ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: ما مدى دستورية نص المادة رقم (126) من قانون الأحوال الشخصية الخميس 18 ديسمبر 2014, 2:09 am | |
| [rtl] ما مدى دستورية نص المادة رقم (126) من قانون الأحوال الشخصية[/rtl] المحامي:مُهنَّد ناصر طلاّق الزعبي[rtl] تتعلق المادة رقم (126) من قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم (36) لعام (2010) المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (5809)، تاريخ (17/ 10/ 2010) بدعوى التفريق للشقاق والنزاع، التي يكون لأي من الزوجين الحق بإقامتها، إذا إدعى ضررا لحق به من الطرف الآخر بحيث يتعذر معه إستمرار الحياة الزوجية، سواء كان الضرر حسيا أم معنويا، وقد جاءت المادة المذكورة بفقراتها التسع بتفصيل مراحل الدعوى من الألف إلى الياء. والدعوى المذكورة مستقاة من مذهب الإمام مالك، والإمام أحمد رحمهما الله(أنظر:د.مصطفى السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، الجزء الأول (الزواج وإنحلاله)، الطبعة التاسعة، دار الوراق للنشر والتوزيع، بيروت عام (2001)، صفحة رقم 240. أما الأسباب الموجبة للدعوى فتتأتى من أن حصول الخلافات والمشاكل بين الزوجين ينعكس سلبا عليهما وعلى أولادهما، ويهدد كيان الأسرة التي هي نواة المجتمع، لذلك كان لابد من إيجاد المخرج الشرعي والقانوني لهذه المعضلة لدرء الضرر الناتج عنها وحماية الأسرة والوصول بها إلى بر الأمان، وقد كان الحل الأمثل، والعلاج الناجع لذلك من خلال أخذ المُشرع بدعوى التفريق للشقاق والنزاع أنظر: القاضي أحمد محمد علي داود: 1.القرارات الإستئنافية في الأحوال الشخصية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان عام 1999، صفحة رقم 251. 2.القضايا والأحكام في المحاكم الشرعية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان عام 2006، صفحة رقم 243). وإن المتتبع لموقف المشرع الأردني من دعوى التفريق للشقاق والنزاع يجد مايلي: أولا.أنه قد أخذ بالدعوى المذكورة من خلال نص المادة رقم(96) من قانون حقوق العائلة الأردني رقم (92) لسنة (1951)، المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم(1081) تاريخ (16/ 8/ 1951) والذي أُلغي في أعقاب صدور قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم (61) لسنة ( 1976) المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم(2668) تاريخ(1/ 12/ 1976)، حيث إن المشرع الأردني جعل الحق في إقامة الدعوى للزوجة دون الزوج وذلك من خلال نص المادة المذكورة(92 من قانون حقوق العائلة)، وأعفى الزوجة من عبء الإثبات لأن نص المادة جاء بصيغة على القاضي بعد التثبت......) والتثبت غير الإثبات، إذ أن المشرع خوّل للمحكمة حرية الحركة في إثبات الدعوى التي تقيمها الزوجة، ومن ثمّ القناعة بها، أي أن إثبات الدعوى لا يخضع للقاعدة العامة التي تنص على أن( البينة على من إدعى، واليمين على من أنكر)، أنظر عبد الفتاح عايش عمرو، القرارات القضائية في الأحوال الشخصية، الطبعة الأولى، دار يمان للنشر والتوزيع، عمان، عام 1990)، صفحة رقم(83). وإن في هذا تمييزاً واضحاً بين المرأة والرجل، على الرغم من أنهما أمام القانون سواء. ثانيا: كما أن المشرع الأردني أخذ بالدعوى نفسها من خلال المادة رقم(132) من قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم(61) لسنة(1976)، والتي إعتمدت مبدأ المساواة بين الزوج والزوجة من خلال أنه صار بإمكان كل واحد منهما إقامة دعوى التفريق للشقاق والنزاع بمواجهة الآخر، ولم يعد هذا الحق حكرا على الزوجة دون الزوج كما هو الحال في قانون حقوق العائلة. ومن خلال أن عبء إثبات الدعوى صار يقع على المدعي زوجا كان أم زوجة، ذلك لأن المشرع الأردني ألغى ما كان يعرف بتثبت المحكمة من الدعوى التي تقيمها الزوجة بمواجهة زوجها والذي كان معمولا به في القانون السابق(قانون حقوق العائلة)، وصارت الزوجة بموجبة ملزمة بإثبات دعواها(إضرار الزوج بها) بالبينة الشرعية طبقا لأحكام القاعدة العامة المشار إليها آنفا(الفقرة أ من المادة المذكورة)، وبهذا ساوى المشرع الأردني بين دعوى الزوجة ودعوى الزوج من حيث آلية الإثبات، ذلك أن الزوج ملزم – وحسب الفقرة ب من المادة المذكورة- بإثبات وجود الشقاق والنزاع. ثالثا.