بين مملكة الصهاينة وممالك الصليبيين!
<< الخميس، 14 أغسطس/آب، 2014 حلمي الأسمر
خصص الباحثون الصهاينة وقتا ثمينا ومالا وفيرا لقراءة ودراسة الحروب الصليبية التي شنتها أوروبا على بلادنا، سر اهتمام الصهاينة بهذا الأمر ناتج عن شعورهم أنهم غرباء عن بلادنا وأن مصيرهم لن يختلف عن مصير الصليبيين، لهذا درسوا تلك الحروب معمقا واستبطنوا أسباب انهيار تلك الممالك، كي لا يصلوا إلى ما وصلت إليه تك الممالك.. يكاد الباحثون يتفقون على أن انهيار ممالك الفرنجة يعود إلى ثلاثة عوامل..
-1- ضعف الفكرة، تراجع الفكرة الصليبية وقدرة المجتمع على تحمل تبعاتها، ويقابلها في إسرائيل تآكل الفكرة الصهيونية، بعد رحيل «الآباء المؤسسين» حيث تحول المجتمع اليهودي في فلسطين المحتلة إلى تجمعات بشرية باحثة عن الرفاه والمتعة، والحياة الرغدة، وتراجعت الأيديولوجيا التي حركت همم مؤسسي الكيان، وخاصة من يسمون «جيل الصابرا» وهم الجيل الصهيوني الأول الذين ولدوا في فلسطين، وسموا كذلك إلى قدرتهم على مسك «كوز الصبر» بأيديهم، مع ما فيه من أشواك، دلالة على الخشونة!
-2- انهيار الجسر، والمعنى هنا حين أدارت أوروبا للممالك الصليبية ظهرها وكفت عن إمدادها بالمساعدات، بعد أن شغلتها مشاغلها الخاصة وقل اهتمامها بالمشروع الصليبي، ويقابله في إسرائيل قلة بداية ارتخاء الاهتمام الأوروبي والأمريكي بالمشروع الصهيوني في فلسطين، بعد ان انهارت صورة «اليهودي الضحية» وتحولت إلى الصهيوني القاتل، كما أن نظيرة أن إسرائيل ذخر استراتيجي للغرب، و رأس حربة الاستعمار الغربي، لم يعد لها ذلك البريق، وفقدت كثيرا من أهميتها، بسبب وجود أنظمة تحرس المصالح الغربية أكثر من إسرائيل، وهنا بدأ الحديث في إسرائيل عما يسمونه (نزع الشرعية الدولية عن اسرائيل) باعتبارها مشروعا استعماريا عنصريا بعد أن تهشمت صورة «واحة الديمقراطية» أو الفيلا في الغابة، على حد تعبير إيهود باراك!
-3- التغير في البيئة المحيطة ، في حالة الحروب الصليبية بروز حالة ممانعة ومقاومة للمشروع الصليبي مثله آل زنكي وعدد من قادة المسلمين، وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين، ومعه جماهير من أهل مصر وبلاد الشام، وبقية بلاد الأمة، وفي الحالة الإسرائيلية، هناك ثورات الربيع العربي، وحالة الوعي الجماهيري بعد انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة، مع ما صاحب هذا الانتصار من محاولات مريرة لتشويهه وإفراغه من محتواه، وهدره في المعترك السياسي، كي لا تكون له أي ثمار ذات مغزى، ويكفي هنا أن نستشهد بكلام الحاخام» أمنون إسحاق» أبرز زعماء اليهود المتدينين في إسرائيل» الحريديم»
الذي ربط بين هزيمة إسرائيل في غزة ونهاية العالم، معتبرا أن انهيار قوة إسرائيل في الوقوف أمام العدو إلى هذا الحد « المهين» من علامات الساعة، ويتوقع بعدها أن يخرج المسيح المنتظر، مضيفا» نرى أن هذا يحدث يوميا .. يقترب بشكل كبير.. ولا نتحدث عن حزب الله أو إيران أو سوريا أو أي أحد آخر .. فقط نتحدث عن ألف مقاتل من حماس»!
فإذا ربطنا بين هذه القرائن وبين دراستين استراتيجيتين (الأولى روسية والثانية أمريكية) وأخرى رقمية تتنبأ بانهيار إسرائيل حوالي العام 2025، ندرك أننا أمام حالة حقيقية، وليست ذرائعية، والبحث يطول، ولا يتسع له مقال!