منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Empty
مُساهمةموضوع: الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها   الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Emptyالجمعة 20 يونيو 2014, 8:18 pm

الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها


الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر



أيها الناس، اتقوا الله ربَّكم، وأطيعوه فيما أمرَكم، واحذروا ما عنه نهاكم وزجَرَكم؛ ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52].
 
أيها الناس:
اعلموا أنَّ الأمانة من أعظم ما به أُمِرْتم، وأنَّ الخيانة من أعظم ما عنه نُهِيتم وزُجِرْتم؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].
 
فقد أُمِرتم بأداء الأمانة معشرَ المؤمنين، ونُهِيتم عن الخيانة فلا تكونوا من الخائنين، وإنَّما حمَّلكم الله الأمانةَ إذ كنتم لها مُؤهَّلين، وعليها قادرين؛ لِمَا ركَّب فيكم - سبحانه - من العقول التي بها تفقهون، والبصائر التي بها تُبصِرون، فأدوا أماناتكم، تكونوا ممَّن عناهم الله بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون : 8 - 11].
 
واحذروا تضييع الأمانة؛ فإنها من خِصال المنافقين أُولِي الكذب والخيانة، وكفى بوعيد الله لهم في القرآن زجرًا وتحذيرًا؛ ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145].
 
أيها المسلمون:
ورَدَ في الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ما خطَبَنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ قال: ((إنَّه لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له))، وفي رواية: ((إنَّه لا دينَ لِمَن لا أمانة له، ولا صلاةَ له، ولا زكاة له)).
 
فما أعظم شأن الأمانة! بها يثبت الإيمانُ، وعليها تقوم الديانةُ، فهي قرينة الإيمان، ولا يقبل الله عبادة الخوَّان.
 
وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّثَ كذَب، وإذا وعَدَ أخْلف، وإذا اؤْتُمِن خان)).
 
فالخيانة برهانُ النفاق، وهي في الناس من مساوئ الأخلاق؛ ولذا جاء في الدعاء المأثور: ((اللهم إني أعوذ بك من الخيانة؛ فإنَّها بئستِ البطانة، وأعوذ بك من الجوع؛ فإنَّه بئس الضجيع)).
 
أيها المسلمون:
أدُّوا أماناتكم إلى أهْلها، ولا تخونوا مَن خانَكم مقابلةً للسيئة بمثْلها؛ ففي الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمَنَك، ولا تَخن مَن خانك)).
 
واعلموا أنَّ الفقه في الدِّين من أعظم أسباب زيادة الإيمان وتمام الأمانة، وأنَّ مُجانبة التقوى وإيثار الحياة الدنيا مِن أخطر أسباب نزْعِ الأمانة وثبات الخيانة؛ فتفقَّهوا في الدِّين، واعملوا مُخلصين لربِّ العالمين، على هَدْي محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سيِّد المرسلين، تكونوا من أهْل الأمانة وتُحشروا يوم القيامة آمنين.
 
أيها المؤمنون:
إنَّ المقاصد والنيَّات من أعظم الأمانات، فأخْلصوا لله مقصدَكم، وانووا الخير جهْدَكم؛ فـ((إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نَوَى)).
 
فاجعلوا أقوالَكم وأعمالكم التي شرَعَ الله لكم خالصةً لله، تبتغون بها وجْهه، وتلتمسون بها رضاه، واحذروا أن تلتفتوا بها إلى أحدٍ سواه، اعبدوا الله - تعالى - كما شرَعَ، واحذروا الشِّرْك والأهواء والبِدع؛ فإن الله - تعالى - لا يقبل من العمل إلاَّ ما كان خالصًا لوجْهه، صوابًا على هَدي نبيِّه، وهذا هو الإسلام والإحسان، المشار إليهما بمُحكم القرآن؛ ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].
 
أيُّها المؤمنون:
والصلاة عند العبد أمانة لله، ائْتَمنه الله على طهارتها ووقْتها، وكيفيتها ونيَّتها وغير ذلك من أحكامها؛ فهي شرطُ الإيمان، وعمود الدِّين الذي يقوم عليه ما له من بُنيان، وهي آخر ما يُفقد من الدِّين، وإذا فُقِد آخرُ الشيء صار فاقدُه من المُعْدِمين؛ فأقيموا الصلاة، وحافظوا على ما لها من الأركان والواجبات والمستحبَّات، وحافظوا عليها في سائر الأوقات، وأدُّوها في المساجد مع الجماعات، واعلموا أنَّ الصلاة مكيال؛ فمَن وفَّى، وفَّى الله له، ومن طفَّفَ فقد سمعتم ما توعَّد الله به المطفِّفين من الويل والنَّكال.
 
