أرانب محطة بئر السبع
<< الأربعاء، 21 أكتوبر/تشرين الأول، 2015
رشاد ابو داود
قد يبدو مبكرا استخلاص نتائج سياسية للانتفاضة الحالية في فلسطين . لكن إقدام الجنود الاسرائيليين التي سابقت الريح في محطة الحافلات في مدينة بئر السبع هربا من شاب فلسطيني لا يحمل سوى سكين مطبخ كتبت فصلا جديدا من سفر الخروج من الارض المحتلة .فالعملية نوعية بكل المقاييس من حيث الدافع والتنفيذ والهدف والنتيجة . فقد كان جيش الاحتلال مستنفرا في القدس وحواليها وفي رام الله وبيت لحم ونابلس وجنين وطولكرم أي في وسط فلسطين ،كذلك في تل ابيب والعفولة وحيفا أي في شمال فلسطين لكنه لم يتوقع ان تأتيه المذلة من الجنوب ومن بئر السبع بالذات .حيث هناك كان يقيم المقبور شارون مزرعته وحيث الجنوب حلقة الوصل بين فلسطين وسيناء .
يروي فنان اسرائيلي اسرائيلي تفاصيل عملية محطة الحافلات في بئر السبع في مقابلة مع احدى القنوات الاسرائيلية بطريقة ساخرة بقوله : طمأن نتنياهو الناس بان كل شيء على ما يرام وان لا خوف من « المخربين « وان الفلسطينيين لن يجرؤوا على فعل شيء .اذهبوا الى اعمالكم كالعادة اركبوا الباصات ولا تخشوا شيئا .وبدأ اليهود بممارسة حياتهم كما طمأنهم نتنياهو . يضحك ويضحك معه المذيع حتى كاد يقع عن كرسيه ويقول : فجاة آخر النهار تصفر سيارات الاسعاف والشرطة تنتشر . يتساءل الناس : ماذا حدث ؟ عملية في محطة الباصات المركزية في بئر السبع.خااااااازوق . لم يمر يوم على كلام الجحش نتنياهو . يضحك باعلى صوته وكذلك المذيع .ويروي التفاصيل ضاحكا : يدخل المحطة فلسطيني ، يطعن جنديا ، ياخذ سلاحه ويبدأ برش الجنود عن جنب وطرف . جنود جيش الاحتياط يهربون كالبرق حتى لا تكاد تراهم . نتنياهو ارسلهم ليحموا الشعب فاذ بهم يريدون من يحميهم ، هربوا كالارانب. خاااااازوق طلع من راس نتنياهو وجماعته. لقد قال سيطرنا على الوضع ولم يعد هناك طعن فاذ هناك طخ ايضاً . يضحكان بسخرية مُرة باعلى الصوت . يتابع : آخر جندي وقع على الارض فهجم عليه جندي آخر اطلق النار عليه ظنا منه انه فلسطيني .تجمع عليه باقي الجنود، القوه ارضا و بداوا بضربه مرددين « الموت للعرب» فرحين انهم قبضوا على « الفلسطيني» . يضحك « طلع الزلمة منهم وفيهم اثيوبي «.يسأله المذيع : ماذا يقول المحللون العسكريون ؟ يرد الفنان : احدهم قال لقد جلبوا لنا العار .ويتابع ضاحكا : الله يستر من افلام بكرا . احتمال يطلع جندي ومن الخوف يطعن نتنياهو نفسه .بيفكروا الفلسطينيين سهلين.
انها « اسرائيل» ! الكوميديا السوداء ، الكذبة الكبرى ، الفرح الحزين لشعب يدرك في قرارة نفسه ان هذه الارض ليست لهم وان اصحابها الشرعيون هنا ، مستعدون للموت في سبيل ترابهم ، متمسكين بحقهم ، انهم الكف التي تقاوم المخرز ، باقون ما بقي الزيتون و الدحنون ، في كل مكان محتل من فلسطينهم ، في الشوارع والمطاعم و على شاطىء البحر و..في محطات حافلات بئر السبع وتل ابيب و القدس!