منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Empty
مُساهمةموضوع: المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية   المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Emptyالثلاثاء 07 أبريل 2015, 6:41 am

[rtl]المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية[/rtl]


[rtl]المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 4d5ef9199eee75b058d4902381e014a2
[/rtl]



  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 8280810445fad4aa76fe86653f90f47a
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 4d5ef9199eee75b058d4902381e014a2
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 9ec4619b49eb0e2f5a77e5a6d4ad16e3
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 8280810445fad4aa76fe86653f90f47a
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 4d5ef9199eee75b058d4902381e014a2
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 9ec4619b49eb0e2f5a77e5a6d4ad16e3
  • المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 8280810445fad4aa76fe86653f90f47a


[rtl]

أجرى الحوار- حيدر المجالي

يغلب على شخصية رئيس وزراء الأردن الأسبق طاهر المصري الهدوء، لكنه يتعاطى مع الواقع بمنتهى الحكمة والقوة، كما أن ابتسامته الدائمة تعد جسراً لكسب محبة وتأييد الآلاف من مريديه، هذه التركيبة في شخصيته عززت لديه روح الانتماء والولاء، فكانت علامة فارقة في تاريخه السياسي والاجتماعي والانساني؛ جمع بين التوازن والإعتدال في إتخاذ القرار، لكن مواقفه حيال بعض القضايا ثابته، رغم أنه لا يفضل أن تكون تلك المواقف جامدة إلى حد كبير.
مخزونه المعرفي، ورؤيته الثاقبة، جعلته قريبا من تفكير الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، فمنحه الثقة، واستأنس برأيه في كثير من القرارات المصيرية.
أبو نشأت، من السياسيين القلائل الذي ترأس السلطات الثلاث؛ التنفيذية حيناً، والتشريعية بشقيها النواب والأعيان حيناً آخر، كما أنه دافع عن الديمقراطية برفضه حل مجلس النواب الثاني عشر، لعزم ممثليه حجب الثقة عن حكومتة واكتفى بالاستقالة فقط، ورغم تبوئه العديد من المناصب السياسية، سفيرا ووزيرا، إلا أنه إعتذر عن بعضها تمسكا بتلك المواقف.
واكب الأحداث التي مرت بها المملكة منذ النكسة عام 48، وحتى النكبة عام 67، فتشكلت شخصيته السياسية كنتاج طبيعي، للأوضاع التي مرت بها الأمة العربية، وضياع فلسطين؛ وكونه من أبناء مدينة نابلس وينتمي لعائلة ثرية، فقد ساعده ذلك أن يكون في خضم الأحداث السياسية التي مرت بها فلسطين والأمة العربية، فتابع وهو (طفلاً) عن كثب، المشاهد المريعة لنزوح الفلسطينيين وتهجيرهم بأعداد كبيرة، فرسخ في ذهنه أن مقاومة المحتل ونصرة قضايا الأمة العربية واجب وطني وقومي.
رغم إنشغاله بالسياسية منذ عام 1973 ألا أنه لم ينسى اصدقاء طفولته، فظل على تواصل معهم بذات الإسلوب والنهج، لدرجة أنه كان وهو رئيس للوزراء يذهب خلسه ليلعب معهم (الباصرة) في منزل صديق بجبل عمان.
شعر بالظلم فبكى، ما الذي أبكاه بحرقة ؟ وما قصة سيارته (الرينو)؟ وكيف أثّر حزم والده على نشأته وتربيته؟ وما سبب رفض جده الحاج طاهر ان يُسمّى بإسمه؟ ولماذا يقولون عنه (soft)؟.. هذه التساؤلات وغيرها من المواقف الإجتماعية والسياسية، ما تزال تُختزن في ذاكرته القوية.
«الرأي» حاورت المصري لتتناول الجانب الآخر من شخصيته السياسية والاجتماعية والسياسية، بعد مرور أربعة عقود على إشتغاله بالسياسة، وتسلمه مواقع متقدمة في الدولة الأردنية، فهو لم يعتزلها ويجد نفسه في عمقها يمحص ويراقب..



وتالياً نص الحوار.

كيف كانت نشأتك في نابلس؟
انا طاهر نشأت طاهر المصري، ولدت في نابلس لعائلة فلسطينية تتمتع بالثراء، لانها ببساطة تمارس العمل التجاري، وانا أكبر إخوتي، وعدد أفراد الأسرة 13 فرداً، سبعة اشقاء وأربع شقيقات بالإضافة إلى والدي ووالدتي، وكانت حياتنا في ذلك الوقت مستقرة، عشت طفولة عادية كباقي اقراني، ولا أنكر بأنني كنت مميزاً بعض الشيء خاصة عند جدي الحاج طاهر، درست في نابلس في كلية النجاح وهي المدرسة الخاصة الوحيدة، وبقيت فيها حتى أنهيت المرحلة الثانوية، ورغم أن المدرسة تضم أساتذه أكفاء إلا أنني كنت افضّل الدراسة خارج نابلس، لكن والدي رفض ذلك، وقال لي أنت إبني الكبير وأُريدك إلى جانبي.

 من أين جاءت تسميتكم بالمصري، هل نسبة إلى مصر؟
نحن لدينا شجرة عائلة موثقة في المحاكم الشرعية، وليس سبب التسمية نسبة الى مصر، فأساس العائلة أنها جاءت من حوران عام 935 هجري وقطنت في منطقة (جبا) في محافظة جرش، ومن هناك توجهوا إلى الخليل، وهاجر أو انتقل أحد أفراد العائلة إلى منطقة خان يونس بغزة، وما يزال لنا هناك أقارب فهم عائلة كبيرة في خان يونس، وإنتقل جد آخر إلى نابلس، أما من أين أتى اسم المصري، فإننا لا نعرف بالضبط حتى الآن، علما بأننا بحثنا عن سبب التسمية فلم نجد.

جدكم طاهر اعترض على تسميتك بإسمه، لكن والدك أصرّ على ذلك، ما سبب اعتراضه؟
في ذلك الوقت كان الناس لا يفضلون ان يسمى الأبناء بأسماء أبنائهم ، لأن ذلك فيه حالة تشاؤمية ، وان الأمر قد ينذر بقرب رحيل الجد بعد أن يحل محله الحفيد، إلا ان والدي أصر على تسميتي على إسم والده طاهر، ما أغضب جدي وطلب من والدي أن يتراجع عن ذلك لكن عناد والدي كان أكبر لتكريم اسمه والده وبقي الإسم الذي يحمل أصلاً اسم شركة العائلة، ورغم ذلك فقد عاش جدي طاهر ردحاً من الزمن، وكان يحبني كثيراً.

رغم انك تنتمي لعائلة سياسية إلا أن والدك لم يكن سياسياً، ما أسباب عزوفه عن دخول معترك السياسة؟
صحيح؛ والدي لم يكن سياسياً، كان رجل اجتماعي قريب من الناس، حتى انه لم يدرس في المعاهد او الجامعات انما درس في المراحل الدراسية الاولى، لكنه اكتفى بالدعم الاجتماعي والمعنوي لرجال العائلة السياسيين ومنهم عمي حكمت الذي درس في الجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج منها عام 1928 فاصبح من السياسيين المشهود لهم، اما على صعيد العائلة فقد كان له تأثير وقرار في ترتيبات العائلة الكبيرة ، غالباً في القضايا التي تخدم العائلة وأفرادها اجتماعياً والنواحي المحلية وقليلاً في النواحي التجارية، ومعظم افراد العائلة يعتمدون على والدي بسبب ماهيته الاجتماعية، خاصة في الإنتخابات البرلمانية أو البلدية التي يخوضها أفراد من عائلتي. فقد تسلم عمي الحاج معزوز المصري رئاسة بلدية نابلس لفترات طويلة.

رفضت المكوث في نابلس، وقررت الذهاب لإكمال دراستك الجامعية في الخارج هل يعني ذلك ان والدك كان صارماً في التعامل معك ومع اخوتك؟
نعم ؛ حيث كان ضرورياً أن نلتزم بسلوكيات معينة في المنزل كوننا عائلة كبيرة في المنزل وكوننا أيضاً عائلة معروفة في نابلس، وكان–رحمه الله–يغضب في أحيان كثيرة ونحن على مائدة الطعام، لأننا حين نجتمع وعددنا أحدعشر فردا نصدر ضجة كبيرة، فيغضب ويكون له ردة فعل عنيفة، وكان يستشيط غضباً حين آخذ سيارته خلسة (واشحط فيها) وانا في عمر ال ستة عشر عاماً.
كان رأيه نافذاً ولا أحد يستطيع من أفراد العائلة معارضته، حتى حين أرسل اربعة من إخوتي إلى القدس ليدرسوا في مدارس الفرندز، وآخر في الفرير، رفض إرسالي وقال لي: انت البكر وأريدك معي هنا في نابلس، وهذا بالطبع ما لا أريده إلا إنني لم أكن أستطع مخالفته.

أين درست ؟
درست في كلية النجاح، وكانت مدرسة خاصة في نابلس وعريقة وفيها هيئة تدريسية من الاكفياء، وامضيت فيها حتى تخرجي من الثانوية العامة.

هل يمكن القول بأنك كنت مدللاً عند والدك وجدك، خاصة وانكم من عائلة ثرية، فكان لك وضع خاص؟ هل شكل لك وضعاً خاصاً أنك من عائلة ثرية؟
صحيح؛ كنت مدللاً عند جدي، بعد ان صفح عن موضوع التسمية باسمه، اما الثراء فلم يكن ثراء فاحشاً، ولا فقراً متقعاً، فالناس كانوا ينتمون إلى طبقة عريضة متوسطة، ثمة تفاوت بسيط في الثراء، ولم تكن حياة البذخ والسيارات الفارهة والقصور كما عليه اليوم عند اهل الثراء. عشنا حياة ميسورة وفوق المعدل العام بسبب أن والدي كان تاجراً ورجل أعمال.

تحدثت في غير موقف بأنك شعرت بالظلم فبكيت بحرقة، ما الذي ابكاك؟
القصة طويلة ولكنها كانت مؤلمة، ووقائعها ما تزال ماثلة امام عيني؛ بعد اقالة حكومة النابلسي في نيسان عام 1957 واعلان الأحكام العرفية، وحل البرلمان الذي كان يرأسه حكمت المصري، وُضع عمي حكمت قيد الإقامة الجبرية في منزله، وكذلك والدي وذات يوم لجأ مواطن إلى والدي طلباً للحماية فقبل، لكن رجل الامن المكلف على حراسة والدي في منزلنا احتجز ذلك المواطن، فانزعج والدي من ذلك التصرف، وعنف ذلك الشرطي الذي قدم شكوى بحق والدي، مفادها بانه شتم الملك، فتم على اثرها ايداعه السجن لمدة ثلاثة اشهر بحكم قضائي عسكري.
وخلال إقامة والدي في السجن، كنت أُحضر له طعام الإفطار بشكل يومي إلى داخل السجن، وكان عمري آنذاك 16 عاماً، ثم أعود أدراجي إلى مدرستي، فتحمّلت المسؤولية كوني كنت أكبر الأبناء سناً، ومضى الحال كذلك الى أن ذهبت يوماً كعادتي لإرسال الإفطار لوالدي، فلم اجده في السجن ولا حتى رفاقه المساجين، بحثنا وسألنا إلى أن عرفنا بأن تم ترحيله إلى سجن الجفر، وبعد ثلاثة أسابيع وبمناسبة الإعلان عن الاتحاد الهاشمي أطلق سراحه بعفو ملكي.
لم يمضي سوى يومين بعد عودته من الجفر حتى يتم استدعاءه مرة أخرى ، بحجة أنه لم يكمل مدة محكوميته الإولى وان العفو الملكي لم يشمله ، وبالفعل ذهب مخفوراً إلى السجن. وكنت في كل هذا أقف بجانبه وأعرف ما يدور في ذهـــن والدي ومضى للسجن ، وحين اخبرت والدتي لكي تعد له حقيبة الملابس بكت وتألمت لما حدث ، وشعرت بالظلم والقهر و دخلت إلى الحمام حتى لا تراني الوالدة وانا في هذا الوضع.

هل كانت المرة الوحيدة التي بكيت فيها؟
بالطبع لا؛ فقد بكيت بحرقة عندما تنحى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فكان التنحي صدمة بالنسبة لي وشعرت بأن عملاقاً قد هوى وان ما كنا نؤمن به ونسعى إليه قد إنهزم فجأة وبسرعة ، وآمنت أن مستقبل الامة العربية الى المجهول ، وبكيت ايضاً على وفاة اخي صفوت الذي قتل على يد صديق له بالخطأ عام 66، وبكيت كذلك عندما استشهد عمي ظافر في نابلس وهو رئيساً للبلدية. وبكيت بحرقة عندما توفي الملك حسين – رحمه الله.

هل يعني هذا أنك تعرضت لهزات ونكسات فوق قدرة احتمالك؟
المصري: لقد تعرض جيلنا لأحداث جسام، ومواقف مأساوية، وظروف قاسية، فالنكسات والنكبات وتشريد اللاجئين وتدفقهم بمئات الألوف بظروف قاسية ولجوءهم إلى المساجد والمدارس، وكذلك فقدان أعزاء سواء من الأهل أو من غيرهم، إنعكس على تفكيرنا وإسلوب حياتنا ومواقفنا. وكان البكاء رد فعل طبيعي على هذه الأحداث الفاصلة في حياتنا.

بعد أن انهيت الثانوية العامة في كلية النجاح بنابلس، لماذا اصررت على الدراسة في الولايات المتحدة الامريكية؟
كانت رغبة شخصية في أن أدرس خارج نابلس، كون كثير من أبناء عمي تخرج من امريكا، وكان خيار أمريكا مغرياً ، كما أن والدي طلب منى عدم الذهاب للدراسة في الخارج وأن أكمل الدراسة بفلسطين لأكون بقربه، من اجل البحث لي عن وظيفة أو وكالة تجارية لأديرها، لكنني رفضت ذلك بشدة، وبالفعل ذهبت سنة الى الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم توجهت الى امريكا لدراسة الادارة.

ماذا عملت بعد تخرجك مباشرة؟
أخبرني والدي انه وجد لي وظيفة جيدة في عمان حتى قبل ان اعود من الولايات المتحدة، واخبرني ان ارجع بأسرع وقت، وقلت له لماذا العجلة اريد فترة استراحة لمدة اسبوعين على الاقل، لكن والدي ألح وقال وظيفتك بالانتظار، وكان محافظ البنك المركزي آنذاك د. خليل السالم قد عرض على والدي توظيفي في البنك، وأنني أنهيت بكالوريس بالادارة من أمريكا، وكان صديقاً لوالدي وفعلاً وتسلمت الوظيفة مباشرة بعد عودتي من أمريكا.

لماذا اختار لك والدك الوظيفة، ولم يستفد من شهاداتك في تجارته؟
هكذا شاءت الأقدار ، فعمان هي العاصمة والبنك كان في بداية إنشاءه. ولكن لم يكن والدي هو الذي اختار عني بالرغم من أنه هو الذي عرف عن الوظيفة. وكان يعلم ان لي رغبة في العمل خارج نابلس.

بحكم الوظيفة الجديدة عشت في عمان بعيداً عن الاهل، كيف تصف تلك المرحلة؟
طبعاً الاجواء لم تكن متشابهة بين عمان ونابلس، فكنت منغمساً في عملي الذي احببته كثيراً، ونلت ثناءه وترقيات عديدة واستئنائية ، فقد عملت في البنك المركزي بتفانٍ، ولا اذكر بانني تأخرت عن دوامي صباحا دقيقة واحدة طوال سبع سنوات ونصف مدة عملي في البنك. طبعاً؛ سكنت حياة العزوبية برفقة أبن عم لي، وأذكر بأننا أقمنا في استديو بجبل عمان بأجرة شهرية 40 ديناراً نتقاسمها بالمناصفة، اما راتبي فلم يتجاوز 45 ديناراً في بداية عملي في البنك. إلا أن والدي دعمني آنذاك بشراء سيارة رينو لي، كي أكون دائماً بقربه.

أنت من مواليد برج الحوت، فهل انت من الحيتان؟
لا ادري، ولكن اعتاد البعض على تسمية السياسيين ورجال الأعمال المعروفين بالحيتان، وذلك نظراً الى القوة والسلطة، حتى ان دائرتي الانتخابية التي اخوض فيها معركة البرلمان، وهي الدائرة الثالثة، تسمى دائرة الحيتان.

ما قصة الخمسة دنانير التي يدفعها لك والدك فوق الراتب؟
هذا كان يحصل خلال سنوات عملي الأولى في البنك المركزي وقبل عام 1967. والقصد هنا أنني كنت أعتمد على دخلي وليس على والدي. وعند عودتي من أمريكا وبعد توظيفي في البنك إشتري لي سيارة ( رينو ) صغيرة بمبلغ 675 ديناراً، وكنت أستخدمها في السفر من عمان وإلى نابلس نهاية كل إسبوع، حتى إنني كنت آخذ ملابسي لكي تغسلها والدتي، واستفيد أيضاً بمليء خزان سيارتي بالوقود على حسابه.

كنت تتقاضى راتباً شهرياً 45 ديناراً وهذا المبلغ في ذلك الوقت عام 1965 مرتفع، هل يعني أن هذا الدخل يُحقق لك حياة الرفاهية؟
نعم، هذا راتب أعلى من معدل رواتب الحكومة آنذاك، ولكنه لا يؤمن حياة رفاهية كما تقول بل حياة مريحة لكن راتبي حسب مصروفي لا يكاد يكفي، حيث كنت احصل على دعم بسيط من والدي.

ما ظروف ارتباطك بأم نشأت؟
كان التعارف بيننا عبر الاقارب، فقد شاهدت سمر زوجتي عند احد اقاربي، واعجبت بها، وبالفعل تم التقارب بين العائلتين، المصري والبيطار، وتمت الخطوبة التي امتدت طويلاً نتيجة للاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية عام 67 ، قبل هذا التاريخ كانت الامور ميسرة، والحياة مختلفة، لكنها سرعان ما تغيرت بعد النكسة، فلم يبق لي سند الا شهادتي ووظيفتي، خاصة وان والدي – رحمه الله – اصيب بمرض (الشلل الرعاشي) وهو في عمر 49 عاماً.

كيف سارت امور الزواج بعد كل هذه الظروف؟
لان الخطوبة امتدت طويلاً، فلم يكن امامي إلا الإعتماد على نفسي في تجهيز البيت، وبالفعل تعاونت أنا وزوجتي على شراء الأثاث وكان بعضه مستعملاً، وأذكر أنني اشتريت مدفأة مستعملة ايضا، وطقم كنب مستعمل، وغيرها من الاشياء، المهم أننا أسسنا منزلنا من كدنا وتعبنا، وقد ساهمت أم نشأت في ذلك، حيث كانت تعمل في مكتبة يملكها سمير قعوار في الدوار الثالث براتب 22 ديناراً، وهذه المكتبة تردد عليها المرحوم وصفي التل ردحاً من الزمن.

صادف موعد زواجك مع ليلة رأس السنة 31 /12/ 1967 ماذا يعني هذا لك؟
هذا الموعد لا يمكن نسيانه، لان له ذكريات مؤلمة ومفرحة بنفس الوقت، فجاء في عام النكسة وهو عام محزن، لكنه يصادف في ليلة رأس السنة والمفرح فيه أن صادف يوم رأس السنة يوم زواجي الذي شكل علامة فارقة في حياتي. وهي مناسبة إن اختزلت الاحتفالات باحتفال واحد. كما أنني مستفيد ان يكون يوم زواجي ويوم راس السنة في ذات اليوم لتقليل كلف الاحتفال واختزالها باحتفال واحد.

بعد زواجك بثلاث سنوات رزقتم بمولودكم البكر، فلماذا كررت تجربة والدك واسميته نشأت؟
لم يكن لدى والدي أو لدي نفس هواجس أيام زمان وكان ذلك من اجل احياء ذكرى من نحب ونجل ممن رحلوا عنا، وربما هذا شائع في كثير من العائلات الذين، يسمون اسم البكر على اسم الجد، كما اننا كعائلة لنا ارتباط وثيق ببعضنا البعض، ونعيش كأسرة كبيرة لها تقاليدها وعاداتها، واكراماً لوالدي سميته بأسمه نشأت، كما انني احب الاسم كثيراً.

كيف أثّرت شخصيتك في أبنائك؟
لقد اكرمنا الله بمولودنا الأول نشأت بعد ثلاث سنوات من الزواج، وكان التأجيل مقصــوداً بسبب الاعباء المادية، وبعد ثلاثة اخرى أنعم الله علينا بمولودة أسميناها نادين، اما التأثير على ابنائي فكان ايجابياً لأننا أولينا موضوع التربية جل اهتمامنا والتعامل مع الابناء موضوع سهل برأيي كان أساسه المحبة والتفاهم المتبادل، كما ان اجوائنا في البيت مريحة، ولا يوجد خلافات بيني وبين زوجتي، لذلك نشأ الاولاد في جو مريح وهادئ واعتقد أن البيت واجوائه الدافئة لها دور في تكوين شخصية الابناء، فهم بالضرورة يتأثرون بأبويهم، لا انكر بان زوجتي كانت صارمة بأصول مع أبنائنا في التعامل، لذلك فقد تربوا على مبادئ صحيحة.

هل نستطيع القول بأنك دخلت السياسة صدفة؟
لا يمكنني القول صدفة ، وانما كانت الاجواء التي عشت فيها، تحفز على العمل بالسياسية، او لنقل الاهتمام بها، كما ان عائلتي فضلا عن انها عائلة اقتصادية فانها عائلة سياسية، وكما ان جيلي واجه احداثا كثيرة وكبيرة منذ منتصف الاربعينيات، بانتهاء الحرب العالمية الثانية وتشكل التحالفات، والمشروع الصهيوني الذي كان يسير بخطى سريعة لإيجاد اسرائيل، في الوقت الذي كان فيه الشعب الفلسطيني تحت الانتداب البريطاني.
ولا ننسى الاحداث التي عشناها في عام 48 وما رافقه من تدفق كبير للاجئين، ولم يخطر ببالنا وقتئذ ان الديمغرافيا في فلسطين ستتغير بهذا الاسلوب من التهجير والطرد والتشريد، وكان لا بد من استيعاب هذا اللجوء وكانت الوحدة بين الضفتين تتبلور في اذهان الحكم في عمان، وكذلك عند اهل الضفة الغربية الذين ابدوا رغبة في الانضمام، لكنهم في ذات الوقت لا يريدون البقاء معلقين بدون دولة، فبدأ مشروع الوحدة وسط حماس كبير، كما جاءت ثورة عبدالناصر. هذه كلها عوامل دخلت لتؤثر في نفوسنا كشباب ، لذلك المفهوم القومي اثر في جيلي بشكل كبير، وكوني من عائلة سياسية عانت وعاشت المأساة كنت في قلب هذه الاحداث.

من هم اصدقاؤك؟
اصدقائي نوعان: القديم الذي نشأنا معاً ولكن الظروف فرقتنا، الا ان الصداقة والترابط والحميمية والثقة ما زالت مستمرة، لذلك لم انساهم، وكنت على تواصل معهم، واحب ان اجلس معهم في الاوقات التي اجد فيها متسع من الوقت، حتى وانا رئيساً للوزراء كنت اذهب الى بعضهم ليلاً ونجتمع، في منزل صديق مشترك هو جريس القسوس في جبل عمان، لدرجة ان حرسي كانوا يستغربون من بساطة اصراري على لقاء اصدقائي والشعور بالراحة معهم. أما النوع الثاني، فجاء نتيجة حتمية، بعد أن خضت الانتخابات النيابية، فاصبح هناك تنوعاً اكثر من المعارف والاصدقاء، واختلاط اكثر وان تفهمي الأوسع للاحتياجات الشعبية جعل لي علاقات واسعة على مستوى الوطن والعالم، بعيدة عن طفولتي ولكنها تتلاءم مع الوضع الجديد.

