... تابع
كلمة السيد نصرالله في مناسبة الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد القائد الجهادي السيد مصطفى بدر الدين
2 May، 2019
ذكرى السيد ذو الفقار
لبنان
الموضوع الآخر، أنا لا يزال لدي موضوعاً آخراً وأخيراً أريد أن أقول كلمتين في موضوع الموازنة في لبنان.
الموضوع الآخر الموضوع الثاني والمهم جداً هو السّاحة التي ذهب إليها السّيد ذوالفقار رحمة الله عليه وقضى فيها آخر سنوات عمره وعاد منها شهيداً منتصراً وهي سوريا، سنتكلم قليلاً في هذا الموضوع، يوماً بعد يوم يتأكد ويتّضح صوابيّة قرارنا وخيارنا في الذهاب إلى سوريا لأننا اليوم نتحدث عن قائد شهيد إستشهد في هذه المعركة ودائماً نُسأل عن هذا الدّم، وعندما يكتب الصّديق والعدوّ، يسألنا عن هذا الدّم وعن هذه الدماء وعن شهدائنا. كوكبة كبيرة من شهدائنا وجرحانا استشهدوا في سوريا أو جرحوا في سوريا يقولون من يجيب على هذه الدماء؟ نحن نجيب عن هذه الدماء، نحن نجيب عن هذه الجراح، بل كلما مضت الأيام وسقطت الأقنعة وانكشفت الوجوه الحالكة وظهرت الوثائق والمستندات وتكاثرت الاعترافات والمقابلات الصحافية من رئيس سابق وملك ورئيس حكومة سابق ورئيس وزراء سابق ووزير خارجية سابق ورئيس أركان سابق، يوماً بعد يوم نزداد ثقة ويقيناً بأنَّ ما قمنا به كان صحيحاً مئة بالمئة وكان في زمانه الصحيح و في مكانه الصحيح.
اليوم، كل يوم يتّضح أن كل الذي كان يجري في سوريا يختلف عن كثير مما جرى في العالم العربي، في سوريا كان هناك مؤامرة أمريكية إسرائيلية سعودية استخدمت فيها بعض دول الخليج وبعض دول الإقليم، والموضوع على الإطلاق لم يكن له أي صلة، الآن هذا كلام مكرر ولكن يجب أن نقوله في ذكرى هذا الشهيد، لم يكن له أي صلة لا بالانتخابات ولا بالديمقراطية ولا بالإصلاحات ولا بالتغيير ولا بكل هذا الكلام الفارغ الذي سمعناه من 2011.
حسناً والدليل، أن أميركا والسعودية وهذه الدول بمن جاءت كما كانت تقول هي بمن جاءت من أجل إحداث تغيير ديمقراطي إنساني في سوريا بين هلالين وتحته شحطتين على طريقة السّوريين ألف علامة إستفهام ومليون علامة تعجب، بمن جاءوا!!! بالقوى الديموقراطية ؟ بالقوى النابعة من الإرادة الشعبية ؟ بالقوى ثقافتها وفكرها صناعة المستقبل؟ أين هو هذا! حسناً، حتى لا نتكلم نظريات ونقول المستندات والوثائق، الدليل الخارجي الواقعي “داعش”. لو أخذنا مثلاً واحداً داعش، كيف استطاعت داعش أن تسيطر على ما يقارب الـ 40 الى 45 بالمئة من سوريا على ما أذكر، يعني أغلب شرق الفرات الذي هو 25% إذا أضفنا له ممبج وبعض المناطق أغلب شرق الفرات، دير الزور، البوكمال، الميادين، البادية السورية كلها التي هي بحجم لبنان على 5 مرات، وصولا الى تدمر، وصولا الى محيط حمص، وصولا الى مخيم اليرموك، وصولا إلى جزء من محافظة السويداء، وصولا الى شرق حمص، شرق حماه، الى شرق وشمال حلب 40 45 في المئة في نفس الوقت كانت داعش تسيطر يمكن على نصف أو أكثر من نصف العراق، عدد كبير من المحافظات العراقية، الأنبار، الموصل، صلاح الدين إلى آخره، وصلوا إلى بوابات كربلاء، وعلى بوابات بغداد هؤلاء من أين أتوا؟ من أحضرهم؟ من أعطاهم سلاح؟ من قدم لهم تسهيلات؟ من أعطاهم مال؟ من فتح لهم الحدود؟ من قام بتغطيتهم إعلامياً بكل الفضائيات العربية “الدولة الإسلامية” من؟ لا يجوز أن ننسى لا اللبنانيين الذين اكتووا من داعش في جرود عرسال في البقاع يجوز أن ينسوا ولا الشعب السوري ولا الشعب العراقي ولا كل شعوب المنطقة ما فعلته داعش وما ستفعله داعشَ سأتكلم عنه قليلا!،حسناً من هي داعش؟ ما هو فكرها؟ فكرها هو الفكر الوهّابي الذي يُصنّع في السّعودية، في جامعات السّعودية، في المدارس السّعودية الدينية، في مساجد السّعودية ويصدّر بالمال السّعودي إلى كل أنحاء العالم بقرار وطلب أمريكي وهذا اعترف به الأمريكيون والسعوديين أنفسهم، قبل أن يتكلم محمد بن سلمان، هيلاري كلنتون يوجد لها تصريح بالصوت والصورة تعترف بهذه الحقيقة، وأنَّ أميركا هي التي طلبت من السّعودية أن تدعم وتوزّع وتنشر هذا الفكر في العالم، حسناً هذا الفكر من أين أتى؟ من السّعوديةّ! بطلب من من؟ من الأمريكان! تسهيل من من؟ من الأمريكان وحلفائهم! بتمويل من من؟ من السعودية! حسناً، المقاتلون من أين جاؤوا؟ من كل أنحاء العالم، أغلب الانتحاريين أيها الأخوة والأخوات في سوريا وفي العراق كانوا من الجنسيّة السّعودية ومن جنسيات أخرى وجيء بهم إلى هذه المدن، هم الذين دعموهم، هم الذين سلحوهم، هم الذين موّلوهم، هم الذين فتحوا لهم الحدود، هم الذين راهنوا عليهم، وداعش كانت مطلوبة للعراق ولسوريا وللبنان ولاحقاً لإيران ولكل أحد يراد إخضاعه وضربه وتدميره، ما هو مشروع داعش؟ إقامة الدولة التي فيها انتخابات؟ دولة ديمقراطية دولة يعبّر فيها الناس عن إرادتهم؟ دولة ينتخب الناس فيها نوابهم ورؤساءهم وحكامهم؟ أبداً! عند داعش، في فكر داعش الانتخابات كفر من يذهب إلى الانتخابات كافر، من يقف على صندوق الانتخابات مستحل الدم، يقتل. أليس هذا ما فعلته القاعدة وطالبان في أفغانستان؟ أليس هذا الذي جرى في العراق بكل الانتخابات التي أجريت؟ هؤلاء صناع مستقبل؟!! هؤلاء صنيعة من؟ هؤلاء صنيعة الأميركيين.
في السابق كان هناك شخص اسمه – هذا موجود الآن أي شخص يستطيع أن يجده على الانترنت – الجنرال ويسلي كلارك، وعلى قناة الـ”CNN”، ليس على قناة صديقة أو حليفة، كان القائد الأعلى الأسبق لحلف شمال الأطلسي، هو يقول على قناة الـ”CNN” أن الدولة الإسلامية – هو لا يقول داعش، هم ملتزمون بكلمة الدولة الإسلامية – أنشأها أصدقاؤنا وحلفاؤنا من جملة الأهداف للتغلب على حزب الله. يقول، لا نستطيع رفع يافطة كبيرة ونقول تعالوا لقتال حزب الله، لذا نحن وأصدقاؤنا قمنا بإنشاء داعش. كل هذا المحور، كل من يقف في وجه الأميركيين والمشروع الإسرائيلي، سوريا التي كانت ترفض الاستسلام والخضوع، هناك أناس لا يفعلوا شيئاً ضد إسرائيل، بل يُنقّر على سوريا أنه عشرات السنين أين المقاومة في الجولان. يكفي سوريا وحسبها هي وقيادتها الحالية والسابقة أنها لم تستسلم، أنها صمدت، أنها وقفت، أنها حمت المقاومين، أنها لم تخضع للإرادة الأميركية في الوقت الذي خضع له كل العالم باستثناء الجمهورية الإسلامية وبعض القوى الشعبية. المطلوب أن تنتهي سوريا لمصلحة أميركا وإسرائيل.