عباد الله:
والزكاة من أعظم الأمانات، أوْجَبَها الله في مال الغَني للفقير، وجعَلَها من أسباب البركة والتزكية والتطهير، وكم فيها من تنفيس الكروب والتيسير والأجْر الكبير، فأدُّوا الأمانة فيها؛ فإنَّها آية الإيمان، كما في الصحيح عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((والصدقة برهان)).
 
وكذلكم فإنَّ الصيام أمانة؛ فإنه سرٌّ بين العبد وربِّه، فلا يطلع إلاَّ الله على قصْده؛ إذ لو شاء الصائمُ لأبْطَلَ صيامَه ولو بفساد نيَّته، لكن يمنعه من ذلك ما في قلبه من تعظيم الله وخَشيته، بل يصوم لله احتسابًا، وهنيئًا له بمغفرة الذنوب وبالجنة ثوابًا.
 
أيها المؤمنون:
والغُسل من الجنابة أمانةٌ، وطهارة المرأة من الحَيض والنفاس بعد الطُّهْر أمانةٌ، فلا بُدَّ من أداء هذه الأمانة، بأداء الواجب فيها على وجْه الديانة، وإلاَّ كان ذلك فضيحةً ونَدَامة يوم القيامة.
 
أيها المؤمنون:
والوظائف في الدولة ولدى الشركات والمؤسَّسات والأشخاص أمانة في أعناق الموظَّفين، فإنَّهم على أعمالهم مُؤتَمنون؛ فينبغي لكلِّ موظف أنْ يتَّقي الله في نفْسه، وفي سببِ رِزقه، فيُحسن في عمله ابتغاءَ وجْه الله، ونُصحًا لعباد الله، وليَحْذر من المحاباة والمجاراة، بل يقوم بحفْظ ما اؤتُمِن عليه، وأنْ يحفظ سرَّ ما استودع عنده لذَوِيه، وأن يَحذر أنْ يدخلَ عليه شيءٌ منه، وأن يذودَ - جهده - أيدي الخَوَنة عنه، وإلاَّ فضَحَه الله يوم المعاد، على رؤوس الأشهاد؛ فقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن استعملناه على عملٍ فكتَمَنا مِخْيَطًا فما فوقَه، كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة)).
 
حتى ولو كانت الشركات أجنبيَّة، فحقوقها بعقْدها مع دولة الإسلام مرعيَّة، فإنَّهم بذلك صاروا معاهدين؛ لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين؛ فتحْرُم دماؤهم وأموالهم كما تحرُم أموالُ المسلمين، ومَن أخفَرَ معاهدًا فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين.
 
وكلُّ مَن دخَلَ مع غيره في عقْدٍ مباح؛ من بيع أو شراء أو تأجير ونحو ذلك، فليعلمْ أنَّه دخَلَ مع صاحبه في عهْدٍ وأمانة، فليحذر الغشَّ فيه والخديعة والخيانة، بل عليه أن يَفي بالمطلوب، وأنْ يُبيِّن العيوب، مع طِيب النفْس وسلامة الصدر، وإعطاء الحقِّ من غير نقْصٍ ولا بَخسٍ ولا قَهْر، وليحذر المماطلة بتعليل أو تمليل؛ فإنَّ مَطل الغني ظُلم، يحلُّ عرضه وعقوبته، ويعرِّضه لشؤم عمَلِه ويجرُّ عليه حَوبته.
 
أيها المؤمنون:
والمجالس عامَّة بالأمانات إلاَّ مجلسًا يُخَطط فيه للإجرام؛ مِن سفْكِ دمٍ حرام، أو انتهاك عِرْض حرام، أو أكْل مالٍ حرام، أو كيدٍ لأهل الإسلام، فتلك مجالس آثِمة، يستحقُّ أهلُها العقوبة الصارمة.
 
أمَّا المجالس العادية، فهي مُحترمة لا يجوز أن يُفشى ممَّا يُقال فيها كلمة، فإذا حدَّث الرجل في المجلس فالتفتَ فهي أمانة، فلا يجوز إفشاء سِرِّه، وفضْح أمرِه، وأَخَصُّ المجالسِ بحفظ السرِّ، وكتمان الأمر، ما يكون بين الرجل وأهْله، حين يُفضي إليها وتُفضي إليه.
 
فاتَّقوا الله - عباد الله - في أماناتكم، وراعوها وأدُّوها؛ فهو أزكى لكم عند مَليككم، واعلموا أنَّكم غدًا بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم مجزيُّون، وعلى تفريطكم نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27 - 28].
 
سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
 
وصلِّ اللهم وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها   الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Emptyالجمعة 20 يونيو 2014, 8:19 pm

معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين


الحمد لله الذي فرض على العباد أداء الأمانة وحرم عليهم المكر السيء والغدر والخيانة، 


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم القيامة ونؤمل بها الفوز 


بدار النعيم والكرامة، وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله الذي أتم به النعمة وبعثه للعالمين 


رحمة وللعاملين قدوة وعلى الطاغين حجة صل الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم 


بإحسان في الدين والملة وسلم تسليماً.


أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى وأدوا الأمانة التي حملتموها وتحملتم مسؤوليتها، أدوا 


الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها 


الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، أدوا الأمانة فإنكم عنها مسؤولون وعلى حسب القيام بها 


والتفريط بها محاسبون، فإما مغتبطون بأدائها مسرورون وإما نادمون في إضاعتها خاسرون، 


أدوا الأمانة فيما بينكم وبين الله وأدوها فيما بينكم وبين عباد الله. فأما أداء الأمانة فيما بينكم 


وبين الله فأن تقوموا بطاعته مخلصين وتتعبدوا بما شرعه متبعين لا مفرطين ولا مفرطين، 


وأما أداء الأمانة فيما بينكم وبين العباد فأن تقوموا بما أوجب الله عليكم من حقوق العباد، 


وهذا أمر يختلف باختلاف الناس وأحوالهم، فكل إنسان عليه أمانة بحسب ما يقتضيه عمله 


الذي التزمه، فولاة الأمور صغاراً وكباراً أمانتهم أن يقوموا بما فرض الله عليهم لمن تحت 


أيديهم من العدل، وأن يسيروا بالناس على حسب ما تقتضيه المصلحة في الدين والدنيا، وأن 


لا يحابوا في ذلك قريباً ولا صديقاً ولا قويا ولا شريفا، وأن يولوا الأمور من هو أحق بها 


وأجدر وأقوم وأكفأ، والموظف بحسب حالة أمانته أن يقوم بوظيفته على حسب المطلوب منه، 


وأن لا يفرط في عمله أو يتأخر أو يتشاغل بغيره أو يتعدى إلى أمر لا يعنيه شرعاً أو نظاما.


وهاهنا أمر ينبغي لكل موظف أن يلاحظه وهو أن بعض الموظفين ربما يتوانى في تطبيق 


النظام بحجة أن هذه أنظمة ليست مما أوجبه الشرع، أو أن الأجرة والراتب الذي يتقاضاه من 


بيت المال ونحو ذلك، وهذه الحجة غير صحيحة. أما كونه ليس من الأنظمة الشرعية فإنه من 


الأنظمة التي سنها ولاة الأمور وألزموا الموظف القيام بها، وما سنه ولاة الأمور ولم يكن فيه 


معصية لله ورسوله فإنه يجب اتباعه لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا 


الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِمِنْكُمْ} وأما الحجة الثانية وهي أن هذا من بيت المال الذي لعموم 


المسلمين فهذا مما يؤكد ويحتم على الموظف أن يقوم بوظيفته أكثر وأكثر، فإن الحق إذن 


يكون لعموم المسلمين وكل واحد منهم يطلبك أن تقوم بوظيفتك لأنك تأخذ راتبك من بيت مالهم 


بإقرارك على نفسك، ولو كان الحق لشخص خاص لكان أهون، والمقصود أن هذه الحجة التي 


ربما يتعلل بها من يفرط بواجب وظيفته ليست حجة صحيحة. ويمتاز المدرس بين الموظفين 


بأهمية المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه، فالمدرس معلم وموجه فهو مغذي الروح 


وطبيبها، فعليه أن يتحرى أسهل الأساليب وأقرب الطرق إلى إيصال المعلومات إلى أذهان 


الطلبة، وأن لا يضيع شيئاً من الحصة فيما لا خير فيه للطلبة، وعليه أيضاًً أن يوجههم إلى 


ما فيه صلاح دينهم ودنياهم بقدر ما يستطيع، فإن من المعروف أن الطالب يقتدي بمعلمه 


ويأخذ بقوله أكثر مما يأخذ من أبيه وأهله، فعلى المدرس أن يأخذ هذه الميزة بعين الاعتيار 


وأن يخلص لله تعالى في تعليمه وتوجيهه، ويعامل الطلبة بالعدل مسوياً بين القريب والبعيد 


والشريف والوضيع.


