الثعلب: مصطفى أمين تجسس لصالح «CIA».. وتجنيد النساء موجود في كل العالم.. (5)
كتب: محمد السيد صالح
في 27 يناير 1974، أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قراراً بالعفو الصحى عن الكاتب الصحفى مصطفى أمين بعد قضائه 9 سنوات في السجن بتهمة التخابر لصالح وكالة المخابرات الأمريكية «CIA» ضد مصر، وعقب خروجه مباشرة جمع الكاتب الكبير مجموعة من المقالات التي كتبها في زنزانته في كتاب أصبح شهيراً فيما بعد وسماه «سنة أولى سجن» وأعقبه بسلسلة من الكتب عن حياته خلف زنازين عبدالناصر والسادات.
لكن أمين، وفقاً للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في كتابه «بين الصحافة والسياسة»، لم يجرؤ على رفع دعوى بعد خروجه لتبرئة ساحته من تهمة التخابر ضد مصر رغم أنه ملأ الأجواء بالحديث عن تعرضه للتعذيب أثناء استجوابه من رجال صلاح نصر أو في سجنه، ولم يرد مصطفى أمين كذلك على ما قاله هيكل بشأن تمويل الـCIA له ولأخيه على أمين لإنشاء «أخبار اليوم» منتصف الأربعينيات من القرن الماضى، السادات تعمد توقيع قرار الإفراج الصحى عنه وسط مجموعة من قرارات رئاسية سيادية أخرى بالإفراج عن عدد من الجواسيس الإسرائيليين والأمريكيين في إطار عملية تبادل الأسرى حينها.
لم أكن أعلم، وأنا أجهز أسئلتى ومحاور لقائى مع الفريق محمد رفعت جبريل «الثعلب» أن لديه إجابات شافية عن الأسئلة السابق ذكرها، وأهمها: هل كان مصطفى أمين جاسوساً أم لا.. وهل تعرض فعلياً للتعذيب.. وللحقيقة إن الرجل بنفسه هو الذي بدأ مباشرة بالكلام عن إيقاع «المخابرات العامة» بالكاتب الراحل، باعتبارها من عملياته المهمة.. وقال «أنا شخصياً من سجّل لقاءات مصطفى أمين مع مندوب الـCIA.. وأضاف: «مصطفى أمين كان كاتباً عظيماً وسيبقى كذلك، وهو من العلامات البارزة في الإعلام المصرى والعربى.. وكانت له شخصية محببة للجميع.. وإن كانت له سقطة وحيدة وهى تعامله مع المخابرات الأمريكية وقبوله التجسس ضد بلده مصر.
■ هل من الممكن أن نطلق عليه كلمة «جاسوس» بالمعنى الدلالى والبغيض، مثل باقى الجواسيس الذين عملوا ضد بلادهم لصالح الموساد أو الـCIA.
- الحقيقة أن أمين قد لا نستطيع إطلاق مصطلح جاسوس عليه بمعنى الكلمة، ولكن الاتصال بعدد من ضباط المخابرات الأمريكية المقالين في مصر والاجتماع بهم سراً هو ما يقربنا كمحترفين لهذا المعنى.. إضافة إلى أننا قمنا بتسجيل اجتماعاته هذه بالصوت والصورة، وهى تتضمن إعطاءه بعض المعلومات الخطيرة، وهو ما يشتهر في عرف العمل الجاد في المخابرات بـ«التجسس» حتى لو تم هذا بغطاء أنه صحفى، أو ادعائه أنه مكلف من الرئيس عبدالناصر بإتمام هذه الاتصالات.
■ وما موقف عبدالناصر من هذه المعلومات والاعترافات؟
- عبدالناصر أنكر ذلك في حين تكليفه لأمين بإجراء هذه الاتصالات، وللتاريخ، يجب أن نقول إنه في حال صحة ادعاء مصطفى أمين أنه أجرى الاتصالات بتكليف من عبدالناصر، فهنا يكون موضوعاً آخر.. وهو أن المؤبد الذي عوقب به في عنق الرئيس الراحل.
■ من هو رجل المخابرات الأمريكية الذي كان يجتمع مع عبدالناصر؟
- كان اسمه بروس أوديل.. وكان نشاطه مرصوداً لدينا.. خاصة في هذه الفترة الحساسة من تاريخ العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة ومع الغرب بشكل عام.
