منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Empty
مُساهمةموضوع: الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -   الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Emptyالأحد 05 أكتوبر 2014, 11:25 am

الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -



دولة الخلافة العثمانية
لقد كان القرن السابع الهجري، (الثالث عشر الميلادي) فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي بأسره، ففي الوقت الذي تقدمت فيه جحافل المغول الوثنيين من الشرق، وقضت على الخلافة العباسية في بغداد كانت بقايا الجيوش الصليبية لا تزال تحتل أجزاء من شواطئ فلسطين! ومما زاد الحالة سوءًا أن الدولة الأيوبية التي تولت حماية العالم الإسلامي من هجمات الصليبيين أخذت تضعف بعد وفاة منشئها صلاح الدين. وقد ترتب على هذا أن أخذت مناطق المسلمين تتقلص بين ضربات الوثنيين من الشرق، وحملات المسيحيين من الغرب. وراح بعض الناس يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة مرة أخري، إلا أن الكارثة لم تقع. تُرى ما سبب ذلك؟ يقول المؤرخون: هناك سببان:

أولهما: أنه بالرغم من انتصار المغول على المسلمين في ميدان الحرب فإن الإسلام انتصر عليهم في ميدان العقيدة، ففي أقل من نصف قرن دخل المغول الإسلام، فأصبحوا يدافعون عنه، وينشرونه بين أهليهم في أواسط آسيا.
أما ثانيهما فهو أن دولة المماليك التي خلفت الأيوبيين على مصر في سنة 648هـ/1250م، كانت دولة عسكرية قوية يرأسها قواد الجيش من المماليك.
وكان هؤلاء المماليك، وهم من الأتراك والأرمن وغيرهما، قد وصلوا إلى المناصب العالية في الجيش أثناء حكم الأيوبيين.
وأخيرًا، تولوا الحكم، وعينوا من بينهم السلاطين للدولة، وقد كان لهؤلاء المماليك الفضل في إيقاف زحف المغول عند "عين جالوت" سنة 658/1260 م، كما انتزعوا من الصليبيين "عكا" وكانت آخر معقل لهم في الشرق سنة 692هـ/1292م.

أصل العثمانيين:
يقول المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر وأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي "آسيا الصغري" في أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، ثم امتدَّت فتوحاتها إلى ثلاث قارات هي : آسيا وأوربا وإفريقية. وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم عامة والإسلام خاصة، فكيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟ ومَنْ هم؟ ومن أين جاءوا؟
أسئلة كثيرة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الأتراك العثمانيون، ويتساءل الكثيرون عن أصلهم، ولابد من طرح هذه الأسئلة قبل الحديث عن حكمهم وفتوحاتهم.
يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا، وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
وفي أيام الدولة الأموية، تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم، إلا أنهم لم يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في أوائل العصر العباسي. وقد قربهم الخليفة المعتصم -كما عرفت- حين أراد أن يقضي علي سيطرة الفرس الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.
وفي أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي جاءت موجة أخري من الأتراك (المعروفين بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"، وقضوا علي نفوذ البويهيين في بغداد، وخلصوا الخليفة العباسي من استبدادهم، وتقدموا حتى هددوا القسطنطينية، فتكتل المسيحيون في أوربا، وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة في ملاذكرد، وقاموا بتلك الحروب الصليبية التي أمدَّت في عمر القسطنطينية أربعة قرون.

كيف تكونت دولة الأتراك العثمانيين؟ 
في حوالي سنة 622هـ/1224م كانت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان تتقدم إلي الغرب في اتجاه الدولة العباسية.
ومن بين الذين فروا أمام الزحف التتري مجموعة من الترك كانت تسكن منطقة "خُوارزم"، فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري بالقرب من دولة "سلاجقة الروم" سنة 1250م تقريبًا. وهناك اتصل قائدهم "أرطغرل" بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم (وهم فرع آخر من نفس الجنس التركي)، فوافق علاء الدين علي وجودهم، ومنحهم منطقة حول أنقرة ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين. فلما وصلت جيوش المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف "أرطغرل" إلي جانب "علاء الدين"، حيث تمكنا من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة.
بعد وفاة "أرطغرل" سنة 688هـ/1288م، عُيّن ابنه "عثمان" خلفًا له، فكان قويّا محبوبًا بين أهله، ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛ مما أثار حسد وزرائه.
فلما مات علاء الدين كثرت المؤامرات، وضعفت الدولة، فاغتنم عثمان الفرصة، واستقل عن السلاجقة، وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه، وهكذا تأسست الدولة العثمانية، وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.
وبذا فقد نسبت تلك المجموعة من الأتراك إلى هذا الرجل العظيم "عثمان" فسموا الأتراك العثمانيين؟ وكان الإسلام هدف العثمانيين وشعارهم، له يعملون، وفي سبيله يجاهدون ويحاربون.

فتوحاتهم المباركة: 
كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛ فلم يكن هناك ما يقف في طريق توسعها؛ حيث إن الإمبراطورية البيزنطية خرجت بعد الحروب الصليبية وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.
ويذكر المؤرخون أَنَّ حملة من الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية نفسها سنة 602هـ/1204م ، ولم تتخلص عاصمة البيزنطيين منهم إلا بعد أكثر من ستين عامًا، فلما شرع عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية وجد الطريق مفتوحًا أمامه.
وقد واصل ابنه "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية" وخضعت له آسيا الصغرى (تركيا)، كما تمكن من عبور "الدردنيل"، والوصول إلى "مقدونيا" غير أنه لم يتقدم نحو أوربا.
وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته، فأنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية (أى الجنود الجدد) .وكان هذا الجيش مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.
فتم تدريبهم منذ الصغر على الإسلام والعسكرية، وأعدت لهم معسكرات وثكنات يعيشون فيها حتى لا يختلطون بغيرهم، مهمتهم التي أعدوا لها هي الدفاع عن الإسلام مع الفرسان من العثمانيين، فيشبون أقوياء الجسم، مطيعين لقوادهم الذين لايعرفون غير الطاعة الكاملة.. أتدري مَنْ أول من استخدم هذا الجيش استخدامًا فعالا؟

السلطان مراد الأول: 
إنه السلطان "مراد الأول" ابن "أورخان" وكان مراد نفسه جنديّا شجاعًا قرر أن يشن حربًا على أوربا بأسرها.
لقد أراد أن ينتقم من الأوربيين لاعتدائهم على الإسلام والشرق أثناء الحروب الصليبية.هذا بالإضافة إلى حماسه للإسلام، وحبه له وللدفاع عنه ضد أعدائه، ورغبته في نشر الإسلام في بلاد الكفر، وتبليغ دعوة الله إلى العالمين، فمن المعروف أن الأتراك من أقوى الشعوب حماسة، ومن أقواهم عاطفة تجاه الإسلام والمسلمين، وكان سمتهم في تعاملهم مع الأسرى سمتًا إسلاميّا يدل على فهمهم للإسلام ولمبادئ الحرب والقتال في الإسلام، وهذا ما شهد به أعداؤهم.
لقد عبرت جيوشه الدردنيل (كما فعل والده من قبل)، واحتل مدينة "أدرنة"، وجعلها عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة "بروسّة"، وبذلك يكون قد نقل مقر قيادته إلى أوربا استعدادًا لتأديب وإخضاع تلك القارة المعتدية!
شملت فتوحات "مراد": مقدونيا، وبلغاريا، وجزءًا من اليونان والصرب، كما هدد القسطنطينية، وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.
لكن واأسفاه، قتل مراد في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م، في الوقت الذي كانت فيه جيوش المسلمين الظافرة تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.

السلطان بايزيد: 
فمن يا تُرى يخلفه؟ لقد خلفه ابنه "بايزيد" ومن شابه أباه فما ظلم.كانوا يلقبونه (بالصاعقة)، وذلك لسرعة تحركاته في ميادين القتال وانتصاراته الخاطفة.أتدري ماذا حقق من انتصارات بعد أبيه؟ لقد أتم فتح اليونان. أما الدولة البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية وحدها.
لقد بلغ "بايزيد" من القوة ما جعله يمنع إمبراطور القسطنطينية من إصلاح أحد حصون المدينة فيذعن الإمبراطور لأمره، وينزل عند رأيه. وكانت نتيجة هذا الجهاد المقدس انتشار الذعر في جميع أنحاء أوربا، فقام البابوات في روما ينادون بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة 489هـ/1095م، وتجمعت فرق المتطوعين من فرنسا وألمانيا وبولندا وغيرها وقادهم سِجِسْمُنْد المجري.
وفي سنة 799هـ/1396م اشتبك معهم "بايزيد" في معركة "نيقوبولس" وهزمهم هزيمة نكراء، فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك الكارثة، وانتابها الذعر والقلق. وراحت أوربا تخشى مصيرها الأسود القاتم إذا تقدم ذلك القائد المظفر نحو الغرب.
أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش بايزيد!

هجوم التتار: 
في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة العثمانية إلى هجمات التتار، وكانت هذه هي الموجة الثانية (بعد تلك التي قام بها هولاكو) جاء على رأسها تيمورلنك، فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من سوريا، ثم اتجه شمالا نحو الدولة العثمانية.
ولما شعر بايزيد بذلك الخطر أوقف تقدمه في أوربا كما رفع الحصار عن القسطنطينية، واتجه جنوبًا لملاقاة العدو.
وفي سنة 805هـ/1402م تقابل بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من أنقرة، ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصر فيها حليفًا لقوات التتر! ووقع "بايزيد" في أسر عدوه تيمورلنك الذي عذبه عذابًا شديدًا. ويقال: إنه سجنه في قفص، وطاف به أجزاء مختلفة من الدولة حتى مات من شدة التعذيب.
ترى هل كانت هذه الهزيمة نهايةً للأتراك العثمانيين؟ لا؛ فقد انتعشوا مرة ثانية، وقاموا بأعمال تفوق تلك التي قام بها "عثمان" و"مراد" و"بايزيد".

سقوط القسطنطينية: 
مرت على الدولة العثمانية فترتان بين إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.كانت الفترة الأولى واقعة بين استقلال عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة 805هـ/1402م.
أما الفترة الثانية، فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة 816هـ/1412م حتى فتح القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.
وكانت المدة الواقعة بين هاتين الفترتين -وهي عشر سنوات- مدة قلاقل واضطرابات.
ولكن ماذا فعل تيمورلنك بعد موقعة أنقرة وأسر بايزيد؟

عودة تيمورلنك إلى بلاده:
بعد موقعة أنقرة تراجع تيمورلنك، فلم يكن قصده احتلال آسيا الصغري، بل كان كل همه وأمله أسر بايزيد، أمَا وقد تحقق له ما أراد، فليرجع إلى بلاده، لقد ترك البلاد مهزومة مفككة، وترك أولاد بايزيد يتحاربون فيما بينهم من أجل الملك.
واستمرت فترة حكمه حوالي ثماني سنوات، أخذ يعمل فيها بحكمة وتعقل؛لكي يدعم سلطانه داخل الدولة، فاتبع سياسة المهادنة والصداقة مع كل الأعداء.
لقد عقد هدنة مع إمبراطور القسطنطينية، وقد رحب الإمبراطور بتلك الهدنة؛ لأنه هو الآخر كان في حالة ضعف شديد نتيجة ضربات بايزيد المتوالية على دولته.
أما السلاجقة، فقد ترك لهم "السلطان محمد" كل الأراضي التي تحت أيديهم، وتفادي أي اشتباكات معهم، وركز كل همه في توطيد سلطانه في الداخل، وكان له ما أراد.

