د. صلاح باز*
لا يمر يوم في عيادتي من دون أن يسألني أحد مرضاي إلى متى أستمر في علاج الصرع مع العلم اني أكرر شرحي لهم عن طبيعته المزمنة وهذا يعني أن المشكلة ستصاحب الإنسان مدى الحياة غالباً وأن الدواء هو منظم للشحنات الكهربائية وليس شفاء للصرع مثله في ذلك مثل مرضى السكري أو الضغط المزمن، إذ ان علاجاتهم هي منظمة للسكري أو الضغط فقط ومتى ما توقف الإنسان عن أخذ العلاج تضطرب أمور الحالة المزمنة وهذا ينطبق على الصرع أيضاً. ولحسن الحظ أن المصابين بالصرع ليس عليهم أي قيود غذائية كما هو حال المشاكل المزمنة الأخرى وحتى علاجاتهم غالباً لا ترتبط بأوقات الوجبات ولكن القيد الوحيد هو النوم المبكر وهذا مطلب ضروري لسكون الدماغ أي على الأقل 6 ساعات من النوم الليلي ولا يغني عنه نوم النهار. في السنوات الأخيرة تقدم علاج الصرع بشكل كبير حيث وجدت الجراحات التي قد تساعد العلاج الدوائي على إيقاف النوبات بشكل نهائي في بعض الحالات وتحديدا في حالات الصرع الجزئي.
وهذه الجراحات محصورة لمن يعانون من الصرع المستعصي أي من تأتيهم النوبات بشكل متكرر وقد تعيق حياتهم اليومية على الرغم من أخذ أكثر من دواء بجرعات كبيرة وهذه الفئة تمثل 20-30% من المصابين بالصرع. سنتطرق في صفحتنا اليوم إلى بعض الحلول الجراحية وكذلك سنتطرق لبعض الأمور المصاحبة للصرع المزمن مع خبراء الصرع.
«الأشعة» قد تغني عن العمليات الجراحية..!
طبيب الأشعة الأقدر على قراءة تفاصيل التصوير تبوك، تحقيق- نورة العطوي
تعد الأشعة بكافة أنواعها هي المحور الرئيس في عملية التشخيص الطبي للمرضى، فهي كما يطلق عليها "عين الطب" التي من خلالها يمكن للمختصين النظر بعين الخبير داخل جسم الإنسان بدقة عالية، وبالتالي القدرة على تقييم الوضع العام للمريض، وإجراء التشخيص السليم له، وتوجيه الطبيب المعالج لطريقة العلاج المناسبة.
ومن المؤكّد أنّ حدوث أي خطأ في خطوات الأشعة أو قراءتها يؤدي إلى فشل المعالجة، وربما زادت الحالة الصحية للمريض حرجاً وسوءًا؛ مما يوجب أنّ يكون هناك وعي من المجتمع بتخصص الأشعة، وطلب القراءة من الطبيب المختص في مجاله، وإن لم يوجد في المركز شخص مختص من الممكن عمل الفحص وعرضه على طبيب أشعة مختص، فكما أنّ المريض يسأل عن الطبيب أو الجراح قبل زيارته، يجب أن يسأل من قرأ له التشخيص، ويكون هناك ثقافة ووعي في المجتمع من هذه الناحية.
ورغم توفّر نوع من الوعي حول أهمية التشخيص في قراءة الأشعة، إلاّ أنّ ندرة أطباء الأشعة المختصين مشكلة عالمية وليست محلية فقط؛ مما اضطر الكثير من القطاعات الصحية لاستقطاب أطباء أشعة من الخارج، قد يكون بعضهم ليس بالكفاءة المطلوبة، وكان ذلك بداية تعليق الجرس بضرورة تخريج وتأهيل أطباء مؤهلين يواصلون عجلة التقدم ويواكبون التطور في طب الأشعة.
"الرياض" من خلال هذا التحقيق تناقش أهمية طب الأشعة بأنواعها في الطب الحديث، كما تناولت أحدث التطورات والاتجاهات في مجال تصوير الأشعة، وأسباب القراءات الخاطئة للأشعة وأثرها على المريض، إلى جانب ندرة الكفاءات في هذا التخصص.