أيها المسلمون: إن على الأب وعلى ولي البيت أمانة لازمة له هي تربية أولاده وأهله، وتقويم 


أخلاقهم وتعويدهم على فعل الخير وترك الشر، والقيام بحقوقهم التي أوجب الله عليه رعايتها، 


وإن على البائع والمشتري أمانة يجب عليهما أداؤها، هذه الأمانة هي الصدق والبيان فلا 


يكذب فيذكر في السلعة وصفاً غير موجود فيها ولا يتكتم فيخفي عيباً موجوداً. إن على أهل 


الحرفة من البنائين والنجارين والصناع وغيرهم أن يؤدوا الأمانة بالإخلاص في عملهم وأن 


يؤدوه كاملاً كما يطلبون حقهم كاملا. أيها المسلمون، إن القول العام في الأمانة أن تؤدي ما 


عليك على الوجه الذي يطلب منك من غير تقصير ولا مجاوزة، فمن قام بأمانته فقد ربح ومن 


فرط فيها فقد خاب وخسر. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ 


عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ 


ظَلُوماً جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى 


الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:72،73].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها   الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Emptyالجمعة 20 يونيو 2014, 8:20 pm

الأمانة بمفهومها الواسع


الحمد لله القائل: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 105]. 


والصلاة والسلام على من قال: ((مَن أمسى كالاًّ من عمل يده، أمسى مغفورًا له))، والقائل: 


((ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكل من عمل يده)).
 
فالكسب اليدوي أفضل الرزق وأطيبه، وديننا الحنيف هو دين العمل؛ فقد حثَّنا على الجد 


والنشاط، والإتقان والإبداع، وحذَّرنا من الكسل والتهاون والجمود، ودلَّنا على الصفات 


الحميدة التي ينبغي على كل مسلم التحلي بها، ومن أبرزها الأمانة والصدق، فبهما يحوز 


المرء المنزلة الرفيعة يوم القيامة؛ قال: ((التاجر الصَّدوق الأمين مع النبيين والصديقين 


والشهداء))، أما في الدنيا، فاليد العاملة هي العليا المنفقة، وفيها يقول: ((اليد العليا خير من 


اليد السفلى))، وللعمل أخلاق وآداب تُزينه، وسراج هذه الأخلاق الأمانة، وهي خلق ثابت في 


النفس يبعث على حب الحق وإيثاره، فيعف به الإنسان عما ليس له به حق، ويؤدي به ما عليه 


أو لديه من الحقوق، فهي من مكارم الأخلاق، وقد بيَّن الله تعالى عِظم الأمانة وجهل الإنسان 


بها، فقال - عز من قائل -: ﴿ نَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ 


يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].
 
وكان رسولنا محمد - صل الله عليه وسلم - يلقَّب بالأمين، ووصف الله سيدنا موسى بالأمانة 


في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].
 
كما وصف المؤمنين المفلحين بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]؛ 


لذا فقد أمر الله بها، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ 


النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].
 
وأوضَح - صلوات ربي وسلامه عليه - علاقة الأمانة بالإيمان، فقال: ((لا إيمان لمن لا أمانة 


له، ولا دين لمن لا عهْد له)).
 
كما بيَّن - صلوات الله وسلامه عليه - أنْ لا عذر للعمل بضدها، فقال: ((أدِّ الأمانة إلى من 


ائتمنَك، ولا تخن مَن خانك)).
 
فالخيانة والغدر من الصفات الخسيسة التي لا تليق بالمؤمن، فإذا كان رد الخيانة بمثلها لا 


يجوز، فكيف بمن يفعلها ابتداءً؟!
 
فهذه الصفات عواقبها وخيمة في الدنيا والآخرة؛ قال الرسول - مبينًا حال الغادر يوم القيامة 


-: ((لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان...))، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ 


يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 161].
 
وكثير من الناس يشتبه عليه الأمر في مفهوم الأمانة، أو يقصرها على جانب من جوانبها 


الكثيرة، فيقع في المحظور؛ كالذي يعتقد أن الأمانة عدم أخذ المال بغير وجه حق كالاختلاس 


والسرقة فقط، وأن الخيانة لا تتعدى ذلك البتة، ويغفل عن قوله: ((مَن رأى منكم منكرًا، 


فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
 
فإنكار المنكر بدرجاته الثلاث من الأمانة، فمثلاً رؤية الموظف المسيء في عمله والسكوت 


عليه، إخلال بالأمانة، ومساهمة في الخيانة بشكل غير مباشر، وكذلك من لا يرد المعتدي عن 


عدوانه والظالم عن ظلمه، والمخطئ عن خطئه، بحجة أنه قد يتسبب في قطع رزقه، ويغفل 


المسكين أنه والحالة هذه يكون مشتركًا في الإثم، ومعينًا عليه، ومُخِلاًّ بالأمانة، وظالمًا 


لصاحب الحق، فالمعتدى عليه وإن خسِر في الحياة الدنيا بأي شكل من الأشكال، فإنه لا محالة 


آخِذٌ حقه يوم القيامة؛ ففي الحديث الشريف: ((يؤتَى بالعبد يوم القيامة وإن قُتل في سبيل الله، 


فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا، فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية)).
 
