الفصل الأول
نشوء النظام الإقتصادي الرأسمالي
المبحث الأول
النظام البدائي
الحياة الاقتصادية إلى غاية القرن السادس عشر
إذا حاولنا تتبع تطور الفكر الاقتصادي نجده كان نتيجة لتطور الأحداث الاقتصادية فكما هو معروف إن الأحداث كانت جامدة لمدة قرون ،حيث أن التقدم البشري لم يتسم بالسرعة إلا في القرنين الأخيرين وحتى نكون عمليين أكثر وبدقة ومن اجل متابعة خطوات التطور يجب أن نركز على الدول التي عرفت التقدم وخاصة التطور الاقتصادي .فإذا رجعنا إلى الوراء نجد أن الحياة الاقتصادية كانت قبل القرن السادس عشر أي قبل ميلاد الاقتصاد الرأسمالي ضيقة ترتبط بالإطار العائلي أو المحلي ولم يكن الفكر الاقتصادي له وجود مستقل كانت انطباعات تتعلق بالواقع التي وجدت في المجتمع في تلك الأزمنة لا شان لها بالتحليل العلمي بل كانت معلومات خاصة بما كان يجري في الحياة الاقتصادية للمجتمع في ذلك الزمان ومع اتساع التجارة بفضل الاكتشافات والاختراعات وكذلك بزوغ تفكير جديد ومتفتح كان رائدا للتطور البشري حيث سايرت هذه التطورات التاريخية تحولا في مركز الانطلاق الاقتصادي أي المركز الذي تنطلق منه كل المبادرات والذي يعتبر أساس التقدم المادي حيث أن هذا الأخير إلى غاية القرن السادس عشر وطوال التاريخ القديم والقرون الوسطى وعصر النهضة مستقرا في البحر الأبيض بين شرقه وغربه ثم انتقل إلى أوربا خاصة انجلترا التي لعبت دور القيادة الاقتصادية مدة قرنين ومع ظهور قواعد اقتصادية خارج أوربا خاصة الولايات المتحدة والتي أصبحت مركز الإشعاع الاقتصادي.
فهذه التطورات الاقتصادية أدت إلى ظهور أنظمة اقتصادية جديدة فبعدما كان الاقتصاد مغلقا أو محدودا أو خاضعا لعلاقات إقطاعية أصبح اقتصادا متفتحا تقوده المصالح الفردية في إطار النظام الرأسمالي .
الواقع الاقتصادي
كانت الحياة الاقتصادية في العصر البدائي تربط بين الإنسان والطبيعة بصفة مباشرة حيث اعتمد الإنسان على صيد الحيوانات والمنتجات التي توجد في الطبيعة ثم قام بتربية الحيوانات الأليفة واستطاع أن يخترع وسائل إنتاج مكنته من فلاحة الأرض ثم تجمع الناس وشكلوا العائلة التي أصبحت الخلية الأساسية للحياة الاقتصادية واتسم هذا النشاط في مراحل التاريخ القديم بتمركزه في العائلة التي يقوم أعضاؤها بإنتاج كل الحاجيات ويستهلكون كل ما ينتجون فليس هناك أسواق ولا نقود ثم بدأت المبادلات بين الأفراد على أساس المقايضة وكانت هذه المبادلات الاقتصادية داخل العائلة خاضعة لأوامر الأب الذي يتحكم في الأفراد وهذا ما عرف بنظام العائلة الأبوية حيث اتسع هذا النظام نتيجة لانتشار الرق في اليونان وفي الإمبراطورية الرومانية و اعتبر العبيد جزء لا يتجزأ من بنية العائلة على أساس تبعيتهم المطلقة لمالكهم وأدى انتشار الرق بعد الإمبراطورية الرومانية إلى تدعيم النظام الإقطاعي الذي ساد أوربا في القرون الوسطى وكان السيد هو صاحب المبادرة الاقتصادية من خلال الجماعات الذين يعيشون حول إقطاعيته مرتبطين بالأرض يقومون بزراعتها نقابل قسط من الإنتاج يسلمونه للسيد الذي يتعهد بحمايتهم من غزوات قوات مجاورة فهم يعملون بدون مقابل فهذه العلاقة بنية على العبودية والتبعية المطلقة وكان الهدف من النشاط الاقتصادي هو الاستجابة للحاجيات الأكثر ضرورية لسكان المدينة ثم عرفت المدن الصغيرة التي ظهرت في القرن العاشر والحادي عشر اقتصادا حرفيا له قوانين وأعراف خاصة ويعتمد على ملكية وسائل الإنتاج لكن حدوده كانت ضيقة.