السلطان مراد الثاني: 
فلما توفي "محمد" وخلفه ابنه "مراد الثاني" سنة 825هـ/1421م، كانت حالة الدولة العثمانية تمكنها من اتخاذ بعض الخطوات الهجومية وقد كان.
فلقد استردّ "مراد الثاني" ما أخذه السلاجقة من أراضي العثمانيين، واستعاد العثمانيون ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني، فاتجهوا إلى أوربا.
ولكن أوربا لم تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس" وما لحق بها من عار، فراحت تكون جيشًا كبيرًا من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين، وهاجمت ممتلكات الدولة العثمانية في "البلقان".
وفي البدء تمكن المسيحيون من إحراز عدة انتصارات على جيوش مراد، إلا أن السلطان "مرادًا" جمع قواته، وأعاد إعدادها وتشكيلها حتى التقى مع أعدائه سنة 849هـ/1444م، فأوقع بهم الهزيمة، وعلى رأسهم ملك المجر "فلادسلاق" وصدهم حتى نهر الدانوب.
رعاك الله يا مراد، لقد أعدت الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه أيام جدك بايزيد.
وهكذا لما توفي "مراد الثاني" في "أدرنة" سنة 856هـ/ 1451ترك لابنه محمد الثاني المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان، عالية البنيان، رافعة أعلامها، متحدة ظافرة منتصرة.

فتح القسطنطينية :
كان أول هدف لمحمد الفاتح القضاء علي القسطنطينية، تلك المدينة التي صمدت أمام كل الهجمات الإسلامية من عهد معاوية ابن أبي سفيان في منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن الخامس عشر.
لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين من قادة الإمبراطورية الإسلامية وخلفائها، وفخرًا حاول الكثيرون أن ينالوه ويحظوا به، ولم لا وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش". [أحمد والحاكم].

السلطان محمد الفاتح: 
جاء محمد الثاني (محمد الفاتح) وكان مع الفتح على موعد، فعقد العزم على فتحها، وإضافتها إلى العالم الإسلامي الكبير، ولم يكن هذا هو هدفه الوحيد، بل كانت هناك عوامل كثيرة تحركه وتدفعه إلى تحقيق هذا النصر وذلك الفتح العظيم، أيقال: إنه فتح الفتوح؟! أم أيقال: إنه فتح باركته ملائكة السماء؟!
وكيف لا، والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس في القرن السابع الميلادي، وظلت تصطدم مع المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، وفي خلافة الأمويين والعباسيين وما بعدها!
وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف الدولة الإسلامية فتغير عليها، وتنتزع بعض أراضيها.
ولا يخفى أن بعد موقعة "ملاذكرد" في القرن الحادي عشر أصبحت القسطنطينية نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة، ومناطق نفوذ المسلمين الأخري.
ولا ينسى أحد للقسطنطينية أنها في سنة 768هـ/1366م، تحالفت مع روما ودول أوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في "نيقوبولس".
ولم يَنْسَ خلفاء الدولة العثمانية للقسطنطينية أنَّها في سنة 846هـ/1441م تآمرت مرة أخرى مع ملوك البلقان ضد مراد الثاني، إلا أن الله نصر مرادًا عليهم فقضى على تحالفهم، وشتت شملهم، وَفرَّق جموعهم.
فلْيقضِ محمد الفاتح على تلك القلعة الحصينة التي كثيرًا ما ضربتهم من الخلف، إن هو أراد أن يستمر في فتوحاته الأوربية.
وراح محمد الفاتح يضع الخطة بإحكام، عقد هدنة مع ملوك المسيحيين في البلقان لمدة ثلاث سنوات. واستغل هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية وتأمينها. ثم ماذا؟ ثم جهز جيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي، واتجه بهم نحو القسطنطينية وحاصرها، ومع أن حامية القسطنطينية لم تكن تزيد على 8000 جندي إلا أنها كانت محصنة جدّا، فالبحر يحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوار منيعة، وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على بني أمية وبني العباس.
وقد كان تأخر سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين هو السبب في تأخر انهيار الدولة البيزنطية، فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط الدولة بأكملها، ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند البيزنطيين؛ بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها، وقد تأخر سقوط الدولة البيزنطية لمدة ثمانية قرون كاملة، على عكس الدولة الفارسية التي سقطت وزالت مبكرًا نتيجة سقوط "المدائن" عاصمتها في وقت قصير.
إلا أن الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها محمد الفاتح.
وكان العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود-الذي يرجع الفضل في اكتشافه إلى العلماء المسلمين-مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة الفائدة.
وإلى جانب هذا وذاك، فإن الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثير من أسطول البيزنطيين، فحاصر المدينة من جهة البحر، وأغلق مضيق البسفور في وجه أية مساعدة بحرية.
واستمر الحصار ستة أسابيع، هجمت بعدها الجيوش الإسلامية، وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار، ولكن الحامية المسيحية- برغم قلتها- دافعت دفاعًا مريرًا، ومع ذلك فقد دخل محمد الفاتح القسطنطينية، وغير اسم القسطنطينية إلى "إسلام بول" (أي عاصمة الإسلام)، ولكنها حرفت إلى إستامبول، كما جعل أكبر كنائس المدينة (أيا صوفيا) مسجدًًا بعد أن صلى فيه الجيش الفاتح بعد النصر، أما المسيحيون فلم يعاملهم بما كانوا يعاملون به المسلمين، لقد ترك لهم حرية العبادة، وترك لهم بطريقَهُم يشرف على أمورهم الدينية.

تسامح المنتصر:
وقد وصف فولتير الفيلسوف الفرنسي الشهير موقف المنتصر المسلم من المهزوم المسيحي بقوله : إن الأتراك لم يسيئوا معاملة المسيحيين كما نعتقد نحن، والذي يجب ملاحظته أن أمة من الأمم المسيحية لا تسمح أن يكون للمسلمين مسجد في بلادها بخلاف الأتراك، فإنهم سمحوا لليونان المقهورين بأن تكون لهم كنائسهم، ومما يدل على أن السلطان محمد الفاتح كان عاقلا حكيمًا تركه للنصارى المقهورين الحرية في انتخاب البطريق، ولما انتخبوه ثبته السلطان وسلمه عصا البطارقة، وألبسه الخاتم حتى صرح البطريق عند ذلك بقوله : إني أخجل مما لقيته من التبجيل والحفاوة، الأمر الذي لم يعمله ملوك النصارى مع أسلافي.
هذه هي حضارة الإسلام ومبادئه في ميدان الحرب والتسامح مع أهل الأديان الأخري، على خلاف النصارى في حروبهم مع المسلمين سواء في الحروب الصليبية أو في الأندلس أو في العصر الحديث في كل مكان، فإنهم يقتلون الأبرياء، ويحرقون الأخضر واليابس، ويخربون بيوت الله، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
ولم يكتف "محمد الثاني" بهذا النصر، بل سار إلى أعدائه في الغرب، وأخضع معظم دول البلقان، إلى أن وصل إلى بحر الأدرياتيك، وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين حتى نهر الفرات فهزموا السلاجقة، واستولوا على جميع أراضيهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -   الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Emptyالأحد 05 أكتوبر 2014, 11:26 am

آخر خليفة عباسي:
وجاء "السلطان سليم" بعد محمد الفاتح، فدخلت الجيوش الإسلامية الجزيرة العربية بأسرها، وعَرَّجوا على مصر فقضوا علىحكم المماليك فيها، وضموها لممتلكاتهم.
وفي مصر، وجد السلطانُ سليم آخرَ سلالة الخلفاء العباسيين واسمه "المتوكل على الله الثالث"، وطلب منه أن يتنازل له عن الخلافة فقبل، وقد يتساءل: كيف يكون هناك خليفة عباسي مع أن التتار قضوا على الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ.
الواقع أنه بعد مقتل الخليفة المستعصم في بغداد تمكن بعض أفراد أسرته من الهروب إلى مصر، فآواهم سلاطين المماليك، ولقبوا أحدهم خليفة، وكانت خلافة رمزية، الغرض منها إكساب دولة الخلافة سمعة كبيرة بوجود الخليفة فيها.
واستمرت سلالة هؤلاء الخلفاء حتى سنة 924هـ/1518م، عندما دخل السلطان سليم مصر وهزم المماليك، ولما أراد العودة إلى العاصمة إسلام بول أخذ معه الخليفة المتوكل على الله الثالث الذي تخلى للسلطان سليم عن الخلافة، وسلمه الراية والسيف والبردة سنة 925هـ/1518م.

سقوط الخلافة العثمانية: 
وهكذا انتقلت الخلافة إلى الدولة العثمانية، واستمرت فيها حتى سنة 1342هـ/1923م، حتى ألغاها مصطفى كمال أتاتورك ونقل العاصمة إلى أنقرة عاصمة تركيا الحديثة، وألغى اللغة العربية في 1342هـ/3 مارس 1924م.
وكان اليهود قد حاولوا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني التأثير عليه بشتى الوسائل، وإغرائه بالمال، ليسمح بتأسيس وطن قومي لليهود، فأبي، وقال : تقطع يدي ولا أوقع قرارًا بهذا، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة، فلن أسود صحائف المسلمين من آبائي وأجدادي السلاطين والخلفاء العثمانيين. وتجمعت كل القوى المعادية للإسلام لتقضي على الخلافة، فكان لهم ما أرادوا، وتفرق شمل المسلمين، واستبيحت ديارهم، فإنما يأكل الذئب من الغنم الشاردة، وها نحن أولاء نشهد حربًا تدور في الخفاء والعلن ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان، ولا خلافة لهم تجمع كلمتهم وتدافع عنهم.

