تعريفات علم الحديث ( الجزء الثانى )
أقسام الحديث الغريب
تعريفه الغريب النسبي :
هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
مثاله : حديث " إنما الأعمال بالنيات " (أخرجة الشيخان) تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة .
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مٌطْلق " وغريب نسبى "
أ - الغريب المطلق: أو الفرد المطلق:
ب- الغريب النسبي: أو الفرد النسبي:
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.
2) مثاله : حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المِغْفَر "(أخرجه الشيخان) . تفرد به مالك عن الزهري .
3- سبب التسمية:
وسمى هذا القسم بـ " الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين
من أنواع الغريب النَّسْبي
هناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي ، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين ، وهذه الأنواع هي :
أ - تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان .
ب- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: " تفرد به فلان عن فلان " وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
جـ- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم " تفرد به أهل مكة أو أهل الشام" .
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: " تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز
قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
غريب متناً وإسنادا : وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
غريب إسنادا لا متناً : كحديث روى مَتْنَه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر . وفيه يقول الترمذي : " غريب من هذا الوجه "
الحديث (العَزيز)
تعريفه:
لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
شرح التعريف :
يعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقلٌّ من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر وقال بعض العلماء: إن العزيز هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره.
- مثاله:
ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول صلي الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"(البخاري ومسلم)
ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عٌلَيَّه وعبدالوارث ، ورواه عن كل جماعة .
لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز، والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات
أشهر المصنفات في الحديث المشهور
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحاً ، ومن هذه المصنفات .
أ - المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على السنة الناس للعجلوني .
جـ- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني
- أشهر المصنفات في اختلاف الحديث
أ) اختلاف الحديث : للإمام الشافعي ، وهو أول من تكلم وصنف فيه .
ب) تأويل مختلف الحديث : لابن قتيبة . عبدالله بن مسلم .
ج) مشكل الآثار : للطحاوي . أبي جعفر أحمد بن سلامة
أين نجد الحديث الغريب ، وأشهر المصنفات فيه
من مظان الغريب :
أي مكان وجود أمثلة كثيرة له.
مٌسْنَد البَزَّار .
المٌعْجَم الأوسط للطبراني .
أشهر المصنفات فيه :
أ) غرائب مالك للدارقطني .
ب) الأفرْاد للدارقطني أيضا .
ج) السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني
المٌسْتَخْرَجَات على الصحيحين
موضوع المستخرج :
هو أن يأتي المصنِّف إلى كتاب من كتب الحديث ، فيخرِّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه .
أشهر المستخرجات على الصحيحين:
1- المستخرج لأبي بكر الاسماعيلي على البخاري .
2- المستخرج لأبي عوانة الاسفراييني على مسلم .
3- المستخرج لأبي نعيم الأصبهاني على كل منهما
مراتب الصحيح
مر بنا أن بعض العلماء ذكروا أصح الأسانيد عندهم ، فبناء على ذلك وعلى تمكن باقي شروط الصحة يمكن أن يقال أن للحديث الصحيح مراتب .
فأعلي مراتبه ما كان مروياً بإسناد من أصح الأسانيد ، كمالك عن نافع عن ابن عمر.
ودون ذلك رتبة ما كان مروياً من طريق رجال هم أدني من رجال الإسناد الأول ، كراوية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ودون ذلك رتبة ما كان من رواية من تحققت فيهم أدني ما يصدق عليهم وصف الثقة، كرواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة .
ويلتحق بهذه التفاصيل تقسيم الحديث الصحيح إلى سبع مراتب وهي:
ما اتفق عليه البخاري ومسلم ( وهو أعلى المراتب ).
ثم ما انفرد به البخاري.
ثم ما انفرد به مسلم.
ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه .
ثم ما كان على شرط البخاري ولم يخرجه .
ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه .
ثم ما صح عند غيرهما من الأئمة كابن خزيمة وابن حبان مما لا يكن على شرطهما
معنى قولهم: " مٌتَّفَقُ عليه "
إذا قال علماء الحديث عن حديث " متفق عليه " فمرادهم اتفاق الشيخين ، أي اتفاق الشيخين على صحته ، لا اتفاق الأمة إلا أن ابن الصلاح قال : " لكن اتفاق الأمة عليه لازِمُ من ذلك وحاصل معه ، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول
معنى قول الترمذي وغيره " حديث حسن صحيح "
إن ظاهر هذه العبارة مٌشْكِل ، لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح ، فكيف يٌجْمَعٌ بينهما مع تفاوت مرتبتهما ؟ ولقد أجاب العلماء عن مقصود الترمذي من هذه العبارة بأجوبة متعددة أحسنها ما قاله الحافظ ابن حجر ، وارتضاه السيوطي . وملخصه ما يلي :
إن كان للحديث اسنادان فأكثر فالمعني " حسن باعتبار اسناد ، صحيح باعتبار اسناد آخر " .
وان كان له اسناد واحد فالمعني " حسن عند قوم ، صحيح عند قوم آخرين " .
فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث، أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما
مرتبة الصحيح لغيره
هو أعلي مرتبة من الحسن لذاته ، ودون الصحيح لذاته
مثال الحسن لغيره
مثاله:
حديث " محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " (أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة ، وأخرجه الشيخان من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة )
قال ابن الصلاح : " فمحمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة ، لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه ، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته ، فحديثه من هذه الجهة حسن ، فلما انضم إلى ذلك كونه رٌويَ من أَوْجٌهِ أٌخََرَ زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه ، وانجبر به ذلك النقص اليسير، فصح هذا الإسناد ، والتحق بدرجة الصحيح
الصحيح لغيره
تعريفه:
هو الحسن لذاته إذا رٌويَ من طريق آخر مِثْلٌهٌ أو أقوى منه . وسٌمى صحيحاً لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند ، وإنما جاءت من انضمام غيره له
الحَسَن لِغَيْره
تعريفه:
هو الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سببُ ضعفه فِسْقَ الراوي أو كَذِبَهٌ.
يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقى إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:
أن يٌرْوَيٍِ من طريق آخر فأكثر ، على أن يكون الطريقٌ الآخر مثله أو أقوى منه
أن يكون سببٌ ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله
تعريف النسخ
أ) لغة: له معنيان : الإزالة . ومنه نَسَخَت الشمسٌ الظلَّ. أي إزالته والنقل، ومنه نسختً الكتابَ، إذا نقلتٌ ما فيه، فكأنَّ الناسخ قد أزال المنسوخ أو نقله إلى حكم آخر.
ب) اصطلاحاً: رَفْعٌ الشارع حكما منه متقدماً بحكم منه متأخر.
أهميتة النسخ وصعوبته وأشهر المٌبَرِّزين فيه
معرفة ناسخ الحديث من منسوخه فن مهم صعب .
فقد قال : الزهري : " أَعْيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه " .
وأشهر المبرزين فيه هو الإمام الشافعي .
فقد كانت له فيه اليد الطولى والسابقة الأولى .
قال الإمام أحمد لابن وَارَةَ ـ وقد قدم من مصر ـ كتبتَ كٌتٌبَ الشافعي ؟ قال : لا ، قال: فَرِّطْتَ ما علمنا المٌجْمَلَ من المٌفَسَّرِ ، ولا ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي
بم يٌعْرَفٌ ناسخ الحديث من منسوخه ؟
يعرف ناسخ الحديث من منسوخه بأحد هذه الأمور :
بتصريح رسول الله صلي الله عليه وسلم : كحديث بٌرَيْدَةَ في صحيح مسلم " كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكِّر الآخرة " .
بقول صحابي : كقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه : " كان آخِرَ الأمرين من رسول الله صل الله عليه وسلم تَرْكٌ الوضوء مما مست النار " أخرجه أصحاب السنن .
بمعرفة التاريخ : كحديث شدَّاد بن أوس " أفطر الحاجم والمحجوم " نُسِخَ " بحديث ابن عباس أن النبي صل الله عليه وسلم احتجم وهو مُحرِمُ صائم " فقد جاء في بعض طرق حديث شداد أن ذلك كان زمن الفتح وأن ابن عباس صحبه في حجة الوداع .
