الكلام والمتكلم
د. صلاح جرّار
الكلام سهل، حتى لمن لا يحسن الكلام، لكن أثره خطيرٌ في السامعين، والكتابة سهلة، حتى لمن لا يجيدون الكتابة، ولكنّ أثرها خطيرٌ أيضاً في القرّاء، ولا سيّما مع انتشار وسائل تناقل الكلام من إذاعة وتلفزة وصحافة إلكترونية وسائر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يستطيع أيّ شخصٍ، مهما كان مستواه العلمي والثقافي، إذا امتلك صحيفة إلكترونية أن يبث أيّ معلومة أو خبرٍ يشاء خلال ثوانٍ قليلة إلى أكبر عددٍ من الناس. ويكفي أن يكون لأي شخص خمسة آلاف صديق على صفحة (الفيسبوك) كي يتمكن من بث أيّ خبر يصل إلى آلاف مضاعفة من الناس.
إنّ الكلام متى خرج من صاحبه مكتوباً أو منطوقاً، فإنّه يصبح إمّا سبباً لعمل خير أو لوقوع شر أو غير ذلك، وإن كان جميع من يطلقون الكلام يقصدون منه التأثير في الآخرين خيراً أو شرّاً، وما أسرع ما يترك الكلام أثره في المتلقين.
ولذلك فإنّ على الشخص وهو يطلق أي قول أن يراعي أثر هذا القول في الناس، فقد يلحق ضرراً في أناس أبرياء، وقد يتسبب في جريمة قتل، وقد يغير حقيقة، وقد يؤدي إلى مناصرة باطل ومعاداة صاحب حق، وقد يؤدي إلى إعاقة معروف، وقد يمنع خيراً أو يتسبب في وقوع شر، ومن منّا لا يتأثر بما يقرأ أو يسمع حتّى لو كان من أحكم الحكماء وأعقل العقلاء!
ومثلما علينا أن نتوخى الحذر في تصديق ما نسمع أو نقرأ فإنّ علينا أن نتوخى أشدّ الحذر في كلّ ما نكتب أو نقول وأن نتحرى الدقة والحقيقة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.