أنواع الأشعة
أوضح "د.هشام الشعلان" -رئيس قسم أشعة الأطفال بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية- أنّ الأشعة التشخيصية أصبحت ركيزة أساسية في الأربعة عقود الأخيرة، خاصةً مع تقدم التقنية والفيزياء الطبية؛ إذ تسارع تطور علم الأشعة بشكل مذهل ليضفي بعداً ووهجاً آخر للطب بشكل عام.
وقال:"بعد أن كانت الأشعة محصورة في الأشعة السينية وهي أحد ركائز علم الأشعة، حيث كانت مجرد إضافة قد تكون سطحيه لعملية التشخيص، تشعبت علوم الأشعة لتشمل أنواعاً متعددة مثل الموجات فوق الصوتية، الأشعة المقطعية، الرنين المغناطيسي، الأشعة النووية، الأشعة التداخلية، وغيرها، ليصبح علم الأشعة ديناميكياً ومتسارعاً بشكل كبير ومواكباً للتطور التقني الهائل"، مبيّناً أنّه لكي تكون لدينا مراكز طبية متقدمة ومنافسة يجب أن يكون لديك قسم أشعة قوي ذو كفاءة عالية، مدعوماً بأطباء مختصين في علم الأشعة؛ لأنّه العمود الفقري لأي منشأة صحية تسعى للنجاح وتقديم خدمات طبية رفيعة المستوى. وأضاف أنّ هناك الكثير من أنواع الأشعة التي هي في تطور مستمر ودائم كل على حده، فمثلاً الأشعة المقطعية تطورت بشكل مذهل ليصبح تصوير المريض يستغرق ثواني معدودة فقط، وبدقه عالية ونسبة إشعاع ضئيلة لا تكاد تذكر، كذلك الموجات فوق الصوتية تطورت وأصبحت محورا رئيسا في تشخيص العديد من الأمراض، خصوصاً لدى الأطفال، حيث لا يتم استخدام الإشعاع الذي يعتبر مضراً لهم، بالإضافة إلى الأشعة التداخلية التي أصبحت تنافس الكثير من العمليات الجراحية التقليدية، حيث لا يقتصر دورها في التشخيص فقط، وتعدت ذلك إلى علاج الكثير من الأمراض وبدون تدخل جراحي وبنتائج نجاح رائعة.
وأشار إلى أنّ أشعة الرنين المغناطيسي تعتبر مثالاً رائعاً للتطور المذهل، وذلك باستخدام خاصية الرنين والمجال المغناطيسي، عوضاً عن الإشعاع، موضحاً أنّ أهميتها تكمن في أمراض الجهاز العصبي والعمود الفقري بشكل كبير؛ نظراً للدقة العالية في التصوير، وبالتالي التشخيص الصحيح، منوهاً بأنّ الأشعة النووية تطورت بشكل لافت، حيث يتم حقن المريض بمادة مشعة، ومن ثم التصوير باستخدام أشعة "جاما"، وقد يكون أحدث ما تم التوصل له في علم الأشعة التصوير "البيزوتروني" وهو تحت مظلة الأشعة النووية، وتستخدم بشكل كبير جداً في الأورام، وتشخيصها، ومتابعتها.