بدلالة الإجماع : كحديث من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد في الرابعة فاقتلوه " قال النووي :" دََلَّ الإجماع على نسخه
والإجماع لا يَنْسَخٌ . ولا يٌنْسَخَ. ولكن يدل على ناسخ
أَوْهَي الأسانيد
وبناء على ما تقدم في " الصحيح " من ذكر أصح الأسانيد ، فقد ذكر العلماء في بحث " الضعيف " ما يسمي بـ "أوهي الأسانيد " وقد ذكر الحاكم النيسابوري جملة كبيرة من "أوهي الأسانيد " بالنسبة إلى بعض الصحابة أو بعض الجهات والبلدان ، وأذكر بعض الأمثلة من كتاب الحاكم وغيره :
أوهي الأسانيد بالنسبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه " صدقة بن موسي الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر "
أوهي أسانيد الشاميين " محمد بن قيس المصلوب عن عبيد الله بن زحْر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة .
أوهي أسانيد ابن عباس رضي الله عنه " السٌّدَّي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " قال الحافظ ابن حجر : " هذه سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب
حكم رواية الحديث الضعيف
يجوز عند أهل الحديث وغيرهم رواية الأحاديث الضعيفة والتساهل في أسانيدها من غير بيان ضعفها ـ بخلاف الأحاديث الموضوعة فأنه لا يجوز روايتها إلا مع بيان وضعها ـ بشرطين .
أن لا تتعلق بالعقائد، كصفات الله تعالى.
أن لا تكون في بيان الأحكام الشرعية مما يتعلق بالحلال والحرام .
يعني يجوز روايتها في مثل المواعظ والترغيب والترهيب والقصص وما أشبه ذلك ، وممن رٌوي عنه التساهل في روايتها سفيان الثوري وعبدالرحمن بن مَهدي وأحمد بن حنبل .
وينبغي التنبه إلى أنك إذا رويتها من غير إسناد فلا تقل فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، وإنما تقول : رُوي عن رسول الله صل الله عليه وسلم كذا ، أو بلغنا عنه كذا وما أشبه ذلك لئلا تجزم بنسبة ذلك الحديث للرسول وأنت تعرف ضعفه
حكم العمل بالحديث الضعيف
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف، والذي عليه جمهور العلماء أنه يستحب العمل به في فضائل الأعمال لكن بشروط ثلاثة، أوضحها الحافظ ابن حجر وهي:
أن يكون الضعف غير شديد .
أن يندرج الحديث تحت أصل معمول به.
أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط
المراد بالسَّقْط من الإسناد :
المراد بالسَّقْط من الإسناد انقطاع سلسلة الإسناد بسقوط راو أو أكثر عمداً من بعض الرواة أو عن غير عمد ، من أول السند أو من آخره أو من أثنائه ، سقوطاً ظاهراً أو خفياً
أنواع السقط
يتنوع السقط من الإسناد بحسب ظهور ، وخفائه إلى نوعين هما :
أ ) سَقْط ظاهر وهذا النوع من السقط يشترك في معرفته الأئمة وغيرهم من المشتغلين بعلوم الحديث ، ويعرف هذا السقط من عدم التلاقي بين الراوي وشيخه ، إما لأنه لم يٌدرك عَصْره ، أو أدرك عصره لكنه لم يجتمع به ( وليست له منه إجازة ولا وِجاده ).
لذلك يحتاج الباحث في الأسانيد إلى معرفة تاريخ الرواة لأنه يتضمن بيان مواليدهم ووفياتهم وأوقات طلبهم وارتحالهم وغير ذلك .
وقد اصطلح علماء الحديث على تسمية السقط الظاهر بأربعة أسماء بحسب مكان السقط أو عدد الرواة الذين أٌسقطوا . وهذه الأسماء هي:
المٌعَلَّق.
المٌرْسَل.
المٌعْضَل.
المٌنْقَطِع.
ب) سَقْط خَفِي: وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحَذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. وله تسميتان وهما :
المٌدَلَّس.