منجزات الخلافة العثمانية: 
1- فتح القسطنطينية، وتحقيق حلم وأمل المسلمين.
2- وقوف السلطان عبد الحميد في وجه اليهود بقوة، ومنعهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. فيروى أنه بعد عقد مؤتمر بال بسويسرا 1336هـ/1897م والذي قرر اتخاذ فلسطين وطنًا قوميّا لليهود، ذهب (قره صو) إلى الخليفة عبد الحميد، وذكر له أن الحركة الصهيونية مستعدة أن تقدم قرضًا للدولة، قدره خمسون مليونًا من الجنيهات، وأن تقدم هدية لخزانة السلطان الخاصة قدرها خمسة ملايين من الجنيهات، نظير السماح لليهود بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فصرخ الخليفة في حاشيته قائلا:من أدخل على هذا الخنزير. وطرده من بلاده، وأصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
3- من أبرز خدماتها للمسلمين أنها أخرت وقوع العالم الإسلامي تحت الاحتلال الأوربي، فما إن زالت الخلافة الإسلامية حتى أتى الغرب على دول المسلمين يبتلعها دولة بعد الأخرى، وقد وقف السلطان سليم الأول ومن بعده ابنه بقوة إلى جانب دولة الجزائر ودول شمال إفريقية وساعدهم في مقاومة الاحتلال الأوربي في بداية الأمر عندما استغاث خير الدين بالسلطان سليم فأمده بالعدة والعتاد.
4- دفاعهم عن الأماكن المقدسة، فعندما حاولت قوات الأسطول البرتغالي (مرتين) أن تحتل جدة وتنفذ منها إلى الأماكن المقدسة في الجزيرة، وقفت في وجهها الأساطيل العثمانية، فارتدت على أعقابها خاسرة، بل إن القوات البحرية أغلقت مضيق عدن في وجه الأساطيل البرتغالية، فكان عليها أن تأتي بالشحنات التجارية وتفرغها في مضيق عدن، ويقوم الأسطول الإسلامي العثماني بتوصيلها إلى عدن والموانئ الإسلامية.
5- ويكفي أن الخلافة العثمانية كانت رمزًا لوحدة المسلمين، وقوة تدافع عن المسلمين وقضاياهم وأراضيهم، بالإضافة إلى الفتوحات الإسلامية، وحرصهم على الإسلام وحبهم له، كيف لا، وقد قامت دولتهم على حب الإسلام بغرض الدفاع عنه.
هذا وقد ظلم التاريخ هذه الخلافة الإسلامية خلافة العثمانيين؛ لأن تاريخها كتب بأيدي أعدائها سواء من الأوربيين أو من العرب الذين تربوا على مناهج الغرب، وظنوا أنها احتلال للبلاد العربية، ولذلك فتاريخ هذه الخلافة يحتاج إلى إعادة كتابة من جديد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -   الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Emptyالأحد 05 أكتوبر 2014, 11:26 am

الوثائق العثمانية و تاريخ الجزيرة العربية

تشكل الوثائق العثمانية مصدرا اصيلا من مصادر كتابة التاريخ الحديث في المنطقة العربية عامة
وشبه الجزيرة العربية والعراق على نحو خاص ذلك ان العثمانيين قد بسطوا نفوذهم على هذه المناطق زمنا طويلا, على نحو كان له الاثر الكبير في تكوين المقدرات السياسية والاجتماعية للمنطقة.
لذا فان الوثائق عماد التاريخ فهو لايستوي قائما على حين يتعهده المؤرخ بالرعاية الا بها.
وحين تنعدم الوثائق او يتعذر وجودها فعلى المؤرخ ان يصمت لانه يفقد الدليل الذي يعني على البيان, فالمؤرخ بلا وثيقة في رحاب التاريخ كالقاضي ينظر قضية في محكمة تغيب عنها شهود الدفاع والادعاء.

وعلى الرغم من اهمية الوثيقة التي هي شاهد عيان على طرف من الاحداث التاريخية, الا انها لا تصنع التاريخ فشهود بعض الاطراف لا يمكن اصدار حكم صريح, فالوثيقة هي الكلمة وهي رغم كونها الوحدة الاساسية في كتاب المؤرخ الذي لاتقوم صناعته الا بها، الا انها مع ذلك ليست مفيدة في حد ذاتها حين توضع عشوائيا جوار اخرى. فالكلمات مالم تنظم لا تؤلف جملة مفيدة كما ان الجمل المفيدة في ذاتها لا تصنع كتابا مالم تنسق وفق خطة محكمة بمعرفة ودراية وصولا الى المعنى المنشود.
فالوثيقة الكلمة التي هي مادة المؤرخ تعني القول بان للتاريخ ركنين : مادة تقدمها الوثيقة , وذهن مؤرخ يتناول هذه المادة ويعالجها بوسائله وفق خطة يشيد عليها البناء.
والوثائق رغم ندرتها مقارنة بالاحداث التي تحكي عنها او الاخرى التي وقعت في زمانها دون ان يذكر شيء عنها , اشكال واصناف . فمن الوثائق ما هو مسجل مكتوب ومنها ما هو محفور او منقوش او مصور .
ومن الوثائق ايضا تلك المعالم الاثرية وتلك المباني التي واراها تراب الزمن ومنها كذلك الاحفورة وكل اثر خلفته الطبيعة في البيئة ومنها بطبيعة الحال كل ما تناقلته الالسنة وحفظته صدور الرجال كابرا عن كابر .
فالوثيقة اذا هي كل اثر ورثناه عن الماضي يعين على كتابة التاريخ . ولكن يبقى ان نقول ان الوثيقة لن تكون جديرة بان تحمل هذه الصفة او ان يلصق بها هذا الاسم وانها لن تصبح فاعلة في صناعة التاريخ مالم يعتمدها المؤرخ بعقله وحسه ودرايته , فالنقد الذي يمارسه المؤرخ على كل وثيقة خارجيا او داخليا سلبا ام ايجابا هو الفيصل بين الوثيقة واللاوثيقة . 
من الكتب المهمة والجيدة والتي يتبع مؤلفها الاعداد العلمي والاكاديمي بين ايدي المؤرخين والباحثين كتاب (من الوثائق العثمانية في تاريخ الجزيرة العربية) وهو من اعداد الدكتور عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم الصادر في مدينة العين الامارات العربية المتحدة بطبعته الاولى عام 2000 والذي يحوي على 493 صفحة من القطع العادي هو من احدث الكتب الصادرة باللغة العربية التي توضح مكانه الوثيقة وأهميتها ومكانتها في كتابة التاريخ وسر أغواره . الكتاب يتحدث عن الوثائق العثمانية في المنطقة الجزيرة العربية والعراق بوجه خاص ويندرج في هذا الباب كل من شبه الجزيرة العربية واليمن ومتصرفية (لواء) عسير والحجاز ونجد والعراق وبغداد كولاية ثم البصرة ومنطقة الخليج بشكل عام .
وتضمن الكتاب انواع الوثائق التي يستعرضها منها داخلية سياسية , داخلية ادارية , داخلية شفرة . داخلية قلم المخصوص . الداخلية المخابرات العامة . محاضر مجلس الوكلاء . الخارجية وقلم مكتوبي التحريات، ارادة مجلس مخصوص، ارادة دخلية، ارادة عسكرية، تصنيف الارادات، ملف المعروضات والرسائل، يلريز متنوع، ادرام بلريز خاصة.
وهذه الوثائق التي تم اختيارها وتصنيفها الى جملة من الموضوعات (الموضحة اعلاه) السياسية والاجتماعية والادارية وتغطي الربع الاخير من القرن التاسع عشر الى أواسط العقد الثاني من القرن العشرين، وبغية التيسير على الباحثين جرى تقسيم المنطقة الى اقاليم جغرافية ادارية جيوسياسية, وحوفظ على التصنيف الذي اعتمد في الارشيف العثماني في استنبول ليسهل الرجوع اليها عند الحاجة.
ولابد من الاشارة الى ان لكل نوع من الوثائق التي سبق ذكرها منهج في النقد العلمي واسلوب معالجة يختلف بعضه عن البعض الاخر. فعدة الاثاري ووسائله غير عدة المؤرخ ووسائله حيث تتنوع هي الاخرى بتنوع اهتمامات المؤرخين فمؤرخ التاريخ القديم تختلف نظرته ومادته ونقده لوثائقها عن مؤرخ التاريخ الوسيط ويختلف الاخير في وسائله وبحدثه في نقد مادته الى حد كبير مع مؤرخ التاريخ الحديث والمعاصر ايضا . اما المؤرخ الذي يتناول التاريخ الثقافي او الاجتماعي. فاساليبه مختلفة تتلاقى وتفترق مع مؤرخ التاريخ السياسي فلكل مجال في تعامله النقدي ولكل منهجه في النقد والتدقيق والتمحيص حتى تصبح الوثيقة بعدئذ موثوقا بها وتصبح ثمة جديرة بحمل اسمها فتدخل بثقة الى مجال صناعة التاريخ .
ولتوضيح ذلك يمكن ان نضيف بان الوثيقة تفصح عن مكنوناتها عند اللقاء الاول هي تلك الوثيقة الرسمية التي تخلو من المشاعر والاحاسيس فهي تتشكل في العادة من الاوراق الرسمية , والمكاتبات الحكومية وفواتير الحسابات وتقارير البعثات الدبلوماسية وغير ذلك من المعاملات التي تجري بين الرؤساء والمرؤوسين في المكاتب المختلفة . 
اما الوثيقة التي لا تفصح ولا تبين الا بعد حين فهي تلك الوثيقة التي تصورها المشاعر والاحاسيس وتشوبها الاهواء وتخالطها المصالح الشخصية . فمثل هذه الوثائق كالشاهد المغرض الذي يعرف الحقيقة ثم يدلس وينحاز الى سواها متعمدا، ونجد ان التعامل مع مثل هذه الوثائق يحتاج الى مؤرخ يملك من السعة في العلم والمعرفة والدراية وفسحة من الصبر ليعيد استجوابها مرة تلو الاخرى ليتحقق من صدق تفاصيل محتوياتها حتى يميز بين حقيقتها وزيفها .
والحقيقة فان مثل هذه الوثائق نادرة الوقوع في المعاملات الرسمية والحكومية عامة ولكنها كثيرة الوقوع ومتواترة في الوثائق العثمانية التي يهتم بها هذا الكتاب بل انها ربما شغلت اكثر ما ورد فيه . ففي العديد من هذه الوثائق العثمانية تختلط الامور حيث تذهب بالمؤرخ مذاهب شتى وتحتاج الى مؤرخ صابر يستقرئها ببعد نظر ليقيم عودها ويصقلها ثم يتعامل معها بعدئذ بكل اناة وتروي .
ان الوثائق العثمانية حينما تتكامل لدى الباحث مع الوثائق البريطانية ستقود في حد ذاتها الى تفسيرات صائبة للاوضاع السياسية والادارية , فالوثائق البريطانية تختلف في مجملها عن الوثائق العثمانية المعاصرة لها (في هذه المنطقة على الاقل) في ثباتها على سياسات معينة صاغتها المؤسسات البريطانية التي التزمت بتحقيق الاهداف الواضحة الجلية لتلك الدولة . فقد كانت بريطانيا تلزم موظفيها وكما هو واضح من وثائق على سنوياتهم كافة بسياستها التي يتعين عليهم تنفيذها او ان يتخلو عن وظائفهم بعكس الموظفين العثمانين او الولاة الذين يقتفون دروبا لا تؤدي الا الى خدمة مصالحهم الخاصة واستغلال الانسان لاستخلاص الميري ومبالغ الالتزام مضافا اليها الرشاوي والاتاوات التي تدخل جيوب الولاة والمتنفذين فمن عجب ما تقرأ في الوثائق محاولات لاحصاء الاغنام في هذه الولاية او تلك المتصرفية في حين لا توجد وثيقة واحدة عن احصاء السكان مثلا ولا عن مؤسسات التعليم والعلاج . ان اهداف الدولة في العراق وشبه الجزيرة العربية لم تكن واضحة لرئاسة الدولة ذاتها في استنبول . لكن المؤرخ يجد في هذه الوثائق (الفعل) و (رد الفعل) الذي غالبا ما يكون بدوره انعكاسا لاهداف شخصية للقائمين بالامر في العاصمة او الولايات .
ومن المهم التعامل موضوعيا مع الوثائق العثمانية التي يجب على المؤرخ التعامل معها بكثير من الدقة للاسباب الموضحة اعلاه .
لقد غطت هذه الوثائق الموضحة بالكتاب مساحة جغرافية شاسعة شملت شبه الجزيرة العربية بساحلها الممتد على طول البحر الاحمر حتى جنوب اليمن ثم تنقطع هناك عن مدن ومناطق الاستعمار والهيمنة البريطانية فلا نجد فيها اي ذكر للمقاطعات الجنوبية من اليمن الا ما كان من امر الاحتكاك في مناطق التماس بين الوجود العثماني والسيطرة البريطانية, كما تغفل هذه الوثائق منطقة عمان بشقيها التي تشكلها دولة الامارات العربية المتحدة حاليا الا فيما يخص علاقاتها مع قطر ونجد احيانا . ام الاحاء والكويت والبصرة فهي من المناطق الجغرافية التي ظفرت بالقدح المعلى من هذه الوثائق وياتي الاختيار للوثائق المتعلقة بالعراق عامة وبالموصل وبغداد خاصة متصلا بالشؤون الادارية والعسكرية والمالية بالبصرة وارتباطها ارتباطا عضويا بمناطق الخليج وشبه الجزيرة العربية .
لقد بذل الدكتور عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم (المعد) وهو المؤرخ الذي عرف عنه اهتمامه الكبير بالوثائق واستعمالاتها جهدا طيبا ومثابرة تنم عن فهم كامل وتام لاهمية الوثيقة ومكانتها مما يدل على خبرته الواسعة ومعرفته المنهجية التي تجعل من هذا الكتاب مرجعا مهما لكل باحث في تاريخ المنطقة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -   الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها - Emptyالأحد 05 أكتوبر 2014, 11:29 am