■ تردد أن مصطفى أمين كان مرصوداً للأمن ثم للمخابرات العامة في علاقته مع الـCIA ابتداءً من منتصف الأربعينيات حتى القبض عليه في 1965!
- لم أطلع على كثير من التقارير السابقة لهذه القضية.. ولكن التحريات فيما بعد وكذلك التحقيقات معه جاء فيها الكثير من المعلومات عن تاريخ هذا التعاون.
■ نبدأ بدورك أنت في هذه القضية!
- نحن ألقينا القبض على مصطفى أمين «متلبساً» في الإسكندرية، وقمت أنا بذلك، حيث كان جالساً مع الضابط الأمريكى أوديل.. وتم ذلك بعد تسجيلنا لقاءات عديدة وحساسة بينهما.
■ ولكن قيل إن هذه الاتصالات بأمر الرئيس نفسه!
- هذا الكلام عار تماماً عن الصحة، فلقد أرسلنا إلى الرئيس عبدالناصر ما قمنا برصده لعملية مصطفى أمين، وأرسل لنا أنه تم التنبيه على مصطفى أمين من قبل وطلب منه قطع علاقته بهذا الضابط، ثم حددنا للرئيس الوقت والتاريخ اللذين قام فيهما أمين بذلك.
■ ولكن مصطفى أمين قال إنه كان يعمل كحلقة اتصال مع الغرب!
- غير صحيح، والدليل ما أرسلناه لرئاسة الجمهورية في هذا الوقت، والمثير أننا ألقينا القبض عليه بعد تنبيه وتعليمات رئاسة الجمهورية بقطع علاقته بالـCIA بسنوات، ولقد سجلنا له أكثر من مقابلة مع الضابط المسؤول عن تجنيده، وقال وقتها في إحدى المقابلات: «لو ضغطوا على الدول التي تعطى القمح لمصر في ذلك الوقت ستكون مصر في مجاعة».. وسجلت أنا ومن معى هذه الجملة، وجمعنا صحفيين ليسمعوا صوته حتى لا يقال إن أمين «مُفترى عليه».
■ وهل كان هيكل من بين الصحفيين؟
- لا أتذكر.
■ وهل كان السادات مقتنعاً بأنه «مدان»؟
- بالطبع، ولذلك أفرج عنه إفراجاً صحياً حيث كان مريضاً بالسكر، وأمر السادات في اليوم نفسه بالإفراج عن عميل إسرائيلى تم القبض على مصطفى أمين في نفس وقت إلقاء القبض على هذا الجاسوس، وكان أمين شخصية لطيفة، وله معلومات كثيرة، وكنا نحب جلساته في السجن لنسمتع إلى حكاياته.
■ وكيف كان يتم التعامل معه؟
- بكل احترام، فكنا نسأله عما يحبه على الإفطار والعشاء، ونمده بالبسكويت الخالى من السكر، فلم تكن المخابرات العامة تتجاوز مع أي عميل.. وللعلم مصطفى أمين ادعى أنه تم تعليقه من يديه في قيود حديدية ونشر ذلك في كتابيه «سنة أولى سجن» و«سنة تانية سجن».. وعندما سألونى في محاكمة صلاح نصر عن ذلك قلت: كيف يتم تعليق شخص بحجم ووزن مصطفى أمين بقيود حديدية أمريكية مثل السيف دون أن تقطع يديه أو تترك أثراً؟، وتحديت أن يكون الجهاز قد قام بتعذيب عميل واحد أثناء فترة صلاح نصر، وأتحدى كذلك أن أكون قد قمت بتعذيب أي إنسان في قضية توليتها، فلماذا أقوم بذلك ولدى الأدلة الكافية التي تدين أي عميل؟ فالتعذيب وسيلة العاجز الذي لا يملك دليلا على شىء ولدى الأمثلة على ذلك، فكانت هناك شبكة مكونة من 22 عميلاً في الإسكندرية، ومن بينهم أحد العملاء الذي لم يعترف إطلاقاً حتى موعد محاكمته وحكم عليه بـ15 عاماً، واكتفيت بهذا لأن لدى شهوداً بأنه كان ممولاً لهؤلاء العملاء، واعترافه تم دون تعذيب، فلا توجد قضية في المخابرات العامة استخدمنا فيها التعذيب كأسلوب للاعتراف.
■ أعود لمصطفى أمين!
