هل الخشوع هو الطمأنينة ؟؟
إن المتابعَ لما يُكتب حول موضوع الخشوع في الصلاة ، والسامعَ للمسلمين في نصحهم ووعظهم ، والناظرَ لاعتراض المسلمين بعضهم لبعض وإصدارِ الفتاوى ببطلان الصلاة وعدم بطلانها !!
الملاحظ لكل هذا يعجب كثيرا !!
والسبب من الوصول في الخلط والخطأ هو عدم معرفة الفرق بين الأمرين الهامّين !!
ألا وهما : الخشوع والطمانينة !!
وأرجو الانتباه لهذا التفريق المهم في حياتنا وعبادتنا وخاصة صلاتنا ..
ومن أقوال اهل العلم :
أولاً : د. محمد العريفي
ماذا تعرف عن الطمأنينة في الصلاة؟ أو بصيغة أخرى: ما معنى الطمأنينة في الصلاة؟
تعريف الطمأنية في الصلاة: أن تستقرَّ الأعضاءُ في الركوع أو السجود استقراراً تاماً, وبمعنى أخر: هي التأني وإعطاء كل ركن من الصلاة حقة، فإذا ركعت فأعط الركوع حقه من اعتدال الظهر والتسبيح، وكذلك الرفع منه، والسجود، وهكذا, والطمأنينة ركن: والدليل حديث ذلك الرجل الذي لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:... ارجع فصل فإنك لم تصل وهو حديث مشهور, وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم، ويسميه العلماء: حديث المسئ في صلاته, ومعنى كون الطمأنينة ركنا من أركان الصلاة أن من لم يطمئن في صلاته فصلاته باطلة، ولذلك فمن أهم المهمات أن نتفقد صلاتنا ونهتم بتقويمها, رأى صلى الله عليه وسلم رجلا لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فقال: يامعشر المسلمين إنه لاصلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود. حديث صحيح, ورأى حذيفة رجلا يصلي ولا يطمئن فقال له: منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال من 40 سنة فقال له: لو متّ وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد, وختاما أقول: هذه هي الطمأنية وهي ركن من تركه بطلت صلاته، أما ترك الخشوع فلا يبطل الصلاة،
الخشوع :
الخشوع في اللغة :هو الخضوع والسكون . قال :{ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً } [طه : 108] أي سكنت.
والخشوع في الاصطلاح:هو قيان القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "أصل الخشوع لين القلب ورقنه وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته،فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء،لأنها تابعة له " [الخشوع لابن رجب،ص17]
فالخشوع محله القلب ولسانه المعبر هو الجوارح . فمتى اجتمع في قلبك أخي في الله – صدق محبتك لله وأنسك به واستشعار قربك منه، ويقينك في ألوهيته وربوبيته ،وحاجتك وفقرك إليه.متى اجتمع في قلبك ذلك ورثك الله الخشوع وأذاقك لذته ونعيمه تثبيتاً لك على الهدى ،
قال تعالى :{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: 17]
وقال تعالى :{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت :69]
فاعلم أخي الكريم – أن الخشوع في الصلاة،هو توفيق من الله جل وعلا،يوفق إليه الصادقين في عبادته ،المخلصين المخبتين له ،العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصلاة،لا يتذوق لذة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن الله .قال تعالى :{ ِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت:45] ،فالذي لن تنهه صلاته عن المنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلاُ،ومن كان حاله كذلك ،فإنه وإن صلى لا يقيم الصلاة كما أمر الله جل وعلا ، قال تعالى:{ َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة : 45]
وسؤال طرحه الشيخ محمد العريفي وجوابه كان كالتالي :
ماذا تعرف/تعرفين عن الطمأنينة في الصلاة ؟
أو بصيغة أخرى : ما معنى الطمأنينة في الصلاة ؟
فكانت أكثر الأجوبة عرّفت الطمأنينة بأنها الخشوع وهذا خطأ ..
الطمأنينة شئ والخشوع شئ آخر..
فكان توضيح الشيخ جزاه الله خير..
1- تعريف الطمأنية في الصلاة : أن تستقرَّ الأعضاءُ في الركوع أو السجود استقراراً تاماً..
2- وبمعنى أخر: هي التأني وإعطاء كل ركن من الصلاة حقة، فإذا ركعت فأعط الركوع حقه من اعتدال الظهر والتسبيح ، وكذلك الرفع منه ، والسجود ، وهكذا
3- والطمأنينة ركن : والدليل حديث ذلك الرجل الذي لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل وهو حديث مشهور.
4- وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم ، ويسميه العلماء : حديث المسئ في صلاته.
5- ومعنى كون الطمأنينة ركنا من أركان الصلاة أن من لم يطمئن في صلاته فصلاته باطلة ، ولذلك فمن أهم المهمات أن نتفقد صلاتنا ونهتم بتقويمها.
6- رأى صلى الله عليه وسلم رجلا لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فقال: يامعشر المسلمين إنه لاصلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود. حديث صحيح
7-ورأى حذيفة رجلا يصلي ولا يطمئن فقال له: منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال من 40 سنة فقال له: لو متّ وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد.
8- ختاما أقول : هذه هي الطمأنية وهي ركن من تركه بطلت صلاته، أما ترك الخشوع فلا يبطل الصلاة.
البعض يقول : أجل صلواتنا الماضية باطلة ؟؟ يا أحبتي : هذا التذكير يجب أن يكون تصحيحاً للمسار لا سبباً في الإحباط، والموفق من غير حاله للأحسن..
ثانياً :
سؤال مختصرمن مسلمة لمجلس فتوى اسلام ويب :
أصلي أحيانا بلا خشوع ، ويسيطر عليّ وسواس قهري ، وغالباً أقول صلاتي غير مقبولة وأعيدها ، وأحيانا لا اعرف ما الذي يجبر ولا يجبر الصلاة من سجود السهو !!
ولي من العمر كثير صليت به صلوات كثيرة السرحان وعدم الخشوع فهل عليّ إعادة الصلوات كلها ؟؟!!
أفيدوني بارك الله فيكم .
الفتوى باختصار يسير :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك فرق بين الطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة وبين الخشوع الذي هو مستحب في الصلاة، فالطمأنينة تحصل باستقرار الأعضاء وسكونها في كل ركن فعلي كالركوع والسجود والقيام والجلوس، وهذا ما نظن أنك تأتين به، وانظري لبيان ضابط الطمأنينة الواجبة الفتوى رقم: 51722.
وأما الخشوع والذي هو حضور القلب في الصلاة فهو مستحب عند الجمهور ولا تبطل الصلاة بتركه، ولا يشرع إعادتها لفواته كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 136409.
فإذا تبين لك هذا فعليك أن تجاهدي هذه الوساوس وتسعي في التخلص منها، فإذا صليت فاحرصي على حضور القلب وتحصيل الخشوع في الصلاة، لكن لا تقطعي صلاتك مهما وسوس لك الشيطان بأنك لم تطمئني أو لم يحصل لك الخشوع. وانظري لبيان كيفية علاج الوساوس والتخلص منها الفتويين: 134196 ، 51601. ا.هـ
إذن :الفرق بين : الطمأنينة - الخشوع
الطمأنينة في الجوارح ... والخشوع في القلب .
الطمأنينة ركن من أركان الصلاة .. والدليل حديث المسيء صلاته .. ففي كل ركن يقول له النبي عليه الصلاة والسلام : (حتى تطمئن...)
فعليه .. تبطل الصلاة بتركها..
أما الخشوع فإنه يختلف من شخص لآخر .. وهو الذي ورد فيه الحديث :
قال صلى الله عليه وسلم : { إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، ربُعها، ثُلثها، نُصفها } [رواه أبو داود والنسائي].
ولا تبطل الصلاة بتركه .. بل تبرأ الذمة بدونه.. لكن الثواب يختلف ..
ومن مظاهر عدم الخشوع في الصلاة على سبيل المثال لا الحصر :
1- عدم الطمأنينة وتأدية الصلاة بسرعة وعجلة ونقرها كنقر الغراب.
2- العبث بالفرش أو الحصى وتقليب العين في النقوش والزخارف.
3- الالتفات في الصلاة ورفع البصر إلى السماء.
4- السهو في الصلاة وعدم التركيز فلا يدري على كم ينصرف من الركعات.
5- كثرة الهواجس والخواطر وذكر أمور الدنيا في الصلاة.
6- العبث بالساعة والنظر إليها أو إصلاح أطراف الثوب وتحريك العباءة.
7- مسابقة الإمام في الركوع والسجود.
ثالثاً : سؤال للشيخ عبدالله الجبرين .