دارة الملك عبد العزيز تسجل مخطوطات فقدت بعد تدمير الدرعية وتعيد بناء مكتبات الدولة الأولى
في كتاب غير مسبوق يكشف عن النشاط الثقافي والحضاري الذي صاحب قيام الدولة قبل 273 عاما * أئمة الدولة السعودية حولوا الدرعية إلى عاصمة ثقافية تشع منها أنوار العلم * علماء الدعوة الإصلاحية تميزوا بسعة الأفق ولم يفتشوا عن الكتب المخالفة ورفضوا إتلافها أو إحراقها




الرياض: بدر الخريف 
أنجزت دارة الملك عبد العزيز، التي أنشئت قبل 38 عاما، بموجب مرسوم ملكي لخدمة تاريخ السعودية وجغرافيتها وآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية وجمع المصادر التاريخية المتعددة من وثائق مما له علاقة بالسعودية وتصنيفها، أنجزت كتابا مهما يلقي الضوء على جانب مشرق من تاريخ الجزيرة العربية في عهد الدولة السعودية الأولى، ويمهد الطريق أمام دراسات آتية تكمل المسيرة وتنير الطريق، التي تكشف عن النشاط الثقافي والارتقاء الحضاري، الذي صاحب قيام الدولة السعودية الأولى، ويلقي الكتاب الضوء على المكتبات في عهد الدولة السعودية الأولى، الممتدة من عام 1157هـ إلى عام 1234هـ (1744 – 1818)، ويبين العوامل التي كانت وراء انتقال ما ضمته رفوف تلك المكتبات من مخطوطات وكتب قيمة، ويعيد أبرز تلك العوامل إلى الحملات العسكرية العثمانية، التي أسهمت بشكل مباشر في نقل هذه المخطوطات.وقدم الكتاب، الذي أعده الباحث والمؤرخ حمد بن عبد الله العنقري، بصورة غير مسبوقة، تحقيقا لوثيقة عثمانية خاصة، تعرض الكتب التي انتقلت من مكتبات الدولة السعودية الأولى إلى المدينة المنورة، ويمهد بين يديها بدراسة تحليلية توضح المصادر التي جلبت منها تلك الكتب، التي من أبرزها الحجاز واليمن والعراق، يبين الطرق التي يتم بها تداول تلك المخطوطات في عصر الدولة السعودية الأولى، ومن أهم تلك الطرق النسخ والاستكتاب والبيع والشراء والتوارث والإهداء والإعارة والوقف، كما يشير الكتاب إلى نوادر من المخطوطات المنقولة إلى مكتبة المدرسة المحمودية، مقسما إياها إلى نسخ خزائنية ونسخ بخط مؤلفيها أو أحد العلماء، أو قرئت على أحد منهم، كما يعدد أنواع المكتبات في ذلك العهد موزعة بين مكتبات للأسر ومكتبات للأفراد.
وأبرز الكتاب مخطوط «شرح مختصر الخرقي» لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الزركشي، ويعد هذا الكتاب أول المتون في المذهب الحنبلي وأشهرها، وهذه المخطوطة من محفوظات مكتبة المدرسة المحمودية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، وتتميز بتملك الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود آل سعود الإمام الثاني للدولة السعودية.
وقد أمر يرحمه الله بوقفها، وتدوين وقفية عليها نصها «هذا الكتاب وقف على طلبة العلم، وقفه عبد العزيز بن سعود، وشهد على ذلك عبد الله بن الشيخ، وكتبه وشهد به حمد بن ناصر، وصل الله على محمد وسلم». وقد نسخ المخطوط بحمص في 11 جمادي الآخرة سنة 900هـ، بخط حسن بن علي بن إبراهيم بن محمود والمردادي الحنبلي.
وفي تقديمه للكتاب، الذي حمل عنوان «مكتبات الدولة السعودية الأولى المخطوطة، دراسة تحليلية لعوامل انتقالها واندثارها بعد سقوط الدرعية» أوضح الدكتور فهد بن عبد الله السماري، أن الدولة السعودية الأولى قد قامت نتيجة عوامل تاريخية، من أبرزها حاجة البلاد والعباد إلى توحيد الصف ولم الشمل، ونشر الأمن وإقامة الشرع الإسلامي المطهر سالما من خرافات المبتدعين، وطرد جحافل الجهل بقناديل المعارف، وإتاحة الفرصة لسكان هذه المنطقة، لينعموا بالعيش الرغيد الهانئ، بعد أن قاسوا ويلات التفرق، وعانوا من الأرق في أتون الجهل.
مشيرا إلى أن العماد الذي أقامت عليه الدولة السعودية بناءها، هو الشريعة الإسلامية الغراء التي كانت أول كلمة أنزلت في دستورها الكريم قوله تعالى (اقرأ) فسعت جاهدة لنشر العلم وتبصير الناس بتعاليم دينهم.
وقال: نتيجة للجهود الكبرى التي بذلها أئمة الدولة السعودية الأولى أصبحت الدرعية عاصمة ثقافية تشع منها أنوار العلم، حتى إن كتب التاريخ أشارت إلى كثرة الوافدين إليها لطلب العلم، وأنه أقيم فيها بناء حول مسجد البجيري، يسع لقرابة مائتي طالب ليكون بمثابة الجامعة، التي تدرس فيها العلوم الدينية، وكان الإمام محمد بن سعود وأبناؤه يحرصون على الحضور إليها، رغبة منهم في نشر العلم وتذليل السبل أمام طلابه. وقد نقلت المصادر التاريخية أيضا أن الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، قبل أن يبلغ الحلم سأل الإمام محمد بن عبد الوهاب، أن يؤلف له كتابا يفسر فيه سورة الفاتحة، كما نقل عنه رحمه الله أنه أنفق المبالغ الطائلة لتوزيعها على طلبة العلم، وأنه كان يكافئ الدارسين على حسن كتاباتهم، وجودة خطوطهم.
وقد ذكر أن الإمام سعود بن عبد العزيز، رحمه الله كلف جميع أمراء المدن والقرى بحث الناس على العلم والتعليم، كما أنه كان حريصا على إمدادهم بالعلماء، الذين يدرسون الناس ويحثونهم على طلب العلم.
ولأجل هذه الأسباب، وغيرها كثير، انتشر العلم في أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية، وأصبحت الكتب تنقل إليها من مصادر مختلفة، وتكون نتيجة لذلك عدد من المكتبات التي تضم بين أرففها كتبا قيمة، تتنوع ما بين فروع العلوم المختلفة، وإن كان أكثرها يركز على الجوانب الدينية والفقهية.
ومن جانبه، شدد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في تقديمه للكتاب على أن البحث الذي عاناه واعتنى به الباحث الصبور والمؤرخ الغيور حمد بن عبد الله العنقري، بحث لم يسبق أن تناوله أحد على هذا النحو، ولا حام حول حماه صاحب قلم، كأنه اعتراف من حملة الأقلام بصعوبته أو بطول معاناته، ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وليس غريبا أن يدخر الله لبعض من تأخر التآليف الرائقة، موضحا بالقول: لما قرأت هذا البحث ولم تكن لي صلة بالأخ حمد العنقري، تمنيت أن معرفته كانت قبل هذا، لما تملكني حين القراءة من انتقال شعوري أو لا شعوري يوم سقطت الدرعية، ونهبت الكتب وذهبت، فعشت الصورة كاملة لذهاب الكتب وتفرقها في الأمصار، كما أني عشت حرص علماء الدعوة السلفية على تحصيل الكتب واقتنائها على بعد الدار من مواطن الكتب النادرة ومواقعها البعيدة، ولكن فضل الله يؤتيه من يشاء.
وأعلن آل الشيخ، تقديره الكبير للباحث في بحثه هذا، ولدارة الملك عبد العزيز لغيرتها العلمية والتاريخية على المملكة العربية السعودية، فكم لها من الآفاق الواسعة والصلات العلمية المستطابة التي أرجعت لنا نفسا نحيا به وغمامة نستظل بها في هجير البعد عن الاهتمام بهذه الدعوة الإصلاحية وتاريخ بلادنا الغالية.
وأكد على أن محبي هذه الدعوة وتأريخها لا يفتأون يريدون الحقيقة أن تظهر، وسمات مجتمع نجد أن تعرف، في وقت تلبدت السماء فيه بغيوم وعتت فيه رياح مضرة فكان من الطريق السوي والصراط المرضي أن نأخذ بأيدي الباحثين المهرة، ولا نكبل الغيورين الخيرة لأنهم مستقبل الأيام، وبهم تنهض الهمم ويقتدى اللاحق بالسابق، لافتا إلى أن البحث مشرق إشراقة شمس الربيع، وممتع إمتاع أزاهيره، ومؤنس إيناس لقاء الأحبة، رحم الله الأئمة، وهنيئا لمؤلف البحث بجهده وصبره واستقصائه، أخذ الله بيده إلى مراقي النبوغ.
ووفقا للباحث العنقري، فإن الدراسة تتناول مصير المخطوطات السعودية منذ المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود 1139هـ ـ 1179 / 1765م والشيخ محمد بن عبد الوهاب، حتى سقوط مدينة الدرعية على يد قوات إبراهيم باشا في عام 1233هـ/1818م، وتقف عند عام 1236هـ/1823م لمعرفة آثار هذا السقوط في وضعية المخطوطات السعودية، حيث أدى هذا التدمير والهدم إلى فقدانها أو عدم معرفة مآل بعضها، وتسعى هذه الدراسة إلى البحث عن تلك المخطوطات والاطلاع على ما بقي منها والإفادة من النصوص المقتضبة، التي أشار إليها المؤرخون المعاصرون للحدث، كما ستعتمد على الوثائق العثمانية المتبادلة بين جميع مسؤولي الدولة العثمانية، وتحاول الخروج برؤية واضحة بمصير تلك المخطوطات، كما ترمي هذه الدراسة إلى محاولة إعادة بناء مكتبات الأفراد والأسر والمجموعات العامة، للوصول إلى رؤية جديدة للأوضاع العلمية والثقافية في الدولة السعودية الأولى، ولذا أعددت تصورا لهذا الموضوع، وافقت دارة الملك عبد العزيز عليه وتبنته ضمن مشروعاتها العلمية في عام 1425هـ / 2005م.