أما العالم العربي كان يعرف إلى غاية القرن الحادي عشر حياة بدوية وتعتبر العائلة خليتها الاقتصادية وقد لعبت البحار خاصة البحر الأبيض المتوسط دورا كبيرا في اتساع رقعة النشاط الاقتصادي وعلاقة الشعوب في ما بينها كما سهلت هيمنة الأنظمة السياسية وقد كان شرق البحر الأبيض المتوسط مركز الانطلاقة والهيمنة حيث أن المصريين الفراعنة سيطروا عليه سيطرة مطلقة وجاء الفينيقيون ليؤسسوا عبر كل البلدان المتاخمة للبحر موانئ ومدن لعبت دورا مهما في الربط بين شرق البحر وغربه وبين إفريقيا واسيا وأوربا وظهرت مدن مثل قرطاجنة و طنجة ثم جاءت الحضارة الإغريقية لتوطد وحدة البحر ثم السيطرة الرومانية التي جعلته نهرا ينساب بين أقاليمها.
ولكن ظهور الديانات المسيحية والإسلامية مكنت من الوحدة الدينية التي ففرضت وجودها مع إنشاء الطرق التجارية بين مختلف البلدان وقد أدت الحروب الصليبية إلى إمكانية الزيادة في التيارات التجارية بين الغرب والشرق كما عرفت المدن الايطالية مثل البندقية وأدى النمو من خلال البحرية التجارية الايطالية إلى اتساع المبادلات بالنسبة لبعض السلع مثل التوابل والحرير مع الشرق العربي وبدأت تظهر في أوربا الأسواق الموسمية عبر أقاليم الزاس والفلاند تباع فيها السلع التي تصدر عن المدن الايطالية الساحلية ثم تمكن الاسرائليون من تحمل النشاط التجاري خاصة في أوربا لأنهم كانوا يعيشون على هامش التنظيمات الإقطاعية المتعلقة وكانوا ينتقلون بسرعة عبر الأقاليم والبلدان هروبا من كل قمع عنصري ولقد عرفوا في هذه الفترة "حاملي التقدم "لأنهم كانوا يكنون العنصر الوحيد الذي يقدم على كل أشكال التجارة.
ولقد جاء مطلع القرن السادس عشر ليبدل الاتجاه الاقتصادي في العالم واضطلع المحيط الأطلسي بالدور الأساسي في المبادلات الاقتصادية من خلال الأحداث التاريخية للتحولات الكبرى التي أثرت على مجرى التاريخ فصعود القوات البرتقالية التي شيدت بحرية قوية وغزت عدة مناطق في إفريقيا وأسست موانئ فيها ثم اكتشفت طرق بحرية وخاصة طريق رأس الرجاء الصالح إضافة إلى اكتشاف فاسكوديكاما البرتغالي سنة 1498 بمساعدة بحارة عرب واثر كبير في بلوغ البرتغاليين الهند بعدما هزمت القوات العربية في البحر الأحمر واستولوا على الطريق الإستراتيجية التي تربط أوربا باسيا وكان ذلك انطلاقا للامبريالية الأوربية في إفريقيا واسيا .
بيد أن اكتشاف أمريكا من طرف كريستوف كولومبس سنة 1492 ذلك الاكتشاف الذي فتح آفاق أخرى ومهد الطريق نحو انتقال الحضارة الأوربية إلى هذه القارة الجديدة وغير مجرى التيارات التجارية .
وقد استمرت قدرات الانسات بالتطور من خلال تطويه بالوسائل والادوات التي استخدمها في تأمين متطلبات عيشه وحمايته وضمان بقائه واستمراريته في الحياة وذلك عن طريق استحداث وسائل و ادوات اخرى اكثر تطور والتي اصبح يصنعها اعتمادا على ما متوفر له في الكبيعة وبالذات الحجر و العصا واستخدامها في ايجاد ادوات جديدة اكثر تطور رغم بساطتها وبدائيتها الا انها افادت الانسان كثيرا في عيشه وفي توفير الحماية له باستخدامها في الصيد وقطع الاشجار وفي الدفاع عن نفسه وفي الحفر الذي مكنه من اقامة اماكن يلجأ للاحتماء بها في حالة حاجته لذلك لدرء المخاطر التي كان يتعرض لها .