المٌرْسَل الخفي
الحديث المٌدَلَّس تعريفه ، و أقسامه
تعريف التدليس:
لغة :
المدلس اسم مفعول من " التدليس " .
والتدليس في اللغة : كِتْمان عَيْبِ السلعة عن المشتري ، وأصل التدليس مشتق من " الدَّلس " وهو الظلمة أو اختلاط الظلام كما في القاموس ،
فكأن المدلَّس لتغطيته على الواقف على الحديث أظلم أمره فصار الحديث مٌدلَّسا .
اصطلاحاً:
إخفاء عيب في الإسناد. وتحسين لظاهره.
أقسام التدليس:
للتدليس قسمان رئيسيان هما:
تدليس الإسناد.
وتدليس الشيوخ
تدليس التسوية
هذا النوع من التدليس هو في الحقيقة نوع من أنواع تدليس الإسناد .
تعريفه:
هو رواية الراوي عن شيخه ، ثم إسقاط راو ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر ،وصورة ذلك أن يروي الراوي حديثاًَ عن شيخ ثقة، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، ويكون الثقتان قد لقي أحدهما الآخر، فيأتي المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول ، فيُسْقِط الضعيف الذي في السند ، ويجعل الإسناد عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيُسَوْي الإسناد كله ثقات.
وهذا النوع من التدليس شر أنواع التدليس، لأن الثقة الأول قد لا يكون معروفاً بالتدليس، ويجده الواقف على السند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة, وفيه غرور شديد.
أشهر من كان يفعله :
بَقّية بن الوليد . قال أبو مُسْهر : " أحاديث بَقِيَّة ليست نَقَيَّه فكنْ منها على تٌَِقِيَّة .
الوليد بن مسلم
تدليس الشيوخ
تعريفه:
هو أن يَرْوي الراوي عن شيخ حديثاً سمعه منه، فيُسَمِّيهُ أو يَكْنَيِهُ أو يَنْسِبَهُ أو يَصِفهٌ بما لا يُعْرَفُ به كي لا يُعْرَفُ .
مثاله :
قول أبي بكر بن مجاهد أحد أئمة القراء : " حدثنا عبدالله بن أبي عبدالله ، يريد به أبا بكر بن أبي داود السجستاني "
مثال لتدليس التسوية
ما رواه ابن أبي حاتم في العلل قال : " سمعت أبي ـ وذَكَرَ الحديث الذي رواه اسحق بن راهويه عن بقية حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر حديث لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عُقْدَةَ رأيه ـ قال أبي: هذا الحديث له أمر قل من يفهمه ، روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو ( ثقة ) عن اسحاق بن أبي فروة ( ضعيف ) عن نافع ( ثقة ) عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم . وعبيد الله ابن عمرو ، كنيته أبو وهب ، وهو أسدى ، فكناه بقيةُ ونسبه إلى بن أسد كي لا يفطن له ، حتى إذا ترك اسحق بن أبي فروة لا يٌهْتَدَى له "
تدليس الإسناد
لقد عرف علماء الحديث هذا النوع من التدليس بتعريفات مختلفة ، وسنختار أصحها وأدقها وهو تعريف الإمامين أبي أحمد بن عمرو البزار وأبي الحسن بن القطان . وهذا التعريف هو :
تعريفه:
أن يَرْوِيَ الراوي عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه من غير أن يذكر سمعه منه .
شرح التعريف :
ومعنى هذا التعريف أن تدليس الإسناد أن يروي الراوي عن شيخ قد سَمِعَ منه بعض الأحاديث، لكن هذا الحديث الذي دلسه لم يسمعه منه ، وإنما سمعه من شيخ آخر عنه ، فيٌسْقِطٌ ذلك الشيخَ ويرويه عنه بلفظ محتمل للسماع وغيره ، كـ " قال " أو " عن " ليوهم غيره أنه سمعه منه ، لكن لا يصرح بأنه سمع منه هذا الحديث فلا يقول : " سمعت " أو " حدثني " حتى لا يصير كذاباً بذلك ، ثم قد يكون الذي أسقطه واحداً أو أكثر .