وذكر العنقري، أن أول إشارة إلى نقل القوات العثمانية المخطوطات السعودية وإحراقها هي ما ذكره الرحالة البريطاني جورج سادليير، الذي زار الدرعية بعد هدمها، حيث ذكر أن قوات إبراهيم باشا نقلت مجموعة هائلة من الكتب إلى المدينة المنورة للاحتفال بالنصر والبهجة به، ثم تلاه المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر، عندما ذكر مصادرة حملة حسين بك، بعض مكتبة الشيخ عبد العزيز بن سليمان بن عبد الوهاب، وإحراق بعضها الآخر.
كما أشار العجلاني، إلى نقل قوات محمد علي باشا، ما وجدته في بيوت الأمراء والعلماء في نجد، أما آل إسماعيل فقد أورد رواية محلية عن الشيخ سليمان بن عبد الله الحماد، عن مصادرة إبراهيم باشا لمكتبة جده الشيخ عبد الله بن سليمان بن حماد.
أما الدراسات التي اعتمدت على الوثائق العثمانية أو الوثائق المصرية فيأتي على رأسها كتاب «رياض الكتبا وحياض الأدبا» لحيرت أفندي، فيه نصوص خطابات محمد علي باشا الرسمية، التي تبادلها هو وجميع المسؤولين العثمانيين، وقد ذكر حيرت أفندي، فيه نص خطاب محمد علي باشا إلى الصدر الأعظم، بخصوص وضع الكتب التي أحضرها إبراهيم باشا وحسين بك في مكتبة المدرسة المحمودية.
ولعل أول من أشار إلى أهمية هذا الكتاب وما يحتويه من وثائق تاريخية، هو د. أبو الفتوح رضوان، حيث ذكر أن هذا الكتاب في منتهى القيمة التاريخية، ثم تلاه د. سهيل صابان، عندما نشر تعريفا بهذا الكتاب وما يحتويه من مراسلات متبادلة بين محمد علي باشا، وكبار المسؤولين العثمانيين عن أحداث شبه الجزيرة العربية، والإجراءات التي اتخذها والي مصر فيها، أما الدراسات التي أفادت من هذا المصدر المهم فهي قليلة جدا، ومن أهمها الدراسة المتميزة التي أعدها د. أحمد عزت عبد الكريم، عن تاريخ التعليم في مصر في عهد محمد علي باشا.
ثم تلاه مجموعة «الأوامر والمكاتبات الصادرة من عزيز مصر محمد علي، وهي ملخص لجميع المكاتبات والمراسلات الرسمية، التي تمت بين محمد علي باشا، وجميع المسؤولين في مصر وفي الدولة العثمانية، وكانت هذه الملخصات معدة للاستعمال الرسمي فقط وجرى نشرها مؤخرا.
أما الدراسة التي أعدها د. خليفة بن عبد الرحمن المسعود، والموسومة بـ«موقف القوى المناوئة من الدولة السعودية الثانية 1234 ـ 1282هـ / 1818 ـ 1866م دراسة تاريخية وثائقية»، وهي رسالة دكتوراه حصل عليها من جامعة أم القرى عام 1421هـ 2000م، فقد تناولت موضوع نقل القوات العثمانية المخطوطات والمصاحف من نجد إلى المدينة المنورة، وقد اعتمد في ذلك على وثيقة عثمانية واحدة في هذا الموضوع.
ثم تأتي دراسة د. عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، وعنوانها «من وثائق الأرشيف المصري في تاريخ الخليج وشبه الجزيرة العربية»، وهي عبارة عن ملخص لوثائق مجموعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، التي توجد صور منها في مراكز البحوث والدراسات والوثائق في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مصورة من دار الوثائق القومية بالقاهرة، وتتعلق معظم هذه الوثائق بالدولة السعودية الأولى والثانية، والخليج العربي، وقد لخص عبد الغني وثيقتين من هذه المجموعة تتعلق الأولى بالخطاب الذي وجهه محمد علي باشا، إلى الصدر الأعظم في 13 جمادي الآخرة 1236هـ / 15 مارس 1821م، بخصوص عودة ابنه إبراهيم باشا، بخمسمائة وواحد وتسعين مصحفا وكتابا، أما الثانية فتتضمن رسالة من وكيل والي مصر لدى الباب العالي في اسطنبول إلى محمد علي باشا، في 11 رجب 1238هـ / 23 يناير 1823م، بخصوص صدور توجيه السلطان بحفظ الكتب السلطانية، ومن الملحوظ أن عبد الغني لم يباشر العمل نفسه، بل اعتمد على غيره، ولم يكن له من أثر سوى الاشراف، ولذا فقد أغفل وثائق عدة في هذه المجموعة لم يذكرها ضمن كتابه.
أما الدراسة التي أعدها د. سهيل صابان، والموسومة بـ«نصوص عثمانية عن الأوضاع الثقافية في الحجاز (الأوقاف ـ المدارس ـ المكتبات)»، فقد نشر خلالها وثيقتين عثمانيتين، سبق للمسعود أن أشار إلى إحداهما في رسالة للدكتوراه، ويعد نشر صابان أول نشر لهذه الوثائق بنصوصها العثمانية، مع ترجمتها إلى اللغة العربية ولكن سقط من الوثيقة الثانية قرابة أربعة أسطر ـ أثناء النشر ـ وهذا أخل بالمعنى العام للوثيقة، واعتمادا على ما نشره عبد الغني، من ملخصات للوثائق المصرية فقد أعد قاسم بن خلف الرويس، مقالة بعنوان «البحث عن مصاحف وكتب الدرعية» وعلى الرغم من عدم اطلاعه على نصوص الوثائق، فإن هذه المقالة تعد أول محاولة في نظر الباحث للإجابة عن تساؤلات الباحثين عن مصير تلك المخطوطات السعودية.
كما صدر أثناء إعداد هذا الكتاب من مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض كتاب بعنوان «مكتبة الإمام عبد الله بن سعود» وهذا الكتاب هو نشر للوثيقة محل الدراسة، وقد وقع الناشر في أخطاء كبيرة، لعل من أهمها عنوان الكتاب ونسبة جميع الكتب لمكتبة الإمام عبد الله بن سعود، والخطأ في رقم تصنيف الوثيقة بالأرشيف العثماني، وعدم التدقيق في قراءة الوثيقة ونقلها، وهذا أوجد فرقا بين النص الأصلي والمفرغ، وذكر أن الوثيقة ترجمة من اللغة العثمانية، مع أن معظمها مكتوب باللغة العربية، والمطلع على هذا العمل، يرى أن فيه عجلة وتسرعا في طبعه ونشره، ومن خلال دراستي لهذه الوثيقة واطلاعي المباشر على مخطوطاتها الباقية لم أجد فيها أي تملك للإمام عبد الله بن سعود، كما أن معظم أصحاب هذه الكتب هم من علماء نجد والأحساء.
وأضاف العنقري، بعد استقراء تلك البحوث والدراسات، أعددت دراسة موجزة في هذا الموضوع، عرضتها على مجموعة من الباحثين والمهتمين، ثم تقدمت بهذه الدراسة الموجزة إلى دارة الملك عبد العزيز، نظرا لأن مثل هذا العمل يحتاج إلى جهة حكومية لرعايته، وتسهيل الصعوبات الإدارية التي قد تواجه الباحث من قبل الجهات الحكومية المختلفة، وقد تكرمت الدارة مشكورة بتبني هذا العمل ودعمه، وتمثل ذلك في دعم الرحلات العلمية المتعلقة بالبحث عن الوثائق والمخطوطات المتعلقة بهذه الدراسة، حيث شملت رحلة إلى مدينة اسطنبول، ورحلة إلى مدينة القاهرة، ورحلتين إلى المدينة المنورة، وقد أمكن خلال هذه الرحلات الحصول على الوثائق والمخطوطات المتعلقة بالدراسة، ومن أهمها الحصول على نسخة من الوثيقة العثمانية الخاصة بالمخطوطات السعودية، التي دونت في الثامن من المحرم 1238هـ / 24 سبتمبر 1822م، والحصول على نسخة من صك وقفية المدرسة المحمودية، الصادر في 15 جمادي الآخرة 1237هـ / 5 أبريل 1822م من سجلات المحكمة الشرعية في المدينة المنورة، إضافة إلى الاطلاع المباشر على المخطوطات في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، التي توجد فيها حاليا البقية من محفوظات مكتبة المدرسة المحمودية، والحصول على صورة ملونة منها، والاطلاع المباشر على بعض المخطوطات المنقولة من المدينة المنورة خلال الحرب العالمية الأولى، والمحفوظة حاليا في مكتبة قصر طوب قبو سراي باسطنبول، كما اطلعت على مجموعة من المخطوطات ذات العلاقة في دار الوثائق والمخطوطات القومية بالقاهرة.
كما أمكن خلال هذه الرحلات الحصول على وثائق ومخطوطات عدة تبين أن قوات إسماعيل بك وخورشيد باشا، أثناء حملتيهما على نجد والأحساء نقلت وصادرت تلك المخطوطات والوثائق إلى خارج المنطقة، حيث وجدت كشفا يبين أسماء هذه المخطوطات، وقد أمكن معرفة أماكن حفظها في الوقت الحالي، ونظرا لأن هاتين الحملتين هما خارج الإطار الزمني للدراسة، فقد رأيت تأجيلها إلى دراسة أخرى سترى النور قريبا، وستكون حدودها الزمنية تبدأ من عام 1237هـ / 1821م، وتقف عند عودة الإمام فيصل بن تركي من مصر إلى نجد في عام 1259هـ / 1843م، كما ستتبعها دراسة ثانية عن انتقال المخطوطات والوثائق السعودية ابتداء من وفاة الإمام فيصل بن تركي في عام 1282هـ / 1865م، إلى دخول الملك عبد العزيز الرياض عام 1319هـ / 1902م، وتبين مدى ما خسرته المنطقة من مخطوطات ووثائق نتيجة الأحداث التي جرت خلال هذه الفترة، ثم يتلو ذلك دراسة شاملة قائمة على تلك الدراسات الثلاث، ستخصص للأوضاع العلمية والثقافية في المنطقة خلال عهدي الدولة السعودية الأولى والثانية، وستركز على معرفة الفنون والعلوم التي انتشرت فيها، والاهتمامات العلمية فيها، كما ستعنى بقضية بناء مكتبات للأفراد والأسر، لتكون معينا لدراسة كل شخصية من واقع اهتماماتها المعرفية والثقافية.
