قراراتها ألا تتضرر الدول المؤيدة للعرب من حظر النفط. وقد أدى حظر النفط إلى مواجهة الدول الغربية أزمة شديدة في الإنتاج والتصنيع وشئون الحياة اليومية، وولّدت مخاوف كبيرة من أزمات اقتصادية حادة في تلك البلدان. ولفتت انتباه مواطني الدول الغربية إلى دعم بلدانهم للظلم الذي يقع في فلسطين، وإلى انعكاسات هذه القضية على حياتهم اليومية. ورغم أن الحظر النفطي استمر أشهراً قليلة إلا أنه كان ذا تأثير فعال.[119] واستفادت الدول العربية النفطية من تضاعف أسعار النفط مرات عديدة في مضاعفة إيراداتها وتحسين اقتصادياتها. 
ولا تجنح المصادر العربية لذكر خسائر الحرب، وخصوصا خسائر الجانب العربي، وقد قدّرت مصادر غير عربية عدد قتلى الكيان الإسرائيلي بـ2552 قتيلا، والمصريين 7700 شهيداً، والسوريين 3500 شهيداً. وقال هيرتزوج إنه على الجبهة السورية قتل 772 "إسرائيلياً" وجرح 2453 وأسر 65، ودمرت 250 دبابة "إسرائيلية"، وأنه تم تدمير 1150 دبابة 222 طائرة سورية، أما على الجبهة المصرية فتم تدمير 292 طائرة مصرية،وقال إنه تم تدمير 102 طائرة إسرائيلية على الجبهتين السورية والمصرية.[120] وقالت الموسوعة - الفلسطينية إن الإسرائيليين خسروا في الأيام الأولى خمسة آلاف قتيل و400 أسير و800 دبابة و120 طائرة.[121] 
وكان من أبرز نتائج حرب 1973:
1. كسر أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وتحطيم نظرية الأمن الإسرائيلية، وإثبات إمكان استعادة أجزاء من الأراضي المحتلة على الأقل بالقوة العسكرية. 
2. أخذ العرب زمام المبادرة، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم الإستراتيجي، وإثبات كفاءة وشجاعة المقاتل العربي. 
3. تحقيق قدر عال من التضامن العربي، من خلال المشاركة العسكرية، ومن خلال استخدام سلاح النفط. 
4. تحقيق شعور بالثقة بالنفس،وارتفاع المعنويات بعد سنوات من الهزيمة والإحباط. 
5. استخدام الأنظمة العربية - خصوصا مصر - النتائج السابقة لتحريك الأوضاع السياسية، ومحاولة الوصول إلى تسوية سلمية مع الكيان الإسرائيلي، تضمن عودة الأراضي المحتلة سنة 1967. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:12 am

6.
المقاومة الفلسطينية 1949 – 2001

أولا: مرحلة المد القومي العربي 1949- 1967
علق الفلسطينيون آمالهم بتحرير فلسطين-في هذه المرحلة بشكل عام على الأنظمة العربية، وخصوصا مصر بزعامة جمال عبد الناصر، وكان شعار "الوحدة طريق التحرير" هو الشعار البراق لهذه المرحلة. وقد تم تغييب دور القيادة الوطنية الفلسطينية بزعامة الحاج أمين الحسيني،في الوقت الذي ضُمَّت فيه الضفة الغربية إلى الأردن، ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية. غير أن شعور العديد من الفلسطينيين في النصف الثاني من هذه المرحلة بعدم جدية الأنظمة العربية في عملية التحرير دفعهم إلى إنشاء منظمات فدائية وطنية كان أبرزها حركة فتح، كما أن الأنظمة اضطرت لفتح المجال للفلسطينيين للتعبير عن "كينونتهم" وهويتهم ضمن أطر يمكن ضبطها ومتابعتها فكان إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 بدعم مصري. والحديث عن هذه المنظمات والتنظيمات موجود في فصل آخر من هذا الكتاب. 
لقد كان هول الصدمة عظيماً على الفلسطينيين إذ وجد 800 ألف منهم (60% من شعب فلسطين) أنفسهم لاجئين مشردين بعد أن فقدوا ما يملكون. وعاش معظمهم في خيام بالية دون عمل أو مصدر رزق في ظروف اقتصادية وصحية واجتماعية ونفسية قاسية. وكانوا يعرفون أرضهم ومساكنهم التي طردوا منها بدقة فما كانوا بحاجة لخرائط توضح لهم الطريق إليها، وكانوا ينظرون بحسرة وألم عبر حدود الهدنة مع الكيان الصهيوني. ولذلك تميزت الفترة 1949-1956 بكثرة عمليات اختراق الحدود الفردية لاسترجاع ممتلكات للعائلات، أو للانتقام من الصهاينة الغاصبين. واتخذت المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة أشكالاً بسيطة محدودة التأثير، بانتظار دور عربي حاسم. وتزايد الانتماء الفلسطيني للمنظمات التي ترفع شعارات التحرير سواء كانت قومية ناصرية أو بعثية، أو إسلامية (إخوان مسلمون وتحرير)، أو يسارية وشيوعية. 
لقد كانت عمليات اختراق الحدود كثيرة جداً خصوصا قبل عام 1957 لدرجة أنها كانت تتم بشكل شبه يومي، وبالذات عبر قطاع غزة والضفة الغربية. وتشير التقارير التي كانت ترسلها السفارات البريطانية في تل أبيب وعمان والقاهرة، والتي كانت تحصل عليها عن طريق مصادرها الخاصة أو عن طريق لجان مراقبة الهدنة، إلى كثرة هذه العمليات وإلى شكاوى "إسرائيلية" مُرَّة بسببها، فينقل أحد التقارير أن حوادث الاختراق الحدودي من جهة الأردن فقط سنة 1952 بلغت 1533 (بمعدل 4.1 حادث يومياً) وكان منها 14 حادث قتل، و37 حادث "نهب"، و252 صداماً (مسلحاً)، و1077 حادث "سرقة"، و142 "محاولة سرقة" و11 عملية "تخريب". وقد أدى ذلك إلى وقوع 207 قتلى و94 جريحا، وتم القبض على 1851 شخصاً[122]. وأشار تقرير آخر إلى أن حوادث اختراق حدود الهدنة من جهة الأردن من ديسمبر 1953 - نوفمبر 1954 بلغ 725 حادثاً.[123] كل هذا رغم أن جلوب باشا رئيس أركان الجيش الأردني كان يؤكد دائما أن الأجهزة العسكرية والأمنية تفعل ما بوسعها لمنع هذه الاختراقات.[124] وسجل المفتش العام للشرطة الإسرائيلية مثلاً في الفترة من سبتمبر 1954 - فبراير 1955 تسعة حوادث قتل و140 حالة "نهب وسرقة" عن طريق قطاع غزة.[125]
ويبدو أن عمليات الاختراق الحدودي اتخذت أبعاد أكثر تنظيماً منذ أوائل سنة 1953 بتولي مجموعات فدائية فلسطينية منظمة عمليات فدائية. ونُقل عن تقرير للسفارة البريطانية في تل أبيب في 14 أبريل 1953 أن الاختراق الحدودي من قطاع غزة هو عمل بعض المنظمات السياسية المتطرفة، وأن الحكومة المصرية لا تشجعها، ولكنها لا تعمل ما يكفي لمنعها.[126] وظهرت بعد ذلك في تواريخ مختلفة إشارات إلى دور الإخوان المسلمين في العمليات واعتراف السلطات المصرية بذلك.[127] 
وحسب تصريح أدلى به بن جوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكنيست في مارس 1956 فإن عدد الإصابات الإسرائيلية بسبب الحوادث الحدودية سنة 1951 بلغ 137 إصابة، وفي سنة 1952 بلغ 147 إصابة، وسنة 1953 بلغ 162 إصابة، وسنة 1954 بلغ 180 إصابة، وسنة 1955 بلغ 258 إصابة.[128] أما حسين أبو النمل فينقل إحصائية تذكر أن عدد قتلى الإسرائيليين منذ توقيع وقف إطلاق النار في مارس 1949 وحتى حرب اجتياح القطاع وسيناء في آخر أكتوبر 1956 قد بلغ 1176 قتيلاً.[129] 
وفي قطاع غزة، حيث كان الإخوان المسلمون يشكلون القوة الشعبية الأولى حتى سنة 1955، شكلوا تنظيما سرياً جهادياً كانوا ينتقونه من بين عناصرهم. ويظهر لكاتب هذه السطور بعد مقابلات عديدة أجراها أن هذا التنظيم كان على علاقة بالنظام الخاص للإخوان المسلمين المصريين. وكان يتولى توجيهه كامل الشريف من منطقة العريش وكان صلة الوصل محمد أبو سيدو حيث يتولى مسؤولية التنظيم وإيصال الأوامر إلى أفراده في القطاع الذي كان مقسوماً إلى ثلاثة أقسام. وكان أبو جهاد خليل الوزير مسؤولاً في منطقة غزة (شمال القطاع)، (خ.أ) في خان يونس (المنطقة الوسطى)، ومحمد يوسف النجار في رفح (جنوب القطاع). وقد نفذ هذا التنظيم عدداً من العمليات الفدائية خصوصاً التعاون مع البدو عن طريق عبد الله أبو مريحيل ومحمد حسن الأفرنجي. وقد استفاد الإخوان من وجود ضباط مصريين إسلاميين في الجيش المصري قاموا بتدريبهم سراً من أمثال عبد المنعم عبد الرؤوف.[130] 
ومن العمليات المهمة التي أثارت دوياً كبيراً عملية الباص في 17 مارس 1954 حيث هاجمت مجموعة فدائية باصاً إسرائيلياً على طريق إيلات - بير السبع، قرب معاليه أكربيم مما أدى إلى مقتل 11 إسرائيلياً وجرح 3 آخرين. وقد عدَّها رئيس الوزراء الإسرائيلي عملية عسكرية مدبرة بعناية، وأشارت التحقيقات إلى أن مركز المجموعة الفدائية هو القسيمة جنوب شرقي العريش في سيناء، وأشير إلى احتمال أن يكون الإخوان المسلمون وراءها، كما وضعت احتمالات أخرى كأن تكون من تدبير جماعة المفتي الحاج أمين ...[131]
وكانت العمليات الفدائية تُقابل بردود فعل متغطرسة من الكيان "الإسرائيلي"، فيقوم بارتكاب المذابح وقصف المدنيين.وقد أحدثت مذبحة غزة، التي قامت بها القوات الصهيونية في 28 فبراير 1955 وقتلت 39 شهيدا وجرحت 32 آخرين، أحدثت انتفاضة عارمة في القطاع في الأول من مارس 1955 تطالب الحكومة المصرية بإعطاء الحرية للعمل الفدائي الفلسطيني، وتوفير السلاح.[132] ووافقت الحكومة المصرية تحت هذا الضغط، ووضعت العمل الفدائي تحت إشراف الضابط المصري مصطفى حافظ الذي قام بواجبه خير قيام. وقد تدفق الآلاف للتطوع، غير أنه تم انتقاء العناصر ذات الخبرات القتالية والمعرفة بالأرض، وزاد عدد الفدائيين العاملين عن ألف. وقاموا بعمليات يومية خاطفة، وأحيانا بعمليات كبيرة واسعة. وقد نشط هذا العمل بدءاً من شهر سبتمبر 1955 وحتى أكتوبر 1956. وكان من أبرز العمليات: العملية التي شارك فيها أكثر من 300 فدائي توغلوا حتى عمق 47كم ووصلوا إلى مسافة 15كم إلى الجنوب من تل أبيب. وقد قسموا أنفسهم إلى مفارز متعددة، قامت بالكثير من العمليات، وأثارت الرعب في الكيان الإسرائيلي، وقد تواصلت عملياتهم أسبوعاً كاملاً 6- 13 أبريل 1956. وقد استشهد مصطفى حافظ في 14 يوليو 1956 نتيجة انفجار طرد ملغوم، أرسله له رجال الموساد "الإسرائيلي" عن طريق عميل مزدوج.[133] 
وقد توقف العمل الفدائي عن طريق قطاع غزة إثر الاحتلال "الإسرائيلي" للقطاع وسيناء (آخر أكتوبر 1956 - 6 مارس 1957)، وبعد تعهد الرئيس عبد الناصر بإغلاق الحدود في وجه الفدائيين. 
وكان المصريون قد حاولوا في أثناء فترة تبنيهم للعمل الفدائي تصعيد هذا العمل عن طريق حدود الأردن وسوريا ولبنان، وأشارت التقارير إلى تجنيد حوالي 200 فدائي في الأردن، وإلى دور الملحق العسكري المصري في الأردن في ذلك، وإلى وجود شخصيات فلسطينية تتولى تنظيم هذا العمل خصوصاً في منطقة الخليل، وإلى دعم المفتي الحاج أمين لهذا العمل، وإلى تمويل السعودية وتشجيعها للعمل الفدائي. ومن الملفت للنظر أن العمليات الفدائية قد نشطت عن طريق الضفة الغربية إثر الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، وتحدثت التقارير عن قدوم ألفي شاب إلى منطقة الخليل أعمارهم تتراوح بين 18- 25 سنة ويفترض أنهم جاهزون كاحتياط للوحدات الفدائية العاملة في الأردن.[134] واشتكت جولدا مائير في خطابها في الأمم المتحدة في 17 يناير 1957 أنه حدث منذ 3 ديسمبر 1956 حوالي 30 هجوماً على الكيان الإسرائيلي. وقالت مذكرة أعدتها الخارجية البريطانية في 12 مارس 1957، أن عدداً أكبر من العمليات حدث في الأسابيع الستة الماضية معظمها عن طريق الأردن.[135]
ويبدو أنه بعد التعهد المصري بإغلاق الباب في وجه العمل الفدائي والانسحاب الإسرائيلي من القطاع في مارس 1957، وبعد ضبط الأمور أمنياً بشكل أقوى في الأردن إثر حدوث المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الملك في العام نفسه، وقيام الأردن بحظر أنشطة الأحزاب السياسية، فإن العمل الفدائي تعرض لانتكاسة كبيرة، ودخل في حالة من الجمود، جعلت الفلسطينيين يتطلعون إلى أشكال جديدة من العمل الفدائي. 
