في دراسة أمريكية تبين أن سرطان الرئة هو الأكثر فتكاً بين أمراض السرطان الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية، أما في الهند فيعتبر مضغ التبغ عامل خطورة أساسي لحدوث السرطان. وعلى العموم، واحد من بين ثلاثة أشكال للسرطان في البلدان الفقيرة أو متوسطة الدخل، سببها الالتهابات المزمنة، مثل التهاب الكبد B، داء الحليمات الفيروسية HPV ومرض نقص المناعة المكتسب أو الايدز، علماً أن هذه السرطانات تعتبر قابلة للعلاج والوقاية، إلا أن التطعيم، المسح الاستقصائي، والعلاجات كلها غير متوفرة بصورة كافية في هذه البلاد.
واستجابة لهذا التقرير انضمت الجمعية الأمريكية للسرطان ACS إلى باقي الجهات المطالبة بتصرف عملي بهدف نشر برامج مكافحة التدخين عالميا، والدعوة إلى تشجيع أبحاث السرطان الهادفة إلى الحد من انتشار هذا المرض الخطير.
دراسة أمريكية وأخرى أسترالية تؤكدان أن السرطان يقتل النساء المدخنات بلا رحمة
تساءل بعض القراء عن سبب تحريم الإسلام للتدخين، فقد صدر شبه إجماع من علماء المسلمين على تحريم هذه العادة الخبيثة والتي لا تعود إلا بالضرر والخسران على صاحبها. وقد انتشرت في الآونة الأخيرة عادة التدخين لدى النساء وبخاصة في مجتمعاتنا الإسلامية، ولذلك فقد أحببت أن أهدي هذه الدراسة لكل امرأة مدخنة عسى أن تقتنع بخطورة هذه العادة فتتركها ليس خوفاً من المرض ولكن خوفاً من الله تعالى، وليكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم نصب أعيننا: (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه)، وقد مررت بتجربة التدخين وتركتها بعدما سمعتُ هذا الحديث، فعوَّضني الله بحفظ القرآن وتدبره وإعجازه!
دراسة أسترالية تحذر النساء من خطر التدخين
تفوَّق سرطان الرئة على سرطان الثدي بين الأورام التي تقتل النساء في أستراليا مع ظهوره بين الإناث اللائي بدأن التدخين في عقدي السبعينات والثمانينات مع حصولهن على حقوق متساوية مع الرجال!
وقال تقرير نشره المعهد الاسترالي للصحة والرعاية إن أكثر من 50 امرأة استرالية يخسرن معركتهن ضد سرطان الرئة أسبوعياً في 2005 وإن العدد سيرتفع إلى حوالي 65 حالة وفاة بين الإناث أسبوعيا في 2010.
بسبب التغيرات التي طرأت على المجتمع في السبعينات والثمانينات وتمتع المرأة بحريات مماثلة للرجل، أقبلت النساء على تدخين السجائر بمعدل متزايد فيما بدأت حملة مناهضة التدخين تؤتي أكلها لدى الرجال وتراجعت معدلات التدخين بينهم. ونتيجة لذلك فان من المتوقع أن تنمو معدلات سرطان الرئة بين النساء بواقع 0.4 في المئة سنوياً حتى 2010 في حين من المتوقع أن تتراجع بنسبة 1.1 في المئة بين الرجال.
تقول كيلاي ليندورف مديرة السياسات بوحدة مكافحة التدخين: في الماضي استهدفت صناعة التبغ المدخنات بإعلانات توحي بأن التدخين فاتن أو مساير للعصر. ومما يؤسف له فان هذه الحملات النشطة لتجنيد إناث مدخنات ترجمت الآن إلى وفيات أعلى بسرطان الرئة. وللمرة الأولى جرى تشخيص أكثر من 100 ألف إصابة جديدة بالسرطان في أستراليا في 2005 ومن المتوقع أن يزيد العدد بأكثر من 3 آلاف حالة إضافية سنوياً في الفترة من 2006 إلى 2010 فيما يرجع بشكل أساسي إلى زيادة عدد المسنين بين سكان أستراليا.
يقول إيان أولفير الرئيس التنفيذي لمجلس الأورام في استراليا: الشيء المؤلم هو أنه في حين هناك القليل الذي يمكن عمله للوقاية من سرطان الثدي، فان سرطان الرئة يمكن الوقاية منه بشكل كامل من خلال السيطرة على التدخين.
في أمريكا.. سرطان الرئة الأكثر فتكاً بين أمراض السرطان الأخرى
تشير أحدث إحصائية أمريكية أن سرطان الرئة هو الأكثر فتكاً بين أمراض السرطان الأخرى في الولايات المتحدة، ويفوق ضحاياه أولئك ممن يقضون جراء الإصابة بسرطان الثدي، والبروستات، والقولون، والكبد، والكلى وسرطان الورم الفتاميني، مجتمعين.
ويقول تقرير "هيلسي دي نيوز" إن سرطان الرئة يفتك بـ85 في المائة من مرضاه، بعد خمس سنوات من تشخيص الإصابة به، وأن التدخين هو المسبب الرئيسي للمرض، ويقف وراء إصابة تسعة من بين كل عشرة مصابين به!!
وأودى سرطان الرئة بحياة 169390 شخصاً عام 2007، أي بمعدل 439 وفاة في اليوم في المتوسط، وحمَّل "معهد السرطان القومي الأمريكي" التدخين مسؤولية 90 في المائة من حالات الوفيات تلك، وقال د. جيمس مولشين، بروفيسور الطب الداخلي بجامعة راش بشيكاغو: "التدخين ليس سوى النشاط الأكثر شرعية وفتكاً في مجتمعاتنا."