الفني..وطبيب الأشعة
وقال إنّ هناك لبساً كبيراً عند الرأي العام عن الفرق بين فني الأشعة وطبيب الأشعة، موضحاً أنّ طبيب الأشعة يتم تأهيله بشكل مضن ومجهد، فهو يدرس سبع سنوات بكلية الطب، تليها (4-5) سنوات زمالة في علم الأشعة ليتخرج كطبيب أشعة عام، بعدها يقضي (2-3) سنوات تخصص أشعة دقيق في مجالات مختلفة، مبيّناً أنّ الدولة تحتاج (13-15) سنة لتخرج طبيب أشعة استشاريا متخصصا بشكل دقيق ومعين، كاشفاً أنّ الإقبال على تخصص الأشعة في ازدياد مضطرد كل سنة، حيث تبلغ مخرجات البورد السعودي تقريباً (20-25) طبيب أشعة سنوياً، إذ يعتبر هذا الرقم قليلاً جداً لسد حاجات المستشفيات والبلد بعدد كاف من أطباء الأشعة، مبدياً تفاؤله بالمستقبل وسعيهم جاهدين لتلبية رغبات سوق العمل لهذا التخصص المهم والرئيس، موضحاً أنّ ندرة المختصين بطب الأشعة تعد مشكلة عالمية، معتبراً أنّ وجود طبيب الأشعة المختص عملة صعبة ونادرة، لافتاً إلى أنّ هناك ندرة في أطباء الأشعة السعوديين المؤهلين؛ مما اضطر الكثير من القطاعات الصحية لاستقطاب أطباء أشعة وافدين، وبعضهم لا يهتم بضرورة أن يكونوا أكفاء، مبيّناً أنّهم يعملون جاهدين من خلال البورد السعودي للأشعة لتخريج وتأهيل أطباء مؤهلين، يواصلون عجلة التقدم والتطور في طب الأشعة.
نحتاج إلى (2000) طبيب أشعة و«العجز» اضطرنا إلى البحث عن عناصر غير مؤهلة
أخطاء طبية
وعن أكثر الأخطاء الطبية الشائع حدوثها؛ ذكر "د.هشام الشعلان" أنّ الخطأ وارد في أي مجال، طالما هناك عمل هناك أخطاء، ولا يستثنى الطب بشكل عام والأشعة التشخيصية بشكل خاص من هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ ليس كل طبيب قادراً على قراءة الأشعة أو عملها ما لم يكن له التدريب والتأهيل الكافي، ولا يمكن لأي طبيب أن يتخذ قراراً معيناً في أشعة ما دون اللجوء لطبيب الأشعة، أو على الأقل الإطلاع على تقرير الأشعة، موضحاً أنّ هناك بعض الأطباء من يحصل على دورات تدريبية معينه لفترات قصيرة في الأشعة؛ مما يؤهله للعمل بها، معتبراً أنّ خبرة طبيب الأشعة هي المرجع والأصل.
وأضاف:"شخصياً أؤمن بالتخصص ولي رأيي الخاص والمتواضع في هذا الجانب، وهو أنه يفترض أن كل الفحوصات التصوير التشخيصي تتم عن طريق طبيب أشعة مختص، ولكن بعض الهيئات والجهات التشريعية أعطت صلاحية لبعض الأطباء غير المختصين بالأشعة لممارسة الكشف بالأشعة بعد التأهيل بدورات قصيرة، وهذا الأمر موجود في أمريكا وكندا، ولكني أرفضه مع الاحترام لجميع الأطباء"، مبيّناً أنّ كل أنواع الأشعة تعتبر صعبة، ويجب أن تأخذ حقها من التدقيق والتمحيص؛ لأنّه في النهاية هناك مريض وطبيب في الجانب الآخر ينتظران التقرير والتشخيص لتحديد العلاج اللازم.
الأشعة التداخلية
وأفاد "د.محمد الطوالة" -رئيس الجمعية العربية للأشعة التداخلية، رئيس وحدة الأشعة التداخلية بمستشفى الملك فيصل التخصصي- أنّ التقدم الهائل في تقنية الأشعة التشخيصية من أهم الانجازات الطبية الحديثة في معرفة مكان وسبب الكثير من الأمراض، وهي بذلك تعد ركيزة أساسية في أي مستشفي متقدم، مبيّناً أنّ السنوات الأخيرة شهدت منافسة شديدة بين الشركات المتخصصة لإنتاج أدق الأجهزة الطبية للأشعة لوجود سوق رائج لها، حيث ينتج كل فترة قصيرة جهاز أشعة يتفوق على سابقه، حيث وجد مؤخراً جهاز أشعة مقطعية يصور شرايين القلب بأخذ (250) صورة بالثانية تسبق انقباضة القلب، وتعطي صورة دقيقة لحالة الشرايين من دون الحاجة لعمل قسطرة قلبية، إلى جانب الدمج بين أشعة الطب النووي التي تظهر نشاط المرض بالإنسان مع الأشعة المقطعية والمغناطيسية؛ لتحديد وجود المرض.