فلا بد للعاقل أن يتفكر في حال المقاتل في سبيل الله، وكيف إذا أخل بجانب من جوانب 


الأمانة، لم يشفع له جهاده من ورود النار؟ لذا نجد النبي - عليه الصلاة والسلام - يحثنا على 


التناصح والتناصر، فيقول: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا... الحديث)).
 
ويبيِّن كيفية نُصرته في حال ظلمه بالأخذ على يده وكفِّه عن ظلم الآخرين ونصرته، بإبعاد 


أسباب العقاب الدنيوي والأخروي عنه، فعند رد المخل بالأمانة عن ذلك بنصحه أو الأخذ على 


يده، أو بإحالة الأمر لصاحب الحق، أو لمن هو قادر على التصحيح بذلك تتحقق نُصرته على 


نفسه ومساعدته على الاستقامة، فعلى كل مسلم يرى أخاه يمكر بغيره أو يفسد ويسيء لعمله، 


أن يسارع للحيلولة دون ذلك، وأن يضع نفسه مكان صاحب العمل، ويرى هل يرضى أن يؤخذ 


جزءًا يسيرًا من أجره دون رضاه وبدون وجه حق، بالطبع لا.
 
ولتكتمل الأعمال دون خللٍ علينا إدراك مفهوم الأمانة بمعناها الواسع، وذلك في كل أمر - 


سواء أوكل إلينا، أو لوحظ دون تكليف - والسعي لإعطاء كل ذي حق حقه، واستشعار 


المسؤولية تجاه الخالق والنفس والمجتمع، فقد جاء في الحديث: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول 


عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، 


والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن 


رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)).
 
وقد حُصِر مفهوم الأمانة في هذه الأيام في معاني ضيقة، لا تمثل سوى جوانب يسيرة من 


الأمانة؛ كرد الودائع لأصحابها، أو عدْم أخذ المال بالاختلاس أو السرقة كما مر سابقًا، وهذه 


الأمور كما أسلفنا من الأمانة لا ريب، ولكن هناك جوانب من الأمانة يغفل عنها الكثير، منها 


على سبيل المثال لا الحصر: من يوقع أو يختم كرت زميله الذي لم يحضر للعمل في الوقت 


المحدد، أو يرى زميلاً له يقوم بذلك دون ردْعه، فقد ضيَّع الأمانة، أو أن يعمل بجانب عمله 


الأصلي أعمالاً أخرى، أو معرفة من يفعل ذلك والسكوت عنه، فقد أخلَّ بالأمانة؛ لأن الساكت 


عن الحق شيطان أخرس، كذلك استخدام المعدات والأجهزة، أو المراكب، أو المنشآت في 


غير ما خصصت له، دون أخذ إذن بذلك من صاحب الحق، أو معرفة من يفعل ذلك والسكوت 


عنه، إخلال بالأمانة.
 
وإفشاء أسرار العمل - سواء بقصد، أو بغير قصد - من الخيانة؛ لِما جاء في الحديث: ((إذا 


حدث الرجل الحديث ثم التفت، فهي أمانة)).
 
كذلك من الخيانة اختلاق الأعذار للتغيُّب عن العمل مع القدرة عليه، أو الاستئذان دون الحاجة 


الحقيقية لذلك، أو مخالفة شروط العقد، وتبرير ذلك للنفس بمسوغات غير مقبولة شرعًا، 


ناسيًا أو متناسيًا أن العقد شريعة المتعاقدين.
 
ومن الإخلال بالأمانة الإهمال في العمل، وعدم إتقانه؛ فقد جاء في الحديث: ((إن الله يحب إذا 


عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)).
 
ومثل هذه الأمور التي يتساهل فيها الناس كثيرة جدًّا، ضابطها قوله: ((إن الحلال بيِّن، وإن 


الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه 


وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع 


فيه)).
 
فالمسلم ينبغي عليه أن يكون ذا ضمير حي، يراقب الله في كل أفعاله وأعماله، وينصح لمن 


حوله؛ حتى لا يكون ممن قال الله فيهم: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴾ [


الصافات: 24- 25].
 
وليعلم المسلم أن إرادة وجه الله في إخلاص العمل واجبة، وعقد النية على ذلك يقلب الأعمال 


المعتادة إلى عبادة يؤجر عليها الإنسان، وأن حصول الإنسان على أجر دنيوي لا يعني 


حرمانه من ثواب الآخرة إذا أخلص النية؛ فقد جاء في الحديث النبوي: ((إنما الأعمال 


بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... الحديث)).
 
فمراقبة المسلم لربه أثناء ساعات عمله، واستشعاره بأن الله مُطلع على كل صغيرة وكبيرة؛ 


كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 


7، 8].
 
واستحضر قوله تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].
 
كان ذلك دافعًا له على الإخلاص في عمله، وأن يبتغي به وجه الله تعالى؛ مما يجعل هذه 


الساعات عبادة ومراقبة لله - عز وجل.
 
وهنا تحصل له السعادة والمتعة في الدنيا، والأجر الجزيل في الآخرة، مستبشرًا بقول الله - 


عز وجل -: ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، وقول النبي - صل الله 


عليه وسلم -: ((العامل إذا استعمل فأخذ الحق وأعطى الحق، لم يزل كالمجاهد في سبيل الله 


حتى يرجع إلى بيته)).
 
فالأمانة بمعناها الواسع تخلق لدى الإنسان رقابة ذاتية وضميرًا حيًّا، لا يحتاج معهما إلى 


رقيب. ولله دَرُّ القائل:
إذا خلوت الدهر يوماً فلا تقل: 
خلوتُ ولكن قلْ: عليّ رقيبُ 
 
فهذا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عند عودته من اليمن، يسأله عمر بن الخطاب - رضي 


الله عنه - فيقول: ما عندك من مال أحاسبك، فقال معاذ - رضي الله عنه -: والله ما أخذت هذا 


المال إلا متاجرة، وما أخذته من أموال المسلمين، فتركه عمر - رضي الله عنه - فنام معاذ - 


رضي الله عنه - فرأى في منامه في تلك الليلة أنه يهوي إلى نار عميقة، وأن عمر يسحبه من 


ثيابه من شفا حفرة من النار، فذهب معاذ في الصباح، وقال له: أحسنت، أصاب الله بك 


الخير، وأخبره بالمنام، فقال عمر - رضي الله عنه -: هيا بنا للخليفة، فإن أحلك فهنيئًا مريئًا، 


فذهبا لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فأخبراه الخبر، فقال له أبو بكر - رضي الله عنه - 


حلت لك هذه هنيئًا مريئًا.
 
ومثله قصة الصحابي الذي كفل رجلاً بدم في عهد عمر - رضي الله عنه - فعاد المكفول رغم 


استطاعته الهرب وعدم العودة، فبمثل هذه القصص تتجلى الرقابة الذاتية، والذي دعاني لطرق 


هذا الموضوع المفهوم الخاطئ والمحدود للأمانة لدى كثير من الناس، ومحاولة بيان الأمانة 


بمعناها الشامل، وبيان أن من معاني الأمانة القناعة والرضا بما كتب الله من رزقٍ؛ قال: ((


انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فإنه أجدر ألا تَزدروا نعمة 


الله)).
 
ومن الأمانة أكل الحلال واجتناب ما سواه، ومن الأمانة الصبر على ضيق العيش؛ قال تعالى: 


﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].
 
ومن الأمانة الوصول إلى درجة الرقابة الذاتية، فالأمانة لا تكون في جانب دون جانب، أو مال 


دون مال، بل هي مع الصغير والكبير، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم، وعمومًا فالأمانة 


بمفهومها الواسع هي الدين كله؛ يدل على ذلك ما جاء في الحديث الشريف: ((إن لربك عليك 


حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا؛ فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه)).
 
وتضييع شيء من ذلك هو الخيانة التي حذرنا الله منها في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا 


تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها   الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها Emptyالجمعة 20 يونيو 2014, 8:22 pm

حمل الأمانة تكليف وليس طوعًا


لما عرَض الله سبحانه على السموات والأرض والجِبال حمْلَ الأمانة - كما حكى ذلك في قوله 


عز وجل -: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ 


مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72] لا يُفهم من السياق أن حمل 


الأمانة ليس تكليفًا واجبًا أجبَرَ الله الإنسان على حَملِها.
 