أما مشكلة الدراسة وصعوباتها فتكمن في ندرة، إن لم نقل شبه انعدام، الدراسات العربية والأجنبية السابقة في هذا الموضوع، بالإضافة إلى صعوبة الاطلاع على مخطوطات المكتبات الأسرية، كما أن معظم الوثائق العثمانية التي حصلت عليها من أرشيف رئاسة الوزراء في اسطنبول كتبت بلغة غير مستخدمة حاليا، وهي اللغة العثمانية التي يندر وجود مترجمين متمكنين منها، إضافة إلى أن هذه المصادر غير متوافرة في المراكز العلمية في المملكة، أما الوثائق العثمانية المصورة من أرشيف دار الوثائق القومية بالقاهرة، فيتميز أغلبها بوجود ترجمة عربية سليمة لها.
كما يمثل العمل الميداني عقبة رئيسية لهذه الدراسة، نظرا لتشعب العمل فيه، وتوزعه على مناطق مختلفة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، حيث تتطلب الدراسة القيام بزيارات مختلفة للمكتبات العامة والخاصة، والاطلاع على ما فيها من مخطوطات يظن أنها ترجع إلى تلك الحقبة، للتأكد من صحة ذلك الظن، ويزداد الأمر صعوبة في حالة عدم وجود فهارس مطبوعة لهذه المكتبة أو تلك، وقد أمكن التغلب على هذه الصعوبات بزيارات عدة إلى مكتبات مختلفة داخل المملكة وخارجها، حيث اطلعت على مخطوطات مكتبة المدرسة المحمودية كاملة وهي محفوظة حاليا بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، إضافة إلى مخطوطات المكتبات المضافة إليها، كمكتبة عارف حكمت، ومكتبة عبد القادر شلبي، ومكتبة قرة باشا، ومكتبة بشير آغا وغيرها، كما اطلعت على مخطوطات مكتبة الحرم المدني ومكتبة الملك فهد الوطنية ومخطوطات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومخطوطات من مكتبة جامعة ليدن، ودار الكتب القومية بالقاهرة، ومكتبة قصر طوب قبو سراي باسطنبول، والمتحف البريطاني بلندن، والمكتبة الوطنية بباريس، ومكتبة الدولة ببرلين ومكتبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، وغيرها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الدراسة قد استخدمت مصطلح المخطوطات السعودية الذي يراد به المخطوطات التي نسخت في المناطق التابعة للدولة السعودية الأولى، أو نسخت قبل قبام الدولة السعودية في هذه المناطق، واستمرار وجودها فيها إلى سقوط هذه الدولة.
وقسم الباحث العنقري، الكتاب إلى ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول عوامل انتقال المخطوطات السعودية أو فقدها، حيث تضمن خلفية تاريخية للأوضاع العلمية في وسط الجزيرة العربية قبل الدعوة الاصلاحية وبعدها، لأن الدعوة بدأت منها، وشمل ذلك الحديث بشكل موجز ومركز عن كثرة النسخ في تلك الحقبة، وتكوين المكتبات الخاصة، وإرسال البعثات والوفود إلى المناطق المجاورة لشراء المخطوطات السعودية، ونقل القوات العثمانية المخطوطات السعودية إلى خارج نجد، ونقل بعض جنود القوات العثمانية المخطوطات السعودية وبيعها في المدينة المنورة، ونقل أفراد من أسرة آل سعود وبعض علماء نجد وطلبة العلم إلى مصر، وأثر ذلك في مكتباتهم، وبيع بعض علماء نجد جزءا من مكتباتهم في اليمن، واحتفاظ بعض الأسر العلمية ببعض المخطوطات وبقاؤها إلى اليوم، إضافة إلى نقل بعض العلماء النجديين مكتباتهم إلى خارج نجد.
ونظرا لنقل القوات العثمانية للمخطوطات السعودية إلى المدينة المنورة، وحصول الدراسة على نسخة من الوثيقة العثمانية الخاصة بالمخطوطات السعودية فقد تضمن الفصل الثاني دراسة تحليلية لهذه الوثيقة، شملت 3 أقسام رئيسية هي: المخطوطات المنقولة من الدولة السعودية الأولى إلى المدينة المنورة، دراسة تحليلية، تتضمن مصادر هذه المخطوطات التي آلت إلى مكتبة المدرسة المحمودية، وهي من الدرعية والأحساء ومدن نجد وقراها، ثم مصادر هذه المخطوطات السعودية التي جاءت من الحجاز واليمن والعراق، ثم طرق تداول المخطوطات السعودية التي شملت النسخ والاستكتاب والبيع والشراء والإرث والإهداء والإعارة والوقف، ثم نوادر المخطوطات السعودية المنقولة إلى مكتبة المدرسة المحمودية، ثم مكتبات الأسر والأفراد، تلا ذلك القسم الثاني وكان عن الوثيقة العثمانية الخاصة بالمخطوطات السعودية، شمل وصف الوثيقة وكاتبها وعدم دقته إضافة إلى مخطوطات سعودية غير مضافة في الوثيقة أما القسم الأخير في هذا الفصل فتضمن دراسة تاريخية عن مكتبة المدرسة المحمودية، تناول نشأة هذه المكتبة، وكيفية تفكير العثمانيين في تأسيسها، ووقفيات الكتب عليها من قبل السلاطين العثمانيين وغيرهم، إضافة إلى الوقفيات المضافة إلى المدرسة المحمودية، وما فقد من هذه المكتبة من كتب.
ولأهمية هذه الوثيقة فقد خصص الفصل الثالث لها، حيث حققت هذه الوثيقة بالاطلاع الكامل على جميع مخطوطات مكتبة المدرسة المحمودية، وتدوين المخطوطات المناسبة وفق منهج اتخذ بعد الاطلاع على مخطوطات المكتبة، وفهم طريقة كاتب الوثيقة، حيث تتميز الوثائق العثمانية بميزة قد تختلف عن الوثائق الأخرى، فقراءة الوثيقة العثمانية فن وفهمها فن، وترجمتها فن، ولذا فإن فهم كيفية اعداد هذه الوثيقة كان له أثر في معرفة المخطوطات التي عناها الكاتب، وقد دونت كل ما كان مناسبا من التقييدات السعودية على هذه المخطوطات.
وسلط الباحث العنقري، الضوء على المصادر المتنوعة في الدولة السعودية موضحا أنه من خلال المصادر التي عنيت بتاريخ الدولة السعودية الأولى، نجد أخبارا عن المناطق التي جلبت منها المصادر إلى الدولة السعودية، ومنها الأخبار التي أوردها الشوكاني، ولطف الله جحاف، والجبرتي، وبوركهارت وغيرهم، عن حرص السعوديين على التزود من مناطق الحجاز واليمن والشام والعراق ومصر، لكن هذه المصادر لا تفصح إلا نادرا عن أسماء الكتب التي اقتناها السعوديون من هذه المناطق، ولهذا فإن مجموعتي إبراهيم باشا، وحسين بك، تفيدنا في معرفة المناطق التي جلبت منها هذه المخطوطات، وتساعدنا على استكمال معرفة التواصل الثقافي والاقتصادي بين الدولة السعودية الأولى والمناطق المجاورة لها.
ومن خلال هاتين المجموعتين أمكن معرفة بعض المناطق التي تعد من المصادر الأساسية للمخطوطات السعودية وهي كالاتي:
* الحجاز: كان الحجاز ملتقى العلماء وطلاب العلم من مختلف الاقطار الإسلامية وكان بعض هؤلاء يأتون إليه فيستقر بهم، وبعضهم الآخر يأتون ليقيموا فيه مدة ثم يغادرون إلى وطنهم، ولذا كان وجود الحرمين الشريفين بالحجاز مقصدا رئيسيا للعلماء والمشائخ وطلبة العلم، وذلك لأداء ما فرضه الله عليهم من فريضة الحج والعمرة، وللنهل من علوم علماء الحرمين الشريفين، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب، قصد منطقة الحرمين الشريفين وبعد أدائه فريضة الحج والعمرة درس على علماء الحرمين، وخصوصا الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، والشيخ محمد حياة السندي، وقد أفاد الشيخ محمد من وجوده في الحرمين الشريفين، ونسخ وكتب مجموعة من كتب الحنابلة، كما نسخ كتاب «الهدي النبوي» للإمام ابن قيم الجوزية، وكتاب صحيح الإمام البخاري.
كما أرسل الإمام عبد العزيز بن محمد سفارة إلى أمير مكة المكرمة الشريف غالب بن مساعد في عام 1211 هـ (1796م) وكانت برئاسة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، الذي نسخ فيها بعض الكتب واقتنى منها كتبا أخرى، منها كتاب «تهذيب الكمال في أسمال الرحال للمزي» حيث دون الشيخ تملكه عليه ونصه «ملكه من فضل ربه المنان أحمد بن ناصر بن عثمان، بالابتياع من مكة المشرفة»، وبعد تعيين الشيخ حمد قاضيا في مكة المكرمة عام 1806م كان هذا الأمر دافعا له لاقتناء الكتب والمخطوطات ومنها كتاب «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي، حيث دون الشيخ تملكه عليه ونصه «هذا الكتاب وجدته يباع بمكة شرفها الله سنة 1221هـ فاشتريته، وجعلته وقفا على يدي ثم على يد أولادي» كما اقتنى أيضا كتاب «الكوكب المنير بشرح الجامع الصغير» للعلقمي، وقد وجد عليه وقفا وأجراه بالرغم من شكه في صحة هذا الوقف، أما علماء الأحساء فقد قصد كثير منهم الحجاز لطلب العلم والدراسة على علماء الحرمين، إضافة إلى أدائهم فريضة الحج، فقد زار الشيخ حسين بن محمد بن مبارك العدساني ،مكة المكرمة في عام 1019 هـ (1708م)، وقد اقتنى من مكة المكرمة مجموعة من المخطوطات، منها كتاب «الكوكب المنير بشرح الجامع الصغير» للعلقمي وقد دون عليه تملكه ونصه «الحمد لله مستحق الحمد أهل الثناء والمجد سبحانه وتعالى، لا نحصي ثناء عليه بل هو كما وصف وأثنى على نفسه وكل الخير بيديه من الله تعالى وتفضل على عبده الفقير حسين بن الشيخ محمد بن الشيخ مبارك العدساني الشافعي الأشعري الكبروي بالشراء الشرعي، وكان ذلك بمكة المكرمة زادها الله تعالى شرفا وتعظيما، بتاريخ أواسط شهر الحج عام 1119 تسع عشرة ومائة وألف، رزقنا الله الانتفاع بما فيه والاطلاع على قوادمه وخوافيه، وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم».
