الشركات ذات الغرض الخاص بهوية إسلامية
ما تزال وجهات النظر والآراء مختلفة حول الشركة ذات الغرض الخاص ودورها في عملية التصكيك سواء من الناحية القانونية أو الشرعية بعد أن أقرتها الأنظمة الخاصة بإصدار الصحكوك الإسلامية كما هو الحال في قانون إصدار الصكوك الذي أقر مؤخرا في الأردن، اذن ما هي الشركة ذات الغرض الخاص ولماذا سميت بهذا المسمى وما هو الدور الذي تلعبه في عملية التصكيك، بمعنى لماذا لجأنا الى إنشاء هذا النوع من الشركات لإتمام عملية التصكيك وإضفاء الطابع الشرعي عليها... أسئلة كثيرة منها ما هو منطقي والإجابة واضحة ومنها ما هو لغاية الآن محط خلاف بين الفقهاء ومُنظّري الصناعة المصرفية الإسلامية.
الشركة ذات الغرض الخاص هي بطبيعة الحال شركة من نوع الشركات ذات المسؤولية المحدودة يتم إنشاؤها لغرض معين ويطلق عليها باللغة الإنجليزية «special purpose vehicle « (SPV) وهي عادة ما تستخدم في عملية التوريق في المصارف التقليدية قبل أن تنتقل الفكرة للاستفتادة منها في عملية التصكيك الإسلامي، والهدف من ذلك هو عند رغبة هذه المصارف في الحصول على نقد آني مقابل ديونها، تلجأ الى إنشاء مثل هذه الشركات لتوريق ديونها وتكون الأولوية لمشتري الديون عند استحقاقها، وذلك بنقل هذه الديون لملكية الشركة ذات الغرض الخاص بثمن عادة ما يكون أقل من القيمة الاسمية لهذه الديون، اذن أصبحت الشركة ذات الغرض الخاص وحسب هذه الآلية هي صاحبة الديون ومن ثم تعمل على إصدار السندات وبيعها وتكون بذلك قد حصلت على السيولة جراء بيع هذه الديون.
أما في الصناعة المصرفية الإسلامية، فإن المهمة والهدف يختلفان باختلاف الوظيفة والأداة، فهي لا تتعامل مع التوريق وموضوع بيع أو شراء الديون من مبدأ عدم التعامل مع سعر الفائدة، الا أنه يُوكَل اليها إصدار الصكوك الإسلامية بعد أن ينقل اليها أصول الإصدار من الشركة التي أسست الشركة ذات الغرض الخاص ولحين إطفاء هذه الصكوك، ففي هذه الحالة يجب أن تكون الشركة ذات الغرض الخاص مستقلة ماليا وقانونيا عن الشركة الأم ولا يجوز أن تكون فرعا لها، والهدف من ذلك حتى يتحقق وجود طرف ثالث مستقل في عملية التعامل في إصدار وبيع الصكوك الإسلامية، ومن المآخذ على هذا النوع من الشركات ما يعتبره البعض بأنها عملية التفاف على مبدأ الشرع بوجود طرف ثالث في عملية البيع بينما هي في النتيجة تعود عملياتها الى الشركة الأم.
في الأردن، نظام الشركات ذات الغرض الخاص رقم «44» للعام 2014 والصادر بموجب قانون صكوك التمويل الإسلامي، حدد في المادة «4» منه بندا ببيان رأسمال الشركة وفقا لما ينص عليه عقد التأسيس، ولا يجوز لها الاندماج مع غيرها من الشركات أو تداول أسهمها داخل السوق المالي في الأردن أو خارجه، كما ويوجب هذا القانون أن يكون للشركة ذات الغرض الخاص مجلس إدارة ومدير عام وهيئة مديرين تنفيذيين، ويجيز هذا النظام لكافة الجهات الراغبة بالحصول على التمويل الإسلامي عن طريق إصدار الصكوك (البنوك الإسلامية، الشركات التي تقدم خدمات التمويل الإسلامي، الشركات والمؤسسات التي تحصل على موافقة هيئة الأوراق المالية، الشركات ذات الغرض الخاص، المؤسسات الأخرى التي تصدر لها موافقة من الجهات الرسمية المختصة وفق التشريعات النافذة)، يجيز لها تأسيس شركة ذات غرض خاص ضمن الشروط الواردة في هذا النظام، لها الحق بتملك الموجودات، المنافع أو حقوق المنافع التي تمكنها من إصدار صكوك إسلامية، وتكون حصريا لهذا الغرض، وبعد ذلك تتولى عملية توزيع العائد على مالكي الصكوك الإسلامية.
خلاصة الحديث أن الشركات ذات الغرض الخاص هي موجودة أصلا في الاقتصاد التقليدي وفي العديد من المؤسسات المالية العالمية كما أسلفنا، وكان الهدف الحصول على السيولة مقابل بيع الديون، فجاءت المالية الإسلامية بتكييف هذا النمط من الشركات مع نشاطها التمويلي وبالتحديد في إصدار الصكوك بعيدا عن عملية التوريق، واليوم ونحن أمام هذه الحققيقة القائمة فإننا نأمل من المرجعيات الفقهية المعنية بالصناعة المصرفية الإسلامية ومن منطلق الحرص على تطورها وأخذ مكانتها المصرفية المحلية والعالمية، أن تتوصل الى تفاهمات منطقية لبيان دور هذه الشركات ومدى انسجامها مع أحكام الشريعة الإسلامية.
* خبير في التمويل الإسلامي