الدواء نعمة من الله امتن بها على العباد رحمة بهم ، وقد قيض الله من يجتهد ويبحث ليَخْرُجَ لنا هذا الدواء الذي ينفع الله به الناس فقد قال الرسول صل الله عليه وسلم : تداووا عباد لله فإن الله تعالى لم ينزل داء الا وأنزل معه الدواء علمه من علمه وجهله من جهله
ولكن كيف نتناول الدواء وكيف يمكن أن نستفيد من الدواء ليكون نعمة لا نقمة ؟
في هذه المقالة سنشير الى بعض المحاذير وبعض التنبيهات لكي تستفيد حقا من الدواء وتتجنب أي أخطار قد تلحق بك جراء الاستخدام الخاطئ للدواء
1- الدواء كقاعدة عامة من الممكن أن يكون بالكامل طبيعيا كالعسل مثلا .
2- ومن الممكن أن يكون الدواء مشتقا عن أعشاب ومواد نباتية أو حيوانية وهو الى هذه الدرجة لا يزال يعتبر طبيعيا الى حد ما ولكن الفرق بينه وبين الأعشاب الطبيعية التي على حالتها الأولى أن المادة الدوائية المستخلصة من النبات أو العشب الطبيعي قد تكون مصنعة بتركيز كبير جدا عن الحالة التي كانت موجودة عليها في النبات الأصلي ، والفرق الآخر أن النبات الأصلي قد يحتوي على المادة الفعالة المطلوب الاستفادة منها ومواد أخرى قد تكون غير مفيدة للمريض بل قد تكون ضارة في بعض الأحيان .
3- ومن الممكن أن يكون الدواء مصنعا بالكامل كيميائيا. وعلى وجه العموم كلما كان الدواء أقرب إلى الطبيعة كلما كانت آثاره الجانبية أقل.
4- بعض الأدوية قد تسبب أضراراً وآثاراً جانبية لدى البعض ولا تسبب نفس هذه الأضرار لدى الآخرين فلذلك تعتبر مسألة الأضرار والآثار الجانبية مسألة تلعب فيها التجربة الشخصية لكل مريض دورا كبيراً بمعنى أنه لا يشترط لمن لم يتعرض لأي أضرار أو آثار جانبية من دواء ما أن يعمم هذه التجربة الشخصية ويصف الدواء من نفسه لآخرين فقد يعاني الآخرون مما لم يعانيه غيرهم من أضرار وآثار جانبية. كما يجب عليك من البداية أن لا تسأل مريضا آخر عن الدواء لأنه لا يعتبر هنا من أهل التخصص الذين هم الأطباء ولصيادلة وقد قال الله تعالى(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
5- معظم الآثار الجانبية قد كتبت في النشرة الدوائية المرفقة مع كل دواء ولذلك من المهم جداً أن يقرأ المريض النشرة الدوائية المرفقة مع الدواء قبل استعماله حتى ولو لم ينبه الطبيب المعالج أو الصيدلي على ذلك لأن مسألة التنبيه هذه تخضع للعنصر البشري بمعنى أن النسيان أو الإهمال في التنبيه وارد ولذلك يجب على كل مريض أن يقرأ وبعناية النشرة الدوائية المرفقة مع الدواء.
6- الأدوية مركبات ومواد لم تصنع ابتداءاً للاستعمال العادي لجميع الناس بمعنى أنه لا ينبغي لمن لم يتم وصف دواء معين له أن يتناول الدواء إلا إذا كان ذلك بوصف من الطبيب وبمعنى آخر الدواء ليس من المستلزمات المنزلية المعتادة التي تُشترى بصفة دورية إنما هو مادة استثنائية وليست أصيلة بالنسبة لكل إنسان .
7- الدواء ليس سلعة تموينية ولا يجوز تخزينه في المنزل إلا للضرورة التي يقدرها الأطباء بل يجب الاقتصار فيه على قدر الحاجة فقط ولا ينبغي تخزين أكثر من عبوة بدون سبب مبرر ومقبول.
8- لا ينبغي بحال تناول الدواء أو وصفه لآخرين من تلقاء نفسك ما لم تكن من أهل التخصص وهم هنا الأطباء والصيادلة وينبغي أن تفهم أن في المسألة جانباً شرعياً لأنك قد تضر نفسك وقد تضر الآخرين وهذه جريمة يحاسبك عليها الله والشرع والقانون فقد روي عن رسول الله صل الله عليه وسلم : من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن.
