شهادات على سرقة «إسرائيل» لأعضاء الشهداء
آخر تحديث: 2015-11-07، 09:46 am
أخبار البلد -
بعد تراكم شواهد على حدوث عمليات سرقة الاحتلال الإسرائيلي لأعضاء وأنسجة وجلود من أجساد الشهداء الفلسطينيين الذين استشهدوا على يد قوات الاحتلال، بعث رئيس وفد فلسطين في منظمة الأمم المتحدة، رياض منصور، رسالة شكوى إلى الرئيس الحالي لمجلس الأمن، ماثيو ريكروفت، يؤكد فيها بأن الاحتلال الإسرائيلي يسرق أعضاء الشهداء.
فبحسب منصور، بعد إعادة الاحتلال جثث الشهداء المحتجزين لدى الاحتلال، والذين قتلوا خلال أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، "اتضح خلال فحص طبي أن الجثث أعيدت من دون قرنيات العين، كما استؤصلت منها أعضاء وأنسجة أخرى". الأمر الذي يؤكد بحسب منصور "التقارير السابقة التي تحدثت عن استئصال أعضاء الشهداء".
ومن ناحيته رفض سفير دولة الاحتلال بالأمم المتحدة داني دانون الشكوى، وادعى أنها مرسلة من دوافع "معادية للسامية"، كما طالب الأمم المتحدة "بالتنديد" بالاتهام الفلسطيني ووصف الاتهام "بالخبيث"، وأنه جزء من حملة "التحريض المتواصلة من الزعماء الفلسطينيين"، ولم يرد بغير ذلك على الاتهامات.
وتحيلنا هذه الاتهامات من الجانب الفلسطيني إلى الحديث عن "مقابر الأرقام" أو "المقابر غير المعروفة"، وهي الوسيلة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي كإجراء عقابي ضد أهالي الشهداء، فيحتجزون جثمان الشهيد منفذ العملية في مقابر سريّة لفترة معينة، تطول وتقصر بحسب حاجة الاحتلال، ظانين بذلك أن الإجراء سيكون فعالاً لردع الفلسطينيين عن تنفيذ عمليات أخرى في المستقبل، أو لاستخدامهم في صفقات التبادل.
ومقابر الأرقام هي مناطق عسكرية لا يسمح لأحد بدخولها ولا تعرف الكثير من المعلومات عن أماكنها وعددها وعدد القبور فيها، لكن من المقابر المعروفة مقبرة "عيمعاد" الواقعة في قضاء صفد، ومقبرة أخرى في منطقة غور الأردن تدعى "جسر آدم"، وأخرى تم اكتشافها حديثاً في منطقة النقب المحتل عام 2013، وتكون القبور فيها معرّفة بحسب الأرقام دون أن تحمل شواهد لأسماء الشهداء.
وهنا تثار التساؤلات حول الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال ضد الجثث المحتجزة قبل إعادتها لعائلات الشهداء، فبحسب تقارير سابقة ومتكررة منذ عام 2009، فإن الدلائل تتراكم حول ضلوع جيش الاحتلال بالتعاون مع معهد الطب الشرعي "أبو كبير" من أجل انتزاع أعضاء وأنسجة من أجساد الشهداء دون علم وإذن عائلاتهم.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى تحقيق سابق أجرته الصحيفة السويدية "أفتونبلاديت" وأثار ضجة إعلامية وردود فعل سياسية كبيرة في أغسطس/ آب عام 2009. فبحسب ما اطّلع عليه "الخليج أونلاين" في أرشيف صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن تقرير الصحيفة السويدية اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل الشباب الفلسطينيين بهدف سرقة أعضائهم.
واستند بذلك إلى قصة الشاب الفلسطيني بلال أحمد رنيان الذي أطلق عليه جيش الاحتلال النار ونقله بمروحية إلى مكان مجهول وأعاده بعد 5 أيام لعائلته وهو مضمّد بضمادات مستشفى التشريح، ووجد على جسده آثار لجرح امتد من وجهه إلى معدته، مما أثار الشكوك حول تعرض أعضائه للسرقة.
وبعد شهر من صدور التقرير، كشف تقرير آخر لقناة "بي بي سي" البريطانية أن مقابلة أجرتها الأكاديمية الأمريكية عام 2000 مع د. يهودا هيس، مدير معهد الطب الشرعي، وتم التحفظ عليها لعشر سنوات، بيّنت أن المعهد كان شريكاً أساسياً في سرقة أعضاء وأنسجة من الفلسطينيين بطرق غير قانونية في التسعينات، فقد راجت سرقة القرنيات وقطع من الجلد وصمامات القلب وعظام من مناطق محددة، وأن الأطباء كانوا يغلقون عيون الجثامين بغراء وصمغ حتى لا يكتشف الأهل سرقة القرنية.
وكشف تحقيق جديد أجرته القناة الإسرائيلية العاشرة في مارس/ آذار 2014 عن ضلوع "بنك الجلد الإسرائيلي"، الأكبر في العالم، بعمليات سرقة جلود من الفلسطينيين الشهداء وانتهاك أجسادهم دون إذن أحد.
ويظهر ذلك في المقطع المصوّر والمترجم أدناه الذي بثّته القناة العاشرة كجزء من التحقيق الصحفي، وفيه شهادات من أطباء تشريح إسرائيليين يعترفون بأن المعهد العدلي للطب الشرعي كان يزود بنك الجلد الإسرائيلي التابع لجيش الاحتلال بجلود انتزعها من أجساد فلسطينيين وعمّال أجانب بطرق غير قانونية، وأكدت د. مئيرة فايس بأن المعهد لا يأخذ جلوداً من الجنود الإسرائيليين الميتين.
وبناء على هذه الشهادات والتحقيقات السابقة، وعلى الرغم من ادعائها أن هذه السرقات كانت تتم في السابق وتوقفت، من غير المستبعد أبداً أن الاحتلال ومؤسساته الطبية ما زال ينتهك أجساد الفلسطينيين أحياءً وأمواتاً، شهداءً وأسرى، غير مكتف بسرقة الأرض والموارد الطبيعية منذ 1948.