وأضاف أنّ تخصص الأشعة التداخلية -مختصر طب أشعة الأوعية الدموية والتداخلية- يشار إليه أيضاً بجراحة الأشعة، وهو تخصص طبي دقيق يستخدم إجراءات عالية التقنية بدلاً عن الجراحة، ويعالج أمراضاً كثيرة في كل أجهزة الجسم، مبيّناً أنّ المفهوم الكامن وراء الأشعة التداخلية هو التشخيص الدقيق وعلاج المرضى باستخدام أقل التقنيات المتطورة حالياً، من أجل تقليل المخاطر التي يتعرض لها المريض، وتحسين النتائج الصحية، لافتاً إلى أنّ إجراءات الأشعة التداخلية أسهل على المريض، حيث إنّها تتطلب أقل فترة نقاهة، وأقل انقطاع عن الحياة العادية.
وأشار إلى أنّ الأشعة التداخلية تستخدم في معالجة العديد من الأمراض بدون شق جراحي ولا تنويم، أو بتنويم يوم واحد فقط، وكذلك بدون عناء الجراحة مثل فتح الشرايين بحالة الغرغرينا، وعلاج ألياف الرحم بدون استئصال، وعلاج الدوالي بدون جراحة، وعلاج سرطان الكبد، ووضع القساطر العلاجية، وعلاج حالات العقم وانسداد قناة فالوب، ودوالي الحبل المنوي، وتضخم البروستاتا، وحالات النزيف بالجسم والدماغ، وحتى حالات الجلطات في الساعات الأولى منها؛ بإدخال قسطرة تشفط الجلطات، وأدوية تذيبها قبل حصول التلف الكامل، مؤكّداً على أهمية أن يحرص المريض على إجراء الأشعة لدى مركز متخصص لديه أطباء متخصصون بالأشعة، وليس كما هو حاصل الآن في الكثير من المراكز الطبية، إذ إنّ الأشعة لا يقرؤها طبيب الأشعة المختص؛ مما يؤدي إلى التشخيص غير السليم، وبالتالي العلاج الخطأ.
هناك فرق بين «الفني» و«طبيب الأشعة».. والتصوير «البيزوتروني» الأحدث في كشف الأورام
الأشعة النووية
وأوضح "د.خالد النمر" -استشاري أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير الطبقي والنووي- أنّه على الرغم من أنّ اسم الأشعة النووية مخيف ويذكر بالأسلحة النووية وانفجار النووي بهيروشيما، إلاّ أنّ المقصود أنّ هذه العناصر المشعة تولد نظائر تطلق أشعة يمكن رصدها بكاميرات متخصصة، ومن حسن الطالع أنّ هناك أعضاء معينه في جسم الإنسان تمتص هذه النظائر، وبالتالي يمكن استخدامها في التشخيص والعلاج لأمراض ذلك العضو، كالدماغ، والغدة الدرقية، والقلب، والعظام الرئتين، والكبد، والكلى، مؤكّداً فائدة المعلومات التي يحصل عليها المريض والطبيب، موضحاً أنّ هذا الفحوصات عملت لأكثر من ثلاثين سنة في جميع أنحاء العالم، وحديثا يعمل أكثر من ثمانية ملايين دراسة سنوياً للقلب في الولايات المتحدة الأمريكية من دون أي مضاعفات تذكر.