9- الدواء مادة لا تؤتي ثمارها إلا إذا أخذ بالطريقة الصحيحة وهي الطريقة التي يصفها الطبيب بمعنى أنه يجب عليك أن تفهم جيداً من طبيبك أو من الصيدلي الذي سيصرف لك الدواء طريقة استعماله من حيث عدد الجرعات وطريقة التناول هل هي بالفم أو بالحقن ..الخ وهل يتناول الدواء في توقيت معين حيث أن بعض الأدوية توصف بعد تناول الطعام وأخرى قبلها وأخرى عند الاستيقاظ وأخرى قبل النوم وهكذا..ثم عليك أن تسأل متى ينبغي التوقف عن تناول الدواء؟
10- حتى لو شعرت مع استعمال الدواء براحة لم تكن تشعر بها من قبل فلا يعتبر هذا مبرراً ومسوغاً لك في أن تتناول الدواء لمدة زمنية أطول من التي قررها لك الطبيب بذريعة أن الدواء يريحك ، فليس هذا من حقك أبداً بل هذا قد يجلب عليك أعظم الضرر لأن لبعض الأدوية أضرارا تتمثل في قدرتها على إحداث الاعتياد عند المريض ومن ثم قد يحدث نوع من الإدمان والاحتياج الشديد للدواء ولذلك لا تكرر الدواء إلا إذا وافق طبيبك على ذلك.
11- بعض المرضى قد يزيدون في جرعات الأدوية من تلقاء أنفسهم اعتقاداً منهم أن هذا سيزيد من تأثير الدواء وهذا خطأ فادح فكل دواء لم يتم نشره بالأسواق إلا بعد أن أجريت عليه العديد من التجارب حتى تم التوصل الى الجرعة الفعالة والتي قد ينقلب تأثيرها الى العكس إذا زادت عن الحد المقرر لها فاحذر أخي المريض من الوقوع في هذا الخطأ.
12- إذا ارتبكت في تناول الدواء وأحسست أنك لم تتناوله بالجرعات وبالطريقة الموصوفة المقررة أو توقفت عن تناوله لفترة ما ثم قررت العودة إليه مرة أخرى فيجب عليك الاتصال بطبيبك وشرح الوضع الراهن له ليقرر هل سيكون من المجدي الاستمرار في نفس الدواء أم أنه سيعدل الى قرار آخر بتغيير الدواء الى غيره.
13- من الجرم الكبير وظلم النفس أن تعدل عن الدواء الذي وصفه لك الأطباء المتخصصون إلى المنتحلين والمدعين الذين يزعمون أنهم يفهمون في الطب ويصنفون أنفسهم أنهم أهل الطب البديل فتجد الواحد منهم يزعم أن لديه دواءاً يعالج به كل أمراض الدنيا فهو يعالج بنفس الدواء مرض السكري من النوعين ويعالج بنفس الدواء العجز الجنسي ويعالج بنفس الدواء داء الثعلبة ويعالج بنفس الدواء قرحة المعدة ويعالج بنفس الدواء ارتفاع ضغط الدم ولو جلست مع أحدهم لتسأله دواؤك هذا ينتمي الى أي المجموعات الدوائية فستجده يتلعثم ويروغ منك كما يروغ الثعلب ، وإن تعجب فعجبٌ جرأتهم على الله في ادعائهم العلم وهم لم يدرسوا علم التشريح أو الفسيويولجي أي علم وظائف الأعضاء ولم يدرسوا البكتريا والفيروسات ولم يدرسوا علم الأمراض ولم يدرسوا علم الصيدلة وطريقة عمل الدواء وتصنيف المجموعات الدوائية... فكيف تحصلت لديهم هذه الجرأة على الله ، إنها والله لمن الجرائم البشعة التي يجب أن يوضع لها العقوبات الرادعة لأنها تتعلق بالنفس الإنسانية التي كرمها الله.
14- يجب عليك الاهتمام بنظافة المكان الذي تحفظ فيه الدواء والاهتمام بنظافة الزجاجة أوالعبوة الدوائية ولا تعرضها للتلوث بحال من الأحوال.
