[size=32]من مفارقات أهل هذا الزّمان[/size]
تطوّرنا و تطوّرت حضارتنا ، ترفّهنا و نسينا أيّام الشقاء و التعب و اللّغب ،،،
صحيح أن الرفاهة باتت تغرقنا في كلّ نواحي الحياة ،، لكن هذا وجه القمر
المضيء فهل فكّرنا يوما في الوجه الآخر ؟ أم تسارع نسق الحياة ألهانا
عن مثل هذه التساؤلات ؟؟ لنكن عاقلين و نتدارس مع بعضنا وجه
المقارنة و لنكن صرحاء مع أنفسنا ثمّ نحكم..
نحن
لدينا أبنية أكثر ضخامة من ذي قبل ، و أعصاب أقل هدوءاً
طرقات أعرض ، و وجهات نظر أضيق
لدينا منازل أكبر من السابق ، و عائلات أقل عدداً
نحن نصرف الكثير و نملك القليل
لدينا وسائل راحة أكثر ، و وقت أقل
لدينا مؤهلات أكثر ، و حكمة أقل
لدينا علم أكثر ، و إعمال عقل أضعف
لدينا خبراء أكثر ، و مشاكل أكثر
لدينا طب غزير ، و حياة أقل جودة
نحن نتحدث بغزارة ، نحب سريعاً ، و نكذب كثيراً
تعلمناً كيف نصنع أشياء حيوية ، لا كيف نصنع الحياة ؛
أضفنا سنينا للحياة ، و لم نضف حياةً للسنين
أتخمنا الأجساد و أهملنا الأرواح
نحن نصرف بشكل أكثر تهوراً ، نضحك قليلاً ، نقود بسرعة كبيرة
نغضب بشدة و بسرعة ، نتأخر دوماً ، نتعب كثيراً ، نقرأ بسرعة
شديدة ، نشاهد التلفزيون كثيراً ، و نصلي قليلاً
نشتري أكثر و نستمتع أقل . لقد أكثرنا ممتلكاتنا ، غير أننا أقللنا قيمتنا..
نصنع حواسيب أكثر و أكبر لخزن كميات أكبر من المعلومات
ولكن قد لا نستعملها !
ونمضي وقتا في إنشاء نسخ أكثر ، لكننا أقل تواصلاً
قرّبنا المسافة إلى القمر ذهاباً و إياباً ، لكننا نجد صعوبة
في اجتياز الشارع للتعرف على الجار الجديد!
غزونا الفضاء الخارجي ، لا فضاء الروح
صنعنا أشياء أكبر ، لكنها ليست أفضل
قمنا بتعطير الهواء ، لكننا لوثنا الروح
نقرأ كثيراً ، و نتعلم قليلاً
نخطط أكثر ، و ننجز أقل
تعلمنا كيف نندفع سريعاً ، لا كيف ننتظر
لدينا دخل أعلى ، و أخلاق أقل
طعام أكثر ، و سكون أقل
اطلاع أكثر ، و أصدقاء أقل
جهد أكبر ، و نجاح أقل
أصبحنا أطول كماً ، و أقصر نوعاً
إنه زمن الأطعمة السريعة و الهضم البطيء
رجال طوال ذوي طباع ضئيلة
مكاسب ضخمة ، و علاقات ضحلة
إنها أزمنة السلام العالمي ، و الصراعات العائلية ..
أوقات فراغ أطول ، و متع أقل
أنواع طعام أكثر ، و غذاء أقل
إنها أيام الدخل المزدوج ، و الطلاق السريع
المنازل الأوسع ، و البيوت المهدمة
إنه زمان فيه الكثير على واجهات العرض ، و لا شيء
في المخازن، إنها أيام الأسفار
السريعة ، و الأنسجة المخصصة للاستعمال
مرة واحدة ، و النشرات الأخلاقية ، و الإقامة لليلة واحدة
و الأجسام السمينة ،وفرة الشات و ضياع الأوقات
زمان فساد الكثير من الأخلاق و الغشّ و الشفط و السليكون
و الحبوب التي تقوم بكل شيء من البهجة
و الهدوء إلى التسمين و التضعيف و التغيير و التبديل حتى الموت
فهل نحن أوفر حظا ممّن سبقنا ، و هل نحن أحسن حالا!؟؟
هل فعلا نحن نعيش زماننا ...