«الهجرة النبوية» .. رحلة غيرت وجه العالم
تعد الهجرة النبوية حدثاً مهماً في التّاريخ الإسلامي، وله مكانة هامة عند المسلمين، وسميت بالهجرة؛ لأن المسلمين تركوا بلدهم، وبيوتهم، وأموالهم، وخرجوا بأمر من الله، ونجاة بدينهم، وقد كان منهم من هاجروا إلى الحبشة في السابق، ليلجؤوا إلى حاكمها العادل من بطش قريش وسادتها، وسبب الهجرة هو أن الله تعالى أمر الرسول ومن معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة، بعد ما لاقوه من عذاب وظلم من كفار قريش، فخرجوا من مكة أفراداً، وجماعات.
وشارك الاردن الامتين العربية والاسلامية الاحتفال اليوم الثلاثاء الأول من محرم بالذكرى 1440 للهجرة النبوية الشريفة للرسول عليه الصلاة والسلام واصحابه من مكة المكرمة الى المدينة المنورة، التي غيرت معانيها مجرى التاريخ، وكانت بداية تأسيس الدولة الاسلامية الممتدة وحفلت بالعديد من العبر والدروس.
هجرة أولى
بدوره مساعد امين عام وزارة الاوقاف لشؤون الدعوة والتوجيه السابق الدكتور عبدالرحمن ابداح قال: منذ أول يوم نزل فيه الوحي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أدرك رسول الله أنه مهاجر من مكة المكرمة، ولقد أبلغه ورقة بن نوفل بذلك، حينما قال له : ما من نبي أُرسل إلا وجاهده قومه وكذبوه وأخرجوه، فكان -صلّى الله عليه وسلّم- مدركاً لضرورة الهجرة باكراً مقدراً الظرف الذي أحاط به، ولقد سبق الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة هجرة أولى إلى الحبشة، فقد اشتد عذاب الكفار كثيراً على صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتى أضر بهم هذا الحال، فأمرهم الرسول -عليه السّلام- أن يتجهوا إلى الحبشة، ليقيموا فيها ويبتعدوا قليلاً عن بطش قريش وظلمهم.
ونوه ابداح إلى أن الأسباب التي أدت إلى الهجرة النبوية الشريفة ترجع، إلى عدم تقبل كفار قريش دعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وعدم تصديقها والعمل بها، ولقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بداية الدعوة حريصاً أشد الحرص أن يهدي قومه وأهله إلى الإسلام والنجاة من عذاب الله تعالى، بل إن الله تعالى أراد ذلك، فأمر نبيه في بداية الدعوة أن يدعو أهله المقربين، قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، فعندما طل النبي وصاحبه على المدينة، أخذ المسملون ينشدون»طلع البدر علينا»، ولما أمر ببناء مسجد، وهو أول مسجد في الإسلام، ويدعى مسجد قباء، وشارك عليه السلام في بنائه، كما أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، فالمهاجرون خرجوا بأنفسهم وبدينهم، وتركوا أموالهم، وبيتوهم، وليس لهم الآن حيلة، فقام كل أنصاري باقتسام ماله، وأملاكه بينه وبين أخوه من المهاجرين، فكانت هذه الهجرة بداية حقيقية لانتشار الدين الإسلامي، وتقويته، ويرجع لها التأريخ الهجري، أو ما يسمى بالأشهر القمرية.
ولفت ابداح الى انه تأخر الرسول عليه الصّلاة والسّلام عن الهجرة، حتى أذن الله له بذلك، فخرج هو وصاحبه أبو بكر الصديق في الليلة التي اجتمعت قريش على نية قتله وهو نائم في فراشه، فجمعت عشرة رجال، كل منهم من قبيلة؛ حتى يتفرق دمه بين القبائل، فحاصروا منزله في الليل، ولكن الله أخرج نبيه من بينهم بعد أن أغشى على أبصارهم، وقد كان النبي قد أوصى لعلي بن أبي طالب أن يبيت في بيته، ليعيد الأمانات إلى أصحابها، فقد كان يعرف بالصادق الأمين، وكان أهل مكة يودعون أماناتهم عنده، فلما دخل الرجال عليه وجدوه علياً، فانطلقوا في الصحراء لاقتفاء أثره، كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قد سلكا طريقاً غير مباشر، كي لا يتمكن المشركون من الإمساك بهما، ولكن قريش أعلنت جائزة مالية ضخمة لمن يظفر بالنبيّ وصاحبه، فاستطاع شخص يدعى سراقة بن مالك اقتفاء أثرهما، وعندما أراد أن يشي بمكانهما انغرست أقدام فرسه في الرمل، فطلب من النبي أن يدعو الله أن يخلصه، ولما آمن وعده النبي صل الله عليه وسلم بسواري كسرى، ودخل الرسول وصاحبه إلى غار ثور، ووصل المشركون إليه ولو نظروا حينها لموضع أقدامهما لكانوا قد رأو الرسول وأبو بكر، ولكن الله حماهما، ثم مكثا فيه ثلاثة أيام، وبعد ذلك واصلا مسيرهما إلى المدينة، وقد كانت تسمى يثرب آنذاك.