أما قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم(36) لسنة(2010) فقد تناول الدعوى نفسها من خلال نص المادة(126) والتي إعتمدت مبدأ التمييز والتفرقة بين الدعوى التي تقيمها الزوجة، وتلك التي يقيمها الزوج، من حيث آلية الإثبات المتاحة لكل منهما، وإن الباحث في دستورية هذا النص من عدمها، يجد بأنه غير دستوري، وذلك للأسباب الآتي بيانها: 1.أنها تخالف نص المادة رقم(6/ 1) من الدستور الأردني التي تنص على: ( الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن إختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، وإن المخالفة تتأتى من خلال أن المادة رقم(126 /أ) من قانون الأحوال الشخصية جعلت للزوجة التي تطلب التفريق للشقاق والنزاع بينها وبين زوجها، مَيزة غير متوفرة للزوج الذي يطلب الطلب نفسه( 126/ب)، إذ أن الفقرة(أ) من المادة(126) أعفت الزوجة من وجوب تقديم البينة لإثبات دعواها، وإكتفت بتحقق المحكمة من وجود الشقاق والنزاع، وإن ماهية التحقق تختلف إختلافا جذريا عن إثبات الدعوى، ذلك لأن للإثبات العديد من القواعد والضوابط الشرعية التي لابد للمحكمة الناظرة للدعوى من مراعاتها والعمل بموجبها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: أ.أنه لابد من البينة الشخصية لإثبات الدعوى، اللهم إلا إذا كان هناك إقرار من الزوج المدعى عليه بالدعوى. ب.أن نصاب الشهادة هو شهادة رجلين، أو رجل وإمرأتين. ج.أنه من غير الجائز شهادة الأصول وإن علوا للفروع وإن سفلوا، والعكس صحيح. د.يكون من حق طرفي الخصومة إستجواب ومناقشة الشاهد. هـ.يجب على المحكمة أن تقرر مطابقة الشهادة لبعضها وللدعوى. و.يكون للمشهود ضده حق الطعن بشهادة الشهود بالطعون الشرعية المقبولة مثل:العداوة بين الشاهد والمشهود ضده، أوبكون الشاهد غير عادل، أو بكونه لا يصوم ولا يصلي، ...إلخ وهذا سندا لما هو وارد في مجلة الأحكام العدلية(المادة 1700 وما بعدها) وشرحها لكل من: - علي حيدر، درر الحكام، شرح مجلة الأحكام، تعريب المحامي:فهمي الحسيني، المجلد الرابع، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت عام(1991)، صفحة رقم(348) وما بعدها. - سليم رستم باز اللبناني، شرح المجلة، الطبعة الثالثة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عام(1986)، صفحة رقم(1023) وما بعدها. ز.يجب على المحكمة أن تقرر قناعتها بشهادة من شهد. في حين أن الفقرة (ب) من المادة نفسها والمتعلقة بالدعوى التي يقيمها الزوج على الزوجة، ألزمت الزوج بإثبات دعواه، وهذا لا يكون إلا من خلال تقديم البينة الشرعية المقبولة، وضمن الضوابط المذكورة آنفا، ومن غير الجائز الإكتفاء بتحقق المحكمة من وجود الشقاق والنزاع، كما هو الحال بالنسبة للدعوى التي تقيمها الزوجة. مما يعني أن النص المذكور(126 من قانون الأحوال الشخصية) قد ميّز بين المرأة والرجل على خلاف ما تقضي به المادة رقم(6/ 1) من الدستور الأردني من أنهما أمام القانون سواء لا تمييز بينهما، على إعتبار أن المساواة المقصودة، والمنشودة من خلال هذه المادة هي المساواة القانونية، وليس المساواة الفعلية، وبالتالي فإن هذا التمييز يرتب عدم دستورية النص. ناهيك عن أن السند الشرعي لنص المادة رقم(126 /أ) من قانون الأحوال الشخصية المتمثل بمذهب الإمام مالك رحمه الله(أُنظر لطفا:محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، و ابو البركات أحمد بن محمد بن أحمد الدردير العدوي، الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك)، الذي أجاز للمحكمة الناظرة لدعوى التفريق للشقاق والنزاع إعتبار الدعوى ثابتة من مجرد تكرار أفعال ووقائع الشقاق والنزاع، وبالتالي محاولتها المصالحة بين الطرفين، ومن ثمّ بعث الحكمين بينهما لعقد جلسة المصالحة والتحكيم، لا يقتصر(أي رأي المذهب المالكي) على الزوجة دون الزوج، ومن غير الجائز جعله كذلك، على إعتبار أن المدعي بالدعوى قد تكون الزوجة، وقد يكون الزوج، مما يعزز عدم دستورية النص المذكور. 