وتعد الفترة 1957- 1964 فترة مخاض في تاريخ المقاومة الفلسطينية، إذ أخذت تظهر العديد من المنظمات الفدائية الفلسطينية كان أبرزها حركة فتح التي أنشأها ابتداء وانحاز إليها رجال الإخوان المسلمين الراغبين في تفجير الثورة ضمن مشروع وطني فلسطيني، والجبهة القومية لتحرير فلسطين المعروفة باسم "شباب الثأر" وهي تنظيم إقليم فلسطين التابع لحركة القوميين العرب، والتي بدأت عملياتها في نوفمبر 1964، وجبهة تحرير فلسطين بزعامة أحمد جبريل التي بدأت عملياتها حوالي 1965. ومنذ انطلاقة العمليات المسلحة لحركة فتح، وحتى حرب يونيو 1967، قام جناحها العسكري "العاصفة" بشنِّ 200 عملية مسلحة.[136] 
وقد اتهمت الأنظمة العربية الفدائيين بالعمالة والرجعية، ومحاولة جرها للحرب مع العدو قبل الأوان، وقامت بملاحقة أفرادها وسجنهم، ومنعهم من التحرك والعمل. وسُجن ياسر عرفات في سجن المزة السوري 51 يوماً، وعذب بعض الفدائيين وماتوا في السجون العربية.[137] 
وعندما أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 قامت بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني على أسس الجيوش النظامية، ووضعت 85% من موازنتها لهذا الجيش، وتم تدريب عدد من الكوادر في الكليات العسكرية العربية، وبعض الدول الصديقة. وفي البلاد العربية التي رحبت بوجود هذا الجيش، تم تكوين وحدات عسكرية اعتمدت أساساً على الدول المضيفة في أمور التدريب والتسليح والدعم المالي. وسُمِّيت وحداته العسكرية في سوريا باسم قوات حطين، وفي قطاع غزة باسم قوات عين جالوت، وفي العراق باسم القادسية، أما الأردن ولبنان فرفضتا الوجود الفلسطيني المسلح. وقد وصل حجم جيش التحرير إلى ستة آلاف رجل، غير أن هذا الجيش من الناحية العملية لم يكن أكثر من وحدات عسكرية في الجيوش السورية والمصرية والعراقية تشرف عليه م.ت.ف اسمياً، وسعت الأنظمة العربية إلى تأكيد ولاء أصحاب الرتب العالية لها. ولم يخض هذا الجيش أية أعمال عسكرية، بسبب طبيعته النظامية حتى اندلاع حرب 1967.[138]
ثانيا: مرحلة 1967- 1987
اختلفت "تضاريس ومناخات" عمل المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة بحيث يمكن تجزئتها إلى مراحل أصغر. فقد سمّى أحد الباحثين المرحلة حتى سنة 1970 بمرحلة "الطوق الكامل" حيث كان العمل الفدائي يستخدم كافة الحدود العربية مع الكيان الإسرائيلي، والمرحلة 1970- 1982 مرحلة "الطوق المنقوص" حيث عملت أساساً من خلال الحدود اللبنانية، بعد أن خسرت قدرتها على العمل من خلال الحدود الأردنية والمصرية، ولم تستفد إلا بشكل ضئيل من الحدود السورية، والمرحلة 1982- 1987، مرحلة "الطوق المفقود" بعد أن أُجبرت على الخروج من لبنان.[139] غير أن ما يجمع هذه الفترة في مرحلة واحدة كونها تمثل الإصرار الفلسطيني على خيار المقاومة، وتمركُز عمل المقاومة وقيادتها في خارج فلسطين المحتلة. 
كانت الفترة 1967- 1970 هي الفترة الذهبية للعمل الفدائي الفلسطيني والثورة الفلسطينية، فقد أخذ الفلسطينيون زمام المبادرة في مواجهة المشروع الصهيوني، بعد أن انكشف لهم مدى ضعف الأنظمة العربية إثر هزيمة 1967. واضطرت الأنظمة تفادياً لموجات الغضب الشعبي لإفساح المجال أمام العمل الفدائي الفلسطيني، الذي استطاع أن يبني قواعد قوية وواسعة خصوصاً في الأردن ولبنان. واستطاعت المنظمات الفدائية بقيادة حركة فتح الوصول إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، حيث تولى رئاستها منذ فبراير 1969 ياسر عرفات. 
وقد كانت هناك حوالي ثلاثين منظمة فدائية ذات أيديولوجيات وطنية وقومية واشتراكية وشيوعية. ولم يتوفر للإسلاميين منظمة فدائية بسبب الأجواء العدائية ضدهم، لدرجة أنه تم سحق منظمة حاول الحاج أمين الحسيني إنشاءها، غير أن العديد من الإسلاميين عملوا من خلال فتح. 
وكانت معركة الكرامة في 21 مارس 1968 إنجازاً مادياً ومعنوياً كبيراً للعمل الفدائي الفلسطيني وخصوصا "فتح" حيث قتل 70 إسرائيلياً وجرح أكثر من 100 آخرين فيما استشهد نحو مائة فدائي، واستشهد من الجيش الأردني الذي شارك بفعالية 60 شهيداً وجرح 65 آخرون.[140] وقد اندفع بعد هذه المعركة التي أثبتت فعالية العمل الفدائي، وإمكانية كسر التحدي الصهيوني عشرات الآلاف للتطوع. وخلال 48 ساعة كان قد طلب خمسة آلاف شخص الانضمام إلى فتح، فقبلت 900 فقط حسب إمكانياتها ومعاييرها. وأخذت العمليات الفدائية تتطور نوعاً وكماً من 12 عملية شهرياً سنة 1967، إلى 52 عملية شهرياً سنة 1968، إلى 199 عملية سنة 1969، إلى 279 عملية شهريا في الأشهر الأولى من سنة 1970.[141]
وأَسّس الإخوان المسلمون معسكرات الشيوخ في الأردن 1968-1970 حيث عملوا تحت غطاء حركة فتح مع احتفاظهم باستقلالية إدارية داخلية. وقد تم تدريب حوالي 300 رجل توزعوا على سبع قواعد فدائية. ورغم محدودية إمكاناتهم ومشاركتهم فقد قدموا نماذج متميزة في عمليات قوية كالحزام الأخضر 31 أغسطس 1969، ودير ياسين 14 سبتمبر 1969، وسيد قطب 28 أغسطس 1970، واستشهد منهم 13 رجلاً.[142]
وفي فترة السبعينيات من القرن العشرين، وجد العمل الفدائي الفلسطيني نفسه مستنـزفاً في معمعة الخلافات مع الأنظمة العربية. إذ فقد قاعدة وجوده في الأردن، بعد الاشتباكات المسلحة العنيفة مع الجيش الأردني في سبتمبر 1970 ويوليو 1971. وعانى العمل الفدائي من الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) حيث استهدفت القوى التي فجرت تلك الحرب، ممثلة بحزبي الكتائب والوطنيين الأحرار المسيحيين، الوجود الفدائي الفلسطيني أساساً. كما عانى الفدائيون من تذبذب العلاقات مع سوريا، ومن تدهورها مع مصر منذ منتصف السبعينيات، مما أضعف قدرتهم على الفعل النضالي العسكري. غير أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من الاحتفاظ بقاعدتها في لبنان حتى سنة 1982، واستمرت في عملياتها عبر الحدود اللبنانية، وإن كانت بمعدلات أقل. 
ومن العمليات النوعية التي تجدر الإشارة إليها عملية سافوي التي قامت بها فتح في تل أبيب في 6 مارس 1975 وأدت إلى مقتل وجرح خمسين جندياً وخمسين مدنياً، وعملية كمال عدوان التي قامت بها فتح أيضا بقيادة دلال المغربي في 11 مارس 1978، مما أدى إلى مقتل 37 وجرح 82 من الصهاينة. وبرزت الجبهة الشعبية في عمليات اختطاف الطائرات خصوصا سنة 1970 والتي أثارت دويّاً عالمياً واسعاً، وقام أفرادها - بالتعاون مع الجيش الأحمر الياباني - بالهجوم على مطار اللد (المطار الرئيس في الكيان الإسرائيلي) في 30 مايو 1972، مما أدى إلى مقتل 31 وجرح 80 آخرين. ونفذت الجبهة الشعبية - القيادة العامة عملية الخالصة في 11 أبريل 1974 مما أدى إلى مقتل 18 إسرائيلياً وجرح 15 آخرين، كما نفذت الجبهة نفسها عملية الطائرة الشراعية في نوفمبر 1987. ونفذت الجبهة الديموقراطية عمليات مهمة مثل عملية ترشيحا في 15 مايو 1974 التي أدت إلى مقتل 27 إسرائيلياً وجرح الكثير، وعمليات بيسان وطبرية وعين زيف والقدس.[143] 
وقامت منظمة أيلول الأسود (التي يشتبه بصلتها السرية بحركة فتح) بعدد من العمليات التي أحدثت دويا عالمياً، لأنها استهدفت المشروع الصهيوني ومؤيديه في العالم، خصوصا في الفترة 1971- 1973. وكان من أبرز عملياتها عملية ميونيخ في 5 سبتمبر 1972 التي استهدفت الرياضيين الإسرائيليين في دورة الألعاب الأولمبية بغية مبادلتهم بأسرى في السجون الإسرائيلية. وقد أدت العملية إلى مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً واستشهاد خمسة فدائيين.[144] 
وفي أواخر السبعينيات، وبعد أن أخذ التيار الإسلامي يستعيد شعبيته، ظهر تنظيم "أسرة الجهاد" في الأرض الفلسطينية المحتلة سنة 1948 والذي قام بعشرات العمليات إلى أن قضي عليه سنة 1980. كما بدأ الإخوان المسلمون بالإعداد السري للعمل المسلح، لكن انكشاف الأمر سنة 1984 أدى للقبض على زعماء التنظيم وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين. وأخذت حركة الجهاد الإسلامي بالتكون منذ مطلع الثمانينيات وتنفيذ العمليات، وقام تنظيم سرايا الجهاد بتنفيذ عمليات نوعية أهمها عملية باب المغاربة في 16 أكتوبر 1986 والتي أوقعت حوالي ثمانين إصابة في جنود العدو الصهيوني. 
وكانت المواجهات العسكرية العنيفة مع العدو الصهيوني أحد السمات البارزة للفترة 1970- 1982 خصوصاً على الساحة اللبنانية. فقد ظل الكيان الصهيوني يقوم بعمليات متواصلة ضد قواعد الفدائيين في لبنان، بل وضد المدنين وقراهم ومحاصيلهم ليوجد جواً من العداء للثورة، وليحاول معاقبة أولئك الذين يدعمونها. أما بالنسبة لقوات الثورة الفلسطينية، فقد كان أعداد أفرادها في لبنان (من مختلف المنظمات الفدائية) بحدود 12- 15 ألف مقاتل،[145] وكانت تتمتع بإرادة قتال عالية، ومرونة في الحركة، وخبرة في حرب العصابات، كما وفرت لنفسها تسليحاً خفيفاً ومتوسطاً متناسباً مع وجودها في بلد عربي مضيف.
وكان من أبرز الحملات الإسرائيلية على الفدائيين في لبنان الهجمات المتتابعة على منطقة العرقوب 1970- 1972، وعملية اغتيال ثلاث من قيادات منظمة التحرير في بيروت في 10 أبريل 1973،وهم محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر. وفي الفترة 14- 21 مارس 1978 شنت القوات الإسرائيلية عملية اجتياح واسعة للجنوب اللبناني. وقد وجوبهت بمقاومة فلسطينية عنيفة استخدمت أسلوب حرب العصابات. غير أن القوات الإسرائيلية أقامت شريطاً "أمنياً" حدودياً في جنوب لبنان على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، ونصّبت الرائد اللبناني المنشق سعد حداد قائداً للشريط، حيث أعلن فيما بعد في 19 أبريل 1979 ما أسماه "دولة لبنان الحر" التي كانت في حقيقتها منطقة استعمار صهيوني بوجه لبناني عميل، يسعى لحماية اليهود في شمال فلسطين المحتلة. وقد استشهد في عملية الاجتياح هذه حوالي 700 لبناني وفلسطيني معظمهم من المدنيين.[146] 
وقد أثبتت المقاومة الفلسطينية جدارتها وكفاءتها في معركة الشقيف في 19 أغسطس 1980 عندما تمكنت من صد هجوم إسرائيلي يبلغ 15 ضعف عددها، ويتفوق عليها بكافة أنواع الأسلحة، وقد تكبد العدو خسائر كبيرة أجبرته على الانسحاب.[147] وفي الفترة 10- 24 يوليو1981 قامت الطائرات والمدافع "الإسرائيلية" بقصف وحشي متواصل للمدن والقرى وقواعد الفدائيين في منطقة النبطية، شملت 46 مدينة وقرية مما أدى لاستشهاد 150 وجرح 600 آخرين. وقد ردت المقاومة الفلسطينية بقصف مدفعي وصاروخي على نحو 30 قاعدة عسكرية ومستعمرة وبلدة "إسرائيلية" شمال فلسطين المحتلة، وعلى مواقع جيش لبنان الجنوبي العميل. وقد ثبتت المقاومة بقوة، وردت بعنف، مما اضطر الإسرائيليين لتوقيف حملتهم، والاعتراف بفشلهم.[148]

هوامش الكتاب
________________________________________
[97] حول الظروف والأسباب التي أدت إلى حرب 1956، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 159-178.
[98] المرجع نفسه، ص 191-192.
[99] حول مجريات حرب 1956 ونتائجها، انظر: المرجع نفسه، ص 185-190، وانظر أيضاً: Herzog, op. cit., pp. 111-141.
[100] الكيلاني، مرجع سابق، ص 266.
[101] انظر: المرجع نفسه، ص 221-231، وص 264-270.
[102] المرجع نفسه، ص 220، وص 261-263.
[103] المرجع نفسه، ص 231.
[104] المرجع نفسه، ص 259-260.
[105] المرجع نفسه، ص 226-228.
[106] المرجع نفسه، ص 276.
[107] المرجع نفسه، ص 224-226.
[108] حول مجريات حرب 1967، انظر: المرجع نفسه، ص 237-247، والموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 170-178، وانظر: Herzog, op. cit., pp. 145-191.
[109] انظر: محمد بن عبد الغني النواوي، رؤية إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي، ج1: مؤامرة الدويلات الطائفية (دون مكان: دون ناشر، 1983)، ص 398.
[110] المرجع نفسه، ص 397.
[111] الموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 174-177، وHerzog, op. cit., pp. 165, p. 183.
[112] الكيلاني، مرجع سابق، ص 239.
[113] Herzog, op. cit., p. 220، وانظر حول حرب الاستنـزاف في: الكيلاني، مرجع سابق، ص 319-348.
[114] حول الاستعداد المصري - السوري للحرب، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 351، وص 377-381.
[115] حول التأهب "الإسرائيلي"، انظر: عبد الستار قاسم، وغازي ربابعة، "الحروب الإسرائيلية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 298-304.
[116] حول الحرب على الجبهة المصرية، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 363-368، وص 435-447، والموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 191-194، وانظر: Herzog, op. cit., pp. 231-284.
[117] حول الحرب على الجبهة السورية، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 368-372، والموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 188-191، والنواوي، مرجع سابق، ص 452، وانظر: Herzog, op. cit., pp. 285-307.
[118] الكيلاني، مرجع سابق، ص 448-452.
[119] المرجع نفسه، ص 389-390، والموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 194-195.
[120] Herzog, op. cit., p. 306, pp. 310-311.
[121] الموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 193.
[122] انظر هذا التقرير في ملف: F.O. 371/104779.
[123] انظر التقرير في: F.O. 371/111098.
[124] انظر مثلاً: Tel., British Embassy (Amman) to F.O. no. 465, 1 Confidential, F.O. 371/115908.
[125] F.O. 371/115897.
[126] انظر التقرير في: F.O. 371/104779.
[127] انظر مثلاً: رسالتين من السفارة البريطانية في القاهرة إلى الخارجية البريطانية بتاريخ 14 ديسمبر 1954، و26 يناير 1955، ورسالة من السفارة البريطانية في تل أبيب إلى الخارجية البريطانية في 8 فبراير 1955، محفوظة في ملف: F.O. 371/115896، وانظر ملف: F.O. 371/111107.
[128] Dispatch, British Embassy (Tel Aviv) to Lloyd, 10 Mar. 1956, F.O. 371/121773.
[129] حسين أبو النمل، قطاع غزة 1948-1967: تطورات اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية (بيروت: مركز الأبحاث (م.ت.ف)، 1979)، ص 66.