العراق الذي أخرج القوات الأميركية من أرضه بالمقاومة الشعبية، المقاومة العسكرية وبالمقاومة السياسية وبثبات الموقف. يريد الأميركيون العودة، وأنا هنا أريد أن أحذر إخواننا في العراق، هذا ترامب حسب الظاهر أن كل وعوده الانتخابية ينفذها، أُوصفه بما تريد، أحمق، مجنون، متكبر، ما تريد، لكن تعرفون أنا عادتي هكذا، أنه حتى العدو إذا عنده نقطة – لا أريد أن أقول جيدة – مثبتة – لا أريد أن أقول منفية – نعترف له بها، هذا الرجل كل شيء قاله في الانتخابات ينفذه، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، الانسحاب من المعاهدة الفلانية – أيوجد معاهدة بعد لم ينحسب منها؟! – نقل السفارة الأميركية إلى القدس، موضوع صفقة القرن يسير بها، لا أعرف إذا وعد بالجولان وقتها أو لا، من أجل أن لا أحمله شيء لم يقله عندها، كل شيء قاله ينفذه.
من جملة الذي قاله أنّ هذا النفط العراقي لنا، أنا أريد أن آخذه، وطبعاً وعد بالانتخابات أن السعودية بقرة حلوب وأنا أريد أن أحلبها وقام بحلبها وكل يوم يحلبها، صحيح أو لا؟ من جملة الذي قاله أن هذا النفط في العراق من حقنا، نحن ذهبنا إلى العراق، أرسلنا 150 ألف جندي، قدمنا تضحيات وكلفة كبيرة ودفعنا 7 تريليون دولار وحقنا، يقولون له كيف؟ يقول لهم نذهب – هذا في الانتخابات على التلفاز، أنا لا أفتري عليه – نذهب ونأخذ المنطقة النفطية، نضع جيشنا وعسكرنا ونعزلها، ونبقى نأخذ النفط العراقي ونبيعه لنسترد مالنا.
هذا من الوعود الانتخابية يجب أن يلتفت إليها الإخوة العراقيين، أن هذا لم يذهب من ذهن السيد ترامب، يجب أن ينتبهوا جيداً أن هذه هي خلفية السيد ترامب. السيد ترامب يعتبر أن نفط العراقيين هذا حق طبيعي له وهو يجب أن يستوفيه. داعش كانت هي الوسيلة لعودة القوات الأميركية إلى العراق، وداعش سوف تبقى هي الحجة لبقاء قوات أميركية في العراق، وإلا كيف الآن داعش شرق الفرات، أين ذهبوا يا إخوان؟ ذهب منهم إلى العراق، منهم أرسلوهم إلى داخل سوريا، ومنهم نقلوهم إلى أفغانستان، يا أخي من نقلهم إلى أفغانستان؟ من؟
إذاً داعش ما زال لها وظيفة.
بكل الأحوال، داعش مشروعها تدمير الجيوش والمجتمعات والشعوب، ولذلك تقول لي هُزمت داعش؟ أقول لك نعم هُزمت ولكنها حققت إنجازات كبيرة، للأسف أنا أتكلم هكذا، داعش حققت إنجازات كبيرة لأميركا ولإسرائيل ولأعداء هذه الأمة، دمرت جيوشاً، دمرت شعوباً، دمرت مجتمعاتاً، أوجدت شلالات من الدم بين شعوب المنطقة، بنت جدراناً عالية جداً من الحقد والبغضاء تحتاج إلى عقود أو إلى قرون لإزالتها، هذه إنجازات لمصلحة الأميركي والإسرائيلي، هذا يجب أن نعترف به، ونعترف به لنعالجه وليس لنستسلم أمامه، بل لنعالجه.