موضوع الفتوى :
السؤال: ما المراد بالخشوع والطمأنينة في الصلاة ؟
وكيف يصل المسلم لمرحلة الطمأنينة، والخشوع في صلاته؟
الاجابـــة /
الخشوع والطمأنينة في الصلاة سببان لقبول الصلاة، وقد يتمثلان في الإقبال على الله، وحضور القلب، وترك الأمور التي تعلق المسلم بالدنيا، والوقوف بين يدي الله في سكينة واطمئنان، ومن أسباب الخشوع: رفع اليدين على الصدر، والنظر إلى موضع السجود، وتدبر القراءة، والذكر، والأدعية.
والله أعلم.
رقم الفتوى (9532)
رابعاً : فتوى للشيخ عبد الباري خلة حفظه الله تعالى :
رقم الفتوى: 247 .
سؤال الفتوى: هل الخشوع في الصلاة واجب وما الفرق بينه وبين الاطمئنان
الجواب :
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فالاطمئنان أو الطمأنينة في الصلاة هي أن تستقر أعضاء جسم المصلي في الركن كأن يركع فتستقر أعضاؤه ويمكث قدرا يمكنه من التسبيح لله ولو مرة واحدة وذلك ركن من أركان الصلاة فإن تركه المصلي فصلاته باطلة.
أما الخشوع في الصلاة فهو حضور القلب وسكون البدن والجوارح فإذا فقد المصلي الخشوع فقد بعض ثواب الصلاة، فعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ قَالَ عَبْدٌ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ فَدَعَا بِطَهُورٍ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ رواه مسلم.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي رواه البخاري.
الخميصة: كساء مربع له أعلام والانبجانية: كساء غليظ لا علم له وعن صلاتي: أي عن كمال الحضور فيها، لكن جاء في رواية تدل على أنه لم يقع له شيء من ذلك، وإنما خشي أن يقع، لقوله: ( فأخاف ) ( فكاد ). كما قال ابن حجر
قال ابن كثير: " الخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها، وحينئذٍ تكون راحة له وقرة عين فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ". رواه البيهقي بسند صحيح.
ومن هنا جاءت كراهية الزخرفة للمساجد والكتابة بها، لانشتغال المصلين في النظر إليها.
عن أنس قال - صلى الله عليه وسلم -: " مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ ". رواه النسائي بسند صحيح.
والخشوع في الصلاة مطلوب من العبد المؤمن، فالخشوع في الصلاة كالروح للجسد، ومما يعين على الخشوع
مجاهدة العبد نفسه في الصلاة، وتدبر القراءة والذكر، واستحضار القلب، واستشعار المناجاة لله تعالى، أن يستشعر العبد أن الله يراه، وكثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات، وتعلق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها ". كما يقول ابن تيمية في الفتاوى 22/605.
والشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى، أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخراب " الفتاوى: ابن تيمية 22/608.
من أسباب الخشوع في الصلاة
الخشوع روح الصلاة، ومن لم يذق الخشوع فيها فلا يعرف عظمتها، وعلى قدر الخشوع يكون الأجر،
والذي يراه جمهور أهل العلم أن الخشوع مطلوب للمصلي لكنه ليس ركنا من أركان الصلاة فلو فقد المصلي الخشوع فالصلاة صحيحة ولا يجب إعادتها. والله أعلى وأعلم.
خامساً وأخيراً : من شرح للشيخ زيد ابن مسفر البحري :
والخشوع هو سكون القلب، ويختلف عن الطمأنينة ، فالطمأنينة إذا فقدت بطلت الصلاة ، أما الخشوع فلا ، وضابط الطمأنينة ما جاء في بعض روايات حديث المسيء في صلاته ( أن يعود كل عظم إلى موضعه ) هذه هي الطمأنينة ، أما الخشوع فيختلف ، وإن اطمئن في صلاته بمعنى أنه أعطى كل عضو ما يستحقه ولكنه لم يخشع في صلاته بمعنى أن صلاته كلها من حين ما دخل إلى حين ما خرج وهو لم يلتفت إليها ، فهل تبطل صلاته أم لا ؟
الصحيح أنها صحيحة وتكون مبرئة له في الذمة من حيث الإتيان بالواجب ، لكنه معرض للعقاب ، فما هو الطريق والخلاص لهذا الرجل ؟ عليه أن يكثر من النوافل كما مر معنا في حديث أبي هريرة وأبي تميم الداري رضي الله عنهما .
وأخيراً ..
أسأل الله تعالى ان يجعلنا من الخاشعين المطمئنين في صلاتهم وعباداتهم ..