2.كما أن المادة المذكورة تخالف نص المادة رقم(6/ 4) من الدستور الأردني، والتي تنص على أن: ( الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحُب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها). وأن وجه المخالفة يتأتى من خلال أن إعفاء الزوجة من الإثبات بالبينة الشرعية المقبولة، وما يستتبع ذلك من إسقاط حق الزوج بإبداء دفوعه وإعتراضاته على البينات المقدمة، والإكتفاء بتحقق المحكمة من وجود الشقاق والنزاع من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء الرابطة الزوجية في وقت قياسي، وفي هذا خلخلة لكيان الأسرة الشرعي، وإضعاف لأواصرها وقيمها، مما يرتب عدم دستورية النص، لا سيما وأن هناك آراء فقهية تعتبر أشد صرامة وأكثر إحكاما إذا ما تم الأخذ بعين الإعتبار المحافظة على كيان الأسرة، ومن ذلك ما كان مأخوذا به في قانون الأحوال الشخصية رقم(61) لسنة(1976) حيث كانت الزوجة ملزمة بإثبات إضرار الزوج بها حتى تعتبر دعواها صحيحة ومقبولة(المادة رقم 132/أ) فإذا عجزت عن إثبات الإضرار فإن دعواها تكون مستوجبة الرد. 3.إن المادة المذكورة(126 من قانون الأحوال الشخصية) تخالف نص المادة رقم(106) من الدستور الأردني التي تنص على: ( تُطبق المحاكم الشرعية في قضائها أحكام الشرع الشريف)، وإن المخالفة تتأتى من خلال أن النص القانوني يخالف أحكام الإثبات في الشريعة الإسلامية، والمحكومة بالقاعدة العامة الشرعية المتأتية من قوله صل الله عليه وسلم في الحديث الصحيح البينة على من إدعى، واليمين على من أنكر)، والتي منها تم إستنباط المادة رقم(76) من مجلة الأحكام العدلية(أنظر لطفا شرح هذه المادة لعلي حيدر:درر الحكام، شرح مجلة الأحكام، المرجع السابق، صفحة رقم 66)، وهي التى تراعى وتطبق في المحاكم الشرعية على نطاق واسع. ذلك لأن هذه القاعدة لا تطبق في حالة كان المدعي بدعوى التفريق هي الزوجة، لأنها معفاة من تقديم البينة لإثبات دعواها(126/أ)، حيث يكتفى بتحقق المحكمة من وجود الشقاق والنزاع دون تكليف الزوجة بتقديم أية بينة تذكر، خلافا لما تقضي به القاعدة الشرعية المذكورة، مما يرتب عدم دستورية النص. 4.، أما بالنسبة للآراء التي تذهب إلى القول بأن نص المادة رقم(126) من قانون الأحوال الشخصية جاء إستجابة للمطالب والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الحكومة الأردنية، فإنه وعلى فرض صحة ذلك فإن هذا يطعن بدستورية المادة من هذه الناحية أيضا، ذلك لأنه إذا ما صحّ ذلك، فإن المشرع الأردني يكون قد جعل المواثيق الدولية تسمو على الدستور، وهذا غير جائز لأن مثل هذه المواثيق لا يسري مفعولها إلا من خلال قانون وتعامل على هذا الأساس في الأردن، وإنه من غير الجائز – طالما أنها تعامل معاملة القانون - إعتبارها أعلى من الدستور. وعليه، وفي ضوء كل ما ذُكر آنفا فإن نص المادة رقم(126) من قانون الأحوال الشخصية لا يعتبر دستوريا، وإن تقرير ذلك من عدمه يرجع الى المحكمة الدستورية الموقرة التي خولها القانون (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لستة 2012) صلاحية النظر بالطعون في دستورية القوانين، سواء أكانت طعونا مباشرة(المادة رقم 9 من القانون)، أم غير مباشرة(المادة رقم 11 من القانون)، وإننا نأمل بعرض الأمر عليها في القريب العاجل، نظرا لأن المادة المذكورة تمس شريحة كبيرة من المواطنين، وإن صدور القرار بعدم دستوريتها من شأنه أن يؤدي إلى إزالة كافة الآثار السلبية المترتبة عليها، وبالنتيجة إرساء مبدأ المساواة بين الزوجين، بما يتفق وأحكام الدستور الأردني. * طالب دكتوراة القانون العام - الجامعة الأردنية[/rtl] |
|