صورة لرئة مدخن (السوداء) وأخرى لرئة طبيعية، انظروا إلى الفرق الكبير بينهما! ولذلك يعكف الباحثون حالياً على إيجاد وسائل أفضل لرصد سرطان الرئة، والعثور على مؤشرات تحذيرية جينية تساعد في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة به. إلا أن الأطباء أشاروا إلى محاربة التدخين كأكثر الأسلحة فعالية في مواجهة المرض.
يقول الدكتور مايكل سون، من "جمعية السرطان الأمريكية: في هذه المرحلة، التقدم المحرز في خفض معدلات الوفيات جراء سرطان الرئة، يعود بشكل مطلق إلى إقلاع الرجال عن التدخين منذ مطلع التسعينيات. إن معدلات الوفيات بين الرجال جراء المرض تراجعت من 90.6 حالة وفاة بين كل 100 ألف شخص عام 1990 إلى 69.4 حالة وفاة بين ذات الشريحة، في 2005.
إلا أن المعدل بلغ ذروته بين النساء سنة 1998، ليصل إلى 41 حالة وفاة بين كل 100 ألف شخص، وظل المعدل عند مستواه وحتى اللحظة. وأردف الخبير قائلاً: "تراجع معدل الإصابة بين الرجال منذ عام 1991 مع بدء إقلاعهم عن التدخين.. إلا أن النسبة بين النساء بقيت عند مستوياتها، نظراً لبدء تلك الشريحة التدخين في مرحلة متأخرة في مجتمعاتنا، كما أنهن يجدن صعوبة في الإقلاع عن العادة."
بعض الأمراض التي يسببها التدخين مباشرة، ويؤكد الخبراء أن التدخين يتسبب بأمراض كثيرة قد تتجاوز المئة!! حيث يقول البروفيسور تيم بايرز، نائب رئيس "مركز السرطان بجامعة كولورادو": يبدو أن للتبغ ذات التأثير على النساء والرجال، على حد سواء. ويشارك حالياً قرابة 50 ألف مدخن ومدخن سابق، في دراسة رائدة تقوم بها "تجربة تصوير الرئة القومية"، ويأمل من خلالها أن يتيح استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، اكتشاف المرض والتدخل السريع للحيلولة دون انتشاره.
والآن يا أحبتي هل لديكم شك في أن التدخين خبيث؟
كما رأينا فقد ثبُت يقيناً لدى الباحثين في دراسات مختلفة أوربية وأمريكية أن التدخين هو المسبب الأول للإصابة بسرطان الرئة، وهناك إجماع علمي على أن التدخين يؤدي إلى أمراض خبيثة إذاً هو عادة خبيثة!
ولذلك نقول إن التدخين محرَّم لعدة أسباب طبية ونفسية واجتماعية وبيئية واقتصادية:
1- فهو ضار للجسد لأنه يسبب عشرات الأمراض وعلى رأسها سرطان الرئة.
2- وهو ضار للنفس لأنه يسبب اضطرابات نفسية ويخدّر خلايا الدماغ.
3- وهو ضار للمجتمع لأن الدخان يؤثر على غير المدخنين القريبين من المدخن.
4- وهو ضار للبيئة لأن دخان السجائر يتألف من غازات سامة مثل أكسيد الكربون.
5- وهو ضار للاقتصاد لأنه يسبب خسارات تقدر بالمليارات.
فهل اقتنعت عزيزي القارئ بأن التدخين يجب أن يكون محرَّماً؟ وأذكركم مرة ثانية بحديث النبي الكريم: (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه).
هل علمنا لماذا حرَّم الإسلام التدخين؟
بعد هذه الدراسات التي لا نشك في صحتها ندرك أن التدخين هو وباء العصر، وأنه يفتك بأرواح الملايين كل عام، وبالتالي فإن العلماء لا يعرفون الكيفية التي يجنّبون بها الناس هذا الشرّ، فتارة يقومون بوضع الإعلانات وتارة يمنعون التدخين في الأماكن العامة... ولكننا نرى أن نسبة التدخين في تزايد مستمر.
ولكن الإسلام الذي عالج تعاطي الخمور وحرمها نهائياً، واليوم يمكننا القول بكل ثقة إن الدخان محرّم لأن أضراره أكبر مما نتصور بل لا تقل خطورة عن شرب الخمر. فالله تعالى يقول: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195]. وتعاطي الدخان يهلك الأنفس ويؤدي إلى الإصابة بنوبات قلبية وسرطانات متنوعة، ولذلك فقد نهى الإسلام عن كل ما يهلك النفس.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ضرر ولا ضرار)، والدخان هو ضرر واضح للمدخن ومن حوله، فهو يضر نفسه ويضر الآخرين، وهذا منهيّ عنه في الإسلام. والتدخين هو إسراف للأموال قد نهى الإسلام عنه أيضاً: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام: 141].
ولذلك ننصح كل من يدخن أن ينوي ترك هذا العمل ابتغاء وجه الله بنيّة خالصة، وسوف ييسر الله له أسباب ترك التدخين، وأن يدرك أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله تعالى، وأن يلجأ إلى حفظ القرآن والاستماع إليه، فالاستماع إلى القرآن كل يوم هو أفضل أسلوب للمساعدة على ترك الدخان، نسأل الله العافية.