- رغم احترامى له.. الرجل لم يكن صادقاً في روايته لوقائع تعذيبه.. والدليل أن المحكمة برأت صلاح نصر وباقى أفراد الجهاز الذين اتهمهم أمين بتعذيبه.. وأعتقد أن خياله الصحفى والروائى قد ساعده في سرد هذه الوقائع غير الحقيقية.. وللعلم فكنت مسؤولاً مهما في الجهاز حين تمت محاكمة صلاح نصر في قضية تعذيب مصطفى أمين، ورغم ذلك أصررت على الذهاب للمحكمة للوقوف إلى جانب زملائى.. وحتى الآن أتعجب أن مصطفى أمين لم يتهمنى بشىء رغم أننى الذي قبضت عليه واستجوبته لعدة أيام في مبنى المخابرات العامة وحتى خروجه للمحاكمة وكنت أتعامل معه بطريقة محترمة، وكان يقيم في حجرة خاصة تتبع مكتبى، ولم يمسه أحد بأذى طوال وجوده بالمخابرات.
■ ولكن لماذا اتهم صلاح نصر وعدداً من مساعديه بتعذيبه؟
- التفسير الوحيد عندى أنه اتهم أسماء كانت معروفة في ذلك الحين، وتم تداول أسمائهم لخروجهم من الجهاز في هذا الوقت.. ومن هذه الأسماء صلاح نصر وحسن عليش ويسرى الجزار- رحمهم الله- جميعا، فقد كانوا رجالا محترمين لهم تاريخهم الوطنى الرائع في العمل لجهاز المخابرات العامة.
■ أنت قلت إنك تطوعت للذهاب إلى المحكمة للدفاع عن صلاح نصر ومساعديه في القضية!
- كانت ثلاث قضايا منفصلة، أي أن هناك قضيتين أخريين غير قضية مصطفى أمين ضد صلاح نصر، وللعلم رغم أننى لا أتذكر باقى التفاصيل الآن، إلا أن محاكمة صلاح نصر في قضية انحرافات المخابرات العامة والحكم ضده بالسجن المؤبد قد شجع كثيرين على رفع القضايا ضده.
■ لكن البعض تحدث عن وقائع تجنيد النساء وانحرافات نسائية لصلاح نصر نفسه؟
- للعلم.. العنصر النسائى أو تجنيد النساء موجود في كل أجهزة العالم.. ولهن مهام خاصة ودقيقة في السيطرة على بعض المصادر.. ولا ننسى ظروفنا الحساسة في هذه الفترة.
■ أعود مجدداً لشهادتك في قضية تعذيب مصطفى أمين؟
- لم أبلغ أحداً مع زملائى وحتى زوجتى برغبتى في الشهادة لصالح صلاح نصر وزملائى، وهم كانوا يعلمون أن الدنيا تغيرت.. والتوجه العام كان ضد نصر وطريقة عمله في إدارة المخابرات.. وأتذكر أننى عندما رجعت للمنزل وأبلغت زوجتى، رحمها الله، بما فعلت قالت لى: انتظر إقالتك في الصباح، ورددت عليها..قلت ما يرضى ضميرى.. فأنا كنت المسؤول المباشر عن العملية.. وأنا مستعد لتقديم استقالتى والعودة إلى بلدى في كوم حمادة بمحافظة البحيرة فوراً.
والرجل لم يتعرض للتعذيب.. ولن أعيش مرتاح الضمير، وأنا كاتم لهذه الشهادة، وأتذكر أنها ردت علىّ بجملة واحدة بعد كل ما قلته: من الأفضل ألا تذهب للعمل غداً.
وكانت زوجتى محقة للغاية، فمصطفى أمين أصدر روايته الممتعة «سنة أولى سجن» قبل المحاكمة بفترة محددة، والصحف القومية تواصل انتقاداتها، بل سبها، لعبدالناصر ورجاله، فكان من الطبيعى أن تنقلب الدنيا على رأسى إذا أنا ما شهدت لصالح الرجل الذي كان مسؤولاً عن حماية عبدالناصر وثورته.