[130] ضمن هذه المقابلات: مقابلة مع محمد الخضري، جدة، 15 سبتمبر 1998، وفوزي جبر، الكويت، 20 نوفمبر 1999، وخ. أ.، 17 سبتمبر 1998 (اعتذر عن الإشارة إلى اسمه الصريح).
[131] انظر ملفات: F.O. 371/111077, 111098-111100.
[132] الموسوعة الفلسطينية، ج3، ص 397.
[133] الموسوعة الفلسطينية، ج3، ص 393-396، وأبو النمل، مرجع سابق، ص 101-123.
[134] حول التقارير البريطانية المتعلقة بهذا الموضوع، انظر ملفات: F.O. 371/115904, 115909-115911، وهي تتحدث عن التطورات سنة 1955، وانظر ملفات: F.O. 371/121776, 128160 وهي تتحدث عن التطورات سنة 1956.
[135] F.O. 371/128157.
[136] انظر: هلينا كوبان، المنظمة تحت المجهر، ترجمة سليمان الوزني (لندن: دار هاي لايت، 1984)، ص 221، ورياض نجيب الريس ودينا حبيب نحاس، المسار الصعب: المقاومة الفلسطينية: منظماتها، أشخاصها، علاقاتها (بيروت: دار النهار، 1976)، ص 37، وص 49، وص 241.
[137] رياض الريس، مرجع سابق، ص 40.
[138] المرجع نفسه، ص 101-102، والموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 117-121، وج3، ص 314-315.
[139] الكيلاني، مرجع سابق، ص 473.
[140] هناك إحصاءات متضاربة حول خسائر الأطراف المختلفة في المعركة، انظر مثلاً: الموسوعة الفلسطينية، ج3، ص 638، والكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1968، ص78-81، وص119-121، ورياض الريس، مرجع سابق، ص42.
[141] صلاح خلف، مرجع سابق، ص 96-98.
[142] انظر: محسن صالح، الطريق إلى القدس، ص 196-198.
[143] انظر حول هذه العمليات في: الموسوعة الفلسطينية، ج1، ص 489-490، وص 539-540، وج2، ص 313-314، وج3، ص 661-662، وج4، ص 42.
[144] انظر: المرجع نفسه، ج4، ص 414، ورياض الريس، مرجع سابق، ص 85-62.
[145] الكيلاني، مرجع سابق، ص 493.
[146] حول اجتياح جنوب لبنان سنة 1978، انظر: المرجع نفسه، ص 486-487، وعبد الستار قاسم وغازي ربابعة، "الحروب العربية الإسرائيلية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 309.
[147] الموسوعة الفلسطينية، ج2، ص 638-641.
[148] الكيلاني، مرجع سابق، ص 487-488.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:14 am

حرب 1982:[149]
هدف الكيان الإسرائيلي من حرب 1982 إلى ضرب المقاومة الفلسطينية في لبنان وتدمير بنيتها العسكرية، والقضاء على مشروع الثورة الفلسطينية بتحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح، وجرّها إلى مشاريع التسوية وفق الشروط والمعايير "الإسرائيلية"، خصوصاً وأن الأنظمة العربية هجرت الخيار العسكري أو لم تعد تراهن عليه. واستفاد الكيان الإسرائيلي من ظروف خروج مصر من الصراع العربي - الإسرائيلي بعد توقيعها اتفاقيات كامب ديفيد في سبتمبر 1978، ومن انشغال العرب بالحرب العراقية ـ الإيرانية، فضلا عن الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي الذي ازداد قوة في ولاية الرئيس ريغان. 
وقد ادعى الكيان الإسرائيلي أن هدف الحرب هو تحقيق "سلامة الجليل" أي حماية المستوطنات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة من الصواريخ والعمليات الفلسطينية. مع العلم أنه لم تحدث عمليات من هذا النوع منذ 24 يوليو 1981 وحتى 4 يونيو 1982. بينما قام الكيان الإسرائيلي في الفترة نفسها بخرق المجال الجوي اللبناني 2125 مرة، وخرق المياه الإقليمية اللبنانية 652 مرة، فضلاً عن بعض حوادث الانتهاك براً. 
بدأ الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان في 4 يونيو 1982 واشترك فيه 125-150 ألف جندي (من أصل 170 ألفاً هم قوام الجيش "الإسرائيلي" العامل) تساندهم 1600 دبابة، و1600 ناقلة جنود مدرعة، و600 مدفع وراجمة صواريخ، والقوات الجوية والبحرية، أي أنها كانت حرب اقتلاع للوجود العسكري الفلسطيني، في جو من الاطمئنان إلى عدم وجود أي تحرك عربي جاد، فتركت الحدود شبه فارغة مع البلاد العربية الأخرى. 
وقد تمكنت القوات "الإسرائيلية" من اجتياح جنوب لبنان ووسطه بسرعة كبيرة تساندها القوى الكتائبية، وفي يوم 9 يونيو كانت قد وصلت إلى مشارف بيروت. وقد حاولت القوات السورية المتمركزة في البقاع والشوف التصدي لها، لكن القوات "الإسرائيلية" تمكنت من تدمير شبكة الصواريخ السورية، وأسقطت في معارك جوية مائة طائرة عسكرية سورية فانكشفت القوات السورية البرية أمام الطيران الإسرائيلي، واضطرت القوات السورية للانسحاب بعيداً عن محاور القتال منذ 11 يونيو. 
وقد استمرت معركة بيروت 65 يوماً (9 يونيو - 12 أغسطس 1982). ووصلت القوات "الإسرائيلية" إلى طريق بيروت دمشق، ودخلت بيروت الشرقية في 11 يونيو حيث قصر الرئاسة في بعبدا، وحيث وجدت ترحيباً من تحالف القوات اللبنانية الكتائبية. وقد أكملت حلقة حصارها على بيروت الغربية في 14 يونيو حيث تجمع فيها نحو 12- 13 ألف مقاتل فلسطيني واللواء السوري الـ85. وقد قررت المقاومة الفلسطينية الصمود، وقدمت نموذجاً لملحمة بطولية، فشل العدو خلالها وعلى مدى شهرين من احتلال رقعة صغيرة هي منطقة بيروت الغربية، رغم شراسة القصف والحصار ومحاولات الاقتحام والهجمات براً وبحراً وجواً، واستخدام أحدث وأشد وسائل الدمار. وفي 30 يونيو كان قد استشهد نحو 15 ألف مدني من جراء الغزو الإسرائيلي. 
وقد اضطرت القوات "الإسرائيلية" للموافقة على وقف إطلاق النار في 12 أغسطس 1982، بعد أن فشلت في احتلال بيروت الغربية. غير أن القوات "الإسرائيلية" حققت أهدافها بشكل عام. إذ اقتضت الترتيبات خروج المقاومة الفلسطينية وقيادة م.ت.ف من لبنان بعد أن تجمعت في بيروت، مما أدى إلى خروج حوالي 11 ألف فلسطيني مقاتل (نحو 8300 من المنظمات الفدائية 2600 من جيش التحرير الفلسطيني و175 جريحاً) وذلك وفق ترتيبات تضمن سلامتها، وقد تم ذلك في الفترة 21 ـ 31 أغسطس 1982، حيث توجه المقاتلون الفلسطينيون إلى معسكرات في سوريا والعراق وتونس واليمن (الشمالي والجنوبي) والجزائر والسودان. ولم تحترم القوات "الإسرائيلية" تعهداتها، فقد اقتحمت بيروت الغربية بعد أسبوعين من خروج المقاومة الفلسطينية، وأشرفت بنفسها على تنفيذ قوات الكتائب والوطنين الأحرار وغيرهم من القوى المسيحية المتعصبة لمذابح صبرا وشاتيلا في 16- 18 سبتمبر 1982 والتي أدت إلى استشهاد نحو 3500 فلسطيني ولبناني من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ ...
أَدّت حرب 1982 إلى استشهاد وجرح نحو 55 ألف فلسطيني ولبناني، وإلى تدمير معظم البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية في لبنان بحيث لم تعد تشكل خطراً جاداً على الكيان الصهيوني، ووجدت م.ت.ف نفسها بعيدة عن فلسطين، محرومة من العمل العسكري في دول الطوق.[150] وكسب تيار "الواقعية" في م.ت.ف دفعات جديدة باتجاه تبني الحلول السلمية، وأخذ تركيز م.ت.ف ينصب بعد ذلك على النضال السياسي. وعانت من محاولات فرض الهيمنة عليها أو تجاوزها، كما عانت من الاختلافات الداخلية، ووقع انشقاق في حركة فتح بزعامة أبو موسى. ورغم البطولات التي أبداها المقاتلون الفلسطينيون، فإن حرب 1982 كشفت عن اختراقات وترهلات ونقاط ضعف في جسد الثورة، كما دفعت إلى مراجعة الايديولوجية التي يجب أن ينبني عليها الصراع مع العدو. 

ولم تدم سعادة الكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه، إذ سرعان ما ظهرت المقاومة اللبنانية ممثلة خصوصا بحزب الله، حيث حولت الجنوب اللبناني إلى ساحة حرب توالت فيها العمليات اليومية وسقوط القتلى "الإسرائيليين". فقد جرى اغتيال الزعيم الكتائبي بشير الجميل الذي نصبته "إسرائيل" رئيساً على لبنان بعد أيام من انتخابه. وتم تدمير مقر القيادة العامة للقوات "الإسرائيلية" في صور في 12 نوفمبر 1982 حيث قتل 75 عسكرياً "إسرائيلياً"، وهوجم مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور في 4 نوفمبر 1983 وقتل 19 إسرائيلياً. وأفشلت القوى الوطنية الإسلامية الوجود المشبوه للقوات متعددة الجنسيات في لبنان، فدمرت السفارة الأمريكية في بيروت في 18 أبريل 1983 وقتلت 80 شخصاً، ودمرت مقر قيادة القوات الأمريكية في 23 أكتوبر 1983 وقتلت 239 جندياً. كما ضربت مقر قيادة القوة الفرنسية في 23 أكتوبر و21 ديسمبر 1983 مما أدى إلى مقتل 71 جندياً. وتمكنت المقاومة من إفشال الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والكيان الإسرائيلي الذي وُقِّع في 13 مايو 1983، حيث تم إسقاطه في 5 مارس 1984، لأنه اتفاق ينتقص من الحقوق اللبنانية الكاملة في السيادة والاستقلال. كما أخذت المقاومة الفلسطينية تعود شيئاً فشيئاً إلى لبنان - وإن بدرجة أقل مما سبق - وتتولى القيام ببعض العمليات والدفاع عن المخيمات الفلسطينية.[151]
وقد اضطرت القوات الإسرائيلية للانسحاب في 4 سبتمبر 1983 إلى خط نهر الأولي، ثم قررت في 14 يناير 1985 تحت الضربات القاسية للمقاومة إلى الانسحاب من كثير من المناطق على ثلاث مراحل أتمتها في يونيو 1985، وأبقت قواتها فقط في الشريط الحدودي، الذي عهدت بإدارته إلى عميلها إنطوان لحد. وهو شريط في جنوبي لبنان يتاخم الحدود مع فلسطين وبعمق 5 ـ 20كم داخل لبنان.[152] وقد توالت ضربات المقاومة للقوات الإسرائيلية وعملائها في هذا الشريط حتى تم تحريره في 24 مايو 2000.
ثالثاً: مرحلة 1987-2001:
كانت أبرز مظاهر المقاومة المسلحة للمشروع الصهيوني في هذه المرحلة الانتفاضة المباركة، وانتفاضة الأقصى، وهزيمة الكيان الإسرائيلي في جنوب لبنان وانسحابه. وتميزت هذه المرحلة بأن القوى الفلسطينية الأساسية التي تبنت المقاومة المسلحة طوال العشرين سنة السابقة ممثلة في قيادة م.ت.ف وحركة فتح قد جنحت إلى خط التسوية السلمية. بينما ظهرت فصائل فلسطينية جديدة تبنت العمل العسكري وفق منظور إسلامي جهادي، وبرعت في تنفيذ العمليات العسكرية في الداخل. فتولت حماس قيادة الفعاليات الجهادية وإلى جانبها - وإن بدرجة أقل - حركة الجهاد الإسلامي. 
وكان من مظاهر هذه المرحلة أن مركز الثقل في المقاومة المسلحة انتقل إلى الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن كان متركزاً في الخارج. وفيما يلي أبرز مظاهر المقاومة المسلحة.
الانتفاضة المباركة:
حدثت شرارة الانتفاضة المباركة في يوم 9 ديسمبر / كانون أول 1987 إثر استشهاد أربعة عمال فلسطينيين في حادث دهس متعمد في اليوم الذي سبقه. وقد قررت حركة الإخوان المسلمين منذ تلك الليلة المشاركة في الانتفاضة وتوجيهها، فبدأت -بترتيبها - المظاهرات العارمة بعد صلاة الفجر 9 ديسمبر من مسجد مخيم جباليا، وسقط الشهيد حاتم أبو سيس، ثم سقط الشهيد رائد شحادة في مظاهرة أخرى قرب مستشفى الشفاء. (وأصدر الإخوان المسلمون بيانهم الأول باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في 13 ديسمبر 1987 التي عدّوها امتداداً لهم وجناحهم الضارب). وتوالى سقوط الشهداء واتسعت المظاهرات لتعم أرجاء الضفة والقطاع وليشارك فيها كافة أبناء الشعب.[153] وتميزت هذه الانتفاضة بأربعة مظاهر: 
الأول: أن أهل "الداخل" المحتل (الضفة والقطاع) أخذوا زمام المبادرة النضالية الجهادية، بعد أن كانت بيد العمل من "الخارج". 
الثاني: أن التيار الإسلامي شارك بقوة وعنف وفاعلية، وبرز على ساحة المواجهة بحجم منظم مؤثر. 
الثالث: أنها شملت كافة قطاعات الشعب الفلسطيني واتجاهاته وفئاته العمرية. 
الرابع: أنها اتسمت بالجرأة والتضحية، والمشاركة الواسعة للأطفال والفتيان والنساء، وبالمظاهر النبيلة من إيثار وتعاون وشهامة، وبالقضاء على مظاهر العمالة والفساد من خمور ودور لهو ...
وتميزت المرحلة الأولى من الانتفاضة بالمواجهات الشعبية الواسعة والإضرابات، والمظاهرات، ومقاطعة الإدارة المدنية الصهيونية، وتنظيف المجتمع من العملاء ومروجي الفساد والمخدرات. وبعد نحو أربع سنوات أخذت تبرز المرحلة الثانية التي شهدت تنامي العمليات المسلحة ضد الصهاينة مع تراجع الأنشطة الجماهيرية الواسعة. وقد عدّت حركة فتح وحلفاؤها في م.ت.ف اتفاقية أوسلو (سبتمبر 1993) نهاية للانتفاضة فأوقفت فاعلياتها، أما الجهات الأخرى وخصوصا حماس والجهاد الإسلامي فقد استمرتا في فاعلياتهما، بل وصعّدتا من عملياتهما الجهادية. غير أن تشكيل السلطة الفلسطينية في الأرض المحتلة في مايو 1994 أفقد الانتفاضة كثيراً من وهجها، كما أفقدها المشاركة الشعبية الجماهيرية اليومية، فاقتصر الأمر بشكل أكبر على أعضاء الحركات والتنظيمات. 
