أعـيدي ( يا نفس ) ترتيب أوراقك وقومي بتنظيم أوقاتك و أصلحي هنـّـاتـِـكِ وزَلاتـِكِ
و اسـْـتـَـغـْـفـِـري لذنبك ، وغـَـدَرَاتـِكِ وفـَـجـَـرَاتـِـكِ واغـتـنـمـي حياتك قبل مماتك
واعلمي يا نفس : أنّ ما فات قد قات ولن يرجع الماضي فهيهات هيهات ويحك ثم ويحك إن فاجأك هادم اللذات مفرق الجماعات وأنت غارق في اللهو والشهوات
ولم يكن من أعمالك إلا التفاهات
إذاً يا نفس دعيني أنظر لحالي وأتفكر في مصير ومآلي
دعيني دعيني سأشكو شأني إلى ذي الجلال يا ربِّ ، يا ربِّ ، يا ربِّ ،
يا ربِّ أشكو إليك ضعف إيماني وتسلّط شيطاني وغرور نفسي
فـيا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه يا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه يا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه
يا ربِّ بـُـعـْـدي آلمني ما عدت أطيق الهجران
قد جئتُ بقلبٍ مضربٍ يرجو من عفوك غفرانا
كما جئتُ بـِـذَنـْـبٍ كـِـبـَّـلـني وملأتُ ضياعاً أيـّامي
حتى ما أَضـَـلُّ هنا عبداً مأسوراً بـيـن الآثــــام
انقضى العمر بما فيه فـحـيَّ على إصلاح ما فسد
أيـن تلاوتي لكلام ربّي ؟ فإنّه يوم القيامة { يقال لقارئ القرآن :
اقرأ و ارْتـَـقِ رَتـَّـل كما كنت ترتـَّـلُ في الدنيـا فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها }
حديث حسن صحيح رواه الترمذي
وكيف هي صـُـحْـبـَـتـِـي للزّهـْـرَاوَيْنِ ( البقرة و آل عمران )
ولـــسورة المـُـلـْـكِ التي تشفع لصاحبها { كان رسول الله ــ صل الله عليه وسلّم ــ
لا ينام كلّ ليلة حتى يقرأ : ألم تنزيل الكتاب و تبارك الملك }
يعني سورة السجدة والملك - صححه الألباني
آهٍ ما أجمل صـِـلـَـتـِـي بـرَبـِّـي أذكره صباحَ مساءَ أذكره في كلّ حالً : قبل منامي
وإذا استيـقـظتُ وعند قيامي وفي تـَـقـَـلـُّـبُ أحوالي بل حتى حين أقعد و حين أمشي ...
ولكن ألا ليت شـِـعـْـري هل سـأنـظـِّـم أوقاتي ؟
فـأبدأ حياتي من بعد صلاة العشاء وصلاة الوتر أعطي نفسي حقـَّـها من النوم
وأخلو بربـِّـي في جوف الليل وأدعوه وأناجيه وأصلَي ما تيـسـَّـر ولو ركعتين
حتى إذا أذّن الفجر وصـلـّـيتُ الفجر مع جماعة المسلمين مكـثـْـتُ في المسجد ما تيسر أذكر رَبـِّـي وأتلو كلامه ثمّ أنطلق إلى دراستي أو عملي واقضي بقية يومي
بـَـيـنَ : طلبِ رزقٍ و طلب علمٍ وتعليم وتعلـِّـمٍ
ولا أنسى ركعتي الضحى فإنها تجزئ من الصدقة عن كلّ سلامى ومفصل في جسمي وبـَـيـْـنَ : تلاوةٍ وحفظٍ واستماع شريطٍ وقراءة كتابٍ
وقضاءٍ لحوائج الوالدين والأهل والولد
وبـَـيـْـنَ : ذِكـْـرٍ ودعاءٍ وصدقةٍ وصلةِ رحمٍ ونصيحةٍ للمسلمين
وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإصلاحٍ بين الناس
وإماطةٍ للأذى عن الطريق وبـِـرٍّ وإحسانٍ باليتيم والمسكين
وعطفٍ على الفقير وضعيف المسلمين وإطعامٍ للطعام وإفشاءٍ للسلام
ومحاسبةٍ للنفس وتوبةٍ واستغفارٍ فإن ضـَـعـِـفـْـتُ عن شيء من ذلك ؛
كـَـفـَـفـْـتُ شـَـرّي عن الناس وإنّه لصدقةٌ مـِـنـِّـي على نفسي
وهكذا من عملٍ إلى عملٍ ومن عبادةٍ إلى عبادةٍ باذلاً جـَـهـْـدي أن أكون حريصاً
على ما ينفعني أعمل لدنياي كأني أعيش أبداً وأعمل لآخرتي كأني أموت غداً
لا أكـلـّـفُ نفسي فوق طاقتها بل إنـّـي أستنير بقول الحبيب ـ صلّ الله عليه وسلّم ـ
{ قاربوا وسدّدوا } رواه مسلم .
و [ المقاربة ] : القصد الذي لا غلوّ فيه و [ السداد ] : الاستقامة والإصابة .
ثمّ ذكـّـرْتُ نفسي بثلاث آيات وثلاثة أحاديث
وهذه هي الآيات :
{ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ؛ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ... } سورة المؤمنون 99 ــ 100
{ يومئذٍ يتذكر الإنسان و أنّى له الذكرى ؛ يقول يا ليتني قـدّمتُ لحياتي }
سورة الفجر 23 ــ 24
{ أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطتُ في جنب الله و إن كنت لمن الساخرين } سورة الزمر 56
وهذه هي الأحاديث :
[ نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ] صححه الألباني
[ الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شـِـراكِ نعله والنار مثل ذلك ] رواه البخاري
[ يبعثُ كلّ عبدٍ على ما مات عليه ] رواه مسلم
إلى الله المشتكى وإليه الملتجأ
فياربِّ أصلح لنا شأننا كلّه ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.