الذي أريد أن أقوله قبل أن أدخل إلى ختام هذه النقطة، أن داعش أيها الإخوة والأخوات، وأقول هذا لكل شعوب المنطقة ما زالت تمثل تهديداً، لا أحد يتعاطى أن داعش انتهت، نعم خلافة داعش، الخلافة المزعومة انتهت، الدولة انتهت، الجيش العسكري الذي يسيطر على جزء كبير من مساحة العراق وعلى جزء كبير من مساحة سوريا انتهى، لكن داعش الفكر، داعش القيادة التي أطلت على التلفزيون منذ يومين، داعش الذئاب المنفردة، داعش الخلايا الانتحارية والانغماسية، داعش ما زالت موجودة وسيتم تفعيلها في سوريا، أنا لا أهبط جدراناً على أحد، أنا أقول معطيات ومعلومات، وسيتم تفعيلها في العراق، ولذلك ما يجري اليوم على الحدود العراقية السورية من تعاون عراقي سوري هذا أمر واجب وضروري وأكيد، لأن داعش تشكل تهديداً لكلا الشعبين وكلا الجيشين وكلا البلدين. داعش اليوم لها وظيفة في أفغانستان لقتل الشعب الأفغاني وللمزيد من الاحتراب والقتال في أفغانستان، واعتماد أفغانستان قاعدة لانطلاق داعش إلى دول آسيا الوسطى، ولذلك اليوم وزير خارجية روسيا أمس واليوم علا صوته، وزير الدفاع الروسي علا صوته، من أخذ داعش إلى أفغانستان؟ وصولاً إلى سريلانكا، أمام المجزرة المهولة في سريلانكا، وخرجت دول في العالم ليدينوها، الاتحاد الأوروبي أدانها، المفوضية الأوروبية أدانتها، الأمم المتحدة أدانتها، أميركا أدانتها، هل أحد منهم سأل هذا الفكر الذي نفذ هذه العمليات الانتحارية وهذه المذبحة في سريلانكا بحق الرجال والنساء والأطفال في الكنائس والأوتيلات من الذي يقف خلف هذا الفكر؟ من يدعمه؟ من يموله؟ من يحميه؟ من يدافع عنه؟ أليست هي المملكة العربية السعودية؟!! لماذا تدينون الأدوات وتتركون السبب الحقيقي والرئيسي.
إذاً داعش ما زالت تهديداً، وكلنا يجب أن نتعاطى على أنها تهديد ويجب أن تواجه سياسياً، ثقافياً، إعلامياً، عسكرياً، أمنياً، وعلى كل الصعد.
وهذا التهديد أيضاً لن يبقى بعيداً عن لبنان، صحيح الجيش والمقاومة استطاعا وباحتضان شعبي وإجماع وطني من تحرير الجرود من داعش وأمثالها وأخوات داعش، لكن هذا الخطر لم يبتعد ولم ينته. صحيح حققنا انتصارات كبيرة على كل صعيد في مواجهة داعش وأخوات داعش وكل المشروع في المنطقة، لكن يجب أن نتعامل بأن التهديد قائم ويجب أن يعالج. وهنا يجب أن لا يُنسى من هو المسؤول، لأن هذه واحدة من الاستحقاقات بهذا اليوم، أميركا والسعودية بالدرجة الأولى مسؤولين، ما ارتكبته داعش لدى شعوب منطقتنا، في العراق، في سوريا، في لبنان، ما ترتكبه الآن في أفغانستان، في اليمن، في نيجيريا، ما ارتكبته في سريلانكا ، جرائم مهولة، دمار هائل، خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، مئات آلاف الشهداء والجرحى، الكرامات التي هتكت، المقدسات التي دمرت. كل هذه الخسائر انتهت؟!! عفى الله عما مضى؟!! كيف؟!! يقيمون مؤتمرات بأميركا وبعض دول الخليج تحت عنوان مواجهة الفرار من العقاب، أنه شخص لا أدري ماذا فعل ممنوع الفرار من العقاب، أما اجتياح شعوب، تدمير بلدان، قتل مئات الآلاف لا يوجد مشكلة، هذا لاحقاً يُحل “ببوسة لحية”، لماذا؟ لأن الذي يقوم بهذا العمل هو الأميركي والسعودي، هذا التحالف الدموي القائم اليوم بكل صراحة يجب أن يواجه ويجب أن يدان، الإصرار على استمرار الحرب على اليمن، أمس الأمم المتحدة تقول قد يكون عدد الضحايا في اليمن وصل إلى 250 ألف شهيد أو ضحية أو قتيل، 250 ألف، خبر عادي عُرض على الشريط بالأخبار وانتهى، لا يوجد شيء، هل يوجد شيء في العالم العربي؟ هل يوجد شيء في العالم الإسلامي؟ يا أخي هل يوجد شيء في العالم؟ الأمم المتحدة، ليس تلفزيون المسيرة، ليس أنصار الله، ليس السيد عبد الملك، يقول يا عالم هناك مذبحة، هناك 250 ألف يمني قتل حتى الآن، الأمم المتحدة تقول ذلك، هل أحد هُزّت شعرة بشاربه أو لحيته أو رأسه، أبداً، لماذا؟ لأن الذبّاح أميركي سعودي، لا يمكنك أن تتكلم.
