[rtl]المصري: نقد الحكومة حق وعودتي مستحيلة[/rtl]
[rtl][/rtl]المغفور له بإذن الله الملك الحسين مصافحاً المصري (ارشيفية)
[rtl]
حاوره - حيدر المجالي
كنا في الجزء الأول من حوارنا مع رئيس الوزراء الأسبق، ورئيس مجلسي النواب والاعيان الاسبق طاهر المصري، تطرقنا إلى مفاصل مهمة في حياته الإنسانية والاجتماعية، وحتى ولوجه السياسة وهو ابن الثلاثين ربيعاً.
في هذا الجزء، وهو الأخير، سنتعرف على شخصيته السياسية المثيرة للجدل على حد وصف رجال السياسة والإعلام؛ كما سنُعرج على أهم القرارات التي لم يتردد في إتخاذها وهو على سدة الحكم، واللقاءات الخاصة مع الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه حتى وهو خارج الوظيفة العامّة.
صراحته فتحت لنا المجال لنبحر معه في حوار طويل،حول تركيبة الدولة الأردنية، وآلية تشكيل الحكومات، وطرق التواصل المباشر وغير المباشر مع القصر.
ابو نشأت كان وما يزال جريئا في طرحه، صريحاً في تعبيره، لذلك واجه العديد من الأزمات والتحديات؛ استطاع أن يتجاوز بعضها، لكنه وقف أمام البعض الآخر، فقد آثر أن يبتعد عن الحكم (رئيساً للوزراء) أمام حرصه على ديمقراطية ناشئة في المملكة، فقدم أستقالته للملك بعد خمسة شهور من تكليفه بتشكيل الحكومة بعد قرار الحركة الإسلامية حجب الثقة عن حكومته.
قِصر المدة التي قضاها في الدوار الرابع، لم تمنعه من تحقيق إنجازات عظيمة مثل: إلغاء الأحكام العرفية في عام 1991، وكشف صفقات مشبوهة. كطائرات الميراج التي الغى شراؤها.
ما قصة المطبخ السياسي الذي يلتئم في قصر الندوة كل إثنين؟ لماذا اتهمه الاسلاميون بأنه جاء للحكومة للتفاوض مع الاسرائيليين؟ وما سر علاقته مع المسؤولين في لبنان حتى اللحظة؟ ولماذا يعتبر النقد السياسي بعيدا عن المناكفة الشخصية حقا؟ ماذا قال له الملك حين اعتذر عن حقيبة الخارجية عام 84، وكيف قبل؟ لماذا شكاه رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي للملك وهو رئيس لمجلس النواب؟ ما سر إحتفاظ رؤساء الوزارات المتعاقبة بوزارة الدفاع منذ تولي الأمير زيد بن شاكر قائداً للجيش؟
هذه جملة من التساؤلات، التي طرحناها على المصري، فأتسمت اجاباته بالصراحة والشفافية، تنم عن رؤية اضحة، وفكر نيّر اكتسبه طوال فترة عمله في السياسة، والعمل العام، منذ مطلع السبعينات وحتى اليوم.. وتالياً نص الحوار:
كان دخولك الجهاز الحكومي في بداية عملك السياسي فجأة من خلال تقلدك لحقيبتين وزاريتين، كيف ذلك؟
المصري: لقد تدرجت في المناصب الحكومية منذ أن بلغت الثلاثين من العمر، ولم تكن لي معرفة أو صلة بالجهاز الحكومي، وبالتالي معرفتي بالمسؤولين قليلة؛ ولكن ما فتح الأبواب أمامي لكي أتدرج في المناصب السياسية، هو انتخابي نائبا عن منطقة نابلس عام 73، حيث كان مجلس النواب يضم ممثلين عن الضفتين وعددهم 60 نائباً بالتساوي. لم اقفز قفزات كبيرة بعد ذلك، فكنت أمارس عملي حسب المنصب الذي أكون فيه، فقد إختارني زيد الرفاعي لأكون من ضمن تشكيلته الوزارية وزيرا لشؤون الأرض المحتلة عام 73، وبعد 11 عاماً إختارني احمد عبيدات لأكون وزيرا للخارجية عام 84.
ذكرت بأنك اعتذرت بشدة عن قبول وزارة الخارجية، وقد ابديت أسبابك في حينها، لكنك قبلت حين أمر الملك الراحل الحسين بضرورة قبولك المنصب، حسبما أبلغك رئيس الوزراء المكلف آنذاك، ماذا قال لك الملك؟
المصري: سبق وقلت لك لم أعتذر لأنني لا احب أن اتقلد هذا المنصب،، أو اخدم بلدي من خلاله، ولكن السبب كان وجودي سفيراً في لندن، بعد ان كنت سفيرا في باريس، وقبلها في مدريد، فتغيير الاماكن أثر على ابنائي، وعلى ثقافتهم ودراستهم، وبالتالي فقد اخترت أن ابقى الى جانب ابنائي وعائلتي حيث كنا في العاصمة البريطانية.
لكن دعوة رئيس الحكومة المكلف مضر بدران لي جاءت في يوم رأس السنة، بعد ان اجرى تعديلا على حكومته في 1/1/ 1991 وادخل من اعضاء من الحركة الاسلامية ودخلت انا وزيرا للخارجية بدلا من مروان القاسم.
طلب مني بدران ان احضر اليه خلال ربع ساعة كونه يعرف انني لا ابعد عن منزله كثيرا ، فقلت له لا استطيع لانني حينها كنت موجودا في الشونه ، المهم حضرت عند الساعة الحادية عشر صباحا.
وقال لي: لقد أخبرت الملك بإعتذارك، ولكنه قال لي اخبر طاهر أن يقبل المنصب «بلا إشي..» فقلت له يا أبو عماد أنتم تقولون على لسان الملك اشياء لم يقلها، لكنه أكد لي أنها رغبة سيدنا، فأمتثلت لأمره.
هل يعني هذا أن العلاقة بينك وبين الملك الحسين بدأت تقوى شيئاً فشيئاً؟
منذ عملي في وزارتي الأولى،وعملي سفيرا في ثلاث عواصم اوروبية هي مدريد، باريس ، لندن،لمدة عشرة سنوات ، تشكلت عندي قاعدة معلومات، وخبرة سياسية، تكفي لأن اتبوأ موقعا سياسياً مهماً كوزارة الخارجية، وكانت علاقتي مع الملك الحسين تتطور، حتى أمرني بقبول الوزارة، بعد ذلك بدأت اتعلم من مدرسة الملك الحسين–رحمه الله – وبدأت وتيرة تعاملي معه تقترب من التعامل المباشر، والاحتكاك المباشر، وهذا استمر لمدة خمس سنوات وهي الفترة التي توليت فيها وزارة الخارجية. لا شك بأنني أستفدت كثيراً من تعاملي مع الملك فقد تعلمت منه أشياء كثيرة، خدمتني في عملي السياسي، وبالتالي فقد عرفني جلالته جيداً.
هل كانت لك آراء مختلفة عن رأي الملك الحسين طيب الله ثراه وتقولها بصراحة؟
لم يكن مطلوبا من رجال الملك الراحل وانا منهم، أن اوافقه على كل شيء، كان لدي رأي واقوله بصراحة، حتى قبل أن أكون رئيساً للحكومة، كانت لدي شبه قناعة أنني لست محصوراً في مجلس الوزراء سواء بحكومة زيد الرفاعي أو احمد عبيدات، كان ثمة نقاشات حول كثير من القضايا العامّة، والولاية العامّة في مجلس الوزراء، وفقاً لأطارها الصحيح المنبثق من الدستور، وهذا ما جعل مجلس الوزراء في ذلك الحين صاحب صوت مسموع، يحدد مسار سياسات كثيرة.
هل نستطيع القول أنك كنت في أضيق دوائر القرار السياسي؟ وكيف ذلك؟
نعم؛ كان التعامل مع الحكومة والملك على اصولها الدستورية، كان هناك ولاية عامة، وهذا المبدأ يطبق في مجلس الوزراء، وكان رئيس الحكومة هو حلقة الوصل بينه وبين المجلس، كما أن الملك هو رئيس السلطة التنفيذية.
باعتباري وزيراً للخارجية، والملك هو الذي يقود السياسة الخارجية، أتاح لي ذلك لقاء جلالته في كثير من اللقاءات والمناسبات، وكان هناك ما يسمى (المطبخ السياسي) وكان الملك يدعونا الى قصر الندوة كل إثنين أنا وزيد الرفاعي ورئيس الديوان الملكي مروان القاسم، ووزير البلاط عدنان أبو عودة، ومدير المخابرات اللواء طارق علاء الدين، والقائد العام للقوات المسلحة الشريف (الأمير) زيد بن شاكر، فيدور حديث طويل حول الشأن العام داخلياً وخارجياً. وغالباً ما نخرج بنتيجة ما، فنعرف ما هو الخط.. والسياسة، كما أن منصبي وزيراً للخارجية يجعل الملك يهاتفني وخاصة حين أعود من السفر.
هل كان للملك مجالس أخرى أو كما تسميها (مطابخ سياسية) أخرى؟
بعد أحداث نيسان عام 1985 أصبح الملك الحسين رحمه الله يلتقي كثيرا مع القيادات، وربما كان له مطبخ آخر مع القوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية الأخرى.
كيف تصف لنا لقاءاتكم مع الملك في المطبخ السياسي ؟
الملك له نظرة ثاقبة في كثير من الأمور، ولديه معلومات كثيرة وعميقة، ولذلك نؤمن بأنه أقدر منا على الحكم في كثير من المسائل، خاصة وأنه يستمع جيداً لكافة الآراء، ويتم مناقشتها جميعاً.
هل تعتقد بأن الجميع وقتها وقع في أخطاء سياسية ؟
ليس هناك شخص معصوم عن الخطأ، لكن ثمة ظروفاً لا يمكن التحكم بها، بحكم أن الأردن يقع وسط دول أكبر منه، ولا بد من مراعاة بعض الأمور. أعتقد أن من أهم مفاهيم الملك حسين السياسية أنه يخلق توازنات في علاقات بلاده الخارجية الاقليمية والدولية، لذلك حين تسوء علاقة الأردن مع دولة ما، فنجد بأن لنا علاقات جيدة مع دول أخرى. ومن يقول أننا أخطأنا في موقفنا من العراق خلال غزوه للكويت فهو مخطىء، لأن الموقف الراهن يثبت صحته، فقد حذر جلالة الملك وبشدة من مغبة دخول قوات أجنبية للعراق، فانظر كيف كانت النتيجة، وقد دفعنا ثمنا باهظا ثمن هذا الموقف، سواء من قبل المجموعة العربية، ودول أوروبا وأمريكا، وما يحدث في اليمن يبين أن رأي الملك هو الصواب.
ماذا تفسر إصرار الملك على تعيينك وزيراً للخارجية؟ هل كان يحضرك لتشكل الحكومة؟
من يحكم بلداً صعبة مثل الاردن، حتما لا يضع العلاقات الخاصة والمحبة في ميزان المصلحة العامة، لكن السياسي له برنامج، والاوضاع التي تعيشها المملكة حرجة بسبب الموقف العربي والعالمي، لذلك فإن تكليف أي شخص لأي منصب يتناسب مع طبيعة وظرف المرحلة؛ أما لماذا أختارني وزيراً للخارجية، لا استطيع أن اقرر بدقة، لكن طريقة الاختيار تدل على شيء ما، كما أن اصرار الملك على دخولي الحكومة للخارجية في تعديل حكومة مضر بدران عام 1991 كان (وراءها ما وراءها) وقد أكتشفت ذلك لاحقاً.
كيف تم تكليفك للحكومة؟ وهل كانت مفاجأة لك ؟
نعم كانت مفاجأة، أذكر بأن الملك دعاني للغداء في قصره، وكان الشريف زيد بن شاكر القائد العام للقوات المسلحة حينها، وبعد نقاشات مستفيضة أستمرت أكثر من ساعة، أخبرني الملك بأن هذه المهمة مهمتك، ويقصد تكليفي بالحكومة، فقلت له يا مولاي هل انت حاسبها صح، والله اتشرف بذلك، ولكن أعتقد أن الظرف قد يغلبك ويغلبنا، فقال لي: اراك قادرا على الخروج من هذه الاحداث وهذه الازمة، بعد أن خرجنا من قصر الملك دار بيني وبين الشريف زيد حديث، تمحور حول صعوبة المرحلة، فأخبرني بأنني قادر على ذلك وسيتم دعمي في هذا الإتجاه.
تقول انك جئت للحكومة بظرف صعب ما استعدادك لخوض التجربة، خاصة وانك اتهمت بأنك ستفاوض إسرائيل، ما ردك ؟
هذا الكلام ليس دقيقاً؛ لأن دخولي الحكومة ترجمة لفكر ونمط جديدين من الحكم، خاصة في ظل العلاقة التي يشوبها الفتور بين الاردن، وكلٍ من أوروبا وأميركا وعدد من الدول العربية؛ الملك قرر أن يأتي بالصف الثاني من السياسيين، ليتقدموا الحكم، وهذه النية أصبحت واضحة في كتاب التكليف السامي للحكومة الذي يعد الاطول والاشمل في تاريخ الحكومات، فهو عبارة عن خطة كاملة للإصلاح والإنفتاح، بحيث كان يريد التغيير للأردن، وقد فهمت هذا الدور على هذا الأساس.
قلت بأن الملك قرر أن يقدم الصف الثاني من السياسيين للحكم، هل يعني هذا انك أحدهم؟
نعم أنا كنت حينها من الصف الثاني، أعتقد أن الوضع العربي، ومبادرة الرئيس الاميركي الأسبق (جورج بوش الاب ) كانت موضوعة على الأجندة، لذلك كان هذا الغرض من تكليفي، لأن الملك كان يعمل على تهيئة أشخاص لتكليفهم بمهمات حسب مقتضيات المرحلة والزمن.
كيف ألفت حكومتك، وهل ثمة تدخلات في وزارات ما؟
ابلغني الملك الحسين في اوائل حزيران 1991 بان يكلفني بتشكيل الحكومة الجديدة ، ولم يعلن ذلك الا بعد 17 يوما وشكلت الحكومة بتاريخ 1 / 6 / 1991 لكنني كنت خلال تلك الفترة أختار الأشخاص الذين سيدخلون معي ولكن ليس في العلن، وكانت حكومة مضر بدران تمارس عملها، إلى أن استقالت، وبالتالي جاءني كتاب التكليف، وفيما يتعلق بالتدخلات لم يتدخل احد باختيار أي شخص، جميع طاقم وزارتي انا اخترتهم بنفسي، مثال ذلك كان زيد بن شاكر يسألني عمن اخترت وزيرا للداخلية فاجبته ، جودت السبول ، فاستحسن اختياري.
لماذا وصف البعض ان حكومتك تمثل اليسار؟
ربما لان تشكيلتها ضمت اشخاصا من الصف الثاني، لكنها شخصيات ذات وزن، واذكر أن من الوزراء الذين خدموا معي، محمد فارس الطراونة، ومحمد الحموري، وسليم الزعبي، وخالد الكركي، وسعد هايل السرور، وتيسير كنعان، وعلي السحيمات، وعبدالله النسور، وسمير قعوار، وثابت الطاهر ، علي ابو الراغب ، عبد الكريم الكباريتي ، ممدوح العبادي ، باسل جرادنة ، صالح ارشيدات ، زياد فريز ورائف نجم ، وغالبيتهم من النواب.
هل تؤمن بتوزير النواب؟
هذا معمول به سابقاً، لكنني انا الذي قررت أن أُدخل النواب للحكومة، كوني نائباً، وبالتالي فإن ذلك معمول به في دول العالم لكن على أساس تكتل برلماني.
هل قرارك بتوزير النواب لمنع الانتقادات عن حكومتك؟
بالطبع لا؛ لأن حكومتي هوجمت منذ أن تشكلت ،وقبل معرفة اسماء الوزراء فكانت الانتقدات منصبة علي وعلى ما امثله انا ، ولا تنسى أن مذكرة وقع عليها 50 نائباً من أصل 80 لحجب الثقة، وبعد ثلاثة شهور طلبت من الملك ان استقيل، لكنه رفض ذلك وأخبرني بأنه سيحل مجلس النواب وقد اقنعته بأن هذا ليس حلاً، واننا سنضع الاردن في موقف محرج عالمياً، خاصة وانه يمارس ديمقراطية ناشئة،سوف تسبب شكوكا اضافية من الدول الغربية حول نوايا والتزامات الملك شخصيا ، كما ان الوضع الداخلي اذا ما تم حل المجلس سيكون اصعب مما نتصور ،ولذلك اقترحت أن يحل مكاني احمد عبيدات أو احمد اللوزي، الملك في البداية رفض ذلك، لكنه بعد وقت وافق على الفكرة، بيد أنهما إعتذرا عن قبول المنصب، واستمرت الحكومة بعد ذلك حتى أكملت خمسة شهور، وبعدها قدمت إستقالتي.
