الموقع الجغرافي:
تقع فلسطين في جنوب غرب قارة آسيا في الجزء الجنوبي للساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وهي بذلك تقع في قلب العالم القديم؛ ما يجعلها جسراً برياً يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، وبين البحر المتوسط والبحر الأحمر، ومن ثم المحيط الأطلسي والمحيط الهندي. وبالنسبة للوطن العربي؛ فإن فلسطين تقع في الجناح الآسيوي منه؛ جنوب غرب بلاد الشام، بين البحر المتوسط غرباً ونهر الأردن شرقاً.
الموقع الفلكي:
تقع بين خطي طول 15"،ْ34 و14"،35ْ شرق خط غرينتش وبين دائرتي عرض 30"، ْ29 و15"،ْ33 شمال خط الاستواء. وقد انعكس هذا الموقع على التفاوت المناخي المحلي بين الأجزاء الجنوبية من فلسطين والأجزاء الشمالية لها، وهو ما يعدّ من العناصر المشجعة لحركة السياحة الداخلية والخارجية لفلسطين؛ فالجهات الجنوبية والجنوبية الشرقية الدافئة تصلح لأن تكون مشاتي، فيما الجهات الوسطى والشمالية فتصلح لأن تكون مصايف.
مساحة فلسطين السطحية:
تبلغ مساحة فلسطين 27.027 كيلو متر مربع بما في ذلك بحيرتا طبريا والحولة ونصف مساحة البحر الميت. أما مساحة الضفة الغربية بما في ذلك الجزء التابع لها من البحر الميت؛ فتبلغ 5842 كيلو متر مربع، فيما تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كيلو متر مربع.
حدود فلسطين - التي حددت في عهد الانتداب البريطاني:
يحد فلسطين من الغرب البحر الأبيض المتوسط على ساحل طوله نحو 240 كيلو مترًا؛ ومن الشرق سوريا ويبلغ طول الحدود بين البلدين 76 كيلو مترًا، والأردن على حدود طولها نحو 360 كيلو مترًا، ومن الشمال الجمهورية اللبنانية على حدود طولها 79 كيلو متراً، ومن الجنوب سيناء على حدود طولها 240 كيلو متراً ما بين رفح حتى رأس طابا وخليج العقبة بطول 10.5كم.
وقد عُينت الحدود الشمالية والشرقية الشمالية لفلسطين باتفاق بريطانيا وفرنسا في 23/12/1920 وعُدل بعد سنتين ليضم مصادر مائية إضافية في المنطقة.
وتبدأ الحدود الشمالية من رأس الناقورة الواقعة على البحر المتوسط باتجاه الشرق إلى قرية يارون في لبنان ومن ثم ينحرف شمالاً باتجاه الشرق إلى "قَدَس" و"المطلة" في فلسطين، ويستمر سيره شمالاً عبر وادي الأردن إلى تل القاضي في فلسطين وإلى بانياس في سوريا. بعد ذلك يسير خط الحدود باتجاه الجنوب الغربي إلى جسر بنات يعقوب، ومن ثم يسير باتجاه الجنوب على طول نهر الأردن حتى بحيرة طبريا وساحلها الشرقي إلى نقطة تكاد تكون إلى الشرق من مدينة طبريا، حيث ينحرف خط الحدود في اتجاه الجنوب الشرقي إلى أن يصل محطة الحمّة الواقعة على سكة حديد درعة شرق سمخ. وحسب هذا التحديد؛ تقع جميع بحيرة الحولة وحوضها وبحيرة طبريا بأكملها في فلسطين. ويتألف القسم الفلسطيني الواقع شرق البحيرتين من قطاع ضيق يمتد على طول ساحل بحيرة الحولة الشرقي، وقطعة ضيقة تقع شرق بحيرة طبريا.
أما الحدود مع شرق الأردن؛ فقد حددها المندوب السامي البريطاني لفلسطين وشرقي الأردن سنة 1922، وتبدأ من نقطة اتصال اليرموك بالأردن، وتسير جنوباً من منتصف مجرى نهر الأردن وبحيرة لوط ووادي العربة، حيث تنتهي في ساحل خليج العقبة.
وقد رُسِمت الحدود بين فلسطين ومصر بموجب الاتفاقية المعقودة بين خديوية مصر والحكومة العثمانية 1906، وتمتد الحدود من تل الخرائب في رفح على ساحل البحر المتوسط وتنتهي في رأس طابا على خليج العقبة.
وفلسطين مستطيلة الشكل، حيث يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 430 كم وهو يوازي حدها الشرقي، أما عرضها ففي الشمال يتراوح بين 51 و70 كم وفي الوسط يتراوح العرض بين 72 و95 كم عند القدس، وفي الجنوب يتسع العرض حتى يصل إلى نحو 117 كم بين رفح والبحر الميت.
أهمية الموقع الجغرافي لفلسطين:
تميزت فلسطين بموقع استراتيجي وجغرافي ممتاز؛ فهي تقع في قلب العالم، وشكّلت حلقة وصل بين قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا، ونقطة اتصال بين البحر المتوسط ودول شرق المتوسط مثل العراق وإيران والخليج العربي، ومما زاد من أهميتها الجغرافية أنها تشرف على بحرين غاية في الأهمية الإستراتيجية هما البحر المتوسط والبحر الأحمر.
وظلت فلسطين حلقة وصل بين حضارات وثقافات لأمم مختلفة؛ ما انعكس عليها ايجابيًا من بعض النواحي؛ وسلبيًا من نواح أخرى؛ فانتشرت فيها المدن والقرى وازدهرت التجارة من جانب؛ وفي الجانب الآخر تعرضت لأطماع الأعداء والغزاة ممن طمع في فلسطين وموقعها الاستراتيجي سواء بالنسبة لموقعها على ساحل البحر المتوسط ووجود الموانئ الطبيعية فيها؛ أو لموقعها بالنسبة للوطن العربي الذي تستمد فلسطين منه أهمية أخرى لما يتمتع به الوطن العربي من موقع استراتيجي وسط العالم.
* ويمكن استعراض الأهمية التي تتمتع بها فلسطين من حيث الموقع على النحو التالي:
أ) الناحية الإستراتيجية والحضارية:
تعتبر فلسطين بمثابة الجسر البري الوحيد الذي يربط آسيا بأفريقيا وأوروبا، وتقع على ساحل البحر المتوسط، والبوابة الجنوبية لبلاد الشام وخط الدفاع الأول عنها، ولذلك شكّلت هذه الأهمية الإستراتيجية مطمعاً لكل الأمم والغزاة الذين سيطروا على مناطق آسيا أو إفريقيا، فعمل الغزاة على السيطرة على فلسطين لتأمين وجودهم في مناطق نفوذهم، فنجد الهكسوس يُخضعون فلسطين لتأمين وجودهم في مصر، ثم يسيطر الآشوريون على فلسطين. ووقعت الكثير من المعارك الفاصلة في التاريخ على أرض فلسطين كمعركة عين جالوت سنة 1260م، ومعركة حطين سنة 1187م، وتحطم حلم نابليون بالسيطرة على بلاد الشام بعد فشله في احتلال عكا سنة 1799م، وغيرها من المعارك.
أما في القرن العشرين؛ فقد تأكد للاستعمار الأوروبي وخاصة بريطانيا وفرنسا أن المحافظة على المصالح الاستعمارية في المنطقة العربية لا تتم إلا من خلال السيطرة على فلسطين؛ ما دفعهم إلى دعم تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين لحفظ مصالح بريطانيا في الخليج العربي وقناة السويس، ولمنع قيام أي وحدة عربية تسمح بالنهضة العربية، وتقدم الأمة العربية بين الأمم.
ب) الناحية الدينية والسياحية:
تُعدُّ فلسطين أرضاً مقدسةً لدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية، وفيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وتعدُّ مدينة القدس من أقدس الأماكن لدى مسلمي العالم؛ لوجود المسجد الأقصى فيها، وهي مقدسة لدى المسيحيين؛ ففيها كنيسة القيامة وكنيسة المهد . وتشجع هذه المناطق المقدسة قدوم ملايين الحجاج من المسلمين والمسيحيين إلى فلسطين، مما يوفر فرصًا كبيرة في مجالات السياحة والتجارة، وإشاعة أجواء الاستقرار والسلام والتآخي بين الشعوب والأمم.
جـ) الناحية التجارية:
ساعد الموقع الجغرافي لفلسطين في قلب العالم القديم والحديث بقاراته ودوله على جعل فلسطين ممراً للقوافل التجارية المتجهة من الشرق إلى الغرب؛ فالتجارة القادمة من آسيا والهند وشبه الجزيرة العربية تصل إلى موانئ فلسطين على البحر المتوسط ومنها إلى أوروبا، فيما شجّعت الحدود الجنوبية لفلسطين التي تربط بين آسيا وإفريقيا براً على وجود المحطات التجارية؛ وهو ما ساعد على الاستقرار والازدهار الاقتصادي في فلسطين في الفترات التي خلت من الغزوات والحروب.
وفي العصر الحاضر كان للموانئ الفلسطينية على ساحل البحر المتوسط (حيفا، ويافا، وغزة) دور كبير في التجارة، وخصوصاً ميناء حيفا الذي كان يصدَّر النفط العراقي من خلاله إلى أوروبا. وما زالت فلسطين حتى يومنا هذا تحتفظ بأهميتها التجارية وموانئها على ساحل البحر المتوسط للتجارة العالمية.
ورغم التقدم العلمي التكنولوجي وتقدم شبكة الاتصالات العالمية؛ إلا أن فلسطين ما زالت تحتل المكانة الأولى والمؤشر الحقيقي للسياسات الدولية والعالمية بحكم موقعها الاستراتيجي، ويبقى استقرار العالم مرهوناً باستقرار المنطقة وحل مشكلة فلسطين والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.