ومن جهة أخرى، عدّت م.ت.ف الانتفاضة رافعة لها من محاولات العزل والتهميش والتجاوز، فسعت لتوظيف الانتفاضة في تحقيق إستراتيجيتها للوصول إلى تسوية سلمية مع الكيان الصهيوني تؤدي إلى انسحابه من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية على أراضيها. فبعد أسبوعين من بدء الانتفاضة دعت م.ت.ف إلى إضراب عام يوم 21 ديسمبر 1987، وبدأت صور ياسر عرفات وشعارات المنظمة بالظهور. وشكلت م.ت.ف "القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة" التي شاركت فيها فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية، وصدر بيانها الأول في 8 يناير 1988.[154] وهكذا بدأ يتنازع قيادة الانتفاضة تياران هما التيار الإسلامي وتيار م.ت.ف باستراتيجيات مختلفة وأهداف متباينة، ولكن بفعاليات جهادية نضالية متشابهة تقريبا ضد العدو، تمثلت في المظاهرات والإضرابات وقذف الصهاينة بالحجارة وقنابل المولوتوف الحارقة ... وغيرها. وكانت الجماهير تستجيب لكلا التيارين، وتلتزم بالإضرابات التي يدعوان إليها. 
وقد قام الكيان الإسرائيلي بإجراءات لا مثيل لها لقمع الانتفاضة، فاستخدم الرصاص الحي، ورصاص الدمدم المحرم دولياً، وأساليب تكسير عظام المتظاهرين، ومختلف أشكال تعذيب الأسرى، ومنع السفر، وقطع المواصلات والاتصالات الهاتفية، ومصادرة الهويات، وهدم المنازل، وقام بمصادرة الأراضي في الضفة والقطاع بوتيرة عالية، حيث بلغت المصادرة خلال سنوات الانتفاضة 457834 دونماً (وهي مساحة تزيد عن مساحة كل قطاع غزة بنحو 94كم مربع). وشملت الإجراءات الإسرائيلية الحصار التمويني وإغلاق الأسواق وإتلاف المحاصيل الزراعية، ومحاولات كسر الإضرابات التجارية. وتعرضت المؤسسات التعليمية والصحية الفلسطينية لعمليات الإغلاق والمداهمة، فضلا عن انتهاك حرمة المساجد.[155]
وحسب إحصائية أعدتها م.ت.ف فإن السنوات الست الأولى للانتفاضة (ديسمبر 1987 - ديسمبر 1993) قد شهدت استشهاد 1540 فلسطينياً، وبلغ عدد الجرحى 130 ألفاً، كما اعتقل حوالي 116 ألفاً لمدة مختلفة.[156] وكان من بين شهداء الانتفاضة 353 طفلاً دون السادسة عشر من العمر.[157] 
وتعد الانتفاضة المباركة من أروع وأنبل ما شهده تاريخ فلسطين، بل والتاريخ الإنساني، عندما واجه شعب أعزل بأطفاله ونسائه وشيوخه إحدى أعتى وأقسى القوى في العالم، والمدججة بأحدث أسلحة البطش والدمار. وانشَدَّ العالم إليه مُعجباً ومبهوراً بـ"العين التي تحدَّت المخرز" وبالحجر الذي واجه الرصاصة والدبابة. وكان من أبرز إنجازات الانتفاضة: 
- أثبتت للكيان الإسرائيلي فشل كافة أساليبه في تركيع وإذلال الشعب الفلسطيني . وأثبتت للعالم أن هناك شعباً مظلوماً، أرضه محتلة، ويريد أن يعيش حراً مستقلاً. 
- فضحت الوجه القبيح للكيان الإسرائيلي، وكشفت زيف ادعاءاته المتعلقة بالمدنية والديموقراطية، وأظهرته قوة اغتصاب وإجرام وقهر للآخرين. 
- وجهت الانتفاضة ضربة قوية لمظاهر الاحتلال ومؤسساته، وخصوصا الجواسيس والعملاء المتعاونين مع جهاز المخابرات، وتمت تصفية نحو 900 منهم. 
- عالجت الانتفاضة بكثير من النجاح مظاهر الفساد الخُلقي والاجتماعي، وتضاعفت مظاهر التدين، وتحقق قدر عال من التكافل والتراحم والإيثار، وظهر جيل جديد من الشباب والفتيان، يمتاز بالشجاعة والثقة بالنفس والاستعداد للتضحية والاستشهاد. 
- عادت القضية الفلسطينية لتتصدر قائمة الاهتمامات الدولية، ولتثبت أنها تستعصي على الضياع أو الذوبان. 
- أظهرت الانتفاضة قوى جديدة، أصبحت ذات تأثير فاعل في الساحة الفلسطينية ممثلة بحماس والجهاد الإسلامي. 
وقد كان من نتائج الانتفاضة أن عاد الوهج والألق لـ م.ت.ف وقيادتها مرة أخرى، وفرضت نفسها على الساحة من جديد. 
انتهت الانتفاضة المباركة بتوقيع م.ت.ف لاتفاقية أوسلو (سبتمبر 1993)، وبدء مرحلة الحكم الذاتي في أجزاء من الضفة والقطاع (مايو 1944). غير أن حماس والجهاد الإسلامي استمرتا في فعالياتهما الجهادية وعملياتهما العسكرية النوعية، وخصوصاً الاستشهادية. فقد ردَّت حماس على مذبحة الحرم الإبراهيمي (فبراير 1994) بخمس عمليات عنيفة، وردت على استشهاد يحيى عياش (الذي كان مهندساً لعمليات أدت لمقتل 70 صهيونياً وجرح 340 آخرين) بعدة عمليات في 25 فبراير ـ 4 مارس 1996، هزت الكيان الصهيوني وأفقدته صوابه، واستدعت عقد مؤتمر دولي بمشاركة الدول الكبرى بهدف ما أسموه "محاربة الإرهاب".[158] ورغم محاربة السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي (بالتعاون مع المخابرات الأمريكية) بكل شراسة وعنف للقوى المجاهدة، فقد تمتعت حماس بثقل جماهيري واسع، وكان لها الدور الأكبر في الاستمرار في العمليات العسكرية، وإلى جانبها حركة الجهاد الإسلامي التي قامت بالعديد من العمليات النوعية المتميزة التي أفقدت العدو صوابه. 
هبّة الدفاع عن الأقصى: 
يقوم المسلمون في فلسطين بالسهر على حماية المسجد الأقصى ورعايته، إذ إن الاحتلال اليهودي - الصهيوني يستهدف تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه. وهناك 25 منظمة يهودية متطرفة تسعى لتحقيق هذا الغرض. وعادة ما يجتمع المسلمون بالآلاف للدفاع عن حرمة الأقصى (وهم لا يملكون إلاّ حجارتهم ولحوم أجسادهم) كلما حاول اليهود انتهاك حرمته. 
ففي 8 أكتوبر 1990 حاولت جماعة "أبناء الهيكل" اليهودية وضع حجر الأساس لبناء الهيكل اليهودي في ساحة المسجد الأقصى، فقام المسلمون يدافعون عن حرمته، مما أدى لاستشهاد 34 وجرح 115 آخرين، بعد أن تمكنوا من إفشال المخطط اليهودي.[159] 
وفي 24 سبتمبر 1996 قامت السلطات اليهودية بافتتاح نفق أسفل المسجد الأقصى، مما أدى إلى انتفاضة غضب عارمة شملت مدن وقرى فلسطين، ووقعت اشتباكات واسعة مع الشرطة والجيش الإسرائيلي، الذي استخدم الأسلحة المختلفة وطائرات الهيلوكبتر لقمع الانتفاضة. وتدخلت الشرطة الفلسطينية للدفاع عن الفلسطينيين ضد الهجمات الإسرائيلية، واستمرت الأحداث ثلاثة أيام 25 - 27 سبتمبر 1996، مما أدى لاستشهاد 62 فلسطينياً وجرح 1600 آخرين، وقتل 14 جندياً إسرائيلياً وجرح 50 آخرين.[160] 
تحرير جنوب لبنان: 24 مايو 2000
نجح الكيان الإسرائيلي في احتلال شريط حدودي في جنوب لبنان في مارس 1978 (أكثر من 10%من مساحة لبنان) سعيا لإقامة منطقة أمنية عازلة تمنع ضرب الأهداف الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة. ورغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 425 بتاريخ 19 مارس 1978 القاضي بانسحاب الكيان الإسرائيلي من جنوب لبنان، إلا أن الكيان أصر على استمرار الاحتلال، ودعم إقامة جيش لبنان الجنوبي العميل ... وقد توسع الصهاينة في الاحتلال عندما اجتاحوا جنوب ووسط لبنان سنة 1982، لكن سرعان ما اضطروا للتراجع إلى منطقة "الحزام الأمني" سنة 1985 بسبب ضربات المقاومة اللبنانية. 
وقد برز "حزب الله" في عمليات المقاومة بشكل رئيسي، وإلى جانبه قوى المقاومة الإسلامية والوطنية. وحولوا حياة الجنود الإسرائيليين وجيش العملاء إلى جحيم لا يطاق. وتمكن حزب الله من تحقيق نظام أمني واستخباراتي راقٍ أعانه على توجيه ضربات عنيفة ومفاجئة لقوى الاحتلال. واعترف جدعون عزرا أحد الخبراء الصهاينة أن "حزب الله أصبح أول قوة عربية تتغلب على "إسرائيل" في مجال الاستخبارات".[161] وقد استفاد حزب الله من دعم إيران له في مجالات التدريب والتمويل والتسليح. وتكون ذراعه العسكري من ستة آلاف مقاتل، وتتبعه وحدات هندسية، واستخبارات ميدانية، ومدفعية، وطبية. كما استطاع حزب الله العمل في بيئة شعبية مؤيدة، خصوصاً وسط القاعدة الشيعية حيث بنى شبكة خدمات تعليمية واجتماعية ودينية واسعة، كما تكفل بعائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين، فضلاً عن امتلاكه لمحطة راديو وتلفزيون ومجلات أسبوعية ومواقع إنترنت، تخدم كلها بشكل منهجي فكر الحزب، وتبث روح المقاومة.[162] 
وقد قام الكيان الصهيوني بمئات الهجمات على مواقع حزب الله وقوى المقاومة لكنه فشل من اقتلاع جذوة المقاومة التي كانت ترد من جهتها بقصف المستعمرات اليهودية في شمال فلسطين. وفي سنة 1993 قامت القوات الإسرائيلية بهجوم شامل تحت اسم "عملية تقديم الحساب" توغلت فيه في الجنوب اللبناني، وهاجمت مواقع حزب الله براً وبحراً وجواً، لكنها لاقت مقاومة عنيفة، واضطرت للانسحاب تحت ضربات حرب العصابات، وبناء على اتفاق شفوي على أساس ألا يطلق حزب الله أو القوات الإسرائيلية النار على المدنيين. واستمر حزب الله في عملياته ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية وجيش العملاء، وعادة ما كانت القوات "الإسرائيلية" تقوم بالرد فإذا ما أصابت قذائفها المدنيين كان حزب الله يضرب الأهداف المدنية الإسرائيلية. وعندما ضاق الكيان "الإسرائيلي" ذرعاً قام بحملة قصف كبيرة تحت اسم "عناقيد الغضب" 11-27 إبريل 1996 استخدم فيها الطائرات والمدافع والبحرية ولكن دون زحف برِّي، ووجهت ضرباتها للمدنيين والمنشآت العامة فضلاً عن حزب الله، وارتكبت مجزرة قانا عندما أطلقت صواريخها على ملجأ للمدنيين فقتلت أكثر من مائة من الأبرياء. وقد فشلت "عناقيد الغضب" في تحقيق أهدافها، واضطر الكيان الإسرائيلي للموافقة على عدم ضرب المدنيين، بينما خرج حزب الله أكثر قوة، واستمر في عملياته ضد الأهداف العسكرية.
وتحول بذلك جنوب لبنان إلى عبء أمني كبير على الكيان الإسرائيلي، وتحول الجنود الصهاينة إلى أهداف متحركة لعمليات المقاومة. ولم ينفع جيش العملاء المكون من ثلاثة آلاف عنصر والذين تزيد ميزانيته عن مائة مليون دولار في حماية الأمن الإسرائيلي فضلاً عن حماية نفسه. ولذلك قرر الكيان "الإسرائيلي" الانسحاب، حيث خرجت آخر فلوله من الجنوب اللبناني في 24 مايو 2000. وكان ذلك أبلغ درس على قيمة العمل العسكري والروح الجهادية في إجبار الكيان الإسرائيلي على الرضوخ والانسحاب، ولولا ذلك لظل هناك لما له من أطماع تاريخية توسعية في المنطقة. غير أن منطقة صغيرة هي مزارع شبعا ظلت محتلة ولا تزال ضربات المقاومة توجه إلى العدو هناك.
انتفاضة الأقصى: 28 سبتمبر 2000 – يناير 2003
لقد كانت زيارة الإرهابي أرييل شارون زعيم حزب الليكود الاستفزازية إلى حرم المسجد الأقصى في 28 سبتمبر 2000 هي الشرارة التي فجرت الانتفاضة، وكان واضحاً أن ثمة مباركة وتأييداً من رئيس الحكومة الصهيونية باراك للزيارة حيث زوده بستمائة جندي لمرافقته، واستنفر 3000 جندي وشرطي في القدس وأحيائها. وصمم المسلمون على الدفاع عن الأقصى، حيث سقط في المواجهات الأولى خمسة شهداء، وجرح أكثر من مائة.
وكانت عناصر اشتعال الوضع وأسباب تفجيره جاهزة، فقد وصلت مفاوضات التسوية السلمية إلى طريق مسدود، وتأكدت الأطماع الصهيونية اليهودية في القدس والمسجد الأقصى، وظهر التعنت الإسرائيلي في قضايا اللاجئين والمستوطنات، واستمر الصهاينة في مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات. ولم يكونوا مستعدين للتنازل، ولا لتنفيذ القرارات الدولية، عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجوهرية الحاسمة. 
وبدا لباراك أن "الحل الوحيد الذي لاح في الأفق كان دفع الوضع إلى الإنفجار"، كما قال بنفسه في اجتماع سري في 25 أكتوبر 2000[163]. ولعله أراد إظهار مزيد من التصلب، وتحقيق مزيد من الشعبية وسط المجتمع الصهيوني، واستثمار ذلك في وقف عملية التسوية أو إدخالها في أزمات متتالية، في الوقت الذي تزداد فيه عمليات الهجرة اليهودية ومصادرة الأراضي والاستيطان، ليتسنى تحقيق مزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية، التي أثبتت السنوات الماضية قابليتها للتنازل والتراجع، وتخفيض سقف مطالبها.

لكن الصهاينة وُوجهوا ببركان غضب عارم ليس في فلسطين وحدها، وإنما في العالم الإسلامي أجمع، وحيثما وجدت الجاليات الإسلامية، وأبطل الله سبحانه وتعالى حسابات الصهاينة ومكرهم، وبرز الأقصى عصياً على الخضوع والاغتصاب عندما استعدّت الملايين أن تفديه ـ والأرض المباركة ـ بأرواحها، وأفرزت الانتفاضة عدداً من الحقائق والمؤشرات أهمها:
الأولى: أن الأمة الإسلامية لا تزال حية، رغم الجراح التي أثخنتها، وأن روح المقاومة والصمود والاستعداد للبذل والتضحية لم تخمد. فقد خرجت المظاهرات بعشرات الآلاف بل بمئات الآلاف في بلدان العالم الإسلامي، من الرباط في أقصى المغرب وحتى جاكرتا في أقصى المشرق الإسلامي،كلها تهتف للأقصى والقدس وفلسطين، وتطالب بالجهاد، وتقدم ما لديها من تبرعات ودعم. فكانت لحظات رائعة من أخوة الإسلام ووحدة الأمة. وظهرت تجليات الإمكانات الكبرى لهذه الأمة لتحقيق النصر لو سلكت طريق الجهاد.