ومرت الشهادة على خير، ذهبت في اليوم التالى إلى عملى، ولم يعاتبنى أحد، ولم أرصد أي مواقف سلبية من رئيس الجهاز أو من الرئيس السادات نفسه، وأعتقد أن السادات، وكان ثعلباً حقيقياً، أراد أن يرضى الجميع.. فهو أخرج مصطفى أمين إرضاءً لمطالبات محلية وعربية وأمريكية عديدة أشهرها توسط السيدة أم كلثوم لدى السيدة جيهات السادات، وأرضى ضميره في الوقت نفسه بإخراج مصطفى أمين من السجن بقرار عفو صحى وليس بقرار عفو عام.. وللعلم فإن السادات لم يكن مقتنعاً ببراءة مصطفى أمين.. وسمعت أنه طلب ملف القضية كاملاً وقرأه قبل إصدار قراره.
■ وماذا عما يقوله البعض عن قرار الإفراج بأنه تم في نفس اليوم الذي قرر السادات فيه الإفراج عن جواسيس إسرائيليين وأمريكيين.
- هذا صحيح.. وأتذكر بالتحديد اسم جاسوس إسرائيلى خطير اسمه باروخ مرزاحى.. تم الإفراج عنه مع مصطفى أمين.
وكان خطيراً للغاية.. وللعلم فأنا الذي أوقع به أيضاً، وكانت عملية أشبه بعمليات «الأكشن الغربية» حيث كان هذا الجاسوس يعمل في اليمن وفى منطقة حساسة للغاية بالقرب من باب المندب وعندما أجرينا اتصالات بالمسؤولين اليمنيين في هذا التوقيت لاستجوابه وكنا ننسق مع السلطات هناك لحماية البحر الأحمر وباب المندب باعتبار المنطقة جزءاً من الأمن الإقليمى المصرى، وافقوا.. ولأهميته القصوى بما لديه من معلومات مهمة، قررت «المخابرات العامة» استكمال استجوابه في مصر، لكننا كنا نخشى إن أعدناه على متن طائرة مدنية أو عسكرية أن يرصده «الموساد» ويعمل على استعادته أو إسقاط الطائرة، فوضعت خطة لم أخبر بها حتى اليمنيين، ونفذتها بالفعل.. وكانت تقضى بالخروج من اليمن إلى السعودية براً... ثم أخذه في طائرة مروحية بالتنسيق مع السلطات هناك، وصولاً إلى الأراضى المصرية.. ولكى لا ترصدنا الأجهزة والرادارات أغلقنا أجهزة اللاسلكى.. وطرنا على ارتفاع أمتار معدودة فوق المياه.. وأوصلته إلى «الجهاز» وقدم لنا معلومات مهمة.. حتى تم الإفراج عنه في إطار صفقة ناجحة.
■ أعود لمصطفى أمين من جديد؟
- صدقنى هذا الرجل كان رائعاً للغاية.. كان يحدثنا عن ذكرياته مع أم كلثوم وعبدالحليم والملك فاروق وكبار الفنانين والصحفيين.. لكنه أخطأ في تصويره جهاز المخابرات لقرائه، وكأنه غرفة تعذيب.. وأعقب كتابه هذا موجة من الأفلام التي تكرر نفس الخطأ.. الناس خلطت بين خيال مؤلفى فيلم «الكرنك» والواقع.
■ تريد أن تقول إنه لم يكن هناك انتهاكات أو تعذيب تحدث للمعتقلين والمساجين في هذه الفترة؟
- أنا أتحدث عن «المخابرات» فقط، البعض يخلط بينها وبين «السجن الحربى» وغيره.. هناك فارق كبير بين الاثنين، فالمخابرات لم يكن لها علاقة بالنشاط الداخلى، أما مكافحة الشيوعية ومواجهة الإخوان واليساريين فكانت مسؤولية وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها.. صحيح أن هناك محاور مشتركة في عملنا وكثير ما قدمنا معلومات مهمة في مجال المخدرات والأموال العامة لرجال المباحث.. ولكننا لم يكن تتبعنا سجون.. فقط نتولى التحقيق مع المتهمين بالتجسس ثم نحيل الأمر للقضاء.. ولكن للأمانة فإن السجن الحربى وقياداته وخاصة حمزة البسيونى وأعوانه كانوا بشعين للغاية.
ولكن للأمانة والتاريخ فإن صلاح نصر قد تعرض لظلم شديد وبشكل متعمد.. وأنا مقتنع به تماماً كقائد بل هو في رأيى واحد من أعظم رجال المخابرات في العالم، ولم ألاحظ عليه أي انحراف وكل ما يقال عنه كذب وافتراء.. وللعلم فإننى شهدت لصالحه أيضاً في قضية «فساد جهاز المخابرات، وترافعت عن الجهاز» لمدة 3 ساعات كاملة ولكنى طلبت أن تكون الجلسة سرية، ووقتها قلت إن الجهاز ليس ملكاً لأحد وإنما ملك لمصر كلها، واعترضت على مقولة جمال عبدالناصر بعد 67، والقبض على صلاح نصر «انتهت دولة المخابرات»، فهذه الكلمة تعنى ضعف الجهاز.
■ ولكن عبدالناصر يبدو أنه كان يقصد تحكم المخابرات في الشارع، وقد يكون المصطلح «خانه»؟
- نعم، ولكن كلمة «انتهت» تعنى فشل الجهاز، فهناك أجهزة مخابرات في العالم تقاس قوتها بعمرها، فيقال إن جهاز دولة ما عمره مائة عام وهذا يعنى أن لديه من الخبرة بما لا يشكك أحد فيه، فكنت أرفض أن تأتى من ضمن «الهفوات» أن تقال كلمة كهذه، لأنها قد تهدم جهازاً بأكمله.
■ وهل كان السادات أذكى في التعامل مع جهاز المخابرات؟
- السادات «ده مكنش فيه حد زيه» كان شخصية عبقرية.
■ أتقصد في الأمن القومى وليس السياسة الداخلية؟
- في عهد السادات طلب منا أن ننتشر بين مرسى مطروح وأسوان عن طريق جهاز «الأمن القومى» حتى لا تخترقنا أجهزة المخابرات الأخرى وطلب منا أن نترك المكاتب.
■ أعود لصلاح نصر ومحاكمته.. أنت متحيز له بشكل كبير؟
- كل ما قيل عنه كذب وافتراء.. وكل ما أشيع عنه جاء في وقت لم يستطع الرد عليه، الجميع كان ينهش في لحم صلاح نصر، حيث كان في المحاكمة.. والجميع من حوله كان بمن فيهم النظام ضده.. وكلمة حق فهو من أعظم رجال المخابرات في العالم.
■ مع كل هذا القرب من صلاح نصر.. لماذا لم تفقد منصبك في عملية التطهير التي جاءت بالتوازى مع محاكمته؟
- كنت حريصاً جداً على عملى.. ولم أنزلق لأى أخطاء مثل الآخرين.
■ يعنى عملت إيه؟
- سأحكى لك حكاية، لقيت صلاح نصر مرة باعت لى مع أحد رؤساء الهيئات ويريد أن يكرمنى بأى طريقة، فطلب منه أن يبلغنى بأنه يريد أن يعيننى رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات كنوع من التكريم ليرفع مستواى المادى، وكان هناك مدير عام للشركة يعمل في الجهاز، ومطلوب منى ساعة أسبوعياً حتى أوقع أي قرار باعتبارى رئيسا لمجلس الإدارة، ولم يكن لدى أي وقت، وكنت سعيداً سعادة عارمة بهذا، فرفضت القرار، فاستدعانى صلاح نصر قائلاً: انت مجنون، ترفض 600 جنيه أي ما يعادل 60 ألف جنيه حالياً.. قلت له: ليس عندى وقت، أنا سعيد بما أنا فيه، وتمر الأيام وتقع نكسة 67، ويتم التطهير بعد إجراء تحريات عمن هم أتباع صلاح نصر، وأتباع المشير عبدالحكيم عامر وكان كل الضباط يؤكدون صلتى بصلاح نصر، ولم يكونوا يعلمون أن صلتى به هي عملى كضابط مخابرات لا أكثر، وللعلم فقد كان يستعين بى في كتابة الجزء الخاص بإسرائيل وبمكافحة التجسس في كتبه.
وأنا رفضت من حيث المبدأ، تلقى أي أموال ولم أطرق باباً من أجل المادة، ليس لأن لدى أرضاً وعقارات في بلدنا بـ«البحيرة»، وإنما كانت مسألة مبدأ، وحتى الآن أرفض هذا الأسلوب.. عرضوا علىّ عشرة أفدنة في مديرية التحرير ولكنى رفضت.. ابنى رفض أن يدخل «الحربية» أو الشرطة وفضل كلية التجارة.. وحقق نجاحاً باهراً في عمله وذلك بجهده وعقله..!!