ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: نيلسون مانديلا والقضية الفلسطينية الثلاثاء 24 فبراير 2015, 9:53 am | |
|
[rtl]نيلسون مانديلا والقضية الفلسطينية[/rtl]
FEBRUARY 23, 2015
يمثل نيلسـون مانديلا الملهم الأهمّ للمناضل والمفـكر الفلسـطينيّ إدوارد سعيد؛ لسببين: أوّلا لأنّ نيلسون مانـديلا نجح في إنهـاء حكم الأبارتيد في جنوب إفريقيا وأسهم في تأسيس دولة، يتعايش فيها السود مع البيض. وثانيا وهو الأهمّ أنّ نيلسون مانديلا كسب التعاطف الإنساني الكبير للغرب قبل الأفارقة، لأنّه نجح في انتزاع اعتراف هؤلاء بمأساة السود في جنوب إفريقيا، عبر مخاطبة هذا الضمير الإنسانيّ وإحراجه. لم يخف إدوارد سعيد إعجابه بحنكة وإنسانية نيلسون مانديلا، بل واعتبر نموذج حلّ جنوب إفريقيا هو الأمثل للصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، بأن يتعايش اليهود والفلسطينيون في وطن فلسطينيّ واحد، يراعي حقوق الجميع. ويتأسّس تصوّر إدوارد سعيد للحلّ على تعريف خاص للثقافة والهوّية، وعلى معطيات جغرافية وديموغرافية تقف دون تحقيق حلم البعض في دولتين منفصلتين داخل فلسطين. فأما عن التعريف الخاص للثقافة وللهوّية؛ فإدوارد ينفي ادّعاء الهوّية النّقية الصفّية، ويقرّ بما يسمّيه بهجنة الهوّيات والثقافات. فالثقافة اليهودية حسبه متجذّرة في الثقافة المشرقية القديمة، رغم محاولة بعض المنظّرين من أمثال فرويد توطينها في الثقافة الأوروبية إذ أنّ موسى مصريّ وديانة اليهود استمدّت مفهوم التوحيد من إخناتون المصريّ. فلا وجود لثقافة خالصة، ولا لهوّية جوهرانية حسب إدوارد. وكلّ هوّية نهر متدفّق، يحطّم الثبات والسّكون، وينفتح باستمرار على السّيولة والحركة. وأما عن الأسباب الدّيموغرافية والجغــرافية التي تحول دون تحقيق حلّ الدولتين حسب إدوارد سعيد فلكون فلسطين صغيرة المساحة، ويحصل فيها اندغام ديمغرافيّ بين السّكان من الضفتين حيث يقول: «ولكن هناك حقيقة لا تقلّ أهمّية وهي أنّ المكان يبدو صغيرا جدا بحيث لا يمكنك فيه أن تتجنّب الطرف الآخر كلّية». والمفارقة حسب إدوارد سعيد أنّ الفلسطينيين يشتغلون في مشاريع الاستيطان التي يقوم بها الإسرائيليون، كما يشتغلون في تل أبيب والقدس الغربية وحيفا. كما أنّ حلّ الدولتين مستحيل التطبيق حسبه، مادامت بلدات فلسطينية كبيت حنينا، أصبحت جزءا من حدود بلدية القدس. فرغم شعور العداء والكراهية المتبادل بين الطرفين، لكنّهم يتواجدون فيزيائيا معا في المكان نفسه»، وهو الوضع الذي يجعل حلّ الدولتين حسب إدوارد سعيد حلم، يستحيل تجسيده، وإنّ وضعا كهذا صنعته إسرائيل باقتحامها للأراضي الفلسطينية، وأصبح واقعا مؤكّدا ديموغرافيا وجغرافيا. يرى إدوارد أنّ تسوية سياسية تضمن تعايشا سلميا بين الطرفين، على أساس النّدية والمساواة هو الحلّ الواقعيّ والأمثل في ظلّ المعطيات السّابقة. ولا يكفي حسبه سحب السّكان إلى خارج حدود أحدّ الأطراف لتأسيس دولتين مختلفتين مما يجعل اتّفاقات أوسلو مجرد يوتوبيا. لم يكتف إدوارد سعيد في نضاله حول القضية الفلسطينية، بالكتابة عن حلّ الدولة الواحدة من خلال مقالاته الصحافّية، بل صاغ تصوّره في خطّة عملّية، قدّمها إلى ياسر عرفات، في بيروت 1978، ثمّ أعاد اقتراحه سنة 1979. لكنّه قوبل بالرّفض. وتوجّه بعدها إلى تأسيس تيار علمانيّ، يضمّ مجموعة من كوادر فلسطين: الدكتور حيدر عبد الشّافي، مصطفى برغوث، إبراهيم الدّقاق، أحمـد حرب، والشّاعر محــمود درويش. وأصدروا منشـورا سياسيا، يسعى إلى تعـزيز المقاومة لتحقيق التحرّر، وكذا تنظيف البيت الفلسـطينيّ من تأثيرات حاشية ياسر عرفات. تعـود الحرب الإسرائيلية على غزّة كلّ مرة، ومعها الأسئلة ذاتها: ما الحلّ الأنجع للقضية الفلسطينية؟ أهو حلّ الدولتين أم حلّ الدولة الواحدة كما ناضل لأجلها إدوارد سعيد. أيّا كان الاختلـاف بين آراء دعاة حلّ الدولة الواحدة، ودعاة حـلّ دولتيـن منفصـلتين فإنّ كلا الطرفين لن يختلفا حـول وزن الـرّأي العـام الغربيّ في حلّ القضية الفلسـطينية، وإنّ أيّ استراتيجية نضال فلسطينيّ ناجح، تستوجب تسطير خطوات عملّية لكسب التعاطف الدوليّ. وربما هذا ما أعجب إدوارد سعيد في نضال نيلسون مانديلا حيث استطاع مانديلا تحريك الضمير الإنسانيّ العالميّ، وإحراجه عبر إيصال مأساة الإنسان الأسود في جنوب إفريقيا. وعلى عكس استراتيجية نيلسون مانديلا، اعتمد الفلسطينيون على تعاطف الضمير القوميّ العربيّ أو الإسلاميّ. وقد أثبت التاريخ، وعلى مدار ستين عاما من الاحتلال، عدم تمكن الفلسطينيين من تحرير فلسطين، بانضوائهم تحت العباءتين، القومية والدّينية فقط. وأثبتت الحرب الأخيرة على غزّة، أنّ الرّأي العام الغربيّ تحرّك لمساندة الإنسان الغزويّ من خلال المظاهرات التي خرجت في أكثر من عاصمة غربية، في حين ساد الصمت في الشّارع العربيّ. فحريّ بالفلسطينيين تجديد نضالهم، بإيصال معاناة الإنسان الفلسطينيّ، إلى قلب كلّ حر في العالم، عبر الجمعيات الفلسطينية النّاشطة في الغرب، أو عبر الجمعيات الغربية، أو المحاضرات والنّدوات كما كان يفعل إدوارد سعيد. فالبرقع الهوويّ «القومية العربية والإيديولوجيا الإسلامية « أثبتا عدم كفايتهما في تحقيق النّصر. فلم يواصل الفلسطينيون في طلب النّجاح لقضيتهم، وهم يستعملون هذه الوسائل المحدودة نفسها؟ سامية بن عكوش – الجزائر |
|