15- إذا نصت النشرة الدوائية المرفقة على أن الدواء يجب حفظه في درجة حرارة معينة فيجب احترام هذا الأمر والحرص على تنفيذه بكل دقة فكثير من الأدوية لا تقوم بمفعولها إلا إذا كانت محفوطة في درجة الحرارة التي تم النص عليها في النشرة الدوائية الخاصة بها فهناك أدوية تحفظ في درجات حرارة منخفضة وأخرى يجب عدم حفظها في درجات حرارة منخفضة بل يجب حفظها في درجة حرارة الغرفة المعتادة وكثير من الأدوية كقاعدة عامة يجب أن تحفظ في أماكن جيدة التهوية وينصح بعدم تخزينها في أماكن رطبة او رديئة التهوية ، فكثير من الأدوية تفقد مفعولها أو ربما انقلبت ضرراً إذا حفظت في درجات حرارة مختلفة عن المقرر لها.
16- معظم أو سائر الأدوية يكون لها مدة صلاحية محددة ومنصوص عليها فيجب عدم تجاوز هذه المدة بحال من الأحوال ويحظر تناول أو توزيع دواء قد انتهت مدة صلاحيته.
17- بعض الأدوية مثل الأشربة وخصوصاً المضادات الحيوية إذا تم فتحها فإن صلاحيتها تتغير من التاريخ الذي كان مكتوبا على الدواء والذي قد يصل الى سنتين مثلا إلى بضعة أيام قد لا تزيد عن 6 أيام إذا تم فتح العبوة الدوائية وعليه فإنه حتى ولو لم تنتهي معك العبوة الدوائية في خلال فترة الأربع أو الست أيام التي تم التنبيه عليها في النشرة الدوائية حال فتح الدواء فإنه لا يجوز الاستمرار في تناول الدواء بعد هذه الأيام المحددة لأن الدواء لن يؤثر حينئذ وستنخدع أنت اعتقادا منك أن الدواء ما زال ضمن فترة الصلاحية السنوية لكنك لم تراع فترة الصلاحية الأخرى الضيقة التي تبدأ منذ لحظة فتح العبوة الدوائية وحلِّها.
18- ما قد ينفعك قد لا ينفع غيرك بل قد يضره فلا تصف الدواء لغيرك بناءاً على تجربتك الشخصية أبداً .
19- هناك بعض الأدوية تحتاج إلى إجراء تجربة حساسية بالنسبة لها لمعرفة مدى تأثيرها على الجسم ومدى تقبل الجسم لها فلا تستهتر وتتهاون وتقصر في إجراء تجربة الحساسية للأدوية التي تم التنبيه في النشرة الدوائية أنها تحتاج مسبقاً إلى تجربة لحساسية الجسم لها فقد يكلفك هذا التقصير والتهاون حياتك.
20- قد يوصف الدواء لعدد من أبنائك في نفس الوقت فمن المفضل جدا أن يخصص لكل واحد منهم عبوة دوائية خاصة لكل طفل وإن تعذر هذا الأمر فعلى الأقل يجب تخصيص ملعقة خاصة لكل طفل وذلك تلافياً لانتقال العدوى بينهم .
21- احذر أن يكون الدواء في متناول أيدي الأطفال فهذه كارثة عظيمة لو تمكن الأطفال من الوصول إلى الدواء وقد يأتي هذا التقصير بنتائج لا تحمد عقباها فاحذر من حدوث هذا الخطأ الفادح واحرص كل الحرص على جعل الدواء في مكان آمن وبعيد عن متناول أيدي الأطفال.
22- بعض القطرات تصلح للاستعمال لكل من العين والأنف ولكن هذا لا يعني أن نفس العبوة لهذ القطرة تستعمل للعين وللأنف سويا بل يجب تخصيص عبوة للأنف وأخرى للعين منعا لانتقال أي نوع من العدوى من العين إلى الأنف أو العكس.
23- إذا كان الدواء الموصوف عبارة عن دواء بالحقن فيجب مراعاة كل قواعد النظافة الشخصة والتطهير والتعقيم عند إجراء عملية الحقن سواء كان الحقن وريديا أو عضليا أو تحت الجلد.
24- مرضى السكري من النوع الأول والذين يتناولون إبر الإنسولين تحت الجلد قد يصيبهم شيء من الملل بسبب الحقن اليومي والمتكرر وهذ الملل قد يتسبب في نوع من الإهمال في مراعاة قواعد النظافة الشخصية والتطهير والتعقيم التي أشرنا إليها فيجب عليهم الانتباه ومراعاة هذه الأمور.