يقال بأنك مُغرم في لعبة «الشدة»؟
المسألة ليست كذلك، ولكني بالفعل كنت العب مع اصدقاء طفولتي «الباصرة» فكنت أبحث عن بعض الوقت في خضم المسؤوليات الكبيرة التي تبوأتها، لأقضيه مهم، واجد في هذه اللعبة البسيطة كثيرا من المتعة، خاصة مع رفاق الطفولة.
بعد ان خضت الانتخابات النيابية، اصبح هناك تنوعاً اكثر من المعارف والاصدقاء، واختلاط اكثر وان تفهمي الأوسع للاحتياجات الشعبية جعل لي علاقات واسعة على مستوى الوطن والعالم ، بعيدة عن طفولتي ولكنها تتلاءم مع الوضع الجديد.

كيف ولجت الى السياسة؟
البداية كانت في الترشح عن المقعد الشاغر في مجلس النواب لمقعد نابلس، وقد استشرت سياسيين في هذا المجال، اذكر منهم عدنان ابو عودة، ومضر بدران، وزيد الرفاعي واحمد اللوزي، وكان يجب ان تتم الانتخابات في مجلس النواب لعدم توفر الظروف لإجراء الانتخابات لممثلي الضفة الغربية بسبب الاحتلال. فتم تعديل الدستور ليتمكن المجلس نفسه من انتخاب نائب من أبناء المنطقة لملىء المقعد الشاغر، وبالفعل ذهبت الى نابلس لاستشارة الاهل، فكانوا موافقين باستثناء عمي حكمت الذي ابدى تحفظه، المهم انني طرحت اسمي للترشح، وصوت مجلس النواب لصالحي، وإذيعت اسماء الفائزين وانا في الطريق من نابلس الى عمان وتحديداً بمنطقة العدسية في شهر آيار من عام 1973، واذكر بانني كنت استقل سيارة أجرة من الجسر لعمان وأجلس في المقعد الامامي، وحين أذاع الراديو أسماء الفائزين بانتخابات مجلس النواب ذُكر اسمي فائزاً ولم يعرف الركاب انني منهم، وهذه كانت مفاجأة سارة بالنسبة لي.

لم يمض وقت طويل حتى كُلّفت بحقيبة وزارية، كيف ذلك؟
بعد ثلاثة اسابيع استدعاني زيد الرفاعي، وعرض علي حقيبة وزارية، وهي وزارة شؤون الارض المحتلة فقبلت؛ ذلك أشعرني بعظمة المسوؤلية الملقاة على كاهلي إذ كنت لم أتجاوز الحادي والثلاثين عاماً.

لماذا شعرت بأن الملك الحسين يرمُقك بنظراته اثناء حلف اليمين؟
صحيح ؛ لأنني ذهبت بلباس غير رسمي ، فقد كنت أرتدي ملابس شبابية، ربطة عنق الوانها فاقعة، وجاكيتاً فاتح اللون، وكان شعري طويلاً وكثيفا، فشعرت حينئذ بان الحسين ينظر لي باستغراب، خاصة وان جميع الطاقم الوزاري يلبس البدلات الرسمية، ومنذ ذلك الحين تعلمت درساً في امور البرتوكول وأن لكل مقام مقال.

لك موقف رافض لقرار قمة الرباط، وقد أغضبك ذلك، فهل جاء رفضك للعمل سفيراَ في الكويت نتيجة لذلك؟
بعد قرار قمة الرباط عام 1974 الذي اعترف بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. عندها إستقالت حكومة زيد الرفاعي، وخرج منها الوزراء الذين يمثلون الضفة الغربية وانا واحد منهم باعتباري نائب نابلس عن الوزارة، ازعجني القرار كثيراً، وقررت الذهاب للعمل مع عمي صبيح المصري في السعودية، علماً بان هناك العديد من الشخصيات تقبلت القرار بفرح وتأييد كبيرين، ولأنني أعتبر نفسي نتاج وحدة الضفتين، ولتوجهي العروبي، كان لي موقفاً رافضاً للقرار، وعليه فقد عبرت عن هذا الرفض بعدم قبولي العمل سفيراً في الكويت، لكن سالم مساعدة قابلني صدفة بعد اسابيع واقنعني بالقبول بالمنصب، وفعلاً قبلت، إلا أن هذا المنصب شغره محي الدين الحسيني فكُلفت بالعمل سفيراً في مدريد.

لم يكن هذا الرفض الوحيد للمنصب فقد اعتذرت ايضاً عن قبول منصب وزير الخارجية في حكومة احمد عبيدات، ما أسباب اعتذارك؟
لم يكن الاعتذار لموقف معين، بل لظروف عائلتي، ورغبتي البقاء سفيراً في لندن بناء على رغبة الملك الحسين، لكن اصرار أبو ثامر على قبولي الحقيبة الوزارية وخاصة انه ابلغني بانها رغبة الملك، قبلت.

جاء قرار استقالتك من رئاسة الحكومة بناء على مذكرة نيابية لحجب الثقة عن حكومتك، هل أُرغمّت على الإستقالة وعمر حكومتك لم يتجاوز ستة شهور؟

لم أُجبر على الاستقالة، بل جاءت بقرار شخصي مني حماية للديموقراطية الناشئة، علماً بأن الملك الحسين قال لي اذا أردت حل البرلمان فلا يمانع، لكنني مؤمن بأن مسؤولية رئيس الوزراء مهمة وطنية، ويجب على أي شخص ان يدرك بأن خدمة الوطن هي الأساس.
أنا كُلفت برئاسة الحكومة في ظروف صعبة ودقيقة جداً، فكان العراق يُضرب من دول التحالف، في ظل الموقف الأردني الرافض لتلك الضربات، كنت مدركاً لحجم الغضب او العتب على جلالة الملك حسين من دول اوروبية وعربية، اضافة الى الولايات المتحدة الامريكية، فكانت النتجية الهجمة على الأردن ومقاطعته دولياً، الأمر الذي جعل الملك يشعر بالقلق على مستقبل الأردن، فلم يكن لدينا خيارات لأن التأييد الشعبي للملك كان كاسحاً، خاصة ونحن نتفيأ ظلال حركة ديمقراطية تكونت حديثاً بعد انتخابات عام 89، ولذلك يجب ان نراعي المعادلات الدولية والعمل على أسس دقيقة، لذلك طورنا موقفنا بقبول رعاية امريكا للمؤتمر الدولي بشأن المفاوضات مع إسرائيل.
أمام هذه التحديات قررت الاستقالة حتى لا تُجهض العملية الديمقراطية حديثة العهد، ولتجنب الهياج الشعبي وخلخلة داخلية، كما ان الدول الاوربية ستتهمنا بالتراجع في استكمال النهج الديموقراطي وانحرافنا عنه.

هل تؤمن بالحكومات المنتخبة على أساس برلماني؟
اعتقد ان حكومتي كانت برلمانية ، فكانت تضم 15 وزيراً من النواب، لكنها بالطبع تُعين بقرار من الملك، أمّا إذا كنت تعني حكومة بتوافق كتل برلمانية منتخبة، فهذا يحتاج الى أُسس وقواعد صحيحة، أحزاب قوية، وقانون إنتخاب نزيه وعصري، أما اذا كانت الحكومات البرلمانية تُبنى على غير هذه الأسس فأنا لست معها.
هل انت من المطالبين بقانون انتخاب يتوافق عليه الجميع، كونك ترفض قانون الصوت الواحد؟
بالطبع؛ نحتاج الى قانون عصري، يوافق عليه جميع اطياف اللون السياسي والشعبي، ويكون على اساس المشاركة للجميع، اما القانون الحالي فما زلت متحفظاً عليه، كما انني ادعو الى ادارة حقيقية للانتخابات، بعيداً عن التدخلات والتزوير، فنحن احوج ما نكون الى قانون انتخاب يلبي طموحات الجميع.

ما رأيك بالحكومة الحالية، خاصة وأنها تعرضت لبعض الهجمات كنتيجة حتمية لرفع الأسعار وفرض الضرائب؟
ثمــة خلل كبير في الحكومات بشكل عام، وهو عدم القدرة على ضبط الإنفاق، فالدين الخارجي يتضخم بطريقة غير معقولة نتيجة زيادة النفقات، والإنفاق نوعان: مُعلن وغير مُعلن، ما يهمنا النوع الأول المعلن فالخلل فيه مالياً واقتصادياً، لعدم وجود إنفاق رأسمالي يضمن علاقات انتاجية تنعكس على الاقتصاد ايجاباُ، بل أصبح كله نفقات متكررة، الأمر الذي اثر على الاقتصاد الاردني سلباً، وضعف انتاجيته عن السابق، هذا عدا عن الضعف الحاصل في جلب استثمارات جديدة للبلد منذ ما يزيد عن أربع سنوات والعجز في الموازنة لم يتغير بل يزداد.

هل يراقب صندوق النقد أدء الحكومة الاقتصادي؟ وهل ترضخ لضغوطه؟
نعم؛ أمــا ما يقال عن طلبات صندوق النقد الدولي ورضاه او عدمه عن أداء الاقتصاد الأردني، فهذه معادلة ترتبط بحجم العجز بالنسبة للناتج القومي، بحيث يتم تحديده بنسبة معينة، مثلاً: 3 – 4 %، ويترك الصندوق طريقة الوصول إلى هذه النسبة للحكومة لتتخذ ما تراه من إجراءات لتخفيض العجز ولكن بمراقبة من الصندوق ؟؟، ولاعتقاد الحكومات أنها تحقق طلبات الصندوق فانها تلجاً إلى ما يسمى (الجباية) وهي زيادة أسعار الرسوم على السلع وفرض المزيد من الضرائب، وهو ليس حلاً بطبيعة الحال وليس هو العلاج الناجع.

رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة، وصف الإقتصاد الأردني بأنه في غرفة الإنعاش، فماذا تقول عن اقتصادنا حالياً؟
ما يزال اقتصادنا مريض وعلينا تجرُّع الدواء المُرّ، لذلك صندوق النقد الدولي يتعامل مع إقتصاد الدول، كالمريض الذي يُعطى العلاج حتى يشفى، لكن بإشراف الصندوق. وفي كثير من الاحيان يخطىء الصندوق بالتشخيص وبالتالي قد لا يعطي الدواء الصحيح.

كيف تُقيم تعامل الأردن مع ملف الإرهاب، وخاصة مع ظهور التنظيمات الارهابية، مثل داعش وغيرها؟
ان (داعش) والتطرف الإسلامي خطر حقيقي يهدد الأمة، وهذا الخطر يزداد تهديده يوماً بعد يوم، لذلك لا بد أن نلعب دورا في مقاومة الأرهاب في عقر داره قبل أن يصلنا، بعض الدول العربية الأخرى ليست مهيأة لهذا العمل، حيث تعاني هذه الدول من احتراب طائفي إثني مذهبي. ناهيك عن الخلافات السياسية التي تعصف بليبيا، وسوريا، فالعراق، ثم اليمن الذي استولى عليه التنظيم الحوثي.
الأردن بحكم أنه مؤهل جغرافياً، وعسكرياً بامتلاكه جيشاً قوياً، ملتزماً، ومدرباً، وكذلك الضغوط الدولية، والمخاطر التي تنعكس على أمن الأردن، كل هذه المعطيات تؤكد بأننا يجب أن نكون في المعركة، لكن يجب أن تكون حساباتنا دقيقة في نفس الوقت.

هل تعتقد بأن إسرائيل تمارس ارهاباً في قمعها للمقاومة الفلسطينية وتعنتها في الحل السلمي؟
بالطبع؛علينا أن لا ننسى أننا نواجه ارهابا من نوع آخر وهو الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وعنجهية اليمين المتطرف الذي يسعى لتهويد فلسطين، وينسف أية تفاهمات حول إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصتمها القدس.