وقال إنّ الأشعة النووية لها شروط معينه يعرفها الأطباء في كل تخصص، ويجب أن تكون كمية الإشعاع التراكمي الذي تعرض له المريض خلال الفترة القريبة السابقة في ذهن الطبيب عند طلب الأشعة النووية، لافتاً إلى أنّ هناك تطورات في كاميرات الأشعة النووية وسرعة أدائها، وأجيال حديثه تختصر وقت التصوير بنسبة (50%)، وهناك تطورات تخص توفر نظائر مشعة معينة لتشخيص أمراض يصعب على الإنسان تشخيصها وتحديدها من قبل، مبيّناً أنّ هناك تطوراً حديثاً في استخدام النظائر المشعة لتحميلها الدواء إلى عضو معين فقط، بدون أن تؤثر على الأعضاء الأخرى، خصوصاً فيما يتعلق بأمراض السرطان، مؤكّداً على ضرورة أن يكون طبيب الأشعة النووية على اطلاع بكل تطور في العلم؛ مما جعل رخصة ممارسة الطب الأمريكية محددة بعشر سنوات، ثم يخضع الطبيب لامتحان مطول يقيّم كفاءته. وأضاف أنّ الأشعة النووية تعتمد كثيراً على العامل البشري، فأي خطأ في البروتوكول، أو طريقة الحقن، وكمية النظائر، أو مكان حقنها، ستعطي نتيجة خاطئة بكل تأكيد، وتضلل الطبيب المعالج، فالتأكد من جميع تلك الخطوات من أساسيات ممارسة التشخيص بالأشعة النووية. من هنا كانت هناك شروط مشدده لمن يستطيع أن يمارس التشخيص بالأشعة النووية في جميع التخصصات ويجب ألا يتهاون فيها أحد، مؤكّداً أنّ الأشعة النووية المعدة ببروتوكول صحيح وتصوير جيد من أسهل أنواع الأشعة قراءة، مشدداً أنّه يجب أن يتأكّد الطبيب من الجرعة، وطريقة ووقت الحقن، وطريقة التصوير.
وأشار إلى أنّ ذلك لا يعني عدم وجود أخطاء في التشخيص، ولكن يظل نظام حماية الجودة ومتابعتها في تحرك مستمر لتقليل فرص الأخطاء، التي يكون غالبيتها بسبب طريقة الحقن، أو كمية المادة المشعة، أو حركة المريض خلال التصوير، أو في طريقة كتابة الاستنتاج النهائي لذلك الفحص، لافتاً إلى أنّه سبق وأن اقترحوا التنسيق بين مختبرات تصوير القلب النووي في المستشفيات الكبرى، ووضعها تحت جهة مراقبة موحدة، تهتم بتحديد نوعية وجودة النظائر المشعة، والبروتوكول المستخدم في ذلك، ومن له صلاحية قراءة تلك الأشعة، وتجديد الرخصة بصورة دورية بعد امتحان معين يخضع له الطبيب، وكذلك متابعة تدريب الأطباء السعوديين.
التخصص الدقيق
وبيّن "د.مشعل الشعلان" -استشاري أشعة الجهاز الهيكلي العضلي بمستشفى الملك فيصل التخصصي- أنّ هناك حاجة ماسة للتخصص عالمياً ومحلياً، حيث إنّ الاحتياج العالمي للدول تقريباً (100) أخصائي أشعة لكل مليون مواطن، وتعدد السكان في المملكة حوالي (30) مليون نسمة مواطناً ومقيماً؛ مما يعني الحاجة إلى (3000) طبيب أشعة على أقل تقدير، بينما بلغ عدد أطباء الأشعة حوالي (1000) طبيب من جميع الجنسيات على مستوى المملكة، لافتاً إلى أنّ التوجه الآن هو نحو التخصص الدقيق في مجال طب الأشعة، كالتخصص في علم أشعة الأعصاب، والصدر، والأطفال، والأشعة التداخلية، والجهاز الهيكلي العضلي، والطب النووي، مشدداً على كل متخصص بأن يتابع المستجدات في مجال تخصصه الدقيق؛ ليواكب التقدم في مجاله الطبي ويقدم النوعية المتميزة من التشخيص في المجال التشخيصي الدقيق. وقال إنّ الاستشاري المختص في بعض الأحيان يطلب أشعة صوتية أو رنينا مغناطيسيا للثدي، والتي تعتبر من الفحوصات الحديثة نسبياً في هذا المجال، إلى جانب الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ والتي تسبق العمليات الجراحية، موضحاً أنّ تروية الدماغ عن طريق الفحص بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية يعتبر أيضاً من المجالات الطبية الحديثة في مجال الأشعة، منوهاً بأنّه تم استبدال عمليات جراحية عديدة بالتدخل البسيط ومتابعة ما يجري عن طريق الأشعة سواء الأشعة الصوتية أو التنظير الفلوري أو الأشعة المقطعية، وفي بعض الأحيان الرنين المغناطيسي.