وصولاً إلى الإعدامات في السعودية، لهؤلاء الشباب، وأحدهم من العلماء الأجلاء، أناس نخب وشباب، هناك أناس اعتقلوا كانوا تحت عمر الـ 15 سنة، ما ذنبهم؟ ما جريمتهم؟ أنهم شاركوا بمسيرة؟ وقفوا باعتصام؟ كتب كلمة على موقعه بالانتنرت، مواقع التواصل الاجتماعي، إعدام، بدون محاكمة، هناك محاكمات سرية وضربة واحدة. مرت ساعتان أو ثلاثة بعض الدول في العالم أدانوا وانتهى الموضوع، والعلاقة جداً طبيعية لأن هناك أموال.
اليوم نحن نعيش في عالم، أيها الإخوة والأخوات، يجب أن نفهم وأن نقتنع أنه نعم هذا هو العالم الذي نعيش فيه اليوم خصوصاً، لا يوجد قانون دولي، لا يوجد مؤسسات دولية، لا يوجد دول في العالم تحترم نفسها، لا يوجد قيم، لا يوجد أخلاق، لا يوجد شرائع، لا يوجد شيء، هناك القوة والأموال، القوي في هذا العالم محترم، الذي عنده أموال في هذا العالم يفعل ما يريد، يأتى بصحافي مثل الخاشقجي على القنصلية ويفعل به ما لم يُفعل بالتاريخ، ولا أحد يحق له أن يفتح فمه لأن هذه السعودية، وأميركا ترتكب كل يوم مجازر ولا أحد يحق له أن يفتح فمه، لأن هذه أميركا، وإذا تحدثت تصبح مدان، غداً تخرج أصوات في لبنان يقولون السيد يريد أن يأتي لنا بمشاكل على البلد، ألا يكفينا مشاكلنا؟ ولو، يا أخي إنسانيتنا أين؟ القيم الأخلاقية أين؟ احساسنا البشري أين؟ ألا يستدعي هذا كله أن نتوقف أمام هذا الوضع.
وبعد ذلك وفوق كل ذلك، كل ما يجري في منطقتنا هو في خدمة إسرائيل وسيطرتها وهيمنتها وصفقة القرن وخدمة أميركا، سياسياً ومالياً، هل يستطيع أحد أن يقول لا؟ فليخرج أحد ويدافع عن السعودية وغير السعودية ويقول لا، هذا لمصلحة الأمة العربية. هذا الإصرار على الحروب وتمويل الحروب، اليوم هناك حرب في ليبيا، الله يسترنا السودان إلى أين ذاهبة، الله يسترنا الجزائر إلى أين ذاهبة، الناس إذا لم يتصرفوا بوعي وبمسؤولية وطنية بالسودان والجزائر لا نعرف هؤلاء إلى أين سيأخذون السودان والجزائر وإلى أين ليبيا ذاهبة. الإصرار على العداء لإيران والتآمر على إيران ومحاصرة إيران وصولاً إلى إعلان الاستعداد لملئ النقص من النفط الإيراني بالنفط السعودي والإماراتي، إلى أين؟ ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء، ماذا؟ أنظروا إلى العاقبة، هذه بعض عواقب الدنيا، وعندما يطلع السيد ترامب ويبهدلهم ويهينهم، الواحد يطلع ليحترم أصدقائه ويشكرهم، ويقول لهم أنا ممنون لكم والله يبارك فيكم وأنتم جماعة جايبين ولا أعرف ماذا…، لكن ترامب كل يوم يطلع ليبهدلهم، كل يوم يُبهدلهم، كلنا رأينا على التلفزيونات ترامب وهو يخطب في آخر خطاب له، وهو يضحك والأمريكان يضحكون، أنا قلت لبعض الإخوان إرصدوا لنا القعدة، لأنني شفاف أحب أن أتكلم هكذا، طبعاً أنا لا أحب الملك سلمان بل أكره، أكره من أعماق قلبي، لكن أنا عندما أستمع إلى ترامب حرق قلبي عليه، حرق قلبي عليه، إلى هذا الجد الكبير من الإذلال وإلى هذا الحد الكبير من الإهانة، وإلى هذا الحد الكبير من المسح، وإلى هذا الحد الكبير من الإنسحاق، أين العروبة وأين الإسلام وأين الحرمين الشريفين وأين العشائر وأين القبائل وأين السيف الذي يرقصون به؟ أين؟! ولا كلمة ولا كلمة، بعض الناس في لبنان عندما أتكلم أنا ويتكلم بعض إخواني كلمة على السعودية يطلعون للرد علينا، فرجونا يا شجعان ويا أبطال ويا أهل الشهامة والعروبة والبطولة ردوا؟! هذا ترامب أهان ملككم وأهان مملكتكم أين هو؟ لا أحد تنفس يا رجل، أبداً سكتوا أهل القبور يتكلمون أكثر منهم، على الأقل عندما تأتي إلى المقبرة تجد لوحة مكتوب عليها شيء، هذه وجوه قارحة ليس مكتوب عليها شيء، هذا يقول له يا ملك أيها الملك أنا معجب بك، قال له أنا أحبك وأنا معجب بك، نحن دفعنا أموال كثيرة من أجل أن ندافع عنكم فيجب أن تدفع، ويعمل له هيك وهيك ولا أعرف ماذا..، يا أخي بالقرائن الحالية والمقالية كلها بهدلة وإهانة، كلها بهدلة وإهانة، ثم ماذا يقول؟ يقول يريدون منا أن نخسر السعودية أنا لا أريد أن أخسر السعودية، نحن صرنا جايبين 450 مليار دولار من السعودية، أشتروا من لدينا سلاح وغير سلاح، سؤال 450 مليار دولار من السعودية، فقط من السعودية ولم يتكلم عن بقية دول الخليج، هذه الأموال هي أموال آل سعود هل هي ملك شخصي؟ لا يوجد شيء أسمه السعودية والشعب السعودي، يوجد شعب شبه الجزيرة العربية، هذه الأموال هي ملك هذا الشعب، وهي ملك هذه الأمة، بالمعنى الشرعي والفقهي كل علماء المسلمين يقولون هذا ملكٌ عامٌ للمسلمين، وأنتم بأي حق تجيب 450 مليار دولار من أموال المسلمين وتعطيها إلى ترامب؟ على أي أساس؟ في الوقت الذي فيه المسلمون يموتون من الجوع، من الصومال إلى أندونيسيا ميتون من الجوع، مجاعة وزلازل وفقر وحرمان ومرضر وأمية، ما هذا؟
نختم النقطة ببومبيو، بالنسبة إلى بومبيو أنا منذ يومين أو ثلاثة أرسلوا لي الإخوان وبعثوا لي سي دي أيضاً وقالوا لي يا أخي هذا بالإنكليزي هكذا وهكذا وهكذا، ومع ذلك قلت لهم تأكدوا من ذلك، من أجل إذا قرأنا شيء إلى الناس يكون صحيح منسوب له، هذا يقولوا اليوم وزير خارجية أميركا الديبلوماسي الذي يجب أن يكون مظهر من الثقة السياسية والديبلوماسية ويتبنى قضايا العالم ويعمل سلام عالمي ويستحصل على حقوق الناس، حلوة الشفافية وأمر جيد، في محاضرة وهذا الكلام نزل أين أيضاً على أحد التلفزيونات الأميركية، حيث إعترف وزير الخارجية الأميركي أنه مارس الكذب والخداع والنهب عندما كان مديراً لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، قائلاً: كنت مديراً لل” سي آي أي” لقد كذبنا وخدعنا ونهبنا، يعني كذاب ومخادع ولص أي حرامي، حرامي دولي وناهب دولي، الإمام الخميني رحمة الله عليه كان يسميهم الناهبين غير المستكبرين، طغاة مستكبرين وناهبو العالم، ناهبو الشعوب، ونهبنا ويسألوه ويتساءل هو، يقول ماذا كان شعار جامعة الجامعة الفلانية الجامعة العسكرية التي درس فيها، يسأل نفسه، فأجاب: لا تكذب ولا تخدع ولا تنهب ولا تتحمل الذين يرتكبون هذه الأمور، ولكن عندما كنت رئيساً لل ” سي آي أي” كذبنا وخدعنا ونهبنا، وقد تلقينا دورات تدريبية شاملة، وعندما يسألوه عن موقفه من السعودية، فيقول لهم: هذا الموضوع مختلف، تصوروا اليوم رأس الديبلوماسية وزير خارجية أميركا يقول لك أنا شخص كذاب وأنا شخص مخادع وأنا شخص لص، لست أنا الذي أتكلم عنه بل هو من يقول عن نفسه، ذلك الذي كان عندنا منذ كم يوم في لبنان، هذا الذي أتى ليعمل جولة في العالم وفي أوروبا والخ..