ما رأيك في التقارب الامريكي الايراني؟
اوباما اراد ان ينشيء تحالفاً إقليمياً بين إيران – الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي فهو تغيير جذري في الموقف الامريكي، هو يقترب من الملف الإيراني لصالح الملف السوري، فيما يخص موضوع العراق، وحزب الله، ولبنان، اعتقد بأن تغيير خطته واستراتيجيته تجاه إيران، يُضعف مجلس التعاون الخليجي، فهو يتغاضى عن أهمية دول الخليج، خاصة في موضوع النفط والاستثمارات في هذا المجال، وبالتالي فإن ذلك يؤثر على أمن الخليج، فالمسألة مرتبطة بالمصالح الأمريكية، خاصة وان الجانب الامريكي يضمن بان الاستثمارات النفطية ستعود اليه، وهو لم يعد بحاجة للنفط كما كان في السابق لأن لديه اكتفاء ذاتيا.
الرئيس الامريكي اوباما رأى بأن إيران، أمة عميقة لديها مصادر دخل، وفيها نظام مستقر، ويمكن التعامل معها على أساس أنها قوة إقليمية، تؤدي إلى تفاهمات محددة، أولها: نزع السلاح النووي، وثانيها: ترطيب وتلطيف العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية.

كنتم ضمن رؤساء الحكومات الذين قابلهم الملك، ما تقييمك لمثل هذه اللقاءات؟
لا شك بأن مثل هذه اللقاءات مهمة للغاية، ومقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني وبحث الاوضاع في المنطقة، وتبادل وجهات النظر يفضي لنتائج ايجابية، نحن كرؤساء حكومات نراقب المشهد ونقدم النصح للملك، فكان التركيز دائما على تماسك الجبهة الداخلية باعتبارها أهم شيء يجب الحفاظ عليه، وهذا لن يتأتى الا من خلال وحدة الصف؛ نحن بحاجة ماسة إلى مراجعة، ووضع إستراتيجيات جديدة تنسجم وتتكيف مع الأوضاع التي تشهدها الساحة الداخلية والخارجية؛ لا يتوجب علينا أن نبقى على الفكر القديم، كما ان الأرتهان للهواجس، سواء كانت إقليمية، او أمنية أمر لم يعد موجوداً. علينا وضع قانون انتخاب بدون مخاوف، وان نعمل على قانون ضريبة الدخل بدون محاباة وقلق. تضع الحكومات خطط طويلة الأمد، ورغم ذلك ما زال التراجع في المستوى التعليمي، والمالي، والصحي، وما تزال ملفات الفساد تراوح مكانها، والبرلمان لم يتطور ديمقراطياً، ناهيك أن هيبة الدولة لم تتقدم وبحاجة إلى المزيد من التمكين.

ما رأيك بالإعلام وما وصل اليه، في ظل تدهور الاوضاع المالية للمؤسسات الاعلامية والصحف اليومية؟
يجب أن نثق بأن الإعلام هو السلطة الرابعة، وهو الذي يراقب ويساءل والذي يحاسب السلطة القضائية السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكن يجب عليه أن يسأل نفسه أيضاً.. بسبب تغيير نمط الحياة أصبح الإعلام يقود المواطن، ويكوّن تفكيره، ورأيه في منطقة يفترض أنها مزدحمة بالإحداث، وحتى يكون الإعلام ذا رسالة صحيحة، يجب أن يرقى إلى المعايير المهنية العالية، هناك صحف جيدة وتحترم قراؤها، وأخرى عكس ذلك.
أما الأوضاع التي آلت إليها الصحف ، فتعود لكثير من الاسباب، منها، اولاً: سوء الإدارة التي قد تضعف الصحيفة بحيث تصبح خارج السرب، ما يجعلها مضطرة للإعتماد على قضايا تبعدها عن مهنيتها، ثانياً: الصحف الورقية لم تنجح في تطوير نفسها، لتتأقلم مع التكنولوجيا (الصحافة الرقمية) في ظل وعي المواطن الذي بات مُشبعاً من الأخبار والتحليلات التي تبث عبر الفضائيات أو المواقع الالكترونية مساء ومواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فان العودة صباحاً لصحف تنقل ذات الأخبار وبنفس الطريقة، تدفع القراء للعزوف عن الصحيفة الورقية شيئاً فشيئاً وفي ظل غياب جرأة التحليل في أن تكون صدى للصوت الرسمي.
نادينا كثيراً ببيع حصة الحكومة في بعض الصحف اليومية، ووقف التدخل في سياسات الصحف التحريرية، لكن هذا لم يحدث، وبقي التراجع المهني والمالي يعصف بها.

بعد أكثر من أربعة عقود في العمل السياسي والعام، هل نستطيع القول بأنك اعتزلت السياسة؟
أنا في عمق السياسة ولست معتزلاً للعمل العام، ولكن كسياسي يعمل في الحقل العام يكون اهتمامه بكافة الشؤون، وانا بين ناشط ونشيط، ومراقب لما يجري، فوقتي مليء بالعمل العام والإجتماعي، فلذلك أُبقي نفسي دائم التطور ومواكباً للاحداث الداخلية والخارجية، فلدي نهم ديناميكي للأحداث التي تعصف بالمنطقة، منفتح بتداول قضايانا مع جميع الاتجاهات بما يخدم الوطن فلن يتحجر عقلي أو فهمي للأمور، لذلك اعتبر نفسي كمواطن لديه تجربة ويختلط في الناس ويعرف احتياجاتهم.

هل لك خصوم سياسيون؟
لي خصوم، ولكن طريقتي في العمل وفي إبداء الرأي بأسلوب ناعم، حتى أن كثيرا من الناس وصفوني باني soft وهذا لا يمنع من أن لي مواقف مُعلنة وهي مثار خلاف، وأنا لست جامداً لكن ثمة ثوابت أُدافع عنها.


الثلاثاء 2015-04-07
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية   المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Emptyالأربعاء 06 مايو 2015, 8:25 am


[rtl]المصري: نقد الحكومة حق وعودتي مستحيلة[/rtl]

المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 3e36d19cdf900ee98c70ffd81c92bf8d



[rtl]المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 7cded52d254621a7f25042fcd3271562[/rtl]


المغفور له بإذن الله الملك الحسين مصافحاً المصري (ارشيفية)





[rtl]

 حاوره - حيدر المجالي

كنا في الجزء الأول من حوارنا مع رئيس الوزراء الأسبق، ورئيس مجلسي النواب والاعيان الاسبق طاهر المصري، تطرقنا إلى مفاصل مهمة في حياته الإنسانية والاجتماعية، وحتى ولوجه السياسة وهو ابن الثلاثين ربيعاً.
في هذا الجزء، وهو الأخير، سنتعرف على شخصيته السياسية المثيرة للجدل على حد وصف رجال السياسة والإعلام؛ كما سنُعرج على أهم القرارات التي لم يتردد في إتخاذها وهو على سدة الحكم، واللقاءات الخاصة مع الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه حتى وهو خارج الوظيفة العامّة.
صراحته فتحت لنا المجال لنبحر معه في حوار طويل،حول تركيبة الدولة الأردنية، وآلية تشكيل الحكومات، وطرق التواصل المباشر وغير المباشر مع القصر.
ابو نشأت كان وما يزال جريئا في طرحه، صريحاً في تعبيره، لذلك واجه العديد من الأزمات والتحديات؛ استطاع أن يتجاوز بعضها، لكنه وقف أمام البعض الآخر، فقد آثر أن يبتعد عن الحكم (رئيساً للوزراء) أمام حرصه على ديمقراطية ناشئة في المملكة، فقدم أستقالته للملك بعد خمسة شهور من تكليفه بتشكيل الحكومة بعد قرار الحركة الإسلامية حجب الثقة عن حكومته.