وقد يكون مهما الاشارة الى ان النظام الاقتصادي الذي كان سائدا انذاك والمرتبط بالاوضاع المذكورة كان نظاما مكتفيا ذاتيا وبصورة بدائية واعتمادا على ما يتوفر له من متطلبات عيشه وبالذات غذائه وبابسط اشكال هذا الغذاء وبادنى مستوى له والضروري له لعيشه وبقائه وبدون ان يتاح له تحقيق فائض من نشاطه الذي كان بسيطا وبدائيا وباستخدام ادوات بسيطة وبدائية وبحيث ان ما يحصل عليه الانسان لايكاد يكفي متطلباته الضرورية جدا وبصعوبة بالغة لابل ان الامر قد يتضمن في حالات ليست بالقليلة عدم حصول الانسان على ما يلبي هذه المتطلبات والتي ينجم عنها تعرض حياته للخطر من خلال المجاعات و الموت بسبب ذلك .
ومن المهم توضيح حصول العديد من التطورات الهامة و الاساسية في النظام البدائي والتي تحققت خلال فترات زمنية طويلة ومنها :
1. التطور في الادوات و الوسائل التي استخدمها الانسان في توفير متطلبات عيشه وحمايته وبقاءه وبالذات من خلال انتقاله من الاستخدام المباشر لما هو متاح له في بيئته من هذه الوسائل و الادوات وبالذات الحجرية و الخشبية الى قيامه بتغيير وتحويل وتطوير ومن ثم صنع هذه الوسائل والادوات التي كانت ابتداءا حجرية وخشبية وبعد ذلك اصبحت معدنية والتي ادت الى زيادة قدراته الانتاجية وزيادة انتاجيته اضافة الى زيادة قدرته في الدفاع عن نفسه وتأمين الماية له من الاخطار التي تحيط به .
2. تطور اللغة اعتمادا على الاشارة باستخدام اطراف الانسان وبالذات يده للتعبير عن افكاره وما يجول في ذهنه من خواطر و اراء وكذلك من خلال اتخاذ الاشارة الصوتية باستخدام قدرة الانسان على الكلام و التحدث مع الاخرين التي تطور استخدامها بنشوء اللغة او اللغات لكل جماعة من المجموعات البشرية وقد مثل ظهور اللغة بمختلف اشكالها حتى الاولية منها الى تطوير قدرات الانسان من خلال تبادل المعارف و الخبرات والتجارب بين الافراد وان كانت بشكل بدائي واولي وبسيط وبالشكل الذي ادى الى تطوير قدراته على تأمين متطلبات عيشه وحمايته وبالذات من خلال تطوير الوسائل و الادوات التي يستخدمها في ذلك ومن خلال تعاونه مع الاخرين لتأمين هذه المتطلبات وهو الامر الذي اسهم في زيادة انتاجه و انتاجيته من خلال مساهمة اللغة في توحيد جهود الناس عبر نشاطهم الحياتي وبالذات في مجال سعيهم من اجل ضمان عيشهم وبقاءهم واستمرارهم في الحياة ولاشك ان قدرة الانسان على التفكير هي التي اتاحت له تطوير قدراته على التعبير عن التفكير هذا من خلال تطوير اللغة .
