حوار بين القلب والنفس
بأمر من العقل، الملك المفدى على مملكة الجسد، يتم ما يلي:
سجن النفس في وادٍ سحيق مع الحزن، على أن يتم أستيراد خمرة الذكريات المرة المسكره من مخازن الماضي البعيد.
عزل كل من الصدق و التسامح و ملاحقتهما و إغتيالهما، و تعيين كل من الكذب و الخداع و الغضب، حيث يعين الكذب و يكون الناطق الرسمي لمملكة الجسد، و يكون الخداع و الغضب اليد اليمنى للعقل.
و بعد تنفيذ هذه الأوامر، جلست كل من النفس و الحزن ، و إذ بشبح يتجلى أمام النفس و هو غير مصدق لما يراه.
النفس: من، أخي القلب، ألم تمت، أشتقت إليك، أنظر إلى حالي بعد قتلك، أنظر أين سجنت، آخ منكما، لماذا فعلتما بي هذا.
القلب: أخي النفس، إهدأ لا تخف، فأنا إن شاء الله لم أمت، لقد صعدت إلى ربي ليداوي و يشفي جراحي، و إني لسأعود بعد ذلك.
النفس: أما زلت تتكلم و تصدق وعود الأمل، لقد رأيتك بأم عيني تلفظ أنفاسك الأخيرة، أبعد كل هذا تعدني بأنك ستعود.
القلب: فليهنأ العقل بحكمه للجسد، فالله لن يرضى بقراراته الظالمة و الباطلة، و سأنتصر بمشيئة الله، و سندخل نعيم الحب.
تجرعت النفس من خمرة ذكريات الماضي رشفة، فبانت أمامها الحقيقة المؤلمة.
النفس: ألا تذكر يا أخي القلب، ذاك الذي تركك على أهون الأسباب، و ذاك الذي أستغلك و سرق من أموالك الشيء الكثير، و ذاك الذي خانك و لم يأبه بعشرة العمر و الخبز و الملح، و ذاك الذي أغلق قلبه و مزق جميع المعاهدات التي بينكما، و ذاك الذي هرب منك خوفاً من أن تطمع به، و ذاك الذي يجافي النسيان و هو غارقٌ بآلامه، و ذاك و ذاك و ذاك.
القلب: و ما لي بهم، ألم تتذكري الخير الذي صاحبناه معهم، ألم تتذكري الأفعال التي قمنا بها، ألم تتذكري الإنجازات التي بنيناها و الحواجز التي هدمناها، ألم تتذكري أن الله سيحاسبنا على ذلك و لن ينسانا في هذا الزمن، يكفيني أنا شرف المحاولة، و أن أترك النتائج و الأقدار التي قدرها الله، لله فقط.
صحت النفس من سكراتها، و الأمل يحاول أن يتسلل إلى هذا السجن،واعداً بإنتصارٍ سحيقٍ للقلب.
جلس العقل يفكر بملكه على الجسد، و كيف سيبرم العهود و الإتفاقيات مع العقول الأخرى التي بسطت سيطرتها على ممالك الأجساد، حتى يدخل نعيم الحب، الذي كان و لا زال حلمه و حلم عدوه اللدود، القلب.