الثانية: أن قضية فلسطين ـ بأرضها المباركة وبقدسها وأقصاها ـ قضية تجمع المسلمين وتوحدهم، بل وتكون سبباً في تجاوز خلافاتهم والتركيز على العدو الصهيوني المشترك. وأن هذه القضية غدت القضية المركزية للعالم الإسلامي، فلا قضية تجمعهم كهذه القضية، ولا عدو يجتمعون ضده كهذا العدو.
الثالثة :وجهت الانتفاضة ضربة قاسية لمشروع التسوية السلمية والتطبيع مع العدو، وبرز الخيار الجهادي كخيار أمثل.
الرابعة: أن هذه الانتفاضة انعكست على طريقة تفكير الناس وأسلوب حياتهم اليومي، فاشتد العداء للمشروع الصهيوني، واشتد العداء ضد أمريكا، وتكرست الروح الجهادية وروح التكافل، وتجاوبت الجماهير مع دعوات مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، حتى غيّر الملايين من أسلوب طعامهم وشرابهم اليومي، ومن لباسهم ووسائل تنقلهم واتصالاتهم وترفيههم، فكانت مدرسة تربوية اجتماعية شعبية، ربما احتاجت حركات الإصلاح سنوات للوصول إلى مثل نتائجها. فانخفضت مثلاً مبيعات مطاعم الوجبات السريعة ( مكدونالدز، و K.F.C ) بنحو 80% في السعودية، وانخفضت مبيعات مشروبات البيبسي كولا بنسبة 46% في مصر (وذلك حسب بعض التقديرات التي نشرت في نوفمبر 2000)، واتجه الناس للمأكولات والمشروبات الشعبية، بل واضطرت الشركات الأجنبية الأمريكية لإنزال إعلانات عدم العلاقة بالكيان الصهيوني، بل والتبرع لضحايا الانتفاضة، كما حدث مع مطاعم مكدونالدز التي تبرعت بريال سعودي لكل وجبة طعام، لعلاج جرحى الانتفاضة[164]. وتحولت مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية إلى محلات مهجورة في كثير من الأماكن، وذلك بعد أن كانت تشهد إقبالاً متزايداً قبل الانتفاضة[165]. واعترف السفير الأمريكي في السعودية بخسارة بلاده لمئات الملايين من الدولارات في النصف الأول من سنة 2002 نتيجة حملات المقاطعة في السعودية. وتردد في شهر فبراير 2003 أن شركة كوكاكولا تدرس الانسحاب من السوق المصرية نتيجة خسارتها أكثر من نصف رأسمالها بسبب حملات المقاطعة[166].
الخامسة: أن التسوية السلمية قائمة على الظلم والغصب، وأن جماهير الفلسطينيين والعرب والمسلمين ترفض التنازل عن حقوقها في الأرض المقدسة، وأنها لا تأمل من الغاصب الصهيوني سلاماً ولا خيراً، وأنها ترى في الجهاد الوسيلة الأنجع لاسترداد الحقوق.
السادسة: برزت أهمية الإعلام ودوره في التعبئة، إذ تمكن المسلمون من كسر الطوق الإعلامي الغربي المتصهين، من خلال الفضائيات العربية، وخدمات الانترنت والبريد الإلكتروني، وخصوصاً في المراحل الأولى من الانتفاضة.
ومن جهة أخرى، فقد تميزت هذه الانتفاضة بالمشاركة الشعبية الواسعة في كل أرجاء فلسطين المحتلة، وبمشاركة كافة التيارات الفلسطينية. كما تميزت في الوقت نفسه، بشدة القمع الصهيوني الذي تمادى في قتل الأطفال والأبرياء واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وانكشفت سوءات أدعياء السلام "الصهاينة" الذين تباروا في سحق الانتفاضة المباركة.
وقد ثبت أبناء فلسطين ثباتاً بطولياً طوال الانتفاضة، ولا يزالون. وعلى الرغم من اختلاف المصادر في التحديد الدقيق لخسائر الانتفاضة وأعداد الضحايا، إلا أننا نختار هنا أرقام مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية، وهي تميل إلى التوسط والاعتدال. وتشير إحصاءات هذا المركز إلى أن عدد شهداء الانتفاضة منذ اندلاعها في 29 سبتمبر 2000 وحتى 31 يناير 2003 كان 2271 شهيداً، بينهم 401 تحت سن الثامنة عشر. أما عدد الجرحى فبلغ خلال الفترة نفسها 33637 جريحاً. انظر الجدول المرفق المستخلص من إحصاءات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني[167]: 
الشهداء الجرحى
الضفة الغربية قطاع عزة المجموع الضفة الغربية قطاع غزة المجموع
29/9 - 31/12/2000 193 126 319 6575 4798 11373
سنة 2001 342 253 595 7927 3660 11587
سنة 2002 803 479 1282 8010 1895 9905
شهر يناير 2003 34 41 75 602 170 772
المجموع 1372 899 2271 23114 10523 33637

أما تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية للفترة نفسها (29 سبتمبر 2000 - 31 يناير 2003) فتزيد عن 2800 شهيد، بينهم أكثر من 530 شهيداً دون سن الثامنة عشر. وتضيف إحصاءات وزارة الصحة إلى قائمتها الشهداء الذين لم يُسجّلوا رسمياً، والمرضى الذين تُوفُّوا نتيجة منع الصهاينة سيارات الإسعاف من نقلهم للمستشفيات[168].
وقد تعمد الصهاينة إطلاق النار بقصد القتل وليس لتفريق المظاهرات، أو مجرد مواجهة حجارة المنتفضين، فذكرت التقارير أن 65% من الإصابات كانت في الجزء العلوي من الجسد، أي في الرأس والرقبة والصدر والبطن، وأن 40% من الإصابات كانت باستخدام أسلحة محرمة دولياً مثل رصاص الدمدم الذي يتفجر في الجسد، ورصاص 500، و 800 الذي يستخدم عادة ضد الدبابات!!، وكانت نسبة 40% من الإصابات ليافعين وأطفال تحت سن 18 سنة[169]. كما تبنى الصهاينة سياسة الاغتيال السياسي لنشطاء الانتفاضة، حيث استشهد من جراء ذلك حتى نهاية ديسمبر 2002 نحو 180 فلسطينياً من مختلف الفصائل الفلسطينية[170] مثل جمال منصور وجمال سليم من قيادات حماس، ومثل أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الفلسطيني (الناشئ المنهك) قد خسر في السنتين الأوليين للانتفاضة نحو 11.7 مليار دولار، أي بمعدل خسارة يزيد عن 16 مليون دولار يومياً. وأن الناتج المحلي انخفض بنسبة 70%، وارتفعت نسبة البطالة من 11% قبل الانتفاضة إلى 65% وتصل إلى 85% في حالات الإغلاق والحصار. كما تشير التقديرات ذاتها إلى أن معدلات الفقر وصلت إلى 70%[171]. وفضلاً عن ذلك فقد قام الصهاينة بتدمير - أو إلحاق أضرار كبيرة - بأكثر من 11 ألف منـزل، واجتثوا مئات الآلاف من الأشجار المثمرة.
غير أن كافة الأساليب القمعية لم تفلح في قمع الانتفاضة التي أخذت طابعاً عسكرياً زاد قوة مع تطور الأحداث، وتعمد الكيان الصهيوني أسلوب التعتيم الإعلامي، وإخفاء خسائره الحقيقية، وعدم الإعلان إلا عما لا يمكن إخفاؤه، وإعطاء أرقام أقل للحفاظ على معنويات المجتمع الصهيوني وجنوده، وعلى الثقة بالقيادة الصهيونية، وإشعار المجاهدين أن فعالياتهم وعملياتهم غير مؤثرة، فضلاً عن إضعاف روح التفاعل العربي والإسلامي مع القضية.
وقد شاركت الفصائل الفلسطينية كافة في العمليات العسكرية. وتميزت حركة حماس بدورها البارز وبعملياتها الاستشهادية التي أحدثت دوياً هائلاً، وزعزعت الأمن في الكيان الإسرائيلي حيث نفذ معظمها في فلسطين المحتلة سنة 1948. وحتى نهاية يناير 2003 حدثت نحو 90 عملية استشهادية نفذت حماس أغلبها وأكثرها أثراً. كما نفذت كل من كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي مجموعة من هذه العمليات. وقد بلغ عدد قتلى الكيان الإسرائيلي من العمليات الاستشهادية 297 قتيلاً من أصل 724 قتلوا في الفترة 29 سبتمبر 2000 وحتى 31 يناير 2003[172]، أي بنسبة 41% من مجموع القتلى. وقدمت كتائب شهداء الأقصى عدداً من الاستشهاديات اللاتي نفذن عمليات استشهادية أمثال وفاء إدريس وآيات الأخرس. وركزت كتائب شهداء الأقصى على عمليات إطلاق الرصاص ضد المستوطنين وقوات الاحتلال في الضفة والقطاع. وكان لحركة الجهاد الإسلامي دورها المتميز من خلال مجموعة من العمليات القوية المؤثرة، كما نفذت الجبهتان الشعبية والديموقراطية عدداً من العمليات. ومن العمليات التي تستحق الإشارة عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي "رحبعام زئيفي" وهو جنرال سابق في الجيش، ومن أشد الصهاينة تطرفاً. وقد نُفذت هذه العملية بجرأة وبراعة منتقمة لاغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى.
ويوضح الجدول التالي الخسائر البشرية الإسرائيلية خلال الفترة 29 سبتمبر 2000 وحتى 31 يناير 2003[173]: 
جنود مدنيين المجموع
القتلى 218 506 724
الجرحى 1469 3593 5062
وقد بلغت عدد عمليات المقاومة الفلسطينية في سنة 2001 نحو 10400 وفي سنة 2002 نحو 5400 عملية، لكن العمليات الاستشهادية على قلتها النسبية كانت الأكثر أثراً. وينبغي الإشارة إلى أن كثيراً من الإصابات في صفوف "المدنيين" الإسرائيليين هي في الحقيقة إصابات في جنود احتياط، إذ إن كل اليهود تقريباً في فلسطين المحتلة فوق سن الـ 18 يخضعون للتدريب العسكري الإجباري، سواء كانوا من الرجال أم النساء. أما الأغلبية الكبرى للشهداء الفلسطينيين فهي من المدنيين.
وعلى الرغم من أسلوب الردع العنيف الذي تبنّاه الصهاينة، فإن هذه الانتفاضة قد أدت إلى سقوط حكومة حزب العمل الإسرائيلي بزعامة باراك، وهزيمة باراك الساحقة في انتخابات رئاسة الوزراء الإسرائيلية 6 فبراير 2001، حيث اختار الصهاينة رجلاً أكثر دموية وتطرفاً، ومشهوراً بمذابحه ضد الفلسطينيين، هو أرييل شارون زعيم الليكود. ثم إنهم أعادوا اختيار شارون وحزبه في انتخابات 28 يناير 2003 ليستمر في سياسته القمعية الدموية، في محاولة يائسة لسحق الانتفاضة.
وفقد المجتمع الصهيوني شعوره بالأمن، وأصبح الصهاينة يتجنبون ركوب الحافلات، ويخففون من التسوق قدر الإمكان، لئلا يحدث انفجار في أي لحظة وفي أي مكان. وتبخرت أحلامه في فرض شروطه المهينة على العرب والمسلمين، وارتفعت جدران العداء والدماء من جديد لتوقف مد التسوية والتطبيع وتركيع المنطقة للمشروع الصهيوني. كما أعاد الكيان الصهيوني إلى أذهان العالم صورة وجهه البشع من جديد، وتحول نموذج استشهاد الطفل محمد الدرة -الذي رآه العالم- إلى كابوس يفضح الحقد والوحشية الصهيونية.

وقد عاني الكيان الصهيوني من تدهور وضعه الاقتصادي، والذي كان يشهد ازدهاراً كبيراً قبل بدء الانتفاضة. فقد تعطّلت السياحة تقريباً وهي التي تمثل ثاني أكثر مصدر للدخل. وحسب تقرير رسمي صادر عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية فإن سنة 2002 كانت الأسوأ من الناحية الاقتصادية في تاريخ الكيان الصهيوني منذ خمسين عاماً (سنة 1953). وذكر التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 1% سنة 2002، استمراراً لانخفاض بنسبة 0.9% سنة 2001 مقارنة بارتفاع 7.4% سنة 2000[174]، وارتفعت نسبة البطالة إلى 10.5% سنة 2002 ويتوقع أن ترتفع إلى 12% سنة 2003. وارتفع عدد الإسرائيليين تحت خط الفقر إلى 20% أي نحو مليون و 200 ألف. وانخفض المعدل السنوي لإنتاج الفرد بنحو ثلاثة آلاف دولار (من 18600 سنة 2000 إلى 15600 سنة 2002). وحسب تقرير القسم الاقتصادي في اتحاد المستقلين "لاهاف" فقد أغلق في سنة 2002 نحو خمسين ألف متجر كما يتوقع إغلاق عشرات الآلاف من المشاريع التجارية والمتوسطة سنة 2003[175]. وحسب بعض التقديرات فإن مجموع الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية خلال السنتين الأوليين للانتفاضة بلغت نحو 8 مليارات دولار أي نحو 11 مليون دولار يومياً.
وهكذا فإن الفرق الجوهري الذي أحدثته الانتفاضة هو أن الشعب الفلسطيني لم يعد الجهة الوحيدة التي تدفع ثمن الاحتلال والغطرسة الصهيونية من شهداء وجرحى ودمار، وإنما أصبح الكيان الإسرائيلي يدفع غالياً ثمن احتلاله وظلمه، وهو ما يذكرنا بقوله تعالى: "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"[176].
لقد أحدثت هذه الانتفاضة هزة عميقة في الكيان الصهيوني، وأصابته في صميم القاعدتين اللتين بنى عليهما وجوده المادي، وهما الأمن والازدهار الاقتصادي. وأخذ عشرات الآلاف من اليهود يحزمون حقائبهم ويغادرون الكيان الصهيوني إلى أوربا وأمريكا وأستراليا، وأظهرت استطلاعات الرأي العام أن أكثر من 25% من اليهود في فلسطين يفكرون جدياً في المغادرة وترك البلاد. وأظهر استطلاع أجرته صحيفة الجيروزالم بوست الإسرائيلية يوم 29 نوفمبر 2002 أن 69% من الإسرائيليين يعيشون حالة الخوف من التعرض لإصابات أو الموت بسبب العمليات الاستشهادية[177]. وفي المقابل، فإنه على الرغم من قسوة المعاناة الفلسطينية فقد أظهر استطلاع للرأي نشر في 18 ديسمبر 2002 أن 80% من الفلسطينيين يؤيدون استمرار الانتفاضة، وأن 63% يؤيدون العمليات الاستشهادية[178].
ولا زال الكيان الصهيوني بقيادة الإرهابي شارون مصرّاً على قمع الانتفاضة، وإلغاء مكاسبها. وقد استفاد مؤخراً من أجواء انشغال العالم بأحداث تدمير مبنى التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر 2001، وما تلاه من هجوم أمريكا وحلفائها على أفغانستان، ومحاولة القضاء على حركة طالبان وبن لادن... استفاد من ذلك ليستخدم أشرس ما في جعبته من قتل وتدمير وتخريب. لكن الخشية الحقيقية على هذه الانتفاضة تأتي من وسط الشعب الفلسطيني، وبشكل أكثر تحديداً من احتمالات تعاون السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني في وأد الانتفاضة بحجة العودة إلى طاولة المفاوضات، وإمكانية تحقيق مكاسب سياسية.
