إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه
قال لي :
- إعلم ان في اليوم او ربما اليوم التالي، انت تدخل شعاب المسالك الرمضانية..الى حيث الرحاب الإلهية والنور الرباني المتصل بين الارض والسماء!.
قلت:
- أهو من مدارج الروح ، وقد سكنت تنتظر الخلاص والرحمة.
قال لي مرة اخرى:
لا انها مسالك الأيام الرقيقة الواصلة بين العبد وربه، فما انت قائل؟.
..احترت حيرة الزهاد وقلت: يا رب..يارب الغوث الغوث .
..نحن على ساعات من حقيقة تولد شهر الخير والبركة والمغفرة..شهر رحاب الله التي ليس كمثلها رحاب ولا ارض ولا شذا عطر او بخور.
..وما من نفس مسلمة إلا وقد هوت الفضل العظيم لشهر الرحمة؛ النور والظلال الرحمانية وسع القران والتراويح وساعات التواصل بين الناس كافة.
..
..ولعل من الفوائد الربانية؛ اهتمام الناس في ايام وليالي رمضان بالاندماج مع الواقع المعاصر ونبش الذاكرة عما يليق باحترام وقدسية الوقت الرمضاني؛ تنور به الارواح وتشتعل به النفوس والابدان.
ومما رَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه ،أنَّ النبيَّ صل الله عليه وسلّم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمس خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟
قال : لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه».
..فما بعد ذلك من مسلك ،يضم كل الرحمة وميادين الخير والفضل.
وفي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صل الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ صَامَ رمضان إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه» يعني : إيماناً باللهِ ورضاً بفرضيَّةِ الصَّومِ عليهِ واحتساباً لثَوابه وأجرهِ، لم يكنْ كارِهاً لفرضهِ ولا شاكّاً فيَ ثوابه وأجرهِ، فإن الله يغْفِرُ له ما تقدَم من ذنْبِه.
و..ايضا ،جاء في صحيح الامام مسلم عن أبي هريرة أيضاً أن النبي صل الله عليه وسلّم قال: «الصَّلواتُ الخَمْسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ مَا بينهُنَّ إذا اجْتُنِبت الْكَبَائر» .
..ومن حكمة الخالق «سبحانه وتعالى» ان جعل قلوب واهواء الناس في رمضان - على مساراتهم ومشاربهم كافة - ان جبلوا على فئات ، بحسب اعمالهم وقوة اندماجهم في مسيرة الحياة المعاصرة ،ابرزها:
من كان يعمل في الوظائف والأعمال والتجار وأصحاب المهن ورجال الدعوة والبر ومساعدة الخلق بالرعاية والعناية ومنهم من يطعم الصائم والمحتاج ، من المنتسبين للجمعيات الخيرية و المجتمع المدني ونحوذلك من الطلبة و الشباب و كبار السن .
..ما ان تغيب الشمس حتى ننال بركة رمضان ..ها هو أذان الفجر ومن قبله وقت اجتماع البيت او المسجد واهله ساعة بركة السحر ، دون تفرط فيه لأنه وقت العطايا والهبات، والرحمة ونذر الصبر على الآتي من السخاء الرمضاني المحبب... ولنا في المسالك الرمضانية حكمة الدعاء والاقتراب من رحاب الله عز وجل ؛ جاء في الحديث الصحيح , يقول عليه الصلاة والسلام : « إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل نزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا فقال : لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، حتى ينفجر الصبح « مختصر الصواعق المرسلة ، واسناده صحيح.
..وبمثل فرحة الاطفال على اقتران صيامهم بالتقرب من الله ، فإن لهم مغفرة وللصائم عند فطره دعوة لاتُرد ،فلقد علم الكريم سبحانه باشتداد جوع الصائم وعطشه , وكيف يكون اضطراره لرحمة الله تعالى فوهبه عطاءً من عنده , وجعل له دعوة مستجابة .
..ومن روائع الرحاب الربانية ان جعل في المساجد ، مكمن للروح العابدة الزاهده ، فإن صلاة التراويح رحمة من الله»، تناور على أسباب جليلة لحدث المغفرة ففي الحديث النبوي : « ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه « ، ومن « قام رمضان « دلالة على أنه ينبغي قيام شهر رمضان كله « إيماناً واحتساباً «.
..شهرنا الفضيل ، ذاك الجسر الذي يمنحنا الرضا الرباني ويسعدنا بالطاعة والعمل والصدقات ..
انه شهر المحبة والنور والحياة!