من الذي قاد الهجوم على الحكومة من داخل المجلس؟
الهجوم على الحكومة قادته الحركة الإسلامية، فكان الهجوم لعدة إعتبارات منها: الأجواء السائدة بعد ضرب العراق، وإخراجه من الكويت، فحدثت إستقطابات عالمية معينة، كان الأردن من ضمنها، كما إن الحركة الاسلامية اعتقدت ان افكاري المتحررة وهي ضمن المخطط المرسوم بضرب الحركات الاسلامية ، وهذا الاعتقاد الخاطئ.
واظن بأن عددا من النواب كان لهم موقف مني ، فانني لم اقم لهم الوزن الكافي في المشاورات في التوزير فاصبحت غريما لهم. كلها كانت اوهاماً او مشاعر شخصية ، وكنت انوي التعاون مع الجميع لانني كنت انوي تشكيل حكومة ائتلاف وطني بروحية ونكهة جديدة ، الأمر الآخر كان موضوع بيكر وتحركاته من أجل بناء مؤتمر للسلام، كانت الحركة الاسلامية تعتقد ان المفاوضات المباشرة في تلك الايام خط أحمر، ولا أحد يقبل الجلوس إلى طاولة المحادثات مع إسرائيل، ظنوا أننا سنقوم بذلك، فهاجمونا بشدة ومن على المنابر، ايضا كان هناك مواقف شخصية مبنية على معلومات خاطئة.
لماذ يحتفظ رؤساء الحكومات بوزارة الدفاع، وهل أنت مع فصل الوزارة بوزير مدني؟
لم يكن هذا موجوداً في السابق، فكان لدينا وزير للدفاع، لكن المنصب الحق برئيس الوزراء منذ أن تسلم الشريف (الأمير) زيد بن شاكر قائدا عاماً للجيش، واستمر هذا النهج للآن حتى يبقى للشريف زيد مكانته. اما الان فان هذا الموضوع مطروح للبحث ولكنه لم يطبق، خصوصاً وإن جلالة الملك عبدالله وجه رسالة بهذا الخصوص، لكنه سيتحقق قريباً، وهذا برأيي ضرورة ويجب إن يتم منذ زمن بعيد.
ما هو موقف الملك، وكيف ساندك؟
كان الملك مستاء جداً مما يحدث، وكان يريد أن أبقى رئيساً للحكومة، لكنني كنت أرى بأن الوضع الدولي ليس في صالحنا، كنا معزولين عن معظم العرب، وأوروبا، وأمريكا وآخرين، الملك كان خائفاً على الوطن، وحريصا على وحدته وحمايته وانا كنت معه بهذا الأمر.
كانت لك قرارات حاسمة في مجلس الوزراء رغم قصر المدة، ما هي ابرز تلك القرارات؟
اتشرف بأنني الغيت الأحكام العرفية نهائياً، وبدأت في إصلاحات من خلال سن تشريعات مهمة جداً، فاول هذه التشريعات، وضع قانون الأحزاب، والمطبوعات، كما انني قررت إلغاء صفقة طائرات نوع ميراج فرنسية ، ثم بدأنا بحملة كاسحة لتغيير كل القرارات والتشريعات المتراكمة منذ 30 عاماً، إضافة إلى الغاء لجنة الأمن التي كانت سوطاً مسلطاً على ظهور الناس، لكن المدة القصيرة لم تسعفني لتغيير قانون الانتخاب وتنفيذ برامج عديدة.
ما رأيك بالهجوم على الحكومات المتعاقبة، وما قيل عن الحكومة الحالية، هل بهدف الظهور على الساحة السياسية؟
لا أظن ان ثمة أسباباً شخصية؛ ولا أعرف لماذا نظل نحسب أي نشاط أو أي موقف أو أي تصريح سياسي هو مناكفة، أو هو بغرض الوصول للمنصب، أو بغرض المعارضة.انا شخصياً لي آراء وانتقادات معلنة، وهي ليست مبنية على أساس الطمع بالعودة للمنصب، انما جاءت على أساس موقف وبرنامج بدأته وأنا رئيس للحكومة وخارجها، وحتى حينما كنت في الأعيان.
من حق أي شخص أن يتحدث بالأمور العامة، خاصة وان التجربة السياسية تعطي الحق في الادلاء بالرأي، بعيدة عن الشخصنة، هدفها المصلحة العليا للدولة.
من حق أي مسؤول سواء كان رئيسا سابقاً للحكومة، او غير ذلك أن يوجه النقد لسياسة الحكومة، واذا كان الحديث عن زيادة في المديونية التي وصلت حسب آخر الارقام (21.5) مليار دينار فإننا لا نستطيع ان ننكر الارقام، ويحق لنا أن نتساءل كيف اصبح هذا الدين، كما يحق لنا ان ننتقد التشريعات.
لماذ يقيل الملك حكوماته؟
الملك يعين الحكومة على أسس معينة، وإقالتها بيده هو أولاً وأخيراً، لكن؛ من يتابع البوصلة عند جلالته، يجد بأن تمسكه بحكومة ما لانها لم تنته من مهمتها في ترتيبه الذهني، أو الوقتي، وربما تكون انتهت أو تنتهي قريباً، والسؤال يجب أن يُحال على مجلس النواب.
ما رأيك في المجلس النيابي الحالي؟
أنا معترض على قانون الصوت الو احد،واللوم والنقد يجب ان يوجه الى افرازات قانون الانتخاب.
الملك دعمك في مجلس النواب، وكان حريصاً على إشراكك في الحكومة، وكلفك بالفعل بتشكيلها، وقلت أن العلاقة بينكما جيدة، فهل كنت على تواصل مع الملك الحسين وانت خارج العمل العام؟
نعم؛ ظل الملك يدعوني لحضور إجتماعات الوفود الأجنبية، والعربية والفلسطينية، بدون ان أظهر بالصورة أمام الإعلام، وقد دعمني بقوة في رئاستي لمجلس النواب، وكان يستشيرني في كثير من الأمور.
لماذا كان رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد السلام المجالي وهو رئيس للوزراء يشكوك للملك، وكنت رئيساً لمجلس النواب؟
كان أبو سامر متحمساً لتنفيذ مشاريعه وبرامجه، فكان يريد من مجلس النواب أن يتعاون معه في قبول مشاريع القوانين التي ترد من الحكومة، واذكر أن قانون المبيعات الجديد أخذ جدلاً كبيراً، وتأخيراً وبعد أن تمت الموافقة عليه عدنا لنعترض، على النسبة من 7 يالمئة ألى 10 بالمئة، وقد ثبتنا على 7 بالمئة. ونتيجة هذا الاشكال كان الدكتور المجالي يشكوني للملك.
هل تعتقد بأن مجلس الأعيان ينحاز للحكومة دائماً؟
على العكس، هو مجلس فيه خيرة الخيرة، من أصحاب الكفاءات والخبرات، نحن جزء من مجلس الأمة، لنا ما لهم وعلينا ما عليهم، لسنا بصيمة، بل لنا قراراتنا وآراؤنا، لكن بفكر أكثر عمقاً وهدوءاً.
سجلنا مواقف كثيرة وانحزنا للمواطن، ورددنا قوانين، وقبلنا أخرى، وأذكر اننا رفضنا امراً بإنجاز قانون بيوم وهو قانون مكافحة الفساد، لكننا رفضنا إنجازه بذات اليوم، وظل الى ان انتهت الدورة البرلمانية، لم نكن نعمل أشياء للمظاهر ، بل كنا نعمل بمنطقية لها أسبابها، وكان النواب يتفهمون ذلك، لان كثيرا من القوانين كانت تمرر رغماً عنهم ، أو باحراجهم.
لو كلفت بتشكيل الحكومة هل تقبل وما شروطك؟
الفرضية شبه معدومة ، وكم قلت سابقا وكما قلت سابقا فان التكليف يأتي لتحقيق برنامج ما او مهمة ما ، ولا بد من ان يكون هناك تجانس فكري وبرامجي بين جلالة الملك والشخص المكلف.
اعتقد أن رئيس الحكومة حتماً يتفق مع جلالة الملك على ملامح رئيسة لعمل الحكومة، تنطلق من خطاب التكليف، إضافة إلى ضرورة إختيار وزراء مسيسين ولديهم خبرة، يتفقون على برنامج منسجم ومتسق. فموضوع تأليف الحكومة ليس تكنوقراطاً كما يطالب البعض، بل رجال سياسة.[/rtl]