3. اكتشاف النار واستخدامها لاغراض عديدة منها كوسيلة لاعداد بعض الوسائل و الادوات من خلال تكييف الحجارة والعصي من اجل زيادة امكانية استخدامها وزيادة متانتها وكذلك استخدامها لاغراض التدفئة وطهي الطعام وحتى كوسيلة لمكافحة الوحوش الضارية التي تخشى النار وتهرب عند اشعالها وكذلك استخدامها في صناعة الفخار للاواني الطينية والتي سمحت بالتخزين , وان هذا الاستخدام للنار تطلب فترة غير قصيرة بدءا باكتشافها عن طريق الحصول عليها بحك حجر باخر او بحك قطعة خشبية باخرى ومن ثم توصله لاساليب الحصول على النار وبصورة مكنته من زيادة قدرته على توفير متطلبات عيشه وحمايته وبالذات من خلال توسيع موارد الطعام من ناحية وجعل غذائه اكثر سهولة في الهضم واكثر امكانية لتغذيته وتطوير قدرته على زيادة انتاجه وبالذات بتطوير الوسائل والادوات التي كان يستخدمها في الانتاج والتي ازدادت من حيث تنوعها وتطورت بزيادة درجة اتقانها رغم انها بقيت رغم ذلك بدائية وبسيطة ومرتبطة بمرحلة النظام البدائي التي تحققت في اطاره .
4. التوصل الى الزراعة حيث ان الانسان بتطوره وتطور الادوات والوسائل المتاحة لاستخدامه رغم بدائيتها وبساطتها مكنته من الانتقال من التاعمل المباشر مع ما متاح في الطبيعة من موارد لعيشه ذات الاصل النباتي باقتصاره على عملة جمع الاغذية النباتية الى زراعة بعض انواع النباتات بغرسها وهذا لم يكن ممكنا الا بتوصله الى الادوات التي تتيح له ذلك والتي منها الادوات الخاصة بالغرس كالعصا التي تمكنه من الحفر وغيرها من الادوات التي اصبح بامكانه استخدامها في الزراعة بعد صنعه لها سواء تلك التي تساعده في تحضير التربة للزراعة او في غرس النباتات ورعايتها واستخدموا ادوات في تسوية التربة وفي حصاد المحصول النباتي وغيرها , ومثلت الحبوب كالقمح و الشعير و الذرة وغيرها من اهم واول النباتات التي زرعها الانسان البدائي والتي شملت معظم النباتات وبالذات الغذائية منها المعروفة حاليا كالذرة الصفراء و البطاطا وغيرها و التي ادت الى تقليل اعتماد الانسان على الاعتماد المباشر على ما يتوفر له من موارد طبيعية وبالشكل الذي زادت معه قدرته على تكوين احتياطيات منها لتأمين حاجته .
5. تربية الحيوانات وبالذات المواشي منها والتي اسهمت فيها تطورت قدرات الانسان على الصيد و بالاحتفاظ بالحيوانات التي يتم صيدها من اجل تربيتها بدلا من ذبحها حيث اهتدى الانسان الى امكانية القيام بذلك عن طريق الاحتفاظ بالحيوانات لفترة اطول وتربيتها وهو ما وفر امكانية للانسان في استخدام الماشية كمصدر لغذائه من لحوم وحليب ولمتطلبات حياته من جلود وصوف ولاستخدام بعضها في النشاطات التي يوءدي بها عمله وبالذات في الحراثة و السقي و الدرس وغيرها من النشاطات المرتبطة بممارسته لنشاط زراعة المحاصيل النباتية من اجل زيادة انتاجها وتقليل الجهد الذي يتطلبه هذا الانتاج من الانسان باستخدام الحيوانات في القيام ببعض جوانب النشاط الزراعي النباتي اضافة الى انتاجها الحيواني .
6. ان تطور قدرات الانسان الانتاجية وبالذات من خلال تطور الوسائل و الادوات التي يستخدمها في انتاجه وما نجم عنه وارتبط به من تخصص وتقسيم عمل بدائي تم على اساس قيام بعض المجاميع البشرية بالزراعة وقيام مجاميع اخرى بتربية الماشية والذي رافقه تحقق فائض في الانتاج نتيجة لزيادة القدرات الانتاجية واصبح هذا الفائض محلا لتبادل بين المجاميع البشرية التي امتهنت الزراعة و المجاميع الاخرى التي امتهنت تربية الماشية اضافة الى مجاميع اخرى اقل امتهنت الصيد والقنص وبداية ظهور بعض النشاطات الحرفية , وكان هذا التبادل يتم بشكل عيني في الغالب وكان محدودا بسبب محدودية الفائض الناجم عن محدودية الانتاج و الذي كان هدفه الاساسي توفير الاحتياجات الذاتية للمنتجين انفسهم ووجود الفائض و التبادل رغم محدوديته سمح في المراحل الاخيرة من تطور النظام البدائي ببدايات ظهور الملكية الخاصة وبالذات لبعض الافراد الذين يسهمون بدرجة اكبر في الانتاج رغم ان هذه الملكية كانت بالضرورة محدودة و و ارتباطا بمحدودية الانتاج و الفائض .
