دورة الحياة
يوسف غيشان
على ماذا قامت الدولة العربية من بداياتها الأولى؟
قامت دولتنا العربية منذ صدر الإسلام على أساس الوحدة في التنوع ، وما كان لها أن تقوم بغير ذلك، ورغم ما مر بنا، منذ وفاة المعتصم وبداية العصر العباسي الثاني، حيث سيطر السلاجقة ومن تلاهم على مفاصل القرار في الأمبرطورية العباسية ثم تسلمها الطولونيون ..ثم كرّت المسبحة وصولا الى الحكم العثماني ,,,الى,,الى الان.
لا أريد هنا ان استعرض معلوماتي التاريخية - المتواضعة أصلا وفصلا -، لكني اريد أن أؤكد بأننا، ورغم أننا صرنا دولا وقبائل وطوائف ، الا ان شعارالوحدة في التنوع ما يزال هو جوهر الدولة العربية المصغرة والمكبرة.
نحن في الاردن ، مثل أشعة الشمس : في الأجواء العادية فإن الأشعة تنتشر وتضئ درب الفقير والغني بذات القوة والخصوبة ، كما انها تهب نفسها للشجرة العملاقة وللكمأة تحت التراب ، في الأوضاع العادية تستمر اشعة الشمس في القيام بدورها الحياتي دون أن نرى الوانها.
لكننا نعلم ، ومنذ مقاعد الدراسة الإبتدائية وطوابير الصباح و(يا علمي يا علم)، وعصا المعلم ، بأن الطيف الشمسي يتكون من سبعة الوان رئيسة ، لكن هذه الألوان لا تظهر الا حين ينكسر شعاع الشمس ، أو تتلبد السماء بالغيوم، أو إذا مررنا أشعة الشمس قسرا ومخبريا على (منشور اختبار).
هكذا فقط تظهر الألوان المكونة، فيظهر الشرق اردني – حسب المعايير الشعبية المعروفة- والأردني من أصول فلسطينية ، واللبناني والسوري والسعودي والشركسي والشيشاني والدرزي والتركماني والمسلم والمسيحي والشمالي والجنوبي .
لابل اننا أضفنا الوانا أخرى فرعية مثل العدواني والعجرمي والحميدي والصخري والعبادي وبني حسن ووووو، ثم قسمنا القبائل الى عشائر والعشائر الى حمايل والحمايل الى افخاد و.....ولا ننسى أن نقسمهم الى فلاح وبدوي وريفي وووووو الخ.
بالمجمل أن هذه الألوان الرئيسية والفرعية لا تظهر الا في حالات الضعف والتفكك والظلام ، والأوضاع الإقتصادية الصعبة ، والأوضاع السياسية الأصعب ، حيث نبدأ بتفصيل بعضنا البعض والبحث عن الحلقة الأقرب عشائريا أو دينيا أو اقليميا التي قد تحميني في ظل تراجع الحكومات عن دورها في حمايتي وتوفير الحياة الحرة الكريمة لي .
لكن هذا الأمر ليس حلا على الإطلاق ، بل هو جوهر المشكلة . وقد تعمدت أن لا اذكر لكم سابقا ان شعاع الشمس يمكن أن تظهر ألوانه بشكل جمالي ومبدع ، من خلال قوس قزح الذي ينبئ بإنتهاء موجة المطر ، وها هي الأرض تستقبل شعاع الشمس على شكل قوس قزح ، لتبدأ دورة الحياة .
ببساطة اذا لم نناضل بشكل مشترك من اجل اردن ديمقراطي وحر وأن نتكاتف جميعا ضد الفساد والإفساد ، ونحمل هما وطنيا واحدا ندافع عنه في اطار الوحدة والتنوع
...اذا لم نفعل ذلك فسوف نتحلل تماما ويتحول اشعاعنا الى مجرد غبار كوني عابر.