وأضاف أنّه على سبيل المثال دوالي الخصيتين وألياف الرحم تتم معالجتها الآن عن طريق القسطرة، من خلال الأوردة أو الشرايين، ولا يتم عمل فتح جراحي في الجسم، كذلك بعض الأورام الحميدة للعظام مثل العظم المتعاظم، حيث يتم حرقها بواسطة ترددات الراديو، عن طريق إبرة يتم توجيهها تحت الأشعة، والتي سابقاً كانت تعالج عن طريق استئصال جراحي للعظم المصاب، إلى جانب تدعيم الفقرات في العمود الفقري المصابة بكسور، خصوصاً التي تحدث بسبب الهشاشة؛ لمنع تفاقم الكسر وعلاج الألم المصاحب، مبيّناً أنّه بالنسبة لليزر يستخدم في علاج الدوالي، خصوصاً في الأطراف السفلى من الجسم، وأيضاً في حرق بعض الأورام، لافتاً إلى أنّ التخصص الدقيق مهم جداً؛ لأنّ بعض الأمراض تشخيصها يحتاج طبيباً مختصاً في المجال، ناهيك عن أن يكون الطبيب غير مختص بالأشعة، وهذا ينتج عنه تشخيص خاطئ، ومن الممكن أن يحدث بسببه عواقب وخيمة، إما فوات الفترة التي يمكن علاج المرض فيها، مثل الجلطات الدماغية، والأورام، أو حدوث وفاة -لا سمح الله- في بعض الأحيان، أو إعطاء العلاج غير المناسب، أو إجراء الجراحة غير المطلوبة. وأشار إلى أنّ التشخيص الخاطئ يكون بالعادة لسببين، الأول: عدم ملاحظة المرض أو العلة المرضية في الأشعة بتاتاً، وهذا ينتج عن الاستعجال في عمل التقرير وعدم أخذ الوقت الكافي لقراءة الأشعة؛ لكثرة الحالات، أو ضغط العمل، أو لعدم الإلمام بالتخصص الدقيق، وهذا يحدث لقلة التدريب ووجود الاستشاريين المتخصصين لقراءة الفحوصات، والثاني: تتم ملاحظة العلة المرضية وتعطى التشخيص الخاطئ، وهذه بسبب عدم الإلمام بالتخصص، كأن يكون طبيب أشعة عاما أو غير طبيب أشعة -مثل ما يحدث في بعض المراكز غير المؤهلة للأسف-، مشدداً على أنّه يجب أن يكون هناك وعي من المجتمع بتخصص الأشعة، وطلب القراءة من الطبيب المختص في مجاله، وإن لم يوجد في المركز شخص مختص من الممكن عمل الفحص وعرض الفحص على طبيب أشعة مختص، فكما أنّ المريض يسأل عن الطبيب أو الجراح قبل زيارته، يجب أن يسأل من قرأ له التشخيص، ويكون هناك ثقافة ووعي في المجتمع من هذه الناحية.
ليس كل فحوصات الأشعة مضرة..!
أكّد "د. مشعل الشعلان" أنّ ليس كل فحوصات الأشعة ينتج عنها إشعاع ضار بالجسم، فمثلاً الأشعة الصوتية والرنين المغناطيسي لا يوجد بها إشعاع، وأشعة "إكس" فيها إشعاع ولكنه قليل في معظم الأحيان، وأما الأشعة المقطعية وهي الأكثر شيوعاً في الأشعات المطلوبة تركيز الإشعاع يكون عاليا فيها نسبياً، ولكن لا تشكل
خطرا على الصحة بالاستخدام المناسب.