المقاومة الشعبية العربية والإسلامية للمشروع الصهيوني
الإخوان المسلمون في حرب 1948 نموذجاً
كان هناك تعاطف شامل وواسع لدى شعوب العالم العربي والإسلامي مع محنة إخوانهم في فلسطين. وطوال تاريخ القضية في القرن العشرين شكلت الشعوب أدوات ضغط على حكوماتها للسعي لتحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني. وأسهمت كثير من المؤسسات الشعبية في العديد من المظاهرات، وإصدار البيانات، وإقامة مؤتمرات التضامن والتوعية، وفي جمع التبرعات. لكن الإطار الشعبي كان عادة ما يَتْرك (أو يجبر على تَرْك) الفعل العسكري لجيوش الأنظمة العربية. وكانت عادة ما تحدث مبادرات فردية تشارك مُتطوعةً ضمن فصائل العمل الفلسطيني.
وقد اخترنا الحديث عن نموذج الإخوان المسلمين في مشروع المقاومة لأن الإخوان استطاعوا منذ مرحلة مبكرة في أوائل الأربعينيات الانتشار التنظيمي في عدد من الأقطار العربية، بحيث امتلكوا القاعدة الأساسية لمشاركة عربية ـ إسلامية متعددة الجنسيات، مما لم يتوفر لغيرهم من معظم الاتجاهات والأحزاب. ولأن قضية فلسطين كانت قضية جوهرية محورية في فكر واهتمامات الإخوان في تلك الفترة وحتى الآن. ولأنهم أسهموا بشكل مباشر، وعلى نحو جادّ وفعال، ليس في العمل الدعائي والتعبوي وجمع التبرعات فقط، وإنما في المقاومة المسلحة والعمل العسكري. وربما كان أكثر ما يلفت النظر، أن مركز قيادة العمل والتحرك الجهادي وروحه الدافعة أتت أساساً من مصر وليس من فلسطين. أي لم تكن مشاركتهم رمزية ضمن إطار فلسطيني، وإنما كانت مشاركة واسعة في إطار عربي إسلامي، كان الإخوان الفلسطينيون جزءاً منه، بل وتابعاً لقيادات من جماعتهم من جنسيات أخرى، في إطار روح وحدوية متماسكة. كما أن النموذج الإخواني ظل نموذجاً شعبياً لم يصل إلى سدّة الحكم، ولم يستفد مباشرة من أدوات السلطة لإنشاء أحزاب أو حركات محسوبة على نظام حكمه.
وتكمن أهمية التجربة الإخوانية في إثبات روح الأمة الواحدة، وإمكان توسيع دائرة الصراع ضد العدو الصهيوني، وتعبئة طاقات الجماهير العربية والإسلامية باتجاه التحرير. ولعل الحزب القومي السوري وحزب البعث قد سعيا للمشاركة في حرب 1948، ولكن مشاركتهما كانت محدودة قياساً إلى حجم مشاركة الإخوان وأثرهم، ولذلك أيضاً مِلْنا للتركيز على نموذجهم.[179]
نشأة حركة الإخوان المسلمين وطبيعتها:
أسس الشيخ حسن البنا حركة (الإخوان المسلمين) في مارس عام 1928 في مدينة الإسماعيلية في مصر.[180]
وقد أراد الشيخ حسن البنا من تأسيس هذه الحركة إحياء معاني الإسلام الصحيحة في النفوس، والالتزام بتعاليمه عقيدة وسلوكاً ومنهج حياة، وبناء الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم والدولة المسلمة، وتخليص البلاد الإسلامية من الاستعمار بكافة أشكاله، وإقامة الخلافة الإسلامية الواحدة على بلاد المسلمين، وسيادة العالم.[181]
وقد اكتسبت جماعة الإخوان المسلمين من خلال هذا الطرح فهماً متكاملاً وشاملاً للطرح الإسلامي، بحيث شمل جوانب الحياة المختلفة، حيث أبدى الإخوان اهتماماً بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجهادية، بالإضافة إلى الجوانب العبادية والعقدية، فهي حسب تعبير مؤسسها الشيخ البنا "دعوة سلفية .. وطريقة سنية .. وحقيقة صوفية .. وهيئة سياسية .. وجماعة رياضية .. ورابطة علمية ثقافية .. وشركة اقتصادية .. وفكرة اجتماعية"،[182] كما عبر عن هذا الفهم الشعار الذي يردده الإخوان دائماً في لقاءاتهم وأنشطتهم: الله غايتنا، الرسول قدوتنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.[183]
وكان من الطبيعي بناءً على هذا الفهم أن يهتم الإخوان المسلمون بقضايا المسلمين المختلفة فيذكر الشيخ حسن البنا "إن كل أرض يقال فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله هي جزء من وطننا، له حرمته وقداسته، والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره"، ولأن فلسطين كانت أسخن القضايا الإسلامية الحساسة في ذلك الوقت ـ وما تزال ـ فقد أولاها الإخوان المسلمون دائماً "المقام الأوفى في عنايتهم واهتمامهم".[184]
الإخوان المسلمون وقضية فلسطين:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Empty
مُساهمةموضوع: رد: 1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001   1 - المقاومة المسلحة  ضد المشروع الصهيوني في فلسطين  1920 - 2001 Emptyالإثنين 02 ديسمبر 2013, 7:18 am

الإخوان المسلمون وقضية فلسطين:
وقد بدأ اهتمام حركة الإخوان بقضية فلسطين يبرز بشكل واضح أمام عامة الناس مع انفجار الثورة الكبرى في فلسطين (1936 ـ 1939). فلقد نشط الإخوان المسلمون في الدعاية الإعلامية لقضية فلسطين في مصر نشاطاً كبيراً فشكلوا لجنة لمساعدة فلسطين، ودعوا إلى مشروع "قرش فلسطين" لدعم أهل فلسطين وثورتهم، وطبعوا المنشورات التي تهاجم الإنجليز وسياستهم في فلسطين، وركزوا في مجلتهم (النذير) على خدمة قضية فلسطين وإبرازها إعلامياً، واستفادوا من منابر المساجد للدعوة للقضية، وأرسلوا الطلاب في الصيف إلى أنحاء القطر المصري للدعوة للفكر الإسلامي وإلى مساعدة فلسطين، كما دعوا إلى مقاطعة المحلات اليهودية في مصر، ووزعوا كتاب "النار والدمار في فلسطين" (الذي أصدرته اللجنة العربية العليا) بشكل واسع في مصر فكان له أثر إعلامي عظيم، كما دعوا إلى القنوت في الصلاة من أجل فلسطين، كما أرسلوا الرسائل والبرقيات إلى المسئولين في الدولة وأصحاب النفوذ للتدخل لمساعدة فلسطين، والعمل الجاد على حل قضيتها.[185]
وعندما انعقد المؤتمر العربي لنصرة قضية فلسطين في "بلودان" في 10 سبتمبر 1937 أبرق حسن البنا باسم الإخوان المسلمين في مصر إلى المؤتمر برقية يعلن فيها استعداد جماعة الإخوان المسلمين للدفاع عن فلسطين بدمائهم وأموالهم.[186]
ونظم "الإخوان" وجمعية الشبان المسلمين مظاهرة كبرى في مصر في يونيو 1938 لنصرة فلسطين، وقد اصطدمت بالشرطة مما أدى إلى اعتقال 34 من المتظاهرين،[187] كما نظموا مظاهرة كبرى بمناسبة وعد بلفور في نوفمبر 1938، شملت جميع أرجاء مصر، فكانت تنبيهاً قوياً للشعب المصري على أهمية قضية فلسطين.[188]
ويبدو أن الإخوان المسلمين المصريين قد شاركوا بشكل محدود في الثورة الكبرى في فلسطين (1936 ـ 1939)، فيذكر كامل الشريف أن عدداً من شباب الإخوان قد استطاعوا التسلل إلى فلسطين والاشتراك مع المجاهدين في جهادهم خاصة في مناطق الشمال.[189] (حيث جماعة القسام)، كما يبدو أن المفتي (الحاج أمين) قد شهد بصحة هذا الكلام،[190] وفي مقابلة للباحث مع الدكتور عصام الشربيني يذكر أن الدكتور إبراهيم أبو النجا (عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان سابقاً) أخبره أن الإخوان في مصر قد احتفلوا بذهاب بعض الإخوان إلى فلسطين للجهاد في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939)،[191] كما أن في حديث محمود عبد الحليم عن قضية أحمد رفعت ما يشير إلى اتصال الإخوان بمجاهدي فلسطين والتنسيق معهم،[192] وعلى هذا فنحن لا نستبعد مشاركة الإخوان بشكل فردي في الثورة الكبرى.
ويذكر الإخوان المسلمون عادة أن أهم أسباب إنشاء النظام الخاص داخل جماعة الإخوان هو مشاركة أعضائه في الجهاد لتحرير فلسطين من الانتداب البريطاني، وإفشال المخطط اليهودي في بناء الوطن القومي على أرضها، وقد كان أعضاء هذا النظام ـ الذي أُنشئ في مطلع الأربعينيات ـ يُختارون من خلاصة الإخوان، وينظمون في عضويته في سرية تامة، ويتم تربيتهم على معاني الجهاد، ويخضعون لتدريبات بدنية شاقة والتدريب على السلاح.[193]
نشأة حركة الإخوان في فلسطين:
كانت أولى الإشارات عندما بدأ الإخوان نشر دعوتهم في فلسطين في أغسطس 1935 عندما زارها عبد الرحمن الساعاتي ومحمد أسعد الحكيم، ولقيا ترحيباً هناك من الحاج أمين، حيث قاما بنشر دعوتهم.[194] وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) زادت زيارات الإخوان لفلسطين، وأخذ عدد من أبناء فلسطين ينضمون للإخوان، غير أن تشكيل فروع للإخوان لم يتم ـ على ما يظهر ـ إلا بعد انتهاء الحرب، حيث خفّت ظروف القهر والتشديد البريطاني، ونشطت الحركة السياسية الفلسطينية. ويبدو أن أول فروع الإخوان إنشاءً كان فرع غزة برئاسة الحاج ظافر الشوا، ثم تأسس فرع يافا برئاسة ظافر الدجاني، أما فرع القدس فقد أنشئ سنة 1945، ثم جرى حفل افتتاح مميز له في 5 مايو 1946 وحضره الزعيم الفلسطيني جمال الحسيني، وأنشئ فرع حيفا برئاسة الشيخ عبد الرحمن مراد، وتتابع إنشاء الفروع في قلقيلية، واللد، ونابلس، وطولكرم، والمجدل، وسلواد، والخليل، حتى زادت الفروع عن عشرين فرعاً.[195]
وقد نشطت جماعة الإخوان في فلسطين في مجالات الدعوة والتربية والتوعية الإسلامية، والتعريف بالخطر الصهيوني، والمؤامرة على فلسطين، والتعبئة للجهاد.
وقد عقد الإخوان الفلسطينيون مؤتمراً عاماً في حيفا في 18 أكتوبر 1946 حضره ممثلون عن لبنان والأردن. وقد حملت القرارات أبعاداً تنظيمية داخلية وسياسية محلية وخارجية تؤكد الوعي والتفاعل السياسي مع الأحداث. وقد جاءت في القرارات:
1. اعتبار حكومة فلسطين مسؤولة عن الوضع السياسي المضطرب.
2. تأييد الجامعة العربية.
3. تأييد مطالب مصر بالجلاء ووحدة النيل.
4. عرض قضية فلسطين على مجلس الأمن.
5. تأييد المشاريع التي ترمي إلى إنقاذ الأراضي.
6. عدم الاعتراف باليهود الطارئين على البلاد.
7. تعميم شعب "الإخوان المسلمين" في فلسطين.[196]
وبعد عام من انعقاد المؤتمر السابق عقد الإخوان المسلمون مؤتمراً آخر كبيراً في حيفا في 27 أكتوبر 1947 ومن بين القرارات التي اتخذها المؤتمر:
1. يعلن الإخوان المسلمون تصميمهم على الدفاع عن بلادهم بجميع الوسائل. واستعدادهم للتعاون مع جميع الهيئات الوطنية في هذا السبيل.
2. يعلن المؤتمرون باسم هيئة الإخوان المسلمين في سائر الأقطار الممثلة، استنكارهم لكل محاولة تعلل العرب والمسلمين بتحقيق الأهداف الوطنية عن طريق مجلس الأمن أو هيئة الأمم المتحدة، بعد أن أسفرت المحاولات الكثيرة عن حقيقة هذه المنظمات الدولية، وأنها ليست إلا ثوباً خالصاً لمطامع الدول الكبرى المستعمرة.
3. يعلن المؤتمرون أن هيئة الإخوان المسلمين ستحمل نصيبها كاملاً من تكاليف النضال.
4. يعلن مندوبو الإخوان المسلمين في شرق الأردن أنهم على استعداد كامل لحمل نصيبهم في تحرير فلسطين.
5. يجدد المؤتمر البيعة على أن يكونوا الجند البررة الصادقين لدعوة الإخوان المسلمين حتى يتم الله نوره، ويجمع شمل المسلمين والعرب على كلمة الخير في ظل العزة والكرامة.
6. تأليف مجالس المناطق حسب النظام الذي وضعه المكتب الإداري للإخوان المسلمين.
7. يبتهل المؤتمرون إلى الله تعالى أن ينجي مصر من وباء الكوليرا، وأن يحقق [النصر] لجميع الشعوب الإسلامية والعربية الشقيقة.
8. الاتصال بالهيئة العربية العليا للبحث في بعض الشئون الوطنية العامة.[197]
ونلاحظ في هذه القرارات مدى جديتها وقوتها ومتابعتها للأحداث السياسية والواقعية، حيث كان للقرارات السياسية نصيب الأسد فيها، كما نلاحظ المضمون الجهادي الذي تمخضت عنه هذه القرارات، والتي كانت متفوقة في مضمونها وطبيعتها عن الاتجاهات السياسية السائدة في تلك الفترة.
وقد نشط الإخوان الفلسطينيون في تعبئة الجماهير للجهاد ضد الإنجليز واليهود، واعترفت الرواية الإسرائيلية الرسمية لحرب فلسطين 1947 ـ 1948 بذلك، حتى إن المؤسسات القومية اليهودية احتجت واشتكت عليهم للسلطات البريطانية.[198] ولكن لا ينبغي المبالغة في قدرة الإخوان الفلسطينيين وإمكاناتهم. إذ كانوا جديدين إلى حد ما على الساحة، ولم يبلغ انتشارهم حجماً سياسياً كبيراً يؤهلهم للتأثير في القرار السياسي الفلسطيني المحليّ. وكانوا بشكل عام أنصاراً للحاج أمين الحسيني الذي كان صديقاً شخصياً للشيخ حسن البنا. كما أن إمكاناتهم كانت محدودة جداً مقارنة بما لدى اليهود أو بما تحتاجه فلسطين في عملية الدفاع عنها. غير أن هذا لم يمنع أن يمثلوا في تلك الفترة حالة جهادية مضحية واعية، ذات روح وطنية قوية منفتحة.