الفرق بيه وبين الإرسال الخفي :
قال أبو الحسن بن القطان بعد ذِكْرهِ للتعريف السابق:" والفرق بينه وبين الإرسال هو : أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه " وإيضاح ذلك أن كلا من المدلِّس والمرسل إرسالا خفياً يَرْوِي عن شيخ شيئاً لم يسمعه منه ، بلفظ يحتمل السماع وغيره ، لكن المدلَّس قد سمع من ذلك الشيخ أحاديث غير التي دلسها ، على حين أن المرسل إرسالا خفياً لم يسمع من ذلك الشيخ أبداً ، لا الأحاديث التي أرسلوها ولا غيرها لكنه عاصره أو لقيه .
مثال تدليس الإسناد
ما أخرجه الحاكم ، بسنده إلى على بن حَشْرَم قال : " قال لنا ابن عيينة : عن الزهري ـ فقبل له: سمعته من الزهري ؟ فقال : لا ، ولا ممن سمعه من الزهري ، حدثني عن عبدالرزاق عن مَعْمَر عن الزهري " ففي هذا المثال أسقط ابنُ عُيينة اثنين بينه وبن الزهري .
المٌدْرَج
تعريفه:
أ) لغة : اسم مفعول من " أدرجت " الشيء في الشيء ، إذا أدخلته فيه وضمنته إياه .
ب) اصطلاحاً: ما غير سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل.
أقسامه:
المدرج قسمان، مٌدْرَج الإسناد، ومٌدْرَج المتن.
مدرج الإسناد.
تعريفه:هو ما غير سياق إسناده.
من صوره : أن يسوق الراوي الإسناد ، فيعرض له عارض ، فيقول كلاماً من قبل نفسه، فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد ، فيرويه عنه كذلك .
مثاله : قصة ثابت بن موسى الزاهد في روايته : " من كثرت صلاته بالليل حَسُنَ وجهه بالنهار (1) " وأصل القصة أن ثابت بن موسى دخل على شريك بن عبدالله القاضي وهو يُمْلِي ويقول : " حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم .... " وسكت ليكتب المُسْتَمْلِي(2)، فلما نظر إلى ثابت قال : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد ، فكان يحدث به .
مدرج المتن :
تعريفه: ما أُدْخِلَ في متنه ما ليس منه بلا فَصْل.
أقسامه: ثلاثة وهي:
أن يكون الإدراج في أول الحديث، وهو القليل، لكنه أكثر من وقوعه في وسطه .
أن يكون الإدراج في وسط الحديث، وهو أقل من الأول.
أن يكون الإدراج في آخر الحديث ، وهو الغالب .
أمثلة له :
أ) مثال لوقوع الإدراج في أول الحديث : وسببه أن الراوي يقول كلاماً يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل ، فيتوهم السامع أن الكل حديث ، مثل " ما رواه الخطيب من رواية أبي قَطَن وشَبَابَةَ ـ فَرَّقَهُما ـ عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " أَسْبِغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " فقوله :"أسبغوا الوضوء " مُدْرَج من كلام أبي هريرة كما بُيِّنَ في رواية البخاري عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال : " أسبغوا الوضوء ، فإن أبا القاسم صل الله عليه وسلم قال : " ويل للأعقاب من النار "
المٌصَحَف
1- تعريفه:
أ) لغة: اسم مفعول من " التصحيف " وهو الخطأ في الصحيفة ومنه " الصَّحَفِيٌّ " وهو من يخطئ في قراءة الصحيفة فيغير بعض ألفاظها بسبب خطئه في قراءتها .
ب) اصطلاحاً : تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثقات لفظاً أو معني .
2- أهميته ودقته :
هو فن جليل دقيق ، وتَكْمُنُ أهميته في كشف الأخطاء التي وقع فيها بعض الرواة ، وإنما ينهض بأعباء هذه المهمة الحُذَّاق من الحفاظ كالدارقطني .
