قراءة في رواية "مذكرات دجاجة"
الملخص
يهدف هذا البحث إلى دراسة رواية " مذكرات دجاجة " للدكتور اسحق موسى الحسيني؛
فالرواية تناولت في موضوعها خطر الهجمة اليهودية على أرض فلسطين، وذلك قبل
صدور قرار التقسيم عام ١٩٤٧ ، مما يشكل رؤية واضحة للكاتب يستشرف فيها آفاق
المستقبل. ولعل ما يميز هذه الرواية ويؤكد أهميتها أنها صدرت في أربع طبعات
كانت الأولى عام ١٩٤٣ ، أما الطبعة الرابعة فقد صدرت عام ١٩٨١ . فض ً لا عن أنها
ترجمت إلى اللغة الفرنسية . لقد أثارت الر واية إشكاليات وانقسامات بينة بين النّقاد
والدارسين على صعيدي المضمون والتكنيك الفني . وقد بينت كل هذه الآراء، وأحسب
أن " مذكرات دجاجة " تبقى عم ً لا يحمل شرف الريادة في الرواية الفلسطينية إذ كانت
وغيرها من الروايات الأساس الذي انطلق منه الجيل الثاني من الروا ئيين أمثال كنفاني
وجبرا وإميل حبيبي، ومن الظلم أن نحاكم هذا العمل بعيدًا عن سياقاته الموضوعية
والفنية، أي زمن الكتابة والإبداع الروائيين.
* مركز الّلغات – كلية الآداب - الجامعة الأردنية
قراءة في رواية "مذكرات دجاجة"
٧٨
مقدمة:
حُ ّ ق للشعب الفلسطيني بما يمثله من نخب فكرية أن يلّقب الدكتور اسحق موسى الحسيني بعميد الأدب
الفلسطيني، فقد شغل الحسيني نفسه بتراث الأمة وأدبها، حتى ذاع صيته وانتشر في المجامع العلمية
واللغوية العربية والمحافل الأدبية والفكرية، وعرفوه ذواقة، وكاتبًا بليغًا، وناقدًا، ومحققًا ثبتًا، ومفكرًا
ينادي بالإصلاح والاستقلال في الرأي، فقد عاش هذا الأديب على حب قدس الأقداس والعروبة، وانتقل
إلى جوار ربه وهو مؤمن بهذه الأمة ومحب لها لا يساورنا في ذلك شك.
ولما تنوعت مجالات إبداع الحسيني، رأيت من المناسب أن أتناول جانبًا، أو رافدًا من روافد ذلك النبع
الكبير، فعكفت على دراسة روايته الوحيدة "مذكرات دجاجة " لا سيما في ضوء الآراء الم تباينة التي
قيلت فيها، وأردت أن أقف عند هذه الآراء منعمًا النظر فيها من مختلف الزوايا الفكرية والفنية، لتكون
أضمومة واحدة، ويمكن النظر إليها، ساعتئذ، نظرة واحدة متكاملة، ووجدت من المناسب، فيما أزعم،
أن أضع بين يدي هذه الدراسة تصورًا كليًا يك ون إطارًا عامً ا عن حياة هذا الأديب ومصادره الثقافية
وأثره فيمن تلاه، وتأثره بسلفه، لكي نعرف مكانة هذا الكاتب وعمق تجربته وسعة معرفته، وسهره
الدؤوب على آداب العربية، ولكي نعرف الظروف التي أحاطت بكتابة هذه الرواية - اليتيمة -
وبخاصة إذا علمنا أن فن الرواية لم يكن في فلسطي ن أو في بلاد الشام قد قطع شوطًا من النضج بعد .
فإن وفقت فمن الله، وإن قصرت فمن نفسي وحسبي أنني حاولت واجتهدت ولكل مجتهد نصيب.