7. ان التنظيم الاجتماعي في النظام البدائي هذا اتخذ شكل قبائل تتكون من عدة عشائر وكل عشيرة تتكون من عدد الاسر ومثلت العشيرة و الاسرة اساس التنظيم الاجتماعي وفي اطار هذا التنظيم تم ظهور نوع بدائي من التخصص وتقسيم العمل حتى في الاسرة بعد تكونها حيث ان المجاميع او القبائل التي تمتهن الزراعة يقوم رجالها باستصلاح الارض وزراعتها في حين تؤدي النساء اعداد الغذاء للاسرة و القيام ببعض الاعمال المنزلية البسيطة و المساعدة في الزراعة , وان المجاميع او القبائل التي امتهنت تربية الحيوان يتولى الرجل هذه المهمة في حين ان القيام بتجهيز الجلود و النسيج بشكله البدائي و الاعمال المنزلية وبالذات اعداد الطعام تتولاه المرأة في حين ان المجاميع التي امتهنت الصيد يقوم رجالها بمهمة الصيد والقنص في حين تتولى المرأة مهمة جمع الثمار و النباتات البرية واعداد الطعام , وهكذا فأن التخصص الواسع على مستوى المجاميع البشرية التي امتهنت الزراعة و المجاميع البشرية التي امتهنت تربية الحيوانات و المجاميع الاخرى الاقل التي امتهنت الصيد تضمن تخصصا على مستوى الاسرة وهو الامر الذي ادى الى زيادة الانتاج و الفائض و المبادلات والملكية الخاصة رغم محدودية كل ذلك وبدائيته الا انه يعد تطورا هاما واساسيا في ممارسة الانسان لشؤونه في الحياة ضمن النظام البدائي هذا .
8. يجب ان يكون معلوما وكما اشرنا الى ذلك ابتداءا بانه لايوجد اتفاق على كافة جوانب عمل النظام البدائي والذي تم في اطاره ممارسة الانسان لنشاطاته الاقتصادية من اجل توفير احتياجاته و التي كانت بسيطة ومحدودة وبالذات ما هو ضروري جدا منها , وقد اختلفت هذه الممارسة حسب ظروف المكان والزمان اي انها اختلفت من مجتمع لاخر ومن وقت لاخر في المجتمع الواحد خاصة اذا تم الاخذ في الاعتبار ان فترة عمل النظام البدائي وتطوره كانت طويلة جدا واستغرقت مئات الالوف من السنين وان ما هو مؤكد منها محدود بسبب عدم تدوين وتثبيت ما تم فيه نتيجة ضعف القدرة على القيام بذلك وقد تكون الاعراف و التقاليد و العادات التي تطورت عبر هذه الفترات الزمنية الطويلة جدا و التي اصبح المجتمع ينظم حياته على اساسها و الذي يتطلب منه تعاون افراده لتوفير مستلزمات عيشهم من ناحية ولتأمين حمايتهم من ناحية اخرى و بالتالي الاعتماد على العمل الجماعي في ذلك وتوزيع المنتجات والجهود على افراد الجماعات على اساس جماعي كذلك , ثم تطور تنظيم ممارسة هذه الجماعات بتطور الاشكال الاجتماعية فيها و بالذات القبائل و العشائر حيث اصبح رؤساء هذه العشائر و القبائل هم الذين يوجهون عمل الجماعات ومن خلال مشورتهم واستنادا الى ما تطور لدى هذه الجماعات من اعراف و عادات وتقاليد ترتبط بذلك وهو الامر الذي يبرز معه المضمون الجماعي لهذا النظام لذلك يطلق عليه نظام المشاعية البدائية ارتباطا بمضمونه الجماعي هذا , ولعل ما يؤكد وجود النظام البدائي هو ان بعض سماته هذه بقيت موجودة حتى وقت قريب في بعض المناطق التي تعيش حالة البدائية .