دور الإخوان المسلمين في حرب فلسطين 1947 ـ 1948:
شارك الإخوان المسلمون الفلسطينيون في الجهاد عندما اندلعت حرب 1947 ـ 1948، إلا أن حداثة تنظيمهم وعدم نموه واستقراره بشكل مناسب وقوي جعلت مشاركتهم محصورة ضمن قدراتهم المحدودة وإمكاناتهم المتواضعة.
ومع ذلك فقد شكلت شُعب الإخوان في فلسطين قوات غير نظامية منذ بداية الحرب، عملت في أماكن استقرارها في الشمال والوسط تحت القيادات العربية المحلية هناك (التي تتبع جيش الإنقاذ أو جيش الجهاد المقدس). وقد قامت بغارات ناجحة على مستعمرات اليهود وطرق مواصلاتهم، على الرغم من الضعف الشديد الذي كانت تعانيه سواء في التسليح أو التدريب، ولذلك لا نجد ذكراً رسمياً لدور الإخوان في هذه المناطق بشكل عام. أما في المناطق الجنوبية وخصوصاً غزة وبئر السبع فقد انضم العديد من إخوان فلسطين إلى قوات الإخوان (المصرية) الحرة بقيادة كامل الشريف، وشاركوا بقوة وفاعلية في معارك فلسطين هناك. ويذكر كامل الشريف أن قوات الإخوان المصرية الحرة كان معدل عددها 200 مجاهد في مناطق جنوب فلسطين، وأنها كان يشاركها الجهاد حوالي 800 مجاهد آخر من أبناء فلسطين، تحت قيادتها، حيث إن كثيراً منهم تأثروا بفكر الإخوان المسلمين وأصبحوا منهم.[199]
وكانت أنشط شعب الإخوان مشاركة في الجهاد شعبة الإخوان المسلمين في يافا، وقد كان هناك (تنظيم عسكري سري خاص) ضمن أعضاء الإخوان في يافا، شارك فيه عدد محدود من الإخوان ممن يصلحون لهذا العمل، ولم يكن باقي الإخوان أعضاء فيه أو يعلمون شيئاً عنه، وقد ظهر نشاطه الجهادي مع بداية الحرب.[200]
وعندما تشكلت لجنة قومية في يافا مع بدء الحرب شارك ضمن قيادتها ممثل عن الإخوان المسلمين وهو رئيس الفرع هناك (ظافر راغب الدجاني)، وقد ألفت هذه اللجنة لجاناً عديدة لتعنى بمختلف الشؤون في المدينة، وقد أُسندت مهمة إدارة اللجنة الاقتصادية لظافر الدجاني، الذي كان يشغل أيضاً رئاسة الغرفة التجارية في المدينة.[201]
وعندما جاء كامل الشريف إلى منطقة يافا مع سرية من شباب الجامعات، تولى هو قيادة مجاهدي الإخوان حيث تجمع تحت قيادته حوالي 100 مجاهد،[202] وتولى كامل الشريف قيادة منطقة في يافا اسمها (كرم التوت) وتقع بين يافا وتل أبيب، حيث تقع معارك يومية بين المجاهدين واليهود. كما شارك الإخوان المجاهدون في الهجوم على مستعمرة بتاح تكفا، ثم ما لبث كامل الشريف أن انتقل إلى منطقة النقب.[203]
ويذكر عارف العارف أنه كان للإخوان المسلمين في يافا قوات متحركة يبلغ عددها 30 مجاهداً بقيادة حسن عبد الفتاح والحاج أحمد دولة، وكان عندهم 30 بندقية ورشاش و2 ستن، وقد كانوا يهبون لنجدة المواقع كلما دعت الحاجة.[204]
ويقول يوسف عميرة إن الإخوان تولوا في أثناء الحرب الدفاع عن مناطق البصة وتل الريش والعجمي والنـزهة في يافا، فضلاً عن المحافظة على الأمن داخل المدينة، كما يؤكد على الدور المشرف الذي قام به الإخوان في يافا، حيث كان الالتزام بالإسلام من سماتهم، وكان الدفاع والقتال عن إيمان بالله.[205]
وفي منطقة القدس شارك إخوان فلسطين في القتال مع إخوانهم القادمين من البلاد العربية أو مع قوات الجهاد المقدس.
دور الإخوان المسلمين المصريين:
تذكر بيان نويهض أن اهتمام الإخوان المسلمين بتحرير فلسطين كان اهتماماً صادقاً ومرتكزاً على الإيمان الديني العميق.[206] ولأن الإخوان في مصر قد أصبحوا في تلك الفترة من أنشط وأقوى الاتجاهات فيها فقد كان لهم الدور الأكثر قوة من بين إخوان الدول العربية المشاركين في حرب فلسطين.
فقبل إعلان الحرب، قام الإخوان في مصر بمهمة تهيئة الشعب لفكرة الجهاد، وانطلقوا في أرجاء القطر المصري داعين للجهاد في سبيل الله لإنقاذ الأرض المباركة،[207] كما قاموا بالعديد من المظاهرات القوية والتي كان لها أثرها في زيادة وعي الجماهير بقضية فلسطين،[208] وقاموا بحملة لجمع التبرعات لفلسطين،[209] كما أخذوا يجوبون صحراء مصر الغربية لتوفير السلاح من بقايا الحرب العالمية الثانية للجهاد في فلسطين.[210]
وفي 9 أكتوبر 1947 أبرق الشيخ حسن البنا إلى مجلس الجامعة العربية يقول إنه على استعداد لأن يبعث كدفعة أولى عشرة آلاف مجاهد من الإخوان إلى فلسطين، وتقدم فوراً إلى حكومة النقراشي طالباً السماح لفوج من هؤلاء المجاهدين باجتياز الحدود ولكنها رفضت.[211] وفي 15 ديسمبر 1947م قام الإخوان بمظاهرة كبرى، وممن خطب في هذه المظاهرة رياض الصالح، والأمير فيصل بن عبد العزيز، وجميل مردم بك، وإسماعيل الأزهري، وقد خطب أيضاً حسن البنا الذي أكد "أن الإخوان المسلمين قد تبرعوا بدماء عشرة آلاف متطوع للاستشهاد في فلسطين ... وهم على أتم استعداد لتلبية ندائكم".[212]
بدأ الإخوان المسلمون المصريون بالتوجه فعلاً للجهاد في فلسطين منذ أكتوبر 1947م، أي قبل بدء الحرب في فلسطين بأكثر من شهر، وقد سافرت أول كتيبة من الإخوان بإمارة محمد فرغلي وقيادة محمود لبيب،[213] لكن التضييق الشديد من الحكومة المصرية على سفر الإخوان قد جعل مشاركتهم محدودة، وقد اضطر الإخوان للتحايل فاستأذنوا بعمل رحلة علمية إلى سيناء، فأذنت لهم الحكومة بعد إلحاح شديد ومن هناك انطلقوا إلى فلسطين. وأخذ الإخوان يتسللون سراً حيث تجمعوا في معسكر النصيرات، وأخذوا يقومون بالعمليات الجهادية. وبهذا بدأت العمليات الجهادية العسكرية في صحراء النقب وانضم للإخوان الكثير من المجاهدين من عرب فلسطين، حتى صاروا أضعاف عدد الإخوان أنفسهم فيما بعد. وبدأت حرب عصابات تُبشر بنجاح رائع، إلا أن الحكومة المصرية طلبت من المركز العام للإخوان سحب قواته من النقب، فرفض فقطعت عنهم الحكومة الإمدادات والتموين، وراقبت الحدود، إلاّ أنهم وجدوا من عرب فلسطين كل مساعدة وعون.[214]
ومن طريف ما يرويه عباس السيسي أنه زار مع أحد الضباط معسكر مجاهدي الإخوان المسلمين في البريج، وكان الحارس على بوابة المعسكر فتى لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره ومعه بندقية، فسلما عليه وسأله الضابط عن اسمه:
فقال الفتى: قيس
فقال الضابط: وأين ليلاك يا قيس؟
فقال الفتى بكل ثقة: إن ليلاي في الجنة.
فذهلا من هذا الرد الذي خشعت له قلوبهما، وكان في هذا الكفاية للتعرف على المعنويات العالية الموجودة داخل المعسكر قبل دخولهما!![215]
ولما اشتد الضغط على الحكومة المصرية سمحت للمتطوعين بالمشاركة في الجهاد تحت راية الجامعة العربية، حيث تدربوا في معسكر (هاكستب)، وكان يشرف على حركة التطوع محمود لبيب وكيل الإخوان للشئون العسكرية، وتألفت ثلاث كتائب من المتطوعين يقدر عددها بـ600 مقاتل، نصفهم تقريباً من الإخوان المسلمين، وقد طبعوا هذه الكتائب بطابعهم الخاص، وكان أبرز قادة هذه الكتائب أحمد عبد العزيز وعبد الجواد طبالة.[216]
ولم يكْفِ معسكر هاكستب لاستيعاب المتطوعين، إذ إن المتطوعين كانوا عشرات الأضعاف بالنسبة للمشاركين، فأرسل الإخوان 100 من أفرادهم ليتدربوا في معسكر (قطنا) في سوريا، وهم كل ما استطاع المركز العام للإخوان أن يقنع الحكومة المصرية بقبوله.[217]
وقد سافرت هذه الكتيبة عن طريق ميناء بورسعيد في 10 مارس 1948، وقبل مغادرتها خرجت بورسعيد عن بكرة أبيها لتحيَّتهم وتوديعهم، وخطب البنا في الجميع ومما قاله "هذه كتيبة الإخوان المسلمين المجاهدة بكل عددها وأسلحتها تتقدم للجهاد في سبيل الله ومقاتلة اليهود أعداء الإسلام والوطن. ستذهب إلى سوريا حتى تنضم إلى باقي المجاهدين، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، وفي هذا فليتنافس المتنافسون".[218]
وقد استقبلت هذه الكتيبة في سوريا استقبالاً شعبياً كبيراً، وكان في مقدمة المستقبلين المراقب العام للإخوان في سوريا مصطفى السباعي، وعمر بهاء الدين الأميري، والشيخ محمد الحامد وغيرهم، وفي ظهر يوم الثلاثاء 23 مارس سافر حسن البنا إلى دمشق على متن طائرة لتفقد أحوال المتطوعين هناك.[219]
قام الإخوان المسلمون بدور مشرف في حرب فلسطين اعترف لهم به كل من كتب عن هذه الحرب،[220] وكان لهم دور مشهود في جنوب فلسطين في مناطق غزة ورفح وبئر السبع، حيث كانوا يهاجمون المستعمرات ويقطعون مواصلات اليهود. ومن أبرز المعارك التي شاركوا فيها هناك معركة التبة 86 التي يذكر العسكريون أنها هي التي حفظت قطاع غزة عربياً، ومعركة كفار ديروم، واحتلال مستعمرة ياد مردخاي وغيرها، كما أسهموا بدور هام في تخفيف الحصار عن القوات المصرية المحاصَرَة في الفالوجا. كما كان للإخوان المصريين مشاركتهم الفعالة في معارك القدس وبيت لحم والخليل وخصوصاً صور باهر. وكان من أبرز المعارك التي شاركوا فيها في تلك المناطق معركة رامات راحيل، واسترجاع مار الياس، وتدمير برج مستعمرة تل بيوت قرب بيت لحم، والدفاع عن "تبة اليمن" التي سميت تبة الإخوان المسلمين نظراً للبطولة التي أبدوها ... وغيرها.[221]
وقد استشهد من إخوان مصر في معارك فلسطين حوالي مائة، وجرح نحو ذلك وأسر بعضهم.[222] وكانت وطأة الإخوان شديدة على اليهود، وقد سئل موشي ديان بعد الحرب بقليل عن السبب الذي من أجله تجنب اليهود محاربة المتطوعين في بيت لحم والخليل والقدس فأجاب "إن الفدائيين يحاربون بعقيدة أقوى من عقيدتنا .. إنهم يريدون أن يستشهدوا ونحن نريد أن نبني أمة، وقد جربنا قتالهم فكبدونا خسائر فادحة .. ولذا فنحن نحاول قدر الإمكان أن نتجنب الاشتباك بهم"،[223] وكتبت مجلة حائطية في الجامعة العبرية تعليقاً تحت صورة للشيخ حسن البنا ذكرت فيه "إن صاحب الصورة كان من أشد أعداء إسرائيل، لدرجة أنه أرسل أتباعه عام 1948، من مصر ومن بعض البلدان العربية لمحاربتنا، وكان دخولهم الحرب مزعجاً لإسرائيل لدرجة مخيفة ..."،[224] ولذلك كان انتقام اليهود من الإخوان رهيباً إذا وقعوا أسرى في أيديهم، فقد كانوا يقتلونهم، ويشوهون أجسامهم.[255]
لقد كان من أشد المناظر التاريخية إيلاما أن مئات الإخوان المصريين الذين تمكنوا من المشاركة في المعارك وقاموا بأدوار بطولية، كان مصيرهم الاعتقال والسجون حتى قبل عودتهم إلى مصر، حيث تم حل جماعة الإخوان في مصر في ديسمبر قبل أن تنتهي المعارك، وقامت المخابرات المصرية باغتيال حسن البنا نفسه في 11 فبراير 1949 قبل قليل من توقيعها اتفاقية الهدنة مع الكيان الصهيوني لإنهاء الحرب. 
