هل يؤدي اكل السكر الى الادمان؟
على الصعيد التطوري، يمتلك الانسان جاذبية طبيعية وقديمة للفاكهه الناضجة، حيث انه يدرك صلاحيتها للاكل عن طريق مذاقها الحلو. هنالك من يفسر هذا الامر ليس فقط عن طريق مقارنة الطعم الرائع للفاكهه الناضجة مع الطعم الخالي من النكهة في الفاكهه الفجة، انما ايضا عن طريق الجاذبية الطبيعية لدى الانسان في البحث عن الطاقة المتاحة، في هذه الحالة عن السعرات الحرارية التي يتحدد مصدرها بالطعم الحلو. ولكن، هل جاذبيتنا الطبيعية والفطرية نحو اكل السكر هي مجرد شغف قوي؟ ام ربما يكون الامر ادمانا حقيقيا يشمل التعلق الجسدي واعراض الفطام؟
ما زال الخبراء غير متاكدين من امكانية ادمان الناس وتعلقهم الجسدي بالسكر، على الرغم من الدراسات المختلفة على الحيوانات التي اثبتت احتمال حدوث هذا الامر. فقد اظهرت التجارب التي اجريت على الحيوانات المختلفة انه عند استهلاك كمية كبيرة من السكر ثم التوقف المفاجئ عن ذلك، تحدث تغيرات في مستويات الدوبامين (Dopamine) في الدماغ، والتي تشيرالى انماط انشطة الدماغ والتوازن الكيميائي لدى مدمني المخدرات.
خلافا لتعاطي المخدرات، لا يؤدي التوقف عن تناول السكر الى حدوث ظواهر جسدية شديدة، ولكن قد يعاني الاشخاص الذين لديهم شغف قوي ودائم للسكر من عرض واحد او اثنين من اعراض التعلق، لدى توقفهم الفوري عن استهلاك السكر المنتظم. وكدليل على ذلك، هنالك العديد من الاشخاص الذين يواصلون استهلاك السكر على الرغم من نصيحة الطبيب لهم بالتوقف عن استهلاكه بسبب وجود مشكلة طبية. ولا تقل هذه الامثلة اهمية عنها لدى الاشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين يجدون صعوبة في التخلي عن وجبة الحلويات اليومية الخاصة بهم.
هل هنالك علاقة بين اضرار السكر ومستوى الكوليسترول في الدم؟
وجد الباحثون علاقة بين استهلاك السكر وبين المستويات غير السليمة من الكوليسترول في الدم، اي ان هنالك علاقة بين وجود السكر في الدم وبين المستويات المنخفضة من البروتين الشحمي المرتفع الكثافة (HDL)، وهو الكوليسترول الجيد في الدم. وقد وجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الاميركية، ان الاشخاص الذين تناولوا كميات كبيرة من السكر عانوا من ارتفاع في مستوى ثلاثي الغليسريد (الدهنيات) في الدم، ومن انخفاض في كمية الكوليسترول الجيد في الدم (HDL).
تحتوي علبة المشروب الغازي الواحدة على حوالي 8 مكعبات من السكر.
كشفت هذه الدراسة ان اكل كمية كبيرة من السكر تضاعف احتمال حدوث انخفاض في مستوى الـ HDL في الدم، بثلاث مرات. وتؤدي الكميات المنخفضة من الكوليسترول الجيد الى زيادة احتمال تطور امراض القلب. في المقابل، وجدت لدى الاشخاص الذين استهلكوا كمية اقل من السكر كميات منخفضة من ثلاثي الغليسريد ومستويات مرتفعة من الـ HDL، التي قد تحمي من الاصابة بامراض القلب.
هل يؤدي السكر الى نشوء مرض السكري؟
لا يؤدي اكل السكر في حد ذاته الى نشوء مرض السكري، ولكن اثبتت دراسة كبيرة العلاقة بين استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر وبين تطور داء السكري. وقد اشارت نتائج هذه الدراسة الى ان السبب الحقيقي لتطور مرض السكري هو السمنة المفرطة نتيجة لشرب المشروبات المحلاة، وليس السكر نفسه.
هل يؤثر اكل السكر على صحة الاطفال؟
يشدد اطباء الاطفال على اهمية الحفاظ على استهلاك معتدل للسكر لدى الاطفال. يجب علينا ان نتذكر ان السكر بحد ذاته لا يسبب المشاكل، بل تكمن المشكلة في السمنة المفرطة الناجمة عن اكل كمية كبيرة من السكر. من المهم لفت الانتباه الى عادات تناول الطعام لدى الاطفال والحرص على استهلاكهم للسكر، حيث ان لدى الاطفال في هذه السن ميلا كبيرا الى استهلاك كميات كبيرة من الحلويات، العصائر الطازجة، المشروبات المحلاة، الشوكولاتة، حبوب الصباح المحلاة بالسكر، الكوكيز وغيرها.
لا تؤدي هذه الاطعمة الى حدوث السمنة المفرطة، فقط، وانما قد تطور لدى الاطفال عادات التغذية السيئة التي من شانها ان تزيد من احتمال الاصابة بالسمنة المفرطة في المستقبل. كذلك، فان الاطفال الذين يقضون ساعات طويلة على العاب الحاسوب ومشاهدة التلفاز، يكونون اكثر عرضة لاحتمال نشوء السمنة المفرطة في سن مبكرة. وفيما يتعلق بمسالة العلاقة بين اكل السكر والنشاط الزائد عند الاطفال، فلم يتم العثور على ادلة علمية لهذا الامر، على الرغم من ابلاغ الاهل في بعض الاحيان بان الاطفال ينشطون اكثر من المعتاد بسبب تاثير السكر ومنتجاته المختلفة.
هل يزيد تاثير انواع معينة من السكر عن تاثير انواع اخرى؟
يؤكد العديد من الطهاة على الفوائد المختلفة لاستبدال السكر الابيض بالسكر البني، سكر العسل وغيرها. ولكن لا يعتبر هذا الامر حقيقيا، بصرف النظر عن الفوائد الصحية المحتملة لهذه المواد، بالاضافة الى السكر، حيث ان اساس السكر هو نفسه وفي جميع الانواع يكون السكر بسيطا.
عدد السعرات الحرارية في السكر الابيض هو العدد نفسه الموجود في اي نوع اخر من المحليات التي تعتمد على السكر. ولكن هنالك ميزة واحدة محتملة لهذه المحليات وهي ان بعضها غني بشراب القيقب (Maple syrup)، العسل وغيره. وعلى الارجح، فان طعمها الحلو يكون اكثر قوة، الامر الذي قد يقلل من استهلاك كمية السكر والسعرات الحرارية الناجمة عن هذه المحليات.
اما بالنسبة للشائعات التي تزعم بان مواد التحلية الاصطناعية تزيد من احتمال الاصابة بالسرطان، فيؤكد الباحثون في هذا المجال انه قد تمت المصادقة على استخدام هذه المواد من قبل ادارة الاغذية والادوية (FDA) ولذلك فانها امنة تماما. يمكن استخدام مواد التحلية الاصطناعية كوسيلة جيدة لاستهلاك عدد اقل من السعرات الحرارية، ولكن يجب الحفاظ على العدد الصحيح من السعرات الحرارية، حيث يميل العديد من مستهلكي مواد التحلية الاصطناعية الى الشعور بانهم "بذلوا ما في وسعهم" ويسمحون لنفسهم بالمبالغة في تناول الكعك والكوكيز مع المشروب المحلى صناعيا.