3_ تقسيماته:
قسم العلماء المُصَحف إلى ثلاثة تقسيمات ، كل تقسيم باعتبار ، وإليك هذه التقسيمات:
أ) باعتبار مَوْقِعِهِ: ينقسم المُصَحَّف باعتبار موقعه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في الإسناد: ومثاله : حديث شعبة عن " العَوَّام ابن مُرَاجِم " صحفهُ ابن مَعِين فقال : عن " العَوَّام بن مُزاحم " .
2- تصحيف في المتن: ومثاله حديث زيد بن ثابت أن النبي صلي لله عليه وسلم " احْتَجَزَ في المسجد.... " صَحَّفَهُ ابن لهيعة فقال : " احْتَجَمَ في المسجد ..."
ب) باعتبار مَنْشَئه : وينقسم باعتبار منشئه إلى قسمين أيضا وهما :
1- تصحيف بَصَر : ( هو الأكثر ) أي يشتبه الخَطَّ على بَصَر القارئ إما لرداءة الخط أو عدم نَقْطِهِ . ومثاله : " من صام رمضان وأتبعه سِتَّاً من شوال .." صَحِّفَهُ أبو بكر الصٌّوْلي فقال : " من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال ... " فصَحَّف " ستاً" إلى " شيئاً "
2- تصحيف السمع : أي تصحيف منشؤه رداءة السمع أو بُعْدُ السامع أو نحو ذلك ، فتشتبه عليه بعض الكلمات لكونها على وزن صَرْفي واحد .ومثاله : حديث مروي عن " عاصم الأحول " صحفه بعضهم فقال : عن " واصل الأحدب " .
جـ) باعتبار لفظه أو معناه: وينقسم باعتبار لفظه أو معناه إلى قسمين وهما:
1- تصحيف في اللفظ: " وهو الأكثر " وذلك كالأمثلة السابقة.
2- تصحيف في المعني: أي أن يُبْقِيِ الراوي المُصَحِّف اللفظ على حاله، لكن يفسره تفسيراً يدل على أنه فهم معناه فهماً غير مراد.
ومثاله : قول أبي موسى العَنَزي : " نحن قوم لنا شرف نحن من عَنَزَه ، صَلَّي إلينا رسول الله صل الله عليه وسلم يريد بذلك حديث " أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي إلى عَنَزَه " فتوهم أنه صلي إلى قبيلتهم ، وإنما العَنَزَةٌ هنا الحرْبَةُ تُنْصَبُ بين يدي المصلي .
4- تقسيم الحافظ ابن حجر :
هذا وقد قسم الحافظ ابن حجر التصحيف تقسيما آخر، فجعله قسمين وهما:
أ) المُصَحَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى نَقْط الحروف مع بقاء صورة الخَط.
ب) المُحَرَّف: وهو ما كان التغيير فيه بالنسبة إلى شَكْل الحروف مع بقاء صورة الخط.
5- هل يقدح التصحيف بالراوي ؟
أ) إذا صدر من الراوي نادراً فانه لا يقدح في ضبطه لأنه لا يسلم من الخطأ والتصحيف القليل أحد.
ب) وإذا كثر ذلك منه فإنه يقدح في ضبطه، ويدل على خفته وانه ليس من أهل هذا الشأن.
6- السبب في وقوع الراوي في التصحيف الكثير :
غالباً ما يكون السبب في وقوع الراوي في التصحيف هو أخذ الحديث من بطون الكتب والصُّحُف ، وعدم تلقيه عن الشيوخ والمدرسين ، ولذلك حذر الأئمة من أخذ الحديث عمن هذا شأنهم وقالوا " لا يؤخذ الحديث من صَحَفٍيٍ " أي لا يؤخذ عمن أخذه من الصحف .
7 - أشهر المصنفات فيه :
أ) التصحيف للدارقطني .
ب) إصلاح خطأ المحدثين للخطابي .
ج) تصحيفات المحدثين، لأبي أحمد العسكري
الشاذ والمحفوظ
1- تعريف الشاذ:
أ) لغة: اسم فاعل من " شذ " بمعني " انفرد " فالشاذ معناه " المنفرد عن الجمهور " .
ب) اصطلاحاً: ما رواه المقبول مخالفاً لم هو أولي منه.