وقال:"طبعاً الحوامل يجب عليهن تجنب الإشعاع، مثل أشعة (إكس)، أو الأشعة المقطعية، أو أشعة الطب النووي، فيما يفضل تجنب أشعة الرنين المغناطيسي في الشهور الثلاثة الأولى"، موضحاً أنّه لا يوجد أي بحث طبي يثبت ضررها على الجنين، فلو كان هناك حاجة ماسة يمكن عمل الأشعة، مشيراً إلى أنّ الأشعة الصوتية آمنة في جميع المراحل، وهناك اعتقاد خاطئ أنّها لمتابعة الحمل فقط، وهذا غير صحيح، فهي فحص مهم للرحم، والمبايض، والكلى، والطحال، والكبد، والمرارة، والأوعية الدموية.
د. الشعلان: أنصح الشباب بالتفكير في تخصص «طب الأشعة»
أفاد "د. هشام الشعلان" أنّ طب الأشعة يحظى بإقبال متزايد عبر السنوات الماضية من قبل الأطباء المتدربين في البورد السعودي للأشعة، وهذا بحد ذاته يعتبر تقدما وإنجازا، كما أنّ برنامج تدريب الأشعة في المملكة -خصوصاً في مستشفى الحرس الوطني- حقق قفزات هائلة يكاد يكون الأميز من ضمن برامج التدريب الطبية.
وقال:"يكفينا فخراً أنّ برنامج تدريب الأشعة بالحرس الوطني حصل على مصادقة الكلية الملكية الكندية في طب الأشعة؛ مما يمكن المميزين من أطباء الأشعة المتدربين بالالتحاق بالجامعات الكندية العريقة والجلوس لاختبار البورد الكندي في الأشعة، وهذه المصادقة هي الأولى من نوعها في المملكة، وإن دل على شيء فإنما يدل على علو كعب طب الأشعة في المملكة".
وأضاف أنّ التصوير "البيزوتروني" يظل القادم الجديد في طب الأشعة وسيكون له تأثيره الإيجابي بحول الله لمرضى الأورام شفاهم الله، مؤكّداً على أنّ جميع التخصصات معقدة وتحتاج للكثير من الكوادر الطبية المؤهلة، بداية من مهندسين وفيزيائيين طبيين، للاهتمام بالأجهزة وصيانتها، مروراً بفنيي أشعة لإجراء عمليات التصوير المطلوبة، ونهاية بأطباء الأشعة والذين يحللون الصور، ويقيمون الحالة، ويكتبون التقارير والإفادة بالتشخيص، ويبدون التوصيات للطبيب المعالج في كيفية العلاج، أو الحاجة لعمل فحوصات أخرى مساعده، موضحاً أنّ كل أنواع الأشعة علم بحد ذاته، ويحتاج تدريبا وتأهيلا مركّزا.
وأشار إلى أنّ المرضى عليهم أن يحرصوا على مناقشة الطبيب في أهمية وضرورة فحوصات الأشعة، وأن يكون الفحص مطلوبا وضروريا ويرجى منه معلومة أو فائدة معينة للوصول لتشخيص معين، دون أن يكون فحصا لمجرد الفحص، خصوصاً وأنّ هناك أنواعا من الأشعة قد يكون فيها ضرر على الإنسان، تحديداً الأطفال إذا ما تم عملها بشكل مبالغ فيه، ناصحاً جميع الأطباء حديثي التخرج أو القريبين من التخرج أن يفكروا في دراسة تخصص طب الأشعة بشكل جدي، وأن يقبلوا عليه؛ للحاجة الماسة لأطباء الأشعة، مؤكّداً أنّ التخصص يتوافق مع روح شباب هذا الجيل؛ لما فيه من تقنيات متعددة.
التقنية المستخدمة في أجهزة الأشعة أغنت عن كثير من العمليات الجراحية
ندرة الكفاءات الوطنية في تخصص الأشعة تحتاج إلى دعم لسد العجز
الأشعة تمنح الطبيب دقة التشخيص «أرشيف الرياض»