ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الحق المكتسب ! الخميس 26 نوفمبر 2015, 6:16 am | |
| | الحق المكتسب ! | د. زيد حمزة |
|
|
|
|
|
|
د. زيد حمزة
الحق المكتسب الذي يوجب الاحترام هو ذاك الذي يناله شعب بنضاله ضد مغتصبي حقوقه سواء كانوا غزاة محتلين أو طغاة حاكمين ، اما الحق المكتسب الذي نتحدث عنه اليوم فهو تعبير غير جدير بالاحترام وقد شاع استعماله مؤخراً في الدفاع عن قرارات أو احكام صدرت من جهات مسؤولة لمصلحة افراد أو جماعات دون وجه حق، بل بموجب استثناءات تتنافى مع جوهر العدل إذ ميزتهم عن باقي المواطنين وبذرائع قانونية (!) لا يمكن أن تكون مقبولة في ظل المساواة التي كفلها الدستور.. فمثلا بعد الشتوة الغزيرة الاخيرة وما خلفته من مآس بشرية وكوارث مادية في بعض عمارات عمان تبيّن أن احد أسبابها هو استثناؤها من شروط نص عليها نظام الابنية في الامانة فاباح لاصحابها عدم تنفيذ متطلبات هندسية مكلفة لكنها ضرورية مما أدى ويمكن ان يؤدي مرة أخرى وثالثة ورابعة الى مثل تلك الكوارث.. وعندما نتحرى عما وراء هذا الاستثناء سوف نكتشف انه محض صفقة يقوم المالك بموجبها بدفع غرامة مالية ثمنا لاستثنائه من التقيد بشروط الأمان والوقاية التي تُلزم بتصويب الخطأ من اجل الحفاظ على ارواح الناس حتى لو وصل الأمر الى حد إزالة البناء كله والمؤسف أن المالك يحصل بموجب تلك الصفقة على الترخيص الذي يصبح حقا مكتسباً لا يمكن ملاحقته قضائياً فيما بعد حتى لو بدا واضحا جليا أنه سوف يتسبب في مضاعفات ومخاطر متكررة ، أي ان الخرق يتحول الى حق يلبس لبوس القانون وهو لعمري تحايل يخفي في طياته شبهة فساد والانكى ان الطرفين؛ المالك المخالف والمسؤول المانح للرخصة يخرجان من هذا الاتفاق المعيب مثل الشعرة من العجين وهما في منتهى السعادة حسب مفهومهما التسويغي، فالاول وفر لجيبه مبلغاً كبيراً من المال كان عليه ان ينفقه لو تقيد بنظام الابنية والثاني كسب لخزينة البلدية أو الامانة مالاً غير نظيف حتى لو انفقته في اغراضها النظيفة كتحسين خدماتها في مكان آخر.
وحيال مثل هذه الخدعة القانونية التي يجري استخدامها مع ما فيها من تمييز بين المواطنين مقابل الثمن نجد من واجبنا أن نعود للمشرعين وهم بالمناسبة سلسلة متصلة من الاشخاص واللجان والهيئات تنتهي بعد ديوان التشريع كما هو معروف بمجلس الأمة لاقرار القوانين أو بمجلس الوزراء لاقرار الانظمة، فنسألهم هل فكروا مليا قبل ان يجيزوا مثل هذا الاستثناء في اي قانون ولأي مسؤول مهما علا مستواه وهم يعلمون علم اليقين أنه يتعارض مع مبادئ الدستور حيث جميع المواطنين متساوون أمام القانون ويعلمون كذلك أن التذرع باسم الانسانية والشفقة باطل لأن النتيجة يمكن ان تكون في الغالب ضارة ظالمة ولا انسانية ومخربة للبيوت ! فالاستثناء الذي اجاز تأجير طابق التسوية للسكن بدل السيارات تسبب في موت ساكنيه غرقاً في مياه الامطار التي تجمعت فيه.
والذي رخّص لطابق الكراج دون استكمال شروط تصريف المياه تسبب في خراب السيارات السابحة فيه، أو سمح لكراج سيارة منزل بان يتحول الى مطعم مشاوي تسبب في ان تلوث مدخنته جو الحي كله ! ثم نسال المشرعين الم يفكروا في شعور المواطنين بالظلم عندما يرون التمييز بينهم يحدث امام اعينهم جهاراً نهاراً في ظل القانون ، كما نذكر المشرعين بأن المواطنين ليسوا سذجا كي يصدقوا أن المخالفة مجرد خطأ بسيط يمكن التغاضي عنه بل هي ذنب قد يبلغ حد الجناية وإساءة قد تصل حدود الجريمة..
وبعد.. لا أعرف المخرج القانوني لهذا المأزق لكني على يقين من ان الاستثناء لا يجوز أن يبقى في قوانيننا كما لا يجوز قط ان يسمى المستفيد منه زوراً وبهتاناً صاحب حق مكتسب والا فاننا نوافق بنفس المنطق على ان ارض فلسطين اصبحت حقًا مكتسبًا للإسرائيليين. عن الرأي |
|
|