2- شرح التعريف :
المقبول هو: العدل الذي تَمَّ ضبطه، أو العدل الذي خَفَّ ضبطه، ومن هو أولى منه: أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات.
هذا وقد اختلف العلماء في تعريفه على أقوال متعددة لكن هذا التعريف هو الذي اختاره الحافظ ابن حجر وقال : انه المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح .
3- أين يقع الشذوذ ؟
يقع الشذوذ في السند ، كما يقع في المتن أيضاً .
أ) مثال الشذوذ في السند :
"ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة عمرة بن دينار عن عَوْسَجَه عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يدع وارثاً إلا مولي هو أعتقه " وتابع ابن عيينة على وصله ابن جُرَيْج وغيره ، وخالفهم حماد بن زيد ، فرواه عن عَمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس .
ولذا قال أبو حاتم " المحفوظ حديث ابن عيينة فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط ، ومع ذلك فقد رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عدداً منه .
ب) مثال الشذوذ في المتن :
ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد ابن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع عن يمينه " قال البيهقي خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا ، فان الناس إنما رووه من فعل النبي صل الله عليه وسلم . لا من قوله ، وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ .
4- المحفوظ:
هذا ويقابل الشاذَّ " المحفوظُ "
وهو: ما رواه الأوثق مخالفاً لرواية الثقة
ومثاله : هو المثالان المذكوران في نوع الشاذ .
5- حكم الشاذ والمحفوظ :
من المعلوم أن الشاذ حديث مردود، أما المحفوظ فهو حديث مقبول
المَزِيد في مٌتَّصِل الأسانيد
1- تعريفه:
أ) لغة: المزيد اسم مفعول من " الزيادة ". والمتصل ضد المنقطع ، والأسانيد جمع إسناد .
ب) اصطلاحاً : زيادة راوٍ في أثناء سند ظاهره الاتصال .
2- مثاله:
ما روي ابن المبارك قال : حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد ، حدثني بُسْر بن عُبيد الله، قال سمعت أبا إدريس قال سمعت واثلة يقول سمعت أبا مَرْثد يقول سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : " لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلُّوا إليها "
3- الزيادة في هذا المثال :
الزيادة في هذا المثال في موضعين ، الموضع الأول في لفظ " سفيان " والموضع الثاني في لفظ " أبا إدريس " وسبب الزيادة في الموضعين هو الوهم .
أ) أما زيادة " سفيان " فوهم ممن دون ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد ، ومنهم من صرح فيه بالإخْبار.
ب) وأما الزيادة " أبا إدريس " فوهم من ابن المبارك ، لأن عدداً من الثقات رووا الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد فلم يذكروا أبا إدريس، ومنهم من صرح بسماع بُسْر من واثلة.
4- شروط رد الزيادة:
يشترط لِرَدَّ الزيادة واعتبارها وهماً ممن زادها شرطان وهما:
أ) أن يكون من لم يزدها أتقن ممن زادها .
ب) أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة .
فان اختل الشرطان أو واحد منهما ترجحت الزيادة وقُبِلَتْ ، واعتبر الإسناد الخالي من تلك الزيادة منقطعاً ، لكن انقطاعه خَفٍيُّ وهو الذي يسمى " المرسل الخفي " .
5- الاعتراضات الواردة على ادَّعاء وقوع الزيادة :
يُعْتَرَض على ادعاء وقوع الزيادة باعتراضين هما
أ) إن كان الإسناد الخالي عن الزيادة بحرف "عن "في موضع الزيادة، فينبغي أن يٌجْعَل منطقاً.
ب) وان كان مصرََّحا فيه بالسماع، أُحْتُمِل أن يكون سَمِعَهُ من رجل عن أولاً، ثم سمعه منه مباشرة، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بما يلي:
أ) أما الاعتراض الأول فهو كما قال المعترض.
ب) وأما الاعتراض الثاني، فالاحتمال المذكور فيه ممكن لكن العلماء لا يحكمون على الزيادة بأنها وهم إلا مع قرينة تدل على ذلك.
6- أشهر المصنفات فيه :
كتاب " تمييز المزيد في متصل الأسانيد " للخطيب البغدادي