إذاً يجب من خلال هذا العرض كله أريد أن أصل إلى إيجاز هو التالي: من يثق بالأمريكيين ومن يراهن على الأمريكيين أن يحلوا لنا مشاكلنا وأن يعالجوا لنا قضايانا، الله يسترنا إذا كانوا هم الوسيط الذي سوف يحلون لنا الحدود البرية والبحرية وماذا سوف يحدث علينا وعلى البلد، لأن هذا لا يفاوض بل يأتي ليعمل إملاءات، هذا ترامب وهذا بومبيو كذابين ومخادعين وناهبين، الذي تبنى أن إسرائيل يجب أن تكون على حساب كل الكون، وليس فقط على حساب العرب والمسلمين ومسيحيي المنطقة، بالنسبة لهذا التحالف الدموي الهمجي الأميركي السعودي يجب أن يكون واضحاً ويستلزم مواقف، بالنسبة لداعش لا أحد يتعاطى مع أن هذا الخطر قد إنتهى، فما زال هذا التهديد قائماً وله توظيفات جديدة في المنطقة، ويجب أن نكون مستعدين دائماً وأبداً لمواجهة هذا التهديد وعدم التغافل عنه.
في الشأن الداخلي، نحن تكلمنا سابقاً ونرجع نقول نحن نُفضل أن لا نطرح أرائنا في وسائل الإعلام، القوى السياسية اليوم موجودة في الحكومة، والذي حدث في هذين اليومين كان يجب أن لا يحدث، يا أخي توجد موازنة قاعدون في مجلس الوزراء لنناقش في مجلس الوزراء، إذا نذهب إلى المطاحنة الإعلامية وإلى السجال الإعلامي وإلى تسجيل النقاط وإلى المزايدات فهذا معناه من الصعب أن نصل إلى الموازنة، ومن الصعب أن نصل إلى إصلاح مالي وإقتصادي، وسوف نصل إلى ما هو كلنا مجمعون عليه وهو أن البلد ذاهب إلى كارثة مالية وإقتصادية، لذلك أولاً دعوتي هي أنه في الحد الأدنى أن القوى السياسية موجودة في الحكومة، الآن الموجود خارج الحكومة من حقه أن يتكلم وينتقد لا توجد مشكلة وأن يتظاهر ويعتصم هذا حقه الطبيعي، لكن في الحد الأدنى القوى السياسية الممثلة في الحكومة، التي لها وزراء في الحكومة وتستطيع أن تناقش وأن تعبر عن رأيها في الحكومة، إذا التزمنا مع بعضنا البعض ويبقى النقاش في مجلس الوزراء ولا نعمل سجال خارج مجلس الوزراء يكون أفضل، خصوصاً لا يوجد شيء يُخيف، لأن الكل يتبنى فيما بينها أنه يجب أن نتفاهم وأن نصل إلى نتيجة وأن نحمل مع بعضنا كتف على كتف، إذاً من ماذا قلقين؟ والقوى السياسية الممثلة في الحكومة لماذا خائفة ولماذا قلقة؟ يجب أن تكون لدينا الثقة بأنفسنا وببعضنا بأنه نعم نحن قادرون، أنه من داخل مجلس الوزراء إذا كان يوجد شيء خطير على البلد وخطير على الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وخطر على أصحاب حقوق من أن تمس حقوقهم، قادرون على أن نعالج هذا الموضوع ولا يوجد داعٍ للقلق، بالحد الأدنى موجودين في مجلس الوزراء.
الشيء الثاني الذي طمأن المناخ في البلد لأن السجال الذي صار بالأمس عمل قلق في البلد، تأثرت الأسواق وتأثرت الناس وعمل بلبلة، أنه وضعنا أمام جو أنه صعب هذه العالم أن تصل إلى موازنة، النقطة الثانية أيضاً لتخفيف بعض المخاوف هو أن كثير مما نُشر في وسائل الإعلام في الفترة الماضية أنا لا أقول أنه ليس صحيحاً، أنا أقول أنه ما هو صحيحٌ منه إذا كان صحيحاً هو مجموعة أفكار كانت موجودة لدى الجهة الفلانية أوالرئيس الفلاني أوالوزير الفلاني أو القوى السياسية الفلانية، وكانت متداولة ومطروحة ويوجد شيء يُناقش وشيء لا يُناقش، هذا صحيح، لكن اليوم الموجود في الموازنة أمام مجلس الوزراء والذي يناقشونه الوزراء كثيراً مما قيل في وسائل الإعلام ليس موجوداً فيه، يعني أصلاً لا يحتاج إلى معركة يا ناس، لا يحتاج إلى معركة لأنه ليس مطروحاً لا للنقاش ولا للتصويت ولا للإقرار، هذا يجب أن يُخفف من بعض المخاوف.
والنقطة الثالثة: الذي أختم فيها التعقيب على موضوع الموازنة، أنه كلا في مكانٍ ما إذا نريد أن نذهب لنعالج مطلوب تقشف صحيح، أيضاً مطلوب إصلاح إقتصادي، الآن بشكل أو بآخر توصل الأمور إلى كيف نُدخلها إلى بعضها، وأيضاً توجد شريحة يجب أن تحمل المسؤولية، المصارف يجب أن تحمل المسؤولية، الآن يأتي أحد ليعمل لك نقاش قانوني هذا حقٌ مستحقٌ لا أعرف ماذا.. نحن لا نتكلم حقٌ مستحقٌ، أصلاً الكثير من المطروح للنقاش هو حقٌ مستحقٌ أيضاً، هو حقٌ مستحقٌ، مثل حقوق المصارف، السؤال إل المصارف: إذا أنتم لا تريدون أن تساعدوا ولا تريدون أن تتعاونوا، لا أتكلم هنا بلغة القرار والإلزام، بل بلغة أننا أهل بلد واحد وفي سفينة واحدة وتحت سقفٍ واحد، يا أصحاب المصارف في لبنان إذا أنتم لم تتعاونوا وكان لكم سهمكم في المعالجة وإنهار الوضع الإقتصادي والمالي في البلد، أنتم على ماذا تحصلون؟ أنتم ما هو مصيركم؟ وما هو مصير بنوككم؟ وما هو مصير استثماراتكم؟ إذا إنهار الوضع المالي والإقتصادي في البلد، حتى رؤوس الأموال التي لديكم لن ترجع لكم، لأن البلد ذاهب إلى إنهيار، ليس من أجل الناس بل أيضاً نمن أجلكم أنتم أيضاً، من أجل مصارفكم ومن أجل أموالكم ومن أجلا استثماراتكم، أنتم معنيون، لستم معنيون أن تقفوا وتواجهوا بل أنتم معنيون أن تبادلوا، أنا اليوم أدعوهم إلى المبادرة، أنتم يجب أن تبادلوا وتطلعوا إلى فخامة رئيس الجمهورية أو إلى دولة رئيس مجلس الوزراء أو دولة رئيس مجلس النواب، وتقولون يا جماعة نحن متفهمون وضع البلد وصعوبات البلد، أنا لا أتكلم عن الدين الجديد بل أنا أتكلم عن الدين القديم أيضاً، نحن متفهمون دين البلد، خدمة الدين أو الفائدة التي نأخذها من الدولة عن المال الذي ديناكم إياه، نريد أن ننزل الفائدة مثلاً بنسبة مئوية معينة، هذا أقل الواجب الوطني وأقل الواجب أيضاً الأخلاقي، وأقل الواجب المصلحي.
وفي المقابل، إذا المصارف لا تريد أن تتصرف بهذه الروح الوطنية المسؤولة، نعم الدولة معنية والحكومة معنية ومجلس النواب معني في مكانٍ ما أن يتحمل المسؤولية في هذا الموضوع، أن يتحمل المسؤولية في هذا الموضوع، وإما يوجد إجماع لدى كل الخبراء الماليين والإقتصاديين في البلد أن ما لدينا من عجز لا يمكن أن يُعالج فقط بالإجراءات المطروحة أمام الحكومة، إذا لم يكن للمصارف دور أساسي وكبير في هذه المعالجة.
أيها الإخوة والأخوات، في الذكرى السنوية للشهيد القائد العزيز والحبيب السيد مصطفى بدر الدين نُعاهد روحه الطاهرة ودمه الزكي على أن نحمل روحه ودمه وإرادته وعزمه وهمه وشجاعته وإحساسه بالمسؤولية ومصادرته وإتقانه والتزامه وجهاده وجراحه وقيود أسره وختاماً شهادته ورايته حتى نُحقق كل الأهداف التي كان يتطلع إليها، رحمه الله وبارك الله بكم جميعاً وبعائلته الكريمة والشريفة، الصابرة والمجاهدة، والسلام عليكم جميعاً ورحمة وبركاته.
http://media2.almanar.com.lb/videofiles/2019/May/programs/manar/02/HHGk146dMWYCtsYiEs1w4-UKi862faFW.MP4