قِصر المدة التي قضاها في الدوار الرابع، لم تمنعه من تحقيق إنجازات عظيمة مثل: إلغاء الأحكام العرفية في عام 1991، وكشف صفقات مشبوهة. كطائرات الميراج التي الغى شراؤها.
ما قصة المطبخ السياسي الذي يلتئم في قصر الندوة كل إثنين؟ لماذا اتهمه الاسلاميون بأنه جاء للحكومة للتفاوض مع الاسرائيليين؟ وما سر علاقته مع المسؤولين في لبنان حتى اللحظة؟ ولماذا يعتبر النقد السياسي بعيدا عن المناكفة الشخصية حقا؟ ماذا قال له الملك حين اعتذر عن حقيبة الخارجية عام 84، وكيف قبل؟ لماذا شكاه رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي للملك وهو رئيس لمجلس النواب؟ ما سر إحتفاظ رؤساء الوزارات المتعاقبة بوزارة الدفاع منذ تولي الأمير زيد بن شاكر قائداً للجيش؟
هذه جملة من التساؤلات، التي طرحناها على المصري، فأتسمت اجاباته بالصراحة والشفافية، تنم عن رؤية اضحة، وفكر نيّر اكتسبه طوال فترة عمله في السياسة، والعمل العام، منذ مطلع السبعينات وحتى اليوم.. وتالياً نص الحوار:
 كان دخولك الجهاز الحكومي في بداية عملك السياسي فجأة من خلال تقلدك لحقيبتين وزاريتين، كيف ذلك؟
المصري: لقد تدرجت في المناصب الحكومية منذ أن بلغت الثلاثين من العمر، ولم تكن لي معرفة أو صلة بالجهاز الحكومي، وبالتالي معرفتي بالمسؤولين قليلة؛ ولكن ما فتح الأبواب أمامي لكي أتدرج في المناصب السياسية، هو انتخابي نائبا عن منطقة نابلس عام 73، حيث كان مجلس النواب يضم ممثلين عن الضفتين وعددهم 60 نائباً بالتساوي. لم اقفز قفزات كبيرة بعد ذلك، فكنت أمارس عملي حسب المنصب الذي أكون فيه، فقد إختارني زيد الرفاعي لأكون من ضمن تشكيلته الوزارية وزيرا لشؤون الأرض المحتلة عام 73، وبعد 11 عاماً إختارني احمد عبيدات لأكون وزيرا للخارجية عام 84.
ذكرت بأنك اعتذرت بشدة عن قبول وزارة الخارجية، وقد ابديت أسبابك في حينها، لكنك قبلت حين أمر الملك الراحل الحسين بضرورة قبولك المنصب، حسبما أبلغك رئيس الوزراء المكلف آنذاك، ماذا قال لك الملك؟
المصري: سبق وقلت لك لم أعتذر لأنني لا احب أن اتقلد هذا المنصب،، أو اخدم بلدي من خلاله، ولكن السبب كان وجودي سفيراً في لندن، بعد ان كنت سفيرا في باريس، وقبلها في مدريد، فتغيير الاماكن أثر على ابنائي، وعلى ثقافتهم ودراستهم، وبالتالي فقد اخترت أن ابقى الى جانب ابنائي وعائلتي حيث كنا في العاصمة البريطانية.
لكن دعوة رئيس الحكومة المكلف مضر بدران لي جاءت في يوم رأس السنة، بعد ان اجرى تعديلا على حكومته في 1/1/ 1991 وادخل من اعضاء من الحركة الاسلامية ودخلت انا وزيرا للخارجية بدلا من مروان القاسم.
طلب مني بدران ان احضر اليه خلال ربع ساعة كونه يعرف انني لا ابعد عن منزله كثيرا ، فقلت له لا استطيع لانني حينها كنت موجودا في الشونه ، المهم حضرت عند الساعة الحادية عشر صباحا.
وقال لي: لقد أخبرت الملك بإعتذارك، ولكنه قال لي اخبر طاهر أن يقبل المنصب «بلا إشي..» فقلت له يا أبو عماد أنتم تقولون على لسان الملك اشياء لم يقلها، لكنه أكد لي أنها رغبة سيدنا، فأمتثلت لأمره.
هل يعني هذا أن العلاقة بينك وبين الملك الحسين بدأت تقوى شيئاً فشيئاً؟
منذ عملي في وزارتي الأولى،وعملي سفيرا في ثلاث عواصم اوروبية هي مدريد، باريس ، لندن،لمدة عشرة سنوات ، تشكلت عندي قاعدة معلومات، وخبرة سياسية، تكفي لأن اتبوأ موقعا سياسياً مهماً كوزارة الخارجية، وكانت علاقتي مع الملك الحسين تتطور، حتى أمرني بقبول الوزارة، بعد ذلك بدأت اتعلم من مدرسة الملك الحسين–رحمه الله – وبدأت وتيرة تعاملي معه تقترب من التعامل المباشر، والاحتكاك المباشر، وهذا استمر لمدة خمس سنوات وهي الفترة التي توليت فيها وزارة الخارجية. لا شك بأنني أستفدت كثيراً من تعاملي مع الملك فقد تعلمت منه أشياء كثيرة، خدمتني في عملي السياسي، وبالتالي فقد عرفني جلالته جيداً.
هل كانت لك آراء مختلفة عن رأي الملك الحسين طيب الله ثراه وتقولها بصراحة؟
لم يكن مطلوبا من رجال الملك الراحل وانا منهم، أن اوافقه على كل شيء، كان لدي رأي واقوله بصراحة، حتى قبل أن أكون رئيساً للحكومة، كانت لدي شبه قناعة أنني لست محصوراً في مجلس الوزراء سواء بحكومة زيد الرفاعي أو احمد عبيدات، كان ثمة نقاشات حول كثير من القضايا العامّة، والولاية العامّة في مجلس الوزراء، وفقاً لأطارها الصحيح المنبثق من الدستور، وهذا ما جعل مجلس الوزراء في ذلك الحين صاحب صوت مسموع، يحدد مسار سياسات كثيرة.
هل نستطيع القول أنك كنت في أضيق دوائر القرار السياسي؟ وكيف ذلك؟
نعم؛ كان التعامل مع الحكومة والملك على اصولها الدستورية، كان هناك ولاية عامة، وهذا المبدأ يطبق في مجلس الوزراء، وكان رئيس الحكومة هو حلقة الوصل بينه وبين المجلس، كما أن الملك هو رئيس السلطة التنفيذية.
باعتباري وزيراً للخارجية، والملك هو الذي يقود السياسة الخارجية، أتاح لي ذلك لقاء جلالته في كثير من اللقاءات والمناسبات، وكان هناك ما يسمى (المطبخ السياسي) وكان الملك يدعونا الى قصر الندوة كل إثنين أنا وزيد الرفاعي ورئيس الديوان الملكي مروان القاسم، ووزير البلاط عدنان أبو عودة، ومدير المخابرات اللواء طارق علاء الدين، والقائد العام للقوات المسلحة الشريف (الأمير) زيد بن شاكر، فيدور حديث طويل حول الشأن العام داخلياً وخارجياً. وغالباً ما نخرج بنتيجة ما، فنعرف ما هو الخط.. والسياسة، كما أن منصبي وزيراً للخارجية يجعل الملك يهاتفني وخاصة حين أعود من السفر.
هل كان للملك مجالس أخرى أو كما تسميها (مطابخ سياسية) أخرى؟
بعد أحداث نيسان عام 1985 أصبح الملك الحسين رحمه الله يلتقي كثيرا مع القيادات، وربما كان له مطبخ آخر مع القوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية الأخرى.
كيف تصف لنا لقاءاتكم مع الملك في المطبخ السياسي ؟
الملك له نظرة ثاقبة في كثير من الأمور، ولديه معلومات كثيرة وعميقة، ولذلك نؤمن بأنه أقدر منا على الحكم في كثير من المسائل، خاصة وأنه يستمع جيداً لكافة الآراء، ويتم مناقشتها جميعاً.
هل تعتقد بأن الجميع وقتها وقع في أخطاء سياسية ؟
ليس هناك شخص معصوم عن الخطأ، لكن ثمة ظروفاً لا يمكن التحكم بها، بحكم أن الأردن يقع وسط دول أكبر منه، ولا بد من مراعاة بعض الأمور. أعتقد أن من أهم مفاهيم الملك حسين السياسية أنه يخلق توازنات في علاقات بلاده الخارجية الاقليمية والدولية، لذلك حين تسوء علاقة الأردن مع دولة ما، فنجد بأن لنا علاقات جيدة مع دول أخرى. ومن يقول أننا أخطأنا في موقفنا من العراق خلال غزوه للكويت فهو مخطىء، لأن الموقف الراهن يثبت صحته، فقد حذر جلالة الملك وبشدة من مغبة دخول قوات أجنبية للعراق، فانظر كيف كانت النتيجة، وقد دفعنا ثمنا باهظا ثمن هذا الموقف، سواء من قبل المجموعة العربية، ودول أوروبا وأمريكا، وما يحدث في اليمن يبين أن رأي الملك هو الصواب.
ماذا تفسر إصرار الملك على تعيينك وزيراً للخارجية؟ هل كان يحضرك لتشكل الحكومة؟
من يحكم بلداً صعبة مثل الاردن، حتما لا يضع العلاقات الخاصة والمحبة في ميزان المصلحة العامة، لكن السياسي له برنامج، والاوضاع التي تعيشها المملكة حرجة بسبب الموقف العربي والعالمي، لذلك فإن تكليف أي شخص لأي منصب يتناسب مع طبيعة وظرف المرحلة؛ أما لماذا أختارني وزيراً للخارجية، لا استطيع أن اقرر بدقة، لكن طريقة الاختيار تدل على شيء ما، كما أن اصرار الملك على دخولي الحكومة للخارجية في تعديل حكومة مضر بدران عام 1991 كان (وراءها ما وراءها) وقد أكتشفت ذلك لاحقاً.
كيف تم تكليفك للحكومة؟ وهل كانت مفاجأة لك ؟
نعم كانت مفاجأة، أذكر بأن الملك دعاني للغداء في قصره، وكان الشريف زيد بن شاكر القائد العام للقوات المسلحة حينها، وبعد نقاشات مستفيضة أستمرت أكثر من ساعة، أخبرني الملك بأن هذه المهمة مهمتك، ويقصد تكليفي بالحكومة، فقلت له يا مولاي هل انت حاسبها صح، والله اتشرف بذلك، ولكن أعتقد أن الظرف قد يغلبك ويغلبنا، فقال لي: اراك قادرا على الخروج من هذه الاحداث وهذه الازمة، بعد أن خرجنا من قصر الملك دار بيني وبين الشريف زيد حديث، تمحور حول صعوبة المرحلة، فأخبرني بأنني قادر على ذلك وسيتم دعمي في هذا الإتجاه.
تقول انك جئت للحكومة بظرف صعب ما استعدادك لخوض التجربة، خاصة وانك اتهمت بأنك ستفاوض إسرائيل، ما ردك ؟
هذا الكلام ليس دقيقاً؛ لأن دخولي الحكومة ترجمة لفكر ونمط جديدين من الحكم، خاصة في ظل العلاقة التي يشوبها الفتور بين الاردن، وكلٍ من أوروبا وأميركا وعدد من الدول العربية؛ الملك قرر أن يأتي بالصف الثاني من السياسيين، ليتقدموا الحكم، وهذه النية أصبحت واضحة في كتاب التكليف السامي للحكومة الذي يعد الاطول والاشمل في تاريخ الحكومات، فهو عبارة عن خطة كاملة للإصلاح والإنفتاح، بحيث كان يريد التغيير للأردن، وقد فهمت هذا الدور على هذا الأساس.
قلت بأن الملك قرر أن يقدم الصف الثاني من السياسيين للحكم، هل يعني هذا انك أحدهم؟
