عن انتشار الرائحة الغريبة في العقبة !
الرائحة الغريبة التي انتشرت في مدينة العقبة مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء الفائت وأصابت المواطنين بالرعب ، قال تقرير رسمي : أنها مادة : " غاز مسال " ، أو انفجار أنبوب نفط في إيلات كما تقول مصادر إسرائيلية ، نتج عنه إغراق وادي عربة بالبرك النفطية ، مما يعني استحالة صلاحيته للزراعة كما تقول إسرائيل نفسها وفق تقرير عبري ترجمه موقع جي بي سي نيوز الجمعة الفائتة .
يعرف الأردنيون ويتفكهون ولكن بمرارة ، أن الكيان الإسرائيلي لا يمكن أن يأتي منه خير :
لا بد أنكم تذكرون قصة مطار الغور الأردني " الزراعي " وهو المطار الذي اعترضت عليه إسرائيل ، في نفس الوقت الذي بنت فيه مطارا لها في إيلات رغم اعتراض الخارجية الأردنية ، وتذكرون أيضا قضية الألغام التي يقوم جيشهم بتفجيرها في منطقة الأغوار منذ سنوات وما ينتج عنها من احتراق منازل ومزارع أردنيين لا زالوا ينتظرون وعود الحكومات المتعاقبة بالتعويض ، حيث لم تدفع إسرائيل قرشا واحدا لهؤلاء ، وأيضا تتذكرون مزارع السمك الإسرائيلي في بحر العقبة التي هي سبب من أسباب التلوث ، وفي هذا السياق ، تحضرني قصة النائب " عشا " الذي حصل على ترخيص من السعودية ومصر لإقامة مزارع سمك تجارية كبرى في لسان البحر الأحمر ، وعندما حاول الحصول على موافقة أردنية أبلغته سلطة العقبة أن الإسرائيليين رفضوا .
ولأن شؤون الطاقة متلازمة ، فإن المفاعل النووي يفرض نفسه هنا ، فهذا المفاعل ، بالإضافة إلى اتفاقية إنشاء محطة تحلية في العقبة على الأرض الأردنية تقوم بتزويد إيلات بالمياه نظير تزويد إسرائيل لمحافظات الشمال بمياه طبريا ، واتفاقية الغاز التي ستستمر خمس عشرة سنة ، أقول : كل هذه المشاريع وغيرها ليست سوى مشاريع للهيمنة والسيطرة عن بعد من دون أن ندري أو نحسب له حسابا :
فإذا أقمنا محطة التحلية في العقبة وربطنا خمس محافظات في الشمال ببحيرة طبريا ، فإن إسرائيل ستكون قادرة على تعطيش ملايين الاردنيين بكبسة زر ،وقس عليه ارتباطنا الإستراتيجي بالغاز الإسرائيلي ورهن كهرباء بيوتنا بأيدي هؤلاء الذين ليس لهم ذمة ولا عهد ، وها هو المسجد الأقصى الذي هو تحت الوصاية الهاشمية بموجب اتفاقية وادي عربة دخله المستوطنون ودنسوه ، وها هو القاضي زعيتر يقتل بدم بارد ويضيع دمه هدرا .
فإذا كان تسرب قليل من الغاز دفع بالدفاع المدني الأردني إلى نقل عشرات الأردنيين للمشافي والطلب من سكان العقبة إغلاق نوافذ منازلهم ، فكيف سيكون عليه الحال لو تسرب إشعاع من المفاعل النووي الأردني الذي سيقام في الصحراء والذي سيتم تبريده من محطة " الخربة السمراء " .
أسأل هنا : هل أنشئت محطة الخربة السمراء لمعالجة المياه العادمة أم لتبريد المفاعلات النووية ؟ .
إذا خرقت إسرائيل غدا اتفاقية وادي عربة ، وطلب الشعب قطع العلاقات معها ، فلربما سيقال للاردنيين حينها : إن قطع العلاقات مع إسرائيل خطر ومصيبة ، لأنه سيعطش خمس محافظات ، وكذلك فإن عمان والمدن الأخرى ستبيت بالظلام ، وإذا وصل الأمر حتى إلى هدم إسرائيل للمسجد الأقصى ( سبق وأحرقته ) وأصبح إلغاء وادي عربة محتوما فسيقال للأردنيين حينها : إن لديكم مفاعلا نوويا لا يتحمل أي قصف ولذلك فإن عليكم أن " تقعدوا عاقلين " .
وبموجب كل ما ذكر ، فإن اتفاقية الغاز خطأ استراتيجي ، والمفاعل النووي خطأ استراتيجي ، واعتمادنا على بحيرة طبريا خطأ استراتيجي كذلك .
عودا على بدء : لا أريد أن أكون من أصحاب نظرية المؤامرة ، ولكني أعتقد : إن تدفق النفط في وادي عربة لم يكن ليكون ، لولا أن الأردن بدأ جديا في محاولات استخراج الذهب ، بعد أن دلت دراسات سابقة أن الوادي تتوفر فيه كميات مشجعة من هذا المعدن الثمين ، ورأينا كيف أن حكومة النسورممثلة بوزارة الطاقة طرحت في الثاني من تشرين ثاني الماضي عطاء للشركات الراغبة في التنقيب والإستكشاف .
نعم : لعل الكيان فعل ما فعل في العقبة متعمدا .
د. فطين البداد