ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: حكاية صورة .. قلب الخشب! الأربعاء 18 يونيو 2014, 11:13 pm | |
| [rtl]حكاية صورة .. قلب الخشب![/rtl] [rtl] [/rtl] [rtl]
كتب - جهاد جبارة
بعدَ أن تتساقط أوراق «شباط» الواحدة تلو الأخرى، من على «رُزنامة» الفصول، ولم يَعْد هناك سوى بضعة أوراق تُقاوم وجع الرحيل، يكون «آذار» يُعِدّ عربات غيمه المُحمّلة بزهر الشجر، ليقوم بتوزيعه على صالونات تجميل «الربيع»، المُتأهِبْ لاستقبال جموع عرائس الأشجار التي ستتزيّن، وتتجمّلُ بأكاليل الزهور البيضاء الحليبية، أو بتلك الزهرية الموشاة بخيوط حمراء، أو بالبيضاء المسروق بياضها من بياض العاج.. تلك الأشجار وبعدَ خروجها من أبواب الصالونات وقد ارتدت أثواب الزفاف، تكون بانتظار النحل الذي سيقوم بعقد قرانها في مواسم التلقيح، إلا شجرة «الجوز» فإنها تأبى النحل، أو أن النحل تكبّر ورفض المشاركة بجاهة زفافها فترك شأن تلقيحها لرياح «آذار» العاتية، أو لرياح نيسان الحانية. ولعل للنحل الذي يُحجم عن الاشتراك بتلك الزفّة أسبابه التي منعته، فلعله الحقد على شجرة الجوز التي وخلال ليالي العرس تَرشَحُ عَرَقاً كيميائياً على فراشها الترابي، أو لأنها رُغم بلوغها عمراً عتيّاً تجاوز مئتي عام لا تزال ترغبُ بالزفاف الذي يقودُ للتلقيح لتحبل بعده بالثمار الخشبيّة القاسية التي أطلق عليها الإنسان سارِق عسلَ النحل «غذاء المُخ»... أو لأن شجرة «الجَوْز» قد انتحلت أسماء عديدة مثل «الشَبَرم» ذلك الاسم الدخيل للعربيّة من اللغة الكردية، أو «عين الجَمل» كما في مصر والشام، أو «قَعْقَعْ» كما في السعودية أو «الكركاع» كما درج المغربيون على تسميتها!!. ولعل النحل يُحجم أيضاً عن مشاركة «الجَوْز» في حفل الزفاف الجماعي للأشجار، لأن تلك الشجرة تأنف التلقيح قبل أن تبلغ الخامسة من العُمر، أو لأن مَرار زهر إكليل عِرسها يتنافى مع حلاوة العَسَلْ!. شجرة «الجَوز» الباسقة، تمكّن جسدها وعلى غير رغبة منها من إغواء الحطابين، جزّاري الغابات، فما ان رأوا تلك الخطوط الجميلة المتناسقة التي أبدعها الخالق في جسدها الخشبي الهائل حتى انهالوا عليها ذبحاً وتقطيعاً، ثم حملوا أشلاءها إلى ورشات النجارين، ليُعدّوا منها أثمن أسرّة نوم تحلمُ بها عرائس البشر، أو ليعدّوا منها أكعاباً لبنادق الصيد الجائر، أو موائد تُعرَضُ عليها صنوف أطباق لحوم البحر، والبَر، والجَوْ في مطاعم النجوم الخمسة!. وعلى الرغم من وحشيّة البشر، وعتب النحل الا أن شجرة «الجوز» لاذت بالصمت، والتزمت بالسكوت، غير أن ثمرة من ثمارها وذات ليلة سمر شتائية، استسلمت لكسارة الجوز، فتكسِّرَت، وتحطَّمَت بين فكيّها لتكشف عن هذا القلب الحزين الذي يشكو حظّ شجرة الجوز العاثِر!.
[/rtl] |
|