نعم أنا كنت حينها من الصف الثاني، أعتقد أن الوضع العربي، ومبادرة الرئيس الاميركي الأسبق (جورج بوش الاب ) كانت موضوعة على الأجندة، لذلك كان هذا الغرض من تكليفي، لأن الملك كان يعمل على تهيئة أشخاص لتكليفهم بمهمات حسب مقتضيات المرحلة والزمن.
كيف ألفت حكومتك، وهل ثمة تدخلات في وزارات ما؟
ابلغني الملك الحسين في اوائل حزيران 1991 بان يكلفني بتشكيل الحكومة الجديدة ، ولم يعلن ذلك الا بعد 17 يوما وشكلت الحكومة بتاريخ 1 / 6 / 1991 لكنني كنت خلال تلك الفترة أختار الأشخاص الذين سيدخلون معي ولكن ليس في العلن، وكانت حكومة مضر بدران تمارس عملها، إلى أن استقالت، وبالتالي جاءني كتاب التكليف، وفيما يتعلق بالتدخلات لم يتدخل احد باختيار أي شخص، جميع طاقم وزارتي انا اخترتهم بنفسي، مثال ذلك كان زيد بن شاكر يسألني عمن اخترت وزيرا للداخلية فاجبته ، جودت السبول ، فاستحسن اختياري.
لماذا وصف البعض ان حكومتك تمثل اليسار؟
ربما لان تشكيلتها ضمت اشخاصا من الصف الثاني، لكنها شخصيات ذات وزن، واذكر أن من الوزراء الذين خدموا معي، محمد فارس الطراونة، ومحمد الحموري، وسليم الزعبي، وخالد الكركي، وسعد هايل السرور، وتيسير كنعان، وعلي السحيمات، وعبدالله النسور، وسمير قعوار، وثابت الطاهر ، علي ابو الراغب ، عبد الكريم الكباريتي ، ممدوح العبادي ، باسل جرادنة ، صالح ارشيدات ، زياد فريز ورائف نجم ، وغالبيتهم من النواب.
هل تؤمن بتوزير النواب؟
هذا معمول به سابقاً، لكنني انا الذي قررت أن أُدخل النواب للحكومة، كوني نائباً، وبالتالي فإن ذلك معمول به في دول العالم لكن على أساس تكتل برلماني.
هل قرارك بتوزير النواب لمنع الانتقادات عن حكومتك؟
بالطبع لا؛ لأن حكومتي هوجمت منذ أن تشكلت ،وقبل معرفة اسماء الوزراء فكانت الانتقدات منصبة علي وعلى ما امثله انا ، ولا تنسى أن مذكرة وقع عليها 50 نائباً من أصل 80 لحجب الثقة، وبعد ثلاثة شهور طلبت من الملك ان استقيل، لكنه رفض ذلك وأخبرني بأنه سيحل مجلس النواب وقد اقنعته بأن هذا ليس حلاً، واننا سنضع الاردن في موقف محرج عالمياً، خاصة وانه يمارس ديمقراطية ناشئة،سوف تسبب شكوكا اضافية من الدول الغربية حول نوايا والتزامات الملك شخصيا ، كما ان الوضع الداخلي اذا ما تم حل المجلس سيكون اصعب مما نتصور ،ولذلك اقترحت أن يحل مكاني احمد عبيدات أو احمد اللوزي، الملك في البداية رفض ذلك، لكنه بعد وقت وافق على الفكرة، بيد أنهما إعتذرا عن قبول المنصب، واستمرت الحكومة بعد ذلك حتى أكملت خمسة شهور، وبعدها قدمت إستقالتي.
من الذي قاد الهجوم على الحكومة من داخل المجلس؟
الهجوم على الحكومة قادته الحركة الإسلامية، فكان الهجوم لعدة إعتبارات منها: الأجواء السائدة بعد ضرب العراق، وإخراجه من الكويت، فحدثت إستقطابات عالمية معينة، كان الأردن من ضمنها، كما إن الحركة الاسلامية اعتقدت ان افكاري المتحررة وهي ضمن المخطط المرسوم بضرب الحركات الاسلامية ، وهذا الاعتقاد الخاطئ.
واظن بأن عددا من النواب كان لهم موقف مني ، فانني لم اقم لهم الوزن الكافي في المشاورات في التوزير فاصبحت غريما لهم. كلها كانت اوهاماً او مشاعر شخصية ، وكنت انوي التعاون مع الجميع لانني كنت انوي تشكيل حكومة ائتلاف وطني بروحية ونكهة جديدة ، الأمر الآخر كان موضوع بيكر وتحركاته من أجل بناء مؤتمر للسلام، كانت الحركة الاسلامية تعتقد ان المفاوضات المباشرة في تلك الايام خط أحمر، ولا أحد يقبل الجلوس إلى طاولة المحادثات مع إسرائيل، ظنوا أننا سنقوم بذلك، فهاجمونا بشدة ومن على المنابر، ايضا كان هناك مواقف شخصية مبنية على معلومات خاطئة.
لماذ يحتفظ رؤساء الحكومات بوزارة الدفاع، وهل أنت مع فصل الوزارة بوزير مدني؟
لم يكن هذا موجوداً في السابق، فكان لدينا وزير للدفاع، لكن المنصب الحق برئيس الوزراء منذ أن تسلم الشريف (الأمير) زيد بن شاكر قائدا عاماً للجيش، واستمر هذا النهج للآن حتى يبقى للشريف زيد مكانته. اما الان فان هذا الموضوع مطروح للبحث ولكنه لم يطبق، خصوصاً وإن جلالة الملك عبدالله وجه رسالة بهذا الخصوص، لكنه سيتحقق قريباً، وهذا برأيي ضرورة ويجب إن يتم منذ زمن بعيد.
ما هو موقف الملك، وكيف ساندك؟
كان الملك مستاء جداً مما يحدث، وكان يريد أن أبقى رئيساً للحكومة، لكنني كنت أرى بأن الوضع الدولي ليس في صالحنا، كنا معزولين عن معظم العرب، وأوروبا، وأمريكا وآخرين، الملك كان خائفاً على الوطن، وحريصا على وحدته وحمايته وانا كنت معه بهذا الأمر.
كانت لك قرارات حاسمة في مجلس الوزراء رغم قصر المدة، ما هي ابرز تلك القرارات؟
اتشرف بأنني الغيت الأحكام العرفية نهائياً، وبدأت في إصلاحات من خلال سن تشريعات مهمة جداً، فاول هذه التشريعات، وضع قانون الأحزاب، والمطبوعات، كما انني قررت إلغاء صفقة طائرات نوع ميراج فرنسية ، ثم بدأنا بحملة كاسحة لتغيير كل القرارات والتشريعات المتراكمة منذ 30 عاماً، إضافة إلى الغاء لجنة الأمن التي كانت سوطاً مسلطاً على ظهور الناس، لكن المدة القصيرة لم تسعفني لتغيير قانون الانتخاب وتنفيذ برامج عديدة.
ما رأيك بالهجوم على الحكومات المتعاقبة، وما قيل عن الحكومة الحالية، هل بهدف الظهور على الساحة السياسية؟
لا أظن ان ثمة أسباباً شخصية؛ ولا أعرف لماذا نظل نحسب أي نشاط أو أي موقف أو أي تصريح سياسي هو مناكفة، أو هو بغرض الوصول للمنصب، أو بغرض المعارضة.انا شخصياً لي آراء وانتقادات معلنة، وهي ليست مبنية على أساس الطمع بالعودة للمنصب، انما جاءت على أساس موقف وبرنامج بدأته وأنا رئيس للحكومة وخارجها، وحتى حينما كنت في الأعيان.
من حق أي شخص أن يتحدث بالأمور العامة، خاصة وان التجربة السياسية تعطي الحق في الادلاء بالرأي، بعيدة عن الشخصنة، هدفها المصلحة العليا للدولة.
من حق أي مسؤول سواء كان رئيسا سابقاً للحكومة، او غير ذلك أن يوجه النقد لسياسة الحكومة، واذا كان الحديث عن زيادة في المديونية التي وصلت حسب آخر الارقام (21.5) مليار دينار فإننا لا نستطيع ان ننكر الارقام، ويحق لنا أن نتساءل كيف اصبح هذا الدين، كما يحق لنا ان ننتقد التشريعات.
لماذ يقيل الملك حكوماته؟
الملك يعين الحكومة على أسس معينة، وإقالتها بيده هو أولاً وأخيراً، لكن؛ من يتابع البوصلة عند جلالته، يجد بأن تمسكه بحكومة ما لانها لم تنته من مهمتها في ترتيبه الذهني، أو الوقتي، وربما تكون انتهت أو تنتهي قريباً، والسؤال يجب أن يُحال على مجلس النواب.
ما رأيك في المجلس النيابي الحالي؟
أنا معترض على قانون الصوت الو احد،واللوم والنقد يجب ان يوجه الى افرازات قانون الانتخاب.
الملك دعمك في مجلس النواب، وكان حريصاً على إشراكك في الحكومة، وكلفك بالفعل بتشكيلها، وقلت أن العلاقة بينكما جيدة، فهل كنت على تواصل مع الملك الحسين وانت خارج العمل العام؟
نعم؛ ظل الملك يدعوني لحضور إجتماعات الوفود الأجنبية، والعربية والفلسطينية، بدون ان أظهر بالصورة أمام الإعلام، وقد دعمني بقوة في رئاستي لمجلس النواب، وكان يستشيرني في كثير من الأمور.
لماذا كان رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد السلام المجالي وهو رئيس للوزراء يشكوك للملك، وكنت رئيساً لمجلس النواب؟
كان أبو سامر متحمساً لتنفيذ مشاريعه وبرامجه، فكان يريد من مجلس النواب أن يتعاون معه في قبول مشاريع القوانين التي ترد من الحكومة، واذكر أن قانون المبيعات الجديد أخذ جدلاً كبيراً، وتأخيراً وبعد أن تمت الموافقة عليه عدنا لنعترض، على النسبة من 7 يالمئة ألى 10 بالمئة، وقد ثبتنا على 7 بالمئة. ونتيجة هذا الاشكال كان الدكتور المجالي يشكوني للملك.
هل تعتقد بأن مجلس الأعيان ينحاز للحكومة دائماً؟
على العكس، هو مجلس فيه خيرة الخيرة، من أصحاب الكفاءات والخبرات، نحن جزء من مجلس الأمة، لنا ما لهم وعلينا ما عليهم، لسنا بصيمة، بل لنا قراراتنا وآراؤنا، لكن بفكر أكثر عمقاً وهدوءاً.
سجلنا مواقف كثيرة وانحزنا للمواطن، ورددنا قوانين، وقبلنا أخرى، وأذكر اننا رفضنا امراً بإنجاز قانون بيوم وهو قانون مكافحة الفساد، لكننا رفضنا إنجازه بذات اليوم، وظل الى ان انتهت الدورة البرلمانية، لم نكن نعمل أشياء للمظاهر ، بل كنا نعمل بمنطقية لها أسبابها، وكان النواب يتفهمون ذلك، لان كثيرا من القوانين كانت تمرر رغماً عنهم ، أو باحراجهم.
لو كلفت بتشكيل الحكومة هل تقبل وما شروطك؟
الفرضية شبه معدومة ، وكم قلت سابقا وكما قلت سابقا فان التكليف يأتي لتحقيق برنامج ما او مهمة ما ، ولا بد من ان يكون هناك تجانس فكري وبرامجي بين جلالة الملك والشخص المكلف.
اعتقد أن رئيس الحكومة حتماً يتفق مع جلالة الملك على ملامح رئيسة لعمل الحكومة، تنطلق من خطاب التكليف، إضافة إلى ضرورة إختيار وزراء مسيسين ولديهم خبرة، يتفقون على برنامج منسجم ومتسق. فموضوع تأليف الحكومة ليس تكنوقراطاً كما يطالب البعض، بل رجال سياسة.
[/rtl]


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية   المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Emptyالخميس 03 يناير 2019, 11:49 am

طاهر المصري.. ديمقراطي يحب العمل تحت الشمس

 رسم بروتريه لرئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري. (الغد)ابراهيم قبيلات

عمان- قال له الملك الراحل الحسين بن طلال: “إذا مُحرَج ضع كامل الملف في مسؤوليتي”، لكنه رفض الاختباء خلف ظهر الحسين، في تطبيق لولاية عامة كاملة الدسم على شؤون بلاده الداخلية.
إنه طاهر المصري، النائب والوزير ورئيس مجلس الأعيان الأسبق، ورئيس الوزراء لمرتين، الذي هاتفه الحسين بن طلال قبل زيارته إلى منزله، من أجل السماح لـ 42 ألف غزي من حملة الوثائق المصرية في الكويت، بعد حربها مع العراق، العيش على أرض المملكة الأردنية، فكان رده للملك بأن ظروف الأردن لا تسمح لهم ولا لغيرهم.
تلك أجواء ومناخات سياسية عميقة صاغها الملك بمعية رجال وطنيين آمنوا بالأردن وسيادته، فوضعوا كل صغيرة وكبيرة على الطاولة، بمرحلة مهمة من مراحل بناء الدولة الأردنية.
يقول المصري: “حينما كلفني الملك الحسين بالحكومة ناقشته بموضوع الأحكام العرفية وأهمية إلغائها تماما، وناقشته أيضاً بوجود خمسة أعضاء بحكومة مضر بدران من الاخوان المسلمين، وعدم رغبتي بتوريثهم حقائب وزارية، والوزراء هم؛ عبد الله العكايلة في وزارة التربية، ويوسف العظم في وزارة الشؤون الاجتماعية، وابراهيم زيد في الاوقاف، وعدنان الجلجولي في الصحة، وماجد خليفة في وزارة العدل”.
رد الملك الراحل على كل ذلك بحوار انتهى إلى تمتين السلطة التنفيذية وترسيخ قيمها فهمس باذن المصري قائلاً: توكل على الله وتصرف زي ما بدك”.
ليست تلك المرة اليتيمة التي يتمسك بها المصري بخياراته وقناعاته، أمام الملك الراحل، ففي فترة لاحقة كاشف الملك رئيس وزرائه حول إمكانية تشكيل مجلس إدارة الملكية الأردنية من قادة سلاح الجو السابقين، وهو ما رفضه المصري لأسباب فنية وجيهة، قبلها الملك وأخذ بها.
ويحسب للمصري انحيازه للديمقراطية في بواكيرها، ففي العام 1991، تقدمت حكومته باستقالة سريعة عقب توقيع نواب محافظين وإسلاميين في المجلس النيابي الحادي عشر مذكرة حجب ثقة عن حكومته، احتجاجا على حضور الأردن مؤتمر مدريد للسلام، حيث خير الرجل يومها من لدن الملك الراحل الحسين بحل مجلس النواب وبقاء حكومته، فآثر التضحية بالحكومة لتبقى مؤسسة البرلمان، وهو ما اعتبر طوق نجاة وضعه المصري في عنق ديمقراطية لا تكف أياد بيروقراطية كثيرة عن هزها.
يقول المثل العربي “العلم بالصغر كالنقش في الحجر”، هذا تماما ما حدث للمصري الذي شهد في طفولته النابلسية سلسلة من الأحداث الجسام؛ شكّلت وصاغت له فيما بعد هوية عربية، طفولة بدأت بحرب النكبة العام 1948، وما تلاها من وحدة الضفتين، إلى جانب أحداث عربية كبيرة، مثل؛ ثورة الضباط الأحرار في مصر العام 1952، وكذلك ثورة 1958 في العراق، وحرب 67.
كل ذلك ترك بصمة وأثرا في نفس مؤمنة بالوحدة العربية، كقوة وكعامل بناء نهضوي، وبمواجهة نشوء إسرائيل في فلسطين، وظل مؤمناً باعتبارها بوصلة عربية لا يحيد عنها ولا يستبدلها.
يقول المصري لـ “الغد”: “نشأت في بيت أرستقراطي وكنت مرتاحا في عيشتي، وكان الفقر قليلا والغناء الفاحش كذلك”.
حياة بلا فروقات كثيرة بين أبناء المجتمع وطبقاته، حسبما عاشها المصري الذي أنهى دراسته بنجاح في كلية النجاح الوطني بنابلس، قبل أن يلتحق بالجامعة الأمريكية العام 1959، لعام دراسي، ثم ارتحل إلى أميركا لدراسة إدارة الأعمال في جامعة تكساس.
انطلق فكر المصري السياسي من قاعات الجامعة الأميركية في بيروت، حيث الفكر القومي والعروبي في ذروته، كما أن الفتى توسع في الثقافات العالمية في سنته الدراسية الأولى.
بالنسبة لأبي نشأت فإن عائلة المصري تكفلت مبكراً بنسج خيوط مع السلطة والحكم، إذ كان الملك عبد الله الأول ينزل في بيت عمه رئيس بلدية نابلس، الحاج معزوز المصري حينما يزور نابلس، فأدرك الفتى أن أمامه الكثير ليقوله ويصنعه.
عين المصري العام 1965 في البنك المركزي، فقرر محافظ البنك حينئذ، خليل السالم ابتعاثه إلى جانب آخرين لدراسة الدكتوراة في إحدى الجامعات الأمريكية، لكنه فضل الحياة العملية على العلمية.
بعد سنوات من دخوله صندوق الأردنيين المالي، وتحديدا العام 1973، كان المصري على موعد مع دخول قبة البرلمان، فكان عضوا لنحو ثلاثة أسابيع فقط، ثم انتقل للسلطة التنفيذية وزيرا بحكومة زيد الرفاعي.
دخل المصري البرلمان للمرة الأولى العام 1973، فانسجم مع الحالة البرلمانية، لكنه آمن بالسلطة التشريعية، كرافعة وطنية عقب انتخابات 89 التي خاضها ممثلا عن الدائرة الثالثة في عمان، إلى جانب ليث الشبيلات وفارس النابلسي، فغرف من معين الديمقراطية حتى ارتوى.
في ربيعه الحادي والثلاثين كان يقف وبيده اليمنى حقيبة وزارية، وفي اليسرى سلطة تشريعية “معطلة”؛ الأمر الذي صعّب مهمته في تحقيق النجاح، لا سيما انه ظل يحدّث نفسه بخطورة أن يصبح متقاعداً، وهو لا يزال فتياً لم يدخل عامه الثاني والثلاثين بعد.
كان التحدي أمامه، بتدعيم قناعاته ومبادئه باعتبارها سكة نجاح محفوفة بالمخاطر، كان عليه أن يوائم بين مطبخين مختلفين من دون أن يبتلع أحدهم الآخر؛ مطبخ سياسي وآخر اقتصادي.
المشي على الحواف الخطرة لا يريح أبا نشأت؛ فاستعان بعلمه وبإرث عائلة، ارث أقرب لخليط من سياسة واقتصاد، سبكه والده نشأت المصري على نار هادئة، بوصفه مطبخاً سياسياً يرفد محيطه بخيارات الانتخابات وقراراتها، فكان ضابط إيقاعها بلا ضجيج.
هي معادلة كيمائية، تحوّلت تالياً قيماً سياسية، دفعت المصري إلى تقديم استقالته من حكومة زيد الرفاعي في كانون الأول (ديسمبر) العام 1988؛ احتجاجاً على فك الارتباط بين الضفتين؛ ليعود بعد أشهر قليلة نائبا للرئيس في حكومة زيد بن شاكر؛ ثم شكل حكومته الأولى في 19 حزيران (يونيو) العام 1991، من دون أن يتدخل أحد في معادلة الأسماء وتوزيعها الجغرافي، حسبما يقول.
“لم يتدخل الملك في تشكيل الحكومة، لكنه راجعني في اسم واحد في التشكيلة، وهو عبد الله النسور” حسبما يقول المصري، الذي يستعيد رده على الملك بقوله: “اخترته لمجموعة من الصفات تصلح لوزير الخارجية”، فرد الملك: على مسؤوليتك.
اليوم، يرى المصري أن المرجعيات الدستورية والمؤسسات ضعفت، وتحجّم دور الحكومات في قيادة الدولة، وأصبح لأشخاص وجهات من خارج الحكومة سطوة على الشأن الداخلي، وهو ما يدفع لقيادة المرحلة بأدوات مختلفة.
ذلك يعني للمصري أننا يجب ان نقرع الجرس خوفا من السير وبسرعة متفاوتة نحو الهاوية، “ففي موضوع هيبة الدولة ورموزها نسير بسرعة عالية، وفي ملفات أخرى نصل حد “بنشرة العجلات” حسبما يقول المصري المتهم بالشعبوية والفردانية.
يقول المصري: “أترك أعمالي ومواقفي عقب أربعين عاما من العمل تحت وضوح الشمس بكل صدق على تمتين اللحمة بين المواطنين الأردنيين، لترد على تهمهم فأنا أردني أولا ومن أصل فلسطيني، ولا أجد حرجا من حنيني إلى مسقط رأسي”.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية   المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية Emptyالسبت 02 مارس 2019, 12:27 pm

طبق من الكنافة النابلسية مغمس برائحة الأردن وفلسطين
المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية 718984909





طاهر المصري – سيرة ذاتية
1942  ولد في مدينة نابلس.
1965  شهادة البكالوريوس من جامعة تكساس.
1965  عمل في البنك المركزي الأردني.
1973  وزير دولة لشؤون الأرض المحتلة.
1973 عضو مجلس النواب.
1978- 1983 سفيرا لدى إسبانيا وبلجيكا وفرنسا.
1983  مندوباً دائماً لدى اليونسكو.
- 1980 مندوبا لدى السوق الأوروبية المشتركة.
- 1984 مندوبا لدى المملكة المتحدة.
1984  عضو مجلس النواب.
 1984 وزير خارجية.
1989  نائب رئيس الوزراء ووزير دولة للشؤون الاقتصادية.
1989  عضو مجلس النواب.
1991  وزير خارجية.
1991  أول نائب يشكل حكومة نيابية.
1993  رئيس مجلس النواب.
1998  عضو مجلس الأعيان.
2002  مفوضا لشؤون المجتمع المدني لدى الجامعة العربية. 
2009   رئيس مجلس الأعيان.
 2011  رئيس لجنة الحوار الوطني.


نكهة خاصة في السياسة الأردنية مشبعة برائحة الصابونة النابلسية، أو طبق من الكنافة النابلسية غارقة بالقطر.
حين خرج من جلباب الحكومة لم يلبس عباءة المعارضة بصورة المعارض الذي تحمله الجماهير على الاكتاف، بقي قريبا، حتى وإن ابتعد عن المنصب، من القصر في رغدان وقريبا أيضا من الناس.
في جميع الأحوال بقي أردنيا فلسطينيا، عربي الهوى، قومي الفؤاد والروح، يحترمه الأردنيون في زمن صعب وغاضب قل فيه الرجال.
ناعم في معارضته، وناعم أيضا في ولائه
إذا حاول الحكم الإمساك به ووضعه تحت جناحه، ينزلق من بين أصابعه مثل «الصابون النابلسي»، وإذا حاولت المعارضة استمالته إليها ينسحب بأدب  كجنتلمان يرتدي السموكنغ في حفلة سواريه ويغلق زر الجاكيته بوقار.
يقول إنه «لم يلمس هو أو أي من أولاده فلسا واحدا من المال العام طوال فترة حياته»، مشيرا إلى أنه لم يتقاعد من السياسة بل «تقاعد من المناصب السياسية فقط».
لغته في الحديث مع زواره بسيطة قريبة من النفس، اللهجة النابلسية المحببة تجعله أقرب إلى شخصية كبير العائلة، ورغم أنه من عائلة من التجار إلا أنه لم يمارس التجارة نهائيا، وحين يتحدث عن العلاقة الأردنية الفلسطينية يستحضر الجغرافية والتاريخ وكأنهما طبق من الفاكهة، أو الكنافة الساخنة وأحيانا عودا من الكبريت حرفة العائلة القديمة.
يبقي على شعرة معاوية مع الحكم والمعارضة فإن أرخوا شد وإن شدوا أرخى.
يرفض تصنيفه في أحد المعسكرين: الليبرالي أو المحافظ، يفضل أن يكون: «رجل وطني بامتياز ولن يؤثر بي جميع محاولات القول بأنني من الحرس القديم».
تعب من السياسة، رغم أنه يبدو أحيانا وكأنه يمارس «الحرد السياسي»، خصوصا حين تتخذ الدولة قرارات غير شعبية، أو تسن قوانين غير عصرية تعيد الديمقراطية الأردنية الهشة إلى الوراء.
إبعاده عن مجلس الأعيان كان صدمة له وللأردنيين، رغم أنه يفسر ذلك بأنه «ليس إقصاء ولا إبعادا، إنما هي خروج طبيعي»، متسائلا: «كيف يكون ذلك إقصاء بعد خدمة 45 عاما في الخدمة العامة!».
بدأت كل الأحداث في مرحلة مبكرة من حياته، النيابة والوزارة وسجن والده في فلسطين، قبل أن يصبح هو نفسه رئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس الأعيان ورئيسا لمجلس النواب.
لا يترك طاهر المصري الباب مواربا، ويرفض أن يبقى باهتا لا أردنيا ولا فلسطينيا، مواليا أو معارضا، لا ينكر أبدا أصله الفلسطيني وهو معترف بذلك ويعتز به، غير أن تفاعله مع القضية الفلسطينية ربما «يزيد شوية صغيرة عن كل الأردنيين». الأردنيون هكذا، يتعاملون مع القضية الفلسطينية كقضية تخصهم، تخص أمنهم، تخص المستقبل الأردني.
سليل عائلة نابلسية عريقة، ولد في نابلس عام 1942، وشاء قدره أن يضيف إلى أردنيته وفلسطينيته انتماء لبنانيا عبر والدته ابنة آل الصلح العائلة اللبنانية العريقة. كان جده رجلا ثريا يملك مصنعا لعود الكبريت تم استيراده من ألمانيا في الثلاثينيات، كما اشتغل الجد بالحبوب والأغنام، وامتلكت العائلة مصبنة.
وبعد حرب أيار عام 1948 انقطع عن زيارة الأهل عشرين عاما، توفي والده وهو في الغربة ولم يستطع المشاركة في جنازته لأنه كان وزيرا لخارجية الأردن، لكنه زار بيت العائلة بعد اتفاقية «السلام الأردنية الإسرائيلية».
وهناك تذكر الدار بمخيلة طفولته. يقول: «بيت أهلي، فكرته قصر على معايير زمان، لقيته بيت عادي مش إشي، لكن سعدت أني رجعت لأن هناك ولدت وهناك نشأت، مشيت في نابلس أتذكر كيف كانت حرة، كيف كانت عربية».
الصور المحفورة في ذاكرة «أبو نشأت» حين تفتحت عيناه على المظاهرات ضد المستعمر والمحتل تارة، وعلى الحركات القومية والعربية تارة أخرى.
كان عمره 16 سنة عندما سجن والده، إذ بعد إعلان الأحكام العرفية واستقالة حكومة سليمان النابلسي، كانت نابلس معقلا للحركة الوطنية الأردنية في ذلك الوقت، واعتقل كثير من زعامات نابلس منهم والده الذي وضع بالسجن، ثم في فترة لاحقة وضع في سجن الجفر، ثم أعيد مرة أخرى ووضع في إقامة جبرية ثم حبس، «ثلاث مرات كلها حبوس سياسية وليست جنائية» على حد قوله.
ساعده الحظ، ربما، وفقا لروايته، في تبوؤ مركز وزاري في حكومة الرئيس زيد الرفاعي الذي يعتبره صديقا شخصيا أيضا، ومعها بدأ الانطلاقة الحقيقية في حياته السياسية.
أصبح وزيرا وعمره 31 عاما، وقبلها بأيام، أصبح نائبا في البرلمان عن قضاء نابلس في انتخابات داخلية جرت في قاعة المجلس نتيجة لاستحالة إجراء انتخابات بسبب احتلال الضفة الغربية، واستمر التزامن بين منصب الوزارة والنيابة لفترة طويلة.
العلاقة بين آل المصري والحكم قديمة، وكانت حميمة جدا بين الملك عبد الله الأول الذي كان يأتي إلى نابلس وينام في بيت عمه الحاج معزوز المصري وعمه حكمت المصري.
أول مرة بكى فيها «أبو نشأت» بحرقة كانت بعد صدمة هزيمة حرب حزيران عام 1967، صدمة لم يفق منها إلا وهو يستمع إلى خطاب الرئيس الراحل عبد الناصر، يعلن استقالته، بكى لأن كل آماله، وكل ما تراكم عنده من فكر ضاع بلحظة من خلال استقالة عبد الناصر، وبدأ تفكيره السياسي يصبح واقعيا أكثر مع أنه لم يكن سياسيا، وكان موظفا في البنك المركزي.
يرى أن الماضي، الأردني الفلسطيني، كان مشتركا، والحاضر والمستقبل لا يمكن أن يكونا إلا مشتركين، وإن الوحدة الأردنية الفلسطينية كانت الرد الوحيد على تقسيمات «سايكس بيكو».
مصير العلاقة بين البلدين، كما يرى، يجب أن يكون نوعا من التوحد شريطة أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة أولا وتترسخ، ويشعر الفلسطينيون بالرضا من وضعهم السياسي، ثم تبدأ محادثات أو كلام بين الحكومتين على التوحد.
من المحطات السياسية الهامة في حياة المصري كان قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية، في عام 1988، قرار أملته ظروف الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والقلق من تأثر الأردن بما يجري في الداخل، وكان المصري آنذاك وزيرا للخارجية فاعترض واستقال خوفا على الضفة من ضياع الانتماء، وهو إذ أصبح اليوم يتفهم، سبب فك الارتباط، إلا أن موقفه كان أكثر من عابر في وقته.
يستخدم تعبيرا بسيطا وعفويا حين يصف مشاعره في تلك الفترة «كان زعلان كثير، كان متأثرا بالصدمة» كان يرفض نقل عملية فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين إلى فك ارتباط داخل الأردن بين الأردنيين والفلسطينيين.
كانت هذه الاستقالة الأولى، ولكنها لم تكن الأخيرة، فهو لم يتردد أيضا في استقالته من رئاسة الحكومة «الأنيقة والسلسة» التي شكلها، بعد أن قرر النواب الإسلاميون بناء على خلافات سياسية واختلاف في الرؤى إضافة إلى «الكتلة الدستورية» برئاسة النائب عبدالرؤوف الروابدة ونواب آخرين «مناكفين» حجب الثقة عنها.
موضوع «اسقاط» حكومته كان موضوعا سياسيا «بيطلع وبينزل» على حد وصفه، وليس قصة كبيرة. آنذاك قبل الملك الحسين استقالته رغم عدم رضاه. 
المصري فضل استقالة حكومته على حل البرلمان لتستمر الديمقراطية في الأردن، مشيرا إلى أن الملك الحسين قال له: «أشهد الله لم أتعامل مع من هو أشرف منك».
مارس «أبو نشأت» المنصب الرسمي في أحلك الأوقات السياسية الأردنية، فالعلاقة مع أمريكا كانت فاترة بسبب وقوف الأردن إلى جانب العراق بعد دخول الكويت، وذهب المصري والتقى وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، كما التقى العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني الذي فاجأه بالطلب إليه بنقل رسالة إلى الملك الحسين تتلخص بأن نغير موقفنا «حتى لا يفوتنا قطار السلام».
رغم التصاقه الوثيق بمعظم القرارات الأردنية الهامة، فإن المصري لم يتردد في بعض المرات بالابتعاد عن القرارات الرسمية، لا بل والاعتراض على بعضها الآخر، خصوصا حين كان الأمر يتعلق بـ»إسرائيل» وفلسطين، ومن يتابع محاضرات الرجل وبعض تصريحاته والندوات سيجد أن القدس كانت دائما وتبقى في البال.
لا يكتفي بالانتقاد أو الشكوى كما يفعل بعض القادة العرب وإنما عمل، حين كان سفيرا للأردن في «اليونسكو»، على إدراج القدس على قائمة التراث العالمي، ونجح المصري رغم الضغوط الأميركية والإسرائيلية الهائلة عليه شخصيا وعلى «اليونيسكو» آنذاك.
استطاع وضعها مرتين، مرة على قائمة التراث العالمي، ومرة، وهذا الأصعب، بعد سنة وضعت على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
بعين السياسي المخضرم يقول إن: «المنطقة والقضية الفلسطينية بالتحديد تمر بأخطر مراحلها». ويرى أن الخطر على الأمن الأردني يبدأ من عند «يهودية الدولة» ومحاولة تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، رغم أنهم لن يقبلوا بذلك، فهم متمسكون بأرضهم وحقوقهم أكثر من أي وقت مضى.
المصري يعتبر أن القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس لا يتوقف عند عملية النقل فقط، لكنها تعني أن «القدس قانونيا ستصبح تحت السيادة الإسرائيلية بصفتها عاصمة تلك الدولة، وأن إسرائيل ستكون دولة يهودية وتفرض سيادتها على عاصمتها، وبالتالي فإن نحو 300 ألف مواطن مقدسي سيصبحوا مقيمين وليسوا مواطنين في أرضهم، وكذلك محاولة تهجير سكان الضفة الغربية والقدس نحو الأردن بشكل خاص، والتغيير الديموغرافي على الأرض».
لكنه لا يبدو سوداويا هنا فهو يعتقد أن المجتمع الدولي مضطر إلى العودة والتحدث مع الأردن في مسألة الترتيبات التي تجري في المنطقة. وكل هذه الترتيبات سواء في الأنظمة أم الحدود أم الطائفية وغير ذلك ما هي إلا «مقدمة لتسوية القضية الفلسطينية». مشيرا إلى أن هناك «واقعا في الأردن لا أحد يستطيع تجاوزه أو تغييره».
لا يتردد أبدا في إبداء النصح بإعادة النظر في سياسات الأردن الخارجية، فهو مع تنويع التحالفات، خاصة أن الأردن يواجه حاليا شحا في المعونات، وتصلبا في موقف قائد اليمين الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الأردن، ومشاكل مالية واقتصادية داخلية كبيرة.
يرفض سياسة المحاور، وهو رغم اعترافه بأهمية إيران ونفوذها في المنطقة، يؤكد أن الأردن لن يكون طرفا في التمحور أو الاستقطاب الحالي، وهو في نفس الوقت يشكك في جدوى الحملة التي تقول إن إيران هي الخطر وليس «إسرائيل»، ولا يمكن لهذه الحملة أن تنجح أو أن تدخل في عقول الناس في المنطقة العربية.
لا يبدو سعيدا حين يتحدث عن انهيار مجلس التعاون الخليجي الذي سبقه انهيار عربي آخر وهو انهيار الجامعة العربية التي حسب رأيه «انتهت منذ زمن». 
كما لا يبدو فرحا حين يقول إن سوريا لن تستقر الآن بغض النظر عن محاولة الاتفاق الثلاثي الذي جرى بين روسيا وتركيا وإيران وغيرها. لأن هناك شد حبال وتنازع مصالح، وما يدعو إلى الخجل بحسب «أبو نشأت»، هو مناقشة ثلاث دول أجنبية لمصير حصن القومية العربية «سوريا». يقول بطريقته العفوية: «يا عيب الشوم».
يؤمن أن «الحركة الإسلامية» جزء من الوضع والنسيج السياسي في الأردن، فهي حركة «معتدلة رصينة تتعامل مع الأمور بطريقة تختلف عن حركات إسلامية اخرى في أنحاء المنطقة»، الأردن بلد وسطي، بلد معتدل، بلد مستقر، بلد فيه استمرارية، قد يكون هناك اختلاف في الرأي، لكن ضمن الإطار الدستوري العريض للدولة الذي يحتوي كل الأفكار ويتعامل مع كل الأفكار.
ربما كان إجهاض نتائج وتوصيات «لجنة الحوار» التي ترأسها «أبو نشأت» وخرجت بديباجة معقولة جدا، سرعت في زهده بمواصلة العمل السياسي وبحثه عن الهدوء بعيدا عن الصخب.
يقول: «أعتمد في حياتي على صراحتي وصداقتي وإذا كانت الصراحة هي الأهم فأعتمدها حتى على حساب صداقتي»، فهو يرى نفسه «في مرحلة مصالحة ومصارحة مع نفسه».
لا يحيد أبدا عن مواقفه العامة المعروفة، تجاه الأوضاع الداخلية أو الخارجية، ويرفض أن يقوم البعض بنقل وصياغة المواقف والآراء التي يتحدث بها في الأماكن العامة أو المغلقة، سواء بحسن نية أم بسوئها، فقد يحدث تشويه لتلك الآراء، بالدمج بينها وبين رؤية (اجتهاد) الناقل للحديث، فيقع اللبس وعدم الوضوح.
يعلن بشكل دائم أنه غير مسؤول عما ينقل على لسانه، من آراء ومواقف وأن آراءه التي يتحمل مسؤولياتها كاملة، هي ما يكتبه باسمه، أو يقوله، مرئيا ومسموعا بالصوت والصورة والكلمة أحيانا.
يدعو إلى استغلال أية فرصة للبدء بإصلاح البيت الداخلي سياسيا واقتصاديا، فلم يعد نصف الإصلاح مقبولا حاليا، فالمواطن الأردني قدم الكثير وهو مستعد دائما للدفاع عن وطنه ومستقبل أبنائه.
يوافق على الوصف الذي يقول بأن الشارع الأردني يشعر أن «الدولة بلا رجال دولة». يقول: «علينا البدء بحياة سياسية حقيقية وحرية تعبير من دون مدارس وقوى، فلا يجوز التركيز اليوم على رئيس الوزراء، أين القوى السياسية المتحركة في البلد». يتابع قائلا: «اتفق أن الدولة اجهضت التجربة الحزبية في المملكة». 
يبرر «أبو نشأت» معظم قلق المواطنين، فالحياة أصبحت قاسية ووسائل التنمية لا تحدث، والاقتصاد ريعي، من دون مشاريع أو أفكار جديدة، فيما موازنتنا تذهب إلى النفقات المتكررة، والجهاز الحكومي متضخم، والمواطن حصته ضعيفة جدا، فيما تتراجع معيشيته إلى الوراء. كما أن الخوف من عدم الاستقرار يؤرق المواطن الأردني.
يرفض عملية جلد الذات فيما يتعلق في ما يسمى «ملف الدور الأردني» فهذا الدور موجود. يقول: «لم يعد لدينا شخص تنفيذي يغير مجرى الأمور، ونحن بحاجة ليس إلى مجلس وزراء فقط بل فريق متكامل يضع خطة للمستقبل ويتقيد بها الجميع، فالعالم اختلف ونحن لم نلحق به، بل تراجعنا إلى الوراء».
قد تبدو صراحته مزعجة للبعض حين يشير إلى أن «الديمقراطية في بلادنا لم تتقدم منذ ثلاثة عقود وإن أساس العمل الديمقراطي هو الانتخابات، وأن الأردن غير جاهز للحكومات البرلمانية الآن». مشيرا بأصابع الاتهام إلى «طبقة من المتملقين سياسيا في البلد».
يبدو «أبو نشأت» مسكونا بالأوضاع الحالية فهو يرى أن «هيبة الدولة بمعناها الواسع تضرب بخناجر وبسيوف جعلت النزيف قويا جدا». 
يبدي أسفه لما أصاب العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين دوائر الدولة من الضعف وعدم الثقة، فلا حياة سياسية، ووعود بالإصلاح لا تتم، وهناك وضع اقتصادي خانق، والاستقواء على الدولة من قبل عناصر متعددة محمية متنفذة». 
تشخصيه للحالة الأردنية مؤلم «صناعة القرار تضيق في الأردن منذ فترة تتراجع»، و»الأوضاع الراهنة صعبة جدا. والحال الراهن صعب مأزوم، والأمور تتردى، وما زال الجهد قاصرا ومقتصرا على امتصاص كل تلك السلبيات، وما زالت الأسقف تعلو والشعارات تترامى هنا وهناك، وما زالت الضبابية موجودة. وحتى نخرج من هذا الوضع الصعب لم يعد يكفي اجراء تعديل دستوري لوحده، أو تغيير حكومة لوحده، أو قانون انتخاب لوحده لا بد من حزمة من الاجراءات الاستراتيجية».
يقول: «للأسف أننا ما زلنا نعمل بالقطعة، والدولة لا تعمل بتناسق كامل. الدولة ليس لها استراتيجية محددة». 
في جميع الأحوال يرفض «أبو نشأت» مغادرة المشهد السياسي والإعلامي الأردني، فرسالة السياسي لا تنقطع مع الانسحاب من المناصب الرسمية وإنما هي متكاملة مع الموقف الشعبي الذي يحتاج إلى بوصلة ترشده وإلى من يقدم له النصح وينير له الطريق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
المصري: أنا نتاج وحدة الضفتين وليس عندي ترسبات إقليمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وحدة الضفتين | ماذا تعني الوحدة بين الأردن والضفة الغربية؟
» «النزعة العدوانية» .. نتاج حالة إحباط في مرحلة الطفولة
» كان عندي بلد؟!
» كلهم عندي [ هوآمش ]
» إسرائيل “قوة إقليمية“ لكنها مأزومة داخليا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اردننا الغالي-
انتقل الى: