الشتات يزداد تشتتاً
«ما من أسرة فلسطينية في فلسطين أو في الشتات وسواء أكانت لاجئة محرومة من الحقوق المدنية والسياسية كما في لبنان الجميل، أو حاصلة على الحقوق المدنية فقط كما في سورية العزيزة، أو على كامل الحقوق المدنية والسياسة كما في الأردن، أو كانت تقيم في شقة أو فيلا أو مخيم إلا ومهاجرة - إجمالاً - جزئياً أو كلياً إلى أحد أصقاع الأرض أي حاصلة أو أحد أفرادها على جنسية دولة أجنبية.تعجب بل تندهش عندما يحدثك بائع بسطة، أو أحذية، أو بقال، أو معلم، أو طبيب، أو مهندس أو رجل أعمال...عن الجنسية الكندية أو الأمريكية أو الأوروبية أو اللاتينية أو حتى الروسية أو اليابانية التي حصل عليها أو التي حصلها أحد أبنائه أو جميعهم».
وأضاف محدثي: « لقد ذهلت من حصول أحدهم وأولاده على الجنسية الهندية، وعلى حصول آخر على الجنسية المالديفية، وثالث على الجنسية الآيسلندية... ولكن كلاً منهم لا يزال يحمل الجنسية الفلسطينية أو الأردنية ومسجل إحصائياً على أنه مقيم في فلسطين أو الأردن.»
لقد سافر المهندس سعيد وزوجته وأطفاله الثلاثة إلى كندا حيث ظل يبحث ويتنقل إلى أن حصل على عمل في بنك فأرخى رحاله هناك بانتظار الحصول على الجنسية حسب الأصول. كما دهشت عندما علمت أن رجلاً في السبعين من عمره هاجر وابنه هناك وعملا وكدا إلى أن حصلا على الجنسية حسب الأصول، فعاد الأب ليقضي بقية حياته هنا، على أن يذهب بين الوقت والآخر للعمل والإقامة هناك.»
لقد أدهشتني فتاة علمتها في المدرسة الثانوية عندما غابت وزوجها عن الأنظار في الجوار بضع سنوات ظننت أنها انتقلت للعيش في مكان آخر في عمان عندما أعلمتني أنها قضت تلك المدة مع زوجها في أمريكا حيث تعمل ابنتهما أستاذة في جامعة بوسطن، وهكذا... وهكذا... وهكذا...»
أما ما أدهشني أكثر فهجرة الطبيب عمر - حديث التخرج في الجامعة الأردنية عبر الموازي - إلى ألمانيا بعد إنهائه فترة الإقامة، مع أن ذويه ميسورو الحال. لا تقل لي بعد ذلك أو قبله أنها هجرة الأدمغة. قل: إنها هجرة الاستقرار.»
يبدو أن الكبار في السن من المهاجرين إلى الغرب والشرق والشمال والجنوب، وقد حصلوا على جنسيات بلدانها مباشرة أو عبر أبنائهم وبناتهم وضمنوا حق الإقامة فيها يفضلون قضاء معظم الإقامة الفعلية في فلسطين أو في الأردن... لأنه يصعب عليهم التخلي عن الثقافة العربية وطريقة العيش العربية في هذه السن فهما كالأكسجين بالنسبة اليهم فيفضلون أن يقضوا بقية حياتهم فيهما، على أن يسافروا ويقيموا بصورة متقطعة هناك حيث ولدهم أو ابنتهم أو أولادهم أو بناتهم.»
وأضاف محدثي: « لقد حصلت ابنتي وزوجها وأطفالها على الجنسية الكندية حسب الأصول، وأقاموا في كندا وعملوا واشتروا شقة ولكنهم بعد ذلك عادوا إلى الوطن لإكساب أطفالهم لغتهم على أن يعودوا إلى هناك بين الفترة والفترة، ثم نهائياً بعد الثانوية العامة حين يلحقونهم بالجامعات الكندية».
قلت له: إن هذه الهجرة الخفية الكاسحة أو الشتات الذي يزداد تشتتاً خطر على القضية، فهم يخلون الوطن (والمنطقة) لليهود فقال: « ما باليد حيلة فلا حرب التحرير دائرة ليشاركوا فيها ولا المقاومة مستعرة لينضموا إليها، ويبدو أنهم بهذه الهجرة يحلون محل اليهود في الشتات الذين تفرقوا بعد خراب الهيكل المزعوم وعملوا لألفي سنة لاسترجاعه، ويعمل الفلسطينيون في الشتات من هناك لاسترجاع فلسطين والأقصى والقيامة منهم طال الزمن أو قصر.