دور الإخوان المسلمين السوريين:
قام الإخوان السوريون بدور مشهود خصوصاً في معارك منطقة القدس وقد تدربت كتيبة الإخوان السوريين في (قطنا) ثم سافرت إلى منطقة القدس وقد شارك من الإخوان السوريين حوالي 100 أخ، بقيادة المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا مصطفى السباعي، وقد اشتركوا ببسالة في معارك القدس مثل معركة باب الخليل التي أصيب فيها 35 منهم بجراح، وكان النصر معقوداً فيها للمجاهدين، ومعركة القسطل حيث شارك فيها فوجٌ، منهم عبدَ القادر الحسيني، ومعركة الحي القديم في القدس، ومعركة القطمون، ونسف الكنيس اليهودي الذي اتخذه اليهود مقراً حربياً وغيرها.[226]
وكان الدفاع عن مناطق القدس التالية: الشيخ جراح، المصرارة، سعيد وسعيد، من مسئولية الأخ عدنان الدبس، وكان الأخوان زهير الشاويش وكامل حتاحت مسئولين عن الدفاع عن القطمون. كما تألف من الإخوان السوريين فريق لحفظ الأمن والانضباط في المدينة بقيادة الشيخ ضيف الله مراد، ثم انضم إليه بعد انتهاء معارك القطمون الأخ زهير الشاويش، الذي طارد اللصوص والفجار وأغلق الخمارات وأندية القمار، وشعر السكان في المدينة بالأمن والطمأنينة إثر ذلك، وجاء وفد منهم يشكرون الإخوان على جهودهم. أما الإشراف على الاتصال بين المراكز وأمور السلاح والذخيرة فكان يشرف عليه الأخ لطفي السيروان،[227] وقد استشهد العديد من الإخوان السوريين في أثناء المعارك كما جُرح الكثيرون. وذكر السباعي أسماء عشرة منهم في نهاية حديثه عن دور الإخوان السوريين في حرب فلسطين.[228]
دور الإخوان المسلمين الأردنيين:
تفاعل سكان شرق الأردن مع حرب فلسطين، وشكل الإخوان المسلمون هناك لجنة لجمع التبرعات والمساعدات، كما فتحوا باب التطوع للمشاركة في الجهاد، وكان تجاوب الناس رائعاً، فيذكر محمد عبد الرحمن خليفة أنه عندما فتح باب التطوع في شعبة السلط سجل أكثر من ثلاثة آلاف شخص أنفسهم.[229]
وتكونت من إخوان منطقة عمان وما حولها سرية متطوعين تضم نحو 120 مجاهداً من الإخوان المسلمين، وسميت باسم سرية أبي عبيدة وقد تولى قيادتها الإخوانية الحاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن في تلك الفترة، أما قيادتها العسكرية فقد تولاها الملازم المتقاعد ممدوح الصرايرة، وقد دخلت فلسطين في 14 إبريل 1948 وتمركزت في عين كارم وصور باهر.[230]
وقد خاضت هذه السرية عدة معارك واستشهد عدد من أفرادها مثل سالم المسلم وبشير سلطان.[231]
وفي إربد تولى مسئول شعبة الإخوان هناك السيد أحمد محمد الخطيب قيادة الإخوان فيها في حرب فلسطين، وبلغ مجموع من شارك معه في الجهاد من إخوان إربد وأهلها المتطوعين حوالي مائة مجاهد، بحيث كان يشترك في المعركة الواحدة من 20 ـ 25 مجاهداً.[232]
وكان إخوان إربد يقومون بمهاجمة المستعمرات القريبة من الحدود، ويرجعون إلى إربد ثانية بعد القيام بعملياتهم، وقد استشهد من إخوان إربد شهيدٌ واحد، كما أصيب أحمد الخطيب بجراح خطيرة حيث تماثل للشفاء بعد فترة طويلة.[233]
دور الإخوان المسلمين العراقيين:
بعد أسبوع واحد من قرار التقسيم أسهم الإخوان المسلمون في العراق بقيادة الشيخ محمد محمود الصواف بشكل فعال في تأليف (جمعية إنقاذ فلسطين) في بغداد، ولقد لبى نداء التطوع 15 ألفاً معظمهم ممن تدرب في الجندية أو الشرطة. وكان للإخوان المسلمين في تلك الفترة دور أساسي في تعبئة الجماهير للجهاد، وكانوا على رأس المظاهرات التي خرجت للتنديد بقرار تقسيم فلسطين، والتي اشترك فيها 200 ألف عراقي في بغداد.[234]
وتألف من المتطوعين للجهاد فوجا الحسين والقادسية وسرية المغاوير وغيرها، وكلما تدرب فريق منهم كانت الجمعية ترسله إلى اللجنة العسكرية في دمشق، وفي السابع من يناير 1948 وصلت أول سرية مغاوير إلى دمشق، وبعد أسبوع وصل فوجان آخران مع السلاح والعتاد. وبينما كانت الجمعية تستعد لإرسال فوج جديد تلقت إنذاراً من اللجنة العسكرية، بأن تكف عن إرسال المتطوعين حتى إشعار آخر!! كما أشار صالح جبر (بعد أن وقع معاهدة بورتسموث) بعدم إرسال أكثر من 500 متطوع، كما أن طه الهاشمي قال لرئيس الجمعية "إذا أرسلتم مدداً آخر من المتطوعين أعدتهم إلى بغداد على نفقة الجمعية!!" فاكتفت الجمعية بعد ذلك بإرسال التبرعات،[235] وقد كان الإخوان من أبرز وأنشط عناصر هذه الجمعية،[236] وقد وصلت كتيبتا الحسين والقادسية من متطوعي العراق (كل واحدة تتكون من 360 مقاتلاً) إلى فلسطين في مارس 1948.[237]
كما اشترك ضمن الأفواج التي ذهبت للجهاد الكثير من إخوان العراق الذين قاتلوا ضمن قوات جيش الإنقاذ، ورأوا الكثير من تخاذل وضعف وسوء إدارة قيادته وعلى رأسه فوزي القاوقجي، إلا أنهم بذلوا ما استطاعوا في المعارك التي شاركوا فيها خصوصاً في شمال فلسطين.[238]

هوامش الكتاب
________________________________________
[149] حول حرب 1982، انظر: المرجع نفسه، ص 491-507، وانظر: Herzog, op. cit., pp. 339-359.
[150] حسب المصادر "الإسرائيلية" فإن خسائر م.ت.ف حتى منتصف يوليو 1982 كانت ألف شهيد وستة آلاف أسير، وخسرت سوريا 370 شهيداً وألف جريح و250 أسيراً، كما خسرت سوريا 350-400 دبابة، و86 طائرة مقاتلة، وخمس طائرات هليوكبتر، و19 منصة إطلاق صواريخ، وخسر الكيان الإسرائيلي 35-40 دبابة، وطائرة حربية واحدة، وطائرتي هليوكبتر، و300 قتيل، و1600 جريح. انظر: Herzog, op. cit., p. 353.
[151] حول هذه العمليات، انظر: الكيلاني، مرجع سابق، ص 498، وص 506.
[152] المرجع نفسه، ص 506-507.
[153] غسان حمدان، الانتفاضة المباركة: وقائع وأبعاد (الكويت: مكتبة الفلاح، 1989)، ص 36-38.
[154] انظر: البيان الأول في: أسعد عبد الرحمن ونواف الزرو، الانتفاضة: مقدمات ونتائج، تفاعلات وآفاق (بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1989)، ص 194-195.
[155] انظر مثلاً: جواد الحمد، "الانتفاضة الكبرى وتطور القضية الفلسطينية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 407-413.
[156] جريدة صوت الشعب، الأردن، 8 ديسمبر 1993.
[157] جواد الحمد، "الانتفاضة الكبرى وتطور القضية الفلسطينية"، في المدخل إلى القضية الفلسطينية، ص 410.
[158] انظر: الرأي 7 يناير 1996، والأعداد الصادرة في 26 فبراير - 5 مارس 1996، وفلسطين المسلمة، إبريل 1996، وقد نفذت حماس أربع عمليات انتقاماً لاستشهاد يحيى عياش أدت إلى مقتل 47 صهيونياً وجرح 105 آخرين (حسب المصادر "الإسرائيلية")، ونفذت الجهاد الإسلامي العملية الخامسة - بالتنسيق مع حماس - مما أدى إلى مقتل 14 صهيونياً وجرح 125 آخرين (حسب المصادر "الإسرائيلية").
[159] انظر: أخبار الصحف العربية، مثلاً: الرأي والدستور ليومي 9-10 أكتوبر 1990.
[160] غطت الصحف العربية اليومية هذه الانتفاضة، مثلاً: الرأي والدستور 25-29 سبتمبر 1996.
[161] الخليج، 23 فبراير 2000.
[162] انظر مثلاً: جريدة الأيام، فلسطين، 16 فبراير 2000، نقلاً عن يديعوت أحرونوت، 15 فبراير 2000.
[163] جريدة الخليج، 10 نوفمبر 2000.
[164] يمكن مراجعة التقارير المنشورة في الإنترنت في أشهر أكتوبر وديسمبر 2000 في Islamonline.com، Palistine-info.org، لقراءة العديد من النماذج والتقارير.
[165] انظر مثلاً حول الآثار القوية للمقاطعة في مصر في: الخليج، 27 ديسمبر 2002.
[166] انظر مجلة المجتمع، الكويت، 22 فبراير 2003.
[167] www.pnic.gov.ps
[168] حسب تصريح وزير الصحة الفلسطيني لقناة فلسطين الفضائية فإن عدد الشهداء حتى منتصف فبراير 2003 هو 2836 شهيداً، انظر الخليج، 16 فبراير 2003.
[169] الخليج، 11 ديسمبر 2000.
[170] www.pnic.gov.ps
[171] الخليج، 19 ديسمبر 2002.
[172] www.pnic.gov.ps
[173] Ibid، ذكرت جريدة معاريف الإسرائيلية في 8 يناير 2003 أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 718 قتيلاً و 4049 جريحاً قُتل منهم 297 في العمليات الاستشهادية، وأن 213 قتيلاً و 1447 جريحاً كانوا من الجيش والشرطة. انظر:
http://www.palestine-info.info/arabi.../details.htm#2.
[174] انظر: www.cbs.gov.il، وانظر: قدس برس، نشرة بانوراما، 2 يناير 2003.
[175] قدس برس، نشرة بانوراما، 3 يناير 2003.
[176] سورة النساء: 104.
[177] نقلاً عن: http://news.bbc.co.uk, 30/11/02
[178] جريدة الخليج، 18 فبراير 2003.
[179] تعتمد المعلومات التي نضعها بين يدي القارئ هنا أساساً على جزء من فصل سبق وأن كتبناه، ونُشر ضمن كتاب: التيار الإسلامي في فلسطين، والذي سبقت الإشارة إليه.
[180] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ط5 (بيروت ـ دمشق: المكتب الإسلامي، 1983)، ص 28.
[181] حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (القاهرة: دار الشهاب، لا تاريخ)، ص 271 ـ 273.
[182] المرجع نفسه، ص 156 ـ 157.
[183] نفس المرجع، ص 271، 273 ـ 274.
[184] كامل الشريف، الإخوان المسلمون في حرب فلسطين، ط3 (الزرقاء، (الأردن): مكتبة المنار، 1984)، ص 31.
[185] محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ ـ رؤية من الداخل 1928 ـ 1948، (الإسكندرية: دار الدعوة، 1983)، ج1، ص 173 ـ 177، وحسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص 207 ـ 215، 224 ـ 226، 226.
[186] أكرم زعيتر، الحركة الوطنية الفلسطينية 1935 ـ 1939 (من أوراق أكرم زعيتر)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، سلسلة الدراسات، رقم 55 (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1980)، ص 322.
[187] المرجع نفسه، ص 403.
[188] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 177.
[189] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 31.
[190] ريتشارد ميتشل، الإخوان المسلمون، ترجمة محمود أبو السعود، تعليق صالح أبو رقيق (انديانا بوليس، (الولايات المتحدة)، دار النشر الأمريكية، 1980)، ص 142.
[191] عصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985. (الدكتور عصام الشربيني أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1943).
[192] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 200 ـ 201. (أحمد رفعت: أحد أفراد "الإخوان" في مصر، وقد خرج من جماعتهم إثر فتنة وقعت كان هو من أسبابها، فأراد بعد ذلك الذهاب لفلسطين للجهاد فأشار عليه الإخوان بأن يأخذ بنصيحتهم فيلتحق بمن لهم به علاقة هناك فيزكونه لهم فرفض، وذهب باجتهاده فقتله المجاهدون الفلسطينيون ظناً منهم أنه جاسوس).
[193] المرجع نفسه، ص 258 ـ 260، وميتشل، مرجع سابق، هامش ص 108.
[194] حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص 198 ـ 199.
[195] انظر: محسن صالح، التيار الإسلامي في فلسطين، ص 438 ـ 445.
[196] بيان الحوت، مرجع سابق، ص 503.
[197] المرجع نفسه، ص 794.
[198] حرب فلسطين 1947 ـ 1948 (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 14.
[199] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 64.
[200] كامل الشريف، مقابلة، عمّان، الأردن: 28 أكتوبر 1985.
[201] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[202] عارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 227 ـ 229.
[203] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[204] عارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 234.
[205] يوسف عميرة، مقابلة، الكويت: 6 نوفمبر 1985.
[206] بيان نويهض، مرجع سابق، ص 504.
[207] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 34، وعبد العزيز علي، مقابلة، الكويت: 27 سبتمبر 1985. (عبد العزيز علي: أحد مجاهدي الإخوان المسلمين المصريين في حرب 1948)، ومحمد علي الطاهر، معتقل هاكستب: مذكرات ومفكرات (مصر: المطبعة العالمية، 1950)، ص 61.
[208] انظر مثلاً: محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 412، وعصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985.
[209] عصام الشربيني، مقابلة، الكويت: 16 أكتوبر 1985.
[210] ريتشارد ميتشل، مرجع سابق، ص 151 ـ 152.
[211] عارف العارف، مرجع سابق، ج2، ص 398.
[212] محمود عبد الحليم، مرجع سابق، ص 412.
[213] صلاح شادي، صفحات من التاريخ: حصاد العمر (الكويت: دار الشعاع، 1980)، ص 56.
[214] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 40 ـ 41، 71 ـ 74، 126، وصلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[215] عباس السيسي، في قافلة الإخوان المسلمين (دون مكان: دون ناشر، 1986)، ص 166.
[216] عارف العارف، مرجع سابق، ج2، ص 399، وكامل الشريف، مرجع سابق، ص 45، 78، وعبد العزيز علي، مقابلة، الكويت: 27 سبتمبر 1985.
[217] صلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[218] عباس السيسي، مرجع سابق، ص 152 ـ 153.
[219] نفس المرجع، ص 153.
[220] زكريا سليمان بيومي، الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية 1928 ـ 1948 (القاهرة: مكتبة وهبة، 1979)، ص 131.
[221] عن العمليات العسكرية للإخوان بالتفصيل انظر: كامل الشريف، مرجع سابق.
[222] صلاح شادي، مرجع سابق، ص 63.
[223] حلمي سلام، "كان الفدائيون قوة فأضعناها"، مجلة المصور، عدد 1351، 1 سبتمبر 1950، ص 19.
[224] زياد محمود علي، عداء اليهود للحركة الإسلامية (عمّان، الأردن: دار الفرقان، 1982)، ص 19 ـ 20.
[225] كامل الشريف، مرجع سابق، ص 39 ـ 40.
[226] انظر: مصطفى السباعي، الإخوان المسلمون في حرب فلسطين، دار النذير، (دون مكان، دار النذير، 1985)، وعارف العارف، مرجع سابق، ج1، ص 326، 329، 435 ـ 437.
[227] مصطفى السباعي، مرجع سابق، ص 27.
[228] المرجع نفسه، ص 28 ـ 57.
[229] محمد عبد الرحمن خليفة، مقابلة، عمّان (الأردن): 30 أكتوبر 1985.
[230] سليمان موسى، أيام لا تنسى: الأردن في حرب 1948 (الأردن: مطبعة القوات المسلحة الأردنية، 1982)، ص 44 ـ 45، ومحمد عبد الرحمن خليفة، مقابلة، عمان (الأردن): 30 أكتوبر 1985.
[231] سليمان موسى، مرجع سابق، ص 45.
[232] أحمد محمد الخطيب، مقابلة، عمّان (الأردن): 29 أكتوبر 1985.
[233] أحمد محمد الخطيب، مقابلة، عمّان (الأردن): 29 أكتوبر 1985.
[234] محمد محمود الصواف، مقابلة، الكويت: 2 ديسمبر 1985، وبيان الحوت، مرجع سابق، ص 612.
[235] بيان الحوت، مرجع سابق، ص 612 ـ 613.
[236] محمد محمود الصواف، مقابلة، الكويت: 2 ديسمبر 1985.
[237] حرب فلسطين 1947 ـ 1948 (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 221.
[238] انظر لمزيد من المعلومات: محمد محمود الصواف، معركة الإسلام أو وقائعنا في فلسطين بين الأمس واليوم (لبنان، دون ناشر، 1969)، ص 158 ـ 175.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
1 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001
» 2 - المقاومة المسلحة ضد المشروع الصهيوني في فلسطين 1920 - 2001
» صـور نـادرة جــدا لثوار فلسطين و المقاومة الفلسطينية بين 1920 و 1948
»  كتاب الولاه والعلماء والاعيان والاقطاعيين في فلسطين من المشروع الصهيوني (1856 ـ 1914)"
»  بداية انكسار المشروع الصهيوني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة-
انتقل الى: