الملك طلال بن عبدالله الأول
الأب الروحي للدستور الأردني
فترة قصيرة نسبيا تلك التي اعتلى فيها عرش المملكة الأردنية الهاشمية لكنها تكللت بقرارات نوعية لا يزال الأردنيون يستذكرونها بل ويطالبون بالعودة لها.
كان من أبرز انجازاته صياغة دستور عام 1952 الذي كان متقدماً ونوعياً على مستوى الوطن العربي، فيه فصول متقدمة في تحديد الحياة العامة والفصل بين السلطات لدرجة ان المطالبين بالإصلاح السياسي طالبوا بالعودة لأكثر من نصف قرن من الزمان للعمل بأحكام ذلك الدستور الذي اعتبر نوعياً ويحل كثير من مشكلات المملكة اليوم.
في مثل هذا اليوم عام 1909 ولد الملك طلال بن عبدالله بن الحسين، لأسرة كانت تعدُّ نفسها لمواجهة الصعاب والدخول في تحديات سياسية يقودها عميد العائلة الشريف حسين بن علي فيما عرف بالثورة العربية بعد 7 سنوات على ولادته، فدخل الطفل عوالم السياسة مبكراً نظراً لالتصاقه بجده آنذاك، وسرعان ما شب على فكرة العسكرية بعد تعلمه العلوم الأساسية فالتحق بكلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا، وتخرج منها برتبة ملازم عام 1929.
بعد تخرجه من الكلية تابع مسيرته العسكرية في عمّان في قوة حرس الحدود التابعة لإمارة شرق الأردن آنذاك والتي لم تكن مملكة بعد وتزوج عام 1934 من الأميرة زين الشرف وأنجب منها الأمير الحسين الذي سيخلفه في الحكم لاحقا.
عام 1946 استقلت المملكة عن الانتداب البريطاني، وبعد عام واحد أصبح الأمير طلال ولياً للعهد، مثلت النكبة الفلسطينية التي وقت عام 1948 محطة فاصلة في حياة الملك طلال الذي توجه إليها وعاين القتال ضد العصابات اليهودية عن قرب خاصة في القدس ورام الله كما يروي المؤرخون.
كان التحدي الأبرز الذي سيواجهه الأمير الشاب بتوليه السلطة على حين غرة إثر إطلاق الرصاص على والده الذي ذهب لأداء الصلاة في المسجد الأقصى، حيث نجا ولده الأكبر الأمير الحسين من الحادث بأعجوبة.
بدأ الملك سلطاته الدستورية وشرع باتخاذ العديد من القرارات المؤثرة في مسيرة المملكة ومنها جعل التعليم إلزامياً وتشكيل قوة خفر السواحل وأصدر قراراً بإلغاء جميع الرتب والألقاب في جميع المؤسسات والدوائر في المملكة، وأن يلقب جميع المواطنين الأردنيين بلقب "السيد"، أما الانجاز الأكبر فكان الدستور الأردني الذي تم الإعلان عنه عام 1952 واعتبر متقدماً جداً ولا يزال محط إعجاب الأردنيين حتى اليوم.
بعد إنهاء الدستور بدأ الملك رحلة علاجية في فرنسا ثم سويسرا وجرى بعد ذلك إنهاء ولاية الملك طلال، والمناداة بتولي الأمير الحسين ملكاً بعد بلوغه الثامنة عشرة من عمره، وبقي الملك طلال في رحلة علاجية طويلة خارج البلاد إلى أن توفي عام 1972 في تركيا، وتم دفنه في عمّان.
حياة عامة قصيرة نسبيا تلك التي قضاها الملك الراحل ولكنها لا تزال تحظى بقبول شعبي ينظر لها ولشخص الملك بالكثير من الحنين والألفة حين كانت البلاد بجميع مكوناتها تحاول النهوض معاً من رحم التحديات وخلق نموذج أردني كان من أبرز انجازاته صياغة عقد اجتماعي متطور ومحاولة إنهاء النفوذ الانجليزي في البلاد والذي تكلل بعد ذلك بتعريب قيادة الجيش.