كما اقتنى الشيخ محمد بن صالح بن دوغان المهشوري الخالدي، من مكة المكرمة في عام 1127هـ (1715 م) كتاب «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للسخاوي» وعندما زار الشيخ عثمان بن عبد الله بن محمد بن عمير الحجاز لأداء فريضة الحج في عام 1770م اقتنى من مكة المكرمة في يوم الجمعة 13 أبريل 1770م كتاب «البحر المحيط» لأبي حيان النحوي.
أما مدينة المصطفى صل الله عليه وسلم، فلم يتوافر في هاتين المجموعتين سوى مخطوطتين اقتناهما الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، من أسواق المدينة المنورة وهما كتاب «أقسام القرآن» لابن قيم الجوزية، وقد دون الشيخ حمد تملكه عليه «هذا الكتاب اشتريته من المدينة المنورة على صاحبها الصلاة والسلام»، ثم دون ابنه الشيخ عبد العزيز عليه وقفيه نصها «الحمد لله سبحانه هذا الكتاب اشتراه والدي رحمه الله تعالى من المدينة المنورة، فرأى عليه كتابة الوقفيه فاجراه وقفا تأثما وجعل النظر فيه وفي سائر أوقافه إلى الأولى من ذريته طلبة العلم منهم نفعهم الله به، قال ذلك كاتب الأحرف عبد العزيز بن حمد بن ناصر، غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم آمين».
أما الكتاب الثاني فهو كتاب «صحيح الإمام البخاري» وقد اشتراه الشيخ حمد بن معمر، من المدينة المنورة ورأى فيه وقفية دونها الأمير أحمد جوري، الذي أوقف هذا الصحيح بأجزائه الأربعة على الشيخ عبد الكريم الأنصاري، وعلى ما بقي من أولادهم وذرياتهم، لذا اشترى الشيخ حمد هذا الكتاب وأوقفه مرة أخرى، وجعل النظر فيه على أولاده.
أما مدينة رابغ فقد وجدت أن الشيخ عبد اللطيف بن محمد بن ناصر بن محمد بن حسين الأحسائي قد اشترى منها كتاب «إحياء علوم الدين» للغزالي، وذلك في عام 1750م وقد تملكه بعده الشيخ عبد الله بن حسن الزراقي، وأوقفه على مدرسته في حي النعاثل بالهفوف.
* اليمن:
من المعلومات المهمة التي تمدنا بها هاتان المجموعتان التواصل الثقافي بين الدولة السعودية الأولى واليمن، من خلال السفارات التي أرسلها الإمام عبد العزيز بن محمد وابنه الإمام سعود بن عبد العزيز إلى أئمة اليمن، حيث نجد أن السفراء الذين أرسلهم السعوديون إلى اليمن حرصوا على اقتناء الكتب من اليمن، لأنها كانت مركزا من المراكز الثقافية في الجزيرة العربية، ومن خلال هاتين المجموعتين نجد مجموعة كبيرة من الكتب التي نسخت في اليمن أو جلبت منها، ولعل من أشهر من نقل المخطوطات اليمنية وجلبها إلى الدرعية الشيخ عبد العزيز بن حمد بن مشرف، وذلك في رحلات عدة، جرى أغلبها خلال عامي 1807 ـ 1808 وقد عني الشيخ ابن مشرف بانتقاء النسخ والحرص على شراء الكتب من مؤلفيها، ومنها كتاب «نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» للامام الشوكاني حيث اشتراه ابن مشرف من الشوكاني ودون عليه ما نصه: «انتقل هذا المجلد وما قبله وما بعده إلى ملك الفقير إلى الله عبد العزيز بن أحمد بن إبراهيم، بايعته من مالكه مؤلفه سنة 1222». وقد تعددت اهتمامات ابن مشرف وتنوعت في انتقاء فنون الكتاب، فنجد في مجموعته كتب التفسير وكتب الحديث وكتب الفقه وكتب السيرة النبوية وكتب الوعظ، والغالب على كتبه التي بقيت كتب الحديث وكتب علم الرجال والجرح والتعديل.
كما نجد أيضا أن من ضمن الرسل الذين أرسلوا إلى اليمن الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد الأمير، الذي حرص خلال إقامته في صنعاء إلى الجلوس للدراسة على الشيخ الشوكاني، ونسخ الأمير مجموعة كبيرة من مؤلفات الشوكاني، كما اقتنى الأمير كتبا أخرى جلبها معه إلى نجد من اليمن، منها في هاتين المجموعتين المجلد الخامس من كتاب «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض.
أما علماء الأحساء فنجد أن هاتين المجموعتين تمدنا ببعض المعلومات عن التواصل العلمي بين علماء الأحساء واليمن ،فمثلا زار الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فيروز، اليمن في عام 1770م ومن مدينة المخا اشترى مجموعا أوله كتاب «ديوان العيدروس».
وكذلك فعل الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن حمد النجاري الأنصاري الشافعي الأحسائي، الذي وفد على حضرموت في عام 1705م وزار مدينة تريم، وهذه المدينة من أشهر مدن حضرموت، ومشهورة بكثرة علمائها، ولذا فإن الشيخ عبد الرحمن قد زارها وجلس لدى علمائها، كما أنه قد أخذ عنهم بعض الطرق الصوفية إذ وصف نفسه بأنه ينتسب إلى الطريقة البدرية والعادلية والجيلانية، وقد اقتنى من مدينة تريم كتاب «قوت المحتاج في شرح المنهاج» لابن حمدان الأذرعي الشافعي، كما ذكر أيضا أنه قد اشترى هذا الكتاب بقرشين حجر، وهذا يفيد في معرفة قيمة الكتب وأسعارها في تلك الحقية.
* العراق: يعد العراق من المناطق التي يرتادها بشكل دائم أهالي الجزيرة العربية، إذ يعد العراق موئلا لكثير ممن غادر نجد لأسباب عدة، كما أن العراق كان من الأماكن التي ترتادها بكثرة القوافل، التي تأتي من وسط الجزيرة العربية وشرقها وذلك لما لسكان المنطقة من مصالح مهمة في العراق.
ومع بداية الدعوة الإصلاحية، حرص القائمون عليها على مراسلة ولاة بغداد، وذلك لتوضيح دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبيان أن هدفها هو العودة إلى أصول الإسلام السلمية، ونبذ البدع والخرافات التي تخالف الدين ورد ما قد يثيره المعارضون من شبها ت على الدعوة، حيث أرسل الإمام عبد العزيز بن محمد، كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورسائله إلى سليمان باشا، والي بغداد، وكان منها كتاب «التوحيد» فأحالها الوالي إلى الشيخ عبد الله الراوي البغدادي، خطيب مسجد سليمان باشا، ببغداد الذي رد عليها برسالة مضمونها أن التوحيد مختص بمعنى الربوبية.
لكن الدعاوى المناوئة أفلحت في تشويه سمعة الدعوة الإصلاحية في العراق، لذا وجه ولاة بغداد حملات عدة على الدولة السعودية باءت جميعها بالفشل، وانتهت حملة الكخيا علي باشا بعقد صلح مع الأمير سعود بن عبد العزيز في عام 1798م لكن هذا الصلح لم يدم: إذ قتلت قبيلة الخزاعل ثلاثمائة رجل من الموالين والتابعين للدولة السعودية الأولى عام 1799م، ولذا طالب الإمام عبد العزيز باشوية بغداد بدفع ديات القتلى، لكن لم يتخذ الباشا من الإجراءات ما أرضى الإمام، كما أن المفاوضات التي تمت بالدرعية بين الإمام وعبد العزيز الشاوي مندوب باشا بغداد لم تؤد إلى نتيجة إيجابية، ولذا توجه الأمير سعود بالقوات السعودية إلى العراق وهاجم مناطق جنوبي العراق 1801م وقد شارك الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، في هذه الحملة، ويبدو لي أنه كان قاضي الحملة، وقد اشترى الشيخ حمد خلال هذه الحملة كتاب «المغرب في ترتيب المعرب» للمطرزي، وقد ودون الشيخ حمد تملكه على الكتاب وذكر أنه قد اشتراه من بلد الحسين وقد تعرض هذا التملك للطمس.
ويذكر الباحث العنقري، أنه وعلى الرغم من أن بوركهارت يشير إلى أن الإمام سعود أرسل سفارة إلى بغداد حملت معها عند عودتها إلى نجد كتبا في التاريخ اقتنتها من أسواق الكتب في بغداد، إلا أنه لم يجد في هاتين المجموعتين سوى المخطوطة المذكورة، ولعل ذلك راجع إلى عدم تدوين قيود التملك على بعض المخطوطات المجلوبة من العراق، أو أن السفراء الذين جلبوها من العراق كان مقصدهم بيعها في نجد، لذا لم يدونوا عليها شيئا ما يفيد بشرائها من العراق.
أما الأحساء فنجد أن حسن بن جمعة الأحسائي، الذي ولد واستقر بالبصرة نسخ كتبا عدة منها كتاب «الكاشف عن حقائق السنن في شرح مشكاة المصابيح» للطيبي الذي اقتناه علي بن عبد الله بن يوسف الأحسائي، وقد دون على هذا الكتاب أسماء الكتب التي اقتناها من مدينة البصرة في شهر المحرم 1104 هـ أكتوبر 1692م ونص هذا القيد: «الحمد لله الذي مع الفقير كاتبه علي بن عبد الله بن يوسف، من الكتب بتوفيق الله تعالى في البصرة بتاريخ أواخر المحرم عام 1104 هـ،(5) شرح الطيبي على المشكاة خمسة مجلدات، 1 شرح جمع الجوامع للزركشي مجلد،1 شرح جمع الجوامع للمحلي مجلد،1 نصف شرح المنهج الأول للقاضي زكريا مجلد،1 بهجة المحافل للعامري مجلد 1 الرملي على الإرشاد مجلد 1 حلية أبي نعيم مجلد، 1 شرح الزبد للوالد مجلد 1 شرح التوضيح للشيخ خالد مجلد، 1 حاشية على المطول مجلد،1 من شرح المفصل للزمخشري،1 مجلد فيه تفسير سورة البقرة وآل عمران للبيضاوي وفيه شرح التسمية 1 كراريس من شرح الشمائل للشيخ ابن حجر، والهمزية ورسالة للغزالي في الرد على الزندقة،1 مجيميع فيه ديوان ابن قزل وبعض التعاليق ورسالتين في علم الفلك، 2 مجيميعين فيما يتعلق بالقراءات واحد والآخر فيه أحاديث المنهيات وبعض التعاليق».
والنص السابق يتضمن ذكرا لكتاب لم أجد له ذكرا في كتب التراجم أو الكتب التي عنيت بمصادر الفقه الشافعي، فقد ذكر شرحا لكتاب «الزيد فيما عليه المعتمد» وذكر كاتبه أن مؤلفه هو والده عبد الله بن يوسف، وأنه في مجلد والمعروف من شروح كتاب «الزبد» شرح الجمال الرملي المسمى بـ«غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان» وشرح الصفوي المسمى بـ«فتح الصمد بشرح صفوة الزبد» وشرح الفشني المسمى «مواهب الصمد في حل صفوة الزبد» وشرح أحمد زيني دحلان المسمى بـ«حاشية على صفوة الزبد» وغيرها من شروح هذا المتن ولم أجد ذكرا لشرح عبد الله بن يوسف من ضمن هذه الشروح.
ولصلة العراق بالأحساء فإننا نجد أن علماء الاحساء كثيرا ما يفدون إلى مدن العراق للدراسة أو التزود من الكتب والمخطوطات، فقد قدم الشيخ صالح بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن مبارك بن سلمة العدساني العقيلي، إلى البصرة في عام 1689م وتعد البصرة في ذلك الوقت من مراكز المذهب الشافعي التي يحرص طلبة العلم فيها على زيارتها للإفادة من علمائها ولذا نجد أن بعض النساخ الأحسائيين استقر بالبصرة وتكسب من مهنة الوراقة والنسخ فيها، فقد استقر الملا عبد العزيز بن الحسين بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد الأحسائي في البصرة وامتهن مهنة نسخ المخطوطات، فقد استكتبه الشيخ صالح بن محمد العدساني لنسخ كتاب «الفتاوى الكبرى» لابن حجر الهيتمي، ونسخ الملا عبد العزيز الكتاب وانتهى من نسخ الجزء الثالث في شهر مارس 1689م، وقد باشر الشيخ صالح قراءة هذا الجزء، وقيد مطالعته له بقيد نصه: «نظرت فيه متبركا بحمد الله تعالى في شهر جمادى الآخر سنة ألف ومائة من الهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام ثم ختمه ونصه عبده صالح بن محمد العدساني».
وختمت الدراسة بإيضاح جملة من ملامح الدراسة التي جاءت في كتاب من الحجم الكبير غطى 560 صفحة، حيث أوضحت أن الدولة السعودية الأولى بعد قيامها نتيجة المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، حتى سقوطها على يد قوات إبراهيم باشا في عام 1818 م سعت إلى نشر العلم والتعليم والإسهام فيه والسعي في تعميمه على عامة الناس، وأسهم هذا في تنمية الحياة العلمية وزيادتها مقارنة بالفترة السابقة للدعوة، ولذا انتشرت المخطوطات ونسخها واستكتابها وبيعها وشراؤها في المنطقة بشكل كبير وملحوظ، كما أفادت الدولة من السفارات المرسلة من قبلها في جلب المخطوطات وشرائها إلى المنطقة، كما أسهم هذا التبادل العلمي بين الدرعية وصنعاء، وكان من نتيجة شراء المخطوطات من صنعاء وجلبها إلى الدرعية وغيرها من المدن والقرى التابعة للدولة السعودية الأولى، ونتيجة لازدياد المخطوطات في المنطقة فقد رأى علماء نجد بيع بعض المخطوطات المتوافرة لديهم في صنعاء عن طريق الرسل، الذين أرسلتهم الدولة السعودية الأولى إلى إمام اليمن، وقد كان ذلك سببا من أسباب انتقال المخطوطات السعودية.
ولكن أثر في هذه النهضة إرسال الدولة العثمانية حملاتها العسكرية لمواجهة الدولة السعودية، حيث أدى ذلك إلى سقوط الدرعية، وإلى حصول فراغ سياسي وعلمي تمثل بنقل أفراد من أسرة آل سعود وبعض علماء نجد وطلبة العلم إلى مصر، وقد أثر هذا النقل في مكتباتهم، إذ اشترى بعض التجار بقايا مكتبات آل سعود وبعض علماء نجد ونقلوها إلى خارج المنطقة، أو اشترى بعض علماء نجد مكتبات آل الشيخ الذين نقلتهم الدولة العثمانية إلى مصر، كما اضطر بعض علماء نجد إلى أخد بعض بقايا مكتباتهم معهم عند نقلهم إلى مصر.
وقد أثرت الحروب العثمانية في المنطقة بشكل كبير، إذ أدت هذه الحملات إلى فقد مجموعة كبيرة من المخطوطات والكتب، وهذا الفقد كان له أسباب عدة منها أثر الحروب في إتلاف المكتبات وتدميرها، إضافة إلى إحراق القوات العثمانية مجموعات من المخطوطات والمكتبات، منها مكتبة الشيخ عبد العزيز بن سليمان بن عبد الوهاب وغيره من علماء الدعوة.
كما أسهمت هذه الحروب في مصادرة المخطوطات السعودية، ونقلها إلى المدينة المنورة وقسمت إلى مجموعتين رئيستين هما مجموعة إبراهيم باشا، ومجموعة حسين بك، ولم تكتف هذه القوات بما فعلت، بل نقل بعض أفرادها المخطوطات السعودية دون علم قادتهم وباعوها في أسواق المدينة المنورة.
وعلى الرغم مما جرى في المنطقة من تدمير وتهجير ومصادرة، فإن الملحوظ هو احتفاظ بعض الأسر العلمية بالمخطوطات وبقاؤها إلى اليوم، ولا تزال المكتبات العامة والخاصة تحتفظ بنماذج عدة لذلك، كما أن بعض العلماء نقل بمبادرة شخصية منه مكتبته الخاصة معه أثناء مغادرته للمنطقة السكنى في مناطق أخرى، وأدى هذا إلى انتقال مجموعات عدة من المخطوطات إلى خارج المنطقة.
ولهذا فإن السلطات العثمانية بعد محاصرتها الدولة السعودية الأولى، وتنظيم الحملات العسكرية ضدها تفاجأت بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، بحجم المخطوطات المتوافرة لدى السعوديين وكميتها، ولذا أصدرت أوامرها لقادة جيشها بجمع كل ما لدى السعوديين، وقد كان هذا ديدن كل حملة من الحملات العثمانية، التي أرسلت إلى المنطقة حيث جمعت هذه القوات كل ما أمكن لها جمعه من المخطوطات، وما لم تتمكن من أخذه أحرقته قبيل مغادرتها، ولذا نقلت المخطوطات التي جمعت إلى محافظة المدينة المنورة، ووضعت في عهدة المسؤولين العثمانيين فيها، وبعد مراسلات عدة جرت بين محمد علي باشا، والمسؤولين العثمانيين باسطنبول صدرت أوامر السلطان محمود الثاني بحفظها في مكتبة المدرسة، التي أنشأها بالمدينة المنورة، ويبدو أن فكرة تأسيسها لم تخطر في بال السلطات العثمانية، إلا بعد حصولها على هذه الكمية الوافرة من المخطوطات، وقد أدى هذا إلى إغناء مكتبة المدرسة المحمودية بمخطوطات عدة، يعد بعضها من أندر المخطوطات في العالم.
وحاولت الدراسة بقدر ما توافر لها من معلومات متنوعة الإجابة عن مصير المخطوطات السعودية في الوصول إلى عوامل وأسباب عدة لانتقال المخطوطات السعودية، وهي لا شك ليست كل الأسباب، وإنما هي محاولة لمعرفة هذه الأسباب، ويمكن من خلالها التوصل إلى نقطة مهمة، وهي أن المخطوطات والكتب لا تنشر إلا في بيئة مستقرة سياسيا وعلميا واجتماعيا، ولذا فإن قيام الدولة السعودية الأولى كان سببا رئيسيا في انتشار المخطوطات وتداولها بشكل كبير، حتى وإن كانت هذه الكتب أو المخطوطات ذات اتجاه مخالف لاتجاه الدولة ومعتقدها، فقد وجدت ضمن وقفيات الإمام عبد العزيز بن محمد كتب تصنف على أنها مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة لدى المذاهب الأربعة جميعها، ولم يجد الإمام عبد العزيز حرجا في ذلك، بل إن علماء الدعوة الإصلاحية نصوا على أنهم ليسوا معنيين بالتفتيش على الكتب ـ ولا يؤيدون اتلافها أو إحراقها، وقد نص على ذلك بشكل واضح الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، في رسالته المشهورة، التي كتبها عندما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز مكة المكرمة، ولهذا فقد تداول علماء الدعوة كتبا تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة في قضايا الأسماء والصفات، أو تنتهج منهج بعض المذاهب المنحرفة، وهي دلالة على سعة أفق علماء الدعوة بعكس ما صوروا به.
وتشدد الدراسة على أن استكمال حلقات هذه السلسلة سيوضح الصورة الحقيقية للواقع العلمي والثقافي في الدولة السعودية الأولى، والدولة السعودية الثانية، وستبرز هذه الصورة بشكل يجلي الصورة التقليدية أو النمطية عن الأحوال العلمية والثقافية في الدولتين، ويبرز هذه الأحوال بشكل موثق من خلال الشواهد التاريخية المعتمدة بشكل رئيسي على الوثائق والمخطوطات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الدولة العثمانية نشأتها وسقوطها -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدولة الأيوبية.. ودور الدولة الزنكية في نشأتها
» نشأة الدولة العثمانية
»  الدولة العثمانية من القيام للسقوط 600 سنة
» التعليم في فلسطين في عهد الدولة العثمانية
»  الدولة العثمانية من البداية حتى الإنهيار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: دول عبر التاريخ-
انتقل الى: