ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: وقفات مع حديث أصحاب الاخدود الجمعة 03 أبريل 2015, 12:01 am | |
| وقفات مع حديث أصحاب الاخدود - اقتباس :
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكى لنا القرآن الكريم في سورة البروج وكذلك حكى النبي صل الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود فتعالوا بنا نعيش مع الحديث النبوي ثم مع شرح الشيخ ابن عثيمين للحديث مع العلم أن الشرح ليس منقولا بنصه بل بتصرف وبإضافات من خارجه من كلام لشيخ آخر إذا فأنا ناقل.
قال النبي صل الله عليه وسلم:
_« كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَىَّ غُلاَمًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَمًا يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِى طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِى أَهْلِى. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِى السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَىْ بُنَىَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَىَّ . وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِى فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قَالَ رَبِّى. قَالَ وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِى قَالَ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلاَمِ فَجِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَىْ بُنَىَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ . فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِىءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِى قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِى حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِى عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِى ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ ارْمِنِى فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِى. فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِى صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى صُدْغِهِ فِى مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ. فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِى أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا. أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ يَا أُمَّهِ اصْبِرِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ ».________ [ ش ( الأكمه ) الذي خلق أعمى ( بالمئشار ) مهموز في رواية الأكثرين ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها ياء وروى المنشار بالنون وهما لغتان صحيحتان ( ذروته ) ذروة الجبل أعلاه وهي بضم الذال وكسرها ( فرجف بهم الجبل ) أي اضطرب وتحرك حركة شديدة ( قرقور ) القرقور السفينة الصغيرة وقيل الكبيرة واختار القاضي الصغيرة بعد حكايته خلافا كثيرا ( فانكفأت بهم السفينة ) أي انقلبت ( صعيد ) الصعيد هنا الأرض البارزة ( كبد القوس ) مقبضها عند الرمي ( نزل بك حذرك ) أي ما كنت تحذر وتخاف ( بالأخدود ) الأخدود هو الشق العظيم في الأرض وجمعه أخاديد ( أفواه السكك ) أي أبواب الطرق ( فأحموه فيها ) هكذا هو في عامة النسخ فأحموه بهمزة قطع بعدها حاء ساكنة ونقل القاضي اتفاق النسخ على هذا ووقع في بعض نسخ بلادنا فأقحموه بالقاف وهذا ظاهر ومعناه اطرحوه فيها كرها ومعنى الرواية الأولى ارموه فيها من قولهم أحميت الحديدة وغيرها إذا أدخلتها النار لتحمى ( فتقاعست ) أي توقفت ولزمت موضعها وكرهت الدخول في النار ] . هكذا لم يذكر النبي صل الله عليه وسلم زمان القصة ولا مكانها ولا أسماء الأشخاص فليس هذا هو المقصود منها. وهذا الملك الظالم اتخذ لنفسه ساحرا نعم فلا غنى لمثله عن ساحر ساحر يزين له عمله وينفخ فيه فيظن نفسه فوق الكل ساحر يزين صورته أمام رعيته يجعلهم يرون فيه الرحيم المنقذ العامل لصالحهم وهو على النقيض من هذا كله. ذلك الساحر كما جاء في كتاب شرح رياض الصحالين قد كبر سنه وطلب من الملك أن يختار له شابا يعلمه السحر. وتركيز الاختيار على مرحلة الشباب فيه فوائد منها أن الشاب أقدر على الحفظ من غيره لصفاء ذهنه وباله. ومنها أن ما يحفظه الشاب لا ينسى بينما ينسى الكبير ما حفظ. ومنها أن الشاب إن تربى على العلم من صغره شابَ عليه وصار كأنه غريزة طبيعية فيه. ولا شك أن التعليم فيه خير في الصغر والكبر لكن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر فهو أفضل.. هكذا أراد الساحر خليفة له يكون شابا ذكيا. لكن الله أراد غير ذلك. وما أراد الله كان. ومر الشاب يوما براهب _عابد لله_ فأعجبه كلامه فصار يجلس معه كثيرا فيتأخر على الساحر فيضربه. هكذا لا يراعي ذلك الساحر أعمى البصيرة صغر سن تلميذه وهكذا كل من على شاكلته لا يرق قلبه لصغير أو ضعيف يضرب وينكل ولو على أتفه الأسباب. هكذا يشعر الغلام وأستاذه في العلم (الراهب) بمحنة الاستضعاف وأنهما لا حيلة لهما أمام بطش الساحر وسيده الملك. وجاءت حادثة الدابة التي قطعت طريق الناس فدعا الغلام ربه أنه إن كان أمر الراهب أحب إليه من أمر الساحر فليقتل الدابة بهذا الحجر فرماها فقتلها . هكذا بان أن الغلام يميل لأمر الراهب إذ قدم ذكره في دعائه على أمر الساحر. وهكذا القلوب ميالة بفطرتها لما يدلها على ربها . والدين يأسر القلب والملوك إن لم يضبط أمورها الدين فلا تأسر إلا الأبدان فقط. وكون الغلام طلب من الله البرهان الذي يثبته على الحق فيعطيه الله له فهذا من نعم الله. ومن هنا شرعت الاستخارة للإنسان إذا هم بالأمر وأشكل عليه هل في إقدامه خير أم في إحجامه خير فإنه يستخير الله وإذا استخار الله بصدق وإيمان فإن الله يعطيه على ما يستدل به على أن الخير في الإقدام أو الإحجام إما بشيء يلقيه في قلبه ينشرح صدره لهذا أو لهذا وإما برؤيا يراها في المنام وإما بمشورة أحد من الناس وإما بغيره . ذاع صيط الغلام وتحاكى الناس بما أجراه الله على يديه من كرامات فهو يدعو الله للأكمه (الذي وُلِد أعمى) وللأبرص فيشفيهم الله بإذنه. شعر الراهب أن الغلام سيبتلى (وهكذا طريق الدعاة ليس مفروشا بالورود) فالدعوة فيها ابتلاء وصبر لكن العاقبة للمتقين فهذا يعين على الصبر. جاء جليس الملك وهو أعمى للغلام يظن أن الغلام بيده الشفاء فلما أخبره الداعية الصغير أن الشافي هو الله وأنه إن آمن بالله دعا له الله أن يشفيه. فأسلم الجليس وشُفي بإذن الله. هكذا لم يفوت الداعية الصغير الفرصة ليرغب الناس في دين ربهم ولينسب الفضل كله لله ويبين فقره وعجزه أمام ربه فهو يدعو فقط والقادر الحقيقي هو الله. ذهب الجليس إلى الملك وعلم الملك أنه كفر به وآمن بالله فلجأ هذا الملك الغشوم _كعادة من على شاكلته ممن فقد الحجة على صحة ما هو عليه_ لجأ للعنف عذب الجليس بدلا من أن يناقشه عذب الجليس بدلا من أن يتعظ بآية ربانية أمام عينيه فرجل ولد أعمى ومع هذا أبصر بإذن الله. لكن عمى القلب طغى على البصر والعقل عذب الجليس فدل على الغلام وعذب الغلام فلعله لم يستطع الصبر فمهما كان فهو غلام وأعوان هذا الملك لا يرحمون. جيء بالراهب وطلب منه أن يرجع عن دينه فأبى ورضي بالموت بالمنشار في سبيل الله وهذكا فعل جليس الملك هكذا يرى صاحب الحق النعيم في الموت من أجل دينه بينما يموت أهل الباطل غيظا وهم يرون ثبات أهل الحق رغم كل هذا التنكيل
وهنا يذكر الشيخ ابن عثيمين أن الرجل إن أكره لينطق بالكفر فإن كان الأمر متعلقا بنفسه فقط فله أن يصبر على الأذى أو ينطق بكلمة الكفر خلاصا من العذاب وقلبه مطمئن بالإيمان. كما فعل عمار بن ياسر رضي الله عنه لما أكرهوه أن يقول سوءا في حق النبي صل الله عليه وسلم . أما إن تعلق الأمر بالدين كأن يكون الرجل عالما فإن قال كلمة الكفر تبعه الناس فلا يجوز له حينها أن يقولها خلاصا من العذاب بل يصبر وإن قتل حفاظا على الدين. كما فعل الإمام أحمد بن حنبل فكانت العاقبة له وهكذا تكون العاقبة لكل الصابرين . طلب الظلوم الذي أبى إلا أن يحاكم الناس على ما في قلوبهم حتى الغلمان منهم طلب من الغلام أن يرجع عن دينه فأبى الغلام الذي تمكن الإيمان من قلبه فهان عليه ما يجد. أمر الملك جماعة من الناس بأن يأخذوه لقمة جبل فإما أن يرجع عن دينه وإلا رموه من فوقه. فلما بلغوا به قمة الجبل فطلبوا منه أن يرجع عن دينه فأبى لأن الإيمان قد وقر في قلبه ولا يمكن أن يتحول أو يتزحزح فلما هموا أن يطرحوه قال اللهم اكفنيهم بما شئت. دعوة مضطر مؤمن اللهم اكفنيهم بما شئت أي بالذي تشاء ولم يعين فرجف الله بهم الجبل فسقطوا وهلكوا وجاء الغلام إلى الملك. عاد عودة من لا يخاف الموت في سبيل الله عاد لأن له قضية يعيش ويموت من أجلها غلام يريد نشر دينه أمام ملك لا يدخر جهدا في تعذيبه بل وقتله. فلنسمع نحن معاشر الشباب تلك القصة التي فيها أن ثلاثة فقط نشر الله بهم دينه في بلد كامل. ويا للعجب فالثلاثة ماتوا وما رأوا ثمرة عملهم لكنها البشرى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. فحري بأمة المليار وأكثر من المسلمين أن يكون منها من لهم همة كهؤلاء الثلاثة. ما اتعظ الملك حين رأى آية من آيات الله في نجاة الغلام وهلاك أعوانه. فبعث به مع جماعة أخرى لوسط البحر. فإما الرجوع عن الدين أو الغرق. فاستغاث صاحب القلب الموصول بالله بربه فهلك الكل ونجا الغلام وعاد لقاتله. أي إرادة وأي إيمان وأي صبر هذا!
ثم قال له إنك لست قاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال وما هو؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد كل أهل البلد ثم تصلبني على جذع ثم تأخذ سهماً من كنانتي فتضعه في كبد القوس ثم ترميني به وتقول بسم الله رب الغلام فإنك إن فعلت ذلك قتلتني . ولو فكر هذا الغبي لما فعل شيئا مما قاله الغلام. لكن هكذا كل غشوم تجده غبيا يريد أن يبقى وفقط يريد أن يكون سيدا على الناس وفقط.
فجمع الملك الناس في صعيد واحد وصلب الغلام وأخذ سهما من كنانته فوضعها في كبد القوس ثم رماه وقال بسم الله رب الغلام ثم رماه فأصابه السهم في صدغه فوضع يده عليه ومات فأصبح الناس يقولون آمنا برب الغلام وآمنوا بالله وكفروا بالملك وهذا هو الذي كان يريده هذا الغلام . مات صاحب القضية منتصرا وبقي الغبي وقد ضاع منه كل شيء ودوما كلمة الله هي العليا. قال الله تعالى : (((وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى. وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))) ونلاحظ أن كلمة الذين كفروا جعلها ربنا هي السفلى بينما كلمته هو سبحانه لم يجعلها العليا لأنها هي العليا دوما . رضي الغلام بالموت في سبيل الله لأنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لأن هذا جهاد في سبيل الله آمنت أمة وهو لم يفتقد شيئاً لأنه مات وسيموت آجلاً أو عاجلاً) والله أعلم |
|