25- يجب عدم التشارك في وسائل إعطاء الدواء للمجموعات بمعنى أنه يحظر التشارك في المحاقن أو ملاعق شرب الدواء لأن هذا قد يتسبب في انتشار أمراض معدية خطيرة خصوصا بالنسبة للمحاقن مثل انتقال مرض الإيدز والالتهاب الكبدي من خلال الاستعمال المشترك للمحاقن.
26- يجب التخلص الفوري من المحاقن التي تم استعمالها وينصح بوضعها في صندوق خاص بذلك وكذلك يجب التخلص الفوري من القطن ومسحات الكحول والأشياء الأخرى التي تم استعمالها أثناء عملية الحقن أو حتى شرب الدواء.
27- عند حدوث أي آثار جانبية جراء تناول الدواء فيجب التوقف عن تناوله والاتصال فورا بالطبيب لشرح التطور الحاصل وتلقي التعليمات منه.
28- لا ينبغي بحال من الأحوال أن يتناول الإنسان دواءاً من خلال اطلاعه على موقع من مواقع الإنترنت أو مشاهدته لبرنامج صحي في التلفاز أو سماعه لحلقة إذاعية أو قرائته لمقالة طبية في الجريدة، فقط احصل على الدواء من خلال استشارة الطبيب.
29- إذا كنت من أصحاب الأمراض المزمنة وممن يحتاجون إلى أدوية خاصة فيجب عليك اصطحاب القدر الكافي منها قبل سفرك لمسافات طويلة لأنه قد يتعذر سهولة الوصول لنفس الدواء في بلدان خرى وإذا كانت الأدوية التي ستصطحبها معك في السفر لها طريقة حفظ وتخزين معينة فيجب الانتباه لهذا الأمر .
30- بعض المرضى يجب عليهم توفير مخزون احتياطي من بعض الأدوية للحالات الحرجة مثل أدوية الذبحة الصدرية ونوبة الربو الشعبي والغيبوبة الكيتونية لمرضى السكر و.. ، هؤلاء يجب عليهم توفير العبوة الاحتياطية بصفة دائمة.
31- هناك بعض الأدوية تسبب النعاس وهذه ينبغي الحذر منها وعدم استعمالها إذا كنت ستقود سيارة أو كنت تعمل في وظائف تستدعي اليقظة والانتباه
32- هناك الكثير من الأدوية تتداخل مع أدوية أخرى بعدة طرق منها ما يزيد من تأثير الدواء الآخر ومنها ما يضاده ومنها ما يتسبب في أضرار بالغة إذا أخذ مع دواء آخر ولذلك ينبغي أن تخبر طبيبك قبل أن يصف لك دواءاً ما بالأدوية الأخرى التي تتناولها
33- هناك الكثير والكثير من الأدوية التي تعتبر خطرا على المرأة الحامل ولذلك يجب على المرأة الحامل عدم الإقدام على تناول أي دواء مهما اعتقدت أنه دواء بسيط إلا بعد مشورة الأطباء.
34- كبار السن لهم وضع خاص حيث يجب عرض جميع الأدوية التي يتناولونها على الطبيب بين فترة وأخرى حيث قد لا تتناسب بعض الأدوية مع ما يعانيه كبار السن من تصلب في الشرايين وقصور في التروية الدموية والدورة التاجية والمخية.
35- كما ينبغي العلم بأن الجرعات التي توصف للبالغين تختلف عن الجرعات التي توصف للأطفال والرضع وأصحاب الحالات الحرجة فلا ينبغي لمن تناول دواءاً أن يعمم الجرعة التي أخذها على غيره عموماً وعلى الأطفال والرضع وكبار السن وأصحاب الحالات الحرجة خصوصاً.
36- بعض الأدوية لها تأثير مخدر وقد يضطر الأطباء إلى إعطائها لبعض المرضى لأسباب استثنائية لتسكين آلام مبرحة يعانون منها ولكن لا يجوز أن يكون هذا مسوغاً لأي إنسان أن يتناول هذه الأدوية المخدرة من تلقاء نفسه لأنها إنما استخدمها الأطباء ضمن ضوابط علمية لغرض نبيل لا ينبغي تجاوزه من غير الأطباء بأي حال من الأحوال.