رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها
: فإذا علمت أن الذنوب تمرض القلوب، وتطمس بصيرتها، وتعطل عقلها،
فاحرص على تطهير قلبك من أمراض المعاصي باجتنابها، وملازمة التوبة والاستغفار لإبطال مضراتها،
فإن قوة قلبك وسلامته مرهونة بصفائه ونقائه، وإنما ينقى قلبك بثلاثة أشياء:
الأول: بالتوبة إلى الله، والاستغفار من الذنب.
الثاني: بالإكثار من الحسنات، فإنهن يذهبن السيئات،
كما قال -تعالى
-: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ
[هود: 114].
الثالث: الحرص على أسباب المغفرة،
كالصلاة، والنوافل، والوضوء، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والعمرة والحج،
ونحو ذلك من موجبات المغفرة المبسوطة في كتب الفضائل والسلوك.
فقد أوصى رسول الله -صل الله عليه وسلم- معاذًا فقال له:
{اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن}
[الراوي: معاذ بن جبل و أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، حسن].
3- تطهير القلب من الأمراض:
فإن طهارة القلب من أمراضه، وخلوّه من أعراضها، هو أعظم أسباب قوته ولينته ورقته وخشوعه،
وصاحبه هو خير الناس وأحبهم إلى الله،
كما في الحديث عن رسول الله -صل الله عليه وسلم- : قلنا: يا نبي الله من خير الناس؟
قال: {ذو القلب المخموم، واللسان الصادق،
قال: قلنا: يا نبي الله! قد عرفنا اللسان الصادق، فما القلب المخموم؟
قال: هو التقي النقي؛ الذي لا إثم فيه، ولا بغي ولا حسد،
قال: قلنا: يا رسول الله! فمن على أثره؟
قال: الذى يشنأ الدنيا، ويحب الآخرة.
قلنا: ما نعرف هذا فينا إلا رافع مولى رسول الله، فمن على أثره،
قال: مؤمن في خلق حسن
[الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص، المحدث: الألباني، صحيح].
بيّن رسول الله -صل الله عليه وسلم- طريق نقاء القلوب وحقيقتها، وجمع بيانه ثلاث صفات هي
: اجتناب الإثم، والبغي، والحسد.
فهذه الصفات هي من أخطر أمراض القلوب،
والتي ما أصابت قلبًا إلا ملأته سوءًا، وظلمة، وطمست نوره وأضعفت بصيرته.
وإذا كانت الآثام تنكت نكتات سوداء في القلوب،
فإن الحسد يأكل حسناتها الموجبة لنقائها كما تأكل النار الحطب.