بل السياق يؤكِّد وبقوة وجوب حمل الإنسان للأمانة من عدة وجوه:
1- المفهوم الصحيح للأمانة، وهو استخلاف الله لهذا الإنسان؛ كونَه خلقه الله بيده ونفخ فيه 


من روحه، وأراده على الأرض يَسكُنها ليعمرها بعبادته، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ 


إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ 


الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي 


الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ 


إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، فالآيات تُشير بوضوح إلى إرادة الله لهذا الإنسان أن 


يمثِّل الأنموذج السويِّ في حمل أمانة الله؛ وهي عبادته على النحو الذي يُريده - سبحانه وتعالى 


- لا كما فعلت الجن الذين سكَنوا الأرض فأساؤوا وفسَدوا وتمرَّدوا على الله، فسلَّط عليهم 


ملائكته فقتلتْهم وطارَدتهم حتى ألجأتهم إلى سُكنى البحار والجبال، ولم تقم لهم قائمة، واستبدل 


بهم هذا الإنسان بتكوينه الطِّيني المنسجم مع ذات الأرض؛ ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا 


نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 55]، أفيَخلُق الله خلقًا بيده، ويَنفُخ فيه من روحه، ويُسكنه 


الأرض، ويَشرع له الشرائع، ويجعل منه الرسل والأنبياء ويَحمِل هذه الأمانة طوعًا لا كرهًا؟! 


هذا لعمري لا يستقيم!
 
2- لا يُفهم مِن سياق الآيات أنَّ عرض الأمانة على السموات والأرض والجِبال للتخيير، 


ويعدِل بهذا التخيير من السموات إلى الأرض إلى الجبال، فما يصحُّ عقلاً أن يَعرِض علام 


الغيوب شيئًا على خلق من خلقه وقد سبَق لدَيه في العلم المكنون عدم قبول هذا المخلوق لهذا 


العرض، وأكبر من ذلك تَكرار هذا العرض على الأرض والجبال ليكون الردُّ كما سبَق مِن 


السموات، إذًا ليس هذا العرض للتخيير، كما أنه ليس كذلك للإلزام والإجبار وإلا ما أبَتِ 


السموات وإن ثَقُل عليها وتحمَّلت الأمانة والله يُعينها، وهنا السؤال الذي يَفرِض نفسه: مِن أيِّ 


نوع هذا العرض؟ وإذا كان هذا العرض ليس إلزامًا وإكراهًا وليس للتخيير، فما هو إذًا؟
والجواب - والله أعلم - أن هذا العرضَ عرضُ بيانٍ، أي إن مؤهِّلات ومعايير ومُواصَفات 


حمل هذه الأمانة لا تَستوفيها السموات التي يَبرُز الطهرُ والعلوُّ والسموُّ كأبرز مُتطلّبات حمل 


الأمانة، ولهذا عدل عنها إلى غيرها وهي الأرض التي تَطوي بين جنَباتها من الشموخ 


والارتِفاع والقوة والصلابة ما يكون عاملاً مساعدًا جدًّا لحملِ هذه الأمانة وأدائها على الوجه 


المطلوب، إلا أن القوة والصلابة والارتِفاع مع افتِقار السهولة والبساطة والليونة والتنوع 


والتعدُّد لا يُساعِد في تحقيق أهداف الرسالة التي يُريدُها الله سبحانه، وإذًا مِن خِلال هذا 


العرض يتبيَّن القصور لدى كل من السموات والأرض والجبال، وبالتالي يَصعُب ويشقُّ عليهنَّ 


حملُ الأمانة إذا حمَلتها إحداهنَّ بمُفردِها، فكان أن أظهر الله ما فيهنَّ مِن الصِّفات والمَزايا 


التي تُؤهلهنَّ لحملِ الأمانة لولا عجزهنَّ جميعًا فيما يَفتقدنه من الصفات والأخلاق المستوفية 


لقدرتهنَّ في حمل الأمانة، ولهذا عبرت الآيات بأحسن الألفاظ الدالة على هذا المُراد - والله 


أعلم - فقال: ﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ﴾ [الأحزاب: 72] والإباء هنا عدم توفُّر ما 


يساعدهنَّ على أداء أمانتهنَّ إذا حملنها.
 
3- قوله تعالى: ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ [الأحزاب: 72] أي قدرة الإنسان تكليفًا على تحمُّل هذه 


الأمانة بما فيه مِن الضعفِ إلا أنه يمتلك الأداة التي أوجَدَها الله فيه لتُساعده على حمل الأمانة 


وأدائها على الوجه الذي يَرتضيه الله سبحانه، هذه الأداة أو الملَكة التي منَحه الله إياها هي 


التي أسجَدَ الله له الملائكة لأجلِها، إنها ملَكة التعلم والقُدرة على الحفظ والتعرُّف على الأشياء 


والتصوُّر والخَيال والربط والفهم والاستنتاج؛ قال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ 


عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا 


عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ 


إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 31 - 


33].
 
