العراق .. مشروع انضاج التقسيم !
رجا طلب
لا يوجد حل عسكري لانقاذ العراق من خطري الحرب الطائفية والتقسيم ، لكن ورغم وجود الحل السياسي الا انه يصطدم بالرفض الايراني ، فالجامعة العربية تبنت المبادرة التى تقدم بها الدكتور اياد علاوي ، لكن ايران ومن خلفها نوري المالكي يعتقدون ان اي حل سياسي هو بالضرورة على حسابيهما وعلى حساب نفوذيهما .
والسؤال ما الذي تريده ايران بعد تلك التطورات الدموية في العراق ؟
طهران تعتقد ان الحل السياسي الذي يجعل من اعدائها سواء من هم في الصف السني او من هم من القوى السياسية العلمانية او القومية شركاء مع حلفائها في ادارة الدولة العراقية هو خسارة كبيرة لها وبداية تقليص نفوذها ولربما اخراجها من المعادلة العراقية او تهميشها فيها ، ولذلك فهي تدفع نحو ابقاء المعادلة السياسية الراهنة كما هي ، اي سيطرة حلفائها على « الحكم « وتهميش الاخرين ، ومن اجل تحقيق هذا الهدف فهي تدفع نحو تصعيد الخيار العسكري لحسم الامر ضد ثوار العشائر السنية ومحاربتهم تحت شعار كاذب هو « محاربة داعش والارهاب « .
فايران تكون بذلك قد حققت اكثر من هدف ، الهدف الاول والضروري هو ايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف « ثوار العشائر « كخطوة للابقاء على سيطرة قوة المنظومة الامنية والعسكرية العراقية التابعة لها ، ولذا فان طهران تفعل في العراق الان ما سبق ان قدمته ومارسته في سوريا من دعم عسكري – امني لنظام بشار الاسد ، والانباء تتحدث عن قيام طهران بالزج باكثر من اثني عشر الفا من قوات الصفوة من فيلق القدس كما تتحدث عن ان قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الايراني هو من يدير عمليات المواجهة مع قوات « ثوار العشائر « .
يخدم هدف الحسم العسكري لايران في العراق هدفها الثاني وهو تاجيج المواجهة المذهبية والطائفية في الشارع العراقي ووضع اخر مسمار في نعش السلم الاهلي او التعايش السلمي بين المكونين الاساسيين في المجتمع العراقي وهم العرب من سنة وشيعة ، وهو امر ينضج بصورة سريعة فكرة تقسيم العراق على اساس مذهبي – وقومي الى ثلاث دويلات شيعية تشمل مساحة واسعة من احياء بغداد في الرصافة نزولا الى الجنوب حتى الحدود مع الكويت ودويلة سنية تمتد من الكرخ ببغداد باتجاه ابو غريب وصولا الى محافظة الانبار حتى الحدود مع الاردن وسوريا ، وتشمل اطرافا من محافظة ديالى وتتجه شمالا لتشمل مدن محافظة صلاح الدين لتصل الى الموصل وتنتهي على الحدود مع كركوك التى اعلن الكرد انهم لن يتنازلوا عنها بعد سيطرتهم عليها بعد ، واخيرا الدولة الكردية تعد ناجزة عمليا منذ سنوات طويلة حتى في عهد صدام حسين والتى تمتد من محافظة السليمانية مرورا باربيل وصولا الى دهوك حتى حدود زاخو اخر نقطة كردية على الحدود مع تركيا .
هذا التقسيم للدويلات الثلاث هناك ما يغطيه من ناحية دستورية ، حيث بدا البعض من ساسة العراق من المكونين الكردي والشيعي الحديث بجرأة وبصورة غير مسبوقة عن « المادة الاولى « في الدستور العراقي الذي طبخ على نار مشتركة اميركية – ايرانية والقائلة ما نصه « جمهورية العراق الاتحادية (الفدرالية) دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري برلماني اتحادي ديمقراطي تعددي يجري تقاسم السلطة والثروة فيها بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية « .
هذا الانضاج للتقسيم يلقى قبولا واضحا من واشنطن العاجزة عن فعل اي شئ في مواجهة النفوذ الايراني الطاغي ، وبالطبع هو هدف ايراني تاريخي ، كما انه كان ومازال هدفا يراود اسرائيل التى ترى في العراق خطرا تاريخيا عليها وعلى وجودها منذ نبوخذ نصر والى اليوم ، مع رضا « مخفي « وغير معلن من تركيا بعد تفاهماتها السرية مع رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرازاني حول كركوك ونفطها .
الاثنين 2014-06-30