4- أما قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72] لا يُفهم منه أنه ظلوم لنفسِه 


جهولٌ حين لم تَحمل السموات والأرض والجبال الأمانة وبادَرَ هو في حَملِها، فما كان الله 


ليهَب لهذا الظلوم الجهول أشرف وأجلَّ وأزكى رسالة ووظيفة لمُجرَّد أنه تعرض لها 


واستشرَفَ، وحاشا ربي أن يكون الأمر كذلك، وإنما وصفه الله بهاتين الصفتين بعد تحمُّله هذه 


الأمانة لإيضاحِ أن مِن أكبر معوقات وعقبات أداء وحمل الأمانة هاتين الصفتين (الجهل 


والظلم) ولبيان أن نقيضَهما وهو (العلم والعدل) هما الصِّفتان والخصلتان اللتانِ بهما يُحقِّق 


مرادَ الله على أرضه، ويوفي ما عليه من تبعات وتكاليف هذه الأمانة الإلهية الربانية التي 


لأجلها خلق الله الخلقَ، ولأجلها خلَقَ الكون بما فيه وعليه وتحته.
 
5- مما يُساعد الإنسان على أداء رسالته وحملِ أمانتِه استغلالُ ما وهبه الله من العقل القادر 


على استخلاص العِبَر والمنافعِ، والربط والفَهم فينظر دارسًا ومُتأمِّلاً لدلالات ما في السموات 


من السموِّ والفلائك والنجوم والكواكب والشموس والقمر، ويتخلَّق بما استطاع التخلق منها؛ 


كالسموِّ بنفسِه عن سفاسف الأمور، أن يعمل ليكون نَجمًا يُهتدى به، ويعمل مع غيره ليجعل 


منهم نجومًا وكواكب، أن يكون كالشمس المحرقة للبكتيريا والجراثيم فيقوم بدوره في إحراق 


المُنكَرات وفضح وتعرية الفاسدين والمُجرمين، وهكذا، وينظر إلى الأرض وإلى الجِبال فيتعلم 


ويتخلَّق البساطة والقوة والصلابة والتنوُّع والتجدُّد وغير ذلك.
 
6- علَّل الله - جل شأنه - بعد ذلك فقال: ﴿ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ 


وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 73


]، أليس هذا تصريحًا - إن صحَّ التعبير - أن حملَ الأمانة يُوجِب مِن الله التوبة على صاحبِها 


لضعفِه وتقصيره في أدائها، فمهما اجتهَد العِباد والمُخلِصون والعُلماء الربانيون، وحتى 


المُجاهِدون، وبذَلوا جُلَّ أعمارِهم لخِدمة هذه الأمانة فلن يُوفُّوها عند الله حقَّها لولا سعةُ رحمته 


التي وسِعَت كل شيء، فالله يَقبلُ من عباده على تقصيرهم، ويَغفِرُ لهم ويرحمهم، أما الذين لم 


يَحملوا هذه الأمانة وهم المنافقون والمُشركون رجالاً ونِساءً، فإنَّ الله توعَّدهم بالعذاب، وعلَّل 


تعذيبهم بعدم الأخذ لهذه الأمانة وأدائها كما يُحبُّ ربُّنا ويرضى.
 
7- أما وقد تبين بوضوح أنَّ حمل الأمانة واجبٌ تكليفي مفروضٌ وليس طوعًا، بقي فقط 


معرفة مضامين هذه الأمانة إجمالاً:
1- أمانة حمل هذا الدين وحمل الخَلقِ عليه ترغيبًا وترهيبًا والدعوة إليه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ 


أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، قال 


تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ 


يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
 
2- العمل على تحكيمه وجعله منهاج حياة للناس يَحتكمون إليه؛ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ 


فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ 


يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].
 
3- تربية الأجيال والناشئة على هذا الدين والعمل به، وإنشاء المدارس والمعاهد العِلمية التي 


تُدرِّس علوم الدين ومقاصد الشريعة.
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الأمانة: شرف أدائها، وخطر خيانتها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخلايا الشمسية تعمل بـ20% من كفاءتها.. هل يمكن تحسين أدائها؟
» إشفاق ما في الكون من حمل الأمانة
» زلزال متوقع وخطر داهم على العرب!
»  الأمانة وحفظ الحقوق.. دراسة فقهية
» 111نوعا من الأزهار البرية الأردنية مهددة